منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 ثورة المعلومات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ثورة المعلومات Empty
مُساهمةموضوع: ثورة المعلومات   ثورة المعلومات Emptyالإثنين 02 مايو 2016, 9:17 pm

ثورة المعلومات



ثورة المعلومات BOlevel11217   المقدمة
ثورة المعلومات BOlevel11216   أولاً: ظهور ثورة المعلومات وانتشارها
ثورة المعلومات BOlevel11219   ثانياً: المؤثرات المرتبطة بثورة المعلومات
ثورة المعلومات BOlevel11218   ثالثاً: تأثير ثورة المعلومات في المجتمع
ثورة المعلومات BOlevel11220   رابعاً: شبكات ومراكز وأوعية المعلومات
ثورة المعلومات BOlevel11222   خامساً: الجديد في تقنية المعلومات
ثورة المعلومات BOlevel11224   سادساً: الجديد في تطبيقات ثورة المعلومات
ثورة المعلومات BOlevel11215   الجداول
ثورة المعلومات BOlevel11223   المصطلحات
ثورة المعلومات BOlevel16285   الصور
ثورة المعلومات BOlevel16284   الأشكال
ثورة المعلومات BOlevel11221   المصادر والمراجع




المقدمة

يعيش العالم الآن عصر ثورة جديدة هي "ثورة المعلومات"، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتكنولوجيا عصر المعلومات. وقد انتقل مركز ثقل العالم من الثروة إلى المعرفة، حيث تقسم المجتمعات البشرية اليوم على أساس المعرفة وليست الثروة، ومن ثم أصبحت المعرفة هي محور التقدم بعكس معايير الثورة الصناعية، التي اعتمدت أكثر على الثروة. ولا تعني المعلومات الوفيرة شيئاً ذا قيمة في مجتمع لا يحسن استخلاص ما تحتويه هذه المعلومات من مفاهيم وعلاقات.

ولم تعد الفجوة بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية مجرد فجوة موارد، بل أصبحت فجوة معرفية، نتيجة الثورة الهائلة في التكنولوجيا وثورة المعلومات والاتصالات. وأصبحت المعلومات تشكل في عالم اليوم مورداً مهماً للفرد والمجتمع. وفي ظل ثورة المعلومات، أصبحت رقائق الإلكترونات تلعب الدور المركزي، الذي كان يلعبه الفحم قديماً عند بدء الثورة الصناعية، ثم جاءت التكنولوجيا الرقمية لتشكل أساس التكنولوجيا الحديثة للقرن الواحد والعشرين، ما جعل البعض يلقب هذا العصر بالعصر الرقمي.

وقد ساعد هذا التقدم في اختصار الوقت بين أي نقطتين على سطح الأرض، نتيجة استخدام شبكة الاتصالات الإلكترونية وكذلك نشأة الفضاء المعلوماتي الجديد، وهو فضاء حقيقي وليس تخيلياً، له لغة محددة وبروتوكولات خاصة بالمتعاملين في إطاره، ولا يستند إلى واقع جغرافي محدد، مما يطرح تحولات مهمة في مجال تنظيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وإن المعرفة، بصفتها سلعة معلوماتية، لا غنى عنها للقوة الإنتاجية التي أصبحت وستظل من أهم  مجالات التنافس العالمي من أجل إحراز القوة. ويبدو من غير المستبعد أن تدخل دول في حروب من أجل السيطرة على المعلومات، كما حاربت في الماضي من أجل السيطرة على المستعمرات.

وترتبط ثورة المعلومات ارتباطاً وثيقاً بتكنولوجيا المعلومات المتطورة من خلال الاستخدام المشترك لنظم الحاسبات الإلكترونية ونظم الاتصالات الحديثة. وتنقسم المجتمعات البشرية الآن على أساس "من يعرف ومن لا يعرف" وليس من "يملك ومن لا يملك". ولذلك اعتبرت المعلومات قوة يمكن استخدامها كأداة تأثير على سلوكيات الأفراد في المجتمع، ولا تعني المعلومات الوفيرة شيئاً في مجتمع لا يحسن استخلاص ما تحتويه من مفاهيم وعلاقات داخلها، ومن هنا تظهر الأهمية القصوى لعملية معالجة المعلومات ويبرز الدور المهم والفعال، الذي تلعبه الحاسبات الإلكترونية في عملية تخزين ومعالجة واسترجاع المعلومات في أزمنة بسيطة جدا.

وترجع أهمية المعلومات إلى دورها الكبير في تنمية قدرات الدول على الإفادة من المعلومات المتاحة، والخبرات التي تحققت في الدول الأخرى نتيجة لتوافر رصيد ضخم من المعلومات العلمية والتقنية، ومن ثم ترشيد وتنسيق ما تبذله الدول من جهد في البحث والتطوير، على ضوء ما هو متاح من معلومات، وتوفير البدائل والأساليب الحديثة لحل المشاكل الفنية، وضمان القرارات السليمة في جميع القطاعات وعلى مختلف مستويات المسؤولية.

وقد سجلت الخطة التنفيذية العالمية للأمم المتحدة الخاصة بالاستفادة من العلوم والتكنولوجيا لأغراض التنمية
UN World Plan of Action for the Application of Science and Technology to Development، أن لا سبيل للدول المفتقرة إلى الإمكانات العلمية والتكنولوجية القومية لأن تدرك احتياجاتها، أو الفرص المتوافرة في العلوم والتكنولوجيا في الدول الأخرى، أو مدى صلاحية ما هو متاح بالنسبة لاحتياجاتها الخاصة.

إن قيمة المعلومات وتأثيرها على المجتمع يتوقف على مدى رواجها وكثرة تطبيقاتها، فلا بد من مداولتها بين المختصين للحصول على أكبر فائدة ممكنة لخدمة الفرد وبناء المجتمع ومؤسساته. إن الاهتمام بالمعلومات نابع من مدى أهميتها في تطور الشعوب ورقيها، والشعوب المتخلفة اليوم هي تلك التي لم تدخل الثورة الصناعية، أو إنها دخلتها متأخرة. في حين أن الشعوب المتخلفة غداً هي تلك التي لم تدخل ثورة المعلومات حتى اليوم. فالمعلومات هي القوة التي تحفظ للشعوب استقلالها. وتعتبر المعلومات قوة حضارية، ضرورية لتطور الشعوب وتقدمها، بوصفها تحتل المرتبة الأولى أهمية بين عناصر البناء والإنتاج، كما أن النمو الاقتصادي يرتبط ارتباطاً طردياً بكمية المعلومات، ونوعيتها، والطريقة التي يتم الإلمام بها، وتطبيق ما جاء فيها.

وفي ظل وجود ما يقرب من بليون جهاز حاسب متصلين ببعضها بعضا، ومع احتواء كل منها على ما يراوح بين بضعة آلاف وبضعة ملايين معلومة، فسوف نصبح محاطين بكم كبير من البيانات يضم ما بين تريليون إلى ألف تريليون ملف وبرنامج ومذكرة وقائمة وغيرها من المواد. وستكون الغالبية العظمى من هذه البيانات سلعاً وخدمات معلوماتية وسيطة، كل منها موجه إلى عدد محدود للغاية من العملاء الذين سيقدرون قيمتها. وبينما ستكون لآخرين مجرد كم من المعلومات، ما سيترتب عليه ظهور الوسطاء الذين يقومون على خدمة أقسام تلك المعلومات، للوصول إلى أكبر قدر ممكن من الإمكانات اللازمة لتوفير المعلومة، طبقًا لرغبات العملاء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ثورة المعلومات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثورة المعلومات   ثورة المعلومات Emptyالإثنين 02 مايو 2016, 9:22 pm

أولاً: ظهور ثورة المعلومات وانتشارها

    لم تتفق كلمة الباحثين على إعطاء تعريف موحد للمعلومات Information، فهي غير ملموسة، لكن نتائجها ظاهرة للعيان، ومتمثلة بالمستحدثات التقنية والمؤسسات العلمية والصناعية وغيرها. فهي عامل أساسي في إحراز أي تقدم، والطفرات الحضارية ما هي إلا نتاج لثورة المعلومات. إن المعلومات دولية الملكية، فهي تصدر عن شخص أو باحث، وتنشر في وثائق ذات أشكال شتى، وتوزع دولياً فهي متاحة لكل شعوب العالم، اقتناء، ودراسة، ونقدا، وتفسيراً. فتنمو وتزدهر نتيجة للتطبيقات والتفسيرات المتنوعة ثم توضع في حيز التطبيق لحل المشاكل على تعددها، وتنوعها، أو إبداع المزيد من المستحدثات الحضارية من أجل المزيد من التقدم.

    تتميز المعلومات عن غيرها من عناصر الإنتاج كالمادة، والطاقة. فهي أكثر أهمية بوصف أن المواد الأولية عديمة الفائدة لمن لا يمتلك المعلومات التي تساعده على كيفية استغلالها والانتفاع بها. فالمعلومات في زيادة مستمرة، وإنتاجها لا يحتاج ولا يتطلب الكم الهائل من الإنفاق والطاقة، ومن نتاجها يمكن عمل قوة تحل محل أنواع أخرى من الطاقة، ولا يتطلب نقل المعلومات وقتاً طويلاً أو تكلفة عالية، وتنتشر المعلومات في المجتمع بسرعة عالية، وينمو هذا الانتشار ويزيد بعكس المواد الأولية. إن عجز الإنسان في التغلب على أي مشاكل في المجتمعات الحديثة، يرجع إلى عدم توفر المعلومات، أو عدم القدرة على استرجاع المعلومات المطلوبة في الوقت المناسب.
1. بداية ثورة المعلومات

    كان من السهل في الماضي أن يحتفظ الإنسان في الذاكرة بكل المعلومات الضرورية، التي يرى فيها تحقيق رغباته ومصالحه. ثم بدأت البشرية في الدخول إلى آفاق جديدة للمعرفة، وأُدخلت علوم جديدة وأنماط مختلفة من أدب وفن وعلوم هندسة واقتصاد واتصالات. ولما كانت قدرات الإنسان العقلية محدودة في حفظ هذه المعلومات وتخزينها في ذاكرته، بدأ في استحداث وسائل وأساليب جديدة لتسجيل كل العلوم، وصياغة كل الفنون، واعتنق مذاهب كثيرة في سبيل ذلك. فالرسم والكتب والحفر والطباعة والفهارس، ثم الحاسبات والميكروفيلم، كل هذا بهدف واحد هو ألا تضيع منه معلومة يرى أنه سوف ينتفع بها في مراحل لاحقة. وفي القرن الماضي حدث فيضان معلوماتي، ووجد الإنسان نفسه أمام سيول من البيانات لا حصر لها، ولحبه الشديد في الاحتفاظ بما وصل إليه العلم الذي كان نتاج وثمار كفاحه، سعى إلى تجميع وترتيب، ثم معالجة وتخزين واستخراج البيانات طبقاً لاحتياجاته الفعلية، وشعر حينها بهدوء شديد، فقد حقق ما أراد من احتفاظه بما وصل إليه من علوم، على أن يستدعي ما يريد في الوقت المناسب وبالقدر المناسب وعلى قدر حاجته إلى المعرفة.

وترجع جذور ثورة المعلومات إلى ثلاثين عاما مضت، عندما تكونت مجتمعات الحاسب، وظهرت نظم متعددة للحاسبات، وقد أدى ظهور هذه الحاسبات إلى تجمع لفئة من الأفراد المهتمين بهذا النشاط، وبدأوا يركزون نشاطهم على جهاز الحاسب. وقد شكّل هذا شخصية مجتمع معلومات القرن الحادي والعشرين. ويرجع الفضل في ظهور أجهزة الحاسب صغيرة الحجم إلى أول برنامج للأقمار الصناعية ، حيث بذلت الشركات الخاصة مجهودات ضخمة في تصغير حجم هذه الأجهزة، لكي يسهل وضعها في الأقمار الصناعية.

وقد بدأ استخدام اقتسام الوقت كوسيلة لاستخدام أجهزة الحاسبات الرئيسية الكبرى ذات التكلفة الكبيرة، بين حوالي ثلاثين شخصاً يجلسون أمام أجهزتهم الطرفية، التي كانت في البداية مجرد آلة كاتبة في حجم مكتب صغير، تحولت بعد ذلك إلى جهاز طرفي له شاشة ويبدو كجهاز الحاسب الشخصي. ولم يكن الحاسب سريعاً في ذلك الوقت، وكان يتعين على المستخدمين أن ينتظروا نصف دقيقة أو أكثر في كل مرة ينقروا فيها المفتاح لإدخال المعلومة، بينما عند استخدام الكروت المثقبة يمتد الانتظار لمدة ست ساعات.

وفي أوائل الثمانينات من القرن الماضي، لم يعد الناس بحاجة إلى اقتسام حاسب مع آخرين، إذ أصبح الحصول على حاسب شخصي أمراً يسيراً، وقد عمل الباحثون في أرجاء العالم على معالجة التقنيات التي تجعل عملية اقتسام الوقت على نطاق واسع أمراً ممكناً، حتى أضحت الحاسبات الشخصية في الوقت الراهن متشابكة بالقدر الذي يسمح بتشغيل الشبكة العنقودية وتبادل الوثائق وإرسال البريد الإلكتروني في الوقت نفسه.
2. ظاهرة تفجر المعلومات
    أ. النمو الهائل في حجم الإنتاج الفكري

من أهم السمات التي يتميز بها هذا العصر سمة تفجر المعلومات، والطوفان الكبير منها حيث تنتشر كل لحظة بلا حدود، حتى أصبح التحكم في هذه المعلومات والسيطرة عليها من الأمور الصعبة عن ذي قبل. وهذه القفزة كانت نتيجة التقدم التكنولوجي والحضاري، الذي أثر تأثيراً كبيراً في حياة الإنسان، بسبب الطفرة العلمية الكبيرة. وتقدم الإنسان في علمه واكتشافه بدرجة تفوق كثيراً كل ما مر خلال تاريخه الطويل من اكتشافات وحضارة، وكذا الباحث أو الكاتب أو المفكر لا يستطيع أن يلم بجزء صغير جداً مما كتب في مجال تخصصه، لتعدد أشكال نشر المعلومات وأوعيتها، وتعدد لغات النشر، حتى إن هذا العصر الذي يعيشه الإنسان سُمي "عصر المعلومات".

ويشير مصطلح "تفجر المعلومات" Information Explosion إلى اتساع المجال الذي تعمل فيه المعلومات ليشمل جميع مجالات النشاط الإنساني، إذ تحول إنتاج المعلومات إلى صناعة أصبح لها سوق كبير لا يختلف كثيراً عن باقي الأسواق المعروفة. وقد يزيد ما ينفق على إنتاج المعلومات على المستوى الدولي عما ينفق على الكثير من السلع الإستراتيجية المعروفة في العالم. وتتخذ مشكلة تفجر المعلومات مظاهر عدة أهمها النمو الهائل في حجم الإنتاج الفكري، فقد تطور حجم هذا الإنتاج المنشور في الدوريات من مائة دورية في عام 1800 إلى 70 ألف دورية في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، وبصورة عامة فإن كمية المعلومات تتضاعف كل اثنتي عشرة سنة.

ويعد معدل نمو المعلومات ونمو الحاجة إليه أسرع من نمو الاقتصاد العالمي، فمعدل الزيادة في حجم المجتمع العلمي والتقني يصل كل عام 7% في الوقت الذي يصل فيه معدل زيادة المعلومات في هذا المجتمع 11%. ويضم العالم الثالث مبدئياً أكثر من ثلاثين مليون باحث في ميادين العلوم والاقتصاد والتكنولوجيا وغير ذلك من الميادين، ولهذا العدد من الباحثين إنتاجه العلمي الوفير. إن حصيلة ما يصدر سنوياً من الوثائق في مختلف المجالات سوف يصل إلى 12-14 مليون وثيقة، وهناك زيادة سنوية في حجم المطبوعات تصل 1.5 مليون مطبوعة، وسوف تنمو الحاجة إلى المعلومات بالمعدل الذي تنمو به المطبوعات.
ب. تشتت الإنتاج الفكري

إن للتخصص الزائد في الموضوعات العلمية أثراً كبيراً في بزوغ أفرع جديدة أخذت أصولها من فروع مختلفة مثل الهندسة الطبية، والكيمياء الحيوية. وتشير الإحصاءات إلى أن الإنتاج السنوي من المعلومات مقدر بعدد الوثائق المنشورة، وأن عدد الأشخاص الذين يسهمون في هذا الإنتاج يتراوح ما بين 30 ـ35 مليون شخص، ورصيد الدوريات على المستوى الدولي ما يقرب من مليون دورية، يضاف إليها كل عام ما يقرب من 15 ألف دورية جديدة، والإنتاج الدولي من الكتب 600 ألف كتاب، أي بمعدل 1650 كتاب في اليوم، أو 70 كتاباً في الساعة.

    ج. تنوع مصادر المعلومات وتعدد أشكالها

توجد مصادر عديدة للمعلومات منها: الدوريات، والكتب، وتقارير البحوث، والبيانات، والأوراق المقدمة إلى الندوات والمؤتمرات، والرسائل الجامعية،،وبراءات الاختراع، والمعايير الموحدة، والمواصفات القياسية، والميكروفيلم، والأفلام، والشرائح، والأشرطة، والأقراص، علاوة على الكم الهائل من المعلومات التي تبثها وسائل الاتصال المرئية والمسموعة. ومن ناحية أخرى، يوجد بدول العالم المختلفة 116 مكتبة قومية يبلغ رصيدها من المجلدات حوالي 160 مليون مجلد، كما يوجد ما يقرب من 120 وكالة أنباء دولية ووطنية تعمل في مجال المعلومات والأخبار، وتبث يومياً أكثر من نصف مليون خبر ومعلومة، كذلك توفر الأقمار الصناعية كماً كبيراً من المعلومات لا يسهل حصره وتتبعه.

     إن المشكلة الرئيسة الخاصة بالمعلومات هي سوء توزيعها، سواء على المستوى الدولي أو المستوى القومي. ويهيمن عدد قليل من الدول الصناعية المتقدمة على تكنولوجيا المعلومات، وتزداد الهوة بين إمكانات الدول النامية والدول الصناعية في مجال إنتاج المعلومات ونشرها. كما تفتقد الدول النامية إلى الطاقة البشرية المؤهلة للتعامل مع تكنولوجيا الاتصالات الحديثة ووسائل تخزين المعلومات وسهولة استرجاعها، ما يضاعف من فجوة المعرفة بين المجتمعات المتقدمة والمجتمعات النامية.

    إن الجهود الفردية أو المحلية في السيطرة مادياً على الطوفان الفكري للمعلومات والبيانات، بالغة الصعوبة. وعلى الرغم من المحاولات الفردية في إنشاء نظام دولي للتحكم في الإنتاج الفكري العالمي، ومحاولات الباحثين في المجال العلمي من أجل إنشاء خدمات توثيقية تسهل الوصول إلى المعلومات وتحللها وتكشفها، بل تعدي الأمر إلى ترجمة هذه المعلومات حتى لا يتكرر الجهد ويتكرر الكشف في أماكن أخرى تبحث في نفس المجال. ثم انتقلت هذه المحاولات إلى محاولات دولية، فنشط التعاون بين الحكومات والهيئات والجمعيات الإقليمية لتقديم أفضل وأسرع وسيلة للضبط والتحكم في هذا الكم الهائل من المعلومات على المستوى الدولي، وتحاول منظمة اليونسكو UNESCO إنشاء نظام قومي للمعلومات، للدول الأعضاء. إن التعاون الدولي في مجال تبادل المعلومات قد حقق إنجازات كبيرة، حيث أصبح من السهولة انتقال المعلومات سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بين مختلف الدول.
3. سوق المعلومات

تعد سوق المعلومات من الضخامة بحيث تضم مدينة كبرى من حيث الحجم والمكونات، بما تحويه من معلومات كثيرة ومتخصصة تنقل خلال شبكات وتُخزن خلال حاسبات، سواء كانت شبكات رعاية صحية أو شبكات بنوك أو شبكات معلومات في مجالات أخرى. وتمثل كل شبكة مؤسسة قائمة بذاتها، تعمل وتدار على نطاق ضخم، بحيث أصبح هذا السوق يضم شبكات في جميع التخصصات تربط البشر من خلال 100 مليون حاسب، يستطيع الفرد القفز من مكان لآخر بمجرد إصدار أمر شفهي بسيط بصوته، أو كتابي على لوحة الحاسب، أو من خلال الهاتف المحمول.

إن سوق المعلومات بمثل هذا الحجم والوفرة، وهو أكثر شمولية من أي سوق أخرى. وتبنى سوق المعلومات على أساس إنشاء بنية أساسية مشتركة تتألف من جميع أدوات وخدمات المعلومات التي تمكن أنشطتها المتعددة من إدارة العمل في جميع الاتجاهات للدولة. ويمكن أن توزع هذه البنية الأساسية على كل أنحاء العالم، ولا تقتصر ملكيتها على مؤسسة واحدة، وإنما على عديد من المؤسسات. وسوف تقوم هذه السوق بنقل البيانات والأصوات والنصوص والصور عبر أجهزة الهاتف، والأقمار الصناعية والمعدات اللاسلكية، وأجهزة الحاسب. وسوف تقوم هذه البنية بجميع العمليات السمعية والمرئية لإنتاج المعلومات المطلوبة في وقت واحد.
4. البنية الأساسية للمعلومات

إن تأمين حاجة المجتمع لمطالبه عتمد على قدرة هذا المجتمع على إنتاج هذه المطالب، وبالقطع لا يمكن إدارة عجلة الإنتاج من دون البنية الأساسية المعلوماتية اللازمة لإدارة العملية الإنتاجية. وترتكز البنية الأساسية للمعلومات على أربع ركائز رئيسة: أولها القوي البشرية، ويقصد بها القوى البشرية المتعلمة والمدرّة على استخدام وإنتاج التقنيات الحديثة في مجال المعرفة مع دراسة الأجهزة والمعدات والأنظمة والبرامج. وثانيها المكونات المادية ويقصد بها الأجهزة والوحدات الرئيسة والمساعدة ومكوناتها، سواء المدمجة أو المستقلة اللازمة لاستقبال المعلومات ومعالجتها وحفظها. وثالثها المعرفيات، ويقصد بها الوسائل والأساليب المختلفة لتشغيل نتائج معالجة البيانات وعرضها، وذلك من خلال برامج الحاسبات وأنظمتها المختلفة سواء كانت برامج تطبيقية أو حسابية. ثم الركيزة الرابعة وهي الإداريات، ويقصد بها مجموعة السياسات والقوانين واللوائح والتنظيمات والقواعد المنسقة لهذا النشاط والهادفة إلى تشجيعه والحفاظ علية وتنظيمه واستمراره مع تذليل العقبات التي تعترضه.

ويمكن تشبيه البنية الأساسية للمعلومات بمبنى مكون من طوابق عدة، يضم الأول منها جميع قنوات الاتصال من خطوط هاتف، وكوابل الفيديو، وروابط بالأقمار الصناعية، وقنوات الاتصال اللاسلكية، إضافة إلى البرامج والبروتوكولات التي تنظم عمل هذه القنوات، ويضم الثاني جميع واجهات التعامل من أنظمة تشغيل الحاسب المختلفة مثل واجهة تطبيقات التشغيل يونكس Unix، ونظام النوافذ Windows، أما الثالث فهو يحتوي على جميع الأدوات البرمجية الوسيطة المشتركة، وهي الأدوات الخاصة بالآلية والبريد الإلكتروني والعمل الجماعي والعمل عن بعد وبرامج التنظيم وآلات التصوير المتقدمة، والنظم المختلفة لأمن الحاسبات الخاصة بالسرية والتحقق. ويقتسم المستخدمون لهذه البنية الأساسية الموارد المشتركة للنظام، فقد يستخدم أحد المشتركين البريد الإلكتروني، وآخر صفحات الإنترنت، بينما يكون أحد المستخدمين مشغول في التعامل مع جهازه الشخصي بتطبيقات منفصلة قائمة بذاتها وغير متصلة بأي بنية أساسية. ومع شيوع التطبيقات القائمة بذاتها واقتسامها على نطاق واسع، تصبح تلك التطبيقات جزءاً من البنية الأساسية بعد تخزينها وتعميمها.

إن آلة البنيات الأساسية للمعلومات التي تتكون منها سوق المعلومات، تمكن ملايين من الناس بأجهزة الحاسب الشخصية من ممارسة أعمال التجارة الإلكترونية والخدمات المعلوماتية بحرية كاملة وذلك باستخدام النظم المختلفة وبرامج التطبيقات الخاصة بهم، وتقوم أجهزة الحاسب بتشغيل وإدارة الإجراءات نيابة عن مستخدميها بطريقة آلية مبرمجة، وهذا سيجعل سوق المعلومات في حالة نشاط كامل كما أن بنية هذه السوق الأساسية في حالة عمل دائم مثل البنيات الأساسية الخاصة بالطاقة والمياه والغاز وخطوط الهاتف ونظم الأمن الموجودة في أي مدينة عصرية.

هذه العملية سوف تغير واجهة تطبيقات التشغيل الخاصة بالحاسبات التي صُمِّمت، لذلك سوف تظهر منظومات جديدة تستطيع استغلال البنيات الأساسية الجديدة المتصلة بها أفضل استغلال بوصفها تحسينات مضافة للنظم القديمة. بمعنى أن النظم القديمة ستكون في ثياب جديدة، مثل أجهزة الحاسب الشبكية، التي تتألف من شاشة ووحدة تشغيل مع عدم وجود قرص رئيسي للتخزين. حيث يخزن المستخدم بياناته وبرامجه داخل آلات رئيسة ضخمة، ومن ثم يستفيد الكثير من تخفيض التكلفة والتحديث التلقائي للبرامج.

وتتمثل الخاصية الرئيسة لمثل هذه البيئة في أنها تتيح رؤية المعلومات والتعامل معها بواسطة حاسبات متعددة، وكان ذلك يتم في آلة المستخدم نفسه، وسوف يتيح هذا التكامل بين المواقع المحلية والبعيدة اقتسام المعلومات وجميع البيانات والإجراءات في أرجاء العالم، حيث يقوم بتحديثها أشخاص آخرون ومنظمات أخرى، مع إنجاز العمل الجماعي والكثير بالسهولة نفسها، وأخيراً تصبح سوق المعلومات حقيقة واقعة، سواء هناك بيئة جديدة أو بالبيئة المستخدمة الآن، بشرط توافر واجهات تعامل فعالة بين الإنسان والآلة وأدوات وقنوات اتصال ذات سعات كبيرة.

5. تكنولوجيا المعلومات والنظم الحديثة

تعرف تكنولوجيا المعلومات بأنها جميع أنواع الأجهزة والبرامج المستخدمة في تجهيز وتخزين واسترجاع المعلومات، ويمكن أن تُعرف تكنولوجيا المعلومات بأنها أربع فئات رئيسة وهي: تقنيات أوعية المعلومات على اختلاف أشكالها، وتقنيات تجهيز المعلومات واختزانها واسترجاعها، وتقنيات الاتصالات وتراسل البيانات، وتقنيات إنتاج المعلومات نفسها، وهي تقنيات المختبرات التي تدعم في الأساس حواس الإنسان وقدرته على ملاحظة الظواهر الفلكية والجيولوجية والفيزيائية، وتخرج عن نطاق دائرة تنظيم المعلومات.
أ. تطور تكنولوجيا المعلومات

إن نقطة انطلاق المعلومات كانت الخطابات، ثم أصبحت الكتب، ثم الدوريات، ثم دوريات المستخلصات، التي تولي نشرها منتجو المعلومات من الدرجة الثانية، ثم ظهرت قواعد البيانات الإلكترونية، ثم أجهزة الحاسبات المضيفة Hosts لقواعد البيانات، ثم المعلومات الإلكترونية ومنها الدوريات على شبكة "الإنترنت" Internet، وأخيراً الأجهزة التي تتسم بالذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence والنظم الخبيرة Expert Systems. وقد تابع هذا التطور الناشرون البدائيون، ثم منتجو المعلومات، وأخيراً أجهزة الحاسبات الخادمة Servers. إن هناك زيادة سريعة في قوة وإمكانات الحاسب، وكذلك في الاتصالات، والتي بدورها جعلت من الممكن تطوير الاتصالات عبر الشبكات، والنشر الإلكتروني، والوسائط الفائقة، والأعمال الجماعية المشتركة بدعم من الحاسب أو ما يطلق عليه Computer Supported Cooperative Work CSCW، والواقع الافتراضي Virtual Reality: VR ، وتطوير الإنسان الآلي المعرفي.
ب. تطور وسائط المعلومات

تطورت وسائط المعلومات التي اصطنعها الإنسان منذ سبعة آلاف سنة من أوعية تقليدية، كالحجارة والألواح الطينية وأوراق البردي وعظام الحيوانات وجلودها، والورق الصيني ومشتقاته، والأوعية غير التقليدية كالسمعيات والمرئيات، حيث بدأ تخزين المعلومات المسموعة أواخر القرن التاسع عشر، وفي عشرينات القرن العشرين خُزِّنت المعلومات المسموعة بتكنولوجيا "المغنطة"، أما تخزين المعلومات المرئية الثابتة والمتحركة، فقد بدأ في سنوات الالتقاء بين القرنين التاسع عشر والعشرين، بواسطة التصوير الفوتوغرافي، ثم ظهرت الأفلام السينمائية، بينما جاءت تطبيقات الليزر في تخزين المعلومة في أوائل الثمانينات من القرن الماضي.

ج. تطور نظم تخزين واسترجاع المعلومات

يمكن التمييز بين أربع فئات لنظم تخزين واسترجاع المعلومات وهي: نظم الإحالة، وتندرج تحتها الفهارس المستخدمة لتتبع المصادر الخارجية للمعلومات، ونظم صور الوثائق أو نظم الإدخال الضوئي، وهي نظم تخزين واسترجاع المعلومات عن طريق المسح الضوئي لصفحات الوثائق، ونظم النصوص الكاملة حيث يتم إدخال النصوص للوثائق واسترجاعها، ونظم الوسائط المتعددة Multimedia، وهي تتكون من وثائق تشتمل وسائط عدة. إن نظم صور الوثائق أو الإدخال الضوئي يمكن أن توفر إمكانات البحث والاسترجاع للوثيقة، بينما يمكن لنظم الوسائط المتعددة أن تيسر الاسترجاع الفوري للمعلومة داخل الوثيقة.
د. نظم المعلومات الحديثة

تحقق نظم المعلومات الحديثة والمرتبطة بالحاسب، الاستخدام الأمثل والفعال لتكنولوجيا المعلومات. وتعرف نظم المعلومات المرتبطة بالحاسب بأنها النظام الذي يستخدم أجهزة الحاسب وبرمجياته وقواعد البيانات والإجراءات والأفراد لتجميع وإرسال المعلومات في المنشأة. وتنقسم نظم المعلومات الحديثة إلى أربعة أنواع رئيسة: نظم دعم القرارات Decision Support System: DSS، ونظم المعلومات الإدارية Management Information Systems: MIS، ونظم معالجة المعاملات Transaction Processing Systems TPS، ونظم المكاتب الآلية Automated Office Systems: AOS. وعلى الرغم من أن هناك قبولاَ متعاظماً لفكرة تقسيم نظم المعلومات المرتبطة بالحاسب إلى هذه الأنواع، فإنه ليس هناك اتفاق على العلاقات فيما بينهما وعلى دور كل منها في المنشأة الحديثة.

وتتطور الأنواع المختلفة لنظم المعلومات المرتبطة بالحاسب على أساس منطقي قوي، حيث أن هناك تتابعاً واضحاً، فقد ظهرت نظم تشغيل البيانات مع بداية استخدام الحاسبات الإلكترونية في مجال التطبيقات التجارية في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، ثم ظهرت نظم المعلومات الإدارية في منتصف الستينيات، أما نظم آلية المكاتب فقد ظهرت في السبعينيات، بينما ظهرت نظم دعم القرارات خلال الثمانينيات، وفي بداية التسعينيات كان ميلاد النظم الخبيرة Expert Systems، وهناك ارتباط تكنولوجي مشترك بين الأنواع المختلفة للنظم المرتبطة بالحاسب، حيث أن الحاسب الإلكتروني نفسه قد تطور بصورة كبيرة، وهناك ارتباط عام في الأسلوب الذي تُشَغَّل به البيانات وتحُوّل إلى معلومات في النظم المختلفة.





       

ثانياً: المؤثرات المرتبطة بثورة المعلومات

1. تأثير ثورة الاتصالات وارتباطها بثورة المعلومات

لا يمكن إغفال الدور الذي لعبته تكنولوجيا الاتصالات عبر التاريخ في التأثير على المعلومات، إضافة إلى العلاقة التفاعلية التي زادت بين تكنولوجيا الاتصال والمعلومات وبين سائر قطاعات المجتمع. وأصبح يطلق على المجتمعات المتطورة تكنولوجياً "مجتمعات المعلومات". فقد شكلت الاتصالات والمعلومات سمة لمجتمعات جديدة متطورة.

وأصبحت الاتصالات جزءاً لا يتجزأ من الأنشطة اليومية للأفراد، فهي تستخدم لنقل المعلومات والبيانات على اختلاف أشكالها. والتطور التقني الذي يشهده العالم الآن، ظهر واضحاً في مجال الاتصالات وبث المعلومات من خلال قنوات الاتصال المختلفة، المستخدمة في إرسال المعلومات واسترجاعها ومنها الأسلاك النحاسيةCopper Wires، والألياف البصرية Fiber Optics، والكابلات المحورية Coaxial Cables، واستخدام أجهزة الاتصال بالموجات القصيرة Short Waves، وموجات الميكروويف Microwaves، وأقمار الاتصال Communication Satellites، والأجهزة اللاسلكية الرقمية Wireless Digital Communication. وقد لعبت هذه الأوساط دوراً جوهرياً في تطوير نقل المعلومات وانسيابها.
أ. قنوات الاتصال

تعددت قنوات الاتصال Communication Channels وتنوعت، حيث تطورت عبر القرون، بداية من قرع الطبول، وإضرام النيران لتوليد الدخان، وإرسال الرسل على صهوات الخيول، حتى وصلت إلى القنوات المعروفة حالياً الآتية:

        (1) خطوط الهاتف

تعتمد الاتصالات الخطية على استخدام خطوط الهاتف Telephone Lines المصنوعة من الأسلاك النحاسية، وقد تطور استخدام خطوط الهاتف وذلك باستبدالها بالهواتف المحمولة التي تستخدم الاتصال اللاسلكي، حيث زودت هذه الهواتف بوحدة خاصة تُسمى موديم Modem، تُمكْنها من الاتصال بقواعد البيانات الإلكترونية Data Base وذلك من خلال الاتصال المباشر على شبكة الإنترنت Internet.

(2) الكوابل المحورية

تتميز الكوابل المحورية بكفاءتها العالية في نقل البيانات، وتمتد عبر مسافات طويلة، وتستخدم في قاع البحار  والمحيطات، وتفوق سرعة نقل البيانات بها سرعة خطوط الهاتف العادية. وتُعَدّ أزواج الأسلاك المفتولة والكوابل المحورية هما أساس القنوات السلكية للاتصالات ذوات النطاق الترددي المتوسط، حيث يتجاوز النطاق الترددي للكوابل المحورية مئات عدة من الميجا هرتز، بينما يصل نطاق التردد لأسلاك الهواتف بضع مئات من الكيلو هرتز، وعادة ما يستخدم الكابل المحوري للربط بين السنترالات المحلية.

(3) الألياف الضوئية 

تتكون من حزم تضم شعيرات زجاجية ذات قابلية عالية لنقل الإشارات الضوئية، ولهذه الألياف الضوئية مميزات عدة، أهمها: صغر حجم الشعيرات الضوئية وتوصيل البيانات خالية من الضوضاء، والسرعة العالية لبث المعلومات، إلى جانب الكثافة العالية لحمل المزيد من المراسلات. وتصل سرعة نقل البيانات بها إلى 18000 خلية من المعلومة الرقمية في الثانية الواحدة، وبإمكان الألياف الضوئية نقل 50000 قناة اتصال، بينما ينقل الكابل المحوري 5400 قناة، علاوة على أن الألياف الضوئية سريعة، واقتصادية وتصنيعها سهل ومن مواد قليلة التكلفة.

والإشارة المرسلة بالألياف الضوئية تكون في صورة شعاع ضوئي مصدره موحد ضوئي Photo Diode، أو شعاع ليزر تتغير شدته طبقاً للرسالة المراد نقلها، ويتم كشف الإشارة في جهاز الاستقبال بواسطة موحد ضوئي أيضاً، والذي يقوم بدوره بتحويل الإشارة الضوئية إلى أخرى كهربائية.

(4) الاتصال عن طريق الميكروويف

غالبا ما تستخدم شركات الهاتف وصلات الميكروويف لتسهيل الاتصال بين السنترالات ببعضها بعضا، وتشمل الاستخدامات الأخرى لمحطات الميكروويف إعادة تقوية الإشارة التليفزيونية لتصل إلى المناطق البعيدة المنعزلة، وكذلك لتدعيم المرور من استوديوهات التليفزيون إلى نقاط التغذية الرئيسة للأقمار الصناعية، أو من وحدات جمع الأخبار المتنقلة من خارج استوديوهات التليفزيون.

(5) الأقمار الصناعية

تُطلق أقمار الاتصالات على ارتفاع 36000 كم فوق خط الاستواء، وقد أدى الاستخدام المتزايد لأجهزة الحاسبات الإلكترونية وضرورة نقل البيانات عبر المسافات الطويلة إلى الاستفادة من الاتصال عبر الأقمار الصناعية، وتوزع العديد من الشركات الوثائق، ونقل البيانات، وعقد المؤتمرات عن بعد باستخدام تكنولوجيا الأقمار بمصاحبة تكنولوجيا الحاسبات.

ب. الشبكات وبروتوكولات الاتصالات

تُعَدّ نظم الاتصالات هي العمود الفقري للشبكات، إذ تُنْقل من طريقها المعلومات والبيانات بين أجزاء الشبكة، ويراعى في تصميم الشبكات أن تتصل فيما بينها وذلك باستخدام ما يسمى "بروتوكول" Protocol الاتصال، ويستخدم "بروتوكول" الاتصال لتنظيم عمليات الربط والاتصالات بين مختلف معدات الاتصال والحاسبات في الشبكة. إن مراسم أو "برتوكول" الاتصال هو مجموعة من البرمجيات تحدد متطلبات الاتصالات في الشبكة المحلية، وهذه البرمجيات تمثل اتفاقاً بين الأجزاء المختلفة للشبكة لتنظم كيفية الاتصال وتداول المعلومات فيما بينها، وتتيح تلك البروتوكولات بالتعاون مع برامج التشغيل الخاصة بالحاسب تبادل البيانات بين الأجهزة المختلفة المكونة للشبكة. 
ج. البريد الإلكتروني

يعد البريد الإلكتروني أكثر خدمات الإنترنت شيوعاً واستخداماً. ويستطيع كثيرون تبادل البريد الإلكتروني مع بعضهم بعضا. وقبل إرسال أو تلقي بريد إلكتروني يتعين أن يتحدد عنوان البريد الإلكتروني لمستخدمه، وكذا عناوين من سيراسلون إلكترونياً.

وكل ما على الشخص عندئذ، تشغيل برنامج البريد الإلكتروني في جهازه، ومراجعة قائمة الرسائل الجديدة التي وصلته ليلتقط من بينها الرسالة المنتظرة، ثم يحفظها الحاسب تلقائياً في ملف يسمى صندوق البريد Mail Box، إذ يمكن للشخص مراجعته في أي وقت.   
2. تأثير ثورة الحاسبات وارتباطها بثورة المعلومات
أ. مَوْلد مجتمع الحاسب

لم يعد استخدام الحاسبات قاصراً على الأبحاث العلمية، ومراكز البحوث، ولكنها استخدمت في كل مناحي الحياة، سواء في المطارات أو المتاجر والبنوك والمصالح الحكومية، والوحدات العسكرية. ولا يكاد يوجد مرفق أو جهاز لا تُدار أعماله بأجهزة الحاسبات أو يشترك في شبكة من شبكاته، يستدعي منها المعلومات، ويخزن فيها البيانات، وتكلف بمهام الإحصاء، ويودع فيها الأسماء والأرقام والأعداد.

وقد أمكن تطوير الحاسب من أجل أداء أفضل في السيطرة على المعلومات وحفظها ونقلها وتداولها، حيث يمكن تخزين حجم كبير من المعلومات في ملف واحد من الملفات التي تخزن على وسائط التخزين الإلكتروني. وتمتاز هذه الوسائط بسعة تخزين كبيرة، حيث يصل سعة القرص الصلب إلى 60 مليار حرف، وهي زيادة مطردة. ويمكن استرجاع المعلومة المخزنة في وقت صغير جداً يصل مللي من الثانية، وطبع ما نحتاج إليه من معلومات بمعدلات سريعة، ونقل البيانات إلى وسائط أخرى على شكل أقراص مرنة Floppy Disks، أو أقراص صلبة Hard Disk، أو أقراص مضغوطة CD Compact Disk، أو أقراص فيديو رقميةDigital Video Disk DVD. وقد أمكن الوصول إلى المعلومة والحصول عليها، سواء على المستوى المحلي أو المستوى العالمي، باستخدام الحاسبات المركزية عن طريق وسائل الاتصال المختلفة.
ب. التقاء الصوت والصورة

ساعد التقدم التكنولوجي على التقاء الشخص مع جهاز الحاسب الشخصي في موضوع محدد، من دون استخدام أجهزة الإدخال والإخراج التقليدية، ولكن باستخدام أنظمة لواجهات تعامل أخرى مثل إعطاء الأوامر للحاسب مباشرة، باستخدام صوت المستخدم، وتعمل هذه الأنظمة الآن في مجالات البحث، وتبشر باتساع استخدامها في تداول المعلومات خلال الفترة القادمة. وترجع أهمية واجهات التعامل هذه إلى أنها تمثل وسيلة سريعة في الاتصال بالحاسب والحصول على المعلومات، كما تمثل منطقة التقاء الإنسانية مع التكنولوجيا، ولن تصل ثورة المعلومات إمكاناتها الكاملة إلا بعد أن يصبح التفاعل بين البشر والآلة أكثر إيجابية مما هو عليه الآن.

وقد استبدلت الأدوات التي تستخدم مع الحاسب لإدخال المعلومات والتعامل معها، بأجهزة أخرى طُورت لتشمل القفازات التي تجعل الحاسب يشعر بالحركات الدقيقة للأصابع، ونظارات وخوذات تراقب ما يدور في الرأس، ومزودة بآلات ميكانيكية وبصرية، وأجهزة كهربائية مغناطيسية ترقب حركات العين والرأس حيث يستطيع الحاسب التعرف على الجهة التي ينظر إليها المستخدم.
ج. واجهات التعامل الحسية

إن واجهات التعامل تترجم الأماكن والحركات واللون والضوء والصوت ودرجات الحرارة والروائح والأحجام. وتُعَدّ هذه الواجهات بمثابة عيون وآذان وأفواه وأذرع وأقدام الإدخال والإنتاج للبيانات الأساسية للمعلومات، وسوف يزداد استخدامها لزيادة علاقة الفرد بأجهزة الحاسب.

وقد يوحي النجاح الذي تحقق في مجال فهم الحاسب للكلام وإدراكه إلى احتمال تحقيق نجاح مماثل في مجال الرؤية بواسطة الحاسب، حيث ازدادت أهمية منظومة الرؤية في تطبيقات متخصصة في مجال الطب والتصنيع، ومن ثم تتواصل الأبحاث والنتائج، حيث أدخلوا إلى برمجة الحاسب كيف يميز بشكل عام بين المناظر المتشابهة، بحيث يمكن استرجاع صور محددة من الأرشيف، بما يسهل إمكانية الحصول على المعلومة المصورة من قاعدة البيانات، ويمكن الآن التعامل مباشرة مع الحاسب من خلال قلم إلكتروني وورق إلكتروني وتسجيل بيانات الكتابة على الحاسب لاسلكياً، حيث يوجد في هذا القلم جهاز إرسال واستقبال، ما يوفر الجهد والوقت في التعامل مع الحاسب والمعلومة.
د. قواعد البيانات

في مواجهة الكم الهائل من البيانات وتنوعها وتداخلها، لم تعد المشكلة الكبرى هي معالجة هذه البيانات، حيث إن سرعة الحاسب الفائقة وقدراته العالية قادرة على ذلك. ولكن المشكلة هي تنظيم هذه البيانات بطريقة ميسرة تمكن المستخدم من استدعائها بطريقة سريعة عند الحاجة إليها. وأدى ذلك إلى تطوير أسلوب تخزين المعلومات في ملفات البيانات Data Files، حيث تخزن مجموعة من البيانات المستخدمة في التعبير عن مدلولات ذات طبيعة مشتركة فيما بينها، مع محاولة إيجاد نظام يربط بين الأنواع المختلفة لملفات البيانات، ومن ثم إمكانية استرجاعها بواسطة نظم استرجاع المعلومات المختلفة Information Retrieving Systems، التي يمكن من طريقها عرض وتلخيص المعلومات بكفاءة وبسرعة فائقة.

وتعرف قاعدة البيانات بأنها تجميع للمعلومات ذات العلاقة المتبادلة فيما بينها والمخزنة معاً من دون زيادة غير ضرورية أو ضارة لاستخدامها في تطبيقات متعددة، وتُخزّن البيانات بحيث تكون مستقلة عن البرامج التي تقوم باستخدام هذه البيانات، وتستخدم أساليب شائعة لإضافة بيانات جديدة، أو تعديل واسترجاع البيانات المخزنة في قاعدة البيانات، وتكون هذه البيانات في شكل يسمح بتطوير التطبيقات في المستقبل. ويمكن للنظام الواحد أن يشمل مجموعة من قواعد البيانات.

ولبناء قاعدة البيانات، تجمع البيانات وتخزن على أوساط تخزين دائمة مثل الأقراص الممغنطة أو الأسطوانات الممغنطة أو أي أوساط تخزين ثانوية أخرى، وبمساعدة مجموعة من برامج التطبيقات التي يتم تشغيلها على البيانات المخزنة لتنفيذ عمليات الاسترجاع، والتحديث، والإدراج والحذف، مع تواجد مجموعة المشتركين والمستفيدين من قاعدة البيانات على وحدات طرفية خاصة بهم. وهذا يعنى أن قاعدة البيانات تشمل بيانات لجميع المستفيدين بمختلف متطلباتهم، بل يمكن لأكثر من مستفيد العمل في الوقت نفسه بطريقة متداخلة، حيث يكون كل واحد منهم مستقلاً عن الآخر، (انظر شكل مبسط لنظام قاعدة البيانات).

3. حرب المعلومات وارتباطها بثورة المعلومات
    استفاد الإنسان كثيراً من ثورة المعلومات في تحقيق حاجاته ورغباته، حتى وصل إلى نوع من الرفاهية لا يستطيع الآن الاستغناء عنها، وإلا شعر بقصور شديد في برنامج حياته اليومية، وإنهاء مصالحه ومتطلباته. وقد استغل بعض العلماء والمفكرين على المستوى القومي، خاصة العسكريين، هذه الخاصية للمعلومات في استحداث نوع جديد من الحروب توجه ضد البنية الأساسية المعلوماتية للإنسان سلماً أو حرباً. وتعددت أشكال هذه الحرب التي أُطلق عليها (حرب المعلومات)، بحيث شملت أنواعاً كثيرة من الحروب، منها الحروب النفسية، والحروب الاقتصادية، وحرب الفضاء، وحرب القراصنة والفيروسات، وهي أهم هذه الأنواع من الحروب، والتي يمكن أن تنهي أي صراع في المستقبل قبل أن تبدأ أي مواجهة عسكرية بالأسلحة التقليدية. والغريب أن الدول المتقدمة تكنولوجياً هي أول الخاسرين في هذه الحرب، إذا لم يديروا الأعمال الدفاعية والوقائية للبنية المعلوماتية الأساسية بنجاح.

وفي عصر المعلومات يزداد اعتماد التقنيات الحديثة على المعلومات بدرجة كبيرة، ما جعل المعلومات تتصدر قائمة الاهتمامات، سواء بالنسبة للمجتمع أو للحكومات. فالمعلومات الدقيقة التي تتوافر في الوقت المطلوب، تُعَدّ في غاية الأهمية وخاصة في المجال العسكري. وتتجه معظم الدول الآن إلى خفض أعداد القوات البشرية المقاتلة مع زيادة تدريبها وتزويدها بالأسلحة المتطورة، حتى تصير نوعاً من الجيوش الذكية الصغيرة.

ولقد حازت الحرب المعلوماتية في السنوات الأخيرة اهتمام الكثير من العسكريين وخبراء المعلومات. وغطى مفهومها العديد من الأنشطة خارج النطاق العسكري المعروف (انظر صورة ثورة المعلومات والحرب المعلوماتية)، فامتد ليشمل إمكانية استخدام بعض الأفراد أجهزة الحاسب العادية لتعطيل بعض محطات الطاقة، أو تلويث بعض المواد الغذائية بالسموم، أو التسلل إلى شبكات الحاسب بالمصارف والبنوك، ما قد يؤدى إلى انهيار أسواق المال وربما انهيار اقتصاد بعض الدول.

وتعرف المعلومات Information نفسها بأنها أي حقائق Facts، أو بيانات Data، أو تعليمات Instructions، في أي صورة من الصور، وعلى الرغم من أنه لا يوجد تعريف محدد للحرب المعلوماتية، إلا أن المراجع العسكرية الأمريكية تستخدم هذه التعاريف:

أ. هي تلك الأنشطة التي يتخذها طرف لتحقيق السيادة المعلوماتية، سواء في الهجوم أو في الدفاع، وذلك من خلال التأثير على معلومات الخصم، وكل الأنشطة التي تعتمد عليها، وأنظمة معلوماته، وشبكات الحاسبات التي يستخدمها، وفي الوقت نفسه، يقوم بتوفير الحماية اللازمة لمعلوماته، وأنظمة المعلومات التي يستخدمها، وشبكات الحاسبات التي يعتمد عليها.

ب. إنها عمليات المعلومات التي تتخذ خلال وقت الأزمة أو الصراع، لتحقيق النصر.

ج. هي تلك العمليات المعلوماتية التي تتخذ وقت الأزمة أو الصراع، لتحقيق أهداف معينة ضد العدو.

أما العمليات المعلوماتية Information Operations فإنها تعرف بأنها الإجراءات التي يقوم بها طرف، للتأثير على معلومات الخصم ونظم معلوماته. وبينما تهدف العمليات الهجومية المعلوماتية إلى تدمير معلومات الطرف الآخر، فإن العمليات الدفاعية المعلوماتية تهدف إلى حماية المعلومات ومصادرها.
أ. سرقة المعلومات وتدميرها

     ومن الجرائم التي ترتكب باستخدام تكنولوجيا المعلومات سرقة الأقراص الصلبة والمرنة، بغرض الحصول على المعلومات التي تحويها، ويتولى قراصنة المعلومات بيعها بعد الحصول عليها، نظير الحصول على عائد مادي. مثال ذلك الوصول إلى أجهزة الحاسب الخاصة بمكاتب الائتمان الرئيسة وسرقة المعلومات الائتمانية، ثم استخدامها بإعادة بيعها لأشخاص آخرين. ويُعَدّ ذلك من الأعمال غير المشروعة، حيث يُساء استخدام أجهزة الحاسب ونظم الاتصالات، وتدمر المشروعات المهمة للشركات بغرض ابتزازهم، ببث برنامج يحدث بعض الأعطال في برامج الآلاف من أجهزة الحاسب.

وانتشرت في السنوات الأخيرة العديد من الفيروسات التي تلحق أضراراً كبيرة بالحاسب، ومنها ما يمحو المعلومات من الأقراص الصلبة. وهناك أنواع من الفيروسات يمكنها أن تنتشر داخل شبكات الحاسب من دون مساعدة، ثم يبدأ الفيروس في تخريب الملفات. وعلى عكس الفيروسات التقليدية فإن الفيروس "ريموت إكسبلورر" Remote Explorer، يمكن أن يصيب جهاز الحاسب من دون أن يفتح المستخدم أي ملف من البريد الإلكتروني، وهو فيروس متطور، بإمكانه الانتشار داخل الشبكة المتصل بها الحاسب والاختفاء داخل أحد ملفات رسائل البريد الإلكتروني، وبمجرد إصابته للحاسب فإنه يستخدم برامجه الداخلية للانتشار والتخريب في وقت لاحق، ما يعطي الفيروس فرصة أكبر في تخريب عدد أكبر من الملفات.

وقد استطاع فيروس "ميلسا" Melissa عام 1999، أن يصيب أكثر من 100 ألف جهاز حاسب. وعند بداية ظهور الفيروس الذي يهدد أنظمة البريد الإلكتروني الحكومية والعسكرية، اضطرت شركة مايكروسوفت Microsoft العالمية إلى وقف خدمة البريد الإلكتروني الخاص بها بعض الوقت لتجنب مخاطره. حيث يستخدم الفيروس لغة برمجة Visual Basic، ويستغل شفرة هذه اللغة لينسخ نفسه خمسين مرة مستخدماًً برنامج الكتابة Word، ثم يرسل هذه النسخة عبر البريد الإلكتروني إلى أول خمسين عنوان يجدها في دفتر العناوين.

وقد أتلف فيروس تشرنوبيل الكثير من أجهزة الحاسب في تاريخ محدد وهو 26 أبريل 1987، وتحرك العلماء لعمل البرمجيات المضادة له، وابتكار أدوات الكشف عنه بحيث تستطيع مراقبة عمل الحاسب والبحث عن أي سلوك يشير إلى وجود الفيروسات والتحرك لمقاومتها. وعلى الرغم من جميع الجهود في هذا المجال، فإن العلماء يتوقعون أن تتحول تلك الظاهرة إلى نوع من الإرهاب الإلكتروني Electronic Terrorism. ويعتقد الخبراء أن ثمة متخصصين في إنتاج هذه الفيروسات يمكن أن يوجهوا هجوماً في أنحاء العالم، مستهدفين تدمير الملفات والسيطرة على برامج الحاسب. وسوف يوظف هؤلاء الإرهابيون شبكة الإنترنت لتحقيق أغراضهم. ولمجابهة تلك المخاطر، استفاد خبراء الأبحاث الأمريكيون من نظام المناعة عند الإنسان، والتي تعتمد على خلايا تتصدى للميكروبات والفيروسات، بابتكار نظام شبيه للحاسب، يستشعر الفيروسات ويتخلص منها في دقائق. 

ب. أمن وتأمين المعلومات

يرتبط تأمين المعلومات بعناصر عدة أساسية أهمها الأجهزة والمعدات والوسائط المستخدمة، والبرمجيات والبرامج والتطبيقات والبيانات المتداولة، والقوى البشرية المتعاملة مع النظم الآلية. وعلى ذلك فان عملية تأمين المعلومات لا بد وأن تشتمل على جميع العناصر مثل: تأمين موقع الحاسب، وتنظيم دورة العمل، وتخصيص المهام، ومقاومة فيروسات الحاسب. وذلك إضافة إلى تأمين المعلومات عبر الشبكات والنهايات الطرفية في مستويات عدة، وذلك من خلال استخدام نظم للتأمين والحماية من أعمال الاختراق للشبكات الخاصة بالمعلومات، ويتم بطريقتين: إما بالمنع النهائي للاختراق، وهي تُعد من الأمور الصعبة التنفيذ، أو بالسماح بالاختراق لاكتشاف وتحديد المخترقين. وتتعدد الأساليب في هذا المجال، فمنها الحوائط النارية ونظم إخفاء البصمة والتشفير والتوقيع الرقمي، والحماية من الهوية بالتعرف على بصمة الإصبع وبصمة الصوت وحدقة العين، واستخدام الكروت الذكية للتحقق من الهوية. وذلك إضافة إلى الإجراءات الأمنية التقليدية لتأمين استخدام الحاسبات وقنوات الاتصال والوثائق والبرامج والوسائط المستخدمة.

 ثورة المعلومات Fig01


ثورة المعلومات Pic01
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ثورة المعلومات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثورة المعلومات   ثورة المعلومات Emptyالإثنين 02 مايو 2016, 9:24 pm

ثالثاً: تأثير ثورة المعلومات في المجتمع:

1. تأثير ثورة المعلومات على السياسة والدبلوماسية وصنع القرار

لا بد للحكومات من الاتصال بالمواطنين. وهو مبدأ مهم مرتبط بالسياسة، كما أن الحكومات تنمو وتقوي باستخدام أشكال المعرفة والمعلومات المنظمة لجميع أعمال ومهام الدولة، وتستطيع دائماً أن تتحمل الجهد الذي يؤدي إلى زيادة كفاءتها. وهي باختصار تمثل أفضل المرشحين للاستفادة من ثورة المعلومات في المجال السياسي والدبلوماسي وصناعة القرار. وعلى سبيل المثال في الحكومة الأمريكية، نجد أنه يصلها العديد من طلبات تقديم المقترحات الخاصة بها، وقدر كبير من النشرات المحفوظة المكررة الخاصة بما تقوم به الوكالات المختلفة، والبيانات بمختلف أنواعها المتاحة على الإنترنت. وعلى الجانب الآخر، تستقبل العديد من الوكالات الفيدرالية مقترحات من المواطنين والمؤسسات عن طريق الإنترنت، وعلى رأسهم وزارة الدفاع الأمريكية.

ويقوم 12% من دافعي الضرائب الأمريكيين بملء استمارات هيئة ضريبة الدخل إلكترونياً. وقد بدأ منتجو برامج الكمبيوتر في إنتاج برامج ترتبط بالأنشطة المصرفية وغيرها من الأنشطة المالية، التي لها علاقة بالمتطلبات والاحتياجات اللازمة لملء استمارات الضرائب، بحيث يستطيع أي ممول الوفاء بالتزاماته أوتوماتيكياً. وهذه الأنواع من نقل المعلومات من الحكومة وإليها، تنتشر بسبب ما تقدمه من مزايا وفوائد اقتصادية. كما يستخدم المسؤولون أيضاً أنواع التكنولوجيا الجديدة لجمع تعليقات ناخبيهم واستطلاع آرائهم، وتقييم فرص إعادة انتخابهم، والحد من فرص نجاح معارضيهم. وفي المستقبل سوف تُنشأ وحدات ترد على المواطنين بطريقة آلية، وهي نسخ متطورة من أشكال تكنولوجيا البريد الصوتي الآلي.

كما يمكن إجراء عمليات استطلاع الرأي والتصويت الإلكتروني بسهولة عبر سوق المعلومات. كما تقوم الحكومات باستطلاع آراء الناس بطريقة فورية في بعض الحالات، خاصة في حالات وقوع كارثة قومية، بحيث يكون استطلاع آراء المتضررين مفيداً ومهماً في تحديد أهم الموارد التي يحتاجونها، من المأكل والمأوى ووسائل النقل. ولكن في معظم الحالات الأخرى قد يستطيع الرأي الفوري عن الكيفية التي يقوم المسؤولون فيها باتخاذ قرارات فردية لخدمة المواطنين، ونتائج هذه القرارات.

وتُعَدّ لوحات الإعلانات الإلكترونية مفيدة لأعداد من الناس يقدرون بالعشرات أو المئات أو حتى بضعة آلاف، حيث ستمكنهم من إرسال آرائهم السياسية وإجراء عديد من الحوارات البناءة، ومن ثم تصبح هذه أدوات مفيدة في ديمقراطيات الغد المتكاملة إلكترونياً. كما تشجع الحكومات على التجارة الإلكترونية مع وضع الضوابط لها. ووزارة الدفاع الأمريكية مثال واضح لذلك، حيث بدأت، في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي في طرح مبادرة عُرفت باسم كولز CALS، لوضع معايير ثابتة لتبادل المعلومات التقنية الخاصة بالتعاقدات لتصنيع وتدعيم العديد من البرامج والأسلحة وغيرها من المعدات التي يستخدمها الجيش. وقد اتسع نطاق هذا البرنامج بمساعدة الحاسب كولز ليشمل تبادل الأعمال إضافة إلى البيانات التقنية.

وتستخدم الحكومات سوق المعلومات بوسيلة أخرى تتمثل في ربط الوكالات والمكاتب الخاصة بها معاً. وقد شرعت الحكومات في تطوير شبكاتها الوطنية، التي تربط عادة وزاراتها والسكرتارية الخاصة والوكالات المرتبطة بها. وتقتصر هذه الروابط في الوقت الراهن على نقل البريد الإلكتروني والمذكرات والوصول إلى بعض الوثائق بين الوكالات الحكومية. وتنطوي هذه الشبكات على إمكانات كبيرة، خاصة وأن العمليات الآلية قد بدأت في تخفيض الأعباء التي تثقل كاهل الموظفين الحكوميين والجمهور كما يحدث في ملء الاستمارات وانتظار تسليمها وإنهاء إجراءاتها.

وسوف تساعد سوق المعلومات أجهزة تنفيذ القانون على المستوى المحلي والدولي بوسائل عدة، سواء كان ذلك في التعرف على أحد المشتبه فيهم من قائمة المطلوبين، أو تعقب أحد المجرمين عبر الحدود الوطنية مع تكاتف جماعات الشرطة في العمل معاً بشكل جيد. ويعد جمع المعلومات وربطها معاً دائماً، جزءاً كبيراً من عمل الشرطة، ويؤدي إلى تحسين أساليب مقاومة ومنع الجريمة من خلال توزيع المعلومات الإرشادية.

وتعد الدبلوماسية أساس النشاط السياسي لأمة أو شعب، من أجل تحقيق أهداف السياسة في المسرح الدولي الذي قد يتسع أو يضيق.

وتعمل وسائل الاتصال دوراً مهماً في تقدير الموقف السياسي وسرعة اتخاذ القرار وإبلاغه وتلقي الردود بشأنه. ويرى البعض أن المعلوماتية قد أدت إلى تناول العلاقات الدولية بصورة أشمل، حيث أتاحت فرصة الاتصال المباشر بين القادة السياسيين، مثال ذلك قيام الرئيس الأمريكي جورج بوش بتجميع التحالف الدولي في حرب الخليج الثانية باستخدام الهاتف، كما لم يستخدم من قبل في الدبلوماسية الدولية.

كما أن الثورة المعلوماتية الإعلامية نتج منها تعدد الألسنة المتحدثة باسم الدولة، وذلك فيما يطلق عليه "الدبلوماسية العامة"، أو "دبلوماسية القمة" و"الدبلوماسية الشعبية" و"الدبلوماسية الرياضية" إلى آخر هذه الأنواع من الدبلوماسيات التي أدت إلى توزيع المهام، التي كانت تضطلع بها الدبلوماسية الرسمية. وإذا ما استرجع أحد أهم وظائف الدبلوماسية وهي حماية المصلحة القومية، وهي مصلحة مركبة من جزئية اقتصادية، وثقافية، وعسكرية، وسياسية، ولذا، فهناك حاجة دائمة إلى تشكيل إستراتيجية شاملة. ومن هنا، كانت فائدة ثورة المعلومات وعلاقتها بالآلية القادرة على ربط ومعالجة المعلومات بهدف الوصول إلى ثقافة المعلومات. إن ثورة المعلومات والاتصالات تلبيان متطلبات الجهاز الدبلوماسي، وكما أن هناك جهوداً لاستخدام المعلومات والتكنولوجيا في العمل الدبلوماسي فإن الكثير من المشاكل، سواء المادية منها أو الأمنية، قد تعترض هذه المسيرة.

    إن ثورة المعلومات قد أثرت في الثورة الإعلامية، التي سيمتد تأثيرها إلى عقول الصغار. وهكذا، فاجأت الثورة العلمية العالم بإسقاط الثنائية القطبية، عندما انهار أحد المعسكرين وتفكك الاتحاد السوفيتي نتيجة الخلل الذي كشفته ثورة المعلومات. كما أن الحدود والآفاق المفتوحة أمام المعلومات، انعكست في جميع نواحي النشاط الإنساني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي. فالدول الصناعية المتقدمة تمتلك تكنولوجيا إنتاج وتطوير وسائل الإعلام والاتصال، وتمتلك وكالات الأنباء الكبرى والصحف والمجلات العالمية والدولية وشبكات الإذاعة والتليفزيون والقنوات الفضائية، وتنتج أكثر من 90% من تكنولوجيا المعلومات المؤثرة على المجال السياسي والدبلوماسي وبعض المجالات المهمة الأخرى.

يستطيع مستخدمو شبكة الإنترنت الحصول على معلومات مكتوبة أو مسموعة أو مرئية من خلال الأجهزة الشخصية. ومن خلال هذه الشبكة، يستطيع أي شخص الاتصال بالحاسب الآلي لإدارة الجوازات مثلاً، أو الحصول على ما يريد معرفته من معلومات عن كيفية استخراج جواز السفر، من دون أن يتكلف عناء الوقوف في طوابير طويلة، وبالمثل لرخص المرور. وفي مجال الأعمال يستطيع أصحاب الشركات ورجال الأعمال إدراج صفحاتهم الإلكترونية عن نشاطهم، بحيث يستطيع العملاء التسوق والشراء عبر شبكات الحاسب.

تراوح مستويات اتخاذ القرار من القرارات الروتينية، وهي قرارات مبرمجة، إلى القرارات الصعبة غير المبرمجة. ويمكن تقسيم عملية اتخاذ القرار إلى ثلاثة مستويات رئيسة متتابعة، هي: المستوي الإستراتيجي Strategic level، وتتعامل فيه القرارات مع الأعمال ذات الصيغة غير التقليدية المتعلقة بالمستقبل كعمل الخطط طويلة المدى التي تؤثر على المنشأة كلها، ويشمل بناء الأهداف والسياسات والتنظيمات والوصول إلى الكفاءة الشاملة للمنشأة، ويمكن برمجة بعض الجوانب الفرعية لهذا المستوى.

والمستوى التكتيكي Tactical Level، وتتعامل فيه القرارات التكتيكية مع الأنشطة المتوسطة أو القصيرة المدى وتخصيص الموارد لتحقيق أهداف المنشأة، وعلى حين أن اتخاذ القرار الإستراتيجي هو نشاط تخطيطي فإن القرار التكتيكي خليط من كل من نشاطي التخطيط والرقابة، وهذا النوع من اتخاذ القرارات له حالات قليلة التعامل مع عملية اتخاذ القرارات المبرمجة.

ثم المستوى الفنيTechnical Level ، وتتعامل فيه القرارات الفنية مع الأنشطة اليومية أو القصيرة المدى. وفي هذا المستوى من القرارات تكون المعايير القياسية ثابتة، لذلك تكون نتيجة القرار محدودة، والقرار الفني هو عملية ضمان أن الأهداف المحددة قد نُفذت بكفاءة وفاعلية. وتكون معظم القرارات الفنية من النوع الروتيني الذي يمكن برمجته بسهولة، حيث توضع لها قواعد وشروط، بحيث يمكن اتخاذ القرار بصفة آلية عند توافر الشروط المحددة للمعلومات مقدماً. وتختلف متطلبات المعلومات في مستوى اتخاذ القرار. (انظر جدول متطلبات المعلومات لمستويات اتخاذ القرار)

ثانياً: تأثير ثورة المعلومات على الاقتصاد

تأثر الاقتصاد بثورة المعلومات تأثراً كبيراً، فإدارة الموارد البشرية كانت في حاجة ماسة إلى حجم من المعلومات المتبادلة بين الدول للتعرف على شكل هذه الثورة على المستوى العالمي، كما أن عمليات الإحلال بالبدائل للموارد المادية الأولية لم تكن لتنفذ أعمال استمرارية الإنتاج، إلا في وجود المعلومات، وهكذا تأثرت كل القطاعات والنواحي الاقتصادية بثورة المعلومات، بدءاً من قطاع المال والبنوك، إلى قطاعات الصناعة والغذاء، وأيضاً النقل والمواصلات والتعدين، وأهم ما تأثرت به المجالات الاقتصادية هي:

التجارة الإلكترونية:

هناك نوعان من التجارة الإلكترونية، ويتضمن أكبر هذين النوعين حتى الآن، المعلومات اللازمة لتبادل السلع المادية. وسواء كانت المعلومات تتعلق بتدفق الغاز الطبيعي خلال خط أنابيب عبر القارات "مثال لذلك" أو لعقد صفقات لشراء السلع الشخصية الخاصة بالأفراد من المتاجر العالمية والمحلية، فإن هذه التجارة الإلكترونية غير المباشرة، تتعلق بالإعلانات والأبحاث والبيع وإبرام العقود وتسديد الديون وغيرها.

    وعلى العكس من ذلك، تشمل التجارة الإلكترونية أيضاً المعلومات، كسلعة تشحن بشكل مباشر من خلال سوق المعلومات. وهذه السلع المعلوماتية تشمل برامج البريد الإلكتروني وبرامج البريد الصوتي وبرامج أنظمة تشغيل الحاسب المختلفة وغيرها، كما تشمل الكتيبات والكتب والصور والإرشادات، والأخبار وأسعار البورصات، والأموال والإجراءات وغير ذلك. ونظراً إلى أن السرعة التي تتم بها عملية التوريد ترضى حاجات الإنسان، فمن المرجح أن تصبح التجارة الإلكترونية المباشرة عنصراً مهماً من عناصر سوق المعلومات.

     وفيما يتعلق بالأنشطة الأخرى في سوق المعلومات، سيتوقف نجاح التجارة الإلكترونية على درجة المشاركة والتوحيد القياسي للسلع المختلفة التي يمكن أن يتفق عليها البائعون والمشترون، أي المواثيق بين البائع والمشتري. وستظهر هذه الأدوات، التي ستشكل "لغة التجارة" الجديدة داخل الشركات الكبرى وقطاعات الأعمال، حينما تتفق الشركات والاتحادات على ما ستفعله معاً وكيفية ذلك. وهناك استمارة إلكترونية تتم عملية البحث والتفاوض وإصدار الأوامر وإبرام العقود وتحصيل الفواتير. وسوف تُزال الحواجز اللغوية في التجارة الدولية، ما تعد واحدة من الأدوات البسيطة والقوية للتجارة الإلكترونية.

3. تأثير ثورة المعلومات اجتماعياً وثقافياً:

بقدر ما استغلت المعلومات لرفاهية الإنسان في تحقيق المستوى الاجتماعي والثقافي طبقاً لما تتطلبه السياسات والإستراتيجيات في الدول، بقدر ما استغلت هذه المعلومات من الدول المتقدمة في نشر ثقافتها وفرض هيمنتها الاجتماعية والحضارية على المجتمعات الأخرى، في محاولة لاستقطابها والسيطرة عليها طلباً لمصالحها، لذلك فإن ثورة المعلومات سلاح له حدان، أحدهما ينمو ويزدهر من خلاله المجتمع باكتساب الخبرة والثقافات والمعرفة من الغير، بشرط اختيار ما يتناسب مع قيم ومبادئ المجتمع، والحد الآخر هو الجانب الضار بالمجتمع، إذا لم توضع الضوابط والأسس لاستيراد هذه الثقافات والحضارات إلى داخل المجتمعات بمعظم دول العالم.

توجد علاقات بين مواد المعلومات المختلفة ذات الثقافات المختلفة، ما يمكن من العثور على المعلومات المتماثلة. وعند رسم هذه العلاقات والارتباطات بين أجزاء المعلومات المتناثرة، يمكن تصور الشبكة العنكبوتية العالمية World Wide Web التي نتجت عن ربط هذه العلاقات ببعضها بعضا، فهي تربط مواداً أو أجزاءً من المعلومات من جميع أنحاء العالم، المدرجة في مختلف أجهزة الحاسب من قواعد بيانات مختلفة، كما لو كان لا يوجد بينها أي فاصل، والمعلومات التي تقدمها منظومات الشبكة العنكبوتية العالمية تكون متماثلة إلى حد بعيد، لأنها جميعاً مرتبطة مع بعضها بعضاً، وهي لا تتيح مجرد الاتصال بجميع أنواع قواعد البيانات المهمة والثقافات المتعددة التي تتألف منها، بل تقوم أيضاً بإصدار أوامر لبرامج أخرى لتبحث للمشترك عما يريد أن يزيد به معرفته.

ومن ميزات هذه الشبكة أنها دائمة النمو والاتساع، إذ يستطيع أي إنسان المساهمة في توسيعها وامتدادها. والبيانات والمعلومات التي تعرضها الشبكة، تكون عادة مدرجة ضمن العديد من أجهزة الخدمة المختلفة الموزعة في جميع أنحاء العالم، حيث تقدم الشبكة قائمة بكل أنواع الثقافات والمعلومات وفهارس محتوياتها، بحيث يستطيع الإنسان الانتقال من مكان إلى آخر والإطلاع على ما بداخله.

ويُعَدّ الاتصال من خلال شبكة الإنترنت أسرع طرق الحصول على المعلومات Superhighway Information للثقافات المتعددة والحضارات المختلفة. وهذا الطريق هو طريق إلكتروني يتحقق الاتصال به سلكياً، أو لاسلكياً، وغالباً من خلال الأقمار الصناعية، وتزدحم تلك الطرق طولاً وعرضاً بالمعلومات والبيانات التي تتدفق من دون انقطاع في حركة بالغة السرعة، تقاس بأجزاء صغيرة من الثانية، أخذت الشبكة عدة أسماء تناسبها مثل "الطريق السريع الرقمي" أو "شبكة المعلومات الرقمية" أو "طريق البيانات السريع" أو "الشبكة المعلوماتية الدولية". وشبكة الإنترنت هي أكبر شبكة معلومات في العالم، ومع التقدم التكنولوجي في وسائل الاتصال أمكن استخدام خطوط الكهرباء المنزلية في اتصال الحاسبات الشخصية بالإنترنت، وبذلك وجد الإنسان طوفاناً من الثقافات واللغات والحضارات والموضوعات تصله في مكانه أينما وُجد.

وفي عام 1993، خرج من منعطف الإنترنت أجنحة الوسائط المتعددة. وهي مجموعة من مستلزمات البرمجة والبرامج الخاصة ووسيلة لتجميع الوثائق معاً، ما يتيح لمستخدمي هذه الوسائط التحول عبر الشبكة وأن يشاهدوا كل ما فيها بالصوت والصورة والفيديو. وانبثق عصر جديد للإنترنت، إذ لم تعد الإنترنت مجرد وسيلة لإرسال واستقبال البريد الإلكتروني ونقل البيانات عبر شبكات الحاسب. بل أصبحت بمثابة مكان مزدحم بالناس والأفكار، تستطيع زيارته والتجول في جنباته، وهو ما يعرف بعالم "السايبرسبيس" Cyper Space وقد أضيف إليها بعد جديد وهو التفاعل Interactivity.

وقد اتسعت دائرة انتشار ندوات الفيديو، وانتشار الصحف الإلكترونية، بفضل تراجع أسعار المعدات الخاصة بها. وأصبحت الشبكة تضم في عام 1996، ما يزيد على مائة ألف شبكة متصلة تخدم عشرات الملايين من المستخدمين، وتنمو بمعدل مائة في المائة سنوياً. وسوف يصل عدد الأوربيين المستخدمين للإنترنت السريع إلى 24.2% بحلول عام 2005، بينما تصل النسبة في السويد الآن إلى 37.3%. وسيبقى أعلى استخدام للإنترنت السريع في أمريكا الشمالية، حيث سيحصل على الخدمة واحد من كل اثنين من مستخدمي الإنترنت من المنزل. إن عدد مستخدمي الإنترنت يتزايد زيادة مُطّردة، ومن المتوقع أن تزداد أوجه استخداماتها لتشمل نقل المؤتمرات لحظة انعقادها، وهو ما أدى إلى ثورة حضارية ثقافية ارتبطت بثورة المعلومات لصالح ثقافة وحضارة الإنسان.

وقد أَثّرت ثورة المعلومات على الجوانب الاجتماعية والثقافية، بحيث ظهر تأثيرها واضحاً في التعليم وقطاع الطب والدواء ومجال البيئة والبحوث العلمية والثقافية، وأيضاً في مجال مكافحة الجريمة.
أ. في مجال التعليم

يُعَدّ التعليم نشاطاً طويلاً، صمم لبناء أساس المعرفة لدى الأفراد. وينجز التعليم من خلال الوصول إلى مجموعة المعارف بطريقة عملية ونظرية بشأن موضوع معين، والتعليم أو التدريس بمساعدة الحاسب، أو ما يطلق عليه اختصاراً  Instruction: CAI Computer Aided، يتمثل في وضع مجموعة من الحقائق والمعارف خلال عملية التعليم. أما التعلم بمساعدة الحاسب، والمعروف اختصاراً بـ CAL، فإنه يعنى استخدام نظم المعلومات وتكنولوجيا الحاسبات كأداة عامة في تعلم الشخص تعليماً ذاتياً.

ومن ميزات التعلم باستخدام الحاسب، استخدام نظم المعلومات وتكنولوجيا الحاسبات التي يتشوق لها الطلاب وتجذبهم بشدة. وللطلاب قدرات وخلفيات متنوعة ومختلفة نابعة من بيئتهم المتباينة، ومن ثم فإن قدرتهم التعليمية تكون مختلفة أيضاً. ويتيح التعلم بالحاسب بالطريقة "الفردية" Individualisation أو التعليم الذاتي كمية من الحرية في عملية التعلم. والتعلم بواسطة نظم المعلومات والحاسبات هو عملية تفاعلية تشبه إلى حد كبير التخاطب والحوار، كما أن التعليم بواسطة الحاسبات يتفوق على وسائل التعلم الأخرى كالكتب والمحاضرات.

وتتيح الدراسة باستخدام الحاسبات ببرامجها المتنوعة تقليل وقت التعلم، وخَلُصت الكثير من الدراسات إلى  أن الوقت المتطلب لتعلم كمية مواد دراسية معينة باستخدام الحاسبات، يقل بحوالي 30% مقارنة بالطرق التعليمية الأخرى. إن استخدام التعلم بواسطة الحاسبات، سوف يؤدى إلى القضاء على أمية الحاسب، كما سيؤثر بطريقة إيجابية على تشكيل اتجاهات الطلاب نحو استخدام الآلية بصفة عامة.

وباستخدام الحاسب، يمكن تدريس بعض الموضوعات الصعبة، وذلك من خلال قدرة الحاسبات على المحاكاة لبعض الموضوعات، كالتشريح والتشخيص واكتشاف الأخطاء. وعلى الرغم من هذه المميزات، إلا أن هذا النوع من التعليم له سلبياته، بحيث يمكن أن يتوصل الطلاب ذوو الإمكانيات المادية الكبيرة إلى تسهيلات في التعلم أحسن وأفضل من الطلاب غير القادرين مادياً، والذين يتأثرون سلبياً بحرمانهم من هذه الميزة.

إلا أن ثورة المعلومات بوجه عام، ومن خلال ثورة الاتصالات والحاسبات قد تغلبت على كثير من المعوقات للعملية التعليمية، ويكفي أن الطالب الآن لم تعد لديه مشكلة في الحصول على المعلومة الصحيحة المؤكدة من مصادر كثيرة تتيح له المقارنة وزيادة المعرفة.
ب. في مجال الطب والدواء

تُعَدّ الحاجة الملحة إلى خفض تكاليف الطب والعلاج المتزايد إحدى الأسباب الكبرى الكامنة وراء التغيير الجذري والسريع الذي أحدثته ثورة المعلومات في الرعاية الصحية وتوفير الدواء، حيث يوفر عالم المعلومات الجديد زيادة سرعة ونوعية الرعاية الطبية والتدابير العلاجية. ويقوم العاملون في المجال الطبي باستخدام أحدث أشكال تكنولوجيا المعلومات، فالأطباء يأتون في مقدمة من يستخدمون أجهزة تعتمد على تكنولوجيا المعلومات مثل عقد المؤتمرات الطبية عن طريق الفيديو، وتكنولوجيا التصوير والحفظ، وغيرها من أجهزة التصوير الحديثة الشائعة.

وقد بدأت المستشفيات والعيادات ومؤسسات اللياقة الصحية بالفعل، العملية الكبرى لدمج عصر ثورة المعلومات مع الطب، حيث تجهز وتعد النظم التي من شأنها أن تضع أجهزة الحاسب بجوار جميع المهنيين الطبيين وتُوفر برامج للعديد من التدابير الطبية المختلفة. وقد ظهر سوق المعلومات الطبي منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي، والذي يعد طفرة علمية في مجال التجارب ونقل الخبرات.

وفي البنية الأساسية للمعلومات الطبية، تُوفر أجهزة خدمة بالحاسبات في العيادات والمستشفيات ومكاتب الأطباء ومعامل إجراء الاختبارات والصيدليات، بحيث تضمن انتقال المعلومات بسرعة بين هذه الأماكن والمراكز الطبية المختلفة. وتصمم البرامج بما يتناسب مع قدرات كل مركز طبي على حدة، ما يجعل التبادل المباشر للنصوص والصور والبيانات فيما بينها أمراً ممكناً.

     وقد ظهرت نسخ جديدة مطورة من أجهزة قياس درجات الحرارة وأجهزة قياس ضغط الدم والأجهزة الكهربائية لرسم القلب بسوق المعلومات الطبية العالمية. وتنتقل بيانات هذه الأجهزة وما تحمله من معلومات خاصة بالمرضى مباشرة إلى الممرضات، ليقرأنها وهن بجوار فراش المريض، ما يتيح فرصة التعامل بسرعة مع حالة كل مريض. وتصبح بذلك دورة المعلومات الطبية سريعة التداول، بما فيها الحصول على المعلومات الطبية من المراكز المتخصصة من خلال سوق المعلومات الطبية. كما تنقل هذه المعلومات وتحلل وتحفظ ويحصل عليها بطريقة مؤمنة وبصورة سريعة، ما يزيد من دقة العمل وكفاءته. وتتيح ثورة المعلومات للأطباء التشاور عن بعد حول حالة مريض معين من دون الانتقال إليه.

وقد صُممت غرف المؤتمرات المتخصصة، بحيث تتيح للأطباء من شتى أنحاء العالم فحص صورة الأشعة أو اختبار الدواء، وفحص المريض، ما يقلل الوقت والتكلفة التي كان يتحملها المريض من قبل.

وقد صممت النظم الخبيرة في المجال الطبي، بهدف تشخيص الأمراض والتوصية بالعلاج. وتدخل بيانات المريض للنظام متضمنة، نتائج الاختبارات المعملية، والمعلومات الطبية الأخرى؛ للخروج بالتشخيص وتحديد سبب المرض، وإصدار توصيات العلاج، وتحديد الدواء. ومن أهم استخدامات هذا النظام أنه يُمكن الرجوع إليه كمستشار طبي لمساعدة الأطباء حديثي التخرج ذوي الخبرة القليلة، للتأكد من صحة التشخيص وتوصيات العلاج للمرضى. ويمكن القول بأن نصيب الرعاية الصحية من ثورة المعلومات في تطور مستمر.
ج. في مجال رفاهية الإنسان وتسهيل العمل

ابتكرت سيارة تعمل وتوجه ذاتياً، وتسير في إحدى حارات الطرق السريعة بسرعة ستين ميلاً في الساعة باستخدام نظام الرؤية التلقائي لديها للكشف عن اتجاه الطريق وتجنب العوائق. وقد استخدم هذا النظام الذي صممه الباحثون في توجيه سيارة صغيرة ملاحياً من واشنطن Washington حتى سان دييجو San Diego، وقُطع 98% من الرحلة باستخدام التحكم بالحاسب، مع قطع مسافة تمتد بضع مئات من الأميال في ولاية كنساس Kansas دون أي تدخل بشري.

وستظهر خلال هذا القرن صور متطورة من السيارات الخاصة، بحيث تكون مجهزة تجهيزا كاملاً بالحاسب ووسائل الاتصال وأدوات التوجيه. وسوف تكون مزودة بمعدات إضافية مثل أدوات تحكم متقدمة من شأنها أن تبقى السيارة على مسافة آمنة من السيارات والحواجز المحيطة بها، وتحذر صاحبها من الحوادث المحتملة الوشيكة. وستكون هذه السيارات جزءاً لا يتجزأ من سوق المعلومات، إذ ستتيح إنجاز الكثير مما يريد الإنسان القيام به سواء من المنزل أو من المكتب وهو يقودها على الطريق.
د. في مجال نشر المعرفة

في الوقت الحاضر، ينشر عديد من المعلومات، وينتج في شكل إلكتروني. كما يوجد عدد من الأدوات والأجهزة المتوفرة لإدارتها ومعالجتها، فالنشر الإلكتروني يأتي بمزايا عدة لم تكن متاحة في النشر التقليدي، وخصوصاً فيما يتعلق بالتغلب على ذلك التأخير الناتج من التحرير والتجهيز والمراجعة للوثائق الورقية. إضافة إلى سرعة إيصال المعلومات من خلال تكنولوجيا الشبكات، وكذلك الطبيعة المرنة والديناميكية للوثائق الإلكترونية التي تسمح بسهولة التحديث والبحث والتعديل وإمكانات الوسائل المتعددة للعرض، والتي كانت صعبة تماماً مع الوثائق الورقية.

وتنشر المعلومات إلكترونياً من طريق نشر قواعد البيانات من الحاسبات المركزية إلى المستفيدين على خط الهاتف المباشر، أو من طريق الحاسبات الصغيرة وإخراج الناتج على وسائط التخزين وتقديمها للمستفيدين. ويمكن الحصول على المعلومات المنشورة إلكترونياً من الأقراص البصرية المدمجة مباشرة، وهو ما يطلق عليه "الطريق الكهرو ـ ضوئي" Electro-Optical Road. كما يمكن الحصول على المعلومات من قواعد البيانات مباشرة، أو من طريق النشر المكتبي Desktop، حيث يفتح الطريق للنشر الإلكتروني. والنشر المطبوع Print Publishing.

كما أن هناك أشكالاً عدة للإدخال في النشر الإلكتروني منها: المخطوطات الورقية، والمخطوطات في شكل تجميع الحروف الدولية American Standard Code for Information Exchange ASCIE، وبها تمثل الحروف الهجائية المختلفة بحيث يُمَثّل كل حرف بثمان نبضات كهربائية، وتختلف هذه النبضات من حرف إلى آخر، وتتمكن الحاسبات من قراءتها، ولغة التحديد العامة Generic Mark-up Language، وهي تصف الوثائق من طريق تحديد المكونات والأقسام والعناصر المتنوعة لها. وتحفظ هذه المعلومات مستقلة عن الوثيقة، ويبدأ تشغيل برنامج خاص لإعادة شكل النص إلى ما كان عليه. وكذلك يمكن عرض الوثيقة نفسها بأشكال عدة ويمكن استخدام معظم برمجيات معالجة الكلمات Word-Processing في إعادة تحرير الوثيقة.

4. تأثير ثورة المعلومات عسكرياً:

    ارتبطت ثورة المعلومات بوجود تكنولوجيا حديثة متطورة، لها إمكانية عالية لجمع وتخزين وتشغيل ونقل المعلومات وطرحها على أجهزة إلكترونية وشاشات مرئية، وتغطي ما يحدث لحظياً في مناطق ومسارح عمليات بجغرافية متسعة للغاية. وتُعَدّ المعلومات أساس اتخاذ القرار في المجال العسكري، كما أن نظم الاتصالات هي الأساس في السيطرة على القوات، وأصبحت القدرة على معرفة إمكانيات ونوايا الطرف الآخر مرتبطة بحجم المعلومات المتيسرة والتي حُصل عليها من هذا الطرف. والوصول إلى السيادة المعرفية في العمليات الحربية هدف رئيس، وقد تطورت إستراتيجيات وسياسات الردع من خلال تكنولوجيا المعلومات فيما يُعرف حالياً بحرب المعلومات، ولذلك تغيرت موازين القوى العسكرية عند إجراء العمليات الحسابية لها. وظهرت أفكار جديدة في مجال الأمن والقدرات العسكرية، نتيجة ثورة المعلومات، سوف يكون لها نتائجها ومدلولاتها على المعارك المستقبلية. كما كان لها الأثر في حسم الصراعات والمواجهات. ومن نتاج الخبرات والأبحاث لبعض المفكرين العسكريين أن الصراع التقليدي والمواجهة بالوسائل التدميرية، سوف تتغير نتيجة دخول عامل جديد، هو ثورة المعلومات، حيث يمكن من خلال محاربة المعلومات وتدميرها إنهاء الصراع العسكري قبل حدوثه.

 

جدول

متطلبات المعلومات لمستويات اتخاذ القرار



             متطلبات المعلومات

المستوى

معلومات خارجية:
أنشطة تنافسية، أداء العملاء، تغييرات الأسلوب، الاتجاهات الاقتصادية، التغييرات التكنولوجية، السياسات الحكومية، الدراسات السكانية، مدى توفير المصادر، القواعد واللوائح القانونية، تقارير خارجية.
معلومات داخلية:
تاريخية: مبيعات، تكاليف، ربح، تحويل نقدي.
تنظيمية: الدخل، الأرباح، المبيعات، الإنفاق، التنوع.
مالية: النسب، الربح، القروض القائمة، ديون طويلة الأجل، حسابات متأخرة.
مشروعات: محاكاة، تنبؤات.
تقارير: تقارير دورية، تقارير داخلية مكثفة، تقارير الفترة الواحدة.
الاستراتيجي
[ltr]Strategic[/ltr]
معلومات خارجية:
تغييرات السعر، العجز، تأخير الطلب أو الإمداد، شروط القروض.
معلومات داخلية:
معلومات وصفية تاريخية، مؤشرات الأداء الحالي، ميزانيات، الأرباح، المبيعات، الإيرادات، ملخصات تنظيمية، اتجاهات المحاكاة للتكلفة والدخل.
التكتيكي
[ltr]Tactical[/ltr]
معلومات خارجية:
تغييرات حساسة تؤثر في موارد المواد الخام والمبيعات.
معلومات داخلية:
مبيعات الوحدات، إنفاق الوحدات، الأداء الحالي، الفاقد والاختناقات، جودة التشغيل وعدم الفعالية، معدات الإدخال والإخراج، تقارير الصيانة.
الفني
[ltr]Technical[/ltr]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ثورة المعلومات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثورة المعلومات   ثورة المعلومات Emptyالإثنين 02 مايو 2016, 9:29 pm

رابعاً: شبكات ومراكز وأوعية المعلومات
1. شبكات المعلومات

إن تنوع مصادر المعلومات في عدد لا حصر له من الأجهزة، ومنها مراكز توثيق المعلومات المختلفة، هذا التنوع تطلب نوعاً من التنسيق القائم على التخطيط القومي والعالمي للنظم والشبكات المختلفة، مع الاهتمام بربط مراكز المعلومات ببعضها بعضا. وتتكون شبكات المعلومات من عناصر رئيسة، من أهمها البنيان التنظيمي لها. وتتوزع الأدوار والاختصاصات في إدارة الشبكات، ويتعرف على الفئات الأساسية من المستفيدين بالشبكة، ومعرفة احتياجاتهم منها، وكذلك مستويات الخدمة التي تتكفل بتلبية تلك الاحتياجات، ووضع نظام اتصال له القدرة على حمل الرسائل والوثائق المطلوبة مع وجود معايير مشتركة تضمن التفاهم بين جميع العناصر المادية داخل هذه الشبكة، إضافة إلى وجود طرق تتيح فرصة التعرف على أماكن وجود الأوعية المطلوبة داخل الشبكة، والتوجيهات الخاصة باختيار ما يمكن وضعه في الشبكة، وسبل الحصول على الآراء الخاصة بأداء الشبكة من المستفيدين والعاملين، وكذلك برامج التدريب اللازمة لتوجيه المستفيدين والمسؤولين عن تشغيل النظام.

وتأخذ شبكات المعلومات أشكالاً عدة أساسية، ويؤثر كل شكل في قنوات الاتصال ومسار تدفق الرسائل داخل الشبكة، فمنها الشبكات غير الموجهة، حيث كل نقطة في الشبكة تمثل إحدى نقاط الارتكاز، أي أحد مراكز المعلومات المشتركة في الشبكة (انظر شكل شبكة غير موجهة)، حيث يمثل كل خط إحدى قنوات الاتصال، والشبكات الموجهة تمثل بنياناً موجهاً تترابط فيه نقاط الارتكاز عن طريق مركز التحويل (انظر شكل شبكة موجهة)، وعدد قنوات الاتصال في الشبكات الموجهة يساوي عدد مراكز المعلومات. وهناك شبكات غير موجهة تضم مركزاً متخصصاً (انظر شكل شبكة موجهة تضم مركزاً متخصصاً)، ويمكن الربط بين شبكتين موجهتين بواسطة خط ربط بينهما (انظر شكل الربط بين شبكتين موجهتين).

وتوجد نماذج كثيرة للشبكات العالمية مثل شبكة المعلومات الخاصة بالدول الأعضاء في المنظمة الدولية للطاقة النووية International Nuclear Information System: INIS، وتعرف بشبكة النظام الدولي للمعلومات النووية والتي توزع مخرجاتها مركزياً على المراكز القومية للمعلومات النووية، التي تتكفل بخدمة عملائها. وعلى المستوى الإقليمي توجد شبكة معلومات "مركز الإنتاج الفكري لشرقي أفريقيا" "إيلز" Eastern African Literature Service: EALS، وقد بدأت الشبكة ايلز ممارسة نشاطها في فبراير 1967 وكانت تضم وقتها 63 من مراكز البحوث، والهيئات التعليمية. ومن نماذج الشبكات على المستوى القومي شبكة المعلومات بالمكسيك التي صُممت بواسطة المجلس القومي للعلوم والتكنولوجيا.

2. مراكز المعلومات المدنية

تنقسم مراكز المعلومات، وفقاً للأنشطة الرئيسة، أو وفقاً لما تقدمه من خدمات. ومن أنواع مراكز المعلومات: المكتبات المتخصصة، ومراكز التوثيق، ومراكز الإرشاد، ونقاط التحويل المركزية، ومراكز خدمات المعلومات، ومراكز تحليل المعلومات. وتوجد خريطة تحدد معالم الأنشطة والمؤسسات في النظام القومي للمعلومات، طبقاً لوثيقة من الأمم المتحدة للمعلومات العلمية والتقنية المبدئية Using and Improving National Information Systems for Development، وتحدد هذه الخريطة الوحدات التي ينبغي التنسيق فيما بينها، لكفالة إنتاج خدمات المعلومات وتوزيعها بكفاءة وفاعلية على جميع فئات المستفيدين (انظر جدول تسلسل الأنشطة والمؤسسات المسؤولة في النظام القومي للمعلومات) وتنقسم أنواع مراكز المعلومات إلى الآتي:
أ. المراكز الموسوعية

هناك محاولات في كثير من الدول، تهدف إلى تقديم خدمات معلومات شاملة على نطاق كبير، وذلك بإنشاء مراكز موسوعية يُجمع ويبث فيها جميع المعلومات الأساسية المتعلقة بموضوع معين، ومثال ذلك، المركز الموسوعي للمعلومات المتعلقة بالهند "ثروة الهند" of India The Wealth، حيث يقدم هذا المركز المعلومات الحديثة المتعلقة بالهند، والتي يمكن الاستفادة منها لصالح جهود التنمية الاقتصادية والعلمية على المستوى القومي، وتوجد أمثلة لهذه المراكز في أوروبا. وتنهض المراكز الموسوعية باقتناء واختزان جميع المواد المتعلقة بالمجموعات كقوائم المقتنيات الحديثة والفهارس، وتقديم الخدمات الورقية المتصلة بهذه المجموعات عند الطلب، وفقاً لشروط محددة، ونشر المعلومات الورقية الخاصة بها، وإمكان الإشراف على نظام إيداع لا مركزي للمجموعات يكفل سهولة الاطلاع عليها على أوسع نطاق.

وتُعَدّ المكتبات القومية أحد أشكال المراكز الموسوعية، فهي تهدف إلى اقتناء واختزان جميع المطبوعات التي تصدر داخل الدولة، والمطبوعات المتعلقة بالدولة أياً كان مكان صدورها أو تاريخ نشرها. ويرتبط جميع الإنتاج الفكري القومي عادة بتشريعات حقوق النشر وقوانين الإبداع. وتجمع المكتبة وتختزن وتفهرس وتعيد المصادر الأولية للمعلومات العلمية والفنية، المسجلة في شكل كتب أو دوريات أو خرائط، وتيسر الاستفادة من مجموعاتها وفهارسها، في البحث عن المعلومات.  

ويتطلب تجميع الإنتاج الفكري القومي قدراً من المركزية، إلا أن توفير المجموعات القومية الشاملة في أكثر من مكان، يمكن أن تكون له الأفضلية من وجهة نظر سهولة الخدمة. وهناك مثالان عن هذه الأساليب، حيث في المثال الأول تضم مكونات المكتبة البريطانية وحدات عدة قائمة بذاتها، بينما في النظام المكسيكي، يربط الكيان المسمى بالمكتبة القومية بالمجلس القومي للمكتبات الذي يتربع على قمة جميع الخدمات المكتبية الاتحادية.

وتُعَدّ مكتبة الإسكندرية التي يرجع تأسيسها إلى بداية القرن الثالث ق.م، بمثابة نموذج دقيق للمكتبة القومية، حيث تضم قبة سماوية ملحقة بالمكتبة، وتضم متحفاً للعلوم، وقاعة للمؤتمرات العالمية بها الوسائل السمعية والبصرية المستخدمة لأعلى تقنية وأيضاً الدوائر التليفزيونية ونظام الترجمة الفورية، وغيرها من الأنشطة. وتضم التراث الثقافي والإنساني، بدايةً من أوراق البردي إلى الأرشيف الرقمي الإنترنت، وتحتوي المكتبة على كتالوج إليكتروني يسمح بالتعامل مع المخطوطات والوثائق النادرة دون لمسها، إضافة إلى وجود أقسام للوسائط الإلكترونية، وقسم للخرائط الجغرافية والجيولوجية، وقسم للاستماع الموسيقي، ومتحف للخطوط، ومكتبة للنشء (انظر صورة مكتبة الإسكندرية).  
ب. مراكز التوثيق

تفرز مراكز التوثيق، وتقيم المصادر الأولية والثانوية للمعلومات العلمية والفنية، التي تشمل المطبوعات والوثائق المهنية والتجارية. فوحدة التوثيق تجهز المعلومات، وتلخص المصادر، وتعرضها في شكل يمكن الاستفادة منها من تلقاء نفسها، مع مراعاة الاحتياجات القومية العاجلة والآجلة، للتوثيق والإعلام العلمي والتقني. ويمكن أن يضم مركز التوثيق الوحدات الإدارية والمكتبة، ووحدة التوثيق، ووحدة النشر. وتهدف بعض الخدمات التي يقدمها مركز التوثيق إلى الرد على الاستفسارات الفردية التي ترد من العلماء والباحثين وتعرف " بخدمات الاستجابة ".
ج. مراكز تحليل المعلومات
يتكون مركز تحليل المعلومات، من مجموعتين من العلماء ورجال التكنولوجيا، الذين يُكلفون بمهام تجميع كل ما هو معروف بشأن أحد المجالات المتخصصة، وتحليل هذه المعلومات وتقييمها، وتركيز المعلومات واختزانها في ملفات وجداول بيانات ومراجعات علمية وتوصيلها إلى الآخرين. وتتوقف فاعلية مركز تحليل المعلومات على مدى قدرته على تزويد عملائه بالمعلومات بسرعة ومن دون إسراف، وفي شكل يدعو للثقة فيه.

ومراكز تحليل المعلومات، هي أكثر النظم الخاصة بتزويد المستفيدين بالمعلومات القيمة والموثوق بها في شكل مناسب، وتحرص هذه المراكز المتخصصة، على تتبع كل ما ينشر في أي من المجالات المتخصصة. وتقع معظم مراكز تحليل المعلومات في مراكز البحوث. ومن مجالات الخدمة العامة، التي يمكن لمثل هذه المراكز الاضطلاع بها: تنمية واستغلال الموارد المائية، وتحلية مياه البحر، وتوليد الطاقة النووية، والتنمية الاجتماعية فيما يتصل بالنقل والمواصلات والصحة والتعليم.
د. مراكز البيانات

وهي مؤسسات تتناول البيانات الخام والنتائج المجهزة تجهيزاً جزئياً، وغالبا ما تهتم بالظواهر الطبيعية مثل دراسة البحار، أو طبقات الجو العليا، أو الفضاء الخارجي. وكذلك يمكن أن تشمل بيانات التعداد الخاصة بالبشر والسلع والمواد. ويستعمل المصطلح نفسه في الدلالة على مراكز تحليل المعلومات التي يتركز اهتمامها على البيانات. ولا يشتد الطلب على البيانات في معظم الدول النامية، نتيجة لقلة عدد الجامعات ومعاهد البحوث، وعادة يوجد مركز أو أكثر من المراكز المتخصصة في المجالات العلمية على المستوى الإقليمي. وتقدم مثل هذه المراكز بيانات مهمة للأوساط العلمية والتكنولوجية.
هـ. مراكز البث الانتقائي للمعلومات

ويقصد بها توزيع المعلومات أو الوثائق، على نطاق واسع، بناء على مبادرة من جانب المرسل نفسه. ويختلف ذلك عن تقديم المعلومات أو الوثائق عند طلبها، كما هو الحال في الخدمات المكتبية التقليدية. ويقتصر استعمال التعبير مركز خدمة " البث الانتقائي للمعلومات " على الوحدات التنظيمية التي تقدم خدمات الإحاطة الجارية الموجهة لصالح كل مستفيد أو مشترك على حدة.

وغالباً ما تضطلع هذه المراكز بمهمة الوساطة بين المستفيدين من جهة، والجهات التي تقوم بإعداد التسجيلات الورقية من جهة أخرى. وتصاغ مجالات الاهتمامات الفردية بناءً على مقابلات شخصية، وتتولى هذه المراكز مهمة الربط بين ما ينشر من إنتاج فكري في المجال واهتمامات المستفيدين واحتياجاتهم الراهنة.
3. مراكز المعلومات العسكرية

تُعَدّ المعلومات المنظمة تنظيماً جيداً الأساس لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، وقد قطعت الدول المتقدمة شوطاً كبيراً في التقدم العلمي والتكنولوجي، ومن بينها التطور التكنولوجي العسكري.

إن المعلومات في القطاع العسكري تتدفق تدفقاً سريعاً، وتنمو نمواً مستمراً من دون أن تتوقف، وتسبب مشاكل في التحكم فيها والسيطرة عليها، ما يخلق صعوبة في تيسير استخدامها واسترجاعها بمعدلات أداء عالية الدقة والسرعة. وتتميز هذه المعلومات بتطورها وتحديثها باستمرار، شأنها في ذلك شأن العلوم البحتة والتكنولوجية. وتتسم هذه المعلومات بالسرية، ما يؤدي إلى فرض قيود على تداولها ونشرها في أوعية محددة التداول كالتقارير الفنية أو النشرات والكتيبات والأوامر الداخلية.

إن بعض المعلومات في المجال العسكري تكون محدودة التداول، وتوزع على فئة محدودة من المستفيدين، لذلك فإن نسبة من المعلومات العسكرية يصعب توافرها إلا لفئة محدودة، وبطبيعة العلوم العسكرية، وعلى الرغم من تخصصها، إلا أنها تتسع لأكثر من علم ينطوي تحتها. إن دائرة العلوم العسكرية تتسع أكثر وأكثر، لتشمل علوم أخرى فرعية أو جانبية لا بد من توافرها ولا غنى عنها للرجل العسكري. إن خريطة المعلومات العسكرية لأي مركز معلومات عسكري، تمثل البؤرة الرئيسة فيها العلوم العسكرية الأساسية وما يندرج تحتها من علوم أخرى، والتي لا بد من توافرها لتساند التخصص العسكري مثل علوم الإدارة، والاقتصاد، والقانون الدولي، والعلوم السياسية والاقتصادية، والإعلام والعلاقات العامة، وعلم الخرائط والمساحة. ولا بد أن يغطي مركز المعلومات الجوانب الأساسية والمساعدة، من أجل تكامل المعلومات وشمول التغطية، التي تناسب هذا المجال الواسع الجوانب المتعدد الأبعاد.
4. أوعية المعلومات

         توجد أشكال كثيرة لأوعية المعلومات منها التقليدية والغير تقليدية، ولابد من توفر الأوعية المناسبة بمختلف

      أشكالها لضمان تدفق المعلومات، وتوافرها، ومن هذه الأوعية:
أ. الكتب والمراجع

تمثل الكتب والمراجع أهم أشكال الأوعية الخاصة بمراكز المعلومات، والتي تتناول العلوم المختلفة ولا تفقد قيمتها أو حداثتها بمرور الوقت، وتحدث باستمرار، الطبعات القديمة. وتُعَدّ المراجع المختلفة مادة أساسية ومهمة في أي مركز معلومات، حيث إنها متخصصة ومنظمة ويسهل استرجاع المعلومات منها بسهولة وسرعة. ويخضع تنظيم مجموعات الكتب والمراجع لخطة تصنيف تطبق بسهولة، ويفضل استخدام التصنيف العشري العالمي، لما يتميز به من تفصيلات دقيقة، خاصة في المجالات العلمية والتكنولوجية، والذي يتم من خلاله تقسيم أنواع المعرفة إلى عشرة أقسام، ويستخدم هذا الأسلوب في مراكز المعلومات المتخصصة.
ب. الدوريات

تُعَدّ الدوريات شكلاً من أشكال الأوعية التقليدية للمعلومات، ولكنها تتميز بملاحقة التطور السريع في المجالات التي تغطيها باستمرار، ما جعلها تتفوق على غيرها من الأوعية التقليدية مثل الكتب. وتصدر الدوريات على فترات متقاربة، ولهذا أصبحت من أهم وسائل النشر، فيقدر الخبراء أن ما يصدر في كل عام يصل نصف مليون دورية، وإن ما يصدر في اليوم الواحد في جميع أنحاء العالم يراوح ما بين 120 ألف و150 ألف دورية.

وتمثل الدوريات نسبة كبيرة في أي مكتبة متخصصة أو مركز معلومات. ولقد ارتبطت بالدوريات أدوات أخرى تساعد على البحث فيها وتلخصها مثل: الأدلة، والكشافات، والمستخلصات، والقوائم الموحدة. وهي في أغلبها تصدر بصفة دورية، والدوريات تدعم البحث العلمي، الذي يعتمد عليها اعتماداً كبيراً. وتنشر الدوريات في شكل آخر غير تقليدي على هيئة أشكال مصغرة، من أجل توفير الحيز والمساحة وطول مدة الحفظ والبقاء بعيداً من تأثير العوامل الجوية.
ج. النشرات

تعرف النشرات بأنها المادة التي ليست في شكل الكتاب أو الدورية، ويمكن أن توصف بأنها نشرة، وهذا اللفظ يطلق على المطبوع الذي يحوي عدداً محدوداً من الصفحات، ويحتوي على معلومات في موضوع واحد أو مجموعة من الموضوعات. والنشرات تعد كياناً مستقلاً، ينشر بشكل غير منتظم أو دوري. ويحتوي ملف النشرات على مواد مختلفة تشمل التقارير، والنسخ المصورة، الفهارس التجارية، والقصاصات الصحفية، وكتيبات الأجهزة الإرشادية، والمطبوعات الحكومية، والمواصفات. وتنقسم المعلومات في النشرات إلى: معلومات دائمة، ومعلومات سريعة. والمكتبات ومراكز المعلومات تفضل الاحتفاظ بالنشرات، التي لها صفة الدوام، والتي يمكن أن تنظم وتصنف مع الكتب.
د. التقارير الفنية

إن النسبة الأساسية من المعلومات المتطورة والبحوث تظهر في شكل التقارير الفنية، التي تنتجها المؤسسات المنفذة أو المشرفة على هذه البحوث والدراسات، وذلك نتيجة الحاجة إلى وسيلة نشر أسرع للمعلومات والحاجة إلى حماية هذه المعلومات، أو بسبب كون هذه المعلومات في بعض الحالات غير مناسبة لكي تنشر بالطرق التقليدية، وتتميز هذه التقارير من حيث النشر بأنها محدودة، وكذلك من حيث الكم، وتوزع توزيعا يقتصر على المهتمين فقط وتختلف التقارير عن المواد الأخرى اختلافاً واسعاً من حيث الأسلوب والحجم وطريقة النشر.

وتنشر كل مؤسسة علمية التقارير على هيئة سلسلة من الأرقام المختصرة المحددة، بحيث لا تتشابه هذه السلسلة مع غيرها من المؤسسات العلمية الأخرى، وعادة ما تحمل التقارير نظاماً معيناً من الترقيم يتكون من:  الحروف والأرقام. ويعطي هذا الترقيم هوية مميزة لكل تقرير. وقد يضاف إلى هذا الترقيم أرقام تُخصص بواسطة مؤسسات أخرى، وهذا الترقيم يعد عنصراً مهماً من عناصر استرجاع التقرير وطلبه. ومثال ذلك، نشر هيئة بحوث الطاقة النووية الأمريكية تقاريرها بأرقام خاصة مسلسلة مثل AERER 4932 أي Atomic Energy Research Establishment Report Number 4932. وتعد التقارير عنصراً مهماً من عناصر مجموعات مراكز المعلومات، كما تحمل هذه التقارير تقسيماً بدرجات السرية مثل: سري، أو مقيد، أو خصوصي، أو ليس للنشر، أو ملك للمؤسسة. والتقارير تشكل نسبة كبيرة جداً من الإنتاج الفكري، خاصة في مجال البحوث العلمية والفنية والتكنولوجية، وتنشر معظم البحوث في مجال الذرة والفضاء والشؤون العسكرية في شكل تقارير فنية.


ثورة المعلومات Fig02


ثورة المعلومات Fig04

ثورة المعلومات Fig05

 


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ثورة المعلومات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثورة المعلومات   ثورة المعلومات Emptyالإثنين 02 مايو 2016, 9:33 pm

رابعاً: شبكات ومراكز وأوعية المعلومات

جدول

تسلسل الأنشطة والمؤسسات المسئولة في النظام القومي للمعلومات



المؤسسات المسئولة

الأنشطة


 
خدمة الاتصال، خدمة البث الانتقائي للمعلومات.التعرف على احتياجات المستفيدين.1
مركز الإرشاد، المكتبة، مركز التوثيق. البحث عن كل المعلومات المتاحة.2
المكتبة، مركز التوثيق.اقتناء المعلومات غير المتوافرة، وهي معلومات أولية أساساً في هذه الحالة.3
مركز تحليل المعلومات.اختزان المعلومات التي لم تكن متوافرة.4
المكتبة، مركز التوثيق.إدماج جميع المعلومات المتاحة.5
مركز بث البيانات، خدمة البث الانتقائي للمعلومات.اختزان المعلومات التي تم إدماجها.6
مركز بث البيانات، خدمة البث الانتقائي للمعلومات.استنساخ المعلومات التي تم إدماجها.7
مركز الترجمة.

 
توزيع المعلومات التي تعم إدماجها على خدمة الاتصال.8
المكتبة، مركز التوثيق.ترجمة المعلومات التي تم إدماجها.9
خدمة الاتصال، خدمة البث الانتقائي للمعلومات.اختزان الترجمات.10
خدمة الاتصال، مركز بث البيانات.إعادة تحميل الترجمات.

 
11
المكتبة، مركز التوثيق.استنساخ المعلومات التي أعيد تحميلها.12
خدمة الاتصال، خدمة البث الانتقائي للمعلومات.اختزان المعلومات التي أعيد تحميلها.13
خدمة الاتصال، خدمة البث الانتقائي للمعلومات.تعريف المستفيدين بالمعلومات التي أعيد تحميلها.14
خدمة الاتصال، خدمة البث الانتقائي للمعلومات.توزيع المعلومات التي أعيد تحميلها على المستفيدين15

ثورة المعلومات Pic02
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ثورة المعلومات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثورة المعلومات   ثورة المعلومات Emptyالإثنين 02 مايو 2016, 9:38 pm

خامسا: الجديد في تقنية المعلومات

التقنية، أو التقانة باللغة الإنجليزية Technology[1]، لها أكثر من تعريف، وأحدها: أنها تطوير الأدوات، وإدخال الآلات والمواد والعمليات، التي تساعد على حل المشاكلات. أي إنها استعمال الأدوات والقدرات المتاحة لزيادة إنتاجية الإنسان، وتحسين أدائه من خلال التطبيقات العلمية للعلم والمعرفة في جميع المجالات. وتقنية المعلومات، حسب تعريف مجموعة تقنية المعلومات الأمريكية  The Information Technology Association of America ITAA هي: دراسة، تصميم، تطوير، تفعيل، دعم أو تسيير أنظمة المعلومات، التي تعتمد على الحاسبات. وتهتم هذه التقنية باستخدام الحاسبات والتطبيقات البرمجية لغرض تحويل، وتخزين، وحماية، ومعالجة، وإرسال، والاسترجاع الآمن للمعلومات.

تقنية المعلومات اختصاص واسع، يهتم بالتقنية ونواحيها المتعلقة بمعالجة وإدارة المعلومات، خاصة في المنظمات الكبيرة. ومن موضوعاتها: علوم الحاسب، وعلوم المعلومات، وأمن المعلومات، والشبكة العنكبوتية الدولية WWW World Wide Web ، وإدارة البيانات، ومعالجة البيانات، والتنقيب في البيانات Data mining، ونقل البيانات، وتخزين البيانات، وقواعد البيانات، وتشبيك البيانات Data networking، وهكذا، يشهد مجتمع المعلوماتية انفجاراً يكاد يصل إلى حد التخمة في مصطلحات ومسميات واستخدامات التقنية الحديثة. ومن الواضح أن السمة المميزة للألفية الثالثة تكمن في هذا الانفجار المعرفي والمعلوماتي، والذي ساعد في نموه توافر بيئة خصبة أوجدتها ثورة تكنولوجية يشهدها العالم كل يوم.

للآثار المترتبة على التقدم المستقبلي في صناعة الكمبيوتر والمعلوماتية مجالات عدة، منها ما يتصل بالبنية الاجتماعية، ومنها ما يرتبط بالهيكل الاقتصادي للمجتمعات، ويكشف أخطرها عن تأثيرات سياسية على الدول والأفراد.

1. الويب 2 WEB 2

تحولت شبكة الانترنت[2] من شبكة محدودة المواقع، موجهة لأغراض معينة، الى بحر لملايين المواقع الالكترونية والمدونات الشخصية، تزخر بوسائط الإعلام المتعدد بالنصوص، والصور الحية، والصوت. وقد أسس تيم بيرنرز لي Tim Berners-Lee، الملقب "أب الشبكة"، أول موقع الكتروني عليها في أغسطس عام 1991. ويعود الفضل الى هذا العالم، الذي أوضح أن الشبكة العنكبوتية الدولية تتكون من النصوص الفائقة مضافة الى الإنترنت، حيث الإنترنت هي البنية التحتية للشبكة، والشبكة العنكبوتية الدولية هي الهيكل الذي يرتكز عليها، وتنفذ فيه الأعمال، عبر النصوص الفائقة المترابطة.

ومع انطلاق الشبكة، تفجرت الثورة المعلوماتية المعاصرة عبر العالم، وتحولت الإنترنت إلى مكتبة تسمح محركات البحث Search Engines فيها بالتنقيب عن كل معلومة، صغيرة وكبيرة. كما تحولت، في الوقت نفسه، الى شارع كبير، تمارس به شتى المهن، الجيدة منها والرديئة. إلا أن المهم هو تحولها إلى وسط إعلامي يزخر بصنوف الإعلام، يشارك فيه المتصفحون بأفكارهم التي ظهرت في المدونات الشخصية. وأصبح الشغل الشاغل لمطوري ومصممي صفحات الشبكة هو كيف جذبون مستخدميها بجعل الصفحات التي يتعاملون معها أكثر تشويقا وفاعلية. وأيقن مطورو الشبكة أن لغة تصميم صفحاتها، والمعروفة بلغة النصوص المتشعبة Hyper Text Markup Language HTML ، لم تستطع إثراء المواقع التي يتم تصميمها، فلجأ مطورو هذه اللغة إلى برامج إضافية لإحداث الفاعلية للمواقع، ما زاد من البطء في تحميل الصفحة.

لذا، بدأ التفكير في البحث عن لغة جديدة، تعمل على تصميم صفحات تفاعلية، بلغة واحدة، دون الحاجة إلى برامج إضافية تحمل المبرمجين أعباء كتابة شفرات برمجية إضافية. وهذا هو ما دعا المبرمجين الى التحول من "ويب 1"  WEB 1 إلى "ويب 2"WEB 2  ، التي تقوم على مبدأ المشاركة والتفاعل مع المستخدم (أنظر صورة تشكيل مواقع "ويب 2"). ومنذ بداية ظهور "ويب 2" وهى ترفع شعار إذا كان "ويب 1" تأخذ الناس إلى المعلومات فإن" ويب 2" سوف تأخذ المعلومات إلى الناس، وتعمل على تحرير البيانات، والتخلي عن مبدأ السيطرة على البيانات، والذي تميز به الجيل الأول للويب.

أثرت "ويب 2" على مجالات عديدة، منها وسائل الإعلام، والتجارة، وبدأت تفرض وجودها كأحد المستحدثات التكنولوجية (أنظر جدول أوجه الاختلاف بين "ويب 1" و"ويب 2"). ويظهر هذا الجدول خاصية التشارك بين المستخدمين، بحيث ينتقل العمل من موقع على الإنترنت إلى ورشة عمل، تتداخل فيها الأحداث والمشاركون لبناء شبكة اجتماعية عبر العالم الفسيح. وهو الاتجاه الذي بدأ يسود بيئة المعلوماتية، ليصبح المجتمع مشاركاً في بناء المعرفة الإنسانية, من خلال تحول مستخدم الانترنت من مستخدم فقط يقضي معظم الوقت في البحث في هذه الشبكة، يقرأ ما يريد، ويُحمّل Download منها ما قد يعثر عليه، إلى مشارك في بناء هذه القاعدة المعرفية، عن طريق المشاركة مع الآخرين بالأفكار، والصور، وشرائط الفيديو، والاتصال بالنصوص والصوت والفيديو، أو إضافة معلومات خاصة إلى الخرائط التي تغطي العالم كله.

وما يميز هذه المواقع، أيضاً، هو أنها متاحة للجميع، وأن المستخدمين هم من يقومون على خدماتها. لذا، فإن التطبيقات التي تعمل عليها مواقع "ويب 2 " هي تطبيقات لا تخضع لدورة حياة البرمجيات، بمعنى أن عمليات التطوير والصيانة والتحليل والتصميم دائما مستمرة، طالما أن هذا الموقع يقدم خدماته، ما يجعل المستخدم للموقع هو مطور مساعد لفريق التطوير في هذا الموقع عن طريق معرفة أرائه وتصرفاته مع النظام، وطريقة تعاطي المستخدم مع الخصائص التي يقدمها النظام.

يطغى استعمال "ويب 2" على الحياة اليومية بشكل متزايد، إذ يقضي ملايين المستخدمين جزءاً  غير قليل من وقتهم في كتابة مدوناتهم الإليكترونية، أو في نشر مقالاتهم على موقعها. كما ينشرون مراجعة نقدية لكتب جديدة، أو يقيّمون بعض السلع التي تعرض على مواقع البيع، أو ينشرون صوراً اٌلتقطت خلال العطلة، أو يقومون بتعريف أنفسهم على مواقع التعارف.

تعد تقنية الارتباط بطريقة سهلة وبسيطة RSS Really Simple Syndication، من أهم التقنيات المساهمة في هندسة وبناء "ويب 2 "، وأهم مميزاتها إمكانية نشر الخدمة خارج نطاق الموقع، من خلال تمكين المتصفحين من الارتباط بصفحات ومواقع الانترنت التي تدعم هذه الخدمة، وتكون، عادة، في المواقع التي تتغير باستمرار، مثل مواقع الأخبار، والمدونات، بحيث يتم إعلام المستخدم المشترك بأي تغيير أو تحديث طرأ على تلك الصفحة أو الموقع مباشرةً، ما يسمح بمتابعة عدد كبير من المواقع والمدونات، دون الحاجة لزيارة المواقع كلها. وتتيح هذه التقنية للمستخدمين متابعة عدد كبير من المواقع الإخبارية والمدونات دون الحاجة لزيارة المواقع كلها، حيث تساعد على اختيار الأخبار، وتعمل على جلبها ووضعها في صفحة واحدة.

2. الويب الدلالي

من الرؤى والأهداف التي يسعى العلماء إلى تحقيقيها مفهوم الويب الدلالي[3]Semantic Web ، وهو مفهوم يطمح العلماء من خلاله إلى تحويل شبكة الانترنت من حاوية أو مستودع كبير للمعلومات المبعثرة والمتناثرة فحسب، إلى قاعدة بيانات عالمية ضخمة، تكون المعلومات فيها مترابطة جيداً، ومعرَّفة بشكل تفهمه الآلة، ويمكن لها معه إدراك العلاقات الترابطية بين المعلومات، وتحليل وفهرسة أصناف المعرفة، لتجعل البحث عن المعلومة عملية تقوم الآلة بجزء كبير منها، وليس على الإنسان إلا استقبال النتائج شبه جاهزة، والاستفادة منها.

يجد الباحثون عن المعلومات في الوب، عادة، عدداً كبيرا ًمن الأجوبة غير الملائمة إطلاقا، والتي تحتاج إلى الانتقاء من قبل المستخدم. فإذا كان المستخدم يبحث، على سبيل المثال، مستخدما الكلمة المفتاحية "باب" ، فإن الحاسب ليس لديه أية طريقة لمعرفة ما إذا كان المستخدم يبحث عن باب غرفة، أو عن باب فى كتاب، أو ببساطة عن مكان، أو عن شخص، أو منشأة تجارية، أو أية كينونة أخرى تضم كلمة "باب" في اسمها. المشكلة هي أن الكلمة  "باب"  ليس لها أي معنى أو محتوى دلالي بالنسبة إلى الحاسب.

تتكون الشبكة الدلالية Semantic Network من مجموعة من العقد Nodes تربطها أقواس Arcs. تمثل العقد، بوجه عام، مفاهيم، بينما تعطى الأقواس العلاقات بين هذه المفاهيم. وسيرتب الوب الدلالي محتوى صفحات الوب الممتلئ بالمعاني، وسينشئ بذلك بيئة يستطيع ضمنها عملاء البرمجيات[4] ، أثناء تجوالهم من صفحة إلى أخرى، القيام بمهام معقدة لصالح المستخدمين. فالعميل الذي يصل إلى الصفحة الخاصة بالعيادة الطبية، مثلا، سيعرف ليس فقط أن الصفحة تحوي الكلمات المفتاحية، مثل "معالجة، طب طبيعي، علاج"، ولكن سيعرف، أيضاً، اسم الدكتور الذى يعمل في هذه العيادة أيام الاثنين والأربعاء والجمعة.

إن الوب الدلالي هو امتداد للوب الحالي، بحيث تُعطى المعلومات معناً معرفا بدقة، ما يسمح للحاسبات وللمستخدمين بالعمل المتشارك على نحو أفضل، وستقود هذه التطويرات إلى إضافة قدرات جديدة، فيما تصبح الآلات ذات مقدرة أكبر على معالجة وفهم البيانات بدلا من أن تكتفي بعرضها فقط. وقد تطور الوب بسرعة كبيرة كبيئة لوثائق يستخدمها البشر أكثر منها كبيئة لبيانات ومعلومات يمكن معالجتها آليا. إن الوب الدلالي يهدف إلى معالجة هذا الأمر. ولكي يؤدي وظيفته، فينبغي للحاسبات أن تتمكن من الوصول إلى مجموعات مهيكلة من المعلومات، إضافة إلى مجموعة من قواعد الاستنباط التي تسمح بالاستنتاج المنطقي الآلي.

إن إضافة المنطق إلى الوب، بمعنى إضافة الوسائل التي يمكن بواسطتها استخدام القواعد في الاستنباط، واختيار مسارات العمل، والإجابة عن الأسئلة، هي المهمة الملقاة على عاتق الباحثين في مجال الوب الدلالي. وعن طريق دعم صفحات الوب بالبيانات الموجهة للحاسبات، وإضافة وثائق مخصصة للحاسبات فقط، سيتحول الوب إلى الوب الدلالي. وستجد الحاسبات معاني البيانات الدلالية بإتباع الوصلات الفائقة hyperlinks إلى تعاريف التعبيرات المفتاحية، وإلى قواعد استخدامها في الاستنتاج المنطقي.

سيمكِّن الوب الدلالي الآلات من فهم الوثائق والبيانات الدلالية، وليس من فهم كلام البشر وكتاباتهم. إضافة إلى ذلك، فإنه يسهل من تطوير برامج تستطيع الإجابة عن أسئلة معقدة، قد لا تكون إجاباتها موجودة ضمن صفحة واحدة. إن القوة الحقيقية للوب الدلالي ستتضح عندما يبني المستخدمون عدداً كبيراً من البرامج التي تجمع محتويات الوب من مصادر متنوعة، ومن ثم تعالِج هذه المعلومات، وتتبادل النتائج مع برامج أخرى. وستزداد فاعلية عملاء البرمجيات مع زيادة عدد صفحات الوب وعدد الخدمات المقدمة آلياً "المؤتمتة"، التي يمكن للآلة قراءتها. ويعزز الوب الدلالي من هذا التعاون، فحتى العملاء الذين لم يصمموا في البداية لكي يعمل بعضهم مع بعض، يستطيعون تبادل البيانات فيما بينهم، إذا ما كانت هذه البيانات مدعمة بالدلالات.

وإذا تحقق هذا المفهوم على أرض الواقع بالشكل الذي يخطط له العلماء، فسوف يحدث تغييراً مهماً في نظرة المستخدم وتعامله مع شبكة الانترنت، وسيكون له الأثر الإيجابي الكبير على محركات البحث، بصفتها البوابة الرئيسية للحصول على المعلومة، حيث يصبح من السهل على محرك البحث أن يعي الجملة أو مفردة البحث التي يبحث عنها، ولا يتعامل معها كمجموعة كلمات أو أحرف غامضة له، بل معانٍ يشرحها المستخدم له، وفق دلالات ومعطيات محددة ومفهومة من قِبله، كأن يحدد المستخدم أنه يبحث عن اسم شخص، مكان، مصطلح علمي، عنوان كتاب...إلخ.

وربما يحدد المستخدم بشكل أدق، أيضاً، العديد من المعطيات الأخرى، التي تساعد على دقة النتائج، وعدم التباسها على محرك البحث، كأن يوضح أن ما يبحث عنه هو الاسم الأول لعالم عاش في القرن الثاني عشر، أو عنوان كتاب ألفه شخص معين، وهكذا، حسب المعلومة المرادة، وحسب المعطيات التي يحددها المستخدم. وقد تؤول الأمور إلى أبعد من ذلك، وتزول، ببساطة، محركات البحث بشكلها الحالي، ليحل محلها جيل جديد من محركات البحث التخصصية، والتي يهتم كل منها بموضوع معين، أو فن، أو علم من العلوم، وتكون بالأحرى واجهات برمجية ذكية ومتكاملة، يكون البحث من خلالها وفق أساليب منظمة، تضمن سهولة العثور على المعلومة المطلوبة، في يسر ودون عناء.

هذا التطور الجديد من شأنه، أيضاً، أن يوكل مهمة التحليل والاستنباط، التي يقوم بها المستخدم للوصول إلى ما يبحث عنه إلى جهاز الحاسب، الذي يُجري بكل كفاءة وسرعة العمليات الحسابية والمنطقية المعقدة على البيانات والمعلومات المختلفة ليقلل كثيراً من المشقة في استخلاص النتائج المطلوبة والتدقيق فيها.

ويمكن أن نتخيل، عندئذ، أمام هذا الكم الهائل من المعلومات المتوافرة على الشبكة، كم يمكن لبرنامج أو محرك بحث معين أن ينتج من إحصائيات معقدة، واستنتاجات وتحليلات دقيقة ومذهلة، وحسب الطلب، تستمد تنوعها وقوتها من تنوع المعلومات الموجودة على الويب، وتخفف الكثير من العبء عن الباحث، الذي يصعب عليه، وربما يستحيل، أن يقوم بهذه الأعمال ذاتياً. ولجعل هذه الصور أو الطموحات ممكنة التحقق على النحو الأفضل، يطور العلماء العديد من الأدوات والحلول التي تمهد الطريق للمواقع الإلكترونية، لتحويلها إلى مواقع تتماشى مع مفهوم الويب الدلالي، وتحقق معاييره في صيانة المعلومات وتنظيمها الأمثل.

وبذلك يمكن لمطور الموقع أن يجعل من موقعه مصدراً وهدفاً ليس للقراءة والتصفح التقليدي فحسب، بل كتلاً وعناصر من المعلومات التي تتكامل وتتحد مع مثيلاتها في المواقع الأخرى، لكي تستفيد منها البرمجيات المختلفة في معالجتها، ومن ثم تقدمها للمستخدم النهائي بالشكل الذي يطلبه.

3. الوسائط فائقة التداخل

يعكس مصطلح وسائط فائقة التداخل Hypermedia البنية التحتية للعمل الذي لا يعتمد على الاسترجاع التتابعي، ولكنه يعتمد على إنشاء مجموعة من عقد Nodes المعلومات، أو ما يعرف بالروابط، حيث تربط تلك العقد بوصلات أو روابط فعالة. فالوسائط فائقة التداخل هي أسلوب بناء عناصر معلوماتية مترابطة، تساعد على إثراء معلومات المستخدم، وعن طريقها تحول المعطيات إلى معلومات، والمعلومات إلى معرفة، في حين أن الوسائط المتعددة Multimedia تعنى تعدد الشكل المادي للعمل الذي يظهر أمام المستخدم.

يُستخدم مصطلح "الوسائط فائقة" التداخل ليعبر عن تقديم الأفكار والمعلومات، عن طريق الترابط بين أي من النصوص المكتوبة والرسومات والصور، ويختار من بينها العناصر التي يتفاعل معها. وهي تختلف عن النصوص فائقة التداخل Hypertext ، التي تتمثل في تصميم بيئة تعليمية لاستخدامها في تصفح النصوص المكتوبة، والتنقل بين معلوماتها وعناصرها. وبذلك يعد النص فائق التداخل جزءاً من الوسائط فائقة التداخل.

ولمّا كانت الوسائط فائقة التداخل تعد كموسوعة لإنتاج الأشكال الجديدة من البرامج التعليمية، فهي تزود المتعلم بإمكانات ميسرة لتنظيم وإدارة المعلومات والبيانات، التي تحملها الوسائط المتعددة لكي تقابل متطلباته واحتياجاته الخاصة؛ ومن ثم، فإن مفهوم الوسائط فائقة التداخل يعمل على دمج عناصر الوسائط المتعددة في برامج تعليمية فعّالة. ويمكن القول إن الوسائط فائقة التداخل تقدم مجموعة من الوسائط التعليمية المتعددة، التي تستثمر تبادليا بطريقة منظمة في الموقف التعليمي، والتي تتضمن الرسوم البيانية، والصور، والتسجيلات الصوتية والموسيقية، ومشاهد الفيديو، ساكنة ومتحركة، وخرائط، وجداول، ورموزاً، ورسوماً متحركة. وهنا تتكامل هذه الوسائط كلها، أو معظمها، مع بعضها عن طريق جهاز الحاسب بنظام يكفل للمتعلم الفرد تحقيق الأهداف المرجوة بكفاءة وفعالية، من خلال تفاعل نشط يسمح له بالتحكم في السرعة والمسار والمعلومات وتتابعها تبعاً لقدراته الذاتية. وبذلك يمكن تعريف أنظمة الوسائط فائقة التداخل على أنها برنامج لتنظيم وتخزين المعلومات بطريقة غير متتابعة، كما تعد أسلوباً لتقديم تعلم فردي في أطر متنوعة، يساعد على زيادة الدافعية لدى المتعلم من خلال زيادة قدرته على التحكم في عملية التعلم.

وتتضمن الوسائط فائقة التداخل ما يلي:

أ. النص المكتوب: هو أبسط أشكال عناصر الوسائط؛ وتجري معالجته بمؤثرات متنوعة، من حيث نوع الخط، والحجم، واللون، والحركة، وغيرها. وعندما يكون هذا النص له علاقة أو صلة بنص آخر، أو رسم، أو صورة، أو صوت، يربط النص بتلك العناصر باستخدام وصلات الترابط.

ب. الرسومات بأنواعها: ومن بينها الرسومات البيانية، والتوضيحية، والتخطيطية، وغيرها، سواء كانت ثابتة، أو متحركة.

ج. الصور: وتشمل الصور الثابتة والمتحركة، والثنائية والثلاثية الأبعاد. وتوضح الصور الرقمية المكونات بدقة وجودة عاليتين[5].

د. المؤثرات الصوتية: وتشمل الأصوات الطبيعية والاصطناعية والموسيقى. وثمة تشابه بين الصور الرقمية والمؤثرات الصوتية الرقمية؛ إذ إن الصوت الرقمي يُخزّن كملف.

هـ. جهاز الحاسب: بمواصفاته الحديثة وسرعته العالية، حيث يحتوي تجهيزات الوسائط المتعددة: من صوت، وصور، وفيديو، وإنترنت، وماسح ضوئي، وطابعة، والتجهيزات الصوتية الرقمية لإدخال الصوت وعرضه.

4. قرص ذاكرة Flash Memory

تتميز ذاكرة الفلاش Flash Memory  بصغر حجمها (أنظر صورة ذاكرة الفلاش)، ورخص سعرها، علاوة على سرعتها في القراءة والكتابة ونقل البيانات، وقابليتها للكتابة عليها والمسح منها مرات عديدة، وتحمل بعض أنواعها للصدمات. كما تستخدم كذاكرة إضافية للحاسب، ووسيط لنقل البيانات والمعلومات وتخزينها، وتبادل الملفات والبرامج، بين بعض الأجهزة الإلكترونية. ويمكن لذاكرة ذات سعة 16 جيجابايت تخزين حوالي 150 ألف صورة، أو 4000 ملف صوتي، أو 1.3 مليون مستند. وتعد ذاكرة الفلاش وحدة تخزين ثابتة؛ لأن مكوناتها كلها إلكترونية، أي أنه لا يوجد بها حركة ميكانيكية أو أجزاء تتحرك, وتعتمد في اتصالها بجهاز الحاسب على منفذ يسمى "ناقل متسلسل عام"[6] Universal Serial Bus USB ، موفرة سرعة نقل بيانات عالية, وهي تعمل بميزة التشغيل المباشر، أي إيصال وتشغيل فقط.

ومع كل هذه المزايا، فإن ذاكرة الفلاش تعد ناقلاً نشطاً للفيروسات والبرامج الخبيثة بين أجهزة الحاسب، وهو ما يتطلب الفحص المستمر لها. كما أنها أصبحت إحدى أهم الوسائل التجسسية التي يستخدمها موظفو الشركات، لنقل المعلومات وبيعها لشركات منافسة.

5. برنامج ويكي

ويكي[7] Wiki هو برنامج يوضع على مواقع تسمح للمستخدمين ـ أعضاء كانوا أو غير أعضاء في الموقع ـ بالمشاركة في إضافة أو حذف أو تعديل محتوى الموقع بسهولة. وتتميز هذه المواقع بسهولة إنشاء صفحات جديدة بطريقة بسيطة، مع القدرة على استرجاع أي صفحة إلى إحدى حالاتها السابقة، إضافة إلى تسجيل أي تغيير يطرأ على محتوى الموقع في قاعدة بيانات. إلا أن هناك بعض المآخذ على مواقع ويكي، من حيث عدم المصداقية والدقة في المعلومات. فلا يُشترط أن كل ما في موقع الويكي من معلومات هو صحيح ودقيق، وذلك بسبب مشاركة جميع مستخدميه في كتابة موضوعاته. لكن هناك بعض مواقع ويكي، وأشهرها موسوعة ويكيبيديا  Wikipedia العالمية[8] تفرض نوعاً من الحماية على الموضوعات الرئيسية، تتمثل في عدم السماح لأي شخص بالتعديل إلا لعضو مرخص. وعلى الرغم من ذلك، لا تكفي هذه الحماية لتحري الدقة في جميع الموضوعات.

    والويكيبيديا العالمية موسوعة متعددة اللغات، يسهم فيها الآلاف من المتطوعين حول العالم. وتكمن قوتها في نظام إدارة محتواها، وهو نظام الويكي، الذى يسمح بتعديلات وإضافة صفحات بحرية كاملة. أي أن أى زائر يستطيع التعديل على أي صفحة، باستثناء عدد قليل من الصفحات المحمية. وقد انطلق مشروعها في 15 يناير 2001، والنسخة العربية منها في يوليه 2003.

تتلخص فكرة مواقع ويكي في أن كل زائر للموقع، يمكنه المشاركة في كتابة المحتويات في الموقع. فكل صفحة تحوي أسفلها رابط بعنوان Edit (تحرير)، ومن خلال الضغط عليه يمكن للزائر أن يعدل في محتويات الموقع. وتستخدم مواقع ويكي أوامر بسيطة لتنسيق النص لتبسيط عملية إضافة المحتويات على المستخدمين، وتشجع على إنشاء روابط بين صفحات الموقع، ويمكن لأي مستخدم إنشاء رابط بسهولة لأي صفحة في الموقع، أو حتى لصفحة غير موجودة، أو لمواقع خارجية، ومعظم مواقع ويكي لا تطلب من المستخدم تسجيل بياناته ليكون عضوا في الموقع، ويمكن التعامل مع التعديلات بسهولة.

وقد تضع مواقع ويكي بعض سياسات محددة لتحرير المحتويات، فعدد منها تسمح لكل زائر بتعديل بعض الصفحات، وبعضها الآخر مفتوح للجميع، والأمر يعتمد على نوع الموقع ومحتوياته، ويمكن وضع حماية على بعض أو كل الصفحات.

6. محركات البحث الجديدة

محرك البحث Engine Search أداة توجد على موقع على الإنترنت لتساعد المتصفحين على البحث عن المعلومات، أو النصوص المخزنة في الصفحات والمواقع الموجودة في شبكة الانترنت، حيث يستخدم المحرك برمجيات متخصصة، تسمى روبوتات البحث Search Robots، لتقصي الشبكة، وتخزين كل ما يصادفها من نصوص، وعناوين الملفات، والروابط، والصور، ومقاطع الفيديو، في فهارس يسهل البحث فيها وفقاً لمعايير معينة. ويصل حجم هذه الفهارس إلى عدة مليارات من الصفحات والمواقع. وعند البحث عن مصطلح معين أو عبارة في أي محرك بحث، سيقوم المحرك بالبحث في فهارسه عن أي صفحة أو موقع أو ملف يحتوي على عبارة البحث، ويعرض هذه النتائج في شكل أنيق، وربما تكون هذه النتائج إما صفحات على الإنترنت، أو ملفات نصية، أو غير ذلك. وتعمل محركات البحث بصورة تلقائية باستخدام أدوات آلية تماماً.

تمكنت محركات البحث في شبكة الإنترنت من إحداث تغيير جذري في الأسلوب الذي يجمع الناس به معلوماتهم؛ فلم تعد ثمة حاجة إلى السعي إلى المكتبات بحثا عن معلومة ما، بل بات ميسوراً استحضار جميع الوثائق ذات الصلة ببضع نقرات على لوحة المفاتيح. وفيما صار النفاذ إلى محرك البحث المسمى جوجل[9] Google مرادفاً لإجراء البحث على الشبكة، تتحفز محركات البحث المباشر لكي تشهد سلسلة من التحسينات التي تعد بتطوير طريقة البحث أكثر فأكثر.

وسينعم مستخدمو الإنترنت بفوائد محركات البحث الجديدة، للحصول على إجابات مباشرة عن استفساراتهم بعد أن كانوا يتلقون كما هائلا من الإجابات التي لا حاجة لهم بها (أنظر صورة إجابات لا داعي لها). وقد بدأت محركات البحث الجديدة بتحسين نوع النتائج عن طريق التعمق في صميم مخزون مواد البحث المتاحة على الخط On Line، وتصنيف تلك النتائج، وتقديمها بطريقة أفضل، وتتبع اهتمامات الباحث على المدى البعيد بصورة تمكن محركات البحث من تحسين التعامل مع أي طلبات جديدة للمعلومات. ويُنتظر لمحركات البحث في المستقبل أن توسع آفاق محتواها، بحيث تتجاوز معالجة الاستفسارات بكلمات مفتاحية Key Words فقط. وتستطيع محركات البحث الجديدة أن تتيح، مثلا، التعيين الدقيق لموقع أقرب مطعمٍ لشخص على سفر، بل يتوقع أن تتمكن حتى من تسمية لحن موسيقي قد نسى المستخدم معظمه، ما إن يبدأ بدندنة بضع نغمات منه.

وترتبط محركات البحث بمجال علمي يسمى "استرجاع المعلومات" Retrieval  Information. ومع استمرار تزايد أعداد مواقع الانترنت بسرعة كبيرة، بات مستخدموها بحاجة إلى محركات بحث أكثر دقة لاستحضار ما ينشدونه من معلومات، بآلية أكبر سرعة وأعلى كفاءة. وستحسن محركات البحث القادمة نتائج البحث من خلال تمحيص أعمق للمواد مباشرة، وفرزها، وتصنيفها، وإظهار المعلومات ذات الصلة على نحو أفضل، وكذلك بمتابعة اهتمامات المستخدم بقصد تحقيق استجابة أكثر دقة وعمقا لعمليات البحث المستقبلية، وسوف تستخدم برمجيات جديدة تكون قادرة على معالجة البيانات والموسيقى، إضافة إلى النصوص.

ستتمكن محركات البحث الجديدة من الكشف عن المعلومات الرقمية المنشورة برمتها، تقريبا، من نصوص، ومصادر صوتية وڤيديوية (مسموعة ومرئية). وبذلك، فان السيل العارم من المعلومات العامة التي توفرها شبكة الإنترنت، سيختزل كثيراً، مع ظهور محركات بحث قادرة على أخذ مساقات المستخدم ـ مثل اهتماماته الطويلة الأمد، وموقع وجوده، وغير ذلك من العوامل ـ في الاعتبار لدى إجراء عملية البحث.

الهدف الأصلي لاستخدام الإنترنت هو الوصول إلى المعارف والمعلومات بسهولة، في أي وقت، ومن أي مكان، والحالة المثالية التي يتحقق فيها هذا الهدف هي وجود أداة للبحث عن المعلومات تفهم اللغة الطبيعية للباحث عن المعلومات، وتستخدمها في الوصول للمعلومات، واستخلاصها، وعرضها بالصورة المطلوبة. ولأن تقنية المعالجة الآلية للغات الطبيعية تعثرت طويلا قبل أن تصل إلى مرحلة تمكنها من تحويل النصوص إلى معرفة، كان من الطبيعي أن تزدهر محركات البحث التي تقدم للباحث روابط وقنوات تدله وتقوده إلى أماكن يفترض أن توجد فيها المعلومة المطلوبة، لا أن توفر له المعلومة نفسها، وهنا يكمن الفارق بين محركات البحث ومحركات المعرفة.

محركات المعرفة هي أدوات بحث يطرح فيها المستخدم الأسئلة العادية، بالأسلوب نفسه والتركيب الذي يستخدمه عندما يلقي سؤالا على صديق أو طالب؛ فمثلا، من الممكن أن يكتب المستخدم: ما المسافة بين القاهرة والأقصر؟  فيتلقى إجابة عن السؤال تتضمن المعلومات المطلوب الإجابة عنها، ولذلك يطلق عليها أحيانا محركات الإجابات عن الأسئلة. ويتطلب محرك المعرفة تقنية أكثر تطورا في استرجاع المعلومات واستخدام اللغة الطبيعية، حيث يستخدم إما قاعدة بيانات مجهزة مسبقا، أو مجموعة من الوثائق والمستندات المكتوبة باللغة العادية أو الطبيعية، مثل المقالات، والتحليلات، وسائر النصوص فى مختلف مواقع شبكة الانترنت.

وتشتمل محركات الإجابة عن الأسئلة على عدة وحدات، منها: وحدة لتصنيف الأسئلة، وتحدد نوع السؤال، ونوع الإجابة. وبعد تحليل السؤال، يستخدم المحرك عدة وحدات تطبق تقنيات معقدة لمعالجة النصوص، بحيث يقل النص المستهدف تدريجياً، ثم تستخدم وحدة لاسترجاع المستندات محركات البحث لتحديد المستندات، أو الفقرات في النص التي تحتوي على الإجابة. ويعمل الفلتر على تحديد أجزاء النصوص الصغيرة التي تحتوي على مقاطع مشابهة للإجابة المتوقعة، فإذا كان السؤال "من الذي اخترع البنسلين؟ "، فإن الفلتر يحدد النصوص التي تحتوي على أسماء الأشخاص، ثم تبحث وحدة استخراج الإجابة عن مفاتيح أخرى في النص لتحديد ما إذ كانت الإجابة المرشحة تجيب فعلا عن السؤال أم لا.

إن المستندات والنصوص هي المادة الخام التي تعتمد عليها هذه المحركات، ومن دونها تغدو عديمة الفائدة. وكلما زاد حجم هذه النصوص، زاد كم المعلومات والحقائق التي تحتويها. ويؤدي تكرار البيانات والمعلومات وصياغتها بأكثر من طريقة إلى ميزتين: الأولى، تقليل الأعباء على نظام محرك الأسئلة، فلا يحتاج إلى تنفيذ مهام المعالجة المعقدة للنصوص من أجل فهم النصوص، بسبب وجود المعلومات المناسبة فى عدة أشكال؛ والميزة الثانية، هى إمكانية "فلترة" الإجابات الصحيحة من الخاطئة، من خلال الاعتماد على ظهور الإجابة الصحيحة عدد مرات أكثر من عدد الإجابات الخاطئة.

وتتعامل محركات الإجابات على الأسئلة مع باقة واسعة من أنواع الأسئلة عن الحقائق والقوائم والتعريفات والكيفية والأسباب والافتراضات، وتعتمد هذه المحركات على مجموعة، أو باقة، معينة من المستندات والوثائق. وتنقسم هذه المحركات إلى نوعين: النوع الأول، محركات تجيب عن الأسئلة فى موضوع أو نطاق محدد (الطب، صيانة السيارات، الرياضيات، العلوم، غير ذلك)، ومحركات تجيب عن الأسئلة في أي موضوع أو أي نطاق. وتعتمد  هذه المحركات على آليات تحليل المعرفة، واستنباط المعلومات من النصوص، ومن الطبيعي أن تكون قاعدة المعلومات والوثائق التي تتعامل معها هذه المحركات أكبر حجما.

ثورة المعلومات Pic03

جدول
أوجه الاختلاف بين "ويب 1" و"ويب 2"
ويب 1
ويب 2
المواقع تقرأ فقط والمستخدم يتلقى المحتوياتالمستخدم هو المتلقي والمنتج للمحتويات
المواقع الشخصية عشوائية وليس لها شكل محددالمواقع الشخصية هي المدونات
جميع الحقوق محفوظةبعض الحقوق محفوظة
تصنيف المحتويات هو مسؤولية مجموعة من الخبراءالمستخدم هو الذي يصنف محتوياته بنفسه ويتعاون مع الآخرين
ينجز التسويق من خلال الوسائل التقليدية للإعلانيتحدث المستخدم مع الآخرين عن الخدمة ويسوقها بنفسه
ثورة المعلومات Pic04
ثورة المعلومات Pic05


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ثورة المعلومات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثورة المعلومات   ثورة المعلومات Emptyالإثنين 02 مايو 2016, 9:45 pm

خامسا: الجديد في تقنية المعلومات


من الناحية التاريخية، ظهرت أولى محركات الإجابة عن الأسئلة في ستينيات القرن العشرين. وشهدت تطوراً كبيراً منذ ذلك الحين، تزامن مع تطور تقنيات المعالجة الآلية للغات الإنسانية، وتطور البرمجيات التي تستخلص الإجابات من المستندات النصية المستخدمة كمصدر للمعرفة، وتطور الأجهزة والمعالجات، التي يمكنها تنفيذ ملايين الأوامر والتعليمات والمهام في الوقت نفسه، ومن ثم، سهلت البحث في آلاف المستندات في أجزاء من الثانية، وعرض النتائج بسرعة وكفاءة.

تأثر تطور هذا النوع من المحركات، أيضاً، بالتطور الذي شهدته نظم الذكاء الاصطناعى[10] Artificial Intelligence، التى كانت تمتاز بقاعدة بيانات معرفية كتبها خبراء متخصصون. وفي كل الأنظمة كانت الإجابات مقيدة بحجم المعلومات، أو المعرفة المخزّنة في قاعدة البيانات، ناهيك عن أن الأسئلة لابد أن تكون بصيغة وطريقة معينة حتى تحصل على الإجابة المناسبة.

شهدت فترة السبعينات والثمانينات فى القرن العشرين ظهور مشروعات عملاقة في فهم النصوص وإجابة الأسئلة. وتزايد الاهتمام بدمج آليات الإجابة عن الأسئلة بمحركات البحث، التي تزايد استخدامها لتقنيات البحث باللغة الطبيعية؛ غير أن هذه النظم ما زالت تعمل، في الغالب، باستخدام وسائل سطحية، حيث تعرض نتائج البحث مع عرض الفقرة التي يُرجح أنها تحتوي على الإجابة المطلوبة. وتعد محركات الإجابة عن الأسئلة الخطوة التالية أو الجيل المتطور من محركات البحث، إذ تتطلب آليات معقدة للغاية.

كل أنظمة المعلومات في العالم جرى تطويرها بمنهجية واحدة تقريباً؛ فالمصمم يحدد المعرفة التي يحتاج النظام إلى تغطيتها، وأنواع الاستعلامات التي يستطيع الرد عليها، والإجابات عن هذه الاستعلامات. ثم يصمم بعد ذلك مخططات قواعد البيانات، وتسكين المعلومات والبيانات في الجداول، ثم يكتب المهندسون شفرات "أكواد" الأوامر لقراءة البيانات والمعلومات من هذه الجداول، وتقديمها للمستخدمين في الشكل المطلوب، وبعد فترة من الوقت وإنفاق قدر كبير من المال، يخرج إلى النور نظام معلومات يمكنه الإجابة عن الاستعلامات التي صمم من أجلها. وتجدي هذه الطريقة في المجالات المتخصصة لكنها لا تجدي في المجالات العامة المفتوحة، التي قد تتضمن عدداً لا حصر له من المجالات المتخصصة؛ والسبب أن الوقت والمال موارد محدودة، ولهذا ينبغي في أي محرك معرفة كيفية تمثيل المعرفة هيكلياً في صورة لا ترتبط بالمعنى. ويتسم مخطط قاعدة البيانات بحجم ثابت، لكنه قابل لاستيعاب أنواع جديدة من المعرفة، بإضافة المزيد من المعرفة في هذا التمثيل الشامل للحقائق والمعلومات. كما ينبغي أن يكون محرك المعرفة الذي يجيب عن الأسئلة محايداً، بمعنى ألا يشتمل على أوامر برمجية مقصورة أو مرتبطة بمجال معرفي معين.

ولا يمكن الإجابة عن أي سؤال ما لم يتم ترجمته، أولاً، إلى استعلام غير لغوي تفهمه الآلة أو الحاسب، أو بعبارة أخرى، تفسير دلالي كامل لنية أو مقصد المستخدم. وعلى الرغم من أنه يمكن بناء أنظمة لإجابة الأسئلة من خلال مطابقة الأسئلة النصية للإجابات المكتوبة مسبقاً، الا أن هذا الأسلوب غير قابل للتطور مع الزمن؛ فالأسئلة بأي لغة إنسانية تحتوى على عدد كبير من المتغيرات، وحلها يتطلب المعالجة الدلالية، أو تحويلها دلاليا إلى صيغة يفهمها الحاسب والبرمجيات.

ويمكن الإجابة عن نسبة قليلة من الأسئلة، من خلال البحث عن الإجابة في مصدر ثابت؛ فأغلب الأسئلة تتطلب خطوة منطقية، أو أكثر من عملية حسابية، للحصول على الإجابة التي يريدها المستخدم. ويحدث ذلك بغض النظر عن ضخامة مصدر المعلومات، مثل مليارات الصفحات التي تفهرسها محركات البحث. فمثلاً، يمكن الإجابة عن سؤال: متى وأين توفى نابليون بونابرت؟ فهذه البيانات متوافرة بغزارة عن الشخصيات العامة في مختلف أنحاء العالم، ويمكن الإجابة عن مثل هذه الأسئلة دون استدلال؛ ولكن في سؤال مثل: "كم تبعد الأقصر عن القاهرة بالكيلومترات ؟ يحتاج الأمر إلى تفكيك السؤال وعمليات حسابية استدلالية؛ فمثلاً، إذا كانت البيانات المتوافرة هي المسافة بين القاهرة وقنا، والمسافة بين قنا والأقصر، ولأن الأقصر جزء من محافظة قنا، سوف يجمع النظام بُعد المسافة بين القاهرة وقنا وبين قنا والأقصر، من أجل الوصول للمسافة المطلوبة. ومن الأفضل في هذا الصدد أن تكون المعلومات والحقائق الجغرافية والتاريخية والعلمية والسكانية متوافرة بكثرة، حتى يمكن الإجابة عن الأسئلة دون الحاجة إلى استدلال قد يصيب وقد يخطئ.

وأغلب محركات المعرفة تعتمد على موسوعة الويكيبيديا في الحصول على المعلومات والحقائق العلمية والبيانات، التي يتم تخزينها في قواعد بيانات قابلة للتحليل والاستنتاج. وأي محرك معرفة ناجح ينبغي أن يتيح للمستخدمين الفرصة لإضافة المعلومات وتصحيحها. ومن الصعوبات التي تواجه هذا المبدأ مشكلة عدم الثقة في المتطوعين خلافاً للموظفين، ويحتاج محرك المعرفة الفعال إلى إيجاد طرق ووسائل أخرى للتعامل مع مصادر المعرفة غير الموثوقة.

إذا لم يستطع محرك المعرفة تقديم إجابة مباشرة جيدة، فليس من الحكمة أن يقدم إجابة خطأ أو غير صحيحة، ومن الأفضل أن يصمت. ويمكن تقديم أنواع أخرى من النتائج للمستخدم، مثل مواقع الانترنت التي تظهر في النتائج عند الاستعلام في محركات البحث التقليدية، فالحصول على إجابة خطأ، أو الخطأ في فهم مقصد المستخدم، يساوي تماما عدم الإجابة عن السؤال.

ويحتوي أي محرك معرفة على تصنيف شامل يغطي كل الأشياء في العالم، ويحولها إلى مئات الآلاف من الفئات (أشخاص، أماكن، حيوانات، عناصر، وغير ذلك)، وهذا التصنيف يشكل أساس أي محرك معرفة يحول أسئلة المستخدمين إلى استعلامات بحث تماثل ما يقصدونه. كما يُستخدم هذا التصنيف في فك لبس أي مصطلح، ومن دون هذا التصنيف والمعرفة العامة، سيكون من الصعب الرد أو الاستجابة لأسئلة المستخدمين بطريقة معقولة.

إذا تمكن محرك المعرفة من الإجابة عن سؤال معين وتقديم الحقائق والمعلومات، لابد من إتاحة مصدر المعلومة الأساسي للمستخدم، لكي يتعرف على مزيد من التفاصيل بنفسه. ويمكن أن تشتمل مصادر متعددة على الحقيقة نفسها، وتستخدم هذه البيانات للتقييم التلقائي لمدى مصداقية الحقائق. وهذا الأسلوب أفضل بكثير من عرض الإجابة فقط، دون أن يعلم المستخدم مصدرها.

أصبح ممكناً استخدام الشبكة العنكبوتية دون خشية مصادفة محتويات إباحية، وذلك بعد إعلان شركة هولندية أنها أطلقت في 2 سبتمبر 2009 أول محرك بحث إسلامي يسمى ImHalal ، ويعمل كسائر محركات البحث الأخرى المتاحة في الإنترنت. فعندما يدخل المستخدم مفردات ربما تصنف على أنها غير مقبولة، عندئذ يصنف مؤشر المحرك نتائج البحث "الحرام" المحتملة إلى ثلاثة مستويات مختلفة. ويعني التصنيف واحد في "مؤشر الحرام" أن نتائج البحث مأمونة وخالية من محتوى قد يصنف على أنه "حرام"، وفقا للشريعة الإسلامية. وفي الترتيب الثاني، قد يرسل المحرك رسالة تحذيرية تشير إلى أن نتائج البحث المحتملة مصنفة ضمن المستوى الأول أو الثاني على "مؤشر الحرام"، ويستطيع المستخدم المخاطرة وطلب رؤية النتائج رغما عن هذا التحذير، أو تجنب رؤية النتائج وتجربة مفردات بحثية أخرى. وفي حال أن نتائج البحث المحتملة مصنفة ضمن المستوى الثالث على "مؤشر الحرام"، يتلقى المستخدم رسالة تحذيرية تقول: "لقد وصلت نتائج بحثك للمستوى الثالث على مؤشر الحرام، لذا ننصحك بتغيير مفردات البحث وتكرار المحاولة".

طرأت هذه الفكرة لمصممى محركات البحث، عندما اشتكى بعض مستخدمي الانترنت من أن عمليات البحث قد تسفر أحياناً عن محتويات إباحية. واستغرق تطوير محرك البحث هذا سبعة أشهر، في 15 لغة مختلفة، منها العربية والفارسية والتركية، إضافة إلى الإنجليزية، وهو يستخدم نظاماً ثنائي الطبقات، حيث يحلل أولا المحتوى الذي جلبه الموقع، ثم غربلة كافة المواقع التي تحتوي على مواد إباحية، ثم تمر النتائج على نظام تصفية ثانٍ أكثر تقدماً، لضمان خلوها من أي محتوى إباحي أو محرّم.

7. تقنية المعلوماتية الحيوية

ظهر مصطلح "المعلوماتية الحيوية" Bioinformatics في الأدبيات العلمية عام 1991؛ ولكن بداية استخدامه ترجع إلى عام 1968 كعلم يلتقى فيه نمو التقنية الحيوية مع التطور فى تكنولوجيا المعلومات (أنظر شكل التقاء التقنية الحيوية مع تقنية المعلومات)، حيث يتضاعف حجم المعلومات البيولوجية مرة كل سنة ونصف أو سنتين، فكان لا بد من اللجوء إلى تقنيات المعلومات التي تتضاعف قوتها كذلك بالوتيرة نفسها تقريباً.

يمكن تعريف مصطلح المعلوماتية الحيوية بأنه: استخدام الحاسب للتعامل مع المعلومات البيولوجية؛ أو لتخزين المعلومات الجينية، وكذلك للبحث عن المعلومات الخاصة بالشفرات الوراثية للجينات، وللبروتينات الأساسية المتصلة بعمل هذه الجينات ووظائفها. وهذا العلم يدمج علم البيولوجيا Biology مع علوم الحاسب والتقنيات الرقمية، بوصفها ضرورة لإدارة وتحليل وفهم الكم الهائل من المعلومات الناتجة من ثورة المعلومات الجينية.

حدث تقدم في علوم الوراثة والجينات، خصوصا في مشاريع التعرف على التركيب الوراثي لعدد من الكائنات الحية، مثل خميرة الخبز، والفأر، وذبابة الفاكهة، وغيرها. ونظراً لأن جميع الكائنات الحية ترتبط بعلاقات مشتركة من خلال التشابه في بعض متواليات DNA، تُمكّن التبصّرات التي يتم الحصول عليها من الكائنات الحية غير البشرية، من تحقيق المزيد من الفهم والمعرفة لبيولوجية الإنسان. وتوجت هذه الجهود بالكشف عن التركيبة الوراثية (الجينية) للإنسان، وولدت سيلا من المعلومات في مجال علم البيولوجيا، تضمنت الخريطة الجينية (أي الشفرة الوراثية) للكائنات المختلفة، والمركبات التي تتفاعل في الخلية مع تلك الشفرة، وما ينتجه ذلك التفاعل من بروتينات أساسية وإنزيمات، وغيرها من المركبات المسؤولة عن قراءة الشفرة الوراثية والتعامل مع معطياتها، بما في ذلك نسخ المعلومات التي تحملها تلك الشفرة الحية والفريدة من نوعها. وبذا، استطاع العلماء التعرف الى تلك المعلومات التي تحدد تركيب الجسم، وطبيعة عمله، ونسق نموه. وأدت تلك التطورات إلى نمو نوعي في معلومات البشر عن الظواهر البيولوجية وتراكيبها وآلياتها.

وتحفظ هذه المعلومات في قواعد بيانات بيولوجية Biology Databases، يراوح عددها بين 500 و1000 قاعدة. ويمكن النظر إلى حمض الوراثة، الذي يتألف من سلاسل بروتينية، بأنه كتاب فيه 67 مليون ملف من المعلومات المشفرة في سلاسل من 71 مليون حلقة، تسمى كل منها قاعدة مزدوجة. وأدى التزايد الكمي للمعلومات البيولوجية إلى ثورة فى مجالات علمية أخرى، خصوصا الطبية منها.

إن فهماً أفضل لكيفية انتظام الجينات، ودورها في الخلية وفي تطور الكائنات، يفتح الباب لتصميم علاجات تتناسب مع المواصفات الوراثية للإنسان، ولفهم المشاكل الصحية المترافقة مع التقدم في العمر. ويحدث ذلك الأمر يوميا. فبصورة فعلية، شكلت المعلومات الجينية المكتشفة، وبسرعة، الأساس لتصميم الكثير من الأدوية ومكوناتها، كما أصبحت أداة لتحسين الكثير من التراكيب الوراثية لعدد كبير من المحاصيل الزراعية والحيوانات ذات الأهمية الاقتصادية. وفي المقابل، واجه العلماء تحدي التنقيب والبحث عن معلومات محددة، بطريقة سريعة وفعالة، بوصف ذلك من المتطلبات الأساسية في البحث العلمي. فالعثور على المعلومة المطلوبة بات يشبه محاولة العثور على إبرة في كومة من القش.

انعكس التطور في تقنيات التعرف إلى الشفرة الوراثية على نمو المعلوماتية الحيوية وتطورها؛ ما مكنها من توفير الأرضية التقنية لمساعدة الاختصاصيين من التعامل مع الكميات الهائلة من البيانات العلمية، ومن أجل أن تتكامل المعلومات وتتضافر لتشكل صورة شاملة عن نشاطات الخلايا الحية، ما يساعد الباحثين في الكشف عن أسباب تغير هذه النشاطات في حالات المرض المختلفة. ويدين ذلك العلم للتطورات التقنية في لغات البرمجة، والتقدم في تنسيق عمل الحاسبات، وزيادة قوة التخزين في الأقراص الصلبة والمتحركة، والتقدم في الشبكات، مثل ظهور الانترنت السريعة، وغيرها. ففي بداية الثورة الجينية، انصب الاهتمام على إنشاء قاعدة بيانات لتخزين معلومات علوم البيولوجيا، بما في ذلك مقارنة المعلومات وتحليلها.

إن تطوير القواعد البيانية لا يشمل مسائل التصميم فقط، وإنما كذلك تطوير وصلات أو روابط الكترونية متطورة بينها، لتضمن توفير المعلومات بطريقة سهلة وديناميكية، فضلاً عن إمكان إدخال بيانات جديدة وتنقيحها. ولكي تتم الاستفادة القصوى من هذه البيانات، لا بد من توافر الأداة التي تمكن المستخدم من البحث في قاعدة البيانات المعنية، وأن تجلب له المعلومة التي يبحث عنها تحديداً. وظهرت مجموعة من تلك البرامج التي تستطيع إعطاء المعلومة المطلوبة، من خلال أسلوب استفسار مرَكب.

إن تحديد وظيفة عمل البروتينات الأساسية، ومعرفة تراكيبها الهيكلية، أصبح من التحديات الكبيرة في مجال تصميم الأدوية. ومع ازدياد الفرق بين كمية المعلومات التى تنشرها مشاريع الجينوم، وعدد البروتينات المكتشفة باستمرار؛ مع وظائفها وتركيبها؛ يصبح اللجوء إلى أدوات المعلوماتية الحيوية أمراً لا مفر منه. ومن أهم تلك الأدوات وأكثرها استخداما، البرامج التى تقوم بمقارنة سلاسل القواعد المزدوجة والبروتينات الأساسية، لمعرفة ما يشابهها في قواعد البيانات، وبهذا يمكن استنتاج العلاقة الوظيفية بين البروتينات الأساسية في الخلية والقواعد المزدوجة للجينات، إضافة إلى التعرف إلى الفئة التي ينتمي إليها الجين.

كما يشغل التنبؤ بتركيب البنية الثلاثية الأبعاد للبروتين حيزاً كبيراً في علم المعلوماتية الحيوية. فمنذ أن حُددت البنية التركيبية الأولى للبروتين، طور العلماء برامج للحاسب قادرة على رسم ملامح البنية الثلاثية الأبعاد للبروتين. ومن أهم هذه الطرق وأكثرها قوة ودقة، التقنية التى تبنى صورة ثلاثية الأبعاد للبروتين، انطلاقا من المعطيات الأولية عن تركيبه. كما تُعطي بعض أدوات علم المعلوماتية الحيوية فكرة تقريبية عن عمل البروتين الأساسي، انطلاقاً من تركيبه الأولي أيضاً.

وتشمل نشاطات المعلوماتية الحيوية الأساسية مستويات عدة، بداية من العمل النظري، ووصولاً إلى صنع جداول إحصائية يستطيع الحاسب التعامل معها؛ ما يمهد لصنع أدوات التحليل المختلفة. ويعطي التحليل المقارن للتشكيلات الوراثية نموذجاً من تلك الأدوات التقنية المتقدمة في علم المعلوماتية الحيوية. ويمكّن هذا التحليل من التعرف إلى العلاقة بين الكائنات، عبر اكتشاف أماكن التشابه والاختلاف في تراكيبها الجينية. وكذلك، فإن المعلومات التي يوفرها التحليل المقارن للتشكيلات الوراثية تساعد على فهم أفضل لعمل جينات الإنسان، ومن ثم، صوغ استراتيجيات أفضل لمكافحة الأمراض.

إن أحد التحديات التي تواجه المعلوماتية الحيوية هي كيفية تحويل الملاحظات البيولوجية إلى نموذج يستطيع الحاسب أن يفهمه. وفي المقابل، يواجه ذلك العلم معضلة تتمثل في قلة عدد المتخصصين فيه. فمنذ أواسط تسعينات القرن العشرين، يتزايد دور هذا العلم، في مجال أبحاث البيولوجيا والصيدلة والجينات، بنسبة تزيد على 25 في المائة سنويا. ولم تترافق هذه القفزة مع ارتفاع مماثل في عدد الاختصاصيين. وبادر عدد من الجامعات في الغرب إلى إدخال علم المعلوماتية الحيوية وتخصصاته في صلب مناهجها الأكاديمية، وكذلك بادرت الى وضع برامج كفيلة بتدريسه عبر الانترنت.

نشأت صناعة خاصة تحول فيها البيانات الخام للجينوم البشري إلى معرفةٍ تستخدم في تصنيع أدوية جديدة، وتنشط الشركات في مجالات متنوعة، مثل جمع البيانات وتخزينها، وتقصي قواعد البيانات، وتفسيرها. ويبيع معظمهم حق الحصول على هذه المعلومات إلى الشركات الصيدلانية برسوم اشتراكات ضخمة، قد تصل إلى ملايين الدولارات. ويرجع السبب في رغبة الشركات الدوائية في أن تدفع مقابل هذه الخدمات، إلى أن المعلوماتية الحيوية تمثل الأمل في العثور على أهداف أفضل للأدوية في وقت أبكر، وذلك ضمن عملية تطوير الدواء. ويمكن لهذه الفاعلية أن تقلل عدد أنواع المعالجات المحتملة، التي على الشركة أن تجريها ضمن اختباراتها السريرية، مخفّضة التكاليف الكلية تخفيضاً كبيراً. كما يمكن لهذه الفاعلية أن تحقق مكاسب إضافية لشركات الأدوية عن طريق اختصار الوقت، الذي يتطلبه البحث عن الدواء وتطويره، مطيلة بذلك مدة بقاء الدواء في السوق قبل انتهاء صلاحية الفترة الخاصة ببراءة الاختراع.

ارتكزت بداية هذا المجال في أوائل ثمانينات القرن العشرين على قاعدة بيانات أنشأتها وزارة الطاقة الأمريكية، لتخزين تتاليات قصيرة من تسلسلات للـ DNA، بدأ العلماء بالحصول عليها من مجموعة من الكائنات الحية المختلفة. وفي الأيام الأولى لقاعدة البيانات هذه، كانت هنالك مجموعة محدودة من الفنيين تعمل على حاسبات تحوي لوحاتها أربعة أحرف، هي A وC وT وG. وكانت هذه المجموعة تدخل تسلسلات الـ DNA، التي كانت تُنشر في المجلات الأكاديمية. ويتكون جزيء DNA في البشر من خيطين يلتف كل منهما حول الآخر بحيث يشبهان السلم الملتوي (أنظر شكل جزيء DNA)، والذي يتصل جانباه، والمكونان من جزيئات السكر والفوسفات، بواسطة روافد من المواد الكيميائية المحتوية على النتروجين، ويرمز إليها اختصاراً بالحروف A وT وC وG. وتتكرر هذه القواعد ملايين أو مليارات المرات في جميع أجزاء الجينوم. ويحتوى الجينوم البشري، على سبيل المثال، على ثلاثة مليارات زوج من هذه القواعد، في حين يحتوي الجسم البشري على نحو 100 تريليون خلية. ويعد الترتيب المحدد للحروف A وT وC وG في غاية الأهمية، فهذا الترتيب يحدد جميع أوجه التنوع الحيوي، وفيه تكمن الشفرة الوراثية Genetic Code، فكما أن ترتيب الحروف التي تتكون منها الكلمات هو الذي يجعلها ذات معنى، فإن ترتيب هذه الحروف يحدد كون هذا الكائن الحي إنساناً، أو ينتمي إلى نوع حي آخر، كالخميرة، أو ذبابة الفاكهة، مثلاً، والتي يمتلك كل منها الجينوم الخاص بها، والتي ركزت عليها أبحاث وراثية خاصة عدة.

بمرور السنين، ظهرت بروتوكولات جديدة مكنت الباحثين من الاتصال مباشرة بقاعدة البيانات، وتفريغ التسلسلات التي كانوا يحصلون عليها. ومع إطلالة شبكة الانترنت صار في قدرة الباحثين في جميع أنحاء العالم الحصول بسهولة على بيانات القاعدة، من دون مقابل. وحال انطلاق مشروع الجينوم البشري رسمياً في عام 1990، نما حجم بيانات تسلسلات DNA في قاعدة البيانات بدرجة كبيرة. وبحلول ربيع عام 2000، ضمت القاعدة بيانات التسلسلات عن أكثر من 7 بلايين وحدة من DNA. وفي الوقت الذي انطلق فيه مشروع الجينوم البشري، بدأت شركات خاصة مشاريع موازية، وأسست لنفسها قواعد بيانات ضخمة.

ولكن المعلوماتية الحيوية تشمل، أيضاً، مقارنة جينات من كائنات حية مختلفة. وبالبحث عن جينات في كائنات حية نموذجية تماثل جينة بشرية معينة، يستطيع الباحثون التعرف على البروتين الذي تكونه هذه الجينة، كما يستطيعون البحث عن عقاقير لإعاقته. وتتضمن إحدى أهم العمليات الأساسية في المعلوماتية الحيوية البحث عن التشابهات، أو عن التماثلات، بين قطع DNA التي تمت سلسلتها حديثا، وبين قطع من كائنات حية أخرى سبق أن سلسلت. إن العثور على التسلسلات المتقاربة يتيح للباحثين التنبؤ بنمط البروتين الذي يشفّره "يكوده" التسلسل الجديد. وهذا لا يتمخض فقط عن نتائج تقود إلى أهداف دوائية في مرحلة مبكرة من تطوير الدواء، إنما يستبعد أيضا أهدافا كثيرة أخرى قد تؤدي إلى طريق مسدود.

إن بعض شركات المعلوماتية الحيوية تتوجه إلى شركات التقانة الحيوية والمؤسسات الصيدلانية، حيث توفر لهم برمجيات مصممة وفق طلبهم، وتقدم لهم خدمات استشارية. وأسس الكثيرون أقساماً كاملة لتكامل البرمجيات، ولتسهل الوصول إلى قواعد البيانات عبر أقسام متعددة، بما في ذلك تطوير منتجات جديدة، وإيجاد الصيغ الملائمة، وإجراء الاختبارات السمية والسريرية. ومع اكتمال القسم الأعظم من الجينوم البشري[11]، يرى المنظّرون البيولوجيون أن العلماء سيكونون قادرين على استعمال المعلوماتية الحيوية لوضع النماذج الملائمة للعدد الفلكي من التفاعلات الكيميائية الحيوية، التي تثري حياة الإنسان. ومن خلال المعلوماتية الحيوية سيعرف العلماء أي جينة أو أي تسلسل من الجينات يعطلون، وفي أي ترتيب؛ كي يوجهوا خلية سرطانية ما إلى سلوك لا سرطاني، أو يوجهوا تجدد بعض الأنسجة بحيث لو حدث أن فقد إنسان نصف بنكرياسه، فسيكون لدي العلماء القدرة على تجديده؛ أو على تجديد خلايا لدى المصابين بالداء السكري.

تستخدم تقنيات المعلوماتية الحيوية فى أنظمة القياس الحيوية Biometric لمهام متعددة، كحماية المواقع الصناعية، ومراقبة الحدود والمطارات والموانيء، وكشف الهوية، وغيرها من المهام الأمنية. وهذه الأنظمة مهمتها الأساسية، التعرف على بصمات الأصابع والوجوه، وتحليل قزحية العين. وتوجد في الأسواق مجموعة واسعة من هذه النظم، التي تسمح بتخزين معلومات عن هوية الشخص، والتحقيقات الإجرامية، وكشف بطاقات الهوية والقيادة والجوازات والبطاقات الانتخابية غير القانونية، ولمكافحة التزوير والتسلل، كما تستعمل، أيضاً، لحماية المنشآت الحساسة، كمختبرات الأبحاث والمصانع، وغيرها.  سمحت تقنيات المعلوماتية الحيوية بإيجاد حلول مناسبة لحفظ أمن النقل الجوي والمسافرين والعاملين في المطارات. وطورت لهذه الغاية بطاقات هوية، وجوازات، وتأشيرات، ومراكز كشف قبل العبور الى الطائرة. وتؤمن مستشعرات دقيقة، حفظ المعلومات بواسطة أنظمة القياس الحيوية على البطاقات، أو جوازات السفر، أو التأشيرات، حيث تقرأ بواسطة أجهزة موضوعة أمام مداخل العبور الى الطائرات أو في الأماكن التي يراد حمايتها من التسلل. وتستطيع هذه الأجهزة، التى تم تطويرها، الكشف بسهولة عن أي انتحال للشخصية، أو عملية تزوير. وسوف تشكل هذه التقنيات الجديدة عامل ردع فعال في المطارات والحدود، وستكون المرجع الأول والأخير لكل دولة تريد الحفاظ على أمنها واستقرارها.

تشكل كلمة السر أداة بسيطة للتحكم في الدخول إلى الحاسبات والشبكات والتعاملات على الإنترنت؛ ولكن المسيئين يمكنهم سرقتها أو تخمينها، في حين تقدم قارئات بصمات الأصابع أمانا أكبر (أنظر صورة قارئ بصمات الأصابع)، لأنه يكاد يكون مستحيلا تزوير بصمة إصبع بشرية. ولكي يتم السماح بالدخول أو عدمه، تُحلل البرمجيات النسق الهندسي للبصمة بكل دقائقه، كالمرتفعات والمنخفضات الفريدة والخاصة بكل إصبع، ومن ثم مقارنته بالأنساق المسجلة لديها للمستعملين الشرعيين.

وتعد بصمات الأصابع أول ميزة جسدية يتفرد بها كل إنسان. وعمليا، يقدم رسم الإصبع معلومات غزيرة لا يمكن استعمالها كلها، ويعمل، من ثم، على استخلاص الميزات الأساسية منها، مثل انعطافات المرتفعات، والجزر والخطوط التي تختفي. وتحتوي كل بصمة إصبع على حوالي مئة نقطة مميزة. وسمحت التقنيات الجديدة بأنه عند فحص البصمة بصورة جيدة، يمكن استخراج حوالي عشرين من هذه النقاط فقط، لتفي بالغرض المطلوب.

أدت التحسينات التقنية لقارئات بصمات الأصابع إلى تقليل معدلات الخطأ فيها وتخفيض تكلفتها، ما وسع مجال الطلب عليها. فمعدلات الخطأ في القارئات الجيدة تبلغ أقل من 25 في المليون. وساعدت سهولة دمج البرمجيات في أنظمة التشغيل الرائجة على تقليل نسبة الخطأ. وقد تكون أكبر عقبة ينبغي تذليلها هي المخاوف المتعلقة بخصوصية الفرد، إذ يخشى الناس على بصماتهم من التخزين والنسخ والتقليد، غير أن التقانة قادرة على تدارك مجمل هذه الاحتمالات. وكما هي الحال عند إرسال معلومات بطاقة الاعتماد عن طريق الإنترنت، فإن ثقة الناس تتوقف في نهاية الأمر على السياسات والممارسات الحاذقة المتبعة.

ويمكن أن يزدهر سوق قارئات بصمات الأصابع بشكل كبير، إذا سمح الناس باقتران بصمات أصابعهم إلكترونيا بحساباتهم المصرفية، أو ببطاقات اعتمادهم. عندئذ، يستطيع الشخص سحب النقود من جهاز الصرّاف الآلي فور أن يضغط بإصبعه على ماسحة موجودة في شاشة الجهاز. وكذلك، يمكنه دفع ثمن عشائه عند منضدة المحاسبة، أو ثمن وقود سيارته عند المضخة، أو ثمن مشترياته من البقالة، عند ممرات تسديد الحساب.

تعرض في الأسواق أنظمة تعتمد على كف اليد، حيث تضمن قياس عدة ميزات في اليد، كالشكل، وطول الأصابع وعرضها، وشكل المفاصل الظاهرة من أصابع اليد، والمسافة أو الطول ما بين المفاصل. والتكنولوجيا المستعملة للقياس هنا هي التصوير بالأشعة تحت الحمراء، وهذا النظام شائع كثيراً في الولايات المتحدة، على الرغم من أنه يتضمن بعض العيوب والأخطاء.

وتستخدم أنظمة قياس قزحية العين للتمييز بين شخصين، بطريقتين مختلفتين: الشبكية، والقزحية. وتعد أنظمة القياس الحيوية لشبكية العين هي أسبق بقليل من قياس القزحية، والتي هي أكثر موثوقية من تقنية القزحية. ويتمتع النسق المعقد للشعيرات الصغيرة الممتدة في قزحية العين، بقدرة تمييز أدق من بصمة الإصبع. وتحقق منظومات التعرف، التي تلتقط هذا النسق الهندسي، معدلات خطأ في التعرف منخفضة للغاية. ومع ذلك لم يستخدم هذه المقاربة سوى عدد قليل من المنظمات، لأن ماسحات القزحية تكلف ضعفيّ تكلفة قارئات بصمات الأصابع، ولأن المستخدمين يرونها مربكة، حيث تتطلب التحديق في عدسات آلة التصوير. وتستخدم بعض شركات الطيران منظومة التعرف عن طريق القزحية في المطارات، إذ تتيح لدؤوبي السفر بالطائرة التوجه إلى ماسحة القزحية عند نقاط التفتيش، متخطين بذلك صفوف الانتظار الطويلة عند منافذ التحقق من أوراق إثبات الهوية.

8. تقنية المعلومات الصديقة للبيئة

يمكن تعريف مصطلح "تقنية المعلومات الصديقة للبيئة" على أنه البحث في مجال تقنية المعلومات، وتوظيفها بشكل يلتزم الكفاءة ومراعاة عدم الإضرار بالبيئة في دورة حياة المنتج؛ بما يشمل تطوير تقنية المعلومات، وإنتاجها، واستخدامها، وأخيرا التخلص من مخلفاتها بشكل صحيح من الناحية البيئية.

إن الانتشار المتزايد لتقنية المعلومات يشكل جزءاً من الضغط الواقع على البيئة، إلا أنها، في الوقت ذاته، قد تشكل عاملاً فعالاً يسهم في حماية البيئة في المستقبل. وكل ما يتطلبه الأمر هو الإرادة والقدرة على التفكير بشكل منظم، ونشر الحلول المبتكرة لتقنية المعلومات. وسوف يكتسب التأثير البيئي الناتج عن تقنية المعلومات أهمية متزايدة على جدول أعمال المناخ العالمي. ولذلك، فإنه يتعين على الدول أن تتخذ إجراءات فعالة في مجال الحد من الآثار الضارة لتقنية المعلومات على البيئة، من خلال استخدام هذه التقنية بشكل يراعي البيئة على نحو أفضل.

ومع الدور المتزايد الأهمية الذي تلعبه تقنية المعلومات في المجتمع، فإنها تكتسب أهمية متزايدة، أيضاً، في الحد من الآثار البيئية السلبية لإنتاج المعدات واستخدامها. وفي الوقت نفسه، تتمتع تقنية المعلومات بإمكانات هائلة للحد من الآثار السلبية على البيئة للأنشطة الأخرى في المجتمع. ولذلك، فإن تقنية المعلومات تمثل بؤرة اهتمام حيوية للجهود الرامية لمكافحة الاحترار العالمي، وغيره من المشكلات البيئية. وتعتمد كفاءة تقنية المعلومات على كيفية استخدامها، وينطبق ذلك تماما على المستهلك الفرد، مثلما ينطبق على المؤسسة الكبرى، أو الهيئة العمومية.

إن زيادة انتشار تقنية المعلومات له عواقب على البيئة؛ حيث تشير التقديرات إلى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (أنظر صورة ثاني أكسيد الكربون) الناتجة عن هذه التقنية على المستوى العالمي، تعادل في حجمها ما ينتج عن صناعة الطيران بأكملها، والتي تشير التقديرات إلى مسؤوليتها عن نسبة 2% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. فكما حملت أجهزة الحاسب فوائد جمة في جوانب الحياة المختلفة، حملت، كذلك، معها الكثير من الجوانب السلبية الأخرى. فعلى المستوى البيئي، مثلا، أصبح التخلص من أجهزة الحاسبات القديمة أحد أهم أسباب التلوث البيئي المعروف بالتلوث الإلكتروني E-waste، أو التلوث الناتج عن مخلفات ثورة المعلومات (أنظر صورة مخلفات أجهزة الحاسبات). ويكفي لإدراك حجم هذه المشكلة، العلم بأنه يتم التخلص يوميا من 130 ألف جهاز حاسب في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وأن عدد أجهزة الحاسب التي تجد طريقها إلى مقالب القمامة على مستوى العالم يزيد عن 300 ألف جهاز يومياً.

إن الثقافة الإلكترونية، المرتكزة على أن الجديد هو الأفضل والأحسن، تؤدي إلى التخلص من مئات ملايين الأجهزة الإلكترونية، مثل الهواتف النقالة، وأجهزة التلفزيون، وأجهزة الفيديو، وأجهزة الحاسب بداهة، وغيرها الكثير. إن انتشار استخدام الانترنت عبر أجهزة الحاسب، يضر بالبيئة، ذلك أن الحاسبات والطاقة الضرورية لهذه الغاية تبث ما لا يقل عن 20 مجم من غاز ثاني أكسيد الكربون كل ثانية يتصفح فيها زائر الشبكة العنكبوتية (أنظر صورة شخص يتصفح الانترنت) إن قراءة قصة واحدة على الانترنت من شأنه أن يسفر عن انبعاث آلاف المليجرامات لما يعرف بالغازات الدفيئة، التي تسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري، أي ارتفاع درجة حرارة الأرض، ما قد يؤدي إلى ظهور كوارث طبيعية كثيرة وخطيرة على مستقبل الإنسانية. وعلى افتراض أن الآلاف من الناس يزورون المواقع الإلكترونية، فإن كمية الغازات المنبعثة تكون كبيرة للغاية. والسبب في هذا الأمر هو أن تصفح الانترنت يتطلب استخدام أجهزة عديدة، من محولات وشبكات وحاسبات وغيرها، والتي من شأنها أن تكلف البيئة غالياً. ولذلك، فانه من الضروري إنشاء نظام بيئي أخضر للانترنت، أي يعمل بأجهزة وعبر وسائل طاقة لا تضر بالبيئة.

أخذاً في الاعتبار حقيقة أن الأجهزة الإلكترونية تحتوي ضمن مكوناتها على العديد من العناصر الكيميائية السامة، مثل الرصاص، والزئبق، والكروميوم، والتي يتراوح تأثيرها بين التسبب في تلف المخ والأعصاب، والفشل الكلوي، إضافة إلى الطفرات الجينية والأمراض السرطانية، فانه يمكن تقدير مدى الخطر البيئي الصحي الذي أصبحت تمثله القمامة الإلكترونية، والتي تعد أجهزة الحاسب الشخصي أحد أهم مكوناتها. فعدا الملوثات الكيميائية السامة، التي تجد طريقها إلى الطعام والشراب، تشكل أجهزة الحاسب خطراً صحياً آخر نتيجة الإفراط في استخدامها. وهذه الحقيقة ثبتت بالفعل من خلال العديد من الدراسات والأبحاث العلمية، مثل الدراسة التي قامت بها مجموعة من العلماء في اليابان، وأجريت على عشرة آلاف موظف وعامل يستخدمون جميعهم الحاسب يومياً بشكل مكثف، ضمن نطاق عملهم أو حياتهم اليومية. وأظهرت الدراسة أن الإفراط في استخدام الحاسب مرتبط بشكل ما بزيادة احتمالات إصابة العين بالجلوكوما أو المياه الزرقاء، وخصوصاً بين الأشخاص قصار النظر. وعلى المنوال نفسه، صدرت دراسة مشابهة، أجراها علماء فى نيوزيلندا، أظهرت أن الجلوس لساعات طويلة أمام شاشة الحاسب، قد يؤدي إلى الإصابة بجلطة دموية قاتلة، تماماً كتلك التي قد تحدث خلال السفر بالطائرات لساعات طويلة[12].

وأظهرت إحدى الدراسات أن الحوادث والإصابات التي تقع داخل المنزل بسبب جهاز الحاسب، قد تضاعفت سبع مرات، وخصوصاً بين الأطفال. فبين عامي 1994 و2006، سجلت المستشفيات والمراكز الطبية في الولايات المتحدة 78 ألف حالة إصابة، أو حادث بسبب الحاسب المنزلي، وخصوصاً بين من هم دون سن الخامسة، تراوحت ما بين السقوط بسبب التعثر في الأسلاك، والحروق بسبب سكب سائل على الحاسب، وإصابات الرأس بسبب الارتطام بشاشة الحاسب، أو سقوطها على الطفل. وعلى الرغم من أن غالبية هذه الإصابات والحوادث بسيطة نسبياً، إلا أن جزءاً لا يستهان به منها، كان ضمن نطاق الحوادث الخطيرة.

لا ينبغي أن تتعلق تقنية المعلومات الصديقة للبيئة بالرجوع بالتطوير إلى الفترة السابقة على الثورة الرقمية؛ فمن المسلم به أن يستمر المواطنون العاديون، والقطاعان، العام والخاص، في استغلال الفرص التي تقدمها تقنية المعلومات. ويعود ذلك إلى حقيقة أن الاستخدام المتزايد لمنتجات تقنية المعلومات يعود –بلا شك- بعواقب سلبية على البيئة، إلا أن فرص الخروج بمحصلات إيجابية من خلال توظيف تقنية المعلومات تفوقها بمراحل، لأن تقنية المعلومات هي مفتاح تطوير الحلول الذكية، التي تحد من استهلاك الطاقة في البيوت وفي إنتاج السلع والخدمات، ومن ثم، فهي تسهم بشكل فعال في تحديد إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

وتتمتع تقنية المعلومات بإمكانية الحد من استهلاك الطاقة، والارتقاء باستغلال المصادر إلى المستوى الأمثل. فالمعدات الحديثة لتقنية المعلومات تجعل من الممكن عقد اجتماعات تخيلية، فتلغي بذلك الحاجة إلى الطيران وغيره من وسائل المواصلات. وعلى الشاكلة نفسها، تقدم المكاتب المنزلية الفرصة للعمل عن بعد، وهو ما يعمل أيضا على توفير المواصلات. ومن الأمثلة الأخرى على حلول تقنية المعلومات المبتكرة، هناك "التحكم المؤتمت" في استهلاك الطاقة، والذي قد يشكل جزءا من المنازل ومقرات العمل الموفرة للطاقة في المستقبل. وفي هذا الشأن، فمن الضروري الاستثمار في البحث في مجال تقنية المعلومات الصديقة للبيئة.

ولا يخفى مدى الانتشار الهائل الذي حققته أجهزة الحاسب الشخصي خلال العقود القليلة الماضية، حيث أصبحت جزءا لا يتجزأ من الحياة العصرية الحديثة، سواء في العمل أو في المنزل، أو في المستشفيات والمطارات والجامعات وغيرها من نقاط ارتكاز المجتمعات البشرية. وعلى الرغم من إدراك هذه الحقيقة، فإن هذا الانتشار لا زالت بعض حقائقه تثير الحيرة، وتبعث على الدهشة. فعلى سبيل المثال، كان عدد الحاسبات الشخصية في العالم عام 1977 يقل عن خمسين ألف جهاز، لكن بحلول عام 2002 وصل عدد هذه الأجهزة إلى مليار جهاز، وفي السنوات الست اللاحقة، أي بحلول عام 2008، وتحديداً في شهر يونيه 2008، تخطت أجهزة الحاسب حاجز الملياري جهاز. لكن هذا الانتشار يتسم بغياب التوزيع المتساوي عالميا، حيث فازت الولايات المتحدة وحدها بنصيب الأسد، أو 40% من إجمالي الحاسبات الشخصية، تلتها الدول الأوروبية بنسبة 20%.

ثمة حقائق علمية تتعلق بتقنيات المعلومات الصديقة للبيئة، فإنتاج حاسب شخصي واحد يتطلب 1.7 طن من المواد الخام والماء، ويتناقص متوسط عمر الحاسب من ستة أعوام في عام 1997 إلى عامين فقط، ويستهلك الحاسب العادي 30 في المائة من الطاقة بسبب تركه في وضع التشغيل، عندما لا يكون قيد الاستخدام. ويتم توفير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في كل مرة يعمل فيها أحد الموظفين من المنزل باستخدام تقنية المعلومات، وفي كل مرة تقوم فيها إحدى الشركات أو الهيئات العامة بالإنتاج بشكل أكثر فعالية بمساعدة تقنية المعلومات، وكذلك عندما يستبدل بالكتالوجات والإعلانات المطبوعة والخطابات مستندات إلكترونية ورسائل للبريد الإلكتروني.

ولتفادي استهلاك زائد للكهرباء، وللاعتناء بالحاسب ومكوناته، يجب معرفة بعض الأمور مثل أن كل مكونات جهاز الحاسب تستهلك الكهرباء (الشاشة، الوحدة المركزية، الطابعة، وغيرها)، حيث يستهلك حاسب عادي بين 100 و250 وات في الساعة، وتحتاج الشاشة نصف هذه الكمية، وكلما كبر حجم الشاشة ازداد الاستهلاك، وتحتاج الأنواع القديمة منها لثلاثة أضعاف ما تتطلبه الشاشات المسطحة. ويحتاج المعالج الأساسي Microprocessor في الحاسب إلى طاقة كبيرة، مقارنة ببقية المكونات. وتشغيل لعبة ثلاثية الأبعاد يستهلك أكثر مما يستهلكه برنامج لمعالجة النصوص، مثلاً. وفي حال تحميل ملفات ضخمة، مثل الأفلام والصور، من الانترنت، يُنصح بإيقاف تشغيل الشاشة، لتوفير ما تستهلكه من الكهرباء، مع الإشارة إلى أن ذلك لا يؤثر على التحميل.

وتبدي شركات الحاسب عناية كبيرة بمسألة الاقتصاد في الطاقة. وعلى سبيل المثال، قررت بعض الشركات خفض استهلاكها للطاقة بنسبة 20 في المائة، في ما يتعلق بأجهزة التبريد في الحاسبات الضخمة الأساسية لهذه الشركات. وكمساهمة منها في التخفيف من حدة التلوث، قررت خفض نسبة تنقلات مستخدميها بواسطة الإكثار من الاجتماعات الافتراضية، التي تستعمل أنظمة الفيديو، ما يجعل المستخدمين يتفادون الانتقال جسدياً إلى مواقع الاجتماعات. وكذلك قررت أن تستثمر في استعمال الطاقة النظيفة في أقسام مصانعها التي تنتج حبر الطابعات. ولا يبدو هذا الهاجس البيئي جديداً، فقد شرعت بعض شركات إنتاج الحاسب في استعمال لوحات الطاقة الشمسية (أنظر صورة استعمال لوحات الطاقة الشمسية). وعلى غرار ذلك، يمكن الإشارة إلى المجهود الذي تبذله بعض الشركات في تغيير الكثير من المواد التي تستعملها، لتصبح أكثر استخداماً للمواد الأقل خطورة على البيئة، وتحاول هذه الشركات أن تطبق فكرة إمكانية التوفيق الفعلي بين المحافظة على البيئة والربح التجاري.


[1] تشتق كلمة Technology من اللغة اللاتينية, حيث تتكون من مقطعين techno، وتعنى الفن أو الحرفة، و logia ، وتعني الدراسة أو العلم.

[2] اشتقّت الانترنت اسمها من كلمة Internetting في اللغة الانجليزية، والتي تعنى ربط الشبكات بعضها ببعض.

[3]  اقترح الويب الدلالي من قبل مدير منظمة W3C World Wide Web Consortium تيم برنارز لي Tim Berners Lee، كوسيط عالمي لتبادل المعلومات والمعرفة البشرية. وهذه المنظمة هي تجمع صناعي دولي هدفه قيادة شبكة الانترنت إلى أقصى إمكانياتها. وينخرط في هذا التجمع أعضاء من أكثر من 500 منظمة موزعة حول العالم، ما يجعل الرابطة تنال اعترافاً دولياً بمساهمتها في تطور الشبكة ونموها.

[4] العميل agent هو برنامج يعمل من دون تدخل التحكم البشري أو الإشراف المستمر من أجل إنجاز المهام التي يطلبها المستخدم. ويقوم العملاء عادة بتجميع وفلترة ومعالجة المعلومات الموجودة على شبكة الانترنت، وأحيانا بمساعدة عملاء آخرين.

[5] الصورة الرقمية هي سلسلة من النقاط المتجاورة لتكوين الصورة، وتستخدم بعض الأجهزة لمسح أو تحويل الصورة التقليدية إلي صورة معالجة رقميا.

[6] هو ناقل من النوع "ركب وشغل" (Plug and Play)، يسمح بوصل الأجهزة الطرفية بالحاسب لنقل المعلومات تسلسليا.

[7] كلمة ويكي Wiki مأخوذة من لغة جزر الهاواي، من عبارة Wiki Wiki ، وتعني سريع أو بسرعة.

[8] يطلق عليها الموسوعة الحرة.

[9] بدأ محرك البحث Google.com كمشروع لرسالة دكتوراه حول تقنيات الذكاء الاصطناعي والمعالجة الطبيعية للغة في جامعة ستانفورد Stanford في الولايات المتحدة، وتحول إلى بوابة إنترنت عالمية كبرى، تخدم البحث بـ 66 لغة، منها العربية، وتعالج 120 مليون طلب بحث يومياً.

[10] أحد مجالات الدراسة التى تُعنى بتصميم وبرمجة الحاسبات لتحقيق مهام وأعمال تحتاج من البشر، عادة، إلى استخدام ذكائهم فى حالة قيامهم بها.

[11] الجينوم البشري Human genome هو الطقم الكامل المكوّن من أكثر من 500 ألف جين موجودة في نواة الخلية لأغلب الخلايا البشرية. ويتوزع الجينوم النووي للأنثى على ثلاثة وعشرين زوجاً من الكروموسومات المتشابهة بنيويا، لكن الكروموسوم X في الذكور يقترن مع الكروموسوم Y غير الشبيه به، وبذلك يصبح هناك 24 نوعا مختلفاً من الكروموسومات البشرية. وبكلمات أخرى، يمكن القول بأن الجينوم هو كامل الحمض النووي منزوع الأكسجين، (أو الـ DNA اختصاراً)، في كائن حي معين، بما فيه جيناته genes. وتحمل تلك الجينات (المورثات) جميع البروتينات اللازمة لجميع الكائنات الحية. وتحدد هذه البروتينات، ضمن أشياء أخرى، كيف يبدو شكل الكائن الحي، وكيف يقاوم العدوى، وأحياناً يحدد حتى الطريقة التي يتصرف بها.

[12] تحدث هذه الحالة - ضمن أسباب أخرى عديدة- نتيجة انعدام الحركة في الساقين لفترة طويلة، ما يسبب ركود الدم، وزيادة لزوجته، ومن ثم تخثره، أو تجلطه، وهو ما يؤدي إلى انسداد الأوعية الدموية، والتعرض لإصابات حيوية خطيرة، والوفاة أحياناً.

ثورة المعلومات Fig06


ثورة المعلومات Fig07

ثورة المعلومات Pic06


ثورة المعلومات Pic07


ثورة المعلومات Pic08

ثورة المعلومات Pic09

ثورة المعلومات Pic10
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ثورة المعلومات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثورة المعلومات   ثورة المعلومات Emptyالإثنين 02 مايو 2016, 10:00 pm

سادسا: الجديد في تطبيقات ثورة المعلومات

خرجت تقنية المعلومات من رحم المؤسسة العسكرية، فقد كانت الحسابات العلمية المعقدة لإنتاج القنبلة الذرية أحد الدوافع الأساسية في ظهور الحاسب، الذي ما إن وجد حتى أصبح قاسماً مشتركاً في تطوير الأسلحة ونظم الدفاع الإستراتيجية والتكتيكية، على حد سواء. وتسللت تكنولوجيا المعلومات إلى داخل عناصر الذخيرة ذاتها، لتشحذ دقة تصويبها، وتزيد من فاعلية قوة النيران لها، وظهر إلى الوجود مصطلح "أطلق وانس"Fire and Forget، بفضل أساليب الذكاء الاصطناعي، الذي أكسب المقذوفات الصماء قدرة التوجيه الذاتي لمطاردة أهدافها (أنظر صورة صاروخ بتقنية أطلق وانس). ومن جانب آخر، فقد ساعدت القيود الصارمة لتصميم وتشغيل المعدات العسكرية على زيادة كفاءة المكونات الإلكترونية الداخلة في صنعها، والاتجاه المتزايد نحو تصغيرها، وهو الأمر الذي أدى في النهاية إلى ظهور تكنولوجيا الإلكترونيات الدقيقة.

انتقلت تكنولوجيا المعلومات من الميدان العسكري لتحط بثقلها في موقع قوة آخر لا يقل في أهميته عن القوة العسكرية، وهو قطاع المال وإدارة الأعمال. وهكذا، تم تحوير تطبيقات المعلومات في الدفاع الجوي ونظم السيطرة والقيادة وإدارة العمليات الحربية، إلى نظم لأتمتة المصارف والحجز الآلي لشركات الطيران، ونظم لمساندة الإدارة. ودارت عجلة التطوير، فمن أقمار التجسس إلى أقمار البث التليفزيوني، ومن نظم الاتصالات العسكرية إلى سنترالات الهواتف الرقمية، ومن استخدام نظم المحاكاة لتدريب المقاتلين على ظروف المعارك، إلى استخدامها لتدريب الطيارين المدنيين والفنيين. ومن مواقع المال وإدارة الأعمال تشق تكنولوجيا المعلومات طريقها إلى عالم التجارة، عندما دخلت بها الصناعة اليابانية إلى عالم الاستهلاك من أوسع أبوابه لتستقر في نهاية المطاف في ساعات اليد، وأجهزة الإرسال والاستقبال، وأدوات المطبخ، وما شابه ذلك.

لم يعد هناك حدود مرسومة مسبقاً لكيفية استعمال التقنيات الرقمية لأغراض عسكرية، أو مدنية، أو مزدوجة الاستخدام. وإذا كانت المعالجات الإلكترونية الرقمية، لا تشكل المجال الوحيد للتدخل الإلكتروني المباشر في عرض المعلومات وتبويبها والاستفادة منها لأقصى حد ممكن، من أجل السيطرة على أوضاع القتال والتحكم بها، فان المعطى الرقمي يعد خطوة نوعية رائدة، مدعوة إلى التوسع، من قبيل تشجيع الاتصالات على أنواعها لتلبية حاجات المجتمع العسكري، بالمقارنة مع حاجات المجتمع المدني، الآخذة في الازدياد.

"الشبكة العنكبوتية" ليست الترجمة "الحرفية للانترنت"؛ ولكنها الوصف الأكثر دقة لتلك الشبكة التي تربط أطراف الكرة الأرضية، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً؛ فبين باحث عن فرصة عمل وبين مسوق لمنتج، وثالث يتصيد الفرصة على شاشات البورصة، وآخر يراسل صديقا، وباحث يطلب العلم دون سفر، وشباب يمارسون حياتهم الافتراضية. ومع كل هؤلاء المستخدمين، الذين يمثلون أكبر شبكة اتصال عرفها الجنس البشرى، سواء من حيث عدد المستخدمين، أو الانتشار، أو حجم البيانات المتداولة تزدهر الإنترنت. وعلى خلاف ذلك شبكة العنكبوت، التي تتسم بالتماثل والتجانس؛ فشبكة الإنترنت لا تتماثل أجزاؤها، فهي تربط عدداً يصعب حصره من أجهزة الحاسبات وقواعد البيانات ومراكز الأبحاث والجامعات والشركات، وذلك من خلال خطوط ربط تتنوع ما بين خطوط نحاسية، وألياف بصرية، واتصالات لاسلكية، وحتى الأقمار الصناعية. وكل هذا التفاوت والتعدد في وسائط النقل كان له أثر كبير في سرعة نقل البيانات من مصادرها إلى المستخدم النهائي، سواء بالإيجاب أو السلب، ومن ثم، في تعدد التطبيقات.

وتوجد أمثلة عديدة من تطبيقات تكنولوجيا المعلومات في المجالات المختلفة. (أنظر جدول أمثلة من تطبيقات تكنولوجيا المعلومات في المجالات المختلفة).

1. المكتبة الرقمية

إن ثورة المعلومات والاتصالات التي خلفت أثراً عميقاً في مختلف المجالات العلمية المعاصرة، لا يمكن أن تبقى محايدة تجاه تطوير المكتبات الحديثة؛ بل هي تعد بتطوير لا يمكن مقارنته إلا بالأثر الذي خلفه اختراع الطباعة على مسيرة التطور العلمي الإنساني. إن الطرق التقليدية التي كانت مستخدمة في النظم الورقية لم تعد صالحة لمواجهة النمو في حجم المعلومات، الذي بلغ حدا جعل المختصين يستنبطون مصطلحاً لوصف هذه الظاهرة، وهو "انفجار المعلومات". وبداهة، لا يمكن الإحاطة بمختلف التأثيرات التي خلفتها ثورة المعلومات والاتصالات على المكتبات الحديثة، لأن هذه التأثيرات مستمرة.

كانت بداية ظهور المبادرات والمشاريع للمكتبة الرقمية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1994، من خلال تبني مكتبة الكونجرسCongress، وعدد من الهيئات العاملة في مجال الحاسبات، دراسة جدوى تنفيذ هذا المشروع على أرض الواقع، إضافة إلى مشروع مطبوعات الجمعية الكيميائية الأمريكية، الذي يتيح حوالي 425 ألف صفحة من مطبوعات الجمعية على شبكة الإنترنت، ومبادرة المكتبة البريطانية، التي تتيح ما يقارب من 18 مليون مجلد من مقتنياتها على الشبكة.

وقد تغير الأمر من "حاسبات داخل المكتبة"، إلى "مكتبة داخل الحاسبات"، عبر ثلاث مراحل أساسية:

أ. المكتبة التي تعود تجاربها الأولى إلى نهاية خمسينيات القرن العشرين بإنشاء قواعد بيانات ببليوجرافية Bibliographic للإنتاج الفكري الورقي، بمعنى فهارس إلكترونية؛ ثم ازداد اندماج المكتبة في استخدام وتوظيف الحاسب في باقي العمليات والإجراءات المكتبية.

ب. مع تطور تقنيات المعلومات والاتصالات وزيادة استخدامها، برزت في منتصف ثمانينيات القرن العشرين فكرة المكتبة الرقمية، وإمكانية الوصول إليها على الخط المباشر، وأتاحتها وفق نظام شبكي.

ج. المكتبة الافتراضيةVirtual library ، التي تعنى انتقال عملية إتاحة المعلومات من الإتاحة المباشرة إلى الإتاحة عن بعد. وتحول شكل المكتبة إلى طبيعة افتراضية ليس لها وجود مادي، وغير محدود مكانياً، فهي مجموعة نصوص إلكترونية متاحة على شبكة الإنترنت .وبعد أن كانت تضم بين جدرانها وعلى رفوفها أوعية ورقية من كتب ودوريات ومخطوطات ووثائق، باتت تختفي شيئا فشيئا لتصبح دون جدران. فهي على الرغم من أنها شبه حقيقية، إلا أنها تخيلية، مرتبطة منطقيا بشكل إلكتروني في تكوينه، وهذا الشكل قد يكون متعدد الوسائط، ولكنه غير مرتبط مادياً؛ لأن مصادره قد تكون في أماكن متباعدة من مكتبات وقواعد بيانات وشبكات للمعلومات وغيرها، ما لا يملكها المستفيد أو المكتبة ذاتها.

وكنتيجة طبيعية لما في النشر الإلكتروني من مميزات، فقد ازدادت إتاحة الدوريات الإلكترونية بصورة كبيرة على شبكة الإنترنت. الأمر الذي ساعد على نشأة فكرة المكتبات الرقمية الافتراضية على الشبكة، حيث تقدم هذه المكتبات خدمات معلوماتية، مثل نصوص كاملة لكل ما يستجد من تقارير الاجتماعات الرسمية، وأبحاث ودراسات المؤتمرات والندوات العلمية، إضافة إلى استرجاع الوثائق بصورها المختلفة، وإمكانية الاتصال بمختلف أنحاء العالم.

فبعد أن استمرت المكتبات التقليدية تاريخاً طويلاً، تستند في تلبية الاحتياجات المتزايدة إلى النظم التعاونية، وتبادل الإعارة فيما بينها، مطورة بذلك نظاماً للمشابكة التعاونية، بإدخال الأساليب الحديثة، كالأعمال الإلكترونية متعددة الوسائط، والملفات القابلة للقراءة، ومجموعات المواد التي يتم مسحها من خلال ماسح ضوئي، ثم تخزينها واسترجاعها عند الحاجة، كل ذلك عزز تكوين المكتبة الإلكترونية الرقمية والافتراضية، فيما بعد، وزاد من رضا المستفيد، وشعوره المتزايد بالراحة في تعامله مع المواد الرقمية والعمل على الحاسبات، والإفادة من الخدمات المتاحة على الخط المباشر، الأمر الذي أدى إلى تواري النظم التقليدية للمكتبة القائمة على الإجراءات الفنية التنظيمية، والإجراءات الخدمية للجمهور، التي كانت تتم من خلال أخصائي المكتبات.

وتقلص دور المكتبات العامة كأماكن لقراءة الكتب (أنظر صورة إحدى المكتبات العامة)، خصوصاً مع نشر الكتب على الإنترنت، وتحولها إلى مواد إلكترونية. ولهذا، بدأت المكتبات العامة بتغيير دورها، بعد أن رأت أن كتبها ستحتل مرتبة ثانوية بعد غزوها من قبل العالم الافتراضي، وسيخبو دورها كوسيلة لنشر المعلومات بين الناس. وعوضاً عن ذلك، قررت السماح لروادها باستغلالها كأماكن لإثارة المناقشات والحوارات، سواء العلنية، أو تلك التي تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ويشار هنا إلى تغير دور أمناء المكتبات، لأن المعلومات باتت على الإنترنت وتتعلق بمشاكل الناس الشخصية، فأصبح دور هؤلاء الأمناء أن يكونوا مدراء للنقاشات التي تجري في المكتبات، ومنسقو الدعم التقني في المكتبة، وأن يساعدوا على تواصل رواد المكتبات، بعضهم ببعض.

2. المكتبة الرقمية العالمية

المكتبة الرقمية موقع على شبكة الإنترنت، ينشر مواداً ثقافية من المكتبات، ومن أرشيفات متعددة من مختلف دول العالم. ويتضمن هذا الموقع مخطوطات وخرائط وكتباً نادرة، وأفلاماً، وتسجيلات صوتية، ومطبوعات، وصوراً فوتوغرافية. وهو متاح للجميع بالمجان. وتسهم هذه المكتبة مساهمة مباشرة في تحقيق أهداف منظمة اليونسكو [1] UNISCO، ومنها بناء مجتمع المعرفة، الذي يرتكز على مبادئ أهمها، مثلاً، تحقيق مجتمع مبني على التعدد الثقافي والتعدد اللغوي، وحرية التعبير وحرية النفاذ إلى المعرفة، وإلى المعلومات، وتحقيق تربية ذات مستوى رفيع للجميع.

إن المكتبة الرقمية العالمية ليست موقعاً إلكترونياً عادياً، قدر ما هي أرشيف فريد، يتضمن مجموعة من المراجع والوثائق والمخطوطات النفيسة، التي تعود إلى فترات تاريخية مختلفة، وتسهم فيها جهات عالمية عدة. ومن بين ما توفره المكتبة الرقمية، التي أطلقتها من باريس Paris منظمة اليونسكوUNISCO ، بالتعاون مع مكتبة الكونجرس وجهات عالمية أخرى، مخطوطات صينية قديمة، وأخرى عربية وإسلامية، إضافة إلى وثائق تاريخية من أمريكا وأوروبا، وغيرها من بقاع العالم. وتتيح المكتبة لمستخدميها من القراء والدارسين والمهتمين الاطلاع على كنوز العالم المعرفية والثقافية عبر هذا الأرشيف الإلكتروني، الذي يتضمن مقتنيات أكثر من 30 مؤسسة عالمية (أنظر صورة خريطة للعالم).

ويهدف هذا المشروع الكبير إلى توسيع حجم الاطلاع على المنتج الثقافي والمعرفي الكوني، عبر الوسيلة التي يتسع انتشارها واستخدامها في أرجاء المعمورة، أي شبكة الإنترنت، الأمر الذي يسهم في ردم الهوة الحضارية بين أطراف العالم، ويعمق التفاهم الإنساني، ويصبح أداة تعليم وبحث نادرة، ويعزز الرغبة في الاطلاع على المنجزات الثقافية على الصعيد الإنساني.

تتضمن المكتبة الرقمية العالمية نفائس المراجع، بما في ذلك أرشيف مكتبة الكونجرس، التي تأسست عام 1800، ومواد من مختلف أنحاء العالم، منها وثائق ومقتنيات من الجهات المشاركة، مثل مكتبة الإسكندرية. ومن الجهات المساهمة، أيضاً، بريطانيا، وفرنسا، وروسيا، والبرازيل، والصين، واليابان. وكان القائمون على المشروع، الذي بدأ التفكير فيه عام 2005، قد وجهوا الدعوة إلى المكتبات والمتاحف ومكتبات الأرشيف والمعاهد ذات الصلة، التي ترغب بالمشاركة في مجموعاتها من الوثائق والبحوث، للمشاركة في خزائن المكتبة الإلكترونية، لتصبح أداة واسعة للبحث والتعليم.

من أهم المستفيدين من المشروع الجديد، الذي يمكن استخدام محتوياته مجاناً، الدارسون والأكاديميون، وغيرهم من المهتمين بالاطلاع على ما أنتجته وتنتجه البشرية من معرفة. ويمكن الأرشيف الإلكتروني الضخم مستخدميه من الوصول إلى مخطوطات ووثائق تاريخية وخرائط ومطبوعات وأرشيف موسيقي، وآخر للصور، وملفات باللغات السبع المستخدمة في الأمم المتحدة[2].

3. الوثائق الرقمية

هناك بعض الوثائق التي تصبح أعظم قيمة ونفعاً في الشكل الرقمي، بحيث يندر استخدام نسختها الورقية. فمثلا، قررت شركة "بوينج" Boeing الأمريكية لصناعة الطائرات، تصميم طائرتها النفاثة من نوع ٧٧٧ (أنظر صورة طائرة بوينج 777) باستخدام وثيقة إلكترونية عملاقة، تضم كل المعلومات الهندسية. وكانت الشركة تستخدم لتنسيق التعاون فيما بين فرق التصميم ومجموعات التصنيع والمتعاقدين الخارجيين، خلال عمليات تطوير الطائرات السابقة، طبعات زرقاء، عبارة عن صورة فوتوغرافية لرسم ميكانيكي، كما بنت نموذجاً مكلفاً بالحجم الطبيعي للطائرة. وكان النموذج ضروريا للتأكد من أن أجزاء الطائرة، المصممة من قبل مهندسين مختلفين، متناسبة بعضها مع بعض بالصورة الصحيحة. أما خلال تطوير الطائرة ٧٧٧ ، فقد تخلت الشركة عن الطبعات الزرقاء ونموذج الحجم الطبيعي، واستخدمت، منذ البداية، وثيقة احتوت على نماذج رقمية، ثلاثية الأبعاد، لكل أجزاء الطائرة، ولكيفية توافقها معاً. وكان المهندسون عند النهايات الطرفية لأجهزة الحاسب، يستطيعون مراقبة التصميم ورؤية منظورات مختلفة للمحتوى، كما كان بإمكانهم متابعة التقدم في أي منطقة، ودراسة أي نتائج اختباريه مثيرة للاهتمام، وإضافة الحواشي التفسيرية المتعلقة بالتكلفة، وتغيير أي جزء من التصميم بطرق لم تكن لتتاح أبداً على الورق. وكان كل شخص يشتغل على البيانات نفسها، يستطيع أن يتابع ما يهمه هو بشكل نوعي، وكذلك كل تغيير بإمكانه المشاركة فيه. كما يمكن لكل فرد أن يعرف من أدخل هذا التغيير، ومتى أدخله، ولماذا أدخله. واستطاعت الشركة أن توفر بذلك مئات الألوف من الأوراق، والعديد من سنوات العمل الفردي في رسم اﻟﻤﺨططات ونسخها، من خلال استخدام الوثائق الإلكترونية.

4. الموسوعات الرقمية

لطالما كانت الموسوعات العلمية تزين رفوف المكتبات الشخصية بمجلداتها، التي تعكس، في غالب الأحيان، المستوى الثقافي لأصحاب المنزل. وتتألف الموسوعات المطبوعة على الورق من أكثر من عشرين مجلدا، بها ملايين الكلمات وآلاف الصور، وتتكلف كثيراً، وبخاصة إذا ما أخذ بعين الاعتبار السرعة التي تفقد بها المعلومات جدتها. وأخذ الكثير من الناس يلجئون إلى محركات البحث في الإنترنت، أو الموسوعات الحرة في تلك الشبكة، بحثاً عن أجوبة لأسئلتهم واستفساراتهم مجانا. وزاد الإقبال بشكل ملحوظ على الموسوعات الحرة القائمة على مبدأ المشاركة الجماعية في بناء المحتوى، ما حدا بالموسوعات العريقة إلى التفكير في كيفية الوقوف في وجه هذه المنافسة القوية، وتعزيز مكانتها كمرجع معرفي.

أنتجت أول موسوعة إلكترونية عام 1985، لصالح وزارتي الصناعة والتعليم الأمريكيتين، على قرص مدمج، ولم تكن أكثر من تفريغ إلكتروني للنص اللغوي الورقي في 18 مجلدا. وفى عام 1990، صدرت الطبعة الثانية من هذه الموسوعة، مزودة بالصور والخرائط والرسوم، وبعد عامين صدرت طبعة ثالثة في قرصين، ولكنها أصبحت موسوعة متعددة الوسائط، تضمنت النص اللغوي، والصور، والخرائط، والرسوم المتحركة، والصوت الناطق، وأصبحت الموسوعة أشبه بمكتبة، وقاعة دراسة، ومتحف متحرك، ومعمل. وفى عام 1993، أصدرت شركة مايكروسوفت Microsoft موسوعة "انكارتا"[3] Encarta، المزودة بالخرائط والرسوم الساكنة، على قرص مدمج، ويبلغ مجموع كلمات نصوصها تسعة ملايين كلمة، وبها ٨ ساعات من المواد الصوتية، و ٩ آلاف صورة فوتوغرافية وتوضيحية، و ٨٠٠ خريطة، و ٢٥٠ من الرسوم البيانية والجداول، ومائة من أفلام الرسوم المتحركة والفيديو. وإذا ما أراد شخص أن يعرف كيف يكون صوت آلة العود، أو أن يشاهد رسوما متحركة تشرح كيف تعمل آلة ما، فسوف يجد كل هذه المعلومات موجودة فيها.

وفى عام 1995، أصدرت الموسوعة البريطانية طبعتها الإلكترونية الأولى، متعددة الوسائط، ويصحبها النص الناطق الكامل لواحد من أكبر معاجم اللغة الانجليزية.

وفي الموسوعات المطبوعة، غالبا ما تُتبع المقالة بقائمة بأسماء مقالات حول الموضوعات المتصلة بها، ولقراءتها، سيتعين البحث عن المقالات المشار إليها، والتي قد تكون في مجلد آخر. أما في الموسوعة الرقمية، فإن كل ما يلزم فعله هو ضغطة على اسم المرجع لتظهر المقالة. وقد تتضمن مقالات الموسوعة إحالات للموضوعات المتصلة، والموجودة في مصادر أخرى. ومن أجل ذلك أصدرت أكبر موسوعة ألمانية "بروكهاوس" BROCKHAUS (أنظر صورة موسوعة بروكهاوس) نسخة رقمية إلى جانب النسخة المطبوعة. وعلى الرغم من أن الحصول على الموسوعة الرقمية ليس مجانا، إلا أن القائمين على إصدارها يراهنون على جودة المعلومات ودقة مصادرها، مقارنة مع الموسوعات الحرة المجانية على الإنترنت.

نشرت موسوعة بروكهاوس  طبعة ضمت ثلاثين مجلداً، وبها 24 ألف صفحة. وتشتمل هذه النسخة على مقالات تشرح 300 ألف مصطلح. وهذا العدد الضخم من المجلدات يزن نحو سبعين كجم، ويحتاج عرضها إلى مكتبة بطول مترين. أما إذا كانت رفوف خزانات الكتب الشخصية لدى من يرغب في اقتناء النسخة الحديثة للموسوعة لا تسع لهذا العدد الكبير من المجلدات، فخياره عندئذ الحصول على الموسوعة الجديدة مخزنة بالكامل في ذاكرة إلكترونية.

ربما لا يروق لعشاق الموسوعات التقليدية أو المطبوعة، الانفتاح على العالم الرقمي وميزاته في هذا المجال، بعدما ظلت النسخ المطبوعة لزمن طويل العمود الفقري ومركز ثقل المكتبات الجيدة. فواقع الأمر يثبت أن الموسوعات الرقمية تملك جوانب إيجابية عديدة. فهي توفر، بالدرجة الأولى، الجهد الذي يكلفه البحث في المجلدات الكبيرة عن المقال أو المعلومة، التي يرغب القارئ في الإطلاع عليها. وتمتاز الموسوعة الرقمية في هذا الإطار بقدرتها على الإجابة حتى على الأسئلة السهلة. ويدرك أصحاب فكرة الموسوعة الرقمية أن مستخدميها سرعان ما سيكتشفون مزاياها وتفوقها على الموسوعة التقليدية. ومن جملة تلك المزايا التي تزخر بها الموسوعة الرقمية، على نقيض الموسوعة المطبوعة، هو أنه يمكن لصاحبها تحديث محتواها، ومواكبة مستجدات العلوم، في حين تتقادم النسخة المطبوعة يوما بعد يوم، مع أنه يحق لمالك الموسوعة المطبوعة الدخول عبر الإنترنت لأرشيف الموسوعة. وتشمل الموسوعة الرقمية، إضافة إلى النصوص المكتوبة، عدداً من الوسائط المتعددة، كالفيديو، والخرائط، والصور، والملفات الصوتية. والأهم أيضا أن الموسوعة الرقمية تقدم لمستخدميها غرفة علمية ثلاثية الأبعاد، وهذا يعني أن الباحث يحصل، إلى جانب المعلومة أو المادة التي يبحث عنها، على مواد ومعلومات إضافية ذات صلة، ما يسهم في تقاطع مجالات معرفية مختلفة، الأمر الذي يضفي على الموسوعة نوعاً من الديناميكية والحياة.

5. مواقع التواصل الاجتماعي

دخلت شبكة الإنترنت كل مجالات الحياة، وأصبحت تعد أحد أهم مصادر المعلومات على الإطلاق. وفي بعض المناطق النائية تعد الشبكة الوسيلة الوحيدة للوصول إلى المعلومات. أما في المجتمعات المغلقة، فتلعب الإنترنت دوراً مهما في الإفلات من الرقابة، والتحكم في تدفق المعلومات، ومن ثم، تتجاوز الحدود الوطنية، والتحرر من القيود الاجتماعية والسياسية، حيث يكون التواصل في الشبكة، بالدرجة الأولى، عبر البريد الإليكتروني وغرف الدردشة. وأصبحت الإنترنت جزءا لا يتجزأ من حياة الشباب، وتحولت إلى عالم كامل يلتقون فيه بالأصدقاء، وحتى بشريك الحياة، أحيانا. ولا يمر يوم في حياة معظم الشباب دون الإبحار في عالم الإنترنت، ولو لمدة قصيرة، يقضون معظمها في الدردشة، سواء بهدف التعارف، أو البحث عن أصدقاء ذوي اهتمامات مشتركة، أو البحث عن معلومات في المنتديات المتخصصة في موضوعات ما.

أضحت مواقع التواصل الاجتماعي سمة من سمات مستخدمي الإنترنت (أنظر صورة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي)، ولا تقتصر اهتمامات مستخدمي هذه المواقع على الجوانب السياسية من تعبئة الرأي العام الداخلي أو الخارجي تجاه قضية ما، ولكن الجانب الاجتماعي أضحى أحد اهتمامات مستخدمي هذه المواقع، فهي تتيح لمستخدميها تشكيل شبكات اجتماعية على نطاق واسع، تستكشف آراء واتجاهات المستخدمين لسلعة ما أو خدمة، ذلك أن وسائل التسويق التقليدية، التي تعتمد على التركيز على مجموعة معينة والقيام باستطلاعات، مكلفة ماليا، ومهدرة للوقت. وعلى خلاف ذلك، توفر مواقع التواصل الاجتماعي فرصة للتوصل إلى الآراء بصورة سهلة، والوقوف على ما يريده مستهلكو سلعة معينة، ومطالبهم وطموحاتهم، وأوجه القصور في الخدمة والسلعة، ومن ثم تجنبها، والعمل على تفاديها في المرحلة المقبلة.

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي أداة مهمة لمراقبة وسائل الإعلام الرئيسة، والحكم على مدى مهنيتها أو تحيزها في تغطية الأحداث والاضطرابات. وهو الأمر الذي يضع حداً لدور وسائل الإعلام في تزييف العقول، أو نشر معلومات غير صحيحة. فالتكنولوجيا الجديدة، التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي، مكنت العامة من أن يكون لهم دور مراقب لوسائل الإعلام الرئيسة، والأعمال التجارية، والمحاسبة السياسية، بدرجة لم تكن موجودة من قبل.

وتتجه عديد من الحكومات إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل نشر المعلومات بسرعة بين أكبر عدد من المواطنين. ويتوقع بعض الناس أن الرسائل العاجلة المنذرة بإعصار أو فيضان أو انتشار وباء فتاك، سيكون مصدرها هذه المواقع.

وبظهور الشبكات الاجتماعية على الإنترنت أصبح ترويج المنتج يعتمد على الناس أنفسهم، عبر تداول وتبادل المعلومات حول المنتج فيما بينهم على الشبكة العنكبوتية. فقد بدأ العصر الجديد الذي يعتمد على المستهلكين أنفسهم ومساهمتهم في ترويج السلع والمنتجات، من خلال تبادل الفيديو كليب، والرسائل الإلكترونية المختلفة. فهذه الطريقة تعتمد في بعض مواقع الإنترنت على فكرة أن المستهلك الذي جرب منتجاً ما وشعر بالرضا، أو عدم الرضا عنه، فانه يخبر أفرادا آخرين، سواء عبر البريد الإلكتروني، أو إرسال الرابط الخاص بالمنتج، أو ما إلي ذلك.

إن الإعلان التقليدي، سواء التلفزيوني أو المطبوع، يعيش أزمة حالية، حيث أصبح يفقد أهميته وقيمته لدي المستهلك. وعلى الرغم من إنفاق 90 في المائة من ميزانية الإعلانات عالمياً للإعلان في وسائل الإعلام التقليدية، ومنها 10 في المائة فقط للإعلان على الإنترنت، إلا أن تأثير الإعلان عبر الإنترنت على المستهلك يحتل المرتبة الأولي، ويأتي بعده الإعلان التليفزيوني. كما أن الإعلان عبر الإنترنت له تأثير قوي، وخاصة في مجالات شراء أجهزة إلكترونية جديدة، وعروض شركات السياحة والخدمات الصحية، ذلك أن المستخدمين يأخذون أراء بعضهم عبر المنتديات أو صفحات الإنترنت الخاصة بتقييم المنتجات، أو مواقع تحميل الفيديو.

ومن هنا تساعد وكالات الإعلانات الشركات على ترويج منتجاتها عبر شبكة الإنترنت، باختيارها مواقع وصفحات الإنترنت الأفضل لوضع الإعلانات، والتي تشهد تواصلا جماهيريا عالميا، وباللغات المختلفة. ومن المهم اختيار أنسب المواقع لزرع هذه المنتجات عليها حتى يراها المستخدمون، ويشرعوا في فتح حوار ونقاش حولها، ما يسهم في انتشارها والإعلان عنها بصورة كبيرة عبر حملات تسويقية يقودها المستهلكون أنفسهم، خاصة أن الشبكات الاجتماعية أصبحت قناة إعلانية مهمة، وستزداد فاعليتها بصورة أكثر في المستقبل. كما أن هذه الوسيلة عبر الإنترنت تجعل أصحاب الشركات يتابعون أراء العملاء حول منتجاتهم، ما يعطيهم الفرصة للاستجابة والتغيير السريع، خلافاً للوسائل الإعلانية التقليدية.

ومن ناحية أخرى، فان قراصنة المعلوماتية، سعياً وراء الربح السريع، بدءوا بتنظيم أنفسهم في مجموعات أشبه ما تكون بتلك الخاصة بالجريمة المنظمة، وذلك لاختراق الحسابات الخاصة للحصول على أموال أصحابها، عبر سرقة أرقام أرصدتهم المصرفية، أو بطاقاتهم الائتمانية. واللافت أن القراصنة، عادة، ما يحاولون، إن لم يطلب منهم أحد مهمة معينة، الدخول إلى المواقع الإلكترونية الاجتماعية، وذلك للعثور على ضحاياهم، والطريف أنهم يستخدمون هذه المواقع نفسها للتخاطب فيما بينهم، حيث كُشفت غير مرة مجموعات منهم عبر مراسلاتهم الاجتماعية.

وفي العقد التاسع من القرن العشرين، كان القراصنة يستخدمون البريد الإلكتروني، ولكن الناس اعتادوا عدم التعامل مع الرسائل الإلكترونية المشبوهة التي تردهم، غير أنهم لا يفعلون ذلك على مواقع التعارف، ما يفسر ارتفاع هجمات القرصنة، وتحويل أنظارهم نحو هذه المواقع، التي تضم ملايين المشتركين. وعلى الرغم من أن اختراق مواقع التعارف لا يضمن للقراصنة مكاسب مالية مباشرة، إلا أنهم يسعون للحصول على كلمات السر الخاصة بالمستخدمين، لإدراكهم أن الكثيرين يعمدون إلى استخدام كلمة سر بعينها لكل المواقع التي يستعملونها، بما في ذلك حساباتهم المالية.

إن مواقع التعارف تمنح المشتركين فيها شعورا مزيفا بالأمان، لأن كل مشترك يتعامل حصراً مع مجموعة من الأصدقاء ضمن شبكة واحدة، ويفترض، من ثم، أن كل ما يرده منهم هو موضع ثقة.

أ. موقع فيسبوك

جاءت فكرة إنشاء موقع "فيسبوك" Face book (أنظر صورة موقع فيسبوك) من خلال حلم لأحد طلاب جامعة هارفارد Harvard الأمريكية المولعين بالحاسب، عندما جلس أمام شاشة الحاسب في حجرته بمساكن الطلبة في الجامعة، وبدأ يصمم موقعاً جديداً على شبكة الإنترنت. كان لديه هدف واضح، وهو تصميم موقع يجمع زملاءه في الجامعة، ويمكنهم من تبادل أخبارهم وصورهم وآرائهم. وفكر، ببساطة، في إنشاء موقع لتسهيل عملية التواصل بين طلبة الجامعة، على أساس أن مثل هذا التواصل، إذا تم بنجاح، سيكون له شعبية جارفة.

أصبح موقع "فيسبوك" على شبكة الإنترنت يعمل على تكوين الأصدقاء، ويساعدهم على تبادل المعلومات والصور الشخصية ومقاطع الفيديو والتعليق عليها، ويسهل إمكانية تكوين علاقات في فترة قصيرة، وهو أكبر موقع على الشبكة يسمح للمستخدمين بمشاهدة ومشاركة مقاطع الفيديو مجاناً، ويعد واحداً من أسرع المواقع تطورا على شبكة الإنترنت .

ب. موقع فلكر

موقع فلكر Flickr هو صفحة أو معرض صور شخصي على الإنترنت، بحيث يستطيع الآخرون أن يروا الصور التي صورها صاحب الصفحة (أنظر صورة موقع فلكر)، ويمكنهم إضافة التعليقات عليها. ولمحبي التصوير، فان هذا الموقع يفيدهم في عرض صورهم للعالم، ويمكن الحصول منه على صور نادرة لمعلم أثري، أو حيوانات.

ج. موقع تويتر

"ماذا تفعل؟"، هذا التساؤل البسيط هو ملخص فكرة موقع "تويتر" Twitter المجاني، الذي ظهر عام 2006 من قبل مجموعة أمريكية صغيرة في البداية (أنظر صورة موقع تويتر). ويسمح الموقع لمستخدميه بإرسال واستقبال رسائل عبر الهاتف الخلوي، وكذلك الرسائل الفورية، أو رسائل على الموقع. وكل رسالة تتألف من 140 كلمة، كحد أقصى، تأتي ردّا على سؤال مباشر: ماذا تفعل؟. ويشارك المستخدم إجابته على التساؤل مع شبكة أصدقائه على الموقع.

وخلافا لخدمات إرسال الرسائل التقليدية، يتيح موقع "تويتر" لمستخدميه تبادل أماكنهم وحالاتهم المزاجية بسهولة ويسر بين مجموعة كبيرة من الأصدقاء. ويمكن الموقع من تعبئة الرأي العام، وربط جماعات المصالح بصورة كبيرة، وجعل وسائل الاتصال والالتقاء فيما بينها أمراً يسيراً، طارحاً أمامهم وسائل اتصال جديدة، تتلقى قبولاً غير معهود.

وفى 11 يونيه 2009، أدخل رائد فضاء أمريكي موقع "تويتر" التاريخ، بتحديث مدونته على الموقع عن رحلة المكوك "أتلانتيس" Atlantis (أنظر صورة المكوك أتلانتيس)، من الفضاء الخارجي، حيث أتاح الموقع لرائد الفضاء الوفاء بوعوده بالتواصل عبر مدونته من على متن المكوك، الذي كان ينفذ مهمة لإصلاح المرصد الفضائي "هابل" Hubble. وجاء في تحديثه: "من مدار الأرض: الإطلاق كان رائعا، أشعر بالارتياح، وأجتهد في العمل، وأستمتع بالمنظر الرائع، إن مغامرة العمر قد بدأت".

د. موقع QQ

أكثر موقع للتواصل الاجتماعي على الإنترنت هو موقع QQ الصيني، الذي يزيد عدد مستخدميه عن 300 مليون مشترك (أنظر صورة موقع QQ). وكان هذا الموقع يعرف رسميا باسم Tencant QQ، وهو أكثر شبكة إلكترونية اجتماعية استخداما في الصين، وكان قد أنشئ بإحدى المدن جنوبي الصين عام 1998.

هـ. موقع يوتيوب

يوتيوب YouTube هو موقع مجاني لوضع أشرطة الفيديو، على ألا يتجاوز الواحد منها أكثر من 100 ميجابايت[4]. أسس هذا الموقع في شهر فبراير 2005، واستطاع الزوار استخدامه بداية من شهر مايو في العام نفسه، وبعد ذلك بستة شهور انطلق الموقع بشكل رسمي، ومع ذلك يعد من أكبر 10 مواقع على مستوي العالم من ناحية الزيارات.

و. المدونات

ظهرت كلمة مدونة Blog بعد أن كتب بيتر ميرهولز Peter Merholz، وهو من أوائل المهتمين بهذا النوع من المواقع عام 1999 المصطلح Weblog في موقعه لتصبح we blog، ما جعل كلمة Blog تتحول وتقبل كاسم noun في اللغة الإنجليزية، ثم كفعل to blog يعني التحرير Edit. أما المصطلح Weblog نفسه فقد ابتكره جورن بارجر Jorn Barger في ديسمبر 1997 لوصف عملية تسجيل الويب أو logging the web.

وتعد المدونات أحد أشهر أمثلة الشبكات والمواقع الاجتماعية المُعتمدة على المستخدمين، ويرجع السبب في شهرتها وسرعة انتشارها، تميزها بالتفاعلية، والوصول المباشر إليها من قبل المستفيدين. وهي تشكيل التجمعات الإلكترونية بين محرريها والمستفيدين منها، بصورة أكثر فعالية من غيرها من وسائل الاتصال الأخرى، مثل البريد الإلكتروني، والقوائم البريدية.

وتتناول المدونات العديد من الموضوعات السياسية والاقتصادية والترفيهية والتثقيفية، وغيرها من الموضوعات، ومنها المدونات التعليمية، وهي وسيلة تعليمية جديدة يشترك فيها كل من الطلاب والمعلمين والمدراء والخبراء للاتصال فيما بينهم. وتمنح الطلاب فرصة المشاركة بآرائهم وإبداء ملاحظاتهم على المعلومات التي يقدمها المعلمون، وكذلك على أسلوب الإدارة التي تدار بها المدرسة، ويعتني الطلاب في المدونة التعليمية بالكتابة حول الأحداث الجارية والموضوعات، التي لها علاقة بموضوع التعليم.

المدونة تطبيق من تطبيقات شبكة الإنترنت، وهي تعمل من خلال نظام لإدارة المحتوى، وهو في أبسط صوره صفحة على شبكة الإنترنت تظهر عليها تدوينات مؤرخة ومرتبة ترتيباً زمنياً تصاعدياً، يُنشر منها عدد محدد، يتحكم فيه مدير أو ناشر المدونة. كما يتضمن النظام آلية لأرشفة المدخلات القديمة، والتي لكل منها مسار دائم لا يتغير منذ لحظة نشرها، ما يمكِن القارئ من الرجوع إلى تدوينة معينة في وقت لاحق عندما لا تعود متاحة في الصفحة الأولى للمدونة. وهذه الآلية للنشر على شبكة الإنترنت تعزل المستخدم عن التعقيدات التقنية المرتبطة عادة بهذه الشبكة، وتتيح لكل شخص أن ينشر كتابته بسهولة.

يتيح موفرو خدمة عديدون آليات أشبه بواجهات بريد إلكتروني على شبكة الإنترنت، تتيح لأي شخص أن يحتفظ بمدونة ينشر من خلالها ما يريد، حال ملء نماذج وضغط أزرار. كما يتيحون أيضاً خصائص مكملة؛ تهدف إلى تسهيل متابعة التحديثات التي تطرأ على المحتوى المنشور، دون الحاجة إلى زيارة المواقع بشكل دوري، ودون الحاجة للاشتراك في قوائم بريدية، وخدمات أخرى للربط بين المدونات، إضافة إلى الخاصية الأهم وهي التعليقات التي تحقق التفاعل بين المدونين والقراء.

6. التعليم الإلكتروني

الحديث عن تطوير التعليم لا يتوقف لاقتناع الحكومات والشعوب، معاً، أن النهضة الحقيقية في أي بلد لا تأتي إلا بنهضة تعليمية حقيقية. فالتعليم الجيد يؤدى إلى استثمار جيد، لذا بدأت الحكومات تفكر في تغيير الأنظمة التعليمية، والتحول من التعليم التقليدي (أنظر صورة فصل للتعليم التقليدي)، القائم على المعلم كمصدر أساسي ووحيد للمعلومات، إلى تعليم إلكتروني، المعلم فيه مساعد ومكمل للتعليم، ويعتمد على مصادر شبكات المعلومات.

يُطلق مصطلح التعليم الإلكتروني E-Learning على وسائل التعليم من خلال الإنترنت[5]، ويتطلب هذا النوع من التعليم وسائل اتصال عالية السرعة، تربط بين الطلبة في المنازل وبين المدرسين؛ فمثلاً، تستخدم شبكات اتصالات سريعة لإعطاء الطلبة الدروس من خلال تقنية مؤتمرات الفيديو، حيث يمكن للطلبة والمدرسين التفاعل بالصوت والصورة من خلال الشبكة. ويوجد على الشبكة نفسها العديد من المواقع لشرح الدروس والمواد العلمية، علاوة على الاستفادة من التدريبات والاختبارات، التي توجد على هذه المواقع.

التعليم الإلكتروني هو طريقة للتعليم تُستخدم فيها آليات الاتصال الحديثة، من الحاسب وشبكاته، ووسائطه المتعددة، من صوت وصورة، ورسومات، وآليات بحث، ومكتبات إلكترونية، وكذلك الإنترنت، سواء كان هذا التعليم يتم عن بعد أو في الفصل الدراسي؛ فالمقصود هو استخدام التقنيات بجميع أنواعها في إيصال المعلومة للمتعلم، بأقصر جهد وأقله وأكبر فائدة.

وأصبح على المعلم القيام بأدوار جديدة، تتمشى مع التقدم العلمي والتكنولوجي، من جهة، ومع مطالب ثورة المعلومات والاتصالات، من جهة ثانية. وتركز دوره في أنه مطور للمقررات والمناهج المدرسية. وهذه المهمة الجديدة تمثل الدور الأساسي الذي ينبغي عليه القيام به.

للتعليم الإلكتروني مدخلاته، وعملياته، ومخرجاته، كما أنه لا يهتم بتقديم المحتوى فقط، بل يهتم بعناصر ومكونات البرنامج التعليمي كاملا، ويحتاج إلى بيئة متكاملة، تتوافر فيها قنوات الاتصال الرقمية والتفاعل بين الطلاب والمعلمين، من خلال تبادل الآراء والمناقشات والحوارات، بالاستعانة بقنوات الاتصال المختلفة، مثل البريد الإلكتروني، والتحدث Chatting وغرف الصف الافتراضيةVirtual Classrooms . كما أن من أهم مميزاته أنه يتوافر في أي وقت، وفقاً لمقدرة المتعلم.

وثمة عدد من النماذج المتعلقة بتوظيف التعليم الإلكتروني في عمليتي التعليم والتعلم، منها النموذج الذي يوظف فيه التعليم الإلكتروني جزئياً لمساعدة التعليم التقليدي، وأيضا نموذج التعليم المدمج Blended ، وفيه يوظف التعليم الإلكتروني مدمجا مع التعليم التقليدي، بحيث يتشاركا معا في انجاز عملية التعلم، وفى تلك الصيغة يكون المعلم هو الموجه لعملية التعليم لدى الطلاب والمرشد لها، فهذا النموذج يجمع بين مزايا كل من التعليم الإلكتروني والتعليم التقليدي.

وتستخدم التعليم المدمج وسائل إيصال مختلفة لتعليم مادة معينة. وقد تتضمن هذه الوسائل مزيجاً من الإلقاء المباشر في قاعة المحاضرات، والتواصل عبر الإنترنت، والتعليم الذاتي. ويشتمل التعليم المدمج على مجموعة من الوسائط، التي تصمم لتكمل بعضها بعضاً، ويحتاج إلى معلم من نوع خاص، لديه القدرة على التعامل مع التكنولوجيا والبرامج الحديثة، واستخدام الإنترنت، وتصميم الاختبارات الإلكترونية، بحيث يستطيع أن يشرح الدرس بالطريقة التقليدية، ثم يجرى التطبيق العملي على الحاسب، وحل الاختبارات الإلكترونية، والاطلاع على روابط تتعلق بالدرس الذي يشرحه، والبحث عن الجديد في الموضوع، وجعل الطالب يشاركه في عملية البحث، بحيث يكون دور الطالب مهماً، ومشاركاً مع المعلم، وليس متلقيا فقط. ويحتاج هذا النوع من التعليم إلى معلم يستطيع أن يصمم الدرس بنفسه، بما يتناسب مع الإمكانيات المتوافرة في المدرسة (أنظر صورة فصل للتعليم المدمج).

وتتطلب منظومة التعليم المدمج تزويد الفصول بجهاز حاسب متصل بالإنترنت، وجهاز عرض Data Show، وتوفير مقرر إلكتروني E-course لكل مادة، وبرامج التقييم الإلكتروني E-evaluate، ويحول المعلم كل ما يقوم بشرحه من صورته الجامدة إلى واقع حي، يثير انتباه الطلاب من طريق الوسائط المتعددة Multimedia والإنترنت.

وتسمح الوسائط التكنولوجية المتاحة في التعليم المدمج بالتعلم وسط المجموعات؛ فالفرد يشارك مع زملائه في بلد آخر من خلال الشبكة، أو من خلال مؤتمرات الفيديو في مشاهدة فيديو عن المعلومة، ولذلك، يحتاج الطالب في ظل التعليم المدمج أن يتدرب على المحادثة عبر شبكة الإنترنت، وعلى التعامل مع البريد الإلكتروني.

اتخذ التعليم الإلكتروني مكانة وأهمية لما يحققه للمتعلم من فوائد وامتيازات، منها إتاحة الفرصة لأكبر عدد من فئات المجتمع للحصول على التعليم والتدريب، والتغلب على عوائق المكان والزمان، وتقليل تكلفة التعليم على المدى الطويل، والاستغلال الأمثل للموارد البشرية والمادية، مع حل مشكلة التخصصات النادرة. وتكون المادة التدريبية، المعدة من قبل إحدى المؤسسات، متاحة لمن يرغب في الاستفادة منها. كما أنه يحقق المساواة في الاستفادة من المعلمين المتميزين لدى جميع الطلاب.

أسهمت أجهزة الحاسبات في جميع عمليات التعليم والتعلم في العالم‏،‏ وأصبح المعلمون والطلاب في مختلف المراحل بالدول المتقدمة يستخدمون الإنترنت في التعلم، بما يسمي "التعليم عن بعد"، وبما يفيد الطالب العادي، أو حتى المعوق سمعياً وبصرياً أو ذهنياً‏.‏ فالطالب، من خلال بالتعليم الإلكتروني، يستخدم مهارات كثيرة في التعامل مع المادة التعليمية المستحدثة، ويكتسب مهارات الاستماع، والقراءة، والكتابة، والإملاء، والقواعد، والمفردات، والنطق، واستخدام القواميس ودوائر المعارف‏،‏ ويصحح أخطاءه اللغوية والنحوية‏،‏ كما يمكنه أن يجري حوارات مباشرة بالإنترنت مع المدرسين والزملاء والخبراء، ويتعرف علي آخر الأبحاث من المؤتمرات العلمية؛ لأن الكتاب التقليدي لم يعد هو حدود العلم فقط‏.‏

وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن استخدام الإنترنت، وبرامج الحاسب، والوسائط التعليمية المتعددة، في تدريس المواد الدراسية، كانت له آثار ايجابية في عملية التعليم‏،‏ وزاد دافع الطلاب للتعلم‏،‏ وأتاح لهم فرصا للاطلاع علي كثير من المصادر، والقدرة علي المناقشة وحل الواجبات الكتابية، شرط أن يكون المعلم متقناً للتعامل مع الإنترنت لإدارة نقاش مفتوح مع جميع الطلاب، في مواقع مختلفة‏.

وثمة عدة خطوات لدخول مرحلة التعليم الإلكتروني، منها البدء في حصر حاجات المعلمين الذين يحتاجون الدراسة الإلكترونية، وتوفير الحاسب لكل منهم، وتلقي دورات لإتقان مهارات الحاسب من خلال تنمية قدرات المعلم في برامج التصفح ومحركات البحث،‏ واستخدام البريد الإلكتروني، وإرسال رسائل للطلاب، وإجراء حوارات معهم عبر الشبكة، وطرق استخدام القواميس ودوائر المعارف والبرامج التعليمية، ودخول المواقع المناسبة للعملية التعليمية وبرامجها المستحدثة‏،‏ والقدرة علي تصميم الاختبارات بالبرنامج الخاص بذلك، وتصميم الدروس والمقررات‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ثورة المعلومات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثورة المعلومات   ثورة المعلومات Emptyالإثنين 02 مايو 2016, 10:01 pm

سادسا: الجديد في تطبيقات ثورة المعلومات



7. التجارة الإلكترونية

التجارة الإلكترونية E-commerce هي أحد الأمثلة الواضحة على الطريقة التي يمكن فيها لتقنيات المعلومات أن تسهم في النمو الاقتصادي. وتختص هذه التجارة بمجموع المبادلات الإلكترونية المرتبطة بنشاطات تجارية، كما يمكن النظر إليها على أنها تلك العلاقات ما بين المؤسسات، أو العلاقات ما بين المؤسسات والإدارات، أو المبادلات ما بين المؤسسات والمستهلكين. والتجارة الإلكترونية مصطلح مختصر لمجموعة مركبة من التقنيات والبنى الأساسية والعمليات والمنتجات، وهى تجمع معا صناعات كاملة، ومنتجين ومستخدمين، ومعلومات متبادلة، ونشاطاً اقتصاديا داخل سوق عالمية، تسمى الإنترنت.

إن التجارة الإلكترونية مفهوم يشرح عملية بيع، أو شراء، أو تبادل المنتجات والخدمات والمعلومات، من خلال شبكة الإنترنت. وهى وسيلة من أجل إيصال المعلومات أو الخدمات أو المنتجات عبر خطوط الهاتف، أو عبر شبكات الحاسب، أو أي وسيلة تقنية أخرى، من أجل جعل المعاملات التجارية تجري بصورة تلقائية وسريعة، لتلبية رغبات الشركات والمستهلكين في خفض كلفة الخدمة، والرفع من كفاءتها، والعمل على تسريع وصول الخدمة (أنظر صورة استخدام الحاسب في التجارة). ويمكن تشبيه التجارة الإلكترونية بسوق إلكتروني، يتواصل فيه البائعون والوسطاء والمشترون، وتقدم فيه المنتجات والخدمات في صيغة افتراضية، أو رقمية.

بدأت تطبيقات التجارة الإلكترونية في أوائل السبعينيات من القرن العشرين، وأكثرها شهرة هو تطبيق التحويلات الإلكترونية للأموال، ولكن مدى هذا التطبيق لم يتجاوز المؤسسات التجارية العملاقة، وبعضاً من الشركات الصغيرة. وبعدها أتى التبادل الإلكتروني للبيانات، الذي بدوره أسهم في توسع وانتشار تطبيق التجارة الإلكترونية من معاملات مالية فقط إلى معاملات أخرى، وتسبب في ازدياد الشركات المساهمة في هذه التقنية، من مؤسسات مالية إلى مصانع وبائعي التجزئة، ومؤسسات خدمية جديدة. وظهرت تطبيقات أخرى مثل بيع وشراء الأسهم وتذاكر السفر، على شبكة الإنترنت.

تقدم التجارة الإلكترونية العديد من المزايا التي يمكن أن تستفيد منها الشركات والأفراد، على حد سواء. فهي تحقق تسويقاً أكثر فعالية، لأن اعتماد الشركات على شبكة الإنترنت في عملية التسويق يتيح لها عرض منتجاتها وخدماتها في مختلف أصقاع العالم، دون انقطاع، طوال ساعات اليوم، وأيام السنة. وتعد عملية إعداد وصيانة مواقع التجارة الإلكترونية على شبكة الإنترنت أقل تكلفة من بناء أسواق التجزئة، أو صيانة المكاتب. ولا تحتاج الشركات إلى الإنفاق الكبير على الأمور الترويجية، ولا تبدو هناك حاجة في الشركة لاستخدام عدد كبير من الموظفين للقيام بعمليات الجرد والأعمال الإدارية، إذ توجد قواعد بيانات على الإنترنت تحتفظ بتاريخ عمليات البيع في الشركة وأسماء الزبائن، ويتيح ذلك لشخص بمفرده استرجاع المعلومات الموجودة في قاعدة البيانات، لتفحص تواريخ عمليات البيع بسهولة.

ويوجد على الإنترنت العديد من الشركات التي تبيع السلع بأسعار منخفضة، بالمقارنة بالمتاجر التقليدية، وذلك لأن التسوق على الإنترنت يوفر الكثير من التكاليف، ما يصب في مصلحة الزبائن. وتوفر الإنترنت اتصالات تفاعلية مباشرة، ما يتيح للشركات في السوق الإلكتروني الاستفادة من هذه الميزات للإجابة على استفسارات العملاء بسرعة، ما يوفر خدمات أفضل لهم، ويستحوذ على رضاهم.

ويُعد السفر أحد ميادين التجارة الإلكترونية، حيث تتحمس شركات الطيران كثيراً لفكرة بيع تذاكر السفر مباشرة عن طريق الإنترنت، من أجل حسم العمولة التي يتقاضاها وكلاء السفر، وهى مرتفعة في بعض الدول، وتبلغ نسبتها في الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال، 10% من قيمة التذكرة.

كما تعد تجارة السيارات من أكثر أنواع التجارة الإلكترونية رواجاً، إذ يمكن للعملاء الاتصال بمواقع متخصصة، مع تحديد نوع السيارة التي يرغبون في شرائها، فيتلقون العروض من البائعين والشركات، ويختارون من يقدم العرض الأفضل، وبعدها يذهبون إلى مقر البائع لتسلم السيارة. وتقل أسعار السيارات المعروضة عبر الإنترنت 10% تقريبا عن أسعار السيارات المبيعة بالطريقة التقليدية، والسبب في ذلك هو أن تكلفة اشتراك بائع السيارات في شبكة لتأمين خدمات البيع عبر الإنترنت، هي أقل بكثير من تكاليف الدعاية والتسويق بالأسلوب التجاري التقليدي.

ومع المزايا الكثيرة للتجارة الإلكترونية يأتي التحدي المتمثل في كيفية إدارة المعلومات الشخصية؛ فالتجارة الإلكترونية تخلق مسارات للمعلومات تسمح بتعقب معلومات المعاملات وجمعها، ما يؤدى إلى توفير كميات هائلة من المعلومات عن البيانات الشخصية عن حياة الأفراد. وفى حين ظلت المعلومات الشخصية تتعرض للتعقب والمتابعة، فان الأمر الذي اختلف اختلافا جوهريا هو السهولة التي يتم بها ليس فقط جمع المعلومات، بل، أيضاً، التلاعب بها واستغلالها، حيث يجمع 92% من جميع المواقع التجارية على شبكة الإنترنت بعض المعلومات التعريفية الشخصية.

إن ما يتطلبه الأمر للتخلص من الورق، هو أن تدرك الشركات مزايا تقديم الفواتير والسداد إلكترونياً، والذي يتيح للبائعين إرسال الفواتير الإلكترونية إلى المشترين، ويتيح للمشترين تسوية الفواتير بطلبات الشراء. ويمكن أن يسهم تقديم الفواتير والسداد إلكترونيا في تخفيض حسابات النفقات العامة. إضافة إلى ذلك، يمكن معالجة الفواتير على نحو أسرع، وتسريع المعالجة يمّكن المشترين من التفاوض بشأن الخصومات بسبب السداد في الموعد تماما.

أصبحت التجارة الإلكترونية ركنا مهما في الإستراتيجية المتبعة لدى قطاع الأعمال، بشكل عام. وتحاول الشركات الاستفادة من المقومات التي توفرها الإنترنت في انجاز التعاملات التجارية إلكترونياً، بهدف خفض التكلفة، وزيادة الأرباح.  ولعل من المقومات الأساسية لزرع الثقة والأمان لدى المتعاملين في التجارة الإلكترونية، هو وجود تنظيم قانوني ملائم ومناسب يضع القواعد المنظمة لمختلف جوانبها في المراحل كافة على المستوى الوطني، وكذلك على المستوى الدولي، وخاصة في مجالات حماية الملكية الفكرية للتجارة، والسرية، والضرائب الجمركية.

إن التفاوت في نسب الوصول إلى الإنترنت يترجم بالضرورة إلى فروق في استخدام التجارة الإلكترونية؛ فالولايات المتحدة تسيطر على معاملات التجارة الإلكترونية في العالم، حيث تستأثر بنحو 85% منها، وما تبقى موزع بين أوروبا الغربية وآسيا. ويلاحظ أن نحو 80% من جميع مواقع الشبكة باللغة الانجليزية، ومعظم المعلومات، وكذلك المنتجات المطروحة على الإنترنت، مصممة لكي تناسب المستهلكين في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية.

ونتيجة للأهمية المتنامية للتجارة الإلكترونية عبر الإنترنت، عدتها الولايات المتحدة الأمريكية منطقة تجارة حرة، لا تجنى من مبيعاتها أي ضريبة لتشجع القطاع الخاص الأمريكي في تسويق منتجاته عبر الإنترنت، وبهذا أصبحت الإنترنت أكبر منطقة تجارة حرة عرفها التاريخ.

8. الحكومة الإلكترونية

مفهوم الحكومة الإلكترونية ليس مقصوراً على الخدمات التي تقدمها القطاعات الحكومية للأفراد، بل إن هذا المفهوم يشكل ثلاثة اتجاهات مختلفة: من الحكومة إلى الأفراد (مثلا، تجديد رخص السير، أو طلبات التأشيرات)، ومن الحكومة إلى الحكومة (مثلا، أوامر الدفع من وزارة إلى وزارة(، ومن الحكومة إلى القطاع الخاص (مثلا، تصاريح المؤسسات، وتحصيل الضرائب(. والتقنيات التي تستخدمها الحكومة الإلكترونية كثيرة، وهي في مجملها لا تختلف عن التقنيات التي تستخدمها الجهات الأخرى، مثل الجهات التجارية. ويكمن الاختلاف عادة في طبيعة الاستخدام فقط وليس في التقنية ذاتها. ومن هذه التقنيات نظم المعلومات الإدارية، ويقصد بها النظم التي صممت لأداء وظيفة أو وظائف محددة، وهي غالبا الأعمال الروتينية اليومية التي تقوم بها دائرة حكومية ما، مثل الاتصالات الإدارية، وإدارة الملفات الطبية في المستشفيات، ونظم المحاسبة، ونظم شئون الموظفين، وغيرها.

تستخدم الماسحات الضوئية لتحويل الوثائق الورقية إلى شكل رقمي يمكن تخزينه وتبادله عبر الشبكات المحلية أو الإنترنت، ويستخدم لهذا الغرض ماسحات سريعة تعادل سرعتها سرعة آلات تصوير المستندات تقريبا، وتكون مرتبطة عادة بنظام للأرشفة الإلكترونية يقوم بتخزين الوثائق وفهرستها بطريقة تمكن من استرجاعها عند الحاجة إليها، كما يمكن حفظ الوثائق بعدة أشكال.

ونظم إدارة المحتويات هي برامج تركب في مواقع الإنترنت، لتسهل عملية إدارة المحتويات[6] . وتستخدم تلك النظم قواعد بيانات لتخزين جميع البيانات، إضافة إلى القوالب الجاهزة، وذلك لإنتاج صفحات على شبكة الإنترنت تكوِِّن في النهاية موقعاً متكاملاً. ويمكن إضافة المحتويات إلى الموقع بسرعة، وتخرج تلك المحتويات في شكل متناسق بواسطة برامج تصفح الإنترنت. والميزة الأساسية في نظم إدارة المحتويات أنها تخزن جميع المحتويات في شكل نصوص، أو صور، أو مواد سمعية وبصرية، في قاعدة بيانات، وعندما تطلب الصفحة فإن النظام ينتج صفحة حسب القالب المحدد مسبقاً، ثم يضع النص به، ويتم ذلك بسرعة عالية. وبعض النظم تضع نسخا مؤقتة لبعض الصفحات التي يكثر عليها الطلب في دليل مؤقت، وتستدعيها عند الطلب، وبذلك يكون الوصول إليها أسرع. كما أن تصميم الموقع يمكن أن يعدل في لحظات. وتحتوي تلك النظم على واجهة استخدام تفاعلية سهلة، تمكن غير المتخصصين من إدارة النظام، وإضافة المحتويات.

والنماذج الإلكترونية e-Forms نماذج تفاعلية تتاح عبر الإنترنت، وتتيح إدخال البيانات بشكل تفصيلي من قبل طرف، ومن ثم إرسالها للطرف الثاني، لتدخل إلى نظام ما يقوم بمعالجتها إلكترونياً. ويمكن تطبيق مفهوم النماذج الإلكترونية على العمليات النمطية بين الجهات الحكومية، بسبب وجود العديد من التعاملات الدورية النمطية بين الأجهزة الحكومية، والتي تتم على شكل تبادل بيانات في صيغة نماذج ورقية، أو تقارير محددة وثابتة؛ ونظراً لكون هذه التعاملات تتم بشكل دوري ومستمر، وتتطلب الكثير من الوقت والجهد لتسجيل البيانات وطباعتها وإرسالها بالبريد أو عن طريق مندوب، ومن ثم إعادة تسجيلها في الأنظمة الآلية للجهة المستقبلة، لذا يتم تطبيق مفهوم النماذج الإلكترونية بين الأجهزة الحكومية.

وهناك طرق عديدة للدفع الإلكتروني e-payment على الإنترنت، مثل استخدام بطاقات الائتمان، وغيرها. وفي مجال الحكومة الإلكترونية يمكن توظيف تلك الطرق وتطويرها للتوافق مع احتياجات القطاعات الحكومية.

يلعب تصميم موقع الحكومة الإلكترونية وواجهة الاستخدام دوراً كبيراً في نجاح الموقع، حيث يساعد المستفيد في الوصول المباشر والسريع إلى المعلومات المطلوبة، ويشمل ذلك استخدام الألوان والصور والمساحات وغيرها. وينبغي تنظيم المعلومات بشكل سهل من الأكبر إلى الأصغر، وباستخدام القوائم، ما يجعل الوصول للمعلومات مباشراً وسريعاً.

يستخدم في الحكومة الإلكترونية التوقيع الإلكتروني، وهو ليس توقيعا بالمعنى المعروف، بل عملية مصادقة من قبل شخص أو هيئة ما، ويتم من خلالها التأكد من ضمان أن الرسالة (وثيقة بيع أو شراء مثلا) أرسلت من الشخص الحقيقي، وليس من شخص آخر غيره، وأن الرسالة وصلت فعلاً بالشكل نفسه الذي أرسله بها المرسل وصادق عليه. وعند وصول الرسالة إلى الطرف الآخر يتم التحقق من سلامة محتوى الرسالة وخلوه من التزوير، وعند تطابق النتيجة مع البيانات المخزنة في التوقيع، يعرف أن الرسالة وصلت بالشكل نفسه الذي أرسلت به دون تغيير.

9. النشر الإلكتروني

النشر الإلكتروني هو استرجاع وعرض وإدخال وتبادل المعلومات إلكترونياً عن طريق الشبكات، مثل الإنترنت، أو عن طريق الوسائط، مثل الأقراص المدمجة. ويعرف النشر الإلكتروني بأنه العملية التي يتم من خلالها تقديم الوسائط المطبوعة، كالكتب، والأبحاث العلمية، بصيغة يمكن استقبالها وقراءتها عبر شبكة الإنترنت أو الوسائط المتعددة، حيث تتميز هذه الصيغة بأنها مضغوطة، ومدعومة بوسائط وأدوات، كالأصوات، والرسوم، ونقاط التوصيل التي تربط القارئ بمعلومات فرعية أو بمواقع على شبكة الإنترنت.

تتجلى مزايا النشر الإلكتروني في عدم وجود تكاليف متعلقة بالطبع والتوزيع والشحن، الأمر الذي يغير المبدأ التقليدي عند الناشرين؛ فبدلاً من مبدأ: "اطبع ثم وزع"، حل مبدأ: "وزع ثم اجعل المستخدم يطبع". ومن بين مزايا النشر الإلكتروني التفاعلية من خلال استخدام ما يعرف بنقاط التوصيل Hyperlinks ، التي تزود القارئ بمعلومات إضافية قد لا تكون أساسية في النص، غير أنها متعلقة به.

ومن مزايا النشر الإلكتروني سهولة البحث عن المعلومات دون الحاجة إلى قراءة النص بكامله، ومن ثم، اختصار وقت الباحث وضمان حصوله على ما يريد، وكذلك سهولة تعديل وتنقيح المادة المنشورة إلكترونيا، وسهولة الرجوع إلى المصادر والمراجع المستخدمة في الدراسات؛ فما على القارئ سوى النقر بمؤشر جهاز الحاسب على اسم المصدر أو المرجع، والذي عادة ما يذكر ضمن النص، ليتصفحه، وربما يتوسع في القراءة إذا أراد، ثم يعود ثانية إلى نصه الأصلي.

تطورت إمكانات التدقيق الإملائي واللغوي للنصوص المطبوعة إلكترونياً، وكذلك أجهزة المسح الضوئي والبرامج الملحقة بها، التي تتعرف على النص الممسوح وتحويله إلى نص إلكتروني يسهل حفظه واسترجاعه والبحث فيه. وهذا يفتح باباً كبيراً لتحويل كل كنوز المكتبات إلى نصوص إلكترونية وإتاحتها للباحثين على شبكة الإنترنت؛ لكن، لا يخلو الأمر من وجود عيوب تمنع الناشرين من نشر معلوماتهم على شبكة الإنترنت، أهمها عدم وجود حماية كافية للمواد المنشورة إلكترونياً، والخوف من النسخ غير المشروع، وكذلك حقوق المؤلفين الفكرية.

10. الكتاب الإلكتروني

يحمل مصطلح الكتاب الإلكتروني (e-book) Electronic Book المعنى المادي كآلة للقراءة الإلكترونية، ومعنى المحتوى كنصوص إلكترونية. وهذا المصطلح يحمل غالبا معنى تحويل النصوص إلى ملفات رقمية، حيث يشار إليه أحيانا بالكتاب الرقمي. والكتاب الإلكتروني آلة محمولة للقراءة، أشبه بجهاز الحاسب، ولكنه في حجم الكتاب العادي من الناحية الشكلية (أنظر صورة كتاب إلكتروني)، أما من ناحية المحتوى، فانه، عادة، يكون مشتملا على نص مضافا إليه الصوت والصورة، مع إمكانية الوصول السريع للمعلومات. وهذا الشكل الجديد للكتاب توظف فيه كل من تقنيات الوسائط المتعددة والوسائط الفائقة.

ويعد الكتاب الإلكتروني مقابلٌ إلكتروني للكتاب التقليدي، وهو عمليا أداة لقراءة الكتب المتوافرة بالملفات الرقمية، وهو في حقيقته ملف نصي، يشبه في ترتيبه الكتاب المطبوع. والفكرة هنا هي تحويل الكتب والمراجع الورقية إلي كتب إلكترونية يسهل تداولها بين مستخدمي أجهزة الحاسب، لتيسير الوصول إلي المعلومات عن طريق البحث السريع.

والكتب الإلكترونية ليست سوى صفائح إلكترونية مسطحة، مصممة لتنزيل مواد القراءة، ولأنها تعتمد على البرمجيات فهي مليئة بأساليب العرض المتطورة، وأحدث أنواع التقنيات الأخرى. وهناك إمكانات جديدة يوفرها المحتوى الرقمي للقارئ، حيث يمكن إدخال الهوامش التي يريدها، وإضافة تعليقاته الخاصة والاحتفاظ بها، كما يمكنه الانتقال مباشرة إلى المصادر التي اعتمد عليها المؤلف، وأرشفة أكثر من 1200 كتاب في جهاز واحد.

إن كل صفحة من الكتاب الرقمي ترافقها شروح قد تكون على شكل شريط فيديو يوضح بعض المفاهيم، أو قطعة موسيقية للمساعدة على التركيز، أو أن يحيلك الكاتب إلى محتوى آخر له علاقة بموضوعه.

يشكل الكتاب الإلكتروني آلة تقنية قادرة على تخزين النصوص الرقمية وإبرازها. ويتميز عن الكتاب المطبوع بأنه يتيح للقارئ، مثلا، البحث عن معنى كلمة في النص الذي يقرأه بواسطة القاموس الإلكتروني، وتعد هذه الآلة فعالة لمن يحب القراءة أثناء السفر (أنظر صورة مسافر يقرأ كتاباً إلكترونياً)؛ لأنها تجمع عدداً كبيراًمن الكتب في وسيط وحيد، من دون أن تأخذ حجما مربكا. ويستطيع ذلك الكتاب، أيضاً، إضافة أمور أخرى على القراءة، كالوقت الذي تستغرقه قراءة إحدى الصفحات، وعدد مرات قراءة كل فقرة، والتذكير بالوقت الذي استهلك في القراءة. وإضافة إلى ما يحمله الكتاب الإلكتروني من معلومات نصية وصور وجداول، فإن باستطاعته حمل الأشرطة المرئية والمسموعة، وبما أنه قادر على تكبير أحرف النصوص وكلماتها، فهو رائع، أيضاً، لأولئك الذين يعانون من إعاقة في النظر.

وطرح عدد محدودة من الكتب الإلكترونية، تبلغ سعتها التخزينية في حدود 4000 صفحة. وبعد شراء أي من هذه الكتب، تكون الخطوة التالية هي تحميل الكتب المرادة من على موقع إحدى الشركات المختصة، وفور أن تتم عملية التحميل، يمكن تصفح الكتاب وفهرسته، كما يمكن تقليب صفحاته إما بالإصبع، أو بأوامر صوتية.

ويسمى النموذج الأول من الكتاب المطبوع Rockete Book، وهو جهاز بحجم قاموس متوسط، يعرض مخزونه من الكتب على شاشة حاسب بمساحة صفحة كتاب صغير، وجوانبه الملفوفة تتيح لليد أن تمسكه بارتياح، وهذه الجوانب ذاتها هي غرف للبطاريات التي تشغل الجهاز، والقابلة لإعادة الشحن، وتكفى لعمله 23 ساعة في كل مرة شحن، وتتسع ذاكرة الكتاب لتخزين 4000 صفحة. ولملء ذاكرة الجهاز يكفى الاتصال بأحد المواقع عبر شبكة الإنترنت فيتم نقل نصوص الكتب المطلوبة مع صورها إلى ذاكرة الكتاب الإلكتروني، عندئذ يكون ممكنا عرض صفحات النصوص المخزونة، بالحجم المعتاد لأحرف الكتاب المطبوع، أو مكبرة، تبعا لرغبة القارئ. وكما في الكتاب المطبوع، تأتى النصوص بحروف سوداء على خلفية بيضاء. والجهاز مزود بأزرار يتيح الضغط عليها قلب الصفحات والبحث عن فقرات بعينها، مع إمكان فتح قاموس خاص يشرح التعبيرات الصعبة في النص.

ويسمى النموذج الثاني من الكتاب الإلكتروني Soft Book، واسمه نابع من ملمسه الناعم، لأنه مكسو بغطاء جلدي داكن، ويشبه في شكله العام النموذج الأول لكن شاشته المضيئة تمكن الإنسان من القراءة ليلا، ويعمل خمس ساعات متواصلة، مقابل كل ساعة شحن، وقدرته التخزينية عشرة آلاف صفحة. والنموذج الثالث اسمه Every Book ، وميزته عن سابقيه أنه يعرض على شاشته صفحتين متقابلتين، بكل ما فيهما من رسوم وألوان، كأنه كتاب مفتوح، ويكفى لتخزين 200 كتاب بكل ما تحويها هذه الكتب من نصوص ورسوم. وتتكرر النماذج بلا جديد يذكر، لكن هناك نموذجا شديد الاختلاف يسمى Audio Mobile Player، وهو، كما يتضح من اسمه، لا ينتظر العين لتقرا صفحات ما تختزنه ذاكرته من كتب، بل يذيع النص صوتياً على أذن القارئ، وهو يخزن سبع ساعات للقراءة الصوتية.

سوف تصبح الكتب الإلكترونية يوماً أداة شعبية بديلة للكتب الورقية لمطالعة الروايات، وقراءة أكثر الكتب مبيعاً، وفى حال إنضاج تقنية العرض، والوصول إلى التوازن الصحيح في عمر البطارية، وإمكانية القراءة في ضوء الشمس، سيشرع أغلب الناس في شراء هذه الكتب.

لكن، وعلى الرغم من الإقبال المتزايد على الكتاب الإلكتروني، والتوقعات المتفائلة للناشرين بشأن مستقبل النشر الإلكتروني، لا يشعر بعض الناس بانجذاب كبير نحو هذا الكتاب الرقمي، مفضلين النسخة الورقية الأكثر حميمية. إن من يقضون يوم عمل كامل أمام شاشة الحاسب، فآخر شيء يفكرون فيه عندما يعودوا إلى البيت، ويريدوا قراءة كتبهم المفضلة، أن يجلسوا مرة أخرى أمام شاشة الكتاب. ومن عيوب الكتاب الإلكتروني أنه بحاجة إلى كهرباء، إضافة إلى صعوبة إدارة حقوق النشر والتأليف.

11. الصحافة الإلكترونية

القراء والمعلنون يفرون إلى الشبكة العنكبوتية، كما أن المطبوعات الصحفية التقليدية، كالجرائد والمجلات (أنظر صورة انتشار المطبوعات الصحفية)، تلجأ أكثر فأكثر إلى صفحات الإنترنت، نافرة من الطبعات الورقية. وفي الوقت نفسه، بدأت القنوات التلفزيونية والبرامج الإخبارية تفقد العديد من مشاهديها لصالح العالم الذي تقدمه الإنترنت. وبينما تراجع معدل توزيع الصحف والمجلات، وانخفض عدد المشاهدين، ظهرت وسائل جديدة تقدم المعلومات بسرعة أكبر، وسهولة غير مسبوقة. فقد عوضت الإنترنت، على نطاق واسع، فورية المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية، كما أن المدونات الإلكترونية أصبحت أكثر قدرة على توفير الآراء والتحليلات الإخبارية، دون مقابل.

وأصبح القراء والمشاهدون ممن كانوا في السابق أمام خيارات محدودة لاستقاء الأخبار، تتوفر لديهم اليوم وسائط إعلامية متعددة تمنح خدمات أسرع وأسهل. والأكيد أن الصحف والمجلات، كما باقي وسائل الإعلام التقليدية، أمامها فرصة تاريخية للاستفادة من الطفرة التكنولوجية في عالم الاتصال والإنترنت، من أجل صناعة الأخبار وارتياد آفاق جديدة، من خلال الصحافة الإلكترونية.

وبينما كانت السنوات الأولى من تسعينيات القرن العشرين حافلة بالمخاوف التي يبديها رجال الصحافة والإعلام، حول مستقبل مهنتهم بسبب دخول الإنترنت حلبة التنافس في مجال توفير الأخبار، وجد بعضهم الآخر فرصة جديدة لصناعة الأخبار، لكن بطريقة جديدة، وبتكلفة أقل، حيث لا حاجة إلى غرفة تحرير وعدد كبير من الصحفيين لكي ينافسوا وسائل الإعلام التقليدية، ويطلقوا جريدتهم الخاصة، بل كل المطلوب هو جهاز حاسب موصول بالإنترنت.

وكانت البدايات صعبة لوسائل الإعلام التي سعت إلى المزاوجة بين محتواها الورقي ومحتواها الإلكتروني. فقد حاول بعضها فرض رسوم على مستخدمي الإنترنت لضمان دخول إضافية، مطبقين مبدأ الاشتراك المالي في النسخ الورقية للحصول على المحتوى. غير أن هذه المساعي لاقت صعوبات جمة بسبب قلة المشتركين، ما حدا بالعديد من الصحف إلى إلغاء الاشتراك، وفتح محتواها للعموم.

إذا كان إنشاء الصحيفة الورقية اليومية يحتاج إلى دفع رسوم للحصول على تراخيص، وإيداع مبلغ مالي في البنوك كتأمينات قبل الصدور، فان الصحيفة الإلكترونية لا تحتاج إلى ذلك كله. وتحتاج الصحافة الورقية إلى مبالغ ونفقات أكبر عند شروعها بالصدور، إذ تحتاج إلى مقرٍ رئيسٍ، يضم هيئة التحرير والإدارة والحسابات، إلى جانب أقسام الطباعة والمعالجة والتصميم والإخراج، ومكاتب فرعية أخرى كثيرة مساندة، ثم نفقات المطابع بكل أقسامها وآلياتها، ونفقات التوزيع، فضلاً عن أجور الموظفين والصحفيين وضمانهم الاجتماعي والصحي، ناهيك عن ثمن الورق والأحبار؛ بينما الصحافة الإلكترونية تستطيع اختصار نفقات الإنتاج فقط في أجور الصحفيين والقليل من الإداريين، ومبلغ الاشتراك في شبكة الإنترنت، وقيمة الأجهزة والبرامج العاملة في إصدار الصحيفة.

وتنطبق على الصحيفة الإلكترونية مواصفات الصحيفة المطبوعة لجهة وتيرة الصدور، وتنوع الموضوعات والمواد الصحفية،؛ ولكن أهم ما يميزها هو توافر المادة الصحفية على شكل نص إلكتروني يمكن البحث فيه وتحريره من جديد، ومن ثم، خزنه كمادة جديدة. والصحيفة الإلكترونية يمكن تحديثها، وربما تصحيح أخطائها بشكل مستمر، بينما الذي ينشر في الصحيفة الورقية لا يمكن تغييره إلا في العدد التالي. كذلك، فان الموضوعات التي تناقلها الصحافة يتم تعزيزها وتغييرها وتحديثها، كلما وصلت حزمة من الأخبار والمعلومات عن الموضوع ذاته. يضاف إلى ذلك العمق الذي يمكن أن تغطى به الأخبار في النشرات الإلكترونية، فكل خبر ينشر يرتبط بكل الأخبار السابقة، ذات الصلة به، علاوة على كل البيانات والأحداث المرتبطة به، بحيث يستطيع القارئ معرفة كل ما يحيط بالموضوع، وليس قشور الخبر، وهذا ما يبرر إحالة العديد من مذيعي الأخبار مشاهديهم إلى مواقع محطاتهم على الإنترنت، للحصول على مزيد من المعلومات حول الأخبار المذاعة في النشرة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ثورة المعلومات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ثورة المعلومات   ثورة المعلومات Emptyالإثنين 02 مايو 2016, 10:03 pm

سادسا: الجديد في تطبيقات ثورة المعلومات



من ناحية أخرى، فإن الصحافة الإلكترونية يسرت قراءة جميع الصحف العالمية وقت صدورها، وأينما كان القارئ، طالما توفر له مدخل على الإنترنت، دون الحاجة للانتظار حتى وصول الصحيفة الورقية.

12. الإنترنت في الطائرات والقطارات والسيارات

بات تصفح الإنترنت على متن الطائرات متوافراً في عشرات الطائرات والرحلات الجوية (أنظر صورة الإنترنت في الطائرة). وكانت شركة "بوينج" Boeing الأمريكية لصناعة الطائرات أول من بادر إلى تخطيط نظام "اتصال" Connextion[7] داخل مقصورات الطائرات في أواخر تسعينيات القرن العشرين. وعلى الرغم من أن هذه الخدمة انطلقت في عام 2004، مع التركيز على توافرها في الرحلات الطويلة فوق البحار والمحيطات، فإن ثقل المهمة، وزمن التركيب الطويل، والكلفة العالية، والعائدات القليلة التي كانت تجنى من ذلك، لعبت كلها دورا في عدم استمرارها. وفي ديسمبر من عام 2006، توقفت هذه الخدمة نهائياً.

وقد كانت المشكلة تكمن في الزمن الذي يستغرقه تركيب هذه الخدمة على الطائرات، وهو أسبوعين تقريباً، إضافة إلى وزن المعدات، والذي يعد أمراً حساساً بالنسبة إلى حمولة الطائرات، مع كلفتها التي تراوحت بين نصف مليون ومليون دولار للطائرة الواحدة. وفي الوقت الذي شهد نهاية هذه الخدمة، كانت هناك شركتان تخططان لتقديم عرض مشابه، لكن عن طريق استخدام هوائيات أصغر لتقليص مقاومة الهواء، مع استخدام معدات أخف وزناً، وأقل كلفة، للتخفيض من استهلاك الوقود، إضافة إلى عملية تركيبها في وقت أقل.

تُدخل العديد من شركات الطيران بتؤدة، خدمات إنترنت. ويبدو أن شركات الطيران تستميت لاستقطاب المسافرين، مع إمكانية جني مكاسب وأرباح أكثر عن طريق فرض رسوم إضافية على المقعد الواحد، مقابل تقديم هذه الخدمة. ثم إن الوصول الدائم للانترنت قد يكون أداة تنافسية للاستحواذ على الركاب من الشركات الأخرى، كما قد يكون أسلوبا لإقناع المسافر بالطيران، بدلاً استخدام وسيلة مواصلات أخرى مختلفة.

تعتمد أساسيات الإنترنت على الطائرات على هوائي يوضع على سطح الطائرة للحصول على الخدمة من الأقمار الصناعية، أو تحت الهيكل لالتقاط الخدمة من الأرض. ولا تتداخل الأجهزة الخاصة بتأمين الإنترنت مع أجهزة الملاحة والاتصالات الإلكترونية بالطائرة. ومن حسن حظ المسافرين، الذين يفضلون أن تكون رحلاتهم هادئة وبعيدة عن الضجيج، أن شركات الطيران لا تسمح بالاتصالات الصوتية عبر بروتوكول الإنترنت.

وتسعى خطوط الطيران إلى تقاضي رسم إضافي (عن هذه الخدمة) تأمل ألا يمتنع المسافرون عن دفعه، أو يدفعونه على مضض، وهو الرسم الذي تنوي تحصيله مقابل تقديم وصلة إنترنت لاسلكي أثناء الرحلة. وتخوض شركات الطيران الكبرى سباقاً من أجل تركيب هذه الوصلات، التي سيتمكن الركاب عن طريقها من استخدام الإنترنت اللاسلكي أثناء اختراق الطائرة للأجواء. وقد أعلن بعض هذه الشركات المضي قدماً نحو تركيب شبكات لاسلكي ذات نطاق عريض، تعمل عن طريق الأقمار الاصطناعية، على كافة طائراتها.

أجرى مسح تبين منه أن معظم المسافرين على درجة رجال الأعمال، سوف يفضلون حجز مقاعد على شركات طيران توفر لهم هذه الخدمة على رحلاتها، إضافة لخدمات تقديم وجبات الطعام والأفلام السينمائية المجانية، من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من الراحة قبل الانخراط في دوامة العمل، في المدن التي يسافرون إليها. وتبين من هذا المسح أن 76% من المسافرين المنتظمين على درجة رجال الأعمال أكدوا أنهم سيختارون الشركة التي يسافرون عليها بناء على توافر خدمة الإنترنت اللاسلكي أثناء رحلات الطيران، في حين قال 55 في المائة منهم إنهم على استعداد لتأخير رحلتهم لمدة يوم، من أجل الحجز على طائرة تقدم تلك الخدمة أثناء رحلتها.

يُشار إلى أن معظم خطوط الطيران تقدم هذه الخدمة مقابل جدول سعري، يتزايد مع تزايد مسافة الرحلة؛ فكلما طالت تلك المسافة ازداد هذا السعر، والعكس صحيح. وفي الوقت نفسه، تخطط بعض شركات الطيران لتقديم خدمة إطلاع مجاني على البريد الإلكتروني والرسائل النصية على طائراتها.

وتستثمر بعض شركات الاتصالات الألمانية في مشروع يتيح للمسافرين بالقطارات (أنظر صورة الإنترنت في قطار) دخول شبكة الإنترنت، بهدف منافسة وسائل النقل الأخرى، وفي مقدمتها السيارات والطائرات. وتوسع شركة القطارات الألمانية نطاق خدمة الدخول على شبكة الإنترنت داخل القطارات السريعة، التي تربط بين المدن، لتجتذب بذلك عددا أكبر من الركاب، خاصة من رجال الأعمال، حيث يتم تركيب أجهزة إرسال داخل أنفاق القطارات، وكذلك هوائيات في القطارات، يمكنها استقبال الإشارات اللاسلكية. وكل ما يحتاجه المسافر للدخول على شبكة الإنترنت داخل القطار هو أجهزة معدة للدخول على الإنترنت لاسلكيا، مثل أجهزة الحاسب المحمول.

وبعد أن أصبح اندماج التلفزيون والهاتف الخلوي بالسيارات أمراً واقعاً، طرحت بعض الشركات سيارات ضمنتها حاسباً صغيراً مع لوحة مفاتيح، لتتيح للمتعاقدين ورجال الأعمال وغيرهم تصفح الإنترنت ومراجعة الوثائق على الحاسب، وغيرها من الأمور. وأجرت عدة شركات لصناعة السيارات تجارب ميدانية على تكنولوجيا "الاتصال بين السيارات"، أو التقنية المعروفة باسم "من سيارة لأخرى" Car-2-Car. (أنظر صورة سائق يتصفح الإنترنت)

13. محاكاة الواقع الافتراضي

الواقع الافتراضي Virtual Reality هو ذلك الفضاء الذي يتخلق عندما يدخل المرء إلى الإنترنت أو الحاسب، ويتحلل من واقعه المادي، ويذوب في الواقع الجديد الذي تتيحه الشبكة أو الحاسب، ويصبح جزءا منه؛ فيكون هو ، مثلاً، اللاعب نفسه الذي بداخل لعبة الحاسب. ومع تزايد تحسن مدى الدقة في استقبال ونقل الأصوات والصور، سيصبح بالإمكان محاكاة الواقع بكل وجوهه، بإحكام متزايد، وسيتيح هذا الواقع الافتراضي للمستخدم أن يذهب إلى أماكن، وأن يفعل أشياء لن يتسنى له أبدا أن يذهب إليها ، أو أن يفعلها، بأي طريقة أخرى.

وتوفر محاكيات الطيران لمحة من هذا الواقع الافتراضي (أنظر صورة محاكى طيران)، وتبدو هذه المحاكيات، عند النظر إليها من الخارج، مثل اﻟﻤﺨلوقات صندوقية الشكل، القائمة على ركائز، وهي من الداخل، توفر وحدات عرض الفيديو المثبتة في ركن الطيار، ويتم ربط أدوات الطيران والصيانة بالحاسب الذي يحاكي السمات المميزة لرحلة الطيران، بما في ذلك حالات الطوارئ. ولكي يعمل الواقع الافتراضي بنجاح فإنه يحتاج إلى التقنيات التي توفر المنظر وتجعله يستجيب للمعلومات الجديدة، والأجهزة التي تتيح للحاسب إمكانية نقل المعلومات، ويتعين على البرمجيات أن تحل المشكلة المتعلقة بوصف مظهر، وصوت، وجو العالم المصطنع، حتى أدق التفصيلات (أنظر صورة جندي يتدرب بالمظلة).

في مجال الواقع الافتراضي، أيضاً، ظهرت خدمة جديدة يقدمها محرك "جوجل" Google البحثي لمستخدميه، وهي الهبوط بهم علي سطح القمر عن طريق برنامج "جوجل مون" ‏googlemoon‏، الذي يأتي بتضاريس القمر، ويضعها على الشاشة، سواء بالصورة الفوتوغرافية، أو الفيديو، أو الجولات السياحية التي يقوم بها رواد الفضاء أنفسهم‏، ويمكن متصفحيه من زيارة المواقع التاريخية التي هبطت فيها المركبات الفضائية، ورؤية رواد الفضاء وهم يعملون علي سطح القمر،‏ والتحليق فوق السطح، بحثا عن فوهات البراكين.

وفي الجامعات والمدارس الافتراضية يجلس الطالب مسترخياً في غرفته وهو يتابع محاضرة المدرس الافتراضي، التي يلقيها عليه من صالة الجامعة الافتراضية، ويستطيع الطالب أن يتفاعل مع المحاضر بالصوت والصورة، وكذلك مع الطلاب الآخرين، أينما كانوا، فيناقش ويسأل كما لو كان الجميع في غرفة واحدة. ويتم التواصل من خلال غرف الحوار، حيث يقف المحاضر في قاعة افتراضية (أنظر صورة قاعة محاضرات افتراضية) ليعرض المادة العلمية، التي يريد إيصالها إلى طلابه.

وبما أن بعض الجامعات اعتمدت، بشكل كلي أو جزئي، هذا النظام، الذي لقي حماساً من قبل الطلاب، فإنه، وعلى الرغم مما يوفره من محيط تعليمي يحاكي الواقع الحقيقي في صفوف الدراسة، إلا أنه لا زال غير جذاب بشكل كاف، ما يعني ضرورة عمل الكثير، بما في ذلك إدخال نظام الأبعاد الثلاثة، لإضفاء أجواء على الصف المدرسي الافتراضي، تحاكي الأجواء الحقيقية في الواقع العملي. إن حصص التدريس الافتراضية ستشكل جزء لا يتجزأ من التعليم عن بعد عبر الإنترنت في المستقبل، لأن العالم يتجه نحو اعتماد أنظمة المحاكاة، على الرغم من أن بعض الأمور لن تنجز دون المقابلة الشخصية، كما أن الحضور الشخصي إلى المحاضرة، والالتقاء بالآخرين، ومعايشة الأجواء الدراسية عن كثب، ستظل تحتل أولوية التعليم.

أعلنت شركة "جوجل" عن إضافة خدمة، أطلقت عليها اسم "محيط" Ocean. وهذه الخدمة هي أداة متطورة لتصفح واستكشاف المحيطات حول العالم، تمكن المستخدمين من الغوص تحت سطح الماء لمشاهدة التضاريس في قاع البحر بأبعاد ثلاثية. وتضم الخدمة تضاريس قيعان المحيطات، ومحتوي علمي غني بالحقائق والمعلومات، وهي تمكن المستخدم من الوصول إلي أصعب النقاط في الأعماق، ومن الغوص افتراضيا إلي الأعماق، والتجول بين البراكين، ومشاهدة مقاطع فيديو عن الحياة البحرية، والقراءة عن بقايا سفن غارقة، إضافة إلي المساهمة في زيادة المحتوي من خلال إضافة معلومات وصور ومقاطع فيديو عن أفضل الأماكن للغوص أو ركوب الأمواج.

14. مؤتمرات الفيديو

تعني مؤتمرات الفيديو تنفيذ اتصالات يُنقل فيها الصوت والصورة والمعلومات الحية بين مجموعة من الأشخاص، عبر خطوط الاتصالات، ليرى كل شخص مشارك في المؤتمر صورة الآخرين، ويسمع صوتهم، وفى اللحظة نفسها، يكون هو مرئياً ومسموعا ً لديهم، بحيث يعمل هذا الاتصال كما لو كان ثم مؤتمر أو مقابلة جماعية أو ثنائية حية بين هؤلاء الأشخاص عبر شبكات الاتصالات، ومن هنا يطلق عليها مؤتمرات الفيديو اللحظية، أو الحية (أنظر صورة مؤتمر بالفيديو).

إن كل من يشاهد برامج إخبارية في التلفزيون فهو، بالفعل، يشاهد مؤتمر فيديو. فالمضيف وضيوف البرنامج ربما فصلت بينهم قارات كاملة، ومع ذلك، فهم ينخرطون في نقاش كما لو كانوا يجلسون معا في الغرفة نفسها، والأمر يبدو كذلك بالفعل للمشاهدين.

يتطلب عقد مؤتمر فيديو اللجوء إلى تسهيلات مزودة بمعدات وخطوط تليفونية خاصة، ويعد تجهيز غرفة مؤتمرات الفيديو أمراً مكلفاً (أنظر صورة كاميرا وشاشتا عرض)، وسوف تصبح مثل هذه الاجتماعات واسعة الانتشار لأنها توفر الوقت والمال، وغالباً ما يكون مردود نتائجها أعلى من المؤتمرات التليفونية، السمعية فقط، أو حتى الاجتماعات الشخصية المباشرة ، بالنظر إلى أن الناس يكونون أكثر يقظة إذا علموا أنهم تحت عين الكاميرا.

من الناحية التكنولوجية، يتكون مؤتمر الفيديو من ثلاثة أجزاء: الجزء الأول هو جهاز صغير الحجم، يطلق عليه "محور أو مركز النظام"، وهو مقسّم قادر على نقل وتبادل الصوت والصورة والبيانات والمعلومات بين الأطراف أو الأشخاص المتصلين به، من خلال شاشة عرض ضخمة تظهر عليها في وقت واحد صور المشاركين في المؤتمر.

والجزء الثاني خطوط اتصالات، عالية السرعة، وعريضة السعة، تسمح بنقل وتبادل صور المتحدثين وأصواتهم لحظيا، سواء كانت هذه الخطوط أرضية، أو بالأقمار الاصطناعية. والجزء الثالث أجهزة طرفية لدى كل من لهم حق المشاركة في مؤتمر الفيديو، وهى إما أجهزة هاتف مزودة بشاشة وكاميرا، ومتوافقة مع الجهاز المحوري في مركز النظام، أو حاسبات محمولة، يتم تجهيزها بكاميرا وبرمجيات خاصة تجعلها قادرة على المشاركة في مؤتمرات الفيديو.

وعند عقد مؤتمر الفيديو، يتصل المشاركون برقم معين عبر الوحدة الطرفية الموجودة لدى كل منهم، سواء كان حاسباً أو تليفوناً. أما وحدة التحكم في النظام أثناء التشغيل، فهي تدير عملية الاتصال بأساليب عديدة؛ فمن الممكن أن تقسم الشاشة إلى مجموعة من الأجزاء يظهر عليها وجوه المشاركين في اللقاء، أو يكون هناك إطار نشيط تظهر به صورة المتحدث، ويتغير بتغير المتحدث، ومن الممكن أن تظهر صورة المتحدث فقط، وهكذا.

15. انتشار الحاسبات المحمولة

حدث تراجع كبير في مبيعات أجهزة الحاسب التقليدية في مواجهة الحاسب المحمول، خاصة وأن المستخدمين يتطلعون إلي استخدام أجهزة حاسب خفيفة الوزن، ذات تصميمات غير تقليدية، للاستخدام في المنزل والمقهى وفي الطريق إلي العمل. ومن أبرز العوامل التي أسهمت في انتشار الحاسبات المحمولة التقدم في تكنولوجيا الاتصال اللاسلكي، والانخفاض الملحوظ في أسعار أجهزة الحاسب المحمول، ما جعلها الخيار المفضل لملايين من مستخدمي الحاسب الشخصي في أنحاء العالم.

وعند المقارنة بين النوعين من أجهزة الحاسب، سواء علي صعيد السعر أو الأداء، فإن أجهزة الحاسب المحمول قادرة علي المنافسة بدرجة كبيرة. وفيما مضي كانت أجهزة الحاسب المحمول تكلف، سواء في إنتاجها أو شرائها، أكثر من مثلي أجهزة الحاسب التقليدية ذات الخصائص نفسها. إلا أن التقدم التقني، والإنتاج الإجمالي، خفضا من الأسعار، حتى لم يعد هناك فرق كبير لمعظم المستهلكين الذين يبحثون عن جهاز حاسب شخصي للاستخدام اليومي. وربما يؤدي نجاح أجهزة الحاسب المحمول الصغيرة، منخفضة التكلفة، إلي طفرة قادمة في منتجات تقدم نطاقاً كبيراً من الأسعار والمميزات. وهناك خيارات، حيث يمكن الحصول علي أجهزة حاسب محمول بأبعاد معقولة.

وأما علي صعيد التقدم علي المستوي الفني، فإن هناك شركات تطرح مجموعة أوسع من أجهزة الحاسب المحمول المتخصصة، بأحجام وسرعات معالجة وقدرات لاسلكية. ومن أهم العوامل التي يختار علي أساسها المشترون الجهاز الذي يحتاجونه هو زمن البطارية. ويجري الترويج، أيضاً، لمزايا متعددة أخري، مثل زمن تشغيل أسرع، وشاشات تعمل باللمس، مع سعي الشركات لجذب المزيد من المستخدمين.

ظهرت فئة حاسب الشبكة المحمول Net book، وحققت انتشاراً واسعاً في الأسواق، وسرعان ما طرحت نفسها كبديل قوى ومناسب لشريحة عريضة من مستخدمي الحاسبات، كثيري التنقل، والمعتادين على حمل حاسباتهم في حقائبهم دوماً. ثم حققت نجاحا أكبر مع شرائح المستخدمين الراغبين في حاسبات محمولة، خفيفة الوزن، صغيرة الحجم، وظهرت هذه الحاسبات بشاشات صغيرة المساحة. (أنظر صورة حاسب الشبكة المحمول).

أعلنت بعض الشركات الأوروبية المتخصصة في مجال تصميم وتصنيع الحاسبات المحمولة والأجهزة النقالة القوية والشاشات والأنظمة الجوالة المقاومة للصدمات، عن إصدارين جديدين من الحواسب المحمولة. والجهازان مزودان بشاشة متحركة (أنظر صورة حاسب مزود بشاشة متحركة) وفلتر نشط يبعث ضوءاً يضمن رؤية مثالية، أيا كان مكان توجيه الشاشة، وحتى تحت أشعة الشمس القوية. لذا، فالجهازان مثاليان للنشاطات الخارجية، ولقطاعات النقل، والقطاعات اللوجستية، والجهازان يتمتعان بقدرة تشغيل ذاتية، تدوم 8 ساعات، وحتى 20 ساعة عند امتلاك بطارية قادرة على ذلك.

16. الخرائط الرقمية

أصبحت الخرائط الرقمية ركيزة أساسية لعشرات الملايين من مستخدمي الإنترنت في جميع أنحاء العالم، ممن يعتمدون عليها للتخطيط للرحلات، والعثور على المتاجر والمطاعم، وتحديد أماكن الأصدقاء. فبين أجهزة تحديد الموقع في السيارات الحديثة، والخرائط الرقمية لأي مكان في العالم، تقريباً، والموجودة في بعض الهواتف الخلوية (انظر صورة خريطة رقمية على هاتف) وأجهزة الحاسب المحمولة، والأجهزة المساعدة، أصبح من الصعب أن يضل الإنسان الطريق. على أنه وسط هذا كله، مازال الإنسان يسعى إلى الكمال تقريباً، من حيث دقة البيانات والمعلومات المتاحة على تلك الأجهزة، التي باتت من مقومات تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين.

أما الجزء الرئيسي من الخرائط، فهو البيانات الأساسية الخام، وتتمثل في الطرق السريعة، والشوارع، والإشارات الضوئية، وإشارات مخارج الطرق، وهي المعلومات التي تحتاجها شركات الملاحة كنقطة بداية قبل إضافة تطبيقاتها الخاصة بها، وإضافة الشوارع والطرق والمباني والإشارات الضوئية الجديدة. أما كيفية تنفيذ ذلك فيرتكز على دمج صور الأقمار الصناعية بالخرائط التي توفرها الدول.

تعتمد فكرة الخرائط الرقمية على تحويل كل خطوط التضاريس وارتفاعاتها عن سطح البحر إلى أرقام، بحيث يتمكن الحاسب من رسم المسار المطلوب بأبعاده الثلاثة. ويعتمد برنامج الحاسب على معلومات مستمدة من الخرائط العادية والأقمار الصناعية، التي تعطى صوراً دقيقة. ولإعداد الخرائط الرقمية، ترسم خريطة جغرافية للأرض بواسطة الأقمار الصناعية، أو طائرات الاستطلاع، ثم تُجرى عملية الترميز العددي لتضاريس الخريطة الجغرافية، وحفظ هذا الترميز في ذاكرة الحاسب، الذي يرسم خريطة على شكل نقاط أو خطوط، ويجري معالجتها لتظهر على شكل صورة حية، تمثل الواقع، بدرجة كبيرة.

وفي السابق، كانت خرائط الطرق تُرسم يدوياً، مع كل ما يرافقها من مشكلات. ثم جهزت فرق خرائط الطرق بسيارات مزودة بأحدث الكاميرات القادرة على تصوير والتقاط حقيقة الشوارع والطرق. ويجري تحليل ملفات الفيديو ومعالجتها في مكاتب الشركة. ولأجل تصوير الأحياء والشوارع، بما فيها البنايات المختلفة وإشارات المرور، تقوم الشركات المختصة ست كاميرات على سيارات صغيرة (أنظر صورة سيارة تحمل ست كاميرات)، إضافة إلى أجهزة مسح بواسطة أشعة الليزر وجهاز لتحديد الموقع. وتثبيت الكاميرات بحيث تغطي كافة الاتجاهات، بما يعطي صورة كاملة، فيما يحدد جهاز تحديد الموقع موقع السيارة بدقة، تصل إلى متر واحد، بما يتيح للسائق أن يشاهد على شاشة حاسب إلى جانبه كل الصور التي يتم التقاطها بواسطة الكاميرات المثبتة في أعلى السيارة الصغيرة. ومن مهام السائق أن يتأكد من أن الصور التي تلتقطها الكاميرات على درجة عالية من الدقة والوضوح، وفي حال لم تكن واضحة، فإنه يعمل على توضيح الصور بواسطة التحكم بعدسات الكاميرات (أنظر شكل خريطة رقمية لأحد مناطق مدينة باريس).

وتسير الحافلة وفقاً للسرعة المحددة أثناء قيامها بعملية التصوير، وتلتقط ثلاث صور في الثانية الواحدة، ما يعني أن كل سيارة تلتقط أكثر من 100 مليون صورة كل عام. وهناك العشرات من السيارات الصغيرة التابعة للشركة المختصة، التي تجوب مختلف المدن في أكثر من 200 دولة في العالم. وفي نهاية عملية التصوير، تجمع الشركة كافة البيانات والصور بحيث توفر صوراً ثلاثية الأبعاد، لمختلف مناطق العالم.

وترسل الشركات المتخصصة في فن رسم الخرائط، فرقها العاملة كل يوم لمسح الطرق، في كل زاوية من زوايا العالم، لأجل تصحيح خطأ ما ورد في الخريطة، أو إضافة كل ما هو جديد عليها. وتشهد سوق الخرائط الرقمية تغييرات جذرية متصلة بعرض هذه الخرائط بصيغة ثلاثية الأبعاد، وبطفرة خدمات الخرائط الرقمية عبر الهواتف المحمولة. ومرت هذه التقنيات بتطورات عديدة، أبرزها تحديث فرق العمل النقالة. إن الخرائط الرقمية ليست أبدية، إنما ينبغي تحديثها عن طريق إصدارات فصلية. فكل سنة، تتغير ملامح 20% تقريباً من الطرق، ودون شراء التحديثات تصبح أجهزة الملاحة بلا فائدة.

17. بعض التطبيقات العسكرية لثورة المعلومات

تكتسي الحروب شكلاً مميزاً في كل عصر، حيث تُستعمل فيها أنواع جديدة من الأسلحة؛ ففي الربع الأول من القرن العشرين، كانت الدبابات والمدرعات هي الأسلحة الرئيسية، وخصوصا في الحرب العالمية الأولى. ثم لعبت الطائرات والسفن الحربية الدور الأساسي خلال الحرب العالمية الثانية، قبل أن تلعب الأسلحة النووية والصواريخ الإستراتيجية الدور الأساسي بدءاً من خمسينيات القرن العشرين، وحتى أوائل التسعينيات.

ومع الانتشار الواسع لتكنولوجيا المعلومات، على مختلف المستويات، يبدو أن حروب المستقبل سوف تعتمد على أسلحة معلوماتية، من خلال تطوير برامج ومعدات قادرة علي تخريب الأنظمة المعلوماتية المعادية، أو التنصت عليها، سواء ببرامج الفيروسات، أو بأجهزة التشويش. فأهداف الأسلحة المعلوماتية تتمثل في خلق حالة من الفوضى الكاملة في شبكات المعلومات، التي تتحكم بأنظمة الأسلحة، والمبادلات المالية، وتوزيع المياه والتيار الكهربائي، وغيرها. ويعد القضاء على البنى التحتية في دولة ما، من الشروط الأساسية التي تؤمن النصر العسكري لدولة معادية. والبنى التحتية المقصودة هي خطوط الاتصالات، والمصانع الأساسية، وشبكات المواصلات. وقد تحولت الأنظمة وشبكات الحاسبات منذ أوائل ثمانينيات القرن العشرين إلى جزء أساسي من البنى التحتية، حيث تستخدم هذه الأنظمة في جميع أنواع الأعمال، من صناعية ومالية وثقافية، فضلا عن اعتماد شبكات الحاسبات لتأمين الاتصالات وتبادل المعلومات.

وتتركز الحرب المعلوماتية، وفق المفهوم التقليدي للكلمة، على عرقلة أو قطع تدفق البيانات، وتتميز بأنها حرب من دون جبهات؛ بمعنى أن أعمال القتال تجري في كل موقع، وتشمل جميع طبقات المواطنين، وليس العسكريين وحدهم. ومع أن الحرب المعلوماتية لا تؤدي إلى إلحاق الأضرار المادية وسقوط الجرحى والقتلى بصورة مباشرة، ولكن يمكن أن تكون نتائجها شبيهة ـ إلى حد بعيد ـ بنتائج استعمال أسلحة الدمار الشامل.

أقامت وزارة الدفاع الأمريكية نظام معلومات مصمم لمساعدة السفن والطائرات والعموديات والأسلحة الأرضية، على التعاون في توجيه أسلحتها. ويعرف هذا النظام باسم "شبكة التهديف المشتركة" Joint Targeting Network ، وعمله مقارنة وعرض المعلومات، التي تجمع بواسطة مستشعرات مختلفة، بحيث تستطيع طائرة للإنذار المبكر، تابعة لسلاح الجو الأمريكي، مثلاً، من أن تنذر قائد سفينة بحرية باقتراب سفينة مراقبة معادية، وهو ما يتيح إمكانية توجيه طائرة عمودية تابعة للجيش في مهمة مواجهة السفينة المعادية. وقد تبلورت الحاجة إلى مثل هذه الأنظمة المعلوماتية عندما تبين أن ضباط سلاح الجو والبحرية الأمريكيين وجدوا صعوبة في تبادل المعلومات عن الأهداف بسرعة، واضطروا، في بعض الأحيان، إلى تبادل رسائل مكتوبة بهذا الصدد، وهو ما كان يستغرق ساعات عدة بدلا من ثوان، كما هو مفترض في الحرب الحديثة. كما أن بعض مشكلات الاتصالات نجمت من كون القوات الأمريكية كانت تستخدم أكثر من 200 نظام لجمع المعلومات، وغالبا، لم تكن هذه الأنظمة متوافقة في ما بينها.

تتمثل المهمة الأولى للشبكة المشتركة للأهداف في حل مشكلة تعدد الأنظمة، بحيث يمكن، مثلا، أخذ المعلومات الخاصة عن هدف جديد اكتشف بواسطة رادار تابع لسلاح الجو الأمريكي، وتحويله آلياً إلى أنظمة تستطيع الحاسبات فهمها، وبعد ذلك تنقل المعلومات عبر الشبكة، ما يتيح أمام الطائرات والسفن والأسلحة البرية مشاهدة الهدف بسرعة، على خريطة لمنطقة العمليات. كما أنه يتيح لقائد فرقة متخصصة استعمال شبكة من أجل توجيه أسلحة محددة لضرب أهداف معينة، حال ظهورها، وتنقل المعلومات عبر الشبكة بواسطة الأقمار الاصطناعية، الخاصة بوزارة الدفاع الأمريكية. كما يتيح النظام مشاهدة مواقع العدو والقوات الصديقة على شاشاته، للعديد من المستخدمين.

وقد أطلق برنامج شبكة التهديف المشتركة في ديسمبر 1989، وكان العنصر الأساسي فيه هو النظام المعلوماتي الذي يتولى ترجمة المعلومات الواردة من المستشعرات، والتي تجمع بواسطة الأقمار الاصطناعية والطائرات ومواقع الرصد البرية المختلفة. كما يمكن وصل نظام نقل المعلومات التكتيكية بالشبكة، وهو يستعمل نفس نظام اتصالات الأقمار الاصطناعية، ويمكنه تجديد المعلومات كل عشر ثوان. ويمكن توصيل نظام نقل المعلومات التكتيكية بعشرة أجهزة حاسوب في وقت واحد.

وتمت التجارب العملية على الشبكة باستعمال طائرات للمراقبة من نوع P-3 وE-3 وRC-135، والتي تولت جمع المعلومات ونقلها عبر الشبكة، لتنقل إلى قاذفات من نوع B-52 وسفن وغواصات، تابعة لسلاح البحرية الأمريكية، وعموديات من نوع "أباتشي" AH-64 Apache، تابعة للجيش الأمريكي، لكي تتولى هذه الأخيرة ضرب الأهداف. وهذه الطائرات والسفن والعموديات تابعة لكل من أسلحة البر والجو والبحر من القوات المسلحة الأمريكية.

دخلت البحرية الأمريكية مرحلة جديدة، تلعب فيها أنظمة شبكات الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات دوراً قد تزيد أهميته على أهمية السفن الحربية والطائرات والغواصات، التي تستفيد من هذه المعلومات، من خلال مفهوم الحرب الشبكية، الذي يعتمد على الاستفادة من الاستثمارات المكثفة للبحرية الأمريكية في مجالات أنظمة الاتصالات والاستخبارات والقيادة والسيطرة. ذلك أنه يمكن للوحدات البحرية، المتمركزة بالقرب من السواحل، زيادة قدراتها العسكرية، من خلال ما توفره أنظمة المعلومات لهذه الوحدات من الاستخبارات اللحظية اللازمة عن مواقع العدو، وإمكانية رد الفعل السريع للتهديدات المتوقعة. وتفرض حرب شبكات المعلومات تحديات عديدة لوسائل الحرب البحرية المعروفة حالياً، ولتنظيم الأساطيل البحرية، وحتى لأنظمة وأنواع السفن المطلوب تطويرها لتتوافق مع هذه الحرب.

ترددت القيادة الأمريكية غداة انتهاء الحرب الباردة باعتماد إستراتيجية واضحة المعالم تبني على أثرها قواتها المسلحة. ففي مرحلة أولى كانت الفكرة السائدة تقضي بانتقاء عمليات محدودة، تنفذ بواسطة ضربات جراحية، من خلال استخدام القوتين، الجوية والبحرية، المتقدمتين تكنولوجيا. لكن التطورات المتسارعة في الحاسبات والمعلومات أدت إلى استنباط طرق جديدة لتنظيم القوات المسلح، وتنفيذ العمليات العسكرية، ما دفع عدداً من الشركات الدفاعية الرئيسية في العالم إلى تطوير مفاهيم جديدة تجسد التحولات في القطاع الدفاعي، عبر ما يسمى بحرب الشبكة المركزية Network Centric Warfare NCW. (أنظر شكل شبكة الحرب المركزية) 

تستند الفلسفة الأساسية لهذه الشبكة على وصل الأنظمة الدفاعية المختلفة، بمساعدة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات الحديثة. وبما أن كل وحدة أصبح في إمكانها الاستفادة من المعرفة الجماعية للشبكة الشاملة، فمن الطبيعي أن تتضاعف القدرات الدفاعية. فكل من الغواصة، والسفينة، والطائرة، وعربة القتال، وحتى المقاتل الفرد، يستطيع، وبصورة دائمة، إيجاد مدخل في الشبكة للحصول على أفضل المعلومات المتوافرة.

تستخدم في حرب الشبكة المركزية شبكة المستشعرات، التي تتكون عمليا من مختلف أجهزة المراقبة والاستطلاع، والرادارات على مختلف أنواعها، وأجهزة التنصت الراديوية والمراقبة التلفزيونية، وأنظمة البصريات الإلكترونية، مثل الرؤية الليلية الحرارية، وأنظمة المكثفات الضوئية، والأنظمة البصرية والسمعية، إضافة إلى العنصر البشري. وهذه المستشعرات تستخدم منصات على الأرض، وفي البحر، وفي الجو والفضاء، بعضها يكون ثابتاً، والآخر متنقلاً، يتحرك تبعا للطلب والحاجة من مكان إلى آخر (أنظر شكل تكامل المستشعرات). ومن مهمات شبكة المعلومات نقل بيانات المستشعرات، والأوامر الميدانية، والمعلومات المخابراتية، ومعلومات آنية حول العمليات واللوجستيات، ووظائف أخرى، وهي معلومات يحتاجها القادة على مختلف مستوياتهم، لتخطيط العمليات ومراقبة تنفيذها والتحكم بها.

وقد أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية نظاماً للاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية مخصصا لدعم مؤتمرات الفيديو اللحظية، فيما بين وحداتهم المقاتلة على الأرض وقيادتها في منطقة الخليج العربي والولايات المتحدة الأمريكية. وهو يقدم خطوط اتصالات تصل سرعتها في نقل البيانات والمعلومات إلى 24 ميجابايت في الثانية للخط الواحد، وتبثها مباشرة إلى الهوائيات المتصلة بالحاسبات الشخصية، والتي يصل قطر كل هوائي منها إلى 22 بوصة، وجرى تثبيتها داخل دبابات القيادة أو في مركبات القيادة الأخرى، مثل العربات المدرعة "برادلى" Bradley، أو في المواقع الميدانية التكتيكية، التي يتم إنشاؤها على عجل، طبقا لتطورات القتال. وتسمح هذه الخطوط فائقة السرعة للقادة التكتيكيين بإجراء مؤتمرات الفيديو، واستقبال الصور والبيانات من القيادة المركزية، أو من المركبات، أو الطائرات، التي تعمل من دون طيار. ويستطيع ضابط العمليات أو القائد الميداني أن يجلس داخل دبابته أو عربته المدرعة ويدير القتال، وفى الوقت نفسه، يكون على الهواء مباشرة، بالصوت والصورة، في مؤتمر فيديو مع قادته، ويشترك معه في المؤتمر عشرات من الضباط والقادة الآخرين، سواء الذين يقاتلون بجانبه على الأرض، أو داخل مراكز القيادة والسيطرة.

 

 

[1] منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة United Nations Educational Scientific and Cultural Organization، أو ما يعرف اختصاراً باليونسكو UNESCO، هي وكالة متخصصة، تتبع منظمة الأمم المتحدة، تأسست عام 1945، وهدفها الرئيسي هو المساهمة بإحلال السلام والأمن عن طريق رفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة، لإحلال الاحترام العالمي للعدالة، ولسيادة القانون، ولحقوق الإنسان، ومبادئ الحرية الأساسية. ويشترك في اليونسكو 191 دولة، ومقرها الرئيسي في باريس.

[2] هذه اللغات هي: الإنجليزية، والعربية، والصينية، والفرنسية، والروسية، والاسبانية، والبرتغالية.

[3] هي موسوعة إلكترونية، تطبعها وتحدثها دورياً شركة ميكروسوفت Microsoft، وهي موجودة على أقراص مدمجة، أو عبر الاشتراك، وفي اللغات الإنجليزية، والإسبانية، والفرنسية، والألمانية، واليابانية، والإيطالية، والهولندية. وتشمل نسخة عام 2005 ما يقارب السبعين ألف مقال، مع الكثير من الصور، والمقاطع المصورة، والرسوم التوضيحية، وتتوافر بعض المقالات مجاناً على موقع الشركة.

[4] البايت byte هو جزء من ذاكرة الحاسب، ويتسع لتخزين الأحرف، وكل 1024 بايت تسمى كيلوبايت، وكل 1024 كيلوبايت تسمى ميجابايت، وكل 1024 ميجابايت تسمى جيجابايت.

[5] يطلق عليه أيضا اسم Web Based Learning، أي التعليم المعتمد على الوب.

[6] المقصود بالمحتويات جميع أشكال المعلومات، التي يراد إتاحتها مثل: وثائق، نماذج، صور، ملفات صوتية، ملفات فيديو، أخبار، معلومات عامة ... الخ.

[7] Connexion هي أصل الكلمة الانجليزية connection، وتعنى توصيل، وظلت تستخدم حتى القرن الثامن عشر، ومازالت مستخدمة في بريطانيا.


ثورة المعلومات Pic16

ثورة المعلومات Pic20


ثورة المعلومات Pic22

ثورة المعلومات Pic23

ثورة المعلومات Pic30

ثورة المعلومات Pic31

ثورة المعلومات Pic34



ثورة المعلومات Fig10
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
ثورة المعلومات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث متنوعه-
انتقل الى: