المجموعة الشمسية
(1) مكونات المجموعة الشمسية
تتكون المجموعة الشمسية ـ كما يوضح (شكل الأجرام السماوية)، من الأجرام السماوية والظواهر الكونية التالية:
(أ) الشمس Sun، وهي مصدر الطاقة الحرارية والضوئية للمجموعة الشمسية، ومركز الجاذبية، الذي يدور حوله جميع أعضاء المجموعة الشمسية.
(ب) الكواكب السيارة Planets، وعددها تسعة كواكب، وهي على حسب تسلسل مسافاتها بالقرب من الشمس: عطاردMercury، ثم الزهرة Venus، ثم الأرض Earth، ثم المريخMars، ثم المشترى Jupiter، ثم زحل Saturn، ثم أورانوس Uranus، ثم نبتون Neptune، ثم بلوتو Pluto.
(ج) التوابع (الأقمار) Satellites، وهي الأجرام التي تدور حول الكواكب بحيث يكون الكوكب مركزا للجاذبية.
(د) الكويكبات Asteroids، وهي مجموعة كبيرة من الأجرام الصغيرة المتجاورة تدور حول الشمس في مدار يقع بين المريخ والمشترى.
(هـ) الشهب والنيازك Meteors and Metorites، وهي كتل سماوية غير ملتهبة متفاوتة الحجم، تتحرك في نطاق جاذبية الشمس وتتساقط نحو الأرض.
(و) المذنبات Comets، أجرام سماوية باردة تدور حول الشمس بمدارات إهليليجية (بيضاوية) ضيقة.
(ز) كميات هائلة من الغازات والغبار الكوني.
(2) الشمــس
الشمس نجم عادى بين نجوم مجرة درب التبانة، ومع ذلك فهو يتميز بكونه أقرب النجوم إلى الأرض، إذ يبعد عن الأرض مسافة مقدارها 149.6 مليون كيلومتر، ويبلغ قطره 1.392مليـون كيلومتر؛ أي أنه يُعادل 109 أضعاف قطر الأرض، ويُعادل حجمه نحو 1.303.600 مثل حجم الأرض، وكتلته حوالـي 332.946 ضعف كتلة الأرض، ومتوسط كثافته 1.409 جرام/ سنتيمتر مكعب، وتدور الشمس حول نفسها بسرعة تصل عند خط الاستواء حوالي 2 كيلومتر/ ثانية، وتقل هذه السرعة بالاتجاه نحو القطبين، كما توضح (صورة الشمس).
ويُعرف القرص المرئي للشمس الذي يظهر للأرض بالطبقة المرئية الفوتوسفير Photosphere . وتبدو هذه الطبقة كالقرص يزيد لمعانه في الوسط عنه في الأطراف، وتبدو عند التكبير مرقطة وكأنها حبيبات، وهي ناتجة عن اندفاع الغازات المشتعلة إلى أعلى لمسافات تصل إلى 8000 كيلومتر، ثم تهبط إلى الأسفل فتقل درجة حرارتها ويظهر أيضاً على هذه الطبقة بقع سوداء تُعرف باسم الكلف الشمسي Sun Spots. هناك طبقة تغلف الطبقة المرئية السفلي، سمكها بضعة آلاف من الكيلومترات، تُعرف بالطبقة الملونة الكرونوسفير Chronosphere. هي تظهر عندما تكسف الشمس فتبدو كحلقة حمراء متوهجة. وتعلو الطبقة الملونة طبقة الإكليل (كورونا) Corona، كما توضح (صورة إكليل الشمس)، وتتألف هذه الطبقة من غازات ترتفع إلى بضعة ملايين من الكيلومترات وما تبعثه هذه الغازات من ضياء قليل جداً على الرغم من ضخامتها. ويرى هذا الإكليل بوضوح عند الكسوف الكلى، وتبلغ درجة حرارة الكورونا حوالي مليون درجة مئوية.
(أ) الكلـف الشمسي Sun Spots
تظهر في طبقة الفوتوسفير بقع سوداء تسمى الكلف الشمسي. وتظهر هذه البقع على فترات دورية تبلغ حوالي 11 سنة ونصف، والكلف الشمسي ناتج عن ظلال سحب التفجيرات السوداء التي تحدث على سطح الشمس، كما توضح (صورة الكلف الشمسي). وهذه البقع تكون صغيرة وتدوم لفترة قصيرة، ويبلغ قطرها بضع مئات من الكيلومترات، والنوع الثاني بقع كبيرة قطرها يصل إلى حوالي 200 ألف كيلومتر.
وبلغت مساحة أكبر بقعة للكلف الشمسي في سنة 1974 حوالي 120 ضعف مساحة قرص الأرض المنظور من الشمس. ولوحظ منذ فترة طويلة أن الكلف يتحرك من الشرق إلى الغرب دائما مما يدل على دوران الشمس على محورها.
(ب) الشواظ الشمسي Prominence
هي ألسنة رهيبة من اللهب الأحمر القرمزي ترتفع من سطح الشمس إلى ما يزيد عن مليون كيلومتر و بسرعة تصل إلى 1000 كيلومتر/ثانية، و تشكل هذه الألسنة أقواساً ومنحنيات عند اندفاعها، كما توضح (صورة الشواظ الشمسي)، فهي تندفع إلى مسافة 600 ألف كيلومتر أفقياً وأضعاف ذلك إلى أعلى في ساعة واحدة.
وتظهر هذه الألسنة بين مناطق الكلف الشمسي وتكون في الغالب ثائرة وصغيرة نسبيا، بينما نجد الألسنة الضخمة الهادئة غير مقترنة بالكلف الشمسي. ويمكن رصد الشواظ بواسطة المطياف وبدون حدوث الكسوف الشمسي.
(ج) التأجج الشمسي Solar Flares
وهو عبارة عن توهج يحدث بصورة مفاجئة على سطح الشمس بجوار الكلف الشمسي، على شكل انفجار يدوم لفترة قصيرة جداً (حوالي 5 دقائق). ويظهر على شكل ألسنة صغيرة من اللهب لا تلبث أن تختفي.
ويظهر على قرص الشمس سحب وهاجة على طبقة الكرونوسفير، نتيجة توهج بعض العناصر المتأينة كالهيدروجين والكالسيوم. وتسمى هذه السحب المتوهجة باسم الشعيرات الشمسية. ويظهر في الوقت نفسه على السطح بعض الفتائل أو الخيوط السوداء التي تُعرف باسم الزغب الأسود Filaments وتكون مقترنة مع ألسنة اللهب، وترتبط هذه الفتائل السوداء مع الكلف الشمسي. ويظهر الزغب من حيث الشدة مع اشتداد نشاط الكلف الشمسي.
(3) الكواكب السيارة
لاحظ الإنسان منذ القدم أن بعض الأجرام السماوية اللامعة تتحرك ببطء في السماء، بحيث تغير مواقعها بالنسبة لتشكيلات النجوم الثابتة، وأَطلق الإغريق على هذه الأجسام اسم الكواكب السيارة أو الجوالة.
ولقد اتضح أن مدارات الكواكب التسعة حول الشمس اهليليجية (بيضاوية) تحتل الشمس إحدى بؤرتيه. وبمراقبة الشمس بواسطة تلسكوب فأنها تظهر على شكل أقراص منيرة.
نشأة الكواكب
وُضعت عدة نظريات وفرضيات تتعلق بنشأة الكواكب والمجموعة الشمسية، وأهم هذه النظريات في القرن الثامن عشر:نظرية بوفون (1750)، ونظرية لابلاس (1796)، ونظرية المد الغازى لجيمس جينز (1901). وأخيراً نظرية أوتو شميث وفريدهويل (1946).
وتنص أفضل هذه النظريات على أن مجموعة النظام الشمسي كانت قد شُكلت من أربعة إلى خمسة بلايين عام من سديم شمسي solar nebula، وهذا السديم مكون من كميات هائلة من الغاز والغبار الكوني. وافترضت أن هذه الغيمة السديمية كانت تدور بسرعة حول مركزها (النواة)، ودرجة حرارة هذه النواة كانت عالية نسبياً وتصل إلى بضعة آلاف درجة مئوية، بينما كانت درجة حرارة أطرافها باردة جداً. ولقد أدى التجاذب نحو المركز إلى ازدياد كثافة النواة وارتفاع درجة الحرارة إلى أن أصبحت عالية جداً، وكانت كافية لحدوث الالتحام النووي، فتكونت الشمس من النواة وتكونت الكواكب من تكاثف الغازات والغبار البارد البعيد عن المركز، وأن حجم وخصائص كل كوكب تحددت من الموقع ودرجة حرارة السديم الذي تكون فيه.
والمنطقة الواقعة بين الشمس ومدار الكويكبات كانت مكونة في الغالب من الصخور والحديد. لذا فإن الكواكب التي تكونت في هذه المنطقة تحتوى على الصخور والحديد. أمّا الكويكبات نفسها فيبدو أنها كانت بقايا الصخور المفتتة، التي لم تلتحم مع بعضها لتكوين كوكب عاشر، أمّا الكواكب العملاقة التي تقع بعد الكويكبات (المشترى، زحل، أورانوس، نبتون) فمعظم المواد فيها غازات تكاثفت على شكل بلورات ثلجية أو مواد متجمدة.
ومما سبق يمكن تقسيم الكواكب حسب الحجم والتركيب إلى مجموعتين متميزتين:
المجموعة الأولى: تُعرف بمجموعة الكواكب الأرضية Terrestrial Planets وهي تشبه الأرض من حيث التركيب وتتسم بصغر حجمها نسبياً وبكثافتها العالية.
المجموعة الثانية: وتُعرف بمجموعة الكواكب المشابهة للمشترى Planets Jovian وهي كواكب عملاقة وغازية قليلة الكثافة، إذ تتركب من الغازات (الهيدروجين والهيليوم بنسبة 75%)، ونسبة ضئيلة من الحديد والسيليكات.
أمّا كوكب بلوتو فيشذ عن المجموعتين بكونه صغير الحجم ويشبه الكواكب الأرضية لكن كثافته منخفضة مثل الكواكب العملاقة.
(4) الكواكب Planets
لم يعرف سكان كوكب الأرض أفراد المجموعة الشمسية إلاّ بعد مجهودات مضنية من الأبحاث الفلكية، ولا يزال الكثير من خبايا الفضاء الكوني لا نعرفه حتى اليوم. وتتكون المجموعة الشمسية من تسعة كواكب، كما توضح (صورة كواكب المجموعة الشمسية) وهي:
(أ) عطارد Mercury
وهو أقرب الكواكب السيارة إلى الشمس وأصغرها. وكان بعض القدماء يطلقون عليه كوكب الصباح لظهوره في ساعات الصباح الباكر، وأطلق عليه آخرون كوكب المسـاء لظهوره في المسـاء. ويـدور عطارد حـول الشمس في فتـرة مقدارها 87.97 يوماً، ومداره بيضاوي الشكل ضيق نسبياً، لذلك فإن بعده عن الشمس يتفاوت تفاوتا كبيرا، إذ يصبح أقصى بعد له (عند الأوج) حوالي 70 مليون كيلومتر تقريباً، وأدنى بعد له (عند الحضيض) حوالي 46 مليون كيلومتر، لذا فإن متوسط بعده عن الشمس حوالي 57.9 مليون كيلومتر. كما تتفاوت سرعته أثناء دورانه حول الشمس، إذ تراوح بين 40 كيلومتراً/ ثانية، و57 كيلومتراً/ ثانية.
ونتيجة لقرب هذا الكوكب من الشمس فهو لا يرى بالعين المجردة إلاّ خلال فترة قصيرة محدودة جداً لا تتجاوز الأسبوعين. ويبلغ قطر عطارد 4880 كيلومتراً. ويُمثل كل من حجمه وكتلته حوالي 0.056 من حجم وكتلة الأرض.
ويبدو لون عطارد ـ عند النظر إليه من الأرض بالتلسكوب ـ مائلاً إلى الاصفرار مع وجود بقع بيضاء ورمادية. كما يظهر سطحه مضرساً تظهر عليه تلال وهضاب وحفر بركانية، ويشبه إلى حد بعيد سطح القمر. وتبلغ درجة حرارة هذا الكوكب حوالي 480 درجة مئوية، وله غلاف جوي رقيق مكون من الهيليوم والنيون والهيدروجين.
(ب) الزهرة Venus
هو ثاني الكواكب قرباً من الشمس. ويدور حول الشمس في مدار شبه دائري، لذلك فإن الفارق بين بعده عن الشمس في حالة الأوج وحالة الحضيض صغير جداً بالمقارنة ببقية الكواكب الأخرى. ويبلغ متوسط بعده عن الشمس حوالي 108 مليون كيلومتر، أمّا بعده عن الأرض فيتفاوت ما بين 40 مليون، 265 مليون كيلومتر، وتعادل كتلته 0.815 من كتلة الأرض. ويصل قطره إلى نحو 12110 كيلومتر بما يُمثل 0.91 من قطر الأرض ويُعادل حجمه 0.857 من حجم الأرض.
ولكوكب الزهرة ـ كالأرض ـ حركتان: محورية ومدارية، فالحركة المحورية يتمها في فترة مقدارها 243.1 يوم (من الشرق إلى الغرب). والحركة المدارية يتمها في 224.7 يوماً.
وللزهرة غلاف جوى كثيف سمكه حوالي 80 كيلومتر ومعظمه مكون من ثاني أكسيد الكربون ونسبة ضئيلة جدا من الأكسجين وبخار الماء على شكل غيوم كثيفة.
(ج) المريخ Mars
وهـو ثالث كواكب المجموعة الشمسية، ويبلغ قطـره حـوالي 6790 كيلومتر (0.53 من قطر الأرض) وحجمه حوالي 0.15 من حجم الأرض، بينما تبلغ كتلته 0.11 من كتلة الأرض، وقوة الجاذبية على المريخ تساوى 38 % من الجاذبية الأرضية. ولكوكب المريخ حركتان: محورية ومدارية، ويميل محور المريخ عن المحور الرأسي بزاوية مقدارها 24.5 درجة (أي بزيادة درجة واحدة عن ميل محور الأرض). لذا تحدث فيه الفصول الأربعة كالأرض، ومداره حول الشمس ينطبق تماماً على مدار الأرض. ويتم حركته المحورية حول نفسه مرة واحدة كل 24 ساعة، 37 دقيقة، ويُكمل الحركة المدارية حول الشمس في حوالي 686.5 يوماً. ومدار المريخ على شكل بيضاوي ضيق جداً، لذا يحدث اختلاف كبير في موقع المريخ من الشمس. فيبلغ بُعده في حالة الأوج 250 مليون كيلومتر، ويبلغ بُعده في الحضيض حوالي 205 مليون كيلومتر. لذلك فإن متوسط بعده عن الشمس يبلغ حوالي 227.94 مليون كيلومتر، وتبعاً لذلك فإن سرعة الكوكب تتغير وتراوح بين 22.5 كيلومتراً/ ثانية: و27 كيلومتراً/ ثانية. كذلك فإن بعد المريخ عن الأرض يتفاوت تفاوتاً كبيراً، إذ تمثل أبعد مسافة حوالي 102 مليون كيلومتر وأقل مسافة تساوى 56 مليون كيلومتر.
يبدو سطح المريخ أحمر اللون أو برتقاليا، وأهم معالمه القطبان المغطيان بالثلوج أو ثاني أكسيد الكربون المتجمد، وفيه مناطق تبدو رمادية تميل إلى الزرقة أو إلى اللون الأخضر وتكتنفه أودية وجبال. وتتسم درجة حرارة الكوكب بانخفاضها، فهي تبلغ عند خط الاستواء حوالي 15 درجة مئوية، ودرجة الحرارة عند القطبين باردة تصل إلى حوالي 70 درجة مئوية تحت الصفر.
وللمريخ تابعان (قمران) صغيران تم اكتشافهما في سنة 1877م، عندما كان المريخ في أقرب مسافة إلى الأرض، وهما فوبوس Phobos وديموس Deimos آلهة الخوف والفزع عند الإغريق. ويبلغ قطر فوبوس حوالي 13 كيلومتراً ويبعد عن الكوكب 9350 كيلومتراً، ويتم دورة كاملة حول الكوكب في حوالي سبع ساعات، و35 دقيقة. ويبلغ قطر ديموس ثمانية كيلومترات فقط، وبعده عن الكوكب 23487 كيلومتراً، ويتم دورته حول المريخ في 30 ساعة، و18 دقيقة.
ويُعد المريخ أنسب كواكب المجموعة الشمسية ـ بعد الأرض ـ لوجود حياة نباتية وحيوانية فوق سطحه، ويعزى السبب في ذلك إلى وجود غلاف غازي يحيط المريخ من جهة، وإلى انتشار بعض المسطحات المائية فوق سطحه من جهة أخرى. ويؤكد العلماء كذلك بأن القمم الجبلية في المريخ مغطاة بالجليد يذوب بعضها خلال فصل الصيف، وتؤدي إلى انسياب المياه على شكل غطاءات مائية تساعد على خلق حياة نباتية خاصة في المناطق الاستوائية منه. وتبين من الدراسات الفلكية المختلفة أن الغلاف الجوي، الذي يُحيط المريخ لا يُعد ساماً بل مناسباً للحياة النباتية والحيوانية، إذ يتكون من نسبة مرتفعة من ثاني أكسيد الكربون (14 مثلاً لنسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي المحيط بالأرض) والنيتروجين ونسبة ضئيلة من الأكسجين وبخار الماء.
(د) المشترى Jupiter
هو أكبر الكواكب على الإطلاق، شكله كروي مفلطح، إذ يبلغ قطره الاستوائي حوالي 142800 كيلومتر وقطره القطبي حوالي 135000 كيلومتر، ويبلغ حجمه ضعف حجم الأرض بـ 1319 مرة، إلاّ أن كتلته تبلغ 318 ضعف كتلة الأرض، وللمشترى مدار بيضاوي، لذا فإن بعده عن الشمس عند نقطة الأوج تبلغ نحو 815 مليون كيلومتر، وتبلغ عند الحضيض نحو 740 مليون كيلومتر، ويتم دورته حول الشمس في 11 سنة، 315 يوماً بسرعة تبلغ حوالي 13 كيلومتر/ثانية ويدور المشترى حول نفسه بسرعة، حيث يتم دورة كاملة حول محوره كل 9 ساعات و55 دقيقة.
يظهر كوكب المشترى كأنه مغطى بغيوم كثيفة، وأبرز معالمه الحزمة أو الخيوط الموازية لخط الاستواء وعددها سبعة أحزمة، كما تظهر فيه بقعة حمراء بيضاوية الشكل طولها حوالي 48 ألف كيلومتر وعرضها حوالي 12 ألف كيلومتر، شُوهدت لأول مرة سنة 1878 وتتسم بموقعها غير الثابت فهي تتحرك بصفة دائمة وببطء.
ويتكون الغلاف الجوي للمشترى من نسبة كبيرة من غازي الأمونيا والميثان على شكل بلورات متجمدة إضافة إلى وجود الهيدروجين والهيليوم. وتبلغ درجة حرارته حوالي 130 درجة مئوية تحت الصفر، وسمك غلافه الجوي ثمانية آلاف كيلومتر.
وللمشترى أربعة عشر تابعاً، تراوح أقطار الأربعة القريبة منه بين 2900 ـ 5000 كيلومتر، والأقمار الباقية صغيرة وتراوح أقطارها بين 50 ـ 200 كيلومتر، يبعد أقربها عن المشترى 181 ألف كيلومتر وأبعدها عنه 236 ألف كيلومتر. وتتكون هذه التوابع في الغالب من الصخور، وهي تشبه القمر في تركيبها وبعضها يحتوى على الهيليوم، وقد اكتشف آخر قمر من أقمار المشترى سنة 1974 وهو صغير الحجم ويبلغ قطره حوالي خمسة كيلومترات.
(هـ) زحل Saturn
وهو كوكب عملاق أيضاً ويتميز عن بقية الكواكب أو ربما الأجرام السماوية بوجود هالة حلقية لامعة تحيط به. ويبلغ قطره الاستوائي حوالي 119200 كيلومتر، ويعـادل حجمه 743.6 ضعف حجم الأرض، أمّا كتلته فهي تعادل 95.14 ضعف كتلة الأرض.
يدور هذا الكوكب في مدار شبه دائري وتستغرق دورته 29 سنة و166 يوماً، بسرعة يبلغ معدلها 9.65 كيلومترات/ ثانية. ويبعد عن الشمس عند الأوج حوالي 1506 مليون كيلومتر وعند الحضيض حوالي 1348 كيلومتر. ويميل محوره على محور مداره بزاوية مقدارها 26.7 درجة، وهو يشبه الأرض وتتمثل به أربعة فصول، يستغرق كل فصل سبع سنوات ونصف ويدور كذلك حول محوره مرة كل عشر ساعات وثمان وثلاثين دقيقة. ويبدو الكوكب عند رصده بشكل جميل ولون أصفر زاهٍ تحيط به ثلاث حلقات في مستوى دائرته الاستوائية، تبدو الدائرة الخارجية ذات لون رمادي تميل إلى البياض، والوسطى بيضاء، والداخلية لونها أزرق مائل إلى الرمادي. ويبدو وسط الكوكب ناصع البياض في حين تظهر الألوان البرتقالية في جنوبه ويتميز قطباه باللونين الأخضر والأصفر، وتتكون حلقات زحل الثلاث من الغبار الكوني وبللورات الأمونيا، ويبلغ القطر الخارجي للحلقة الخارجية حوالي 172 ألف كيلومتر والقطر الداخلي 240 ألف كيلومتر؛ وربما يكون أساس هذه الحلقات وجود توابع اقتربت من الشمس مسافة معينة فتهشمت وتفتتت وبقيت تدور في مدارات حول الكوكب على شكل حلقات.
وغلافه الجوي مكون من الأمونيا والميثان المتجمد، وتراوح درجة حرارته بين 110ـ150 درجة مئوية تحت الصفر، وللكوكب زحل عشرة توابع، يبعد أقربها عن زحل 159 ألف كيلومتر وأبعدها على مسافة 1.295 مليون كيلومتر.
(و) أورانوس Uranus
يُعد العملاق الثالث في مجموعة النظام الشمسي، وقد اكتشافه، سنة 1871م، الفلكي البريطاني السير وليام هرشل. ويبلغ قطره حوالي 47300 كيلومتر، وحجمه يعادل 47.1 ضعف حجم الأرض، وكتلته تعادل كتلة الأرض 145.2 مرة، وله حركة محورية من الشرق إلى الغرب (كـالزهرة) تستغرق 10 ساعات، 49 دقيقة. ويـدور حـول الشمس فـي مدار بيضـاوي ضيق بسرعة معدلها 6.8 كيلومترات/ثانية، ويتمها في مدة 84 سنة وأربعة أيام. ويبلغ بعـده عن الشمس في الأوج حوالي 3005.6 مليــون كيلومتر، وعند الحضيض حوالـي 2734.8 مليون كيلومتر.
ونتيجة لبعده عن الأرض فإنه يصعب ملاحظة المعالم على سطحه باستثناء بعض الأحزمة كأحزمة المشترى. ويتكون غلافه الجوي من الهيدروجين والهيليوم إضافة إلى الأمونيا والميثان. ودرجة حرارته منخفضة جداً إذ تبلغ 200 درجة مئوية تحت الصفر.
ويتبع كوكب أورانوس خمسة توابع (أقمار)، جميعها تدور حول الكوكب من الشرق إلى الغرب باتجاه حركته المحورية، وأقطارها تتفاوت بين 300 ـ 1100 كيلومتر، وأقربها يبعد عن الكوكب حوالي 130 ألف كيلومتر، وأبعدها يقع على مسافة تُقدر بنحو 586 ألف كيلومتر. وقد تم اكتشاف خمس حلقات رفيعة جداً حول أورانوس في سنة 1977، تشبه حلقات زحل، لا يزيد عرض أكبرها عن مائة كيلومتر، في حين لا يتجاوز عرض أصغرها عشرة كيلومترات.
(ز) نبتـون Neptune
ويعني إله البحر عند الإغريق، وتنبأ الفلكيون بوجود هذا الكوكب، الذي يقع مداره خارج مدار أورانوس، ذلك لتأثر مسار أورانوس واضطراب حركته، فاعتقد العلماء أن ذلك لابد أن يكون ناتجاً عن تأثير كوكب آخر. وفي سنة 1846م تمكن كل من الإنجليزي آدمز Adams والفرنسي ليفيرييه Leverrier من اكتشاف الكوكب الثامن نبتون. وتبلغ كتلة هذا الكوكب حوالي 17.25 ضعف كتلة الأرض، وحجمه 53.7 ضعف حجم الأرض، ويبلغ طول قطره 50 ألف كيلومتر. ويدور حول الشمس في مدار شبه دائري، لذلك فـإن أقصى بعـد له عن الشمس (في الأوج) يبلغ نحو 4535.9 مليون كيلومتر، ويصل أقل بُعد له (في الحضيض ) إلى نحو 4458.1 مليون كيلومتر. ويتم دورته حول الشمس في مدة طويلة تبلغ 164 سنة و289 يوماً، بسرعة 5.43 كيلومترات/ثانية.
ويُعتقد أن تركيب الغلاف الجوي لنبتون يشبه أغلفة المشترى وزحل وأورانوس، فله غلاف جوي كثيف يبلغ سمكه حوالي 3240 كيلومتراً، وهو مكون من الميثان ونسبة ضئيلة من غاز الأمونيا. ولكوكب نبتون تابعان: الأول تريتون Triton، ويعني حورية البحر، وهو أكبر من القمر التابع للأرض، إذ يبلغ قطره حوالي 4830 كيلومتراً، والثاني نريد Nereid، ويعني غول البحر، وهو صغير نسبياً ويبلغ قطره حوالي 320 كيلومتراً.
(ح) بلوتو Pluto
في فبراير سنة 1930 تمكن كلايد تومباغ Clyde Tombeugh من اكتشاف كوكب بلوتو بعد أن مكث علماء الفلك يبحثون عنه عشرات السنين، وكانوا قد تنبأوا بوجوده قبل اكتشافه بفترة طويلة، وذلك لتأثير جاذبيته على حركات كل من نبتون وأورانوس، فسمي الكوكب التاسع بلوتو (إله الجحيم عند الإغريق). وهو يدور حول الشمس في مدار بيضاوي ضيق نسبياً، وعلى بعد يُقدر بنحو 5910 كيلومترات، ويبلغ أقصى بعد له عن الشمس (عند الأوج) حوالي 7380 مليون كيلومتر، وأقل بعد له (عند الحضيض) حوالي 4440 مليون كيلومتر. ويتم دورته حول الشمس في مدة 247.4 سنة بسرعة تبلغ 4.73 كيلومترات/ثانية، ويتم دورته المحورية في 63.9 يوماً.
ولا تزال المعلومات عن كتلته وحجمه وكثافته غير دقيقة، وأفضل القياسات تدل على أن قطره يبلغ حوالي 6400 كيلومتر، وكتلته تبلغ 0.11 من كتلة الأرض، وسطح الكوكب مغطى بالميثان الثلجي.
(5) التوابع (الأقمار)
التوابع أو الأقمار عبارة عن كتل صخرية باردة تدور حول الكواكب بمدارات بيضاوية وعددها 34 قمراً. وليس لكل من عطارد والزهرة وبلوتو أقمار، بينما للأرض قمر واحد، وللمريخ قمران، وللمشترى 14 قمراً، ولزحل 10 أقمار، ولأورانوس خمسة أقمار، ونبتون قمران.
القمر
نظراً لقرب القمر من الأرض، ولتأثيره المباشر على حياة الإنسان، فقد احتل مركزاً هاماً في أفكار الشعوب وتخيلاتها، منذ بدء الحياة البشرية حتى عصر الفضاء الحالي، الذي وصل فيه الإنسان فعلاً إلى سطح القمر. وبوصول الإنسان إلى القمر أمكنه أن ينتقل في دراسته له من مرحلة الرصد البعيد إلى مرحلة الدراسة المبنية على الحس والمشاهدة. وقد كانت بداية هذا الانتقال هي الرحلة، التي قام بها اثنان من رواد الفضاء الأمريكيين في سفينة الفضاء أبوللو يوم 20 يوليه سنة 1960، فقد تجول هذان الرجلان (أرمسترونج وألوين) على سطح القمر، والتقطا كثيراً من الصور، وجمعا كثيراً من عينات الصخور والتربة، وفي 12 نوفمبر سنة 1970 قام رائدان آخران برحلة مشابهة في أبوللو 12، والتقطا المزيد من الصور، وجمعا المزيد من العينات. ومن ثم أصبحت المعلومات الخاصة به أكثر دقة وتفصيلاً.
ويميل بعض العلماء إلى الاعتقاد بأن القمر ليس مجرد تابع للأرض، وإنما هو كوكب قائم بذاته، وهو على كل حال أصغر حجماً منها بكثير حيث إن حجمه يعادل 2 % فقط من حجمها، ويبلغ طول قطره حوالي 3480 كيلومتراً أي أكثر قليلاً من ربع قطر الأرض، أي أن كتلة الأرض تعادل كتلته 81 مرة، كما أن جاذبيته تعادل سدس الجاذبية الأرضية، لذا فإن الشخص، الذي يسير أو يقف فوقه يشعر دائما بأنه خفيف جداً لدرجة أنه يستطيع أن يقفز إلى أعلى دون بذل أي مجهود. ويبلغ متوسط البعد بين القمر والأرض 263.6 كيلومتراً، يبلغ طول فلكه (مداره) حولها 2.4 مليون كيلومتر تقريباً.
تضاريس سطح القمر
من الممكن ـ حتى بالعين المجردة ـ أن يدرك المرء أن سطح القمر ليس كله ذات طبيعة واحدة، فبعض أجزائه تبدو داكنة وبعضها الآخر يبدو فاتحاً، كما توضح (صورة القمر). وقد ساعدت المناظير الفلكية المتقدمة ـ حتى قبل عصر الفضاء ـ على توضيح كثير من الحقائق الخاصة بسطح القمر بدرجة أمكن معها رسم بعض الخرائط له. وقد أظهرت هذه الخرائط ثلاثة أشكال رئيسية للتضاريس هي:
(أ) البحار
وهي عبارة عن مسطحات واسعة ليس بها ماء، ويبدو سطحها رمادياً داكناً، ويعزى ذلك إلى أن سطحها مغطى بطبقة من اللافا البازلتية والرماد البركاني الناعم، وتغطى كثيراً منها تربة هشة ناعمة من الرماد ومن فتات الصخور. وسمك هذه التربة كبير في بعض المواضع بحيث يصل إلى بضعة أمتار. وقد أطلقت على هذه البحار أسماء خاصة مثل البحر الهادي Tranquilitati Mare[1]، وبحر الأمطار Mare Imbrium وغيرها. ومعظمها أسماء يونانية قديمة وضعت منذ عهد جاليليو الذي كان له الفضل الأكبر في كشف كثير من مظاهر سطح القمر بعد اختراعه للمنظار المقرب (التليسكوب).
(ب) الجبـال
وهي المناطق المرتفعة، التي تفصل البحار عن بعضها، ويمتد بعضها على شكل سلاسل طويلة مرتفعة، بينما يظهر بعضها الآخر بشكل قمم بركانية منعزلة، وقد أعطيت لهذه الجبال أسماء، معظمها مأخوذ من أسماء جبال الأرض مثل جبال الألب وجبال الأبنين وغيرها. وعلى الرغم من أن بعض سلاسل هذه الجبال ترتفع عن البحار المجاورة لها بحوالي 6000 متر، إلاّ أنها لا تبدو واضحة للشخص الواقف على سطح القمر إلاّ إذا كان قريبا منها، أمّا إذا بعد عنها بنحو كيلومتر فإنه قد لا يدركها لأنها تكون مائلة مع الأفق بسبب صغر حجم القمر، وتبدو جبال القمر فاتحة اللون بالنسبة للبحار التي حولها.
(ج) الفوهات
وهي موجودة على سطح القمر بأعداد كبيرة جدا، ويقدر عددها ببضع مئات الآلاف، وهي تشبه فوهات البراكين، وبعضها فعلا فوهات بركانية، إلا أن أغلبها عبارة عن فجوات نتجت عن ارتطام النيازك والشهب بسطح القمر. وبعض الفوهات كبيرة الحجم جدا بحيث يصل قطرها إلى بضع عشرات من الكيلومترات. ومثل هذه الفوهات يمكن مشاهدتها وتصويرها من الأرض بالاستعانة بالمناظير المقربة. ومع ذلك فإن أغلب الفوهات صغيرة الحجم وكثير منها لا يزيد قطره عن بضعة أمتار.
نشأة القمر
كما هو الحال بالنسبة لنشأة الأرض، فإن نشأة القمر ما زالت هي الأخرى غير معروفة، على الرغم من وجود عدد من الافتراضات التي حاولت إلقاء بعض الضوء عليها. ومن أمثلة هذه الافتراضات، افتراض يقول بأن القمر نشأ نشأة مستقلة في نفس الوقت الذي نشأت فيه الأرض وبنفس الطريقة.
وثمة افتراض آخر هو أن القمر انفصل عن الأرض في المكان الذي يشغله حاليا القسم الشمالي من المحيط الهادي، وقد جاء بهذا الافتراض الفلكي جورج داروين سنة 1881، حيث قال إن هذا الانفصال قد حدث بسبب دوران الأرض حول نفسها عندما كانت لا تزال ملتهبة. إلاّ أن هذا الافتراض واجه كثيراً من النقد حتى فقد أهميته في الوقت الحاضر.
[1] Mare: كلمة لاتينية معناه "بحر"، وجمعها ماريا Maria.
ح. الكويكبات Asteroids
هي أجرام صغيرة تشبه الكواكب و تدور حول الشمس بمدارات اهليليجية، ويقع مدارها ما بين مدار المريخ ومدار المشترى وعلى بعد 2.8 وحدة فلكية. وأقطار هذه الأجرام تراوح بين 0.8 كيلومتر إلى 780 كيلومتر. ويبلغ عدد المكتشف منها حوالي 2000 كويكب، وربما يكون عدد هذه الكويكبات عشرة آلاف أو أكثر. وهناك عدة فرضيات عن أصل هذه الكويكبات منها: أن هذه الكويكبات كانت مادة لكوكب لم يكتمل فبقيت مفتتة. وفرضية أخرى تقول: إن الكويكبات كانت عدة كواكب كبيرة تفتتت نتيجة اصطدامها مع بعضها. وفرضية ثالثة تقول: إنها كانت في الأصل كوكباً واحدا يدور بين المريخ والمشترى، تحطم، وتهشم إلى قطع صغيرة نتيجة جاذبية المشترى. والكويكب في الأغلب مكون من مواد صخرية تشبه تركيب الكواكب الأرضية، وشكله غالبا غير منتظم والجاذبية على سطحه قليلة جداً أقل من جاذبية من أي كوكب آخر، ويُعد كوكب سيرس Ceres أكبر هذه الكويكبات حجماً إذا يبلغ قطره نحو 780 كيلومتراً.
(1) الشُهب والنيازك Meteors and Meteorites
الشهب أجسام صخرية أو معدنية تدور حول الشمس، وحجمها أصغر بكثير من حجم الكويكبات وبعضها لا يتجاوز قطره بضعة سنتيمترات، وبعضها كبير قد يصل وزنه إلى عشرات الألوف من الأطنان. وعندما تدخل هذه الأجسام الكرة الأرضية فإنها تسخن بسبب الاحتكاك مع الغلاف الجوي إلى أن تتأجج وتحترق في السماء وتسمى عندئذ شُهباً. أمّا لو بقى جزء من الجسم لم يحترق، ووصلت أجزاء منه سالمة إلى سطح الأرض، فإن ذلك الجسم الساقط المتأجج ُيعرف بالنيزك.
وقد شاهد الفلكيون بعض الشُهب، وقد احتلت لها مدارات مختلفة حول الشمس، منها الشُهب المعروفة باسم ليونيد Leonids، شاهدها العلماء سنة 1866 وهي تدور حول الشمس، واستغرقت الدورة الواحدة لها نحو 33.3 سنة. وتكررت تلك الملاحظة الفلكية عامي 1899، 1932.
ويمكن رؤية الشهب بمعدل شهاب واحد كل عشر دقائق، ويقدر بعضهم عدد الشهب، التي تظهر في السماء في اليوم الواحد بحوالي مليون شهاب، وفي بعض الأحيان يتساقط الآلاف منها في الساعة الواحدة، وتُعرف هذه الظاهرة باسم زخات الشهب Meteor Showers، وتضيف الشهب موارد هائلة من الغبار الدقيق للغلاف الجوي للكرة الأرضية قد يصل إلى حوالي 1000 طن في اليوم الواحد، ويمكن الكشف عن هذا الغبار في طبقات الجو العليا أو على ثلوج الأقطاب.
أمّا النيازك التي تسقط على سطح الأرض فتندفع بسرعة هائلة تبلغ سرعتها حوالي 50- 90 كيلومتراً/ ثانية، وعند اصطدامها بالسطح تغور للأسفل إلى أعماق كبيرة ثم تنفجر، وتتناثر شظاياها، وتشكل حفراً ضخمة تُعرف بالحفر البركانية أو النيزكية. وبعض النيازك كبير الحجم قد يصل وزنه إلى 100 طن، وعند فحص بقايا النيازك الموجودة في المتاحف ظهر أنها تحتوى على بعض المواد المشعة، وأنها تكونت منذ 4500 مليون سنة، وهذا يدعو إلى الاعتقاد بأنه عمر المجموعة الشمسية. وبعد أن حللت مركباتها تبين أن قسما منها معدني مكون من الحديد والنيكل، وقسم آخر صخري مكون من صخور تشبه صخور القشرة الأرضية.
وبعض النيازك التي سقطت على الأرض ضخمة جداً، يصل وزنها إلى آلاف الأطنان مثل النيزك، الذي سقط في ولاية أريزونا الأمريكية وكون حفرة ضخمة، قطرها 1260 مترا وعمقها 175 مترا قبل خمسة آلاف سنة. وسقط على سيبيريا سنة 1908 نيزك ضخم، أحدث هزة أرضية ودوياً عظيماً، وحرق أجزاء كبيرة من الغابات، ودمر مساحة قطرها 90 كيلومتراً. كما سقط نيزك آخر إلى الشرق من سيبيريا في سنة 1947، وسقط نيزك في كينيا سنة 1946 فدمر قرى بأكملها.
والشهب والنيازك بقايا أجزاء صغيرة من الكويكبات، أو أجزاء نتجت عن اصطدامات الكواكب عند بدء تكوينها. ويعتقد بعضهم أن لها علاقة وثيقة بالمذنبات إذ إن بعضها ناتج عن تحطيم ذيول المذنبات، عندما تقترب من الأرض، وتسبب وابلا أو زخات من الشهب.
(2) المذنبات Cometes
هي أجسام سماوية تتألف من رأس لامع، يبدو كالنجم، محوط بهالة كالشعر كما توضح (صورة مجموعة من المذنبات)، ويمتد من جسمها لسان أو ذيل طويل، وتدور حول الشمس في مدارات مختلفة وبسرعة هائلة. وكان القدماء يعتقدون أنها ظواهر تحدث في الغلاف الجوي للأرض، فأحاطوها بدلالات خاصة ـ في رأى المنجمين ـ على أنها تدل على الشؤم. وظل هذا الاعتقاد سائدا إلى القرن السادس عشر، عندما بين كل من تايخو بريه وكبلر أنها أجرام سماوية تتحرك حول الشمس. وفي القرن السابع عشر، استطاع إيدمون هــالي E. Halleyأن يبرهن أن المذنبات هي أحد أعضاء المجموعة الشمسية. وحدد المذنب هالي Halley, s Comet، الذي ظهر سنة 1682، أنه المذنب نفسه، الذي ظهر سنة 1607، وتُنُبِّئ بظهوره مرة أخرى سنة 1759، وهذا ما حدث فعلا، ثم توالى ظهوره مرة كل 76 سنة تقريباً هي مدة دورته حول الشمس. ويتكون الرأس عادة من مواد صلبة هي مزيج من صخور نيزكية، وبلورات ثلجية، ومركبات الهيدروجين المتجمدة، وتكون الغازات المتبخرة من الرأس الهالة التي تظهر كالشعر، فعندما يكون المذنب بعيداً عن الشمس لا تظهر الهالة، بينما تظهر بوضوح عند اقترابه من الشمس نتيجة تبخر الغازات. وحجم الرأس ضخم، أضخم من حجم الأرض بعشرات المرات، ولكن كتلتها أقل من كتلة الأرض بملايين المرات.
ويتشكل الذنب من الغازات التي تتحلل وتتبخر من الرأس، وبتأثير انسياب المواد من الشمس أو ما يعرف باسم الرياح الشمسية Solar Wind تندفع الغازات المنحلة من الرأس بالاتجاه المعاكس لموقع الشمس على شكل ذنب أو لسان طويل، يمتد على هيئة خط مستقيم. وقد يصل طوله إلى ملايين الكيلومترات، ويبلغ طول مذنب هالي حوالي 110 مليون كيلومتر، كما توضح (صورة المذنب هالي).
وتدور المذنبات حول الشمس في مدارات مختلفة، فبعضها يدور حول الشمس بمدار بيضاوي ضيق وطويل جداً تحتل الشمس إحدى بؤرتيه، كما يوضح (شكل مدار المذنبات)، لذا فإن المذنب من هذا النوع لا يُرى إلاّ عندما يصبح عند الحضيض؛ أي عندما يصبح على أقرب مسافة من الشمس ومن الأرض، فيرى بالعين المجردة، ومن أمثلة ذلك المذنب هالي، ومذنب مور هاوس Morehouse, s Comet الذي شُوهد سنة 1908.
ويعتقد أنه توجد عدة آلاف من المذنبات تقع بين مجموعة النظام الشمسي ومنتصف المسافة بين الأرض وأقرب النجوم إليها، وقد تكونت المذنبات من السحب السديمية فتنجذب نحو الشمس عندما تصبح في نطاق جاذبية الشمس، وبعضها يبعد عن نطاق جاذبية الشمس فيتحول مداره إلى مدار غير مغلق، ويسبح مبتعداً في الفضاء. وهو ما حدث مع المذنب كوهوتيك، الذي بدأ يقترب من جسم الشمس يوم 28 ديسمبر 1973، ودخل حقولها الكهرومغناطيسية ـ أي على بعد 21 مليون كيلومتر من الشمس ـ يوم 10 يناير 1974، وبدلاً من أن يخرج عن جاذبية الشمس ويستدير ليبعد عنها، تأثر جسم المذنب بجاذبية الشمس وتشتت أجزائه وذهبت إلى العدم كميات كبيرة من لمعانه. وهكذا انتهى ألمع وأبهر مذنب في الفضاء في العصر الحديث.
ويظهر عادة مذنب لامع كبير مرة كل عشر سنوات، ومن الجدير بالذكر أن بعض الفلكيين في الماضي توقعوا اصطدام بعض المذنبات بالأرض، ويمكن أن يحدث مرور أحد أذناب المذنب على الأرض ويسبب وابلا من الشهب أو النيازك، كما حدث في عامي 1861، 1910.