خيبة أمل في مصر بعد تفضيل نتنياهو التحالف مع ليبرمان على هرتسوغ
وديع عواودة
May 21, 2016
الناصرة ـ «القدس العربي» : ما زالت إسرائيل مشغولة جدا بالتحولات الدراماتيكية في حلبتها السياسية بعد الاتفاق المبدئي على ضم رئيس حزب «يسرائيل بيتنا» للحكومة، وبلغت أوجا جديدا باستقالة وزير الأمن موشيه يعلون من الوزارة والكنيست. ونقلت مصادر فيها أن مصر خائبة الأمل من ذلك.
وأعلن يعلون أمس عن استقالته من السياسة جراء «فقدان الثقة» بنتنياهو، موضحا في صفحته في الفيسبوك أنه أبلغ رئيس الحكومة باستقالته على ضوء إدارته للتطورات الأخيرة، ملمحا لموقف نتنياهو غير الأخلاقي من إعدام منفذي العمليات الفلسطينيين. وسيدخل الكنيست بدلا من يعلون المستوطن الاستفزازي المتطرف يهودا غليك الذي عمل لانتهاك حرمة الأقصى حتى أطلق الرصاص عليه من قبل فلسطينيين قبل نحو عام. وبذلك يقال «وافق شنّ طبقة» فالكنيست تعج بأمثاله.
ونقلت مصادر إسرائيلية عن مقربين من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أنهم ردوا بغضب وإحباط على ما وصفوه بـ «البازار السياسي» الذي يجري على حساب العملية السلمية.
وقال مصدر سياسي مصري رفيع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» «نحن بالطبع لا نتدخل في السياسة الداخلية لإسرائيل. نحن نتابع وندرس خطواتنا. يجب الاعتراف بأننا أصبنا بصدمة حقيقية: بدأنا مع يتسحاق هرتسوغ وانتهينا مع ليبرمان».
وأضاف المصدر المصري أن نتنياهو نجح هذه المرة بمفاجأة مصر في اللحظة الأخيرة. وتابع «لقد تعودنا المفاجآت من الجانب الإسرائيلي، لكننا لم نستعد هذه المرة لهذه المفاجأة السيئة».
يشار إلى ان ليبرمان يعتبر خطا أحمر في مصر منذ هدد في عهد الرئيس حسني مبارك بقصف سد أسوان، ووجه انتقادا إلى جوهر السلام مع مصر ورئيسها الأسبق حسني مبارك حين قال «إذا لم يشأ الحضور إلى إسرائيل فليذهب إلى الجحيم». وفي حينه أعلن وزراء الحكومة المصرية أن ليبرمان بالنسبة لهم هو شخصية غير مرغوب فيها ولن تتم دعوته إلى مصر.
وينبع الحرج المصري من وجود الدولتين اليوم بمرحلة تنسيق أمني عميق، وهذا يقتضي بالضرورة التعامل مع وزير الأمن الجديد رغم تهديداته وتصريحاته.
ونقلت عن مستشار سياسي مصري كبير قوله إن الرئيس السيسي لن يتراجع عن مبادرة السلام التي عرضها «لكن كل ما سيحدث الآن على الحلبة السياسية في إسرائيل سيعلم مصر درسا مهما». وأضاف «يجب ان نتصرف بحذر وبطء والمطالبة بضمانات ومراقبة من قبل طرف ثالث لكل خطوة ولكل قرار يتم اتخاذه».
بلير والسيسي وكيري وهرتسوغ
ويتواصل في إسرائيل الكشف عن تفاصيل جديدة حول دور السيسي في هذا المضمار. وقالت صحيفة «هآرتس» إن عدة جهات دولية، على رأسها رئيس الحكومة البريطانية السابق، ومبعوث اللجنة الرباعية الدولية السابق، توني بلير، وقفت وراء خطاب الرئيس المصري، السيسي، يوم الثلاثاء، في خطوة هدفت إلى تمهيد ضم المعسكر الصهيوني إلى الحكومة. لكن هذه المحاولة فشلت والخطوة التي سعى بلير إلى دفعها تعتبر تدخلا مكثفا، غير مسبوق تقريبا، لجهات دولية في المنظومة السياسية في إسرائيل. وحسب مصدرين في الجهاز السياسي فإن بلير الذي عمل بالتنسيق مع رئيس المعارضة يتسحاق هرتسوغ ومع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، هو الذي دفع وشجع الرئيس المصري على إلقاء خطابه الذي دعا فيه «الأحزاب في إسرائيل» للتوصل لاتفاق قومي حول الحاجة إلى دفع السلام مع الفلسطينيين.
ورغم إنهاء مهمته كمبعوث للرباعية إلى الشرق الأوسط، إلا ان بلير واصل العمل بشكل مستقل محاولا دفع مفاوضات السلام بين إسرائيل من جهة والفلسطينيين والعالم العربي من جهة ثانية، رغم عبثيتها.
وبحسب «هآرتس» يزور بلير إسرائيل ودول المنطقة كل أسبوعين او ثلاثة، ويلتقي في كل مرة تقريبا مع نتنياهو، هرتسوغ ويطلعهما على محادثاته مع القادة العرب.
وعلى ذمة «هآرتس» كانت الرسالة الدائمة التي أحضرها بلير معه من تلك اللقاءات هي رغبة واستعداد الدول العربية السنية لتحقيق اختراق في العلاقات مع إسرائيل. مع ذلك كان يقول إن الأمر مشروط بتنفيذ « خطوات في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، تظهر جدية إسرائيل في دفع حل الدولتين.
وقبل عدة أسابيع، وعلى خلفية الاتصالات بين هرتسوغ ونتنياهو، بدأ بلير محادثات معهما في محاولة لإعداد جدول عمل مشترك لهما من أجل دفع خطوة سياسية إقليمية بعد انضمام هرتسوغ وحزبه إلى الحكومة.
وكان نشاط بلير هو الخلفية لتصريحات هرتسوغ بشأن «الفرصة الإقليمية النادرة» لدفع العملية السلمية. وكشفت القناة العاشرة عن تدخل بلير في الاتصالات بين هرتسوغ ونتنياهو أمس.
وقالت إن بلير زار في الأسبوع الماضي القاهرة وأجرى محادثات مع مسؤولين مصريين كبار من أجل تجنيدهم للخطوة. وقال مصدر في الجهاز السياسي إن بلير هو الذي اقترح على الرئيس المصري إلقاء خطاب ينطوي على رسالة للجمهور الإسرائيلي وللأحزاب الإسرائيلية بشأن الحاجة إلى دفع عملية السلام مع الفلسطينيين. وحسب المصدر فقد نسق بلير مع هرتسوغ خطواته مع الرئيس المصري.
كما نسق بلير خطواته مع كيري. وأطلعه على اتصالاته مع هرتسوغ ونتنياهو والرئيس المصري. وبحسب الإذاعة العامة، قال مصدر سياسي إنه في أعقاب ذلك فكر كيري في إمكانية تأجيل نشر تقرير اللجنة الرباعية إلى ان يتضح ما إذا سيدخل المعسكر الصهيوني إلى الحكومة.
ومن المفروض أن يتم نشر التقرير الذي ينطوي على انتقادات شديدة للمستوطنات بعد أربعة أيام، أي قبل يومين من افتتاح الدورة الصيفية للكنيست.
وبعد زيارته إلى القاهرة، وصل بلير إلى إسرائيل والتقى ثانية مع نتنياهو وهرتسوغ وعمل خلال الزيارة على مساعدة هرتسوغ على تجنيد الدعم داخل المعسكر الصهيوني للانضمام إلى الحكومة. وحاول بلير ترتيب لقاء مع رئيسة حزب الحركة، تسيبي ليفني، لكن مكتبها اوضح بأنها لا تستطيع ذلك لأنها كانت تجلس في مأتم شقيقها. ولكن بلير أصر على ذلك، والتقى بليفني في ساعة مبكرة في منزلها في تل ابيب، وعرض أمامها الخطوة السياسية التي يحاول حياكتها. وربما تنطبق على مبادرة السيسي مقولة إن العملية نجحت والمريض مات. فقد رحب نتنياهو وهرتسوغ بحماس لافت بتصريحاته وما لبث الأول أن ضم ليبرمان.