بقلم : د. محمد صالح المسفر 13/12/2016
قراءة في البيان الختامي لقمة مجلس التعاون ال 37
د. محمد صالح المسفر انعقدت قمة مجلس التعاون لخليجي في المنامه عاصمة مملكة البحرين في الفترة من 6 ــ 8 ديسمبر في ظل ظروف خليجية وعربية بالغة الخطورة ،وقد عبر قادة المجلس في البيانات التي أدلوا بها في الاجتماع أن المنطقة العربية تشهد ظروفا صعبة للغاية والبعض قال: ظروف خطيرة . قال لنا البعض منهم كيف نواجه تلك الظروف الخطيرة والصعبة . كانت مفاجأة الدولة المضيفة للقمة منع محطة الجزيرة أكبر وسيلة إعلام خليجية وأوسعها انتشارا من تغطية وقائع جلسات مؤتمر القمة علما بأن أمير دولة قطر مشارك في أعمال القمة .
( 2 )
استمعت بكامل الحواس إلى البيانات التي أدلى بها أصحاب الجلالة والسمو والفخامة علِّي أجد قولا يحدثنا كيف نواجه الصعاب ، والحق أنني لم أجد ضالتي إلا في بعض البيانات التي أدلى بها بعض القادة ، ورحت أبحث عن البعض الآخر في البيان الختامي للقمة ،ولا أخفي عنكم أنني أصبت بإحباط شديد ، كانت لغة المجاملات والتأييد والاشادة والشكر والتقدير والتهاني هي السائدة في البيان .في مجال تعزيز العمل الخليجي المشترك ،لم يأت البيان بشيء جديد ،كلمات وعبارات مكررة في كل البيانات الختامية السابقة .
الشؤن الاقتصادية والتنمية ،تقول الفقرة الأولى ":استعرض المجلس مسيرة التكامل الاقتصادي والتنموي بين دول المجلس ، وأكد على ضرورة الاستمرار في توثيق التعاون والتكامل بين الدول الأعضاء وصولا لتطبيق قرارات المجلس الأعلى " يا للهول !! 37 عاما وهذه الفقرة تتكرر، أو لم نصل بعد إلى مرحلة توثيق التعاون في المجال الاقتصادي ؟ ويذكر البيان الختامي أن المجلس الأعلى وافق على قانون ( نظام ) مكافحة الغش التجاري ، وتنفيذ مشروع سكة حديد دول المجلس .
سؤالي إلى الأمين العام لمجلس التعاون ،أليست هذه مهمة وزراء التجارة والاقتصاد والمواصلات ؟ وليس مكانها البيان الختامي الصادر عن قادة مجلس التعاون . لماذا نشغل قادتنا بقضايا إدارية وقد أمروا حفظهم الله ورعاهم بالتنفيذ . الفقرة ( ه) من البند 18 هل يحتاج المجلس الأعلى أن يطلع ويبارك تلك المبادرة الشكلية وليس لها عائد سياسي أو استرتيجي ، أما البند 19 فهو مكرر في أكثر من دورة لقمم الخليج العربية وتكرارها يفيد بانهم لم يفعلوا أي شيء .
في العمل العسكري أشاد البيان الختامي بنجاح التمرين التعبوي المشترك ( أمن الخليجى العربي 1 )، وكم كنت أتمنى لو أن هذا التمرين تم على مقربة من ميدان القتال المحتدم بالقرب من الحديدة وحجة والمخا وفي محيط باب المندب ، ليكون لذلك التمرين قيمة عسكرية ورسالة في آن واحد إلى كل من يتربص بمياه باب المندب والمواني اليمنية على وجه التحديد واليمن بشكل عام .لم يورد البيان الختامي في المجال العسكري أي إشارة عن سير العمليات العسكرية ومدى النجاح الذي حققته قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية .إن تجاهل الإشارة إلى سير العمليات العسكرية يوحي للمراقبين بأنه لا يوجد توافق بين قادة مجلس التعاون الخمسة في هذا الشأن .إن الفقرات الواردة تحت بند اليمن تحمل أوجها لا تشفي غليل صديق ولا تردع عدوا .
(3)
ورد في البيان الختامي 12 فقرة عن سورية المكلومة ليس فيها إدانة صريحة للعدوان الروسي على الشعب السوري الشقيق ، روسيا تشن غارات على مدار الساعة على المدن السورية والأرياف والقرى من الجو والبحر وكذلك بالمدفعية من قواعدها البرية على الأراضي السورية مستخدمة أحدث الأسلحة التي أنتجتها الصناعة العسكرية الروسية ، وقد صرح بذلك قيادات عسكرية وسياسية روسية عالية المستوى ، كذلك إيران التي أصبحت تحتل العراق عمليا وكذلك سورية . كنت أتوقع أن يتضمن البيان الختامي إدانة صريحة للعدوان الروسي والإيراني على الشعب السوري وعمليات الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أهل حلب على سبيل المثال .
(4)
في الشأن العراقي ذكر البيان الختامي إن أعضاء المجلس الأعلى عبروا عن دعمهم للحكومة العراقية في ما يسمي " عملية تحرير الموصل "ألم يشاهد الساده الذين صاغوا البيان الختامي قبل عرضة على قادة مجلس التعاون الجرائم التي تعرضها التلفزيونات العراقية التي يرتكبها الحشد الشعبي الشيعي ضد المدنيين العزل من أهل السنة والجماعة ؟ هل رأيتم كيف يكسرون جماجم الرجال وسيقانهم وأذرعهم ويجلدون ظهورهم بالسلاسل الحديدية ؟لماذا لا تضعون قادتنا في الصورة الحقيقية عن تلك الجرائم ؟.إن المسؤلية تقع على كاهل الأمانة العامة للمجلس لأنها لم تبد الحقيقة لقادتنا الميامين .
جاء في البيان " إن المجلس الأعلى " عبر عن أسفه من تصريحات بعض المسؤولين العراقيين ووسائل الإعلام تجاه بعض دول المجلس " لماذ الأسف ؟ ولماذا لم يدن النظام الحاكم في بغداد بأوضح العبارات على تلك السفاهات التي يطلقها رجاله من بغداد على دولنا وقادتنا الميامين؟.
أما الشأن الليبي فلم يحظ إلا بأربعة أسطر في البيان الختامي صيغت على عجل وبلا روح .لقد تجاهل البيان الختامي حرب الاجتثاث والإبادة لأهل السنة والجماعة في العراق وسوريا وتحجيم دورهم في لبنان .
(5)
بعد سبعة وثلاثين عاما من تأسيس المجلس الذي كان تاسيسة بدوافع أمنية ماهي النتيجة التي خرجنا بها حتى الآن ؟ أوجز القول : لقد تكالبت علينا الأمم ، إسرائيل تنهش في جسد الأمة ، وضاع من أيدينا العراق لصالح الفرس ، ولحقت به سوريا ، وأصبح قلب العروبة النابض من نصيب الروس والفرس ،ولبنان يترنح ،واليمن تعتصره الخلافات على المصير ، وقانون جستا يحسبه البعض أنه موجه للسعودية والحق أنه موجة لكل دول الخليج دون استثناء، والطائفية تتوسع دائرتها وتستقوي بالغير ، وانتشرت ظاهرة التطرف الديني وقد يعود علينا ذلك التطرف بأوخم العواقب ،ومصر أصبحت في دائرة التيه لأن حسابات بعضنا تجاه مصر كانت خاطئة .
آخر القول :ان فلسفة البيانات الختامية لاجتماعات للقيادات العليا تهدف إلى تحديد موقف من أي مسألة شائكة وليست سردا لماأنجز . وعلى ذلك تتحمل الأمانة العامة لمجلس التعاون المسؤلية الكبرى عن أي صياغات توفيقية لا تبعث برسائل واضحة للغير ،واكتفوا بذكر ما يتوقعون أنها إنجازات مشيدين بما فعلوا وهم في الحقيقة لم يفعلوا ما يجب فعلة .