يهود الشام في العصر العثماني.. قراءات وتاريخ
آخر تحديث: May 17, 2016, 10:18 pm
أحوال البلاد
يعرض كتاب «يهود الشام في العصر العثماني»، لمؤلفه أكرم حسن العلي، صورة حقيقية وواقعية لمجتمع دمشق في العصر العثماني، مشرحاً طبيعة علاقة اليهود فيما بينهم وعلاقتهم مع الدولة، ومع سكان دمشق، ذلك من دون زيادة أو نقصان، وتغطي تفاصيل تلك الصورة التي يستعرضها المؤلف فترة زمنية تمتد لأكثر من أربعة قرون، وتمتد من سنة 991 هـ 1583 م..
وتنتهي في أواخر عصر الدولة العثمانية، وشملت الوثائق جميع سجلات المحاكم في دمشق، وهذه الوثائق، وإن كانت غالبيتها عن اليهود، إلا أنها تعكس حياة الناس اليومية في دمشق العثمانية على اختلاف مذاهبهم، وفيها البيع والشراء والإيجار والاستئجار والزواج والطلاق، وما يتعلق بالحياة الاجتماعية من طرد للمفسدين من الأحياء بناء على شكاوى أهل الحي بتقديم صورة حيّة لطبيعة المجتمع.
يبين الكتاب أن طوائف اليهود في دمشق هم: اليهود الربانيون، وهم أكبر طوائف اليهود عدداً، ويقال للواحد منهم ربّي، ويعرفون بالناموسيين والربّانيم والكتبة، وكانوا يقيمون في حي اليهود في الزاوية الجنوبية الشرقية لدمشق داخل السور. إنّ عدد اليهود الربّانيين كان في أواسط القرن التاسع عشر نحواً من 2500 يهودي..
وذلك كما ورد في رسالة لشريف باشا حاكم دمشق إلى محمد علي باشا في مصر، وذكر الدكتور يوسف نعيسه أن عددهم في تلك الفترة كان نحو 4630 يهودياً ويهودية، وجمعيهم من اليهود الربّانيين.
أمّا عن يهود الشام في الوقت الحاضر، فذكر رئيس الطائفة اليهودية خضر شحادة كباريتي معلومات عن اليهود في سوريا وعن معابدهم، إذ قال: «إنّ عدد اليهود السوريين حالياً نحو 5000 يهودي ويهودية، يعيشون بين وطنهم سوريا وبين المهجر، ومن هم في دمشق يمارسون طقوسهم الدينية بحرية تامة..
وقال : إنّ جميع معابد اليهود ومساكنهم ومقارّ أعمالهم قائمة بحمد الله، وعدد الكنائس في سوريا 14 كنيساً، كنيسان في حلب، وكنيس واحد في القامشلي، و11 كنيساً في دمشق، وأجملها وأقدمها كنيس الخضر في جوبر.
ومن أراد معرفة حال اليهود في دمشق، فعليه قراءة ما كتبه الشيخ عبد القادر المغربي، إذ أوضح أنهم كانوا سادة المال والمسيطرين على خزانة دمشق وشؤون الصرافة والتجارة فيها. وعندما دخلت الجيوش المصرية دمشق سنة 1832 م، كان محمد علي وولده إبراهيم باشا شديدي العطف على اليهود الأمر الذي أدى إلى حصول انقلاب كامل في وضعهم. ومن مظاهر هذا التغيير تعيين بعض اليهود في مراكز إدارية في ديوان دمشق..
وتعديل بعض الألقاب التي كانت تطلق عليهم. وتولى حاخام باشي دمشق وظيفة التعريف باليهود وكفالتهم عند القاضي، وتأكيد ولائهم للدولة العلية. وطلب اليهود من الحكام ترميم بعض معابدهم أو شراء بعض القصور الكبرى واستخدامها لصالح اليهود أو تحويلها إلى كنائس لهم، وسهل إقدام اليهود على شراء الأراضي والعقارات، وأعفوا من الضرائب.
واليهود كانوا يهدّدون الوالي نفسه بالعزل إن لم يرضخ لمطالبهم، وبنى كبيرهم، شمعايا أفندي، قصراً في دُمّر على قارعة الطريق، وكان كلما جاء إلى دمشق أحد الولاة يدعوه صيارفة اليهود للإقامة في هذا القصر ويتفانون في خدمته، فتتوطد الألفة والمصلحة المشتركة بين الفريقين.
وأما اليهود القرّاؤون، فيعرف الكتاب بهم: وهم الطائفة الثانية في دمشق من حيث العدد، ثم تراجع أمرهم فهاجروا .
ومع انّ الجميع من الموساويين، فإنّ اليهود القرائين امتازوا عن الربائيين بأمور كثيرة، أهمها: تقديس يوم السبت، الإيمان بالتوراة وحدها. ويقال إنهم اتخذوا النجمة السداسية شعاراً لهم. أمّا عددهم في العالم فهو بحدود 12 – 15 ألفاً، ولا أثر لهم في دمشق اليوم، حيث إنّ آخر وثيقة تحدّثت عنهم كانت سنة 1224 هـ