MAY 2, 2016
ايران تحقق اختراقا كبيرا باعادة دعمها لحركة “الجهاد الاسلامي” في مواجهة خصميها السعودية واسرائيل معا.. فهل نتوقع تصعيد المقاومة في الضفة وعودة انطلاق الصواريخ من غزة؟ وماذا عن موقف “حماس″؟ وما معنى استقبال المرشد الاعلى خامنئي للدكتور شلح ووفده الكبير؟
حققت الجمهورية الاسلامية الايرانية اختراقا سياسيا ودبلوماسيا كبيرا باستقبال مرشدها الاعلى السيد علي خامنئي، ومستشارين ومسؤولين آخرين، الدكتور رمضان عبد الله شلح، امين عام حركة “الجهاد الاسلامي” في فلسطين، والوفد الكبير المرافق له الذي يزور العاصمة الايرانية طهران هذه الايام.
عندما نقول اختراقا كبيرا، فاننا نشير بذلك الى حالة الاستقطاب والصراع المتصاعد في المنطقة بين المملكة العربية السعودية وايران، والحروب التي تخوضانها بالنيابة ضد بعضهما البعض، في سورية واليمن ولبنان وفلسطين، مثلما نشير ايضا الى اهمية حركة “الجهاد الاسلامي”، ومكانتها البارزة كحركة مقاومة شرسة للاحتلال الاسرائيلي في اذهان نسبة كبيرة من العرب والفلسطينيين داخل الاراضي المحتلة وخارجها.
هذه الزيارة للدكتور شلح جاءت بعد حالة من الفتور في العلاقات بين تنظيمه والجمهورية الايرانية، بسبب ما تردد عن دعم ايران لحركة “الصابرين” التي انشقت عن حركة “الجهاد الام”، وبدأت تتصرف كتنظيم مستقل في قطاع غزة، ورغم ان ايران نفت مثل هذا الدعم، ولكن هذا النفي لم يكن مقنعا لقيادة حركة “الجهاد الاسلامي” على الاقل، ويبدو ان هذه الزيارة جاءت تتويجا لاتفاق بتطويق هذه المشكلة.
الدكتور شلح “ميز″ نفسه، وحركته، عن حركة “حماس″ عندما قرر البقاء في دمشق، وعدم مغادرتها الى الدوحة، او اي عاصمة اخرى، وابقى على علاقاته الجيدة مع القيادة السورية، مثلما ابقى على “الباب مواربا” مع السلطات الايرانية ايضا، في الوقت نفسه، رغم الوضع المالي الحرج لتنظيمه في الاراضي المحتلة نتيجة لانقطاع الدعم الايراني، حتى ان كوادر التنظيم لم تتلق اي “مخصصات” مالية طوال الاشهر الخمسة الماضية، ان لم يكن اكثر.
مصادر لبنانية اكدت لـ”راي اليوم” ان السيد حسن نصر الله زعيم “حزب الله”، الذي التقى الدكتور شلح اكثر من مرة في بيروت، لعب دورا كبيرا في ازالة “الجفوة” بين حركة “الجهاد” والسلطات الايرانية، وجاءت هذه الزيارة ثمرة لهذه الجهود المستمرة منذ اشهر.
ولعل استقبال المرشد الاعلى للضيف الفلسطيني، والحفاوة التي حظي بها يعكس رسالة مهمة مزدوجة تريد ان توجهها القيادة الايرانية الى كل من اسرائيل من ناحية، والمملكة العربية السعودية ودول خليجية اخرى من ناحية اخرى، تقول مفرداتها ان ايران بصدد التحرك سياسيا، وربما عسكريا ايضا، على صعيد القضية العربية والاسلامية المركزية الاولى، اي قضية فلسطين، وانها ما زالت ملتزمة بدعم معسكر المقاومة للاحتلال الاسرائيلي.
تصريحات الدكتور شلح، التي اكد فيها استمرار وقوف ايران الى جانب الشعب الفلسطيني، وان الاحتلال الاسرائيلي سيبقى العدو الاول لها، تعكس الكثير من التأكيدات لما ذكرناه آنفا، ولكن التصريحات الاهم، في نظرنا، هي تلك التي ادلى بها اثناء لقائه بالسيد المرشد، عندما اتهم امريكا بفرض “حرب سنية شيعية في المنطقة بهدف تجزئتها”، مؤكدا، والكلام للدكتور شلح، “ان ايران تشكل عامل سلام واستقرار في المنطقة”، معبرا عن اسفه للجهود العربية التي تسعى لاعتبار ايران عدوا للعرب متحدين في ذلك مع اعداء الاسلام”.
الدكتور شلح كان مصيبا عندما قال “ان العالم العربي لم يعد يعير فلسطين وشعبها المظلوم اي اهتمام”، ونضيف على ذلك بالقول، انه لم يكتف معظم العرب بتجاهل الشعب الفلسطيني وقضيته، وانما ذهب الى ما هو ابعد من ذلك، عندما بدأ ينخرط في عمليات تطبيع وتنسيق اقتصادي وامني وعسكري مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، ويعتبرها حليفا بديلا لامريكا في مواجهة ايران.
لا نعرف طبيعة الاتفاقات والتفاهمات التي توصل اليها الدكتور شلح، والوفد الكبير المرافق له مع القيادة الايرانية، ولكن ما يمكن ان نتكهن به، هو احتمال ان تتضمن هذه التفاهمات تصعيد المقاومة العسكرية المسلحة في الاراضي المحتلة ضد الاحتلال الاسرائيلي، وحركة “الجهاد” تملك ارثا كبيرا في هذا المضمار، مثلما تملك ترسانة هائلة من الصواريخ، يمكن ان تلجأ اليها في اي وقت تشاء، لانهاء حالة الهدنة الحالية في قطاع غزة، واعادة التوتر مجددا بين فصائل المقاومة ودولة الاحتلال، خاصة ان حالة الاحتقان تتفاقم داخل القطاع بسبب الحصار الخانق، وفي الضفة بسبب خنوع سلطة الرئيس عباس وتنسيقها الامني “المشين” مع الاحتلال.
لا يخامرنا ادنى شك بان زيارة وفد الجهاد الاسلامي لطهران، وعودة العلاقات بين الطرفين الى صورتها السابقة سيقلق دولة الاحتلال الاسرائيلي، مثلما سيقلق في الوقت نفسه اطرافا عربية عديدة، من بينها المملكة العربية السعودية التي تقود تحالفا سنيا عربيا واسلاميا ضد ايران، وسيقلق ايضا حركة “حماس″ التي تسيطر على قطاع غزة ولا تريد عودة اطلاق الصواريخ على المستوطنات الاسرائيلية شماله، والشيء نفسه يقال عن الرئيس عباس الذي يعارض بشدة عودة الاحزمة الناسفة والاستشهاديين الى الضفة، وحركة “الجهاد” لها تاريخ حافل في هذا المضمار، ورجالها معروفون بشدة بأسهم ووطنيتهم وتاريخهم، الحافل في مقاومة الاحتلال، ومعركة جنين احد الامثلة.
لقاء الدكتور شلح بالسيد الخامنئي ربما يكون بداية مرحلة جديدة في التصعيد السياسي والعسكري، ليس في الاراضي المحتلة فقط، وانما في المنطقة بأسرها، ولا نجادل مطلقا بأن هذه اللقاء حقق لايران مكسبا كبيرا، واختراقا سياسيا مهما في اكثر القضايا حساسية وقدسية لدى الشارع الاسلامي، بشقيه السني والشيعي، في وقت يدير العرب ظهرهم لها.
“راي اليوم”