«جـبـل المنـارة» فـي جـرش..

«جـبـل المنـارة» فـي جـرش..




جرش – الدستور – حسني العتوم
اقبل الربيع والخطى تحث السير نحو الأعالي ، لترتقي معها الأنفس التي أتعبتها مشاق الحياة ، فازدادت شوقا لساعات ترتاح بها  وتلقي بالتعب الى المنحدرات لتذوب مع المياه المتدفقة من الاعالي صوب النهر .
جرش أم الألف عمود ومثلها الآلاف من المواقع التي يرتادها الزوار طلبا للراحة والاستجمام بعد انحباس شتوي حد من الحركة وألزم الناس للجلوس حول المدافئ ، ليؤذن الربيع بإطلالاته الشهية الممتدة على مساحات شاسعة ، ذات البساط الوشي المزركش بالوان الزهور ، مستقطبا الأسر والرحل المدرسية بأنواعها لتحتل المساحات الأوسع من على جوانب الطرق المنسابة الى أعالي الجبال
ومن بين تلك المواقع التي تلفت الأنظار اليها في جرش ، تلك المرتفعات التي تزين هامة المحافظة من غربها الى شرقها ومن جنوبها الى شمالها ، مرتفعات تحفها الغابات من كل جانب ، وتزينها الطيور بإلحانها التي تلامس الأسماع بسنفونيات الطبيعة المدهشة ، فلا تمل الأسماع منها ولا الأبصار من التجوال في كل ما يحيط بها .
ومن بين تلك المرتفعات الجرشية الرائعة التي ترتقي اليها الانظار «جبل المنارة « الذي يعد الأعلى ارتفاعا في مناطق الشمال بارتفاع يبلغ عن سطح البحر 1234 مترا عن سطح البحر بحسب القياسات المعتمدة ، وقد سمي بهذا الاسم بسبب ما كانت الجيوش تستخدمه لإيصال الرسائل السريعة الى القلاع بدءا من مصر وحتى الكرك ، وبسبب ارتفاعه الشاهق كان يستخدم إطلاق الدخان نهارا وإشعال النار ليلا ، وهذا الرمز العسكري متعارف عليه بين قادة الجيوش بان أمرا مهما وتحركا عسكريا يجب ان يحدث عند مشاهدة الدخان نهارا او النار ليلا .
والزائر لجرش ولمدينتها الأثرية الحاملة معها عبق العصور التاريخية منذ أقدمها والى يومنا هذا ، وبعد ان ينهي جولته فيها ترتقي عيناه الى الأعالي حيث يبرز أمامه جبل المنارة الشاهق الارتفاع والذي لا يبعد عن المدينة سوى بضعة كيلومترات ليرتقي الزائر بمركبته هذا العلو ، فلا يمل وهو في الطريق من مشاهدة الغابات وجذوع أشجار السنديان والقيقب والصنوبريات بأنواعها الى ما يجملها من أصوات الطيور بأنواعها عامة وطائر الحسون الذي يسلب اللب بجمال ريشه الملون والذي يستوقف الاطفال والكبار على حد سواء ، ناهيك عن جكاليات مقاطعه الصخرية التي شكلت تجاويفها اجرانا للماء لتتحلق حولها الطيور .
ويستمر الزائر في ارتقاء المكان ليطالع على شماله محمية حديثة « محمية الماوى « التي بدأ العمل بها منذ عام تقريبا بالشراكة مع بلدية جرش الكبرى والتي تشتمل على مطاعم واستراحات ومشاهد طبيعية تفوق الخيال ، إضافة الى مسيجة وضعت في المكان لإعادة الحياة البرية الى طبيعتها حيث يتم وضع كافة الحيوانات البرية التي يتم صيدها او التقاطها من قبل الصيادين ومنها الضباع والسباع وأنواع الثعالب البرية وسيتم لاحقا وضع مسجيات خاصة بالأسود والنمور التي يعتقد ان هذا المكان كان موئلها في العصور الماضية .
ويواصل الزائر مسيره في الطريق المعبد إلى أعالي جبل المنارة ليكتشف من هذا المكان جماليات الإطلالة التي تأخذه لان يسرح نظره الى آلاف الأميال وهو في ذات المكان ، فاذا اتجه غربا يطالع قباب المسجد الأقصى ومآذنه ودينة القدس الشريف واضوائها ليلا ، وحين يتجه شمالا يطالع جبل الشيخ في لبنان بعمته البيضاء الجميلة واذا استدار شرقا تطالعه مدينة الزرقاء واضوية المفرق وجين يستدير جنوبا يرى العاصمة الحبيبة عمان وكان شمالها يمتد على صحيفة وضاءة متلألئة لينحدر بناظريه من محطة إرسال صويلح الى البقعة وغابة الشهيد وصفي التل وصولا الى بحيرة سد الملك طلال .
جماليات مدهشة يراها الزائر لهذا المكان ويقضي معها وقته متأملا فيها لا تقطع ناظريه عنها إلا أسراب الطيور المهاجرة تارة او تلك التي تبني أعشاشها في ذات المكان او حداء الرعاة وواصوات اجراس اغنامهم .
ويعد جبل المنارة في مدينة سوف من أشهر المواقع التي يحتفي بها الشباب لمغامراتهم حيث تجد جوانب الجبل أماكن شديدة الانحدار وتشكل بالنسبة لهم ابرز المسارات للوصول الى قمة الجبل ، مثلما تشكل الصخور المحيطة ببعض جوانبه والأشجار المعمرة فيها هدفا للصيادين والباحثين عن مناحل العسل البرية التي تباع بأثمان باهظة والتي عادة ما تستخدم للعلاج من عديد الأمراض .
ومثلما يؤم الزوار والسياح هذا الموقع الفريد في المنطقة فانه يستهوي كذلك الفنانين والمبدعين والشعراء لزيارته والوقوف على إطلالاته المدهشة ، فيستقطب المصورين ومنتجي الأفلام الوثائقية لما يوفره لهم من مشاهد وصور عالية الدقة ومساحات كبيرة للعديد من المناطق التي يشرف عليها ، وقد كان هذا الموقع هدفا رئيسيا لمنتج الفيلم الوثائقي لمدينة جرش بين الماضي والحاضر لمخرج المبدع حماد الزعبي ، والذي تشرفت بكتابة نصه ، والذي سيقدم على طائرات الملكية الأردنية والسفارات الأردنية في الخارج والعديد من الاختفالات الرسمية والشعبية .
وعل جوانب هذا الجبل الشاهق الارتفاع من الجهة الشمالية تطالعك العديد من مزارع التفاحيات واللوزيات والكرمة التي تشكل أيقونات هندسية في غاية الابداع ويستهوي الزوار المرور من الطريق الفرعي بين مدينتي سوف وساكب والمعروف بطريق ابو رويس حيث يقوم المزارعون بعرض منتجاتهم على جانبي الشارع بطريقة لافتة فيقبل عليها الزوار وكلهم اطمئنان وثقة بهذا المنتج الطبيعي .
وعلى الجانب الغربي من هذا الجبل وفي نفس طريق أبو رويس يجد الزائر في طريقة الرعاة مع أغنامهم المنتشرة في ذلك المكان حيث تتناغم أصوات الشبيبة مع أصوات الطبيعة المبهرة في ذات المكان ، فيحدثك الرعاة بفيض من الإحساس عن طبيعة المكان ونقاء أجوائه صيفا وخضرة جباله ربيعا ومهوى أفئدة الشباب لتسلقه شتاء حيث تبقى الثلوج على قمته أسابيع طويلة فيعانق من مكانه قمة جبل الشيخ شمالا في لبنان .
وفي هذه الأيام يقصده العارفون بهذا الجبل فيقضون في مناطقه أجمل الأوقات مع أسرهم حيث بساطه الأخضر من الأعشاب البرية المنوعة ونضارة أوراق أشجاره الغضة وافياء أشجاره التي تتضوع من عطر صنوبرياتها في أرجاء المكان .
ويرى رئيس بلدية جرش الكبرى الدكتور علي قوقزة في هذه المحمية الطبيعية التي يحتضنها جبل المنارة مشروعا سياحيا فريدا من نوعه في المكان بعد ان تم اقامة البنية التحتية اللازمة له وينتظر احد المستثمرين لتشغيله والذي يوفر فرص عمل للشباب ويدفع باتجاه تنمية السياحة المحلية والعربية على نطاق واسع في هذا الموقع المطل المختال بجماليات الطبيعة فيه .
- See more at: http://www.addustour.com/17903/%C2%AB%D8%AC%D9%80%D8%A8%D9%80%D9%84+%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D9%80%D8%A7%D8%B1%D8%A9%C2%BB+%D9%81%D9%80%D9%8A+%D8%AC%D9%80%D8%B1%D8%B4...html#sthash.0AJJPphD.dpuf