المرحوم شفيق ارشيدات .. عاصر أحداث حتّمت على جيله المشاركة في العمل الوطني والنضال السياسي
عمان- الدستور - ولـد الاستاذ شفيق الرشيـدات في اربد لأسرة فلاحية تعمل في الزراعة وتربية الماشية، في كانون أول عام 1918 وكان ذلك في عهد الدولة العربية السورية التي أعلنها فيصل بن علي في كل أجزاء بلاد الشام بعد انتصار جيوش الثورة العربية على الاتراك وإنتهاء الحرب العالميـة الأولــى.
تعلم القراءة والكتابة وختم القرآن في كتاتيب اربد، واكمل الدراسة الابتدائية والثانوية المتوسطة (الإعدادية) في مدرسة اربد عام 1936، وانهى الدراسة الثانوية العامة عام 1938 في مدرسة السلط الثانوية.. وكانت هي المدرسة الثانوية الكاملة الوحيدة في «إمــارة شرق الأردن» التي تأسست عام 1921 بعد انهيار الدولة السورية أمام الغزو الفرنسي عام 1920 وتقسيم بلاد الشام الى دول وحكومات سوريا، ولبنان، وفلسطين، والأردن تحت الانتدابيين الانكليزي والفرنسي وإعلان الوطن القومي اليهودي في فلسطين، وكانت الفترة التي أكمل فيها الدراسة الابتدائية والثانوية من اعنـف وأقسى فترات تاريخ المشرق العربي المعاصر وقد طبعت جيلها بطابع خاص بهم من أبرز سماته الثورة على الاحتلال والاستعمار والصهيونية والتمرد على التجزئة والكيانات والحدود، والنضال بكل الوسائل على دروب الحرية والتقدم والوحدة.
فقد كتب لهذا الجيل العربي معرفة الاستعمار الأوروبي ومواجهته لأول مرة، والاصطدام بالتجزئة المعززة بالاحتلال والقوة، والمجابهة العنيفة مع الغزو الصهيوني المؤيد والمدعوم بالاحتلال والتأييـد الأوروبي الشامل ، فهو جيل ما بعد الحرب العالمية الأولـى والثورة العربية على الاتراك.. عاصر خيانة الحلفاء للعهود والآمال العربية، وعاش جريمة اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت الشرق العربي بموجبها بين بريطانيا وفرنسا، واحتلت أرضه من قبل الدولتين وواجه وعـد بلفور وشهد إجراءات الاستعمار البريطاني لتحقيق الوطـن القومـي في فلسطين.
وهو الجيل الذي واكب عصر الثورات العربية المسلحة ضـد الانكليز والفرنسيين وضـد الغزو الصهيوني لفلسطين، ففي هذه الفترة نشبت أول ثورة فلسطينية عام 1920 ضد الاحتلال البريطاني والهجرة اليهودية، ونشبت الثورة العراقية عام 1920 ضد الاحتلال البريطاني وتقسيم العراق، والثورة السورية عام 1923 ضد الاحتلال الفرنسي وتجزئة بلاد الشام، ثم نشبت الثورات الفلسطينية المتعاقبة من عام 1921-1936-1939.
وفي هذه الفترة برزت الكيانات التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور وفيها فرض الاستعمار المقنع باسم الانتداب على هذه الكيانات، وكانت الأردن خلال هذه الثورات هي الوجهة التي اتجه إليها الثوار العرب النازحون أمام جرائم الاحتلال، يمارسون التعليم والصحافة والعمل الوطني والحزبي، ويحرضون على مقاومة الاحتلال والغزو الصهيوني، ويعدون للكفاح والتحرير والوحدة.
فكان في الأردن خلال هذه الفترة الكثير من رجال الثورة العربية وقادة حزب الاستقلال العربي، وجمعية العهد، ورجال الحكومة العربية السورية، والكثير من الادباء والشعراء العرب الذين اغنو الفكر القومي الثوري بكتاباتهم وقصائدهم الحماسية والموضوعية.. وعلى ايدي هؤلاء تتلمذ جيلهم في مدارس إمارة شرق الأردن وفي وجودهم وحركتهم ونشاطهم ترعرع وشب، ومن أفكارهم ومأسي الاحتلال وأناشيد الثوار في فلسطين والعراق والغوطة وجبل العرب وحلب وجبل العلويين في سوريا، تثقف وتغذت روحه وأفكاره.
وفي هذه الفترة ازدوج النضال الشعبي نتيجة بروز الكيانات العربية المتعددة في ظل الانتداب واخذ النضال القطري ضد الانتداب والمتعاونيين معه مكانه جنبا إلى جنب مع النضال القومي من أجل التحرر والوحدة فبرزت المعارضة القطرية على أشد ما تكون ضد معاهدات التحالف والتعاون مع المحتلين والمستعمرين، وصدرت الصحف الوطنية، وتكونت الاحزاب القطرية المؤيدة للاوضاع الجديدة والمعارضة لها.
وقد فرضت هذه الاحداث والظروف على جيلهم حتميـة المشاركة في العمل الوطني والنضال السياسي والاجتماعي منـذ حداثته، فكانت المدارس وطلابها من أهم وسائل الوطنية والمعارضة لمقاومة الانتداب والسياسات المطبقة في ظله.
ففي عام 1929 اشترك الرشيدات في أول مظاهرة وصدام مع البوليس في اربد نظمته المعارضة احتجاجا على المعاهدة الأردنية البريطانية، وعلى انتخابات المجلس التشريعي الأول الذي كون بهدف تصديقها.
وفي الثلاثينات انضم إلى شباب المؤتمر الوطني الأردني المعارض وتبنى شعاراته وناضل مع رفاقه من أجل أهدافه التي كانت تتلخص كما يلي:
« رفض الانتداب البريطاني على الأردن، ورفض وعد بلفور بإنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين. والتأكيد على أن الأردن دولة عربية مستقلة، وذات سيادة وحكم دستوري قائم على مبدأ الشعب مصدر السلطات، واعتبار كل تشريع أو إجراء أو اتفاق أو امتياز غير صادر عن مجلس نيابي منتخب وحكومة دستورية مسؤولة أمامه غير ملزم للشعب الأردني إذا كان ضاراً بمصالحه الوطنية وحقوقه الأساسية...»
وفي عام1937 كـون الاستاذ الرشيدات مع عدد من الأخوان «جمعيـة الحرية الحمــراء» لمناصرة الثورة الفلسطينية آنذاك وتطبيق مبدأ منـع التعامل مع اليهود الصهيونيين، واضطرت الجمعية تنفيـذا لأهدافها للقيام ببعض أعمال العنف ضـد بعض المسؤولين وبعض التجار المتعاملين مع التجار اليهود الأمر الذي ادى إلى اعتقالهم بعدة تهم والحكم عليه وعلى بعض الأخوان المناصرين له جنائيا بالسجن ثلاثة أشهر بإعتبارهم أحداثا.
( محطة دمشق )
وفي عام 1938-1939 الدراسي التحق بكلية الحقوق في الجامعة السورية بدمشق وفي نهاية عام 1941 تخرج منها وحصل على شهادة ليسانس الحقوق.
وكانت دمشق بالفعل قلب العروبة النابض تعج بالثوار والمناضلين والمفكرين العرب، من فلسطين والعراق والأردن والاسكندرونة وعربستان واقطار الشمال الأفريقي العربي ممن فرضت عليهم الظروف الجوء إلى رحابها الواسعة او ممن حكم عليهم الانتداب والمتعاونون معه بترك ديارهم واختيار دمشق دارا لهم.
وفي دمشق داوم في حلقة الدكتور (محمد صبحي ابو غنيمة) ممثل الحركة الأردنية آنذاك واليد اليمنى للحاج أمين الحسيني رئيس الهيئة العربية العليا الفلسطينية آنذاك. وداوم الاستاذ الرشيدات في حلقة الاستاذ المرحوم (زكي الارسوزي) رئيس حركة ابناء الاسكندرونة التي اقطتعها تركيا من سوريا ،وداوم ايضا في حلقة الاستاذ (عبد القادر اسماعيل) المناضل العراقي وأسرة الطليعة والأهالي وداوم في حلقة الاستاذ (ميشيل عفلق وشلة الطاحونة الحمراء) ثم داوم في عصبة العمل القومي للتنظيم القومي الوحيد آنذاك.
وكانت كلها حلقات فكرية و وطنية وقومية، تناقش الأوضاع العربية وتدرس وسائل الخروج من هذه الأوضاع إلى الأفضل، ففيها المؤمن بالثورة المسلحة والممارس والداعي لها كحل أفضل وأسرع، وفيها المؤمن بالتنظيم القومي والنضال من أجل الحرية والوحدة، وفيها المؤمن بالممارسة كسبيل وحيد للخروج بالأمة مما هي فيه إلى ما تصبو إليه.
ولقد تأثـر الاستاذ الرشيدات كثيراً بأفكار (الارسوزي) القومية الشاملة وبتحليله العلمي للقومية العربية.. غير انه لم يكن في تلك الفترة أي تنظيم عام سوى الحزب الشيوعي السوري اللبناني السري، وعصبة العمل القومي التي داهمها الفرنسيون وحظروا نشاطها، وكانت تلك الحلقات تأخذ من وقته وفكره مثل ما تأخذه الدراسة في الجامعة والمظاهرات الطلابية الصاخبة ضد الاحتلال الفرنسي وحكم الانتداب.
وفي عام 1941 حصل على إجازة المحاماة في إمـارة شرق الأردن وكان الحصول عليها للخريجين بدون تدريب ولغير الخريجين بالامتحان لدى السلطات الأردنية.
ولقد عمل في المحاماة في اربد ومارس العمل الوطني والاجتماعي، وكان المثقفون في الأردن قلـة، والعمل السياسي الوطني يمارسها الشيوخ والباشوات ويقف العدد القليل من الشباب خلفهم ، وكانت وظائف الدولة تمتص الكثير من الخريجين فكان العمل السياسي والوطني لامثالهم شاقاً وصعباً ولا بد لـه من جهد كبير لشق طريقه إلى الجماهير وسط هذه الأجواء.
فبدأ بتأسيس نادي (اليرموك الثقافي والرياضي) وكان أول نادٍ في اربد، جمع شباب المدينة ووحد نشاطاتهم الفكرية والثقافية والرياضية وأثار اهتماماتهم الوطنية والسياسية.
وبعدها حاول واخوانه السيطرة على بلدية اربد،وهي عالمهم آنذاك، ففاز مع قائمة من الشباب باغلبية مقاعد المجلس عام 1945 وكانت المعركة ضد أقاربهم التقليدين لهذا المجلس، ومهما كان هذا الأمر ضعيفاً فقد كسر الجليد والتقاليد وكان اشبه بثورة فتحت عيون السلطة والجيل القديم على تحركهم.
وفي عام 1946 واثناء عضويته للمجلس سجن مع عدد من المحامين والمشاركين بموجب قانون منع الجرائم وتم نفيهم الى الجنوب وكان نصيبه مدينة الطفيلة لمدة ستة أشهر، وذلك بسبب المطالب الوطنية التي قدمها والتي اعتبرت مسّاً بالمقامات الحكومية العليا.
وفي عام 1944 كان احد مؤسسي حزب (اللجنة التنفيـذية للمؤتمر الأردني) الذي لم يعمر طويلا بسبب سحب السلطة لاعضائه الواحد تلو الآخر ثم تصفيته وموته.
وفي عام 1949 كان احد مؤسسي (الحزب العربي الأردني) الذي تزعمه المرحوم الدكتور محمد صبحي ابو غنيمة، والذي كان يعتبر امتدادا قوميا للحزب العربي الفلسطيني آنذاك.. وكان ضمن مؤسسيه المرحوم سليمان النابلسي وعدد من الشخصيات الوطنية الأردنية ، وعلى الرغم من رفض السلطة الترخيص لهذا الحزب الا انه استمر في الأردن ثم انتقل نشاطه الى دمشق حتى حلـه.
وفي عام 1950 كان احد مؤسسي (الجبهة الوطنية) مع المرحوم سليمان النابلسي وعدد من الوطنيين.. وعلى الرغم من عدم موافقة السلطات على الطلب استمر العمل الجبهوي في الأردن حتى عام 1954 عندما اصدرت (حكومة الملقــي) قانون الاحزاب الديمقراطي، وكانت أهداف هذه الاحزاب وغيرها في الأردن آنذاك مقاومة الدستور الأردني لعام 1946، والمعاهدة الأردنية البريطانية، ووعد بلفور والهجرة اليهودية، والنضال من أجل دستور ديمقراطي وحكومة ديمقراطية منبثقة عن الشعب ومسؤولة أمام مجلس منتخب، وإطلاق الحريات العامة والغاء المعاهدة.
في عام 1947 وفي أول انتخابات نيابية على درجة واحدة انتخب نائبا عن محافظة اربد واختير مقررا للجنة القانونية في مجلس النواب وتولى مع زميله المرحوم (عبد الحليم الحمود) نائب السلط شرف المعارضة الوطنية.
وفي عام 1950 بعد حــل مجلس النواب الأول انتخب مرة اخرى نائبا عن محافظة اربد في المجلس المشترك بين ممثلي الضفة الغربية والضفة الشرقية، وكان في صفوف المعارضة الوطنية التي تضاعف عددها بعد وحـدة الضفتيــن.
عمل الاستاذ شفيق الرشيدات في هذه الفترة ومنـذ عام 1946 في الصحافة إلى جانب النيابة والمحاماة و محرراً في مجلة الرائد التي إصدارها المرحوم (امين ابو الشعر)، وحرر في صحيفة العهد التي اصدرها المرحوم (سليمان النابلسي)، وحرر في صحيفة الوفـاء التي اصدرها المرحوم (صبحي زيد الكيلاني).. وفي عام 1949 اصدر مجلة الميثــاق وكان صاحبها ورئيس تحريرها وكان يعاونه فيها الاساتذة: ضيف الله الحمود المحامي سكرتيرا للتحرير، والمرحوم محمود المطلق المحامي المحرر المسؤول وفائز الروسان مديرا للإدارة.
وقد شقت الميثـــاق طريقها بصعوبة بالغة في كفاحها من أجل التحرير والديمقراطية ونصرة القضية الفلسطينية، وحقوق الشعب الفلسطيني..وكسبت رواجا وشهرة رغم مقاومة السلطة المستمرة لها بالتعطيل، ورغم ضعف امكانياتها المادية والفنية واستمرت حتى سحب امتيازها بأمر من الحاكم العسكري في نيسان 1957.
وفي نيسان عام 1951 حــل مجلس النواب بعد معركة عنيفة بين المعارضة والحكومة حول الميزانية العامة.
وفي الانتخابات العامة الجديدة عام 1951 اعلن فشله في هذه الانتخابات بعملية تزوير مفضوحة كشفت امام محكمة العدل العليا ، اشترك في ترتيبها كلوب قائد الجيش وابو الهدى رئيس الوزراء ونفـذها متصرف اربد بالوكالة الذي كوفـئ بتعيينه متصرفا.
وفي عام 1952 انتخب نقيبـاً للمحامين في الأردن.
وفي عام 1953-1954 اختير وزيرا للعدل والمواصلات في حكومة المرحوم (فوزي الملقـي) وكان له في هذه الوزارة شرف المشاركة في وضع القوانين الديمقراطية «للاحزاب، والمطبوعات، والبلديات، وتجميد قانون الدفاع في كل ما يتعلق بحقوق وحريات المواطنين وقصره على الأمور المتعلقة بالدفاع عن البلاد في مواجهة العدو الصهيوني والاستعمار الأجنبي».
وقد الغـي مضمون هذه القوانين بعد استقالة الحكومة واخذت فيما كتب عن الأردن مأخذاً على حكومة الملقي وكدلالة على عدم تقديرها مسؤولية الحكم.
وفي عام 1954 كان احد مؤسسي (الحزب الوطني الاشتراكي) واحد اعضاء لجنته المركزية.. وفي عام 1954 كان ايضا احد مؤسسي (جمعية الصحفييـن الأردنييـن) وانتخب مشرفاً عليها.
وفي تشرين أول عام 1954 اسقط مع كل ممثلي المعارضة في الانتخابات النيابية العامة المشهودة في عملية تزوير مسلحة دبرها ابو الهدى وفي المظاهرات الصاخبة التي قامت ضد هذا التزوير في كل مـدن المملكة سقط كثير من القتلى والجرحى في عمان واربد. وقد اتهم آنذاك بالتحريض وبمحاولة قتل، وسجن عدة أشهر في سجن اربد ثم حول إلى المحاكمة أمام محكمة عسكرية واستمرت محاكمته حتى حفظت القضية بالعفو العام.
وفي عام 1955 اشترك في مقاومة حلف بغداد وقاد مع أعضاء الحركة الوطنية المظاهرات الشعبية في اربد وعمان واعتقلوه آنذاك في سجن عمان واستمر اعتقالهم حتى استقالة الحكومة وإعلان حـل مجلس نواب 1954.
وفي عام 1956 انتخب نائبا عن محافظة اربد ثم نفس العام اشترك بالحكومة الوطنية التي مكنت دولة المرحوم (سليمان النابلسي) بتأليفها بعد فوز الحزب الوطني الاشتراكي بالاغلبية البرلمانية وكان وزيرا للعدل والتربية والتعليم، وهي اول حكومة برلمانية يشكلها ائتلاف المعارضة الاردنية.
وكان له في هذه الوزارة شرف تحقيق الوحدة الثقافية بين الأردن وسوريا ومصر، وشرف رئاسة الوفد الأردني المفاوض مع مصر وسوريا والسعودية، وتحقيق «اتفاقيـة التضامن العربي» بين هذه الأقطار الأربعة واستبدال المعونة البريطانية للأردن بمعونة عربية، وأيضا رئاسة الوفد الأردني لمباحثات التعاون الأردني السوفيتــي الاقتصادي والعسكري في دمشق، وإعلان الاعتراف الأردني بالاتحاد السوفيتـي وتبادل التمثيل الدبلوماسي بين الدولتين، كما كان له شرف المشاركة في إنهاء المعاهدة الأردنية البريطانية.
وفي عام 1957 وفي اعقاب أحداث واتهامات ذلك العام المعروفة للحكومة البرلمانية الائتلافية والطلب منها تقديم استقالتها، وفرض الاحكام العرفية ومنع الاحزاب من العمل العام، لوحق الاستاذ الرشيدات واسقطت عضويته بمجلس النواب بقرار صدر عن المجلس، ثم جرد من الجنسية الأردنية بقرار من مجلس الوزراء ثم وضعت أمواله المنقولة وغير المنقولة تحت الحجز والتحفظ بقرار من الحاكم العسكري.
وفي نفس العام انتخب عضوا عن الأردن في مجلس التضامن الأفريقي الأسيوي ومنذ نيسان 1957 وحتى كانون اول 1963 عاش في دمشق لاجئا سياسيا، ثم انتخب في عام 1959 عضوا عن الأردن في مجلس السلام العالمي.
وفي نهاية 1963 انتخب امينا عاما لاتحاد المحامين العرب لمدة أربع سنوات وانتقل إلى القاهرة، حيث مركز الاتحاد وقد جدد انتخابه أربع مرات الى ان توفاه الله في عام 1978، رغم صدور العفو العام الأردني وشموله به في نيسان 1965.
وفي عام 1970 انتخب نائبا لرئيس رابطة الحقوقييـن الديمقراطين العالمية، وجدد انتخابه حتى وفاته. ثم انتخب رئيسا للجنة القانونية في الجامعة العربية لمدة سنتين، وفي نفس العام اصدر مجلة «الحـق» عن اتحاد المحامين العرب بالقاهرة وكان رئيس تحريرها ولا تزال تصدر حتى الان. ومنذ عام 1967 وحتى عام 1978 شغل مركز رئيس لجنة الدفاع عن الفدائييـن الفلسطينيين في البلاد الأجنبية، ومركز الأمين العام للجنة الدفاع عن الحريات العامة وسيادة القانون في الوطن العربي.
ومنذ سنة 1957 وحتى وفاته أصدر الكتب التاليــة:
فلسطين تاريخا وعبرة ومصيرا، وقد طبع هذا الكتاب مرتين.
عربستان الجزء العربي المغتصب.
العدوان الصهيوني والقانون الدولي.
الطريق الصحيح للحل العادل في الشرق الأوسط. وقد صدر هذا الكتاب باللغتين الانكليزية والعربية.
المقاومة الفلسطينية وحتى تقريرالمصير.
القضية الفلسطينية والقانون الدولي.
نظام الحكم الاستعماري.
الحريات والقانون.
الأوضاع القانونية ليهود البلاد العربية. وقد ترجم هذا الكتاب باللغتين الانجليزية والفرنسية.
الحريات العامة وسيادة القانون في الوطن العربي.
بالاضافة الى عدة ابحاث وكراسات وتقارير.
وفي نهاية عام 1974 اختير عضوا في مجلس الأعيان الأردني.. وفي عام 1976 انتخب رئيسا للجنة التضامن الافراسيوية الأردنية وعضوا في المجلس الرئاسي للصداقة الأردنية السوفياتية. وفي نفس العام انتخب عضوافي مجلس امناء مركز دراسات الوحدة العربية ، وعضوا في مجلس امناء الموسوعة الفلسطينية.
ولقد تطرق الاستاذ الرشيدات في كتبه هذه إلى كثير من أمور الساعة العربية فقد تحدث عن الحريات والقانون، وقضايا حقوق الإنسان، وحرياته الأساسية في المجتمعات العربية، ودور السلطة في حماية هذه الحريات، وتطبيق القانون. كما تطرق إلى دور القضاء وبحث في أهمية القضاء المستقل كشرط واجب لقيام مجتمعات حرة تعيش في ظل نظام من الشرعية يستند إلى مبدأ أولوية الحــق.
كما اهتم في عدد من مقالاته وكتبه في القضية العربية الفلسطينية، وتحدث في اكثر من كتاب حول حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وحق السيادة على فلسطين حيث كان يرى دائما ان حق السيادة على فلسطين كان ولا يزال ملكا لسكانها الأصلييـن.
كما بحث في مسائل حول حرية الرأي، وحرية التنظيم الحزبي والنقابي، وحق المعارضة، وأهمية الحياة البرلمانية والديمقراطية.
وفي حديث له حول قضية الشعب مصدر السلطات وتقييم الحياة البرلمانية في الأردن، تحدث الرشيدات إلى صحيفة الرأي الأردنية الصادرة في عام 1976 فقال: ان البرلمانية والديمقراطية وجهان لقضية واحدة فلا يمكن ان يكون هناك ديمقراطية بلا برلمان، والديمقراطية تعني المشاركة الشعبية في تقرير مصيره وهذه المشاركة حق أساسي، تقرر ضمن مبادئ حقوق الإنسان والشعوب التى أشار إليها في كثير من كتبه .. فإذا كان الأيمان ان الشعب مصدر السلطات فلا بد للتعبير عن هذا المبدأ بالبرلمانات ولا بد لهذه البرلمانات ان تكون وكيلة أمينة عنه في ممارسة هذه المشاركة.
والقول ان النظام البرلماني فاشل هو قول مردود وغير مقبول، لان الديمقراطية والبرلمانية ممارسة، تحتمل الخطأ والصواب وفي كلا الأمرين هي سير في الطريق الصحيح. . وحول مدى انطباق هذا المبدأ بالنسبة للأردن فقد أشار الرشيدات الى ان تطبيق هذا المبدأ بالنسبة للأردن قائم، فهناك برلمان منتخب منذ تأسيسه وقد حقق هذا البرلمان الكثير من الإنجازات الديمقراطية واستطاع الى حد ما ان يعبر عن آراء الجماهير وان يحقق بعض مصالحها.