أحمد منصور
نهاية الحلم الأميركي
التاريخ:24/4/2016
هذا هو عنوان أحد الفصول في كتاب «رؤية استراتيجية» الذي كتبه أبرز خبراء الاستراتيجية في الولايات المتحدة الأميركية مستشار الأمن القومي السابق بريجنسكي، ومن خلال قراءتي للكتاب الذي كتب في أعقاب اندلاع ثورات الربيع العربي في العام 2011 فإني أعتبره أحد أهم الكتب التي ينبغي لمن أراد أن يتعرف على التحولات التي تجري في العالم والتي من المتوقع أن تجري خلال العقد القادم على الأقل، أن يطلع عليه.
تقوم رؤية بريجنسكي في الكتاب على أن ما ذكره كل من الرئيسين الأميركيين الأسبقين بيل كلينتون وجورج بوش حول أن القرن الحادي والعشرين هو قرن الولايات المتحدة الأمركية هو محض هراء وأن الولايات المتحدة في طريقها للهاوية لحساب قوى وتغيرات أخرى تجري في العالم وفق سنن القوة وعواملها، وأن البريق الأميركي بدأ يخفت رغم تعهد بعض القوى مثل ألمانيا كما جاء في خطاب مستشارتها إنجيلا ميركل أمام الكونغرس الأميركي في 3 نوفمبر 2009 عن التزامها الحماسي القوي بـ «الحلم الأميركي» وبعدما يدلل ويبرهن بريجنسكي على أن الترويج لأن القرن الحادي والعشرين هو قرن الولايات المتحدة وأن الحلم الأميركي لازال قائما وهو ما أطلق عليه «خداع الذات» يدلل بعد ذلك على ما بعد خداع الذات بعدة عوامل حيث يقول «ثمة أبعاد نقدية ستة تطفو على السطح بوصفها نقاط ضعف أميركا الرئيسية وهي متزايدة التهديد ثم يبدأ في سرد النقاط الست التي سأوردها باختصار شديد لأنه أسهب في شرحها حيث يقول «أولا: هناك دين أميركا القومي المتعاظم وغير القابل لأن يطاق مع مرور الزمن، تقول وثيقة صادرة عن مكتب الموازنة في الكونغرس في أغسطس 2010 تحت عنوان «نظرة إلى الموازنة والاقتصاد» إن الدين العام الأميركي يبلغ 60% من الناتج القومي العام وهو رقم مثير يضع الولايات المتحدة في سلة واحدة مع الحالات العالمية بالغة السوء» وبعدما يسهب قليلا في الشرح يرجع إلى دراسة أعدها اثنان «من أنصار السياسة العامة المخضرمين هما آر سي ألتمان وآر إن هاس على صفحات مجلة «فورين أفيرز» 3010 بتقديم خلاصة بليغة لآفاق أميركا المستقبلية غير المشرقة في مقال حمل عنوان «تهتك أميركا وقوتها» بعبارات متجهمة حيث قالا «الأفق المالي لما بعد عام 2020 كارثي تماما، لن تتأخر الولايات المتحدة في الوصول إلى منعطف تاريخي، إما أن تبادر إلى تنظيم بيتها المالي، أو أن تخفق في ذلك، فتحمل جملة من العواقب الداخلية من جهة والدولية من جهة ثانية، وإذا واصلت تأجيل خطة إصلاحية جدية فإن من شأن الولايات المتحدة أن تجد نفسها في مواجهة مصير شبيه بمصائر قوى عظمى سابقة شلت ماليا مثل روما القديمة وبريطانيا العظمى في القرن العشرين».
عالم اليوم يواجه أزمة نفوذ وقوة، ناجمة عن التحول المسرحي المثير لمركز ثقله عن الغرب إلى الشرق، وعن الصحوة السياسية الدينامية للناس في طول العالم وعرضه، وعن تدهور أداء أمريكا على الصعيدين الداخلي والدولي.
وهذه الأزمة تطرح تحديات جدية على المدى الطويل لا على المصالح الأمريكية وحسب، بل وعلى بقاء بعض الدول المهددة، وعلى المبادرة إلى بذل جهود مشتركة ضد أخطار عالمية معينة مثل الإنتشار النووي والتغير المناخي، وعلى مجمل الإستقرار الجيوسياسي الأوسع نطاقاً.
في كتاب " رؤية إستراتيجية "، يجادل مستشار الأمن القومي الأسبق زبيغنيو بريجنسكي قائلاً إن أمريكا قادرة على الإنخراط الفعال في الإبحار عبر هذه الفترة المأزومة وملزمة به، إلا أن عليها، كي تتمكن من ذلك، أن تحل مشكلاتها الداخلية وتتبنى إستراتيجية مستجيبة لمصالحها الإقليمية المختلفة، يتعين على أمريكا أن تعزز وحدةً أكبر وأوسع في أوروبا، وصولاً إلى آخر المطاف إلى ضم روسيا وتركيا إلى غربٍ أكثر حيوية وأرحب.
أما في الشرق فلا بد لها من العمل على تحقيق التوازن والمصالحة بين قوى المنطقة الصاعدة، وعلى تجنب التورط العسكري المباشر في صراعات الكتلة القارية الآسيوية مع إدامة تحالفها القائم مع اليابان ، وعلى ترسيخ علاقة تعاونية عالمياً مع الصين.
ويجب على أمريكا أن تواصل الإضطلاع بدور حاسم على صعيد صون الإستقرار في هذا الزمن العاصف، غير أنها لن تنجح من دون إعادة تقويم شامل لجملة التحديات التي تواجهها، وها هو ذا زبيغنيو بريجنسكي، بخبرته التي لا نظير لها في قضايا السياسة الخارجية، يزوّد أمريكا بخارطة طريق إستراتيجية تفضي إلى إعادة تفعيل مكانتها العالمية وإلى التأسيس لقرن جديد ينعم بالإستقرار.
https://doc-00-7k-docs.googleusercontent.com/docs/securesc/ha0ro937gcuc7l7deffksulhg5h7mbp1/obonma3b7768a5fnu15jvvcdcu1ummhb/1461470400000/03414168670939119684/*/0B
6alj0IcJKqiRV9TREVCUm8zOHc?e=download