سادساً: التضاريس
تنقسم مظاهر السطح، في شبه الجزيرة العربية، إلى الأقسام الرئيسية التالية:
1. البحر الأحمر
هو مسطح مائي ضيق، يفصل بين شمال شرقي إفريقيا وشبه الجزيرة العربية. ويصله بالمحيط الهندي، في الجنوب، خليج عدن. ويكاد يتصل بالبحر الأبيض المتوسط، عند خليج السويس؛ أن اتصالهما تحقق، عام 1869، بعد حفر قناة السويس. وقد منح البحر الأحمر موقعه الإستراتيجي أهمية كبيرة، في التجارة العالمية؛ إذ هو يختصر المسافة بين أوروبا والمحيط الهندي. وتقدَّر مساحته بزهاء 450 ألف كيلومتر مربع؛ ومتوسط عمقه 491 متراً؛ وأقصى عمق له، أمكن تسجيله، هو2850 متراً. والبحر الأحمر أخدود محيطي ضيق، يبلغ طوله ألفَي كيلومتر. ويبدأ عند مضيق باب المندب، الذي يصله بالمحيط الهندي، عبر خليج عدن، عند خط العرض 13 درجة و55 دقيقة شمالاً، ويمتد إلى خط العرض 28 درجة شمالاً؛ ومن ثَم يتفرع منه ذراعان، هما: خليج العقبة وخليج السويس. أما عرضه، فيقدَّر بنحو 180 كيلومتراً؛ في الشمال. ثم يتدرج اتساعه، نحو الجنوب، إلى أن يبلغ أقصى مداه، عند مدينة جازان، حيث يقارب 350 كيلومتراً. ثم يضيق، مرة أخرى، حتى لا يتعدى 30 كيلومتراً، عند مضيق باب المندب.
وتكثر الشعاب المرجانية، بشتى أنواعها، على الساحل الشرقي للبحر الأحمر، حيث يتفاوت تزايدها وتناقصها بتفاوت الظروف البيئية الطبيعية، الملائمة لنموها. ويختلف توزيع الجزر، على طول الساحل الشرقي للبحر الأحمر، باختلاف عوامل نشأتها. ومعظمها تتكون من شعاب مرجانية منخفضة، ولا سيما العائمة منها. ويندر وجود الجزر البركانية، على الرغم من أن كثيراً من الجزر الشعابية، قد نمت فوق صخور بركانية. وفي الإمكان تمييز نمطَين متباينَين من هذه الجزر، حسب عوامل النشأة والمنسوب وأشكال السطح؛ على الرغم من عدم الاختلاف التام بين مكوناتها الصخرية.
أ. الجزر الشعابية الطينية المنخفضة (غالبية الجزر ).
ب. الجزر الشعابية الطافية، مثل: جزائر فرسان وصنافير وتيران.
2. السهل الساحلي للبحر الأحمر
يطلق اسم تهامة، محلياً، على السهل الساحلي، الممتد على طول البحر الأحمر، والتلال السفحية المجاورة له. وهو يكوّن منطقة انتقالية ضيقة، بين ساحل البحر الأحمر وحافة مرتفعات غربي شبه الجزيرة العربية. ويشتد ضيق السهل الساحلي، في الشمال، بل يختفي، عند خط العرض 27 درجة شمالاً؛ حيث تطل جبال الحجاز على الساحل مباشرةً. ولكنه يتسع، على نحو غير منتظم، في الجنوب، حيث يبلغ أقصى اتساع له 40 كيلومتراً، بالقرب من جازان.
ويتكون السهل الساحلي للبحر الأحمر من سطح ترسبي، مرجاني، منخفض؛ ولكنه يصير، كلما تدرج في الارتفاع ناحية الشرق، سطحاً تحاتياً، منحوتاً في الصخور الأساسية للدرع العربي. وتغطي جزءاً كبيرا من سهل تهامة، رمال ريحية، وجراول، خرقتها الوديان من الجبال الساحلية؛ فضلاً عن الكثير من السباخ والشروم:
أ. السباخ
تساعد الظروف المناخية والتضاريس، في السهل الساحلي للبحر الأحمر، على تكوّن السباخ، في عدة أنماط، منها:
(1) سباخ تتصل ببحيرات، تقع خلف أطر مرجانية؛ كما هو الحال في سباخ الليث، والشعبية، والبحر، ورابغ.
(2) سباخ تتصل بمسطحات مدية، مثل: سباخ الطرفاء، وجازان.
(3) سباخ تتصل بمصبات الأودية.
ب. الشروم
يوجد على طول شاطئ البحر الأحمر، منافذ صغيرة، تسمى شروماً؛ وقد يطلق عليها، أحياناً، أخواراً، أو مراسي. وتكثر هذه الشروم، بدءاً من شمال مدينة جدة، في المملكة العربية السعودية، إلى خليج العقبة.
3. جبال غرب شبه الجزيرة العربية
تمتد سلسلة جبال غربي شبه الجزيرة العربية، على طول ساحل البحر الأحمر، من خليج العقبة شمالاً، إلى باب المندب جنوباً. ويراوح عرضها بين 40 و140 كيلومتراً. ويكون انحدار تلك الجبال كبيراً، في اتجاه ساحل البحر الأحمر، على شكل انكسارات، بينما تنحدر، بالتدرج، نحو الشرق، لتنتهي حيث تبدأ هضبة غربي شبه الجزيرة العربية. ويبلغ أعلى ارتفاع لتلك السلسلة، عند قمة جبل النبي شعيب، في الجمهورية العربية اليمنية ـ 3760 متراً فوق مستوى سطح البحر؛ ويقلّ ارتفاعها، تدريجاً، كلما اتجهت شمالاً. وهي تتكون من الأجزاء التالية:
أ. جبال مدين
تمثل جبال مدين الجزء الشمالي، من جبال غربي شبه الجزيرة العربية. وتبدأ من خط العرض 28 درجة شمالاً، بالقرب من جبل حَرَب، وتمتد شمالاً إلى الحدود السعودية ـ الأردنية؛ وتتخذ شكل مثلث، رأسه في الشمال، وقاعدته في الجنوب. ويزيد ارتفاع بعض قممها على ألفَي متر فوق مستوى سطح البحر، مثل: جبل اللوز (2580م)، وجبل دباغ (2350م)، وجبل دفدف (2098م)، وجبل الشاطئ (2100م).
ب. جبال الحجاز
تبدأ جبال الحجاز من شمال منخفض مكة المكرمة، حيث تكون قليلة الارتفاع (980م فوق مستوى سطح البحر)؛ وتمتد شمالاً، إلى الجنوب من جبال مدين، حيث يبلغ أعلى ارتفاع لها 1297 متراً. وقد سميت بجبال الحجاز، لأنها تحجز بين تهامة ونجد.
ج. جبال السروات
تبدأ جبال السروات (جمع سَرَاة)، من جنوب منخفض مكة المكرمة، وتمتد جنوباً، حتى تقترب من مضيق باب المندب، في جنوب غربي الجمهورية العربية اليمنية. وتتكون من سراة كلٍّ من ثقيف، وبني مالك، وبالحارث، وبني سعد، وبالقرن، وشمران، وغامد، وزهران، وعسير، وعبيدة، ورفيدة، وقحطان، في المملكة العربية السعودية؛ والسراة اليمنية، في الجمهورية العربية اليمنية.
4. جبال جنوب شبه الجزيرة العربية
تمتد سلسلة جبال جنوبي شبه الجزيرة العربية، بمحاذاة الساحل الجنوبي، من مضيق باب المندب، على طول خليج عدن، لمسافة تصل إلى 450 كيلومتراً، كجزء من مرتفعات اليمن؛ ثم تواصل امتدادها، شرقاً، بين هضبة حضرموت إلى الشمال، والبحر العربي إلى الجنوب. وتبلغ أعلى ارتفاعاتها، قرب مدينة المكلا، حيث تعلو 3300 متر فوق مستوى سطح البحر.
5. جبال عُمان
تلتف جبال عمان، على شكل قوس، على طول الحدود الجنوبية الشرقية لشبه الجزيرة العربية، بمحاذاة خليج عُمان. ويقدَّر أعلى ارتفاع لها بنحو 3 آلاف متر فوق سطح البحر، في منتصف سلسلة الجبال. وكلما اتجهت نحو الشمال، تدرج عرضها وارتفاعها في الانخفاض، إلى أن تنطوي تحت مضيق هرمز. أما إلى الشرق من الجزء الأوسط لهذه السلسلة من الجبال، فإن العرض يزداد، ويقلّ الارتفاع، تدريجاً، ثم تنتهي، بشكل مفاجئ، إلى خليج عُمان.
6. بحار الرمال
زهاء ثلث مساحة شبه الجزيرة العربية، تكسوه الرمال المتحركة. ويطلق اسم نفود على الكثبان الرملية الكثيفة، في الجزء الشمالي منها، مثل: النفود الكبير، ونفود الدهناء، ونفود الجافورة. أما في جزئها الجنوبي، فيوجد بحر من الرمال، يطلق عليه الربع الخالي.
أ. النفود الكبير
يقع النفود الكبير في الجزء الشمالي الغربي من شبه الجزيرة العربية، بين مدينة حائل ومدينة الجوف، في المملكة العربية السعودية. وهو على شكل يد ضخمة، لها أصابع طويلة، تؤشر إلى الغرب. ويحتل النفود الكبير حوضاً واسعاً منخفضاً، يدعى حوض الجوف ـ سكاكا، وهو عبارة عن مساحات شاسعة من الكثبان الرملية الحمراء غالبيتها من نوع الكثبان الطولية والعروق. وتقدَّر مساحته بنحو 57 ألف كيلومتر مربع. ويحده من الشرق والشمال الهضبة السورية؛ ومن الغرب والجنوب هضبة الحسمى وجبل شمر. وهو خالٍ من الأودية والواحات.
ب. الدهناء
تُعَدّ الدهناء من أهم معالم السطح، المميزة لشبه الجزيرة العربية. وهي حزام ضيق من الرمال المتحركة والكثبان، يمتد زهاء 1300 كيلومتر، على شكل قوس، من النفود الكبير، في الشمال، إلى الربع الخالي، في الجنوب. ويحد الدهناء من الشرق هضبة الصمان، ومن الغرب، إقليم الحافات. وتكثر في رمال الدهناء أنواع من الكثبان الرملية، تدعى العروق، يميل لونها إلى الأحمرار ـ البرتقالي الفاتح. ومع أن الدهناء، يندر فيها الماء، إلا أنها مكان مفضل لرعي الإبل، في فصلَي الشتاء والربيع.
ج. نفود الجافورة
يقع نفود الجافورة إلى الشرق من هضبة الصمان، وإلى الجنوب من واحة الهفوف؛ ويمتد شمالاً إلى المنطقة الساحلية للخليج العربي؛ كما يمتد جنوباً إلى أن يلتقي الربع الخالي. وتأخذ غالبية الكثبان في نفود الجافورة الشكل المستعرض المكون من الكثبان الهلالية المندمجة مع بعضها البعض، وتعد رمال وكثبان نفود الجافورة من النوع الزاحف، التي طالما طمرت العديد من القرى الزراعية، بالقرب من واحة الهفوف، مهددة الزراعة في تلك الواحة الخصبة، التي تتوافر فيها مياه جوفية غزيرة، كانت، قبلُ، تنبجس عيوناً جارية. وعلى الرغم من الجهود المبذولة، للحدّ من زحف رمال نفود الجافورة إلى المناطق الزراعية، إلا أن خطره، لا يزال يتهددها.
د. الربع الخالي
تشغل رمال الربع الخالي حوضاً عظيماً، في جنوب شبه الجزيرة العربية، تحده جبال عُمان من الشرق، وهضبة حضرموت من الجنوب، وهضبة الحجاز من الغرب، وهضبة نجد من الشمال. ويقدَّر طوله بنحو 1200 كيلومتر، وعرضه بنحو 650 كيلومتراً، وتبلغ مساحته 640 ألف كيلومتر مربع، ما يجعله أكبر بحر رمال في العالم. وقد أطلق العرب عليه، في السابق، أسماء عدة، فأسموا أجزاءه الشمالية رملة صيهد، ورملة يبرين. وأطلقوا اسم رملة السبعتين، على جزئه الجنوبي. أما الجزء الغربي، فعرفوه باسم صحراء الأحقاف، التي يعرف جزؤها الشمالي، في الوقت الحاضر، باسم رملة يام.
ويسود، في الجزء الشمالي من الربع الخالي، الكثبان، المستعرضة والطولية؛ أما في وسطه وغربه، فتسود العروق؛ بينما تسود جبال الرمال في جزئه الشرقي. ويفوق ارتفاع الربع الخالي ألف متر فوق مستوى سطح البحر، في رملة يام، ويتدرج في الانخفاض نحو الشرق، ليقلّ ارتفاعه عن 70 متراً، في رملة السميم؛ ثم يعاود ارتفاعه، اتجاه جبال عُمان. كما أن ارتفاع الربع الخالي، في الجنوب، عند حدوده مع هضبة حضرموت، هو أكثر ارتفعاً منه في الشمال، حيث ينخفض مستواه إلى أقل من 50 متراً فوق مستوى سطح البحر، إلى الجنوب الشرقي من دولة قطَر.
لذا، تكثُر السباخ في أجزائه المنخفضة، عند حدوده، الشمالية والشرقية. ومن أكبرها سبخة مطي، المكونة من سبخات صغيرة متجاورة، عند حدود المملكة العربية السعودية مع دولة قطَر؛ وسبخة أبا الروس، عند خط الطول 54 درجة شرقاً، وخط العرض 20 درجة شمالاً؛ وسبخة أم السميم، في الجزء الشرقي من الربع الخالي، عند تقاطع خط الطول 56 درجة شرقاً وخط العرض 22 درجة شمالاً، وهي سبخة مترامية الأطراف، يزيد طولها على مائة كيلومتر، وعرضها على 45 كيلومتراً.
7. الهضاب الغربية والجنوبية
إلى الشرق من سلسلة جبال غربي شبه الجزيرة العربية، وإلى الشمال من سلسلة المرتفعات الجنوبية تقع منطقة شاسعة من الهضاب، ممتدة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، هي: هضبة حضرموت، والهضبة اليمنية، وهضبة عسير ونجران، وهضبة عالية نجد، وهضبة الحجاز، وهضبة حسمى.
أ. هضبة حضرموت
هي كتلة ضخمة، ترجع إلى عصر الباليوسين والأيوسين. يتدرج انحدارها من المنطقة الجبلية في الجنوب، والجنوب الغربي، إلى الربع الخالي في الشمال؛ ويخترقها وادي حضرموت.
ب. الهضبة اليمنية
تقع إلى الشمال من الجبال الجنوبية لشبه الجزيرة العربية، وإلى الشرق من جبالها الغربية. وهي هضبة ترجع إلى عصر ما قبل الكامبري؛ وتغطي أجزاءً منها الصخور البركانية، التي ترجع إلى عصر الكريتاسي الأعلى، والعصر الثلاثي.
ج. هضبة عسير ونجران
تقع إلى الشرق من جبال السروات. وهي تمثل منطقة انتقالية، بين الجبال المرتفعة إلى الغرب، وهضبة نجد إلى الشمال والشرق. وتعد هضبة عسير ونجران، جزءاً من السهل التحاتي القديم للدرع العربي. ويراوح متوسط ارتفاعها بين 900 و1700 متر فوق مستوى سطح البحر.
د. هضبة عالية نجد
تقع في الدرع العربي. وتتكون من مجموعة من السهول التحاتية (البدمنتات) المندمجة، والسهول الصحراوية. ويتخللها بعض الجبال، مثل: جبال النير، وجبال الإبانات، وجبال أجى وسلمى. ويحد هضبة عالية نجد جبال الحجاز، وجبال عسير، من الغرب؛ وهضبة نجد الرسوبية؛ من الشرق.
هـ. هضبة الحجاز
تقع بين جبال الحجاز غرباً، والنفود الكبير شرقاً. وتتكون من الأحجار الرملية الباليوزوية. ويراوح ارتفاعها بين 900 و1400 متر فوق سطح البحر.
و. هضبة حِسْمَى
هي كتلة متوسطة الارتفاع، تتكون من الحجر الرملي، الكامبري والاردوفيشي. تقع في شمال غربي شبه الجزيرة العربية، إلى الشرق من جبال مدين؛ وتمتد من الأطراف الشمالية لشبه الجزيرة العربية، عند حدود المملكة العربية السعودية مع الأردن، على ارتفاع 1800 متر فوق سطح البحر ـ إلى خط العرض 28 درجة شمالاً، حيث يبلغ ارتفاعها 1100 متر. ويميل سطح الهضبة إلى الشرق، في اتجاه النفود الكبير، حيث ينخفض ارتفاعها إلى نحو 800 متر فوق مستوى سطح البحر.
8. هضبة نجد الرسوبية
تمتد هضبة نجد الرسوبية، التي يطلق عليها، أحياناً، اسم "سافلة نجد"، من جبل ساق ومن صفراء السر وجبال خف، إلى الشرق مباشرة من هضبة عالية نجد، إلى الدهناء شرقاً. وتمثّل جزءاً من الرف العربي، مكوناً من الصخور الرسوبية، الجيرية والرملية والطفلية. وتكثر في هذه الهضبة الحافات الجبلية، أو الجالات المواجهة للغرب؛ نظراً إلى تفاوت صلابة صخورها؛ إذ تكون الصخور الأكثر صلابة، أي الصخور المقاومة للتجوية والتفتت، في ظل الظروف، الصحراوية وشبه الصحراوية، مثل الصخور الجيرية limestone؛ والصخور الدولوماتية dolomite ـ حافات، على شكل أقواس ممتدة من الشمال إلى الجنوب، يتجه تقوسها إلى الغرب. بينما كونت الصخور، الأقل صلابة، سهولاً منخفضة، بين هذه الحافات، نظراً إلى سهولة تجويتها، ومن ثَم تعريتها، ونقلها بواسطة الرياح والمياه الجارية.
ففي الغرب، تمتد الحافة، المكونة من صفراء السر في الشمال، وجبال غراب وجبل حميان وجبال خف في الجنوب. يليها سهل منخفض، تغطي أجزاء منه الرمال، مثل: نفود السر في الشمال، ونفود الدحي في الجنوب. إلى الشرق من هذا السهل، يأتي الخط الثاني من الحافات، المكونة من جبال مدرج وصفراء الأسياح في الشمال، وصفراء الروكية وجبال الجله إلى الجنوب. يليها، من ناحية الشرق، سهل منخفض، تراكم فيه كثير من المناطق الرملية، مكونة نفود المظهور والثويرات في الشمال، ونفود قنيفذة في الوسط والجنوب. الخط الثالث من الحافات، يأتي إلى الشرق مباشرة من السهل السابق؛ ويتمثل في جبال طويق، المكونة بصفة رئيسية من الصخور الجيرية الجوراسية، التي تعتبر أهم الظاهرات الجغرافية بروزاً في وسط شبه الجزيرة العربية. ويربو امتدادها، من الشمال إلى الجنوب، على 800 كيلومتر، ويزيد عرضها على 25 كيلومتراً، ويراوح ارتفاعها بين 800 متر و1096 متراً فوق مستوى سطح البحر، ويراوح ارتفاع الجالة عن السهل الواقع إلى غربها؛ ما بين 100 متر و150 متراً. يأتي إلى الشرق من جبال طويق، خط رابع من الحافات، مشكل في حافات هضبة العرمة، المكونة من الصخور الكريتاسية، والتي تتخذ أسماء عدة، هي، مرتبة من الشمال إلى الجنوب: هضبة التيسية، وجبل مجزل، وجالة الهيت، وهضبة البياض، وهضبة الهريسان. ويراوح ارتفاع هذه الحافات، في المتوسط، 600 و700 متر فوق مستوى سطح البحر.
9. الهضاب الشمالية
يقع في شمال شبه الجزيرة العربية، هضبتان رئيسيتان، هما:
أ. هضبة الحماد
وهي هضبة مستوية السطح، يراوح ارتفاعها بين 800 متر و850 متراً فوق مستوى سطح البحر. وأوديتها تصريفها داخلي، أي تنتهي إلى محابس محلية؛ لذا، تكثر في هذه الهضبة القيعان والفياض والخباري.
ب. هضبة الحَجَرَة
تمتد هضبة الحجرة إلى الشرق من هضبة الحماد، أي من خط الطول 45 درجة شرقاً؛ وتنحدر نحو الشمال الشرقي؛ ما يجعل أوديتها تصرف مياهها نحو بادية العراق.
10. هضبة الصُّمَّان
تقع هضبة الصمّان إلى الشرق من الدهناء. وهي هضبة كارستية، مستطيلة، ذات سطح مستوٍ، يتجه من الشمال إلى الجنوب، بطول يناهز 960 كيلومتراً، وبعرض يراوح بين 80 و250 كيلومتراً. وهي تضم أكبر السهول الحصوية، في شبه الجزيرة العربية (الدبدبة)، والتي تكونت من بقايا إرسابات الأودية، التي كانت تجري أنهاراً، أثناء الفترات المطيرة، خلال العصور السابقة؛ ومع تذرية الرياح للمواد الناعمة، بقيت المواد الأكبر حجماً، مثل الجرول والحصى. وتشتهر هضبة الصمان بكثرة المنخفضات المحلية، مثل: القيعان، والخباري، والفياض، والدحول، وتكون الفياض، عادةً، غنية بأشجار متنوعة، من أهمها السدر؛ كما تزخر بأنواع أخرى من الحشائش، حيث تتكون مراعٍ جيدة، بعد هَطْل الأمطار.
11. السهل الساحلي للخليج العربي
السهل الساحلي للخليج العربي، سهل منبسط، تغطيه الرمال في أجزاء، والسباخ في أجزاء أخرى. وتنتشر السباخ على طول الساحل، من الكويت إلى الطرف الجنوبي للخليج العربي. وتعد سبخة مطي، الواقعة إلى الجنوب الشرقي من دولة قطَر، أكبر سبخة في شبه الجزيرة العربية؛ إذ تبلغ مساحتها 6 آلاف كيلومتر مربع. وهذه السباخ، المتناهية الاستواء، مكونة من طبقات خليط من الرمل والسلت والطين والملح، إلى عمق عدة أمتار. وعلى امتداد الساحل الشمالي الغربي، للخليج العربي من مدينة الجبيل إلى خليج الكويت، تنتشر سهول منخفضة، تغطيها طبقة رقيقة من الرمال، تسمى الدكاك. أما إلى الجنوب من مدينة الجبيل، فيوجد حزام من الرمال الزاحفة، وكثبان رملية كبيرة، يزداد عرضها كلما اتجهت نحو الجنوب، إلى أن تندمج في نفود الجافورة، إلى الجنوب من واحة الهفوف الشهيرة.
12. الخليج العربي
يتصف الخليج العربي بأنه ضحل، وشبه مغلق، وتحده بيئة جافة من جميع جوانبه. وهو يمتد من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي، بين خطَّي العرض 24 درجة و30 درجة و30 دقيقة شمالاً، وخطَّي الطول 48 و56 درجة شرقاً. وتناهز مساحته 226 ألف كيلومتر مربع؛ إذ يقدَّر طوله بنحو ألف كيلومتر، من مصب شط العرب في الشمال، إلى مضيق هرمز في الجنوب؛ ويراوح عرضه بين 200 و300 كيلومتر. أما متوسط عمقه، فيبلغ 35 متراً؛ وقد يفوق عمقه، في بعض الأحواض الواقعة بالقرب من مضيق هرمز، مائة متر. وتمثل المناطق الضحلة جداً، التي يقلّ عمقها عن 5 أمتار، نحو 18% من المساحة الكلية للخليج العربي.