في الذكرى السنوية لاستشهاده: شهادة تقدير وإعجاب بالمجاهد عزّ الدين القسام
وديع عواودة:
Nov 20, 2017
الناصرة – «القدس العربي»: صادفت أمس الذكرى السنوية لاستشهاد المجاهد عز الدين القسام (19.11.1935) الذي شكل استشهاده في أحراش بلدة يعبد في محافظة جنين شمال الضفة الغربية، على يد قوات بريطانية، أحد محفزات الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 وملهمها. ولاحقا دعت حركة حماس ذراعها العسكرية باسمه.
وبخلاف ما يشاع أحيانا فإن القسام سوري الأصل ومن بلدة جبلة المجاورة لمدينة اللاذقية، وقد وصل حيفا وصار لاحقا إمام مسجد القسام فيها بعدما فرّ من ملاحقة الانتداب الفرنسي، وما لبث أن أسس وقاد منظمة «الكف الأسود» للدفاع عن فلسطين بمواجهة الاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية حتى استشهاده.
وبهذه المناسبة استحضر الشيخ سالم صقر إمام مسجد «أبو بكر» في بلدة كفر كنا داخل أراضي 48، قبل رحيله قبل بضع سنوات عن عمر يناهز مئة عام، شهادة تاريخية شخصية فقال فيها لـ «القدس العربي» إنه ذهب عام 1935 إلى حيفا لزيارة شقيقته عائشة، وحينما اعتلى الحافلة في صباح يوم الجمعة 20.11.1935 التقى براجي أبو عرابي من بلدته، وكان راجعا من حيفا وبيده جريدة «فلسطين» الصادرة في مدينة يافا مدبجة بعنوان رئيسي بالخط الأحمر: «استشهاد الشيخ المجاهد عز الدين القسام». وتابع الشيخ صقر « طلبت صحيفة فلسطين منه فقد صعقني الخبر ورغبت بقراءة التفاصيل…. وصلت حيفا وإذا بثلاث جنازات طالعة من المدينة باتجاه بلد الشيخ وهي للشيخ القسام وأبو عبد الله الزيباوي من الزيب وحنفي عطية عامل من مصر استقر في حيفا بحثا عن لقمة العيش. الجنازات كانت متوسطة ومن خلفها كان يسير جنود من الجيش الإنكليزي وكان المشيعون يهتفون ضد بريطانيا… ويرددون شعرا للشاعر نوح إبراهيم، شاعر الثورة لاحقا:
«عز الدين يا مرحوم….موتك درس للعموم
آه لو كنت بدوم …. يا رئيس المجاهدين
عز الدين يا خسارتك… متت فدا امتك
مين بنكر شهامتك…..يا رئيس المجاهدين»
كما يستذكر الشيخ صقر أنه في يوم الجمعة ذاته ذهب لمسجد الاستقلال حيث كان يعطي فيه القسام الدروس الدينية والسياسية. وأضاف «عند قيام المؤذن طاهر الدريني من أم الفحم أصلا برفع صلاة الظهر قام المصلون بأداء صلاة الجمعة؛ وقد حضر الشيخ محمد باشا كاتب من المحكمة الشرعية ولما صعد المنبر قال: «أشهد أن محمد رسول الله « ولم يتمالك نفسه وبكى فبكى المصلون معه وأنا منهم لأن القسام كان عزيزا على الناس». ويقول إنه خلال زياراته السابقة لحيفا كان دائما يزور مسجد الاستقلال لسماع دروس وخطب الشيخ القسام الذي أحبه واحترمه، ويذكر إنه صلى بمعيته في شهر رمضان واحد 27 مرة صلاة التراويح. ومضى في شهادته «كان المرحوم يبدأ الصلاة بتلاوة آيات من سورة البقرة. اعتمر المرحوم عمامة كسائر علماء الأزهر وكان وسيم الطلعة، رقم واحد بالخطابة فخطاباته حماسية وتدعو لاستقلال البلاد وطرد الإنكليز ومؤثرا جدا بالناس وكان النور يشع من وجهه ويتمتع بملكة الكلام وألفاظه فصيحة ولهجته سورية. وفي الدرس الأخير الذي سمعته في عام استشهاده أذكر أنه حثّ المصلين على النهوض والتحرر من الانتداب».
بعد الاستشهاد والنكبة عاد أقرباء القسام لسوريا وأثناء اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982 قام حفيده أحمد محمد عز الدين القسام ( 17 سنة وقتها) بمغادرة جبلة ملتحقا بالمدافعين عن بيروت وخرج معهم لتونس كما يؤكد لـ «القدس العربي».
في 1994 قدم أحمد القسام للبلاد مع الرئيس الراحل ياسر عرفات وعين ضابطا في شرطتها، وتقديرا لجده المدفون في حيفا قرر الاستقرار في أقرب نقطة لها، في جنين. بعد حديث صحافي معه وقتها دامت علاقة كاتب هذه السطور به وأبلغه بنيته زيارة سوريا، فحمله رسالة لوالدته.
وفي صيف 1997 زار وفد برئاسة الراحلين إبراهيم نمر حسين وسميح القاسم سوريا، وضمن البرنامج قال القاسم «زرنا اللاذقية وفي طريق العودة لدمشق أبلغت الشيخ رائد صلاح أحد المشاركين بالوفد بحملي رسالة خطية لوالدة أحمد القسام في جبلة وتوخيت أن يطلب من الوفد أن يتوقف في جبلة لنزور بيت القسام وإيصال الأمانة. لم يتردد بالقيام بذلك فرحا جدا بالنبأ . فعلا زار الوفد بيت عائلة عز الدين القسام في جبلة وحملتنا والدة أحمد رسالة شخصية وصور فتاة أصلها من لوبية في الجليل وتقيم وأهلها في الشام ما لبثت أن صارت زوجته».
وأضاف «في 1998 تولت بلدية يعبد، حيث استشهد بالقرب منها الجد القسام عام 1935، احتفالات الزفاف فوصل في الصباح الشيخ سالم صقر ولم يكتف بإهداء العريس القسام «النقوط» فأضاف رسالة بخط يده عن جده. عن ذلك قال الشيخ صقر « هناك أمام الحفيد الذي يشبه جده أخذتني العبرة وبكيت وفاء لذكراه كواحد أعجب به وبسيرته وقبل استشهاده المبكر كنت استعد للانضمام له ولحركته السرية رسميا».