ملحق
بعض بنود اتفاقية 30 يناير 1866
أولاً ـ سيادة مصر على القناة
البند الأول
تحتل الحكومة المصرية في حدود الأراضي المحتفظ بها كملحقات للقناة البحرية جميع المراكز والنقط الإستراتيجية التي تراها لازمة للدفاع عن البلاد. ويجب ألا يعرقل هذا الاحتلال سير الملاحة، وأن تحترم حقوق الارتفاق المرتبة على شواطئ القناة.
البند الثاني
للحكومة المصرية أيضاً ـ مع مراعاة هاذ التحفظ ـ أن تحتل من أجل مصالحها الإدارية (كالبريد والجمارك والثكنات .. إلخ) جميع المناطق الخالية التي تراها مناسبة لذلك مع عدم الإخلال بضرورات استغلال الشركة لمرافقها.
وعلى الحكومة ـ عند الاقتضاء ـ أن تدفع للشركة المبالغ التي تكون هذه الأخيرة قد أنفقتها في سبيل إنشاء أو تملك الأراضي التي ترغب الحكومة في الاستيلاء عليها.
البند الثالث ـ فقرة أولى
تحقيقاً لصالح التجارة والصناعة ونجاح استغلال القناة يجوز لكل من أراد من الأفراد أن يستوطن إما على طول القناة، أو في المدن المنشأة على مجراها، وذلك لقاء حصوله مقدماً على تصريح بذلك من الحكومة وخضوعه للوائح الإدارية والبلدية التي تضعها السلطة المحلية، وخضوعه لقوانين البلاد المصرية وعاداتها وللضرائب التي تفرض فيها. وهذا مع استثناء حافة القناة وشواطئها وجسورها التي يجب أن تظل مفتوحة للملاحة طبقاً للوائح التي تنظم استخدامها لهذا الغرض.
ثانياً ـ الحكومة المصرية تسترد ترعة المياه العذبة
البند الرابع
تتسلم الحكومة المصرية ترعة المياه العذبة والأعمال الهندسية والمنشأة عليها والأراضي التابعة لها عندما ترى الشركة إمكان تسليم تلك الترعة في الظروف التي سبق الاتفاق عليها.
ويتم هذا التسليم، الذي يترتب عليه استلام الحكومة المصرية للترعة، بحضور مهندسي الحكومة ومهندسي الشركة ويثبت في محضر .. إلخ.
البند الخامس
بمجرد تسليم الترعة تحوز الحكومة المصرية حق التمتع بها وأيضاً حق إنشاء مآخذ المياه عليها.
وللشركة من جهتها أن تحتفظ طوال مدة أعمال إنشاء القناة البحرية، وعند الضرورة، حتى آخر عام 1869 بالحق في تسيير خطوط قاطرات من ذوات الرفاص أو قاطرات لسحب المراكب على الترعة العذبة لزوم عمليات النقل الخاصة بها وبمقاوليها، كما يكون لها وحدها استغلال نقل البضائع فيما بين بور سعيد والسويس وبالعكس.
وبعد انقضاء سنة 1869 تعود الشركة إلى الخضوع للقانون العام فيما يختص باستعمال الترعة العذبة وذلك بالشروط السابق الاتفاق عليها.
ويصير التنازل للحكومة المصرية عن السفن التي تبنيها الشركة لزوم خدمة مصالحها في الترعة العذبة في المسافة بين الزقازيق والسويس، ويكون ذلك على أساس قيمة التكاليف فقط. وأما السفن وتوابعها التي تحتاج إليها الشركة خلال المدة المبينة أعلاه، فتؤجرها لها الحكومة بإيجار شهري قدره خمسة في المائة من رأس المال المدفوع.
ويلاحظ أن فرمان 5 يناير 1856 كان قد ملّك الشركة تلك الترعة، بل وكان قد أجاز لها أن تبيع الماء اللازم لري أراضي الفلاحين المصريين، وتحصل منهم ثمنه، وفق ما تفرض هي. وقد نجح إسماعيل في القضاء على هذه الفوضى ولو بدفعه لتعويض جسيم قضى به نابليون الثالث، في حكمه العجيب.
ثالثاً ـ شراء الحكومة المصرية لتفتيش الوادي
تبلغ مساحة تفتيش الوادي عشرة آلاف هكتار أي حوالي أربعة وعشرين ألفاً من الأفدنة، وهو يقع على بعد خمسين كيلومتراً غرب الإسماعيلية، وفي المسافة بينها وبين القاهرة، وكان قد أنشأه الخالد الذكر محمد علي الكبير وأسكن فيه خمسة عشر ألف نسمة لزراعته واستغلاله، وقد انتهى هذا التفتيش إلى يد المغفور له سعيد باشا، فكان من حسناته وهباته التي أعطاها لدي لسبس أن تنازل عن التفتيش في سنة 1861 لقمة سهلة ولقاء ثمن بخس، بضع فرنكات لكل فدان. وبيّت دي لسبس نية خبيثة بهذا التملك إذ أراد أن يجعل من التفتيش نواة لمستعمرة فرنسية توّسع في صحراء الشرقية، ويكون ذلك بمثابة نقطة ارتكاز للسيطرة التامة على القناة. فعلاً شرع الفرنسيون من رجال دي لسبس في غرس التفتيش وتعميره على نطاق واسع، ولكي يشن دي لسبس حرب أعصاب ضد مصر، استقدم الأمير عبدالقادر الجزائري وهيأ له محل إقامة في صميم هذا التفتيش، واضعاً تحت تصرفه ما يقرب من ستمائة فدان، ولما احتدم الصراع بينه وبين إسماعيل روجت معامل الدعاية أن عبدالقادر هو الذي نيط به استلام الأراضي تنفيذاً لحكم نابليون الثالث، وذلك نيابة عن الشركة، وقصد الدعاة أن يقولوا أن هذا أمير عربي تستطيع فرنسا أن تضعه على عرش مصر.
ولكن عبدالقادر المسكين الذي سبق له أن حارب فرنسا في الجزائر واستغله دي لسبس ليستطيع في ظله أن يسوس البدو العاملين في مشروع القناة، نقول عبدالقادر هذا كان كالحمل الوديع، ولم يفطن لمناورات دي لسبس ومؤامرته. ولذلك لما ظهر استياء إسماعيل من وجود عبدالقادر هذا سافر الرجل إلى سورية.
ولقد كان إسماعيل على حق إذ رأى في تملك شركة القناة للتفتيش وكراً يخفي مآرب خبيثة، لا تؤمن عواقبها، ولذلك سداً لهذه الثغرة أصر على أن يأخذ التفتيش وينتزعه من يد شركة القناة، وسوى هذه المسألة في البند السادس من اتفاق 30 يناير سنة 1866 وهذا نصه:
"تبيع الشركة للحكومة المصرية تفتيش الوادي بالحالة التي هو عليها الآن، وكذلك ما يتبعه من مبان وملحقات نظير ثمن قدره عشرة ملايين من الفرنكات".
وقد بيّن البند السابع من ذلك الاتفاق أقسام التعويض؛ ووقع الاتفاق بالنيابة عن الحكومة المصرية نوبار باشا، وكذلك وقعه دي لسبس.
................................
ملحق
اتفاقية 22 فبراير 1866
شكلت اللجنة المختلطة، التي نيط بها تعيين الأراضي اللازمة للمشروع واشترك فيها مندوبون من قِبل الإنجليز، وكذلك مندوب عينه فرديناند دي لسبس، وبعد أن أخذ ورد انتهت اللجنة بتحديد مساحة خمسين ألف هكتار أي حوالي مائة وعشرين ألف فدان، قالت إنها ضرورية للمشروع واعتبرت ذلك تحديداً للأراضي التي تناولها قرار التحكيم الصادر من نابليون الثالث. ورأى دي ليسبس أنه فاز في المعركة بهذه الصفقة، علاوة على فوزه بالتعويضات وما إلى ذلك.
ولما كان اتفاق 30 يناير سنة 1866 وثيقة يجب أن تكمل بما استجد بعد ذلك، صلُفّي الموضوع جملة وتفصيلاً في وثيقة نهائية بتاريخ 22 فبراير سنة 1866 وهي الوثيقة التي صادق عليها السلطان العثماني في 19 مارس سنة 1866.
وقد وقع إسماعيل بنفسه في عاصمة ملكه، اتفاقية 22 فبراير سنة 1866. ونبادر فنأخذ عليها أنها بدأت بمقدمة أشارت إلى فرمان 30 نوفمبر سنة 1854 ووصفته بأنه عقد الامتياز الأول وأنه عقد مؤقت، وأشارت إلى عقد الامتياز الثاني وهو فرمان 5 يناير سنة 1856 وإلى لائحة 20 يوليه سنة 1856 الخاصة باستخدام الفلاحين المصريين في حفر قناة السويس، كما استرسلت المقدمة فعددت الخطوات التالية، وإن تكن قد خلت من ذكر حكم نابليون الثالث. ولم يكن ثمة ما يمنع من ذكر هذا على أن يردف بنصوص صريحة تلغي ما صدر عن المرحوم سعيد باشا وتعتبره كأن لم يكن. ولكن يظهر أن الحالة الواقعية، وكون أعمال حفر القناة قد جرت فعلاً، وما كان يمكن تجاهل الواقع، تلك الحالة هي التي اقتضت هذه الصيغة، مع ملاحظة أن البنود التي وردت في الاتفاقية الأخيرة قد ألغت الكثير من شروط سعيد باشا، ومع ملاحظة أن هذه الاتفاقية الأخيرة هي التي صادق عليها الباب العالي. وقد صححت هذه الاتفاقية البطلان الذي كان قد لازم وجود شركة قناة السويس إذ جعلت هذه الشركة طرفاً في الاتفاق يتعاقد مع خديو مصر، وناب عنها في هذا التعاقد فرنديناند دي لسبس.
وردت في هذه المقدمة فقرة هامة قالت ما نصه "وطبقاً لعقد الامتياز المؤرخ في 5 يناير سنة 1856 التمس من الباب العالي إعطاء تصديقه على امتياز مشروع القناة، وقد أعرب الباب العالي بمذكرته المؤرخة في 6 أبريل سنة 1863 عن الشروط التي يخضع لها هذا التصديق. ورغبه في تلبية طلبات الباب العالي بهذا الصدد تم التفاهم بين الوالي والشركة على عقد هذه الاتفاقية ..".
وتجاهلت هذه الديباجة الخلاف الذي أثاره إسماعيل والصراع الذي نشب في السنوات الماضية. ولكن النص المتقدم الذي يوثّق عبثاً، يفيد بوجه قاطع أن هذه الاتفاقية الأخيرة، إنما أبرمت في نطاق ما جاء في مذكرة الباب العالي للدول وهي المذكرة المؤرخة في أبريل سنة 1863، والتي تقدمت الإشارة إليها، وقد جاء فيها أن تركيا لا تمانع في خفرة القناة، وهناك فرق بين القول أنها لا تعترض على العملية في ذاتها، وبين الموافقة على حفر القناة بمعرفة شركة ما، وبغضِّ النظر عن هذه المغالطة التي وردت في مقدمة ديباجة اتفاق 22 فبراير سنة 1866، جدير بنا أن ننبه إلى أن مذكرة تركيا التي وجهتها للدول في 6 أبريل سنة 1863 والتي جعلتها الاتفاقية الأخيرة ضمن أسانيدها الجوهرية، قد أوردت شروطاً ثلاثة هي:
النص صراحة على حياد القناة.
تحريم السخرة تحريماً باتاً.
عدم المساس بملكية الحكومة المصرية لترعة المياه العذبة والأراضي المجاورة لها وكذلك تلك التي تجاور قناة الملاحة الكبرى.
وقال الباب العالي في مذكرته أنه متى سُلِّم بتلك الشروط، فإنه سيدرس بمزيد من الاهتمام باقي شروط العقد.
" perendre en serieuse consideration chacun des autres articles des projets' "
تفيد ديباجة الاتفاقية الأخيرة إذاً أن الشركة كانت مُسلِّمة بحق الباب العالي في المصادقة على الاتفاق الأول، وكذلك بالأُسُس التي وضعها، فما المعنى إذاً للتعويضات التي فرضها نابليون الثالث؟ أليس هذا تناقضاً ظاهراً يجعل مركز قناة السويس محَّرجاً في اتفاقية 22 فبراير سنة 1866، كما كان محرِّجاً قبل هذه الاتفاقية وبعدها.
أما بنود اتفاقية 22 فبراير سنة 1866 فتتلخص فيما يأتي:
1. قضى البند الأول على السخرة فألغى اللائحة الصادرة في 20 يوليه سنة 1856 والخاصة باستخدام أربعة أخماس العمال من المصريين وذلك في مقابل تعويض قدره 38 مليون من الفرنكات.
وجاء بالفقرة الثالثة من البند الأول "ويكون للشركة منذ الآن أن تستحضر العمال اللازمين للمشروع في نطاق مبادئ القانون العام وبدون أي امتياز أو عائق.
ومفهوم ذلك أن الشركة حصلت على مبلغ التعويض لكي تنزل على حكم القانون العام وتراعي أصوله التي تحرم السخرة؛ وعجيب أن تقبض شركة مبلغاً جسيماً كي تقلع عن المطالبة بمنكر وأن يقضي بهذا التعويض إمبراطور دولة تقول أنها مصدر الفقه والتشريع!!
2. تنازلت الشركة عن امتيازاتها التي وردت في البندين 7 و8 من فرمان 30 نوفمبر سنة 1854 أي عن ترعة المياه العذبة والأراضي التي أرادت أن تضع يدها عليها وكذلك عن الامتيازات الواردة في بنود 10 و11 و12 من فرمان 5 يناير سنة 1856 وهي الخاصة باستغلال جميع الأراضي الغير مملوكة للأفراد، ونزع ملكية أراضي الأفراد لمصلحة الشركة، فقضى هذا البند على لون من النهب لا مثيل له في مضمار التعاقد في أي بلد. وكانت الأراضي غير محددة، فجاءت الفقرة الثانية من البند الثاني وذكرت ما نصه " وقد تم الاتفاق على تحديد مساحة الأراضي القابلة للري، والممنوحة للشركة بموجب العقدين المذكورين الصادرين في سنة 1854 وسنة 1856 التي أُعيدت للحكومة بما مقداره 63 ألف هكتار (أي ما يزيد على مساحة قدرها 120 ألف فدان) يخصم منها 3000 هكتار الداخلة ضمن مساحة الأماكن المخصصة لضرورات استغلال القناة البحرية.
وفرض البند الثالث التعويض عن ذلك بمبلغ 30 مليون من الفرنكات فكأن إسماعيل قد اشترى لمصر الأراضي الطائلة التي نهبتها أو حاولت أن تنهبها شركة قناة السويس ودفع عن ذلك مبلغاً كان من ضمن المبالغ التي أثقلت كاهل خزانته؛ ولكن حسناً فعل لأن ما استرده إسماعيل لا يعوض بمال.
وجاء البند الرابع من هذه الاتفاقية التي لم تترك للشركة إلى مساحة ثلاثة آلاف هكتار فحرم على الشركة أن تستعمل الأرض في غرض آخر غير مقتضيات الملاحة وإدارة الملاحة ومنع تهايل الرمال في القناة. وحرم على الشركة المضاربة والاستغلال العقاري إذ قال (يجب ألا يعطى للشركة شيء يزيد على ما يكفي لتحقيق الأغراض المبينة أعلاه فليس من حقها أن تطمع في الحصول على أية مساحة أخرى من الأراضي بقصد المضاربة بأثمانها فيما بعد، سواء أكان غرضها هو تخصيصها للزراعة أو لإقامة المباني عليها أو لبيعها للأهالي عندما يتكاثر عددهم في هذه المناطق).
وحددت الاتفاقية القدر من الأرض الذي ترك للشركة بخريطة واضحة وقعها الطرفان.
3. قضى البند الخامس بأن ترد الشكر للحكومة المصرية الجزء الثاني من ترعة المياه العذبة الواقع بين الوادي والإسماعيلية والسويس، كما وردت من قبل بموجب اتفاق 18 مارس سنة 1863 الجزء الأول من هذه الترعة الممتد من القاهرة إلى تفتيش الوادي وألزم الشركة بإتمام ما كان متبقياً من الأ‘مال حتى تصبح الترعة بين الإسماعيلية والسويس بالأبعاد المتفق عليها وصالحة لقبول المياه فيها، ومع تسلم الحكومة عدا الترعة العذبة الأعمال الهندسية المنشأة عليها والأراضي التابعة لها، وجعل الحكومة المصرية مسؤولة وحدها عن صيانة الترعة، وذلك لكفِّ يد الشركة عن المساس بمفرق عام، وبدلاً من أن الشركة كان لها في فرمان سنة 1856 أن تبيع الماء للفلاحين المصريين تقرر أن تنال الشركة من المياه سبعين ألف متر مكعب في اليوم بقصد استعمال الأهالي المقيمين على طول القناة البحرية وري الحدائق وتشغيل الآلات المخصصة لصيانة القناة ولتموين السفن التي تمر بالقناة.
وأجاز البند السادس للشركة، على سبيل الارتفاق المرور في الأراضي التي ستمر فيها المياه بقصد وضع الأنابيب اللازمة لأخذ السبعين ألف متر مكعب من المياه.
وأما البند السابع فقد جعل القناة بعد استلامها حقاً كاملاً للحكومة المصرية، ولا تشاركها الشركة فيه بأية حال. وقد جاء فيه ما نصه "وبعد انقضاء سنة 1869 تعود الشركة إلى الخضوع للقانون العام فيما يختص باستعمال الترعة العذبة ولن يكون لها من حقوق على هذه الترعة إلا بقدر ما للرعايا المصريين من حق التمتع على ألا تخضع مراكبها وسفنها لأي رسم من رسوم الملاحة".
"ولن يكون للشركة حق بيع مآخذ للمياه أو تحصيل رسوم على الملاحة أو إرشاد السفن أو جرها أو سحبها أو وقوفها كما كان ممنوحاً لها على ترعة المياه العذبة بموجب البندين 8 و17 من عقد امتياز 5 يناير سنة 1856".
وجاء في هذا البند كذلك نص خاص بتنازل الشركة للحكومة المصرية عن السفن وهو مكمل لما جاء في اتفاق 30 يناير سنة 1866
4. وجاء في البند الثامن "تدفع الحكومة المصرية للشركة التعويض الإجمالي وقدره 84 مليون فرنكاً مضافاً إليه باقي ثمن أسهم الحكومة في حالة ما إذا طلبت الشركة دفعات من الاكتتاب في بحر هذه السنة، وكذا مبلغ العشرة ملايين فرنك ثمن بيع تفتيش الوادي وذلك طبقاً للكشف المحرر بهذا الخصوص والموقع عليه والمرفق بهذه الاتفاقية.
5. وفرض إسماعيل رحمه الله، سيادة الدولة المصرية على القناة البحرية وملحقاتها بنص البند التاسع من الاتفاق وهو:
"تظل القناة البحرية وجميع ملحقاتها خاضعة لرقابة البوليس المصري التي تباشر فيها بكامل الحرية، على نحو ما تجري هذه الرقابة في سائر أنحاء البلاد بحيث يضمن النظام والأمن العام ونفاذ قوانين الدولة ولوائحها.
وبكون للحكومة المصرية حق المرور عبر القناة البحرية في النقط التي تراها ضرورية وذلك من أجل مواصلاتها الخاصة ومن أجل حرية التجارة ومرور الجمهور، وذلك دون أن يكون للشركة حق تحصيل شيء من رسوم المرور أو الاتاوات الأخرى لأي سبب من الأسباب".
6. والبنود العاشر والحادي عشر والثاني عشر كلها تعزز سيادة الدولة على القناة وملحقاتها وهي تكرار لما جاء في اتفاق 30 يناير سنة 1866.
7. وذكر البند الثالث عشر أن "من المتفق عليه أن إنشاء نظم الجمارك لن يكون من شأنه المساس في شيء بالإعفاءات الجمركية التي يجب أن يتمتع بها مرور البضائع الترانسيت بالسفن من مختلف الجنسيات بدون تفريق أو تمييز أو محاباة فيما يختص بالأشخاص أو الجنسيات".
ومسألة الجمارك والإعفاءات أمر يتعلق بسيادة الدولة ونظمها المالية ولا شأن به لشركة القناة؛ ولذلك لا يجوز أن يقحم أمر كهذا في عقد إداري كعقد شركة قناة السويس؛ وسندلل في الجزء الرابع من الكتاب على بطلان هذا البند.
8. وأعطى البند الرابع عشر للحكومة "من أجل ضمان تنفيذ الاتفاقات المتبادلة بينها وبين الشركة بأمانة" ـ الحق في أن تعين على نفقتها قوامسيرا لدى الشركة وفي محل العمل.
شركة قناة السويس مصرية
وخاضعة لقوانين الدولة المصرية
9. هذا هو نص البند السادس عشر "بما أن الشركة العالمية (1) لقناة السويس البحرية هي شركة مصرية فهي خاضعة لقوانين البلاد وعاداتها.
إلا أنه فيما يتعلق بإنشائها كشركة وبالعلاقات بين الشركاء فهي طبقاً لاتفاق خاص تخضع للقوانين التي تنظم الشركات المساهمة في فرنسا.
ومن المتفق عليه أن جميع المنازعات التي تنشأ عن ذلك يفصل فيها في فرنسا بمعرفة محكمين ويكون الاستئناف عن طريق التحكيم أيضاً أمام محكمة استئناف الإمبراطورية بباريس".
"أما المنازعات التي تنشأ في مصر بين الشركة والأفراد من أنه جنسية كانوا فتختص بالفصل في المنازعات التي قد تنشأ بين الحكومة المصرية والشركة، ويقضي فيها طبقاً لقوانين البلاد المصرية".
"والعمال والأشخاص الآخرون التابعون لإدارة الشركة يحاكمون أمام المحاكم المصرية وطبقاً للقوانين المصرية وللمعاهدات وذلك عن جميع المخالفات والمنازعات التي يكون أطرافها أو أحدهم وطنياً أما إذا كان جميع المتنازعين من الأجانب فيقضي فيها طبقاً لقواعدهم المرعية".
"وجميع الإعلانات والأوراق القضائية التي توجه للشركة من أحد ذوي الشأن في مصر تكون قانونية متى أرسلت إلى مقر إدارة الشركة بالإسكندرية".
.....................................
ملحق
اتفاقيــــة القسطنطينية
29 أكتوبر عام 1888
بشأن ضمان حرية استعمال قناة السويس البحرية
إن جلالة ملكة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا وإمبراطورة الهند، وجلالة إمبراطور ألمانيا وملك بروسيا، وجلالة إمبراطور النمسا وملك بوهيميا وملك المجر الرسولى، وملك أسبانيا النائبة عن الملكة الوصية على العرش، ورئيس الجمهورية الفرنسية، وجلالة ملك إيطاليا، وجلالة ملك الأراضي المنخفضة ودوق لوكسمبرج، وجلالة إمبراطور سائر الروسيين، وجلالة إمبراطور العثمانيين، رغبة منهم في أن يقروا بصك اتفاقي، نظاماً نهائياً يضمن في كل وقت ولجميع الدول، حرية استخدام قناة السويس البحرية، ويكمل أيضاً النظام الذي خضعت له الملاحة بمقتضى فرمان جلالة السلطان المؤرخ في 22 فبراير سنة 1866م، الموافق (2 من ذي القعدة سنة 1282هـ) والمصدق على الامتيازات الصادرة من سمو الخديو، قد عينوا مندوبيهم المفوضين وهم:
(أسماء مندوبي كل دولة)
المادة الأولى: تكون قناة السويس البحرية على الدوام حرة مفتوحة سواء في وقت الحرب أو في وقت السلم، لكل سفينة تجارية أو حربية دون تمييز لجنسيتها.
وعليه اتفقت الدول السامية المتعاقدة على ألا تمس بأي شكل حرية استخدام القناة، سواء في وقت الحرب أو في وقت السلم.
ولا تخضع القناة أبداً لمباشرة حق الحصر.
المادة الثانية: إن الدول السامية المتعاقدة، اعترافاً منها بأن قناة المياه العذبة لا غنى عنها للقناة البحرية. تسجل التزامات سمو الخديوي تجاه الشركة العالمية لقناة السويس فيما يختص بقناة المياه العذبة، وهي الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق المؤرخ في 18 مارس سنة 1863م الذي يشمل بياناً وأربع مواد، وتلتزم بالا تمس بأي شكل سلامة القناة وفروعها التي لا يجوز أن تكون مهمتها محلا لأي محاولة لتعطيلها.
المادة الثالثة: وكذلك تلتزم الدول السامية المتعاقدة باحترام أدوات ومؤسسات ومباني وأشغال القناة البحرية وقناة المياه العذبة.
المادة الرابعة: لما كانت القناة البحرية تظل مفتوحة في وقت الحرب كممر حر حتى للسفن الحربية التابعة للمحاربين، تطبيقاً للمادة الأولى من المعاهدة الحالية، فقد اتفقت الدول السامية المتعاقدة على أن أي حق حربي أو أي عمل عدائي أو أي عمل يكون الغرض منه تعطيل حرية الملاحة بالقناة لا يجوز مباشرته داخل القناة ومواني مدخليها، وكذلك داخل مسافة ثلاثة أميال بحرية من هذه المواني، حتى لو كانت الإمبراطورية العثمانية إحدى الدول المتحاربة.
ولا يجوز للسفن الحربية التابعة للمحاربين أن تتزود أو تتمون داخل القناة، ومواني مدخليها إلا للحد الضروري جداً ويتم عبور السفن بالقناة في أقصر مدة تطبيقاً للوائح السارية، ودون أي تأخير غير ما ينتج من ضرورات العمل، ولا يجوز أن تتجاوز مرابطها في بورسعيد ومرفأ السويس أربع وعشرين ساعة، إلا في حالة القوة القاهرة، وفي هذه الحالة تلزم بالسفر في أقرب وقت ممكن، ويجب أن تمر فترة أربع وعشرين ساعة بين خروج سفينة محاربة، من أحد مواني المداخل، وسفر سفينة تابعة للدولة المعادية.
المادة الخامسة: في وقت الحرب لا يجوز للدول المحاربة أن تنزل أو تأخذ داخل القناة ومواني مداخلها قوات أو ذخائر أو مواد حربية، ولكن في حالة المانع العرضي داخل القناة يجوز داخل مواني المداخل أخذ أو إنزال قوات مقسمة إلى جماعات لا تتجاوز الواحدة منها 1000 رجل من المهمات الحربية.
المادة السادسة: تخضع الغنائم من جميع النواحي لنفس النظام الخاص بالسفن الحربية التابعة للمحاربين.
المادة السابعة: لا تبقي الدول أي سفينة حربية داخل مياه القناة (بما فيها بحيرة التمساح والبحيرات المرة).
ومع ذلك يجوز لها أن تضع في مواني المداخل ببورسعيد والسويس مراكب حربية لا يتجاوز عددها مركبين لكل دولة. وهذا الحق لا يتمتع به المحاربون.
المادة الثامنة: يكلف بمراقبة تنفيذ المعاهدة الحالة وكلاء الدول الموقعة عليها المعتمدون بمصر، ويجتمعون عند كل ظرف يهدد سلامة القناة أو حرية المرور بها، بناء على دعوة ثلاثة من بينهم وتحت رياسة عميدهم، لإجراء التحقيقات اللازمة، ويحيطون الحكومة الخديوية بالخطر الذي يتبينونه حتى تتخذ هذه الحكومة التدابير التي تكفل حماية القناة وحرية استخدامها.
وعلى أي حال يجتمعون مرة في السنة، للتحقق من سلامة تنفيذ المعاهدة، وتعقد هذه الاجتماعات الأخيرة برياسة مندوب خاص تعينه لهذا الغرض الحكومة الإمبراطورية العثمانية، ويجوز لمندوب الخديو أن يشترك في الاجتماع ويرأسه في حالة غياب المندوب العثماني.
وعليهم بصفة خاصة أن يطلبوا إلغاء كل عمل أو تفريق كل حشد، على أحد جانبي القناة يمكن أن يكون الغرض منه أن يؤدي للمساس بحرية الملاحة وسلامتها التامة.
المادة التاسعة: تتخذ الحكومة المصرية في حدود سلطاتها المستمدة في الفرمان وبالشروط الواردة في المعاهدة الحالية، التدابير اللازمة التي تحمل على احترام تنفيذ المعاهدة المذكورة.
وفي حالة ما إذا كانت الحكومة المصرية لا تدبر الوسائل الكافية، عليها الاستنجاد بالحكومة العثمانية، وهذه تتخذ التدابير الضرورية لإجابة هذا الطلب. وتبلغ ذلك إلى علم الدول الأخرى الموقعة على تصريح لندن المؤرخ في مارس سنة 1885م وعند اللزوم تتشاور معها في هذا الصدد.
ولا تعتبر أحكام المواد 4، 5، 7، 8 عقبة في سبيل التدابير التي تتخذ تطبيقاً للمادة الحالية.
المادة العاشرة: وكذلك لا تكون أحكام المواد 4، 5، 7، 8 عقبة دون التدابير التي يضطر جلالة السلطان وسمو الخديوي - باسم جلالته وفي حدود الفرمانات الممنوحة لسموه - إلى اتخاذها، بقواتهما الخاصة، لضمان الدفاع عن مصر وإقرار النظام العام.
وفي حالة ما إذا اضطر جلالة السلطان أو سمو الخديوي إلى الاستفادة من الاستثناءات المذكورة في المادة الحالية، فإنه يجب على الحكومة الإمبراطورية العثمانية أن تحيط الدول الموقعة على تصريح لندن علماً بذلك.
ومن المتفق عليه أيضاً أن أحكام المواد الأربع المذكورة لا تعوق، بأي حال التدابير التي ترى الحكومة الإمبراطورية العثمانية ضرورة اتخاذها، بقوتها الخاصة لضمان الدفاع عن ممتلكاتها الأخرى الواقعة على الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر.
المادة الحادية عشرة: إن التدابير التي تتخذ في الحالات المذكورة في المادتين 9، 10 من المعاهدة الحالية يجب ألا تعوق حرية استخدام القناة.
وفي نفس هذه الحالات، يحرم إطلاقاً إنشاء تحصينات دائمة تقام خلافاً لأحكام المادة(
.
المادة الثانية عشرة: اتفقت الدول السامية المتعاقدة، وتطبيقاً لمبدأ المساواة فيما يتعلق بحرية استخدام القناة، وهو المبدأ الذي يعتبر أحد أسس المعاهدة الحالية، على ألا تسعى واحدة منها للحصول على فوائد إقليمية أو تجارية أو امتيازات في الترتيبات الدولية التي قد تتم مستقبلا فيما يتعلق بالقناة، ومع هذا تصان حقوق تركيا باعتبارها الدولة صاحبة الإقليم.
المادة الثالثة عشرة: فيما عدا الالتزامات المنصوص عليها صراحة في نصوص المعاهدة الحالية، ليس هناك أي مساس بحقوق السيادة التي لصاحب الجلالة الإمبراطورية السلطان وحقوق وامتيازات سمو الخديوي المستمدة من الفرمانات.
المادة الرابعة عشرة: اتفقت الدول السامية المتعاقدة على أن الالتزامات الناتجة عن المعاهدة الحالية لا تتقيد بمدة صكوك امتياز الشركة العالمية لقناة السويس.
المادة الخامسة عشرة: لا تعوق أحكام هذه المادة التدابير الصحية المعمول بها في مصر.
المادة السادسة عشرة: تتعهد الدول السامية المتعاقدة بأن تبلغ هذه المعاهدة للدول التي لم توقعها وتدعوها للانضمام إليها.
المادة السابعة عشرة: يصدق على المعاهدة الحالية، ويتم تبادل وثائق التصديق عليها في مدة أقصاها شهر أو أقل إن أمكن.
وإثباتاً لما تقدم وقع المفوضون هذه المعاهدة ووضعوا عليها أختامهم.
تم بالأستانة في اليوم التاسع والعشرين من شهر أكتوبر عام ألف وثمانمائة وثمانية وثمانين.
(توقيعات المندوبين)