ثانياً: تكنولوجيا الرؤية الليلية
تقسم معدات الرؤية الليلية إلى نوعَين رئيسيَّين هما:
أجهزة التكثيف الضوئي (Image Intensifiers) (I2)، التي تعمل بصمامات التكثيف الضوئي .
أجهزة الرؤية الحرارية (ThIR) (Thermal InfraRed) بقسميها المتوسط والبعيد.
1. أجهزة التكثيف الضوئي
أ. عملها
مهمة أجهزة التكثيف الضوئي، (اُنظر صورة نماذج من أجهزة التكثيف الضوئي) هي تكبير الضوء المتبقي ليلاً، والمنعكس على الأهداف. ولذا قد تنعدم الرؤية بها، إذا كانت الإضاءة ضعيفة جداً (كما في الغابات، في الليالي الغائمة)، أو كانت عوامل الرؤية سيئة.
ب. بقايا الضوء الليلي
يُعَدّ الضوء المتبقي في الليل، هو مصدر الضوء اللازم لعمل أجهزة التكثيف. وهو يحتوي على الحيز المرئي، إضافة إلى حيز الأشعة تحت الحمراء، القريب (من الطول الموجي 0.78 وحتى 1.8 ميكرون ). وتقاس شدة استضاءته (E) بوحدات، تسمى لكس (Lux):
شدة الاستضاءة (E) = الفيض (بالوات)/المساحة (بالمتر المربع) = وحدة (لكس – Lux)
والمقدار (1) لكس، يُعَدّ الحد الفاصل بين الليل والنهار؛ إذ تكون شدة الاستضاءة أكبر من (1) لكس، نهاراً، وأقل من (1) لكس، ليلاً.
ومصادر هذا الضوء المتبقي موضحة في منحنيات (اُنظر شكل طيف مصادر الضوء الليلي)، وبيانها كالآتي:
(1) القمر (إذا وجد): وتصل شدة إضاءته إلى 100 مللي لكس (1,. لكس).
(2) النجوم: وتصل شدة إضاءتها إلى 10 مللي لكس.
(3) التأين الجوي/لمعان السماء (وذلك في الليالي الغائمة) :وتكون شدة أضاءته بين 0.1 و1 مللي لكس.
وبسقوط هذا الضوء المتبقي ليلاً، على الأهداف وانعكاسها، تستقبلها أجهزة التكثيف، وتكبرها 10 آلاف مرة (أي ما يعادل التكبير من 0.1 مللي لكس إلى 1 لكس)؛ و قد يصل التكبير في بعض الأحيان، إلى 50 ألف مرة.
ج. صمامات أجهزة التكثيف
تضطلع أجهزة التكثيف بالتكبير بوساطة وحدات تكبير، تسمى صمامات التكثيف. وفيها تتحول، أولاً، الفوتونات (وهي وحدات الضوء) الساقطة، إلى إلكترونات بوساطة مهبط فوتوني (فوتوكاثود)، يطلق إلكترونات تلائم شدة الضوء الساقط عليه. ثم يكون التكبير (التكثيف) الإلكتروني داخل الصمام (اُنظر صورة صمامات التكثيف). وبعد ذلك، تُستقَبل الإلكترونات المكبرة على شاشة فوسفورية (أنود)، تشعّ، بدورها، فوتونات في الحيز المرئي للعين البشرية، مكونة الصورة، التي يستطيع المشاهد تمييزها بسهولة، وتكون هذه الصورة، عادة، خضراء اللون، حيث أكبر حساسية للعين.
ويكون التكبير، داخل صمام التكثيف بأحد الأسس العلمية التالية، أو بمجموعة منها:
(1) زيادة الطاقة الحركية للإلكترونات، بوساطة استخدام مجال كهربائي، للتعجيل بين الفوتوكاثود والشاشة (الأنود).
(2) تركيز شعاع الإلكترونات في الشاشة الفوسفورية.
(3) مضاعفة عدد الإلكترونات، من طريق الإشعاع الثانوي[1] Secondary Emission.
د. أجيال أجهزة التكثيف
ظهرت، حتى الآن، ثلاثة أجيال من هذه الأجهزة، طبقاً لطريقة (أساس) التكبير السابقة، والمستخدمة في عمل صمام التكثيف للمناظير. وهي كالآتي:
(1) الجيل الأول
وصمامه يستخدم الأساسَين، الأول والثاني، في التكبير، (اُنظر شكل عمل صمامات الجيل الأول)
(2) الجيل الثاني
وصمامه يستخدم الأساسَين، الأول والثالث، في التكبير،(اُنظر شكل عمل صمامات الجيلين الثاني والثالث).
(3) الجيل الثالث (اُنظر شكل عمل صمامات الجيلين الثاني والثالث).
وهو يستخدم الأساسَين، الأول والثالث، في التكبير، مثل الجيل الثاني. والفرق بينهما هو نوع الفوتوكاثود المستخدم؛ فهو من مادة (مالتى ألكالي) Multialkali، في الجيل الثاني، ومن مادة جاليوم أرسينايد (GaAs)، في الجيل الثالث. وهذا الأخير، يعطي حساسية أكبر، وتبايناً أفضل، وعمراً أطول للصمام، مما هو الحال في الجيل الثاني؛ إلا أن سعره أضعاف سعر الثاني.
وأجهزة الجيلَين، الثاني والثالث، تعطي تكبيراً أشد من أجهزة الجيل الأول.
وجدير بالذكر، هنا، أن أجهزة التكثيف هذه، تعطي الرائي صورة حقيقية (اُنظر صورة صورتان ملتقطتان بجهاز تكثيف الضوء)، مشابهة لتلك التي قد يراها في ظروف الرؤية العادية.
وهذه الأجهزة عملية إلى درجة كبيرة، عند استخدامها من قِبل الأشخاص المطلوب منهم، أن يروا، ليلاً، ما يمكنهم رؤيته، نهاراً، في مدى الرؤية العادية وظروفها، مثل الجنود المشاة أو سائقي الشاحنات أو أطقم الطائرات، ممن يحسُن الإدراك بما حولهم، أثناء التحرك أو الطيران ليلاً.
2. الرؤية الحرارية
من المعروف أن العين البشرية، عند الرؤية العادية، ترى الأشياء نتيجة سقوط الأشعة الضوئية،الصادرة من أي مصدر طبيعي أو صناعي، على الأجسام وارتدادها من على سطحها. وإذا كانت هذه الأشعة المرتدة ضعيفة، فيمكن استخدام أجهزة تكبير خاصة للضوء، مثل ما سبق ذكره من أجهزة التكثيف الضوئي. وبديهي أن تُعدَم الرؤية إذا عُدِم مصدر الأشعة الضوئية الساقطة تماماً.
ومن هنا، جاءت فكرة استغلال الإشعاع الحراري الذاتي، الصادر عن الأجسام، في الرؤية، بدلاً من الاعتماد كلية على الإشعاع المرتد عنها، والذي قد يُعدَم، أحياناً.
والمعروف، طبيعياً، أن جميع الأجسام الموجودة على ظهر الأرض، والتي تزيد درجة حرارتها على الصفر المطلق ـ تصدر إشعاعاً حرارياً محدداً.
ويختلف الإشعاع الحراري الذاتي، في الشدة والخواص الطيفية (الحيز الموجي)، طبقاً لدرجة حرارة الجسم المشع، وتبعاً لنوع مادته، وكذلك الخواص الطبيعية للسطح الباعث.
وباختصار، تُعَدّ جميع الأجسام مصادر للإشعاع الحراري، ويمكن تقسيمها كالآتي:
أ. مصادر ذات إشعاع طيفي حراري مستمر (إشعاع متصل)، على حيز الأطوال الموجية، كما هو الحال في حالة أشعة الشمس، وإشعاع الأجسام الصلبة والسوائل.
ب. مصادر ذات إشعاع طيفي، قد يشمل منطقة معينة من الأطوال الموجية (إشعاع اختياري)، كما هو الحال في مصابيح التفريغ الكهربائي وبخار السوائل.
ج. إشعاع طيفي خطي، يظهر في شكل خطوط عند أطوال موجية محددة، وهو ما ينبعث من الغازات، تحت الضغط المنخفض.
د. إشعاع في خط طيفي واحد، يكاد يكون بطول موجي واحد (أحادي الخط)، مثل شعاع الليزر[2].
وتنتج الأشعة تحت الحمراء من الأجسام، بالطاقة الحرارية؛ إذ تتحول الطاقة، الكهربائية أو الكيماوية أو الآلية، التي يتعرض لها الجسم، إلى طاقة حرارية يشعها الجسم نفسه، مثل ما يحدث عند توهج سلك السخان، عند مرور تيار كهربائي به، أو تولّدها المصادر الوميضية، نتيجة سقوط ذرات المواد وجزيئاتها من مستوى طاقة إلى مستوى طاقة أخر؛ أو تكون نتيجة لمصادر كهرومغناطيسية حيث تصدر أشعة تحت الحمراء، في حيز الأطوال الموجية، البعيد.
أ. قوانين الإشعاع الحراري
هناك عدة قوانين رياضية، تصف هذا الإشعاع وتحكمه، أهمها:
(1) قانون بلانك للإشعاع المتصل Plank `s Law
وهو يصف العلاقة بين قدرة الإشعاع الحراري المتصل، وبين طول موجة هذا الإشعاع. وينص على:
W2 (T) =C1/l5 1/(ec2/l T-1)
حيث:
W2 (T): القدرة الطيفية عند درجة حرارة معينة.
T: درجة الحرارة المطلقة بالـ (كلفن) حيث 1 كلفن تساوي 273 درجة مئوية؛ أو بطريقة أخرى درجة الصفر المئوي تساوي 273 درجة كلفن.
C1,C2: ثوابت بلانك.
e: ثابت رياضي معروف .
وبعيداً عن التعقيدات الرياضية لهذه المعادلة، يمكن أن نستخلص منها، أنه كلما ازدادت درجة حرارة الجسم، ازدادت القدرة الطيفية المشعة منه، طبقاً لقانون ثابت.
(2) قانون ستيفان/ بولتزمان Stefan\ Boltzmann
وينتج من التكامل الرياضي لقانون بلانك السابق، بالنسبة إلى طول الموجة، وينص على:
W = s T4
حيث:
W: الطاقة الإجمالية للإشعاع الحراري، عند درجة حرارة مطلقة معينة.
s: مقدار ثابت.
ومن هذا القانون، تلمس الزيادة الكبيرة في الطاقة المشعة، نتيجة لأي زيادة طفيفة في درجة الحرارة.
(3) قانون وين Wien` s law
وينتج من التفاضل الرياضي لقانون بلانك، بالنسبة إلى طول الموجة. وينص على:
T = a
lmax
حيث:
lmax : الطول الموجي لأكبر إشعاع
T: درجة الحرارة المطلقة.
a: مقدار ثابت .
ومن ذلك نستنتج، أن طول الموجة، التي يحدث عندها أكبر إشعاع، يتناسب تناسباً عكسياً ودرجة الحرارة المطلقة للجسم؛ أو بطريقة أخرى: كلما انخفضت درجة حرارة الجسم، تركز إشعاعه الحراري حول الأطوال الموجية الأكبر، والعكس صحيح. وهذا يفسر احمرار القضيب الحديدي كلما ازدادت سخونته (إذ تزحزح إشعاعه ناحية الأطوال الموجية الأقل، إلى أن شمل جزءاً في اللون الأحمر من الطيف المرئي).
ب. عمل أجهزة الرؤية الحرارية
جميع الأجسام تصدر إشعاعاً حرارياً؛ فهي تُعَدّ مصادر وأهدافاً حرارية، يمكن التقاط إشعاعاتها وتعرّفها، بوساطة أجهزة الرؤية الحرارية، التي تعمل، في الواقع، كمحول لهذه الأشعة المستقبلة، إلى أشعة في الحيز المرئي، يمكن العين البشرية رؤيتها على مبينات خاصة، تماثل شاشات التليفزيون.
يلتقط جهاز الرؤية الحرارية الإشعاع الحراري، الصادر عن كلٍّ من الهدف والخلفية المصاحبـة لـه. ثم يحدد شكل الصورة الحراريـة، مـن طريق التباين الحراري Thermal contrast بين مختلف أجزاء الهدف، وبينها وبين الخلفية.
وتعتمد شدة ووضوح الصورة الحرارية، على كمية الإشعاع الحراري الملتقط من الجسم، والتباين الحراري بين أجزاء الهدف والخلفية؛ وكذلك على القدرة التحليلية Resolution لجهاز الرؤية نفسه.
والقدرة التحليلية لجهاز ما، تعبّر عن قدرة الجهاز على التفرق بين درجات الحرارة المتقاربة، الصادرة عن أجزاء الجسم ومن الخلفية. ويكون التعبير عن ذلك بخاصية رقمية مهمة لأي جهاز، تحدد:
"أقل فرق حراري يمكن للجهاز تمييزه" Minimum Resolved Temperature Difference (MRTD) وبديهي أنه كلما قل هذا الرقم، ارتفعت القدرة التحليلية للجهاز، أي ازدادت قدرته على التمييز والتفرقة بين أجزاء الهدف المتقاربة حرارياً، وبين الخلفية؛ لتزداد الصورة وضوحاً، ويمكن تعرّف الهدف بصورة أوضح.
وقد أمكن، مؤخراً، الوصول إلى أجهزة رؤية ذات مكونات، يمكنها تمييز فروق حرارية ضئيلة جداً (حوالي 0.01 درجة مئوية)؛ وذلك نتيجة للتطور التكنولوجي في صناعة الكواشف المستخدمة.
وجدير بالذكر، هنا، أن الصورة الحرارية، التي تراها العين من خلال جهاز الرؤية، ليست صورة حقيقية للهدف المرئي، مثلما هو الحال في الرؤية العادية، أو باستخدام أجهزة التكثيف؛ ولكنها تمثيل للفروق الإشعاعية الحرارية، لمختلف أجزاء الهدف والخلفية. ولهذا، فهي تتكون، عادة، من درجات من اللون الرمادي، كما يمكن تلوينها بألوان صناعية، تعبّر عن كود خاص، مناظر لدرجات هذا اللون الرمادي؛ (اُنظر صورة صور حرارية).
ج. مكونات جهاز الرؤية الحرارية
يتكون جهاز الرؤية الحرارية، (اُنظر صورة نماذج من أجهزة الرؤية الحرارية) من المكونات الأساسية الآتية:
(1) مجموعة الشيئية
وهي مدخل الإشعاع الحراري، ومن طريقها يلتقط الجهاز ذلك الإشعاع، الصادر عن الهدف المراد رؤيته. وتحدد زاوية مجال الرؤية للجهاز، وهي عبارة عن مجموعة من العدسات والمرايا، لكنها ليست مصنوعة من الزجاج العادي؛ إذ أنه لا يسمح بمرور هذه الأشعة تحت الحمراء، ولكنها تصنع من مواد منفذه لهذه الأشعة، مثل السيليكون (في حالة استخدام الحيز الموجي المتوسط، من 3 إلى 5 ميكرونات)، أو الجرمانيوم (في حالة استخدام الحيز الموجي البعيد، من 8 ميكرونات إلى 14 ميكروناً).
(2) مجموعة المسح (التحليل) الميكاضوئي
وهي عبارة عن مرايا، أو مجموعة منشورية، تتحرك رأسياً وأفقياً، مهمتها مسح صورة الهدف وتتبّعها على الكاشف. ولتفادي مشاكل المسح الميكاضوئي، وسلبيات الحركة المتعلقة به، تتجه التكنولوجيا، حالياً، إلى استخدام أسلوب المسح الإلكتروني بدلاً منه، وذلك في حالة مصفوفة الكواشف Detector Array.
(3) الكاشف Detector
وهو العنصر الذي يستشعر الأشعة تحت الحمراء، ويولّد إشارة كهربائية، تلائم شدة هذه الأشعة الساقطة. ويوضح في المستوى البؤري للشيئية، وهو قد يتكون من عنصر واحد، وقد يكون على هيئة مصفوفة، تحتوي على أعداد كبيرة من الكواشف الحساسة، وتسمى المصفوفات البؤرية. وهناك نوعان رئيسيان من الكواشف، هما:
(أ) الكواشف الحرارية
وهي تنتج إشارة كهربائية، تلائم قياس حرارة الأشعة الساقطة عليها. وهي لا تحتاج إلى تبريد، ويعيبها أنها ذات استجابة بطيئة، وحساسية ضعيفة، وتحقق مدى رؤية من 500 إلى 1000 متر فقط.
(ب) الكواشف الفوتونية[3].
وهي تعمل على أساس التبادل والتفاعل المباشر، بين الإلكترونات المتولدة بها والفوتونات الساقطة عليها في حيز الأشعة تحت الحمراء. وتتميز بالاستجابة السريعة الفورية والحساسية العالية، وتحقق مدى رؤية قد يصل إلى عشرات الكيلومترات؛ ولكنها تحتاج إلى عمليات تبريد معقدة، لمعادلة تأثير الحرارة المحيطة، كي لا تضغى على الشحنات الفوتونية المتولدة من الكاشف.
ويُعَدّ نوع الكاشف وعدد عناصر المصفوفة البؤرية، من العوامل المهمة لتحديد كفاءة جهاز الرؤية الحرارية ككل.
(ج) دوائر معالجة إشارة إلكترونية ومبين مرئي
وهي تضطلع بتكبير الإشارة الكهربائية الضعيفة المتولدة من الكاشف، ومعالجتها وإظهارها على مبين مرئي، مثل ما هو الحال في شاشة أنبوبة أشعة المهبط (CRT) Cathode Ray Tube، التليفزيونية.
د. استخدام أجهزة الرؤية الحرارية
تعمل أجهزة الرؤية الحرارية في النافذتَين الجويتيَن: المتوسطة (في حيز الأطوال الموجية من 3 إلى 5 ميكرونات)، والبعيدة (في حيز الأطوال الموجية من 8 ميكرونات إلى 14 ميكروناً).
وبالرجوع إلى قوانين الإشعاع الحراري، المذكورة من قبل، يتضح أن درجة حرارة الأجسام في الحيز المتوسط، تكون مرتفعة، بمتوسط نحو 600 درجة مطلقة (325 درجة مئوية). بينما تكون درجة حرارتها في الحيز البعيد، حول درجة حرارة الجو المعتاد (الغرفة) أي نحو 300 درجة مطلقة (27 درجة مئوية).
ويُراعَى ذلك عند التطبيقات العملية الرئيسية للأجهزة الحرارية، فيُستخدم الحيز المتوسط في أغراض التتبع والتوجيه، للأسلحة أو الصواريخ الموجهة حرارياً، أو تلك الباحثة عن الحرارة، التي تتجه ناحية المناطق الأكثر سخونة في الهدف، مثل إشعاع عادم محركات الطائرات، أو محركات وراديتيرات المركبات، أو مواسير العادم (الشكمانات).
بينما يستخدم الحيز البعيد في أعمال الاستطلاع والمراقبة والتصوير الحراري؛ إذ تكون الأهداف المطلوبة في درجة الحرارة المعتادة.
(اُنظر شكل الإشعاع الطيفي للطائرة والعادم والخلفية)، الذي يوضح الإشعاع "الطيفي" للخلفية، وطائرة تمثل الهدف، وكذلك إشعاع عادم محركها بدرجة حرارته العالية.
وتتكون الصورة بالأشعة تحت الحمراء، بعدة وسائل، أشهرها النظامان التاليان:
(1) نظام المسح الخطي Infrared Line Scanner (IRLS)
وهو جهاز تصوير يكوّن الصورة من طريق المسح المتتالي لمرآة دوارة، خطاً بخط. وهذا المسح يكون عرضياً، على اتجاه خط السير للطائرة الحاملة للجهاز. ومع تقدُّمها في مسارها، ينفّذ خط المسح التالي. وفي حالة استخدامه في التصوير مع الأقمار الصناعية، يكون مسار الطيران هو مدار القمر الصناعي.
(2) نظام الرؤية الأمامي Forward Looking Infra Red (FLIR)
وهو يناظر عمل الكاميرات التلفزيونية العادية؛ إذ يضطلع بالرؤية الأمامية، والتصوير بالأشعة تحت الحمراء، في الوقت الحقيقي. ويمكن أن يطلق عليه، في بساطة، "جهاز التصوير الحراري"، لأنه ينهض بعمله في التصوير الليلي، من طريق رؤية المنظر المحصور في مجال الرؤية، مرة واحدة.
وتعمل هذه الأجهزة في كلا حيزَي الأشعة تحت الحمراء، المتوسط والبعيد.
هـ. التطبيقات العسكرية
هناك العديد من تلك التطبيقات لأجهزة الرؤية الحرارية، تشمل:
(1) التوجيه الحراري للصواريخ، وهو يتنوع بين الأنواع البسيطة الباحثة عن الحرارة Heat seekers مثل باحث صاروخ (ستريللا)، وبين الأنواع المتقدمة، الباحثة عن الصورة (البصمة) الحرارية للهدف، مثل باحث صاروخ (مافريك) الحراري.
(2) الملاحة والرؤية والتصوير الحراري، مثل أجهزة الرؤية الأمامية FLIR، الموجودة في نظام (لانترن) LANTIRN، المركب على المقاتلتين، F - 15E و F-16C/D.
(3) التسديد الحراري Thermal Sights، مثل الأجهزة الحرارية المركبة على الدبابة (TTS).
3. رؤية الأهداف، حرارياً
بعد استقبال جهاز الرؤية الحراري الأشعة الصادرة عن الهدف، وإظهارها في صورة حرارية مناظرة، يعمد الرائي (المستخدم) إلى رؤية هذه الصورة وتفسير مكوناتها. ولتقييم هذه الصور يستخدم بعض التعريفات الأساسية التالية، والتي تعبّر، في الوقت نفسه، عن خصائص جهاز الرؤية نفسه:
أ. مدى (مسافة) الالتقاط (الكشف) Detection Range
هي المسافة التي يمكن عندها إدراك وجود هدف ما، في الصورة.
ب. مسافة التعرف Recognition
هي المسافة التي تتيح معرفة الأهداف المختلفة، كأنواع رئيسية فقط، وليست تفصيلية (على سبيل المثال، يمكن عندها التفرقة بين دبابة متحركة ورهط من الجنود).
ج. مسافة التمييز Identification
هي المسافة التي يمكن عندها تحديد طراز الهدف نفسه، وما إذا كان معادياً أم صديقاً، فيمكِن عندها، مثلاً، تمييز نوع الدبابة، وما إذا كانت ليوبارد أو تي 62.
وهناك حدود قياسية عالمية، لضبط هذه المسافات، وتقييم مدى مطابقتها أداء أجهزة الرؤية الليلية.
ومن أشهر هذه الحدود العالمية:
(1) المواصفة العيارية فينابل FINABEL norm 32 A 9، والتي تتطلب تحقيق المسافات الآتية، بالنسبة إلى جهاز التسديد الحراري، المركب على الدبابة:
(أ) الالتقاط على مسافة 5 كم.
(ب) التعرف على مسافة 3 كم.
(ج) التمييز على مسافة 2 كم.
(2) معيارية جونسون Johnson's Criterion التي تحدد المسافات القياسية السابقة، باستخدام نماذج خطية، بالأبعاد القياسية 2.3 م X 2.3 م، طبقاً لمواصفات حلف الناتو، بفارق حراري، قدره درجتان مئويتان، بين الخط الأدكن والفراغ البيني، مع احتمالية كشف 50%.
وعلى ذلك، تحددت مطالب المسافات، كالآتي:
(أ) الالتقاط: عندما يمكن تحليل زوج واحد من الخطوط على الهدف.
(ب) التعرف: عندما يمكن تحليل أربعة أزواج من الخطوط لكل مم.
(ج) التمييز: عندما يمكن تحليل سبعة أزواج من الخطوط لكل مم.
4. البصمة الحرارية
كما أن لكل إنسان بصمة خاصة به، تميزه عن غيره، فإن لكل هدف بصمة حرارية خاصة به، تمكّن من تمييزه عن غيره من الأهداف.
ويمكن الحصول على بصمة كل هدف وتحديدها، بالتحليل الطيفي لمكونات إشعاعه الحراري؛ ومن ثَم التوصل إلى المنحنى الطيفي له.
والبصمة الإشعاعية الحرارية مفيدة، في حالة اختيار التهديد المضاد الملائم لهدف ما، ثم توجيهه إليه. فمثلاً، بعد تحديد البصمة الحرارية لمحرك طائرة ما، يمكن استنتاج خصائص ونوعية الصواريخ الموجهة حرارياً، الممكن استخدامها ضد هذا النوع من الطائرات؛ وذلك بتجهيزها بأجهزة الكشف الحراري الملائمة للحيز الطيفي لهذه البصمة. وهكذا يمكن الصاروخ تجنّب وتفادي أي إجراء خداعي مضاد، من جانب الطائرة الهدف، مثل إلقاء المشاعل الحرارية Flares، والتي لن تكون بصمتها كالبصمة الإشعاعية الحرارية لمحرك الطائرة أو جسمها.
[1] الإشعاع الثانوي: هو خاصية يتمتع بها بعض المواد، وتعني إشعاع تلك المواد العديد من الإلكترونات، نتيجة ارتطام إلكترون واحد فقط فيها
[2] الليزر LASER هو شعاع فريد، ينتج من تكبير الضوء بوساطة الانبعاث الصناعي للأشعة من مواد خاصة، لها القابلية لإنتاج هذه الأشعة. ويتميز شعاع الليزر بقدرته الكبيرة، المركزة في مقطع إشعاعي صغير، وانتشاره في خط مستقيم، له انفراج ضيق، على المسافات الكبيرة. وهو يكاد يكون أحادي التردد، ومتماسك Coherent، وهذه الصفات جعلت شعاع الليزر مؤهلاً للعديد من التطبيقات، سواء المدنية والعسكرية
[3] كلمه (فوتون) (Photon) مناظرة لكلمة الضوء. وهي تعبّر عن وحدات الضوء؛ فكما نقول إن الكهرباء هي تيار من الإلكترونات، فإن الضوء هو تيار من الفوتونات