ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: معركة النوبة .. فتح من الفتوحات الرمضانية الثلاثاء 24 مايو 2016, 12:17 am | |
| معركة النوبة .. فتح من الفتوحات الرمضانيةمجدي داود
معركة النوبة
[size=17]من ضمن المعارك والفتوحات العظيمة التي حفل بها شهر رمضان المبارك معركة فتح النوبة التي حدثت في العام الحادي والثلاثين من الهجرة النبوية المباركة، والتي كان من أهم آثارها معاهدة القبط التي كانت فاتحة خير على المسلمين في البلاد الإفريقية.لما قام عمرو بن العاص بفتح في مصر في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أرسل عمرو بن العاص حملة عسكرية بقيادة عقبة بن نافع لفتح بلاد النوبة التي تقع في جنوب مصر، لكن المسلمين فوجئوا في هذه المعركة بأن النوبيين يجيدون رمي السهام، فقد أصاب النوبيون من المسلمين عددًا كبيرًا بتلك السهام، وأصيب كثير من المسلمين في حدق عينهم من جرَّاء النبل، فسموا (رماة الحدق).وكان من نتيجة هذه الحملة أن تم التوافق على هدنة بين المسلمين والنوبيين، واستمر الصلح حتى كان عصر خلافة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه، وكان قد عزل عمرو بن العاص عن مصر وولّى مكانه عبد الله بن أبي سرح، فنقض النوبيون الصلح وهاجموا صعيد مصر، فما كان من ابن أبي سرح إلا أن خرج في جيش تعداده عشرون ألف مقاتل، وسار إلى دنقلة عاصمة النوبيين وحاصرها وضربها بالمنجنيق حتى استسلموا وطلبوا الصلح.وتصالح المسلمون والنوبيون في شهر رمضان من العام الحادي والثلاثين بعد الهجرة على بنود من أهمها:1- حفظ من نزل بلادهم من مسلم أو معاهد حتى يخرج منها.2- رد من لجأ إليهم من مسلم محارب للمسلمين وإخراجه من ديارهم.3- حفظ المسجد الذي بناه المسلمون في فناء المدينة وألاّ يمنعوا منه مسلمًا.4- أن يدفعوا للمسلمين كل عام ثلاثمائة وستين رأسًا من أوسط رقيق بلادهم، وكان القوم مشهورين بكثرة الرقيق عندهم.5- في مقابل ذلك لهم عند المسلمين أمان فلا يحاربونهم ولا يغزونهم.وقد قيل إنه في مقابل الرقيق الذي يأخذه المسلمون منهم يعدونهم بدلاً منه قمحًا وعدسًا، هذا كان العهد الذي تم بين المسلمين وأهل النوبة، وقد رفع هذا الصلح إلى أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه فأقره.وإن هذا لعهد -إن أمعنَّا النظر فيه وتأملناه جيدًا- نرى في بنوده معالم للسياسة الشرعية في الإسلامية، ومعالم واضحة للعلاقات الخارجية للدولة الإسلامية.فنرى أن رد النوبيين المسلم المحارب للمسلمين وإخراجه من ديارهم يعد أمرًا مهمًّا جدًّا، فهو يمنع من تكتل وتجمع الخارجين عن النظام الشرعي للدولة الإسلامية وعلى ولاة الأمر الذين يحكمون بما أنزل الله، وبالتالي لا تكون هذه الجهة مركزًا للاعتداء على الدولة الإسلامية من بعض الأفراد الخارجين على ولاة الأمر، وبالتالي حماية الدولة الإسلامية والتأكيد على وحدتها.ونرى أن حفظهم للمسجد الذي بناه المسلمون في فناء المدينة هو الأثر الأهم والنتيجة العظمى لهذا الصلح الطيب؛ فوجود المسجد وعدم التعرض للمسلمين في المدينة يعني انتشار الإسلام بين الناس، ولأن المسجد في الإسلام مكانته عظيمة وهو منطلق الدعوة ومركزها، وكان أول شيء يقوم به المسلمون في أي مكان يدخلونه هو بناء المسجد؛ اقتداءً بنبيهم صل الله عليه وسلم الذي بنى مسجدًا بالمدينة بمجرد وصوله إليها. ومع اشتراط حفظهم لمن يدخل بلادهم من المسلمين فهذا يعني انتشار الإسلام بسهولة ويسر؛ حيث إن تجار المسلمين والمسافرين الذي لا يتوقفون عن الحركة على مدار العام سيعملون على دعوة الناس إلى الإسلام، في حين أن هؤلاء الدعاة من التجار وغيرهم يكونون في مأمن، طالما كانوا في أرض النوبة فلا يتعرض لهم أحد.وهنا شبهة يرددها الصليبيون الحاقدون على الإسلام وأهله، يجب أن نفندها ونبيِّن كذبهم وافتراءهم فيها، فهم يدعون أن هذه الاتفاقية كانت تجبر أهل النوبة -وهم نصارى على حد زعمهم- على بيع أولادهم للمسلمين كي يتقوا شرهم، فيحاولون إيهام الناس أن ذلك العدد من الرقيق الذي يجب على النوبيين إرساله للمسلمين سنويًّا، كانوا أبناء النصارى، وهذا كذبٌ وافتراء؛ فالاتفاقية تنص على تسليم ثلاثمائة وستين رأسًا من أوسط رقيقهم، ولا تنص على ثلاثمائة وستين رأسًا من أوسط فتيانهم أو شبابهم. والمعنى واضح والفرق شاسع بين اللفظين، فشتان شتان بين الرقيق والفتى أو الشاب.لقد كان لهذا الصلح أثر عظيم في انتشار الإسلام في بلاد السودان وجنوبها، لقد استغل المسلمون الأوائل هذه المعاهدة في نشر الإسلام في تلك البلاد، وكان المسجد الذي بناه المسلمون في فناء دنقلة مركزًا لنشر الإسلام في بلاد النوبة وجنوبها، وإن هذا الصلح ليؤكد كذب الذين يدعون بأن انتشر بحد السيف! فليخبرونا إذن كيف أسلم أهل النوبة والسودان وتلك البلاد النائية في إفريقيا التي لم تصلها جيوش المسلمين في أي عصر من العصور؟!إن هذا الصلح ليؤكد براعة وذكاء وفهم المسلمين الأوائل للواقع الذي يعيشونه وكيفية التعامل مع هذا الواقع بشكلٍ يخدم مصالح الأمة الإسلامية ويعمل على نشر الدين الإسلامي ولا يتعارض مع أحكام شريعة رب السماء جل في علاه، ولا سُنَّة نبيه المصطفى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وإن هذه هي السياسة التي يجب أن نتعامل بها ويجب أن نتعلمها؛ فلن يعود للإسلام عزه ومجده ولن تعود للأمة كلها القيادة والريادة في هذا العالم إلا باتباع هدي المصطفى صل الله عليه وسلم، والنظر في أفعال سلفنا الصالح الصحابة والتابعين.المصدر: شبكة الألوكة.[/size] |
|