القيودالتي يعاني منها الانسان :
الحياة لا تخلو من القيود التي تحول ما بين وصول المرء إلى هدفه بأقصر الطرق وأيسرها، وتضطره لاخيار طرق وعرة أحيانا من أجل الوصول إلى مبتغاه ليشعر بالإنتصار والنجاح.
قيود الأنظمة، قيود الدين، قيود الأخلاق، قيود المجتمع، وحتى قيود الجغرافيا والطقس والصحة وغيرها، فجميعها أسباب معيقة أحيانا، قد تكون منها ضرورية لمصلحة الإنسان ومن حوله، وقد تكون مجرد لوائح تخدم فئة من الناس دون غيرهم، وقد تكون مجرد اجتهاد غير ناجح أريد به تحيق منفعة أو تفادي مشكلة متوقعة نتيجة حسابات خاطئة.
لو فكرنا قليلا في معظم المشكلات التي يعيشها الانسان اليوم لوجدنا أن معظم القيود التي تزيد من مشاكله العصيبة مجرد أفكار خاطئة ومعيقة يتشربها من هنا أو هناك دون وعي أو محاولة لوزنها بميزان العقل والمنطق قبل تقلدها وبثها في رؤوس أخرى كمرض خبيث يقتل الحياة الصحية ويشوهها.
العنصرية مثلا .. مجرد فكرة تعكس مدى نظرة المرء لنفسه ولمن حوله وقياسه اللا منطقي لحالة الأفضل والأسوأ من منطلق العرق واللون والشكل واللغة وربما الدين والمذهب، وعلى أساس هذه النظرة تتكون العلاقات وتعقد المصالح وتتقطع أوصال وأواصر، وعلى أساسها تختزل المنفعة لصالح فئة دون سواها، فتتعطل العدالة وقانون الأخذ مقابل الجهد، ويظهر التمزق المجتمعي ونزعة الانتقاص تقابلها نوازع الكراهية والغضب وحب الانتقام، مما يؤدي إلى الكثير من النتائج السلبية والمخيفة التي لن تستطيع النمو والتفاقم لولا وجود تلك الأفكار الخاطئة المغذية لها.
تخيل الحياة لو لم تكن هناك نظرة دونية لفئة دون أخرى، لو أن تقييمك لمن أمامك يعتمد على خلقه ودينه وليس على لونه او شكله أو حالته المادية مثلا. حاول أن تقيم الأمور وتنظر إليها بحياد وتجرد من تلك الأفكار البالية التي تشربتها على مدار السنين، فحين ترى عامل نظافة تحترم قيمة عمله التي تجعل بيئتك نظيفة، بصرف النظر عن قيمة أجره الزهيدة التي تبقيه فقيرا بثياب رثة تحملك على احتقاره او الاستخفاف بشأنه، تعود أن ترى في الآخرين قيمة الإنسان الذي فضله الله على جميع خلقه، ووضع فيه من روحه، وأنشأه من ذات المادة التي نشأت منها حيث لا تفضل عنه بشيء إذا ما قورنتما من حيث الخصائص الطبيعية التي تشكل كلاكما منها.
تعلم أن تتخلص من الأفكار المعيقة، المعادية للحياة، التي لا ترجع إلى دين أو أمر مقدس، فالكون هبة الخالق للمخلوق، أوجده فيه ليعمره ويسير فيه ويخلق العلاقات الطيبة مع أهله لا أن يعاديهم أو يختلق معهم الخلافات التي تحجزه عنهم وتمنعهم من التواصل معه، فبالتواصل تتفاعل الأفكار وترتقي وتصقل وتزداد المعرفة وينمو العقل ويتسع الأفق.
فما أنت إلا جرم صغير أيها الإنسان في كون لا منتهى له، فارتق بعقلك وفكرك لتصبح حياتك أسهل وأجمل.