منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 – 1994 …

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 – 1994 … Empty
مُساهمةموضوع:  انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 – 1994 …    انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 – 1994 … Emptyالجمعة 27 مايو 2016, 8:28 am

[size=31] انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 – 1994 …[/size]

( 1 – 3 )..( 2- 3 )..( 3 – 3 )
د. كمال إبراهيم علاونه
أستاذ العلوم السياسية والإعلام
رئيس مجلس إدارة شبكة الإسراء والمعراج ( إسراج )
نابلس – فلسطين العربية المسلمة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
يقول اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ جَلَّ جَلَالُهُ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)}( القرآن الحكيم – الصف ) .
وجاء في صحيح مسلم – (ج 14 / ص 140) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :” لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ ” .
استهلال
في الذكرى الخامسة والعشرين لانتفاضة فلسطين الكبرى الأولى ، 8 كانون الأول 1987 – 2012 ، تمر الأيام وشعب فلسطين يتوق للحرية والاستقلال الوطني والتخلص من نير الاحتلال الصهيوني المدعوم من الصلف والعنجيهة الأمريكية والأوروبية ، ولم يدخر جهدا في سبيل الخلاص الوطني من الاحتلال الحديث بكل مفاهيمه وتداعياته الوحشية . فلم يتوقف شعب فلسطين عن مقاومة الاحتلال الصهيوني ، منذ بدء الغزوة الصهيونية الأولى لفلسطين ودخول اليهود البلاد على شكل مهاجرين جدد . ولكن كانت حدة وصلابة هذه المقاومة تشتد حينا وتخفت أحيانا أخرى حسب طبيعة الظروف المحلية والإقليمية والدولية المحيطة .
على أي حال ، شهدت الأعوام الأولى من العقد الثامن من القرن العشرين الماضي ، سلسلة انتفاضات وهبات صغيرة توالت أحيانا وتوقفت وتجمدت أحيانا أخرى . فمثلا بعد معركة بيروت ( الملحمة الكبرى في لبنان ) شهدت فلسطين عمليات عسكرية متصاعدة ضد الاحتلال بلغت 180 عملية عسكرية عام 1982 ، زادت إلى 351 عملية عسكرية عام 1983 ، ثم ارتفعت إلى 466 عملية عسكرية عام 1984 ، ووصلت 780 عملية عسكرية عام 1985 ، تزايدت لتصل من 890 عملية عسكرية عام 1986 ، إلى 834 عملية عسكرية ضد الاحتلال عام 1987 . وبالنسبة للمظاهرات والمقاومة المدنية ، نظمت في عام 1985 مظاهرات وإضرابات واعتصامات متلاحقة أغلقت فيها قوات الاحتلال عدة جامعات فلسطينية واعتقلت عشرات الفلسطينيين اعتقالا إداريا وحكم العشرات من طلبة الجامعات بالأحكام التعسفية العسكرية الظالمة . وكان العامين 1985 و 1986 أعواما نضالية في الأجندة الوطنية الفلسطينية استشهد فيها عشرات الفلسطينيين . فقد استشهد 35 شهيدا وجرح 233 جريحا عام 1985 . وفي عام 1987 شهدت الأشهر التسعة الأولى سلسلة من التظاهرات والاضرابات والاعتصامات بلغ عددها 454 حالة ، وبلغ عدد حالات رفع الشعارات والأعلام وكتابة الاستنكارات والاحتجاجات وضرب الحجارة والشكاوى العامة والمطالب 817 حالة ، وبذلك تلازم النضال السياسي مع النضال العسكري الفلسطيني في الأرض المحتلة [1] .
وفي 17 تشرين الأول عام 1987 ، وجه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ( رسالة مفتوحة إلى الشعب الفلسطيني المناضل في الأرض المحتلة ) بثتها مختلف وسائل الإعلام المسموعة والمرئية ، مثل إذاعة مونت كارلو ) وغيرها خاطب فيها الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده وخاصة بفلسطين الكبرى ، يحثه فيها على الانتفاضة لإحقاق حقوقه الوطنية الثابتة . وقد جاء فيها :
بسم الله الرحمن الرحيم { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ .الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ } ( القرآن الكريم ، الحج ، 39 – 40 ) . صدق الله العظيم .
إلى أهلي وإخوتي وأحبتي في كل ربوع الوطن .. إلى الصامدين الأبطال في قطاع غزة الأبي .. إلى الصابرين المرابطين في الضفة الباسلة .. إلى الصامدين بإباء وشمم في كل فلسطين ، من الجليل في الشمال إلى النقب في الجنوب .. إلى أبطالنا الصامدين في سجون الاحتلال ومعتقلاته .. كنتم دائما وأبدا تثبتون وتؤكدون أنكم شعب البطولات .. شعب التضحيات .. شعب المعجزات .. الشعب الذي لا يعرف المستحيل .. تفجرون كل يوم هذه الانتفاضات الشعبية العربية العارمة التي تتواصل بروعتها في كل مدينة وقرية ومخيم ، وحتى في كل سجن من سجون العدو الغاصب الفاشي العنصري . وعلى الأرضية الصلبة للإجماع الوطني الشامل والوحدة الوطنية لمواجهة ومقاومة الاحتلال الصهيوني .. وإفشال كل مناوراته ومؤامراته السياسية وإحباط ممارساته الوحشية وأحقاده العنصرية السوداء .. وكل سياسات البطش والعسف والتنكيل والقتل العشوائي على يد جنوده المدججين وقطعان المستوطنين المسلحين المتعصبين العنصريين الإرهابيين . وها أنتم يا إخوتي ويا أحبتي تواصلون مواجهتكم الرائعة لحشود العدو وإرهابه في كل مدينة وقرية ومخيم وداخل المعتقلات بقلوبكم العامرة بالإيمان بحب الله وحب فلسطين ، وبسواعدكم القوية وصدوركم الشجاعة .
يا أهلي .. يا أحبتي .. يا رجال فلسطين ويا نساء فلسطين ، ويا أشبال فلسطين ، ويا زهرات فلسطين .. لتستمر الانتفاضة ولتتواصل ولتتصاعد وليتعاظم العطاء دفاعا عن المقدسات وتمسكا بالحقوق الوطنية الثابتة والتفافا عظيما ورائعا حول منظمتكم ، منظمة التحرير الفلسطينية ، قائدة نضال شعبنا على طريق الانتصار الحتمي الأكيد بعونه تعالى … يا أبناء شعبي البطل في القطاع الأبي وفي الضفة الباسلة وفي الجليل الصامد والمثلث المرابط وفي النقب الأصيل … إن شعبنا الفلسطيني في كل مكان من هذا العالم لينظر إليكم الآن بكل الفخر والاعتزاز وهو يراكم تواصلون الانتفاضة الشعبية العارمة في وجه الصهاينة المحتلين الفاشست العنصريين … كما إن أمتكم العربية تتابع بافتخار نضالكم وجهادكم وتضحياتكم المستمرة … ولسوف تبقى هي مفتاح السلم والحرب في هذه المنطقة . فلا سلام إلا السلام الفلسطيني ، ولا حل إلا الحل الفلسطيني ، ولا خيار إلا الخيار الفلسطيني الذي يعبر عن إرادة أمتنا العربية بأسرها وعن إرادة جميع الشرفاء والأحرار والأصدقاء في العالم .. وحتى يتمكن شعبنا الصامد المرابط المناضل من تحقيق مختلف أهدافه الوطنية وعلى رأسها إقامة الدولة الحرة المستقلة فوق ترابه الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف ، زهرة المدائن ، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، مهد المسيح عليه السلام ، ومسرى النبي محمد صل الله عليه وسلم ، والتي نحن وإياكم ، يا إخوتي يا أحبتي ، يا أهلي ، على موعد فيها لنصلي بإذن الله . ” يرونها بعيدة ونراها قريبة ، وإنا لصادقون ” بسم الله الرحمن الرحيم : { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } ( القرآن ، التوبة 111 ) . صدق الله العظيم . أخوكم ياسر عرفات ” [2] .
1. مفهوم الانتفاضة الكبرى الأولى
الانتفاضة الطويلة الكبرى في فلسطين هي الانتفاضة الشعبية التي فجرها الشعب الفلسطيني في 8 كانون الأول عام 1987 حتى أيار 1994 ، بمعنى أنها تواصلت 79 شهرا ، ضد الاحتلال اليهودي – الصهيوني – الإسرائيلي في فلسطين المحتلة ثم تركزت في الضفة الغربية وقطاع غزة مضيفة كما ونوعا جديدا من المقاومة المستمرة للتاريخ الفلسطيني المقاوم . بدأت في فصل الشتاء بفلسطين فكان شتاء ساخنا بكل ما في الكلمة من معنى ، وكان طابعها مدنيا شعبيا ضد الاحتلال العسكري وجماهيريا بالإضراب العام في الأرضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 والامتناع عن الذهاب للعمل في المنشآت الاقتصادية الإسرائيلية في مناطق فلسطين المحتلة الأخرى عام 1948 ( في الجليل والمثلث والساحل والنقب ) . وقد عرفت هذه الانتفاضة بعدة أسماء هي انتفاضة الحجارة وثورة الحجارة ، وثورة الشعب السلمية ، والانتفاضة الفلسطينية الكبرى ، نظرا لطول مدتها .
وكانت هذه الانتفاضة عفوية مباغتة للاحتلال والتيارات السياسية المحلية والإقليمية والعالمية ، في بدايتها ، ثم تبنتها الحركات والفصائل والأحزاب الفلسطينية وأصبحت تغذيها فعليا بالتوجيه والتنظيم والمال لضمان استمراريتها . وقد حاول الاحتلال الإسرائيلي القضاء عليها إلا أنه فشل في ذلك .
2. أسباب انتفاضة فلسطين الكبرى
تعزى انتفاضة فلسطين الكبرى ، بحجمها وشكلها المدني الجماهيري لعدة أسباب وعوامل متلاحمة مع بعضها البعض تتمثل بالآتي [3] :
أولا : القمع العسكري الإسرائيلي : فقد استمرت الملاحقات والاعتقالات والقتل الصهيوني المبرمج للفلسطينيين دون رادع أخلاقي أو قانوني ، وتواصلت عملية هدم البيوت ومصادرة الأراضي الفلسطينية وفرض الضرائب والحرمان من التعليم خارج البلاد . كما تكرست محاولات الاحتلال طمس الهوية الوطنية والشخصية الفلسطينية ، فأصبح الشعب الفلسطيني يعيش في وطنه مضطربا لا يتمتع باستقرار نفسي وعائلي . ولم يكن هناك ردع عربي أو دولي لهذا القمع الصهيوني المتواصل .
ثانيا : الحصار السياسي الشامل المفروض على الشعب الفلسطيني ، وعدم السعي الحثيث لحل قضية فلسطين حلا يرضي بحده الأدنى الشعب الذي مل الاحتلال العسكري ومنغصاته . فبعد خروج الثورة الفلسطينية من لبنان صيف عام 1982 ، انسد الأفق السياسي أمام الناس ، وتزايدت وتيرة الحصار المفروض سياسيا واقتصاديا على المواطنين في الأرض المحتلة ولم تبد الدول العربية والغربية اهتماما كبيرا بالشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال . فكان الرد هو انتفاضة شعبية طويلة الأمد .
ثالثا : تدهور الاقتصاد الفلسطيني ، تدهور الاقتصاد الفلسطيني وسار من سيئ إلى أسوأ بفعل الخنق الاقتصادي الإسرائيلي وتحكمه في المنافذ الداخلية والخارجية لفلسطين فأصبح الاقتصاد الفلسطيني ملحقا وتابعا للاقتصاد الصهيوني . كما تزايدت حالات البطالة بين صفوف الشعب وتدهور الوضع الاقتصادي سنويا باتجاه سلبي . كما صادرت قوات الاحتلال نحو 53 % من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة بذريعة أنها أراضي دولة أو عامة ، أو غائبين ، و11 % عبر تزوير الوثائق [4] . وكذلك فرضت الضرائب بشكل كبير على أهل فلسطين مما أرهقهم ماديا ، وكانت أموال الضرائب المجتباة من الفلسطينيين لا تستخدم للفلسطينيين وإنما تذهب لخزينة الاحتلال ، كما إن غزو البضائع الإسرائيلية للأسواق الفلسطينية سبب تدهورا كبير لاقتصاد فلسطين ولهذا تطرقت نداءات الانتفاضة لهذه المسألة كما جاء في النداء الخامس الصادر عن القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة لمجابهة الحرب الاقتصادية على الفلسطينيين بالامتناع عن دفع الضرائب ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية [5] .
رابعا : محاولات تصفية قضية فلسطين على أيدي الصهاينة والدول الغربية كل من جانبه وحسب ما يخطط له ، لتحقيق المصالح الداخلية والاستعمارية . فجاء الرد بإحياء قضية فلسطين كقضية وطنية حية .
خامسا : الصحوة الإسلامية الناضجة في الأراضي المحتلة عام 1967 . فأصبح الناس في البلاد يعودون إلى إسلامهم الدعوي والجهادي في الآن ذاته ضد الاحتلال وتولدت حاجة للتغيير الفكري والأيديولوجي عبر الكفاح والجهاد بشتى أشكاله وصوره .
سادسا : تراجع قضية فلسطين في الأولويات العربية ، مما سبب الإحباط واليأس الفلسطيني من هذا التراجع العربي ، ففي قمة الوفاق والاتفاق في عمان عام 1987 قبل الانتفاضة تراجعت قضية فلسطين لتحتل المرتبة الثانية بعد قضية الحرب العراقية – الإيرانية مما رسخ قناعة بأن أهل فلسطين أولى بقضيتهم فتنادوا لإعلان الانتفاضة .
سابعا : فتور الاهتمام الدولي بقضية فلسطين ، خاصة في النصف الثاني من العقد الثامن من القرن العشرين الماضي ، بسبب تراجع مكانة الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية الشرقية وتعاظم الهيمنة الغربية – الأمريكية على الوطن العربي وخاصة الجناح الشرقي منه . فسياسة الولايات المتحدة تقوم على الانحياز التام للكيان الصهيوني ، والكتلة الشرقية تقلص دورها كقطب مؤثر في السياسة الدولية وخاصة في المنطقة العربية وبدأت حالة تفككها وتشرذمها تبدو في الأفق .
ثامنا : حوادث الاشتباك المسلح والجماهيري المتقطع . فقد شهدت فلسطين عدة حوادث اشتباكات عسكرية وجماهيرية متقطعة طيلة تلك الفترة ضد الاحتلال الإسرائيلي من مظاهرات هنا وهناك وإلقاء حجارة واشتباكات عسكرية أو تنفيذ عمليات مسلحة ضد أهداف صهيونية عسكرية أو اقتصادية . ومن بين هذه الحوادث حادثة الدهس والقتل العمدي لمجموعة من عمال فلسطينيين عائدين من عملهم من داخل مناطق فلسطين المحتلة عام 1948 ، كانوا يستقلون مركبتين فلسطينيتين عند مدخل قطاع غزة قرب حاجز بيت حانون )( ايرز ) من قبل شاحنة عسكرية يهودية ثم فرارها مما أدى إلى استشهاد أربعة منهم وجرح تسعة آخرين وذلك في 8 كانون الأول 1987 فكانت هذه المجزرة ضد عمال فلسطين شرارة الانتفاضة الفلسطينية المباشرة ضد الاحتلال فكانت لظى نزاعة للشوى ضد الاحتلال الإسرائيلي .
تاسعا : المناداة بتحرير فلسطين بالجهاد ورغبة شعب فلسطين بتولي نفسه بنفسه وتقلد زمام المبادرة لتحقيق الثوابت الفلسطينية وتفجير الثورة ضد الاحتلال بشكل شامل .
3. تفجير انتفاضة فلسطين الكبرى
في أعقاب هذه المجزرة الإسرائيلية ضد العمال الفلسطينيين في 8 كانون الأول 1987 ، وصل الخبر المفجع إلى مخيم جباليا بقطاع غزة ، فاندلعت المظاهرات الحاشدة هاتفة ( الله أكبر .. الله أكبر ) ومرددة الأناشيد الوطنية المناهضة للاحتلال ، فتظاهر أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني قاموا خلالها برشق السيارات العسكرية الإسرائيلية بالحجارة والزجاجات الفارغة فردت قوات الاحتلال بإطلاق العيارات النارية الحية والغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين . وفي اليوم التالي 9 كانون الأول 1987 عم الإضراب الشامل والانتفاضة كافة أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة وبذلك أصبحت ذكرى الانتفاضة التاريخية محفورة في الذاكرة الفلسطينية . وفي 21 كانون الأول نظم يوم الإضراب الكبير الأول في فلسطين بمشاركة كل قطاعات الشعب الفلسطيني شارك فيها العمال الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة والجليل والمثلث والنقب والساحل فالحقوا خسائر ضخمة بالمشاريع الاقتصادية الإسرائيلية [6] .
ثم شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 تظاهرات صاخبة ، امتدت لمختلف مجالات الحياة اليومية العامة للفلسطينيين واليهود على السواء ، فكان صراعا معلنا ضد إجراءات التهويد والتمزيق لفلسطين . وتبع هذه المظاهرات تضامن فلسطيني من المواطنين العرب الفلسطينيين في الجليل والمثلث والنقب والساحل . وصف خليل الوزير ( أبو جهاد ) نائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية ، رئيس لجنة الوطن المحتل ، تفجير الانتفاضة وتصاعدها بقوله :” يجب التأكيد أولا أن الانتفاضة الوطنية الكبرى في الأرض المحتلة هي انتفاضة كل الشعب الفلسطيني بكل فئاته العمرية وبكل شرائحه الاجتماعية وقواه وإتجاهاته السياسية ، إذ لا يوجد بيت واحد في فلسطين المحتلة لم يقدم شهيدا أو جريحا أو أسيرا أو معتقلا . ورصاص جيش الاحتلال يوجه إلى صدور الجميع بلا استثناء ولا تفرقة ولا تمييز . ومن الطبيعي أن تشارك كل القوى في هذه الانتفاضة الكبرى . والتيار الديني هو بالتأكيد إتجاه أصيل في شعبنا الذي يحفظ له التاريخ عدم سقوطه في التعصب أو المذهبية . والثورة الفلسطينية هي بالأساس حركة جهادية مناضلة ، وثورة مستمرة على الاحتلال ، الذي هو الباطل نفسه ، والثورة هي بهذا المعنى المسؤولة عن كل الوضع في الأرض المحتلة . وقد حاولت سلطات الاحتلال في بداية الانتفاضة أن تثير تناقضا بين قوى شعبنا بجانب المحاولة المكشوفة للطعن في شمولية منظمة التحرير الفلسطينية لشعبنا وقيادتها لانتفاضته الكبرى . كما سعت سلطات الاحتلال إلى محاولة استعداء الرأي العام الغربي على الانتفاضة انطلاقا من إثارة موجه التعصب الديني ، أو بالربط المزعوم بين الاتجاهات الإسلامية وبين ما يسمى بالحركات الإرهابية . لكن هذه المزاعم لم تصمد طويلا وانهارت تماما ، إذ اكتشف العالم كله مع استمرار الانتفاضة وتصاعدها أن الشعب الفلسطيني كله يناضل تحت العلم الفلسطيني وراية منظمة التحرير الفلسطينية ” [7] .
4. أهداف انتفاضة فلسطين الكبرى
سعى الشعب الفلسطيني عبر تفجير انتفاضة فلسطين الكبرى ما بين 1987 – 1994 ، إلى تحقيق عدة أهداف سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ونفسية ، تمثلت بتطبيق الثوابت الفلسطينية بحدها الأدنى ، وذلك على النحو التالي :
أولا : تحقيق الثوابت الفلسطينية :
1. إقامة دولة فلسطينية مستقلة في أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف وتمكين شعب فلسطين من تقرير مصيره والحصول على الحرية والاستقلال . فجاءت هذه الانتفاضة لمطالبة الاحتلال الصهيوني بالانسحاب من فلسطين المحتلة عام 1967 ، عبر مطالب متدرجة على شكل مراحل تعرضت بين شد وجذب بين فصائل وحركات المقاومة الفلسطينية الوطنية والإسلامية .
2. تفكيك المستعمرات اليهودية في أرض فلسطين المحتلة عام 1967 .
3. تمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة لبيوتهم في ديارهم الأصلية دون قيد أو شرط .
4. تقوية الاقتصاد الفلسطيني : تمهيدا للانسلاخ عن الاقتصاد الإسرائيلي القوي الذي يبتلع الاقتصاد الفلسطيني بكافة أجنحته الزراعية والصناعية والتجارية والسياحية والخدمية .
ثانيا : تحقيق المطالب الوطنية المرحلية :
تضم عدة مطالب : 1. إخلاء سبيل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب من السجون والمعتقلات الإسرائيلية .
2. وقف المحاكمات العسكرية الصورية والاعتقالات الإدارية السياسية والإبعاد والترحيل الفردي والجماعي للمواطنين والنشطاء الفلسطينيين .
3. السماح بلم شمل العائلات الفلسطينية من الداخل والخارج .
4. وقف فرض الضرائب الباهظة على المواطنين والتجار الفلسطينيين .
5. وقف حل هيئات الحكم المحلي المنتخبة من مجالس بلدية وقروية ولجان مخيمات في الأرض الفلسطينية المحتلة .
6. إتاحة المجال أمام تنظيم انتخابات محلية ديموقراطية للمؤسسات في البلاد .
7. وقف ارتكاب الكبائر في المجتمع الفلسطيني ومنع تقليد العادات والتقاليد الصهيونية الدنيئة من أخلاق فاسدة وتعاطي المنكرات .
على أي حال ، ورد في النداء أو البيان رقم ( 2 ) الصادر عن القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة في المناطق المحتلة في 10 كانون الثاني عام 1988 عن أهداف وشعارات الانتفاضة ما يلي :
” إن القيادة الموحدة لتصعيد الانتفاضة إذ تؤكد على مواصلة النضال وبكافة أشكاله لرفع رايات منظمة التحرير الفلسطينية حتى تحقيق أهداف شعبنا السامية في العودة وتقرير المصير وبناء دولتنا الفلسطينية المستقلة بقيادة المنظمة لتدعو كافة جماهير شعبنا البواسل إلى النضال من أجل إنجاز شعارات الانتفاضة الأساسية والمباشرة والتي تتمثل في :
· وقف سياسة القبضة الحديدية ، وإلغاء العمل بقوانين الطوارئ البائدة بما في ذلك إلغاء كافة قرارات الإبعاد .
· تحريم انتهاك وتدنيس المقدسات الدينية وإخلاء الإرهابي شارون من البلدة القديمة بالقدس .
· سحب الجيش من المدن والمخيمات والقرى وحظر أعمال الاستفزاز التي يقوم بها ، وتحريم إطلاق الرصاص على أبناء شعبنا الأعزل .
· حل اللجان البلدية والقروية ولجان المخيمات المعينة من قبل سلطات الاحتلال ، وإجراء انتخابات ديموقراطية لكافة المجالس البلدية والقروية في الضفة الغربية وقطاع غزة .
· إطلاق سراح كافة معتقلي الانتفاضة فورا ، وإغلاق معتقلات الفارعة ، وأنصار 2 ، وأنصار 3 ، والظاهرية .
· إلغاء الضريبة الإضافية المفروضة تعسفيا على تجار شعبنا .
· وقف مصادرة الأراضي ، ووقف بناء المستوطنات ، واستفزازات قطعان وسوائب المستوطنين .
· تحريم مداهمة وإغلاق المؤسسات التعليمية والنقابية والجماهيرية المختلفة ، وحظر تدخل سلطات الاحتلال بشؤونها الداخلية .
من جهته ، وصف الرئيس ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، انتفاضة فلسطين الكبرى بقوله :” إن الانتفاضة المباركة ، قد أضاءت الوجدان العربي كله من المحيط إلى الخليج ، بالعزة والكرامة وبشرى النصر . وأكدت باليقين أن هذه الأمة تملك من قوة الإيمان ومن جزالة العطاء ومن الاستعداد للتضحية والفداء ، ومن روح الشهادة والشهداء ما يجعلها قادرة على تحقيق الانتصار على أعدائها … ولتنير الدروب لكل من يحب الحرية ويعشق الخير والعدل والسلام في هذا العالم ” [8] .
لقد كانت الانتفاضة الشعبية ثورة حقيقة في أرض الوطن الفلسطيني حيث : ” إن الانتفاضة تشكل منعطفا تاريخيا فذلك لأنها أعادت وبقوة طرح قضيتنا الفلسطينية بصورتها وجوهرها على العالم كقضية شعب يناضل من أجل حريته وحقوقه الوطنية المشروعة ، ولأنها ببقائها دشنت أيضا مرحلة جديدة في العمل الجماهيري تتميز بقدر أكبر من الثقة بالنفس والتحدي للاحتلال ، وفتحت آفاقا لتطوير العمل الجماهيري والارتقاء به إلى مستوى أعلى . وهذا يؤكد مجددا القدرة الهائلة التي يمتلكها التحرك الجماهيري المنظم ” [9] .
5. أساليب انتفاضة فلسطين الكبرى
لجأت فعاليات الانتفاضة الفلسطينية الكبرى الأولى في البلاد إلى تنفيذ عدة أساليب كإجراءات مناهضة للاحتلال الإسرائيلي ، في حرب مفتوحة ومستمرة ، وقتال من أجل الحرية والخلاص الوطني . من أبرزها :
أولا : المقاومة المدنية :
اتصفت المقاومة المدنية الفلسطينية ، بالعنف غير الشديد ، وإتخذت عدة أشكال من أهمها :
1. تنظيم المظاهرات الشعبية المناهضة للاحتلال . شاع هذا النوع من الانتفاضة بشكل كبير خاصة في المدن والمخيمات والبلدات الفلسطينية الكبرى طيلة فترة الانتفاضة . وكانت هذه الانتفاضة تتجدد تلقائيا عند تشييع جثامين الشهداء ، وفي المناسبات الوطنية كذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية والحركات والفصائل الإسلامية والوطنية وذكرى المجازر الصهيونية ضد شعب فلسطين .
2. الإضراب العام الشامل ، الذي يعم كافة مناحي الحياة من عمل وتعليم وتنقل وتجارة وخدمات . وكانت الخدمات الصحية كالمشافي والعيادات الداخلية والخارجية تستثنى من الإضراب الشامل .
3. الإضراب الجزئي الذي يشمل قطاعات معينة من الحداد على الشهداء ، أو الإضراب عن العمل في المنشآت الاقتصادية الإسرائيلية ليوم واحد أو أسبوع أو أكثر . وإغلاق المحلات التجارية في المناطق الفلسطينية بعد الساعة الحادية عشرة قبل الظهر يوميا .
4. العصيان المدني : تمثل بعدم إطاعة الأوامر العسكرية الإسرائيلية والامتناع عن دفع الضرائب ، وعدم دفع الرسوم المالية لترخيص السيارات وعدم تجديد المعاملات العادية . وأشتمل هذه النوع من المقاومة الشعبية الفلسطينية على دعوة الشرطة العربية المستخدمة كجناح خاص للشرطة الإسرائيلية للاستقالة وفي حالة رفض هؤلاء طوعا كانت قوات الانتفاضة الميدانية تجبرهم على ذلك كرها باعتقالهم والتحقيق معهم وجلدهم . كما طلب من العاملين العرب في أجهزة الإدارة المدنية الإسرائيلية الاستقالة ، وطلب من المخاتير في المدن والقرى والمخيمات الاستقالة من مناصبهم ورمي الأختام لسلطات الاحتلال الإسرائيلي .
5. إصدار بيانات بأسماء عملاء الاحتلال لفضحهم وتعريتهم أمام الجمهور الفلسطيني وحماية أبناء الشعب من أحابيل الاحتلال ودسائسه . وقد قتل بعض هؤلاء العملاء المشهورين .
ثانيا : التدمير الاقتصادي :
وذلك عبر القيام بمقاطعة البضائع والمنتجات الإسرائيلية ، ذات البديل الفلسطيني أو العربي أو الإسلامي أو العالمي ، ومنعها من التوزيع في الأسواق الفلسطينية ، وكذلك تخريب عام أو جزئي في المنشآت الاقتصادية الإسرائيلية من مصانع وشركات ومؤسسات ، وتدمير شبكات مياه وكهرباء وإحراق غابات يهودية في المستعمرات اليهودية وسواها .
ثالثا : الكفاح الشعبي :
إشتمل على قذف الآليات العسكرية الإسرائيلية بالحجارة ( ثورة الحجارة ) والزجاجات الفارغة والحارقة وإشعال النيران في إطارات السيارات التالفة ، ورمي المسامير والزيوت المعدنية ووضع الحواجز الحجرية والزجاجية والحديدية في شوارع المستوطنات اليهودية والشوارع التي تستخدمها قوات الاحتلال وإحراق دوريات عسكرية وباصات وسيارات يهودية . وتوزيع منشورات تحرض على الثورة تبين كيفية إعداد واستخدام القنابل الزجاجية الحارقة وكرات اللهب المشتعلة وكرات الرصاص والزجاج والقوس والنشاب . ورفع الإعلام الفلسطينية على الأماكن العامة من مدارس ومساجد وكنائس وفوق أعمدة الهاتف والكهرباء وأسطح المنازل . إضافة إلى كتابة الشعارات الوطنية والإسلامية على جدران البيوت والأماكن العامة التي تدعو للمقاومة والتصدي لقوات الاحتلال . ورفض المواطنون دعوات ضباط الحكم العسكري والإدارة المدنية الإسرائيلية للحضور لمقابلة ضباط المخابرات الإسرائيلية للتحقيق معهم كما كان يحدث قبل الانتفاضة ، فكان لسان حال الرد الفلسطيني ( زمن أول حول ) بمعنى رفض الاستدعاء الإسرائيلي لهم . وكذلك دهس جنود يهود بسيارات عربية أثناء دورياتهم الراجلة .
رابعا : التعبئة القومية والإسلامية :
لجأت القوى الوطنية والإسلامية إلى تعبئة جماهير الشعب تعبئة وطنية وإسلامية جهادية لضمان استمرارية الانتفاضة ، فعملت على نشر الكتيبات والبيانات والكراسات الجهادية المنادية بخوض الجهاد بكافة أشكاله .
خامسا : الكفاح المسلح :
تخلل انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى بعض العمليات العسكرية ضد الأهداف الإسرائيلية مثل عملية ديمونا بالنقب عام 1988 ، مما كبد الصهاينة خسائر تمثلت بقتلى وجرحى ، وأشتمل هذا النوع من الكفاح اختطاف جنود يهود لمبادلة أسرى بهم ، وملاحقة وقتل العملاء وسماسرة الأراضي فرديا وجماعيا . كما ضم هذه النوع ( حرب السكاكين ) بهجوم فلسطينيين على جنود ومستعمرين يهود بالسكاكين مما ألحق بهم خسائر كبيرة ، وألقى الرعب في قلوبهم . فمثلا اقتحم عشرات المواطنين بيوت بعض العملاء وأحرقوها وقتلوا هؤلاء العملاء . لقد شملت هذه الفعاليات الفلسطينية الأهداف اليهودية – الصهيونية – الإسرائيلية عسكريا ومدنيا ، اقتصاديا ومؤسسيا ، في كافة أرجاء فلسطين ، مع تركزها في فلسطين المحتلة عام 1967 . واستطاعت القوات الميدانية الضاربة من إحكام السيطرة الليلية على مئات المواقع الفلسطينية في المدن والقرى والمخيمات . وكان يتم الإعلان عن هذه المناطق ( مناطق محررة ) بعد إخراج قوات الاحتلال منها .
6. وسائل انتفاضة فلسطين الكبرى
استعملت فعاليات انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى عدة وسائل لبث دعايتها وتحفيز جماهير الشعب على المشاركة الايجابية في المقاومة الشاملة . وتمثلت هذه الوسائل بما يلي :
أولا : إصدار البيانات الرسمية : وكانت هذه البيانات أو النداءات المكتوبة موقعة من القيادة الوطنية الموحدة ( حركة فتح ، والجبهتين الشعبية والديموقراطية وحزب الشعب ) ، أو من حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) أو حركة الجهاد الإسلامي ، كل منها منفردة أو بدعوة عامة شاملة متزامنة مع بعضها البعض لاستقطاب جماهير الشعب للانتفاضة . وكانت هذه الدعوات تلقى استجابة كاملة أو جزئية أحيانا إلا أن الاضرابات الشاملة كانت تلقى استجابة تامة كون قوات الانتفاضة تابعت عملية التنفيذ على أرض الواقع . وكذلك كان هناك خطابات رسمية سنوية وموسمية ، للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ، يحث فيها على الجهاد في سبيل الله والذود عن حياض فلسطين لتحريرها من الغزاة الصهاينة .
ثانيا : النداءات المسجدية : مثلت المساجد وسيلة عامة مهمة في الدعوة لتنفيذ فعاليات الانتفاضة . فميكروفونات المساجد الفلسطينية كانت بمثابة إذاعات ثورية تبث النداءات السياسية والعسكرية والجماهيرية لأبناء الشعب الفلسطيني كل في منطقته . وكان تأثير الإذاعات المسجدية الموحدة في المدن الرئيسية كمدينة نابلس قويا كونه يسمع عشرات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين ويدعوهم إلى المشاركة في التظاهرات .
ثالثا : الكتابات الجدرانية : كانت شوارع وجدران فلسطين ومباني الأماكن العامة من مدارس ومساجد ونوادٍ ومؤسسات وجمعيات خيرية ومصانع وتجمعات شعبية أخرى ، مسرحا لبث النداءات الشعبية للانتفاضة الفلسطينية الكبرى . وتضمنت شعارات القيادة الموحدة للانتفاضة : لتستمر الانتفاضة ، تحية لأطفال الحجارة ، ثورة حتى النصر ، نموت واقفين ولن نركع ، فتح في كل مكان ، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار . فلنقاطع العمل في المستوطنات . العودة للأرض واجب وطني ، الدولة الفلسطينية على مرمى حجر ، سنجعل من غزة مقبرة للغزاة ، عيدنا يوم عودتنا واستقلالنا ، نعم للوحدة الوطنية ، فلسطين عروس مهرها دماء الشهداء ، قاطعوا البضائع الإسرائيلية ، الانتفاضة ضمير الشعب والشعب ضمير الثورة . يوم كذا إضراب شامل ، يوم كذا حداد . كما تضمنت شعارات حركة فتح : فتح مرت من هنا ، الموت للعملاء المتساقطين ، فتح نور على من اهتدى ونار على من اعتدى ، لتستمر الانتفاضة . وركزت شعارات حركة حماس على : أبطال حماس في فلسطين أسطورة القرن العشرين ، الله أكبر ترهب الصهاينة ، إن تنصروا الله ينصركم ، انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم ، أقسمت حماس على تحرير كامل فلسطين ، بالخنجر والشبرية وآية قرآن نقضي على الصهيوني والأمريكان ، جند حماس للأقصى حراس ، حماس هي الأساس ، حماس هي الخلاص ، حماس للناس نبراس ، حماس وفيه : للأرض والقضية ، خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود ، على درب القسام سائرون ، كبر يا مسلم كبر رأس الصهيوني دمر ، نعم للدولة الإسلامية ، نعم للحجر لا للمؤتمر . وأما حركة الجهاد الإسلامي فتبنت عدة شعارات منها : الجهاد الإسلامي هو طريق الكفاح المسلح ، الجهاد نور ومنة صقور ، اظهر اظهر يا جبان الجهاد بطل الميدان ، الله غايتنا والجهاد دربنا لا للانتخابات .. لا للحكم الذاتي .. لا لأي بديل عن تحرير كامل فلسطين ، لا صوت يعلو فوق صوت الله ، الله أكبر ، الله أكبر والنصر للإسلام وسواها [10] .
رابعا : التجمعات المنظمة : من المؤتمرات والندوات والمحاضرات واللقاءات عامة وخاصة بيوت العزاء للشهداء وذلك لنشر فعاليات الانتفاضة الشعبية المقبلة ليوم واحد أو لأسبوعين أو عدة أسابيع . فقد نظمت الحركات الطلابية في الجامعات الفلسطينية والنقابات المهنية والعمالية والأحزاب والحركات السياسية مؤتمرات ومهرجانات تدعو للمقاومة والتحرير .
خامسا : الإعلام الميداني : عبر اللجوء إلى إذاعة قرارات وبيانات الانتفاضة بميكروفونات متنقلة ينادي بها نشطاء ميدانيون في شوارع المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية . منها هذه الأناشيد الميدانية : أعلناها سوية … غزة وضفة غربية ، انتفاضتنا شعبية … بدها دولة وهوية … أعلناها سوية … جميعنا فلسطينية ، إسلام ومسيحية : بغزة والضفة الغربية ، وحدة وحدة وطنية : فتح وجبهة شعبية … ثورة على الاحتلال والإدارة المدنية . لنعلي راية فلسطين : بدولتنا الديموقراطية … انتفاضتنا شعبية : وثورتنا فلسطينية ، بنرفع راية السلام … وبنهتف للحرية .. وبنتمسك بالبارودة وبالشرعية الدولية . وكذلك : يا شهيد ارتاح ارتاح ، وإحنا حنواصل الكفاح ، بالروح بالدم نفديك يا شهيد ، لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله . يا شباب انضموا انضموا والشهيد ضحى بدمو . وأما هتافات حركة حماس فمن بينها : ثورة ثورة عالمحتل : وغير المصحف ما فيه حل ، لا إله إلا الله .. والصهيوني عدو الله ، الله أكبر بسم الله ، الله أكبر بسم الله ، خيبر خيبر يا يهود : جيش محمد سوف يعود .. كبر يا مسلم كبر ، راس الصهيوني دمر .. كبر يا مسلم كبر ، عرش الصهيوني دمر .. يا درزي يا جبان .. والله لأكتب عالحيطان .. شعب الأقصى ما بنهان .. كل الشعب كبار وصغار : والجميع بيرمي حجار ، ويا للعار ويا للعار ، اليهود بتطلق نار ، حطوا الميه عالنحاس : وإحنا أولادك يا حماس .. انتفاضتنا شعبية : والدولة الإسلامية .. لا شرقية ولا غربية .. ولا قومية عربية .. فلسطين إسلامية [11] .
سادسا : وسائل الإعلام الجماهيرية : من إذاعات وتلفزيونات ووكالات أنباء خارجية . وهذه كانت رديفا للوسائل الفلسطينية الذاتية لا يعتمد عليها كليا . إلا أنها خدمت انتفاضة فلسطين خدمة جليلة . لقد أدى استخدام هذه الفعاليات الفلسطينية المتعددة إلى تكبيد العدو الصهيوني خسائر بشرية واقتصادية واجتماعية ضخمة . جعلته يعيد النظر في حساباته السياسية والاقتصادية السابقة ، والتعاطي مع قضية فلسطين وفق منطلقات جديدة فرضتها عليه فعاليات الانتفاضية الشعبية المتزايدة .
وعلى الصعيد الفلسطيني ، سعت الانتفاضة إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم الاقتتال الداخلي لجني ثمار الانتفاضة فكرست التكافل الاجتماعي والتعاون المجتمعي بين أفراد الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده ، في فلسطين بجناحيها المحتل عام 1948 وعام 1967 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 – 1994 … Empty
مُساهمةموضوع: رد:  انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 – 1994 …    انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 – 1994 … Emptyالجمعة 27 مايو 2016, 8:30 am

7. مشاركة شعب فلسطين بالانتفاضة الكبرى
بدأت انتفاضة فلسطين الكبرى بشكل عفوي في بداية الأمر ، منذ بداية ردة الفعل والهبة الجماهيرية الشعبية على مجزرة بيت حانون في 8 كانون الأول 1987 ، من مظاهرات تشييع جثامين شهداء المجزرة الصهيونية ضد العمال الفلسطينيين ، ثم تشعبت فعالياتها بعد تبنيها وبرمجتها والتخطيط لها من الحركات والجبهات والأحزاب الفلسطينية . فقد نعت منظمة التحرير الفلسطينية هؤلاء العمال القتلى واعتبرتهم شهداء ، وأصدرت البيانات السياسية لتبيان ذلك . وكذلك الحال اعتبرتهم الحركات الإسلامية شهداء وعملت على تكريم عائلاتهم . وتركزت القوى المنظمة والمبرمجة للانتفاضة بثلاث قوى أساسية وقوى أخرى جانبية وهي :
أولا : القيادة الوطنية الموحدة ( ق . و . م ) :
مثلت أربع قوى سياسية وعسكرية وطنية فلسطينية هي : حركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) ، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، والجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين ، وحزب الشعب الفلسطيني ( الشيوعي سابقا ) . وهي القوى الأساسية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، كانت بياناتها تصدر بالتعاون والتنسيق مع الفصائل الأم خارج فلسطين . وأكدت القيادة الوطنية الموحدة مرارا وتكرارا على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، بل إن نداءاتها صدرت بتوقيع واحد مذيلا باسم منظمة التحرير الفلسطينية ثم القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة . وقد شكلت فصائل القيادة الموحدة ميليشيات شعبية أو قوات ضاربة ميدانية لتنفيذ قراراتها فقد أنشأت حركة فتح عدة تشكيلات شعبية ، منها عسكري والآخر شبه عسكري أو مدني مثل : القوات الضاربة ، الجيش الشعبي ، فرقة الفهد الأسود ، وفرقة صقور فتح ، وكتائب الشهيد أبو جهاد ( بعد استشهاده في 16 نيسان 1988 حيث اغتالته قوات الاحتلال بغارات وهجوم بري وجوي على قيادته في تونس ) . كما أنشأت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فرقة النسر الأحمر كجناح ميداني ضارب لها ، وفرقة النجم الأحمر للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين . وفيما يتعلق بحركة التحرير الوطني الفلسطيني ( فتح ) ، فقد اتخذت أشكال المقاومة في مراحل الانتفاضة ثلاثة أشكال هي [1] :
1. إصدار التعاميم : وهي عبارة عن منشورات عامة توضح كيفية المواجهة مع الاحتلال الصهيوني باستخدام وسائل شعبية للمقاومة ، وتبين كيفية تصنيع واستخدام القنابل الزجاجية الحارقة ، وكرات اللهب المشتعلة ، وقطع الحديد المسننة وكرات الرصاص والزجاج والقوس . مما اثر على معنويات جنود الاحتلال سلبيا .
2. تشكيل الجهاز العسكري الذاتي للانتفاضة : تم فرز أعضاء اللجان أو القوات الضاربة كجهاز عسكري ذاتي للانتفاضة من بين أعضاء الشبيبة الفتحاوية في كافة المواقع والأحياء كونها نواة صلبة لمرحلة العصيان الشامل .
3. الدوريات القتالية : وهي عبارة عن خلايا للمقاومة المسلحة تستخدم الأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية ضد الأهداف العسكرية الصهيونية النوعية والمنتخبة خارج النطاق الجغرافي للانتفاضة . أطلقت صواريخ كاتيوشا على مستعمرات العدو الصهيوني من لبنان باتجاه فلسطين المحتلة ، ومهاجمة مواقع في النقب جنوب فلسطين . ففي اليوم التسعين للانتفاضة تمكنت وحدة فدائية عسكرية فتحاوية من ضرب هدف عسكري في قلب منطقة المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونة بالنقب ( وعلى إثرها قررت الحكومة الإسرائيلية تصفية خليل الوزير ( أبو جهاد ) فاغتالته في 16 نيسان 1988 ) بمشاركة طاقم مؤلف من مئات الأشخاص .
ثانيا : حركة المقاومة الإسلامية (حماس ) .
أنشأت حركة حماس جناحا عسكريا لها لمقاومة الاحتلال أطلقت عليه في مرحلته الأخيرة ( كتائب عز الدين القسام ) عام 1993 . الذي عمل على تنفيذ فعاليات الانتفاضة الفلسطينية الكبرى . لقد مارس الجناح الجماهيري لحماس مهمة إصدار البيانات والنشرات والدعوة للاضرابات والمواجهات والتظاهرات وتدبير الشؤون الحياتية اليومية للانتفاضة وذلك بالتعاون مع الأجهزة الأخرى في الحركة . ولم تبد حماس استعدادا لدخول القيادة الوطنية الموحدة بل آثرت المشاركة في الانتفاضة وحدها ، كونها حركة إسلامية جهادية فتية ، قرنت نشأتها وتحولها من جماعة الإخوان المسلمين إلى حركة إسلامية فلسطينية تجاهد من أجل الحرية وتخليص فلسطين الإسلامية من براثن الصهيونية .
ثالثا : حركة الجهاد الإسلامي .
عملت حركة الجهاد الإسلامي على تنظيم أجنحتها العسكرية والجماهيرية لخوض معركة الانتفاضة الشعبية الفلسطينية بمختلف الصور والأشكال ما استطاعت إلى ذلك سبيلا . ولم تفضل الجهاد الإسلامي الدخول في وحدة تنظيمية تحت إطار القيادة الوطنية الموحدة كونها هي الأخرى تنطلق من منظور إسلامي وتريد إثبات وجودها وفعاليتها على الساحة الفلسطينية العامة . وقد أنشأت حركة الجهاد الإسلامي جناحا عسكريا ضاربا لها أطلقت عليه ( سرايا القدس ) ولا بد من القول ، إن فعاليات الجهاد الإسلامي في الانتفاضة رسخت وجودها على أرض الواقع كحركة إسلامية فلسطينية مقاتلة .
وفي الوقت ذاته ، كان هناك تنسيق بين الجهاد الإسلامي وحركة حماس في بعض البيانات المشتركة وتنظيم دعوات مشتركة للإضراب العام والمواجهة مع الاحتلال .
رابعا : القوى المشاركة الأخرى :
مثل جبهة التحرير العربية ، والصاعقة ، والجبهة الشعبية – القيادة العامة وجبهة النضال الشعبي وغيرها من المنظمات الفلسطينية الصغيرة الأخرى . وأحيانا كانت تصدر هذه القوى الإسلامية والوطنية نداءات موحدة ، وأحيانا كانت تصدر حركتا حماس والجهاد الإسلامي بيانات مشتركة للدعوة لأيام فعاليات شعبية للمقاومة العامة . وقد اندفع أبناء الشعب الفلسطيني في مظاهرات ومسيرات ضخمة في الشوارع والطرقات منددين بسياسة الاحتلال ومطالبين بالحرية والاستقلال . فرفعوا اللافتات والأعلام الفلسطينية ورددوا الأناشيد والأهازيج الوطنية والتراثية الفلسطينية ، وألقيت الكلمات الحماسية في المؤتمرات والمهرجانات والمظاهرات ، وأضرمت النيران في إطارات السيارات المستعملة ، ووضعت المتاريس والحواجز الحجرية في الشوارع العامة ومداخل المستعمرات اليهودية . وسلمت المطالب والعرائض والوثائق لمكاتب الصليب الأحمر في البلاد تحتج على الإجراءات القمعية الصهيونية ضد أبناء شعب فلسطين .
على أي حال ، ضمت الانتفاضة جميع الفئات الاجتماعية في الشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة مجسدة شكلا ثوريا متقدما للوحدة الوطنية بمشاركة كافة القوى الوطنية الفاعلة والشخصيات والفعاليات والتيارات والاتجاهات الوطنية والإسلامية . ولم تقتصر الانتفاضة على فلسطين المحتلة عام 1967 فحسب وإنما امتدت إلى مناطق الجليل والمثلث والنقب والساحل حيث نظمت التظاهرات وعمليات التصدي والمواجهة لتثبت أن شعب فلسطين شعب واحد في أرض فلسطينية تاريخية واحدة .
8. برنامج انتفاضة فلسطين الكبرى
وضعت منظمة التحرير الفلسطينية ، برنامجا استراتيجيا ، وآخر مرحليا ، لتحقيقه من انتفاضة فلسطين الكبرى ، للسير قدما من الأصغر للأكبر ، حيث أسقطت انتفاضة فلسطين النظريات التخاذلية العربية اللاهثة خلف سراب الحل السلمي وانتزاع الأرض العربية من الاحتلال الصهيوني .
وكان هذا البرنامج يتلخص – كما كشف عنه – مهندس الانتفاضة الفلسطينية ، خليل الوزير بقوله : ” نحن لن نهدر أي فرصة مواتية للتخفيف عن آلام شعبنا الفلسطيني ، وإزاحة وطأة الاحتلال الهمجي من على كاهله ، باعتبارها خطوة مرتبطة بالتصفية الكاملة للاحتلال . ولذلك لا نرهن هذا الهدف المرحلي بأهدافنا الاستراتيجية البعيدة ، فكل مكسب ينتزع من سلطات الاحتلال هو مسمار جديد في نعشه ، وهو خطوة جديدة نحو التحرير والحرية . نحن مع شعبنا نناضل من أجل انتزاع وتحقيق برنامج الانتفاضة المرحلي الذي يجسد يوما بعد يوم ولادة السلطة الوطنية الفلسطينية التي تترسخ على أنقاض سلطة الاحتلال الإسرائيلي . وفي الوقت نفسه نعمل على تركيب معادلة فلسطينية – عربية – دولية لانتزاع شروط أفضل لشعبنا ليواصل في ظلها انتفاضته ونضاله حتى يرغم الاحتلال على السير في الطريق المحتوم لهزيمته ورحيله النهائي عن بلادنا ” [2] .
9. مراحل انتفاضة فلسطين الكبرى
مرت انتفاضة فلسطين الكبرى الثانية الطويلة بعدة مراحل متسلسلة ومتداخلة أحيانا ، إلا أنها امتنعت عن استخدام السلاح في المراحل الأولى لها . وتمثلت هذه المراحل بست مراحل ثورية متشابكة مع بعضها البعض ، تسلسلت تدريجيا على النحو التالي :
أولا : مرحلة التمهيد العفوية :
تمثلت هذه المرحلة بمشاركة شعبية عفوية غير منظمة ، ناجمة عن الحماسة والاندفاع الوطني والشعور بالحاجة للانطلاق لمقاومة الاحتلال الصهيوني بأي وسيلة متاحة . فبدأت بتشييع جثامين شهداء المجزرة في 8 كانون الأول 1987 والدعوة للانتقام لمقتلهم بهذه الطريقة الوحشية عن طريق الدهس المقصود . ولا نعني بمرحلة العفوية أنها هبة عاطفية سرعان ما تختفي بل هي امتداد تاريخي لانتفاضات فلسطينية أخرى ، جاءت ردة فعل مباشرة على العدوان الإسرائيلي : ” إن هذه الانتفاضة الباسلة داخل الوطن المحتل ليست هبة عاطفية بل نتيجة لتراكمات نضالية وحركة تفاعل منظم ” [3] .
ثانيا : الإعداد والتنظيم العام :
تمثلت هذه المرحلة بالانتقال من مسالة العفوية التي بدأت فيها الانتفاضة للتنظيم المؤطر بإشراف القوى السياسية الوطنية والإسلامية لقيادة فعاليات النضال ضد الاحتلال الأجنبي . فنظمت القوى السياسية نفسها بإنشاء الأجنحة الميدانية لها لتطبيق قراراتها وتوجيهاتها على أرض الواقع . وهذه المرحلة مهمة كونها نقلت مرحلة النضال من الارتجال إلى تصميم البرامج والخطط وطرحها لجمهور الشعب .
ثالثا : المشاركة الشعبية :
حيث عمت الاضرابات العامة ، والتظاهرات الشاملة مختلف أرجاء فلسطين بأعداد كبيرة قدر عدد المشاركين في بعضها بعشرات الآلاف من المواطنين ، تحدوا قرارات قوات الاحتلال بمنع التجول . دعت قوى الانتفاضة في هذه المرحلة بداية لمقاطعة منتجات يهودية منتقاة وتقليل الاعتماد على البضائع الإسرائيلية ثم امتدت وتطورت لتشمل مقاطعة أجهزة الحكم العسكري والإدارة المدنية وهيئات الحكم المحلي التي يشرف على إدارة شؤونها ضباط عسكريون يهود أو شخصيات موالية للاحتلال .
رابعا : بناء المؤسسات الجماهيرية .
دعت فعاليات الانتفاضة في هذه المرحلة إلى الاعتماد على الذات الفلسطينية لإدارة الشؤون المحلية من المياه والكهرباء وحل المنازعات ( لجان الإصلاح الاجتماعي ) ، واستقالة الموظفين العرب في الدوائر الحكومية العامة التي يسيطر عليها الاحتلال مثل قطاع الشرطة ومسؤولو الإدارات البلدية المعينة من الاحتلال ، واستقالة العاملين في الضرائب ، والمناداة بملء فراغ المؤسسات المحلية بالبناء الشعبي الوطني . وهذه المرحلة شهدت إقامة نظام التعليم الشعبي للرد على إغلاق المدارس وشهدت بناء اقتصاد فلسطيني ناشئ قائم على الزراعة وتربية الأغنام والدواجن والتصنيع المحلي . ويمكن وصف هذه المرحلة بأنها مرحلة إنشاء الإدارة المدنية الوطنية الفلسطينية كمؤسسات جماهيرية .
خامسا : تصاعد الكفاح المسلح :
شهدت هذه المرحلة تزايد العمليات العسكرية ضد الاحتلال ، لأن المقاومة المدنية كالتظاهرات والمسيرات والمقاطعة أخذت دورها وجاء دور متقدم عنها تمثل في التشكيل العسكري من فصائل الثورة الفلسطينية والحركات الإسلامية المجاهدة . بدأت هذه المرحلة مطلع عام 1992 ، في أعقاب عدم جدوى الفعاليات السلمية ، والحاجة للرد العسكري على بطش وجبروت الاحتلال ، وتراجع وتيرة مؤتمر مدريد للسلام في المنطقة وعدم التوصل لحل سلمي حقيقي يلبي الطموحات والأماني الوطنية الفلسطينية .
سادسا : مرحلة التراجع العام :
بدأت مرحلة الانكفاء على الذات وعدم المشاركة في فعاليات انتفاضة فلسطين الكبرى لعدة عوامل وأسباب من أبرزها [4] :
1. الإرهاب العسكري الإسرائيلي : اعتقال عشرات الآلاف وجرح عشرات الآلاف الآخرين ، مما أفقد القوى السياسية للمبادأة والاستمرارية الطويلة . فقد أدت عملية اعتقال قيادات الانتفاضة الأولى إلى ظهور صف جديد ثاني ، اعتقل لاحقا ، فظهر صف قيادي ثالث اقل كفاءة وجماهيرية ، وأثناء انتقال الانتفاضة من صف إلى صف تعرضت لهزات أمنية وعسكرية وشعبية أفقدها الكثير من الزخم الشعبي والتنظيمي والعملي مما سبب تراجعا ملحوظا .
2. الصراع التنظيمي الميداني بين القوى الإسلامية والوطنية . فالقيادة الموحدة دبت في ثناياها الخلافات ، ونشبت الخلافات مع القوى الإسلامية والوطنية حول فعاليات معينة وبرامج سياسية متباينة . أدت هذه الصراعات الجانبية إلى مقتل وجرح عشرات الفلسطينيين على أيدي فلسطينيين آخرين نتيجة التناحر السخيف على هذه المسألة أو تلك .
3. فترة الانتفاضة الطويلة : إن طول فترة الانتفاضة أدى إلى تضعضع نفسيات الشعب ورغبته في إنهائها في ظل تصاعد الخلافات واستعار حدة المناكفات العشائرية والتنظيمية .
4. الاختراق الأمني الإسرائيلي وافتعال الفتن الداخلية في صفوف أبناء شعب فلسطين . فبرزت الطائفية التنظيمية والحزبية الضيقة فتصادمت هذه القوى فيما بين أعضائها وقياديها ودست بيانات مزورة مما أفقد ثقة الناس بهذه القوى السياسية المتصارعة . وأدت هذه الاختراقات الأمنية للقوى السياسية الفلسطينية إلى شن حرب نفسية على الفلسطينيين بصورة سلبية مؤثرة على النفسية العامة .
5. الإعلام الصهيوني المبرمج : استند الإعلام الصهيوني على حرب دعائية سياسية اقتصادية أثارت البلبلة والفوضى في نفوس الناس بترويج سلبيات الانتفاضة من العشائرية والطائفية التنظيمية ، وتدهور الوضع الاقتصادي للجمهور وتزايد الغنى لدى القائمين على الانتفاضة .
6. طرح مبادرات سياسية يائسة من فلسطينيين ينادون بالتخلي عن بعض الثوابت الوطنية . فساهمت هذه الطروحات السياسية المتخاذلة في بث بعض اليأس والإحباط لدى عامة الناس .
7. اندلاع حرب الخليج الثانية ، فقد شهدت انتفاضة فلسطين الكبرى ، استيلاء الجيش العراقي على الكويت في 2 آب 1990 وجعلها محافظة من المحافظات العراقية ، ثم قيام التحالف الغربي – العربي – الدولي لاسترجاع الكويت وإخراج الجيش العراقي منها . وقد مرت الانتفاضة بمرحلة سكون شبه تام أثناء شن الحرب على العراق لاستعادة الكويت في مطلع عام 1991 وما لاحق ذلك من تشريد نحو 350 ألف فلسطيني كانوا في الكويت .
8. تناقص الدعم العربي والإسلامي للشعب الفلسطيني بعد حرب الخليج الثانية 1991 . فقد شهد هذا العام حالة صراع سياسي بين قيادة الشعب الفلسطيني والقيادة العربية الممولة للانتفاضة كالسعودية والكويت والإمارات المتحدة وقطر وغيرها .
9. تزايد المد العشائري حيال قتل عملاء ومأجورين للاحتلال . فلم يتم التعامل مع قضايا قتل العملاء بشكل مناسب على الصعيد العائلي الاجتماعي فظهرت الفزعات والمشاحنات بين العائلات والحمائل على خلفية بعض التجاوزات لبعض قياديي الانتفاضة الميدانيين ومحاولة سيطرتهم على كل شيء علما بأنه ليس من اختصاصهم .
10. بدء فعاليات مؤتمر مدريد للسلام ، عام 1991 ، وتصادم البرامج السياسية بين الحركات والفصائل الفعالة في الانتفاضة ( الانتفاضة والسلام ) و ( الانتفاضة الشعبية والمقاومة المسلحة ) .
11. سيطرة بعض قيادات الانتفاضة على مشاريع عامة ليست من مهامها كالسيطرة على مؤسسات خدمات المياه والكهرباء وفرض الإتاوات المالية الإجبارية على المواطنين عامة والتجار خاصة مما ساهم في إفراغ مضمون الانتفاضة من مضمونها إلى حد ما .
10. نماذج من نداءات الانتفاضة الأولى الكبرى
أصدرت القيادة الموحدة للانتفاضة عشرات البيانات والنداءات لقيادة فعاليات الانتفاضة الفلسطينية الكبرى طيلة مدتها فظهر البيان الأول للانتفاضة عن القيادة الموحدة في 8 كانون الثاني 1988 . وكانت تصدر بيانات قبل 8 / 12 / 1987 بتوقيع القوى الوطنية الفلسطينية ، والحركة الوطنية .
على العموم ، صدر عن القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة ( ق . و . م ) حتى 30 نيسان 1991 ، 69 بيانا مركزيا منها 31 بيانا في السنة الأولى للانتفاضة حيث كان يصدر نداء أسبوعي ، ثم صدر نداء كل أسبوعين .
وصدر حتى عام 1991 عن حركة حماس 73 بيانا منها 33 بيانا في السنة الأولى ، ولم تكن بياناتها مرقمة أو مؤرخة في البداية ، وظهر أول بيان لحماس يحمل رقم ( 21 ) لتصعيد الانتفاضة . ولبيانات حماس المركزية سلطة التوجيه والأوامر العامة ، وضمت بيانات حماس توجيهات إسلامية مثل أداء الصلاة والزكاة والعودة إلى أصول الدين الإسلامي والالتزام بقوانين السير وفق المبادئ الإسلامية . وافتتحت حماس بياناتها بالبسملة ، ثم آية قرآنية ( هذا بلاغ للناس لينذروا به ) واختتمتها بآية قرآنية وبهتاف ( الله أكبر والنصر للإسلام ) [5] .
من جهة أخرى ، صدر أول بيان للانتفاضة عن حركة الجهاد الإسلامي في 12 كانون الأول 1987 حيث أصدرت 20 بيانا حتى نهاية عام 1989 ، وكانت هذه البيانات تصدر تارة باسم حركة الجهاد الإسلامي أو الجهاد الإسلامي أو سرايا الجهاد في فلسطين أو بيت المقدس وهذا ناجم عن عدم وحدة التوجهات السياسية بسبب حالة السرية المطبقة التي تتبعها الحركة [6] .
كانت نداءات القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة ، تدعو لأيام تصعيد وأيام للغضب الفلسطيني ضمن برامج التصعيد الفلسطينية ومواجهة الإرهاب والاحتلال الصهيوني . وحملت النداءات عدة شعارات في بدايتها مثل : لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة ، لا صوت يعلو فوق صوت شعب فلسطين … وشعارات في نهايتها مثل عاشت فلسطين حرة عربية ، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار ، المجد والنصر لجماهير شعبنا ، عاش يوم الأرض الفلسطيني ، ليسقط الاحتلال . وحملت النداءات أرقاما متسلسلة ، النداء رقم واحد ، النداء رقم اثنان … وهكذا . واعتبارا من النداء رقم 10 أصبح النداء يحمل رقما واسما .
وفيما يلي أسماء النداءات ( البيانات السياسية ) من 10 – 40 التي أصدرتها القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة : نداء يوم الأرض ، ونداء يوم الأسير ، ونداء القسطل ، ونداء العمال ، ونداء فلسطين ، ونداء الطفل الفلسطيني ، ونداء معتقلي الانتفاضة ، ونداء القدس ، ونداء الأقصى المبارك ، ونداء الأضحى المبارك ، ونداء المبعدين ، ونداء شهداء الانتفاضة خلف القضبان ، ونداء شهداء المجازر ، ونداء المجلس الوطني ، ونداء الاستقلال ، ونداء عرس الدولة الفلسطينية المستقلة ، ونداء الانتفاضة ، ونداء السلام الفلسطيني والحقوق الوطنية الثابتة ، ونداء الثورة والتواصل ، ونداء التحدي والمواجهة ، ونداء م . ت . ف عنواننا الوحيد ، ونداء شعب واحد وقيادة واحدة ، ونداء الكرامة ، ونداء الأول من أيار ، ونداء شهداء نحالين ، ونداء البطولة والصمود .
وكنموذج عن النداءات أو البيانات السياسية ما يلي :
أولا : نداء القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة في الأراضي المحتلة ، في 20 نيسان 1988 ، ” النداء رقم ( 14 ) للانتفاضة المباركة – نداء الشهيد القائد والمعلم الرمز الأخ خليل الوزير أبو جهاد ” [7] ، برنامج الانتفاضة النضالي في نيسان 1988 ما يلي :
بسم الله الرحمن الرحيم
نداء … نداء … نداء لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة ، لا صوت يعلو فوق صوت شعب فلسطين ، شعب منظمة التحرير الفلسطينية . يا جماهير انتفاضتنا المجيدة ، انسجاما مع برنامج الانتفاضة النضالي نؤكد ما يلي :
أولا : نؤكد أهمية الالتزام الكامل بعدم دفع الضرائب لمصاصي دم شعبنا .
ثانيا : نثق جدا بدور أهلنا ولجاننا الزراعية والشعبية ولجان الأحياء على استجابتهم لنداء الأرض والقيام بالزراعة البيتية وقطع الأراضي عبر التعاونيات الزراعية . وندعو كافة لجاننا وأهلنا إلى تعميق وتوسيع نطاق الزراعة والتعاونيات حتى تشمل كافة أجزاء وطننا الحبيب .
ثالثا : ندعو جماهيرنا وأهلنا إلى الاستمرار في الترشيد الاقتصادي والاختصار في النفقات خلال شهر رمضان المبارك ، شهر التضحية والتعاون والعطاء .
رابعا : ندعو عمالنا إلى المزيد من مقاطعة العمل في المستوطنات الصهيونية ومقاطعة العمل فيها مقاطعة تامة .
خامسا : توسيع مجال العمل لكافة اللجان الصحية والإسراع في مد يد العون لأهلنا في كافة أماكن تواجده وزيادة تنظيم دورات الإسعاف الأولى والطب الوقائي ، والتوعية الصحية وندعو الأطباء إلى تخفيض رسوم كشفياتهم دعما لجماهير شعبنا .
سادسا : الالتزام بقرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية القاضي بدعم المستقيلين من جهاز الشرطة والضرائب وعمالنا البواسل الذين قاطعوا العمل في المستوطنات اليهودية ، ستقوم اللجان الشعبية واللجان المختلفة بمد يد العون والمساعدة لهؤلاء جميعا .
سابعا : نحيي جماهير الجولان البطلة ، ونؤكد على النضال بيننا ، ونحيي الجماهير الفلسطينية والعربية داخل الكيان الصهيوني وفي الدول العربية على مساندتهم لانتفاضتنا ، ولنهب جميعنا ضد الاحتلال والظلم وندعو الحكومات العربية إلى إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين والعرب في معتقلاتها خدمة لانتفاضة شعبنا .
ثامنا : ندعو المدراء العامين في دوائر الإدارة المدنية في قطاع غزة للاستقالة الفورية من مناصبهم .
تاسعا : نؤكد على ضرورة أن تتحمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر ووكالة الغوث الدولية مسؤولياتها تجاه توفير المواد التموينية والطبية للمدن والقرى والمخيمات المحاصرة والخاضعة لمنع التجول .
يا جماهير انتفاضتنا العملاقة التزاما في البرنامج النضالي للقيادة الوطنية الموحدة ، الذراع الكفاحي لمنظمة التحرير الفلسطينية ندعوكم إلى ما يلي :
أ) إعلان أيام الجمع والآحاد أيام صلوات على روح شهيدنا الرمز وكل شهداء فلسطين ، والقيام بالمسيرات والجنائز الرمزية ، ترفع خلالها الرايات السوداء والأعلام الفلسطينية .
ب) إعلان يوم 23 / 4 / 1988 بمناسبة مرور أسبوع على استشهاد القائد أبو جهاد يوم غضب مميز تشارك فيه كافة الفعاليات النضالية .
ج) إعلان يوم 28 / 4 / 1988 يوما للمبعدين واستنكارا لسياسة الإبعاد التعسفية .
د) تعتبر باقي الأيام أيام غضب وتصعيد استنكارا لسياسة القتل والاغتيال وفرض منع التجول الطويل الأمد ، وقتل الأطفال بالغاز السام ، والاعتقالات الجماعية التعسفية تشارك فيه كافة الفعاليات بوتيرة نضالية مميزة .
هـ ) ندعو كافة الأطر الشعبية واللجان العاملة إلى تنفيذ كافة الفعاليات الكفاحية والنضالية وتوظيف كافة الإمكانيات والوسائل تنفيذا لقرار القيادة الوطنية الموحدة لجعل الأيام من تاريخ 22 / 4 / 1988 للكيان الصهيوني وقواته وقطعان مستوطنيه ، أياما للتصعيد في وجه قاتل شهدائنا الأبرار .
يا جماهيرنا ويا أخوة شهيدنا الحبيب أبو جهاد وكل الشهداء الأبرار … مزيدا من العطاء ، مزيدا من التضحية ، مزيدا من الوحدة والتلاحم ، مزيدا من توظيف كل الإمكانيات والطاقات ، ومزيدا من إلقاء الحجارة المقدسة والمولوتوف والضرب من حديد في جسد الكيان الفاشي المترهل ولتزلزل الأرض تحت أقدام الغزاة ، شلال الدم الفلسطيني لن ينضب ، وعهدا لشهيدنا البطل أبو جهاد وكل شهدائنا الأبرار أنه سيأتي اليوم الذي يزغرد فيه الكلاشنكوف في كل بقعة من بقاع فلسطين ، ويحصد شعبنا حقوقه الوطنية المشروعة بقائده منظمة التحرير الفلسطينية ، والعهد هو العهد ، والقسم هو القسم ، فإما النصر وإما الشهادة ، في سبيل فلسطين حرة مستقلة …
وإنها لثورة حتى النصر .
منظمة التحرير الفلسطينية
القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة في الأرض المحتلة
20 / 4 / 1988
================
ثانيا : بيان حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) ( الإسراء والمعراج – آذار 1988)
بسم الله الرحمن الرحيم
الإسراء والمعراج
تصعيد للمقاومة المباركة { وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً . فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً . ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً . إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً . عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرا } . الإسراء 4 – 8 .
شعبنا المسلم المرابط على أرضنا المباركة ، يا أبناء الانتفاضة العزيزة ، أيها الصابرون الرافضون لكل أنواع القمع والذلة والإستسلام . ها هي انتفاضتكم تعيش شهرها الرابع لتعانق ذكرى الإسراء والمعراج ليلة السابع والعشرين من رجب … وإطلالة الإسراء والمعراج في هذه الأيام المشهودة لتضع بين أيدي شعبنا المسلم هدية الذكرى العطرة موجزة في أسس ثلاث :
الأول : مكانة بيت المقدس وفلسطين عند المسلمين . فهل من بقعة بعد مكة والمدينة ترفرف حولها الأفئدة المسلمة في أرض الله أكثر من بيت المقدس قبلة المسلمين الأولى والتي تشد الرحال من أرجاء الأرض من أجل العبادة والقربة لله : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى ) . والصلاة على أرض الأقصى تعدل خمسمائة صلاة فيما سواه غير الحرمين .. هي مهبط الرسالات ، مأوى الأنبياء … وكانت حادثة الإسراء والمعراج تتويجا من الله لأرض فلسطين بخاتم النبيين وسيد الأنام .. لم يكن الإسراء لأي عاصمة في الدنيا أو أي مدينة في العالم .. إلا إلى القدس لتكون أخت مكة في التاريخ وليعلم المسلمون أن التفريط في القدس تفريط بمكة والمدينة سواء بسواء .. الذي باركنا حوله : ففلسطين كل لا يتجزأ .. شمالها وجنوبها وساحلها وجبلها ، بحرها ونهرها كل متكامل ذات منزلة رفيعة باركها الله ، وأنبياء الله .. وملائكة الله .. بركتها قرآن يتلى إلى يوم الدين .. بركة في الأرض .. بركة في الشجر والثمر .. بركة في الهواء والمطر .. بركة ليس لها حد ولا ند .
الثاني : فساد بني إسرائيل : ( لتفسدن في الأرض مرتين ) إفساد حكم وسلطان في الأرض المباركة . وأي إفساد أعظم من هذا الجبروت والتسلط فهم القتلة حتى لأنبيائهم ، فكيف يرأفون بنا أو يرحمون ؟ ونحن عندهم الأميون وهم يقولون ” ليس علينا في الأميين سبيل ” ، أي لا حرج من إيذائهم وذبحهم . يفسدون اقتصاديا : فالاحتكار والغش والربا من إنتاجهم وتصديرهم وجزء من جبلتهم .. الضرائب المتنوعة ، الجمارك المختلفة .. الملاحقات المادية للسكان إلى درجة الانهيار .. مفسدون في الأرض : يسجنون ، يضربون ، يشتمون ، يستعملون السلاح المحرم دوليا ، يضربون النساء والأطفال والشيوخ . يكذبون ، يفترون ، يحتالون ، يخادعون ، تلكم هوية اليهود .
الثالث : لا تحرير ولا نجاة إلا بالإسلام . إن الأرض المباركة التي شرفت بإسراء محمد .. وفتحها عمر والصحابة الكرام بطهارتهم وعدلهم وحررها صلاح الدين بالإسلام ، وأضاعها الغافلون من الحكام عبر التاريخ في سيء الظلام والتقهقر .. لا تسترجعها إلا الأيدي الطاهرة والنفوس الصالحة ، هذه قناعة دينية تاريخية . فمن الدين : ( إن تنصروا الله ينصركم ) ، ( بعثنا عليكم عبادا لنا ) .
ومن التاريخ : متى انتصر قومنا بغير دين ؟ ومتى غزوا بغير عقيدة ؟ ومتى إتحدوا دون إسلام ؟ وواقعنا خير شاهد ، فالإعلام العربي يستمتع بعرض أشرطة جراحنا وجنازاتنا وكسر عظامنا ومطاردة نسائنا وأطفالنا .. ويحصي عدد شهدائنا ، كم سقط اليوم على أيدي الصهاينة وهم بهم يجتمعون وهم يخلصون وحولهم يحرسون .
يا شعبنا المسلم المرابط : ويسيل اللعاب العربي لما يسمى بالسلام العادل والدائم والمبادرة الأمريكية وسواها ، وأسمى أمانيهم المؤتمر الدولي للسلام ويقضي بما شاء ، فأي كلام يرضيهم وأي كلام يعجبهم .. ويكتفون من كلمة سلام ولو بنصفها الأول . ولشعبنا والعالم نعلن موقفنا من السلام وردنا على كل المتشدقين به والحالمين به بانعقاده لا للسلام مع الكيان الصهيوني :
1. لأن طبيعتهم المماطلة والطمع . ومثال المماطلة ( طابا ) سنين من المفاوضات والنتيجة فقاعات .. والوفود .. لا زالت تجتمع .. ولن تعود طابا بالمباحثات .
2. لأن الله ما كتب لهم سلاما في الأرض : ( وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب ) ، فأين السلام الدائم . وأين العدل وهم يملكون شبرا على شاطئ حيفا وعكا ؟.. وصاحبه في مخيمات لبنان بالضفة والقطاع والأردن .. فأي عدل يشرد أصحاب الحق ويملك الغاصب ؟ فلتقطع كل يد توقع على ذرة من تراب فلسطين لأعداء الله وأعدائنا تملكهم أرض الإسراء والمعراج .. الأرض المباركة .
يا أبناء شعبنا البطل : تحية إكبار وإعزاز لصمودكم وتضحياتكم وصبركم ومواصلتكم الإنتفاضة العزيزة المباركة ، ولنا فيكم أمل لتنفيذ الآتي :
1. التراحم : لتعم الرحمة الناس .. بين الجيران ، الغني والفقير ، البائع والمشتري ، وليكن الشعار ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) . وهذا نداء إلى دائرة الأوقاف الإسلامية وإلى كل البلديات نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة ، أن يتم إعفاء المستأجرين من دفع الإيجارات المستحقة عليهم .. ونذكرهم أن هذا من الرحمة . والرحمة وطنية والوطن من الإسلام .. ولن ينسى شعبنا لكم هذا الفضل ( والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ) . – وإلى كافة المؤجرين : من كان منكم موسرا فليفرج كرب المستأجرين بإعفائهم ما أمكن وضمائرهم كفيلة بالحكم في هذا الأمر . وإلى المستأجرين : من كان منكم قادرا أو موسرا فلا يماطل في إعطاء الحقوق لأصحابها .. ولا تأكلوا أموال الناس بالباطل .
2. الإنتاج وعدم الاستغلال : إلى مصانعنا وشركاتنا وكل المنتجين ، مزيدا من العمل والإنتاج لتقوم صناعتنا في وجه إنتاج العدو الغاصب .. وحذار من استغلال إخوانكم الصابرين . وإلى المستورد والمستهلك : ليمتنع كل شعبنا عن شراء أي نوع من أنواع الإنتاج اليهودي الحاقد .. فكل قرش يدفع لهم هو رصاصة ترتد إلى أعناقنا وقنبلة غاز تخنق أطفالنا ونسائنا وإن الله سائل كل عن ( ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ) . وإليكم هذه الفتوى : ( يحرم على كل مسلم شراء أي بضاعة من إنتاج اليهود إذا وجد لها بديلا وطنيا ولنضرب السوق اليهودية الحاقدة ) ولنقتصد في نفقاتنا ونكتفي بالضروريات .
3. احذروا سياسة التجهيل : دأب العدو الغاصب إلى إغلاق مؤسسات العلم لنشر الجهل بين أبنائنا وليعلم الجميع أن العمل ضد الاحتلال لا يتناقض مع العلم .. ولكن يمشي معه جنبا إلى جنب فلنتسلح بالعلم .. ولنؤمن بالعودة إلى مواقع دراستنا : جامعاتنا ومدارسنا ، مدرسين وطلبة .. وإلا فليتوجه المربون والأبناء إلى المساجد للتعليم ولتعد البرامج التعليمية لقادة المستقبل .
4. صيام يوم : ليكن يوم الخميس القادم 29 رجب الموافق 17 / 3 يوم صيام لله تعالى في أرجاء فلسطين بمناسبة الإسراء والمعراج ولندع الله أن يفرج كرب الأمة .. ولنعلم أن للصائم دعوة لا ترد . وفي ذكرى الإسراء والمعراج نعلن : لا للسلام المزعوم ، لا للتفريط في شبر من ارض فلسطين المسلمة ، لا للبضاعة اليهودية ، لا لسياسة التجهيل .. نعم للتراحم بين الناس .. نعم للصبر والثبات على درب الانتفاضة المباركة .. نعم للوحدة والتآلف . على كلمة ( الله أكبر ولله الحمد .. الله أكبر .. لا إله إلا الله )
وليكن هتافنا : باسم الله ، الله أكبر .. باسم الله قد حانت خيبر .
حركة المقاومة الإسلامية ( حماس )
فلسطين : 25 رجب 1408 هـ / 13 آذار 1988 م
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 – 1994 … Empty
مُساهمةموضوع: رد:  انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 – 1994 …    انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 – 1994 … Emptyالجمعة 27 مايو 2016, 8:32 am

11 . مقومات استمرارية الانتفاضة الأولى الكبرى
هناك عدة عوامل نفسية وسياسية ودينية واقتصادية وعسكرية واجتماعية وثقافية ساعدت على استمرارية انتفاضة فلسطين الكبرى لتمتد إلى سبع سنين من 1987 – 1994 من الصمود والتحدي والتصدي للمؤامرة الدولية على شعب فلسطين . وأهم هذه العوامل ما يلي :
1. العوامل النفسية : رغبة شعب فلسطين وتحمسه لإقامة دولة خاصة به مثله مثل بقية شعوب العالم ، فالوضع النفسي العام يرنو إلى إشباع رغبات الأماني القومية العامة في الحرية والتحرير والاستقلال ليعيش شعبا عزيزا حرا كريما في وطن عزيز دون منغصات .
2. العوامل السياسية : تتمثل بتكالب الدول الاستعمارية على أرض فلسطين فكانت الرغبة العامة في الحصول على تقرير المصير وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وإزالة المستعمرات اليهودية من أرض فلسطين مهما كلف الثمن السياسي . كما أن وجود الأطر الاجتماعية المنبثقة عن الفصائل الفلسطينية كمنظمات الشبيبة عن حركة فتح ، والكتل الإسلامية عن حماس ساعد في تقوية الانتفاضة وتعزيزها وسهولة فرز وبناء القوات الضاربة أو السواعد الرامية .
3. العوامل الدينية : تتمثل بالأيديولوجية الإسلامية الداعية للتحرير وإقامة الدولة الإسلامية في فلسطين باعتبارها أرضا مباركة . فظهرت الصحوة الإسلامية تنادي بإقامة حكم الله في الأرض الفلسطينية المقدسة ، وتحريرها من الغزاة الصهاينة المغضوب عليهم من الله سبحانه وتعالى .
4. العوامل الاقتصادية : الاعتماد على الذات الفلسطينية ، والدعم العربي والإسلامي المساند لمسيرة الحرية والاستقلال الوطني الفلسطيني والرغبة الفلسطينية في التخلص من التبعية الاقتصادية للأعداء ، الذين خنقوا الاقتصاد الفلسطيني وصادروا الأراضي وتسببوا في المعاناة الاقتصادية اليومية وزيادة البطالة واقتلعوا الأشجار المثمرة والمزروعات .
5. العوامل العسكرية : تمثلت بحالات القمع الشديد وفق ما يسمى ( سياسة العصا والجزرة ) و( سياسة القبضة الحديدية ) فكان الرد على القمع والاضطهاد والاستغلال الاقتصادي الدعوة لخوض المعركة المصيرية للتخلص من المعاناة اليومية التي يسببها جيش الاحتلال الصهيوني ، فلكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ، ومخالف له في الاتجاه ، فكان رد الفعل الفلسطيني الدعوة للجهاد العام .
6. العوامل الاجتماعية : تمثلت باستمرار تشتت العائلات الفلسطينية منذ فترة طويلة . فمسيرة التهجير والإغتراب القومي بقيت واضحة للعيان فجاءت الرغبة في لم الشمل الاجتماعي للمهاجرين الفلسطينيين . مع ما يشكله ذلك من رد الفعل على الصمود والتحدي لهذه المعاناة ومحاولة وضع حد لها ويكون ذلك بالحصول على الاستقلال . ومسيرة الاستقلال تحتاج لتضافر الجهود والتكافل الاجتماعي بين أبناء الشعب الواحد .
7. العوامل الثقافية : تمثلت في الرغبة بتجسيد مسيرة ثقافية وطنية للشعب الفلسطيني بعيدا عن ثقافة السلام المزعوم ومحاولات الصهيونية فرض الاستسلام على شعب فلسطين .
12. مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للانتفاضة الكبرى
امتدت الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الكبرى كما اشرنا آنفا ، ما بين 8 كانون الأول 1987 – 4 أيار 1994 بواقع 79 شهرا . ومنذ اليوم الأول لانتفاضة شعب فلسطين لجأت قوات الاحتلال الإسرائيلي لعدة طرق لمواجهة هذه الانتفاضة وقمعها والحد منها أو إنهائها جزئيا أو كليا . ومن أبرز هذه الطرق الآتي :
أولا : القمع العسكري : عمل الاحتلال على إتباع عدة طرق لقمع الفلسطينيين عسكريا تمثلت بما يلي :
1. التعذيب والتنكيل الفردي والجماعي : تعذيب الفلسطينيين والتنكيل بهم بصورة جماعية وفردية في الآن ذاته في بيوتهم ومؤسساتهم وقراهم ومدنهم ومخيماتهم عبر جمع المواطنين من سن 16 – 60 سنة في الساحات العامة كالمدارس والنوادي والجمعيات والشوارع الرئيسية وإجبارهم على الجلوس ساعات طويلة في الشمس الحارقة صيفا وتحت المطر الهاطل شتاء . وجمع مئات المواطنين في القرى والمدن والمخيمات ليلا ونهارا عدة ساعات للتحقيق معهم ميدانيا .
2. الإغلاق الشامل للأراضي الفلسطينية ، والحصار الشامل على الضفة الغربية وفصلها عن قطاع غزة ، وفصل المدن عن بعضها البعض ، وفصل قرى أو مخيم عن مركز المحافظة ، وهكذا فكانت الحواجز البرية التي تفصل بين أبناء الشعب الواحد . وكذلك استخدم الاحتلال الطائرات لقصف وقمع فعاليات الانتفاضة وإلقاء القبض على المطلوبين لها .
3. القتل بالرصاص والضرب المبرح والجرح الكلي والجزئي . كما لجأت قوات الاحتلال إلى ( سياسة تكسير عظام ) الفلسطينيين بناء على مناشدة وطلب أمريكي لتقليل اللجوء للذخيرة الحية في قمع المتظاهرين والشباب الفلسطيني فتكسير العظام أكثر فعالية من الاعتقال والحكم بالسجن لأنه لا يمكن الشاب المكسرة عظامه من العودة والمشاركة في الانتفاضة( الشغب والفوضى – حسب التعبير الإسرائيلي والأمريكي ) [1] . وبالفعل نفذت هذه السياسة الإسرائيلية ( سياسة تكسير العظم ) لتشمل آلاف الشباب الفلسطيني الذين ضربوا ضربا مبرحا بأعقاب البنادق أو بالحجارة الكبيرة مما أضطرهم أن يمكثوا ما بين شهر إلى سنة على فراش العلاج في المشفى أو في البيت . وقد بدأت هذه الحملة في كانون الثاني عام 1988 ولم يكن يمضى شهر واحد على الانتفاضة الفلسطينية الناشئة .
4. مجازر يهودية ضد الفلسطينيين : ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي وميليشيات المستوطنين اليهود عدة مجازر ضد الفلسطينيين من أهمها : مجزرة المسجد الأقصى عام 1990 ، ومجزرة عيون قارة في أيار 1990 ، ومجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف – الخليل 25 / 2 / 1994 وغيرها . ففي مجزرة الحرم الإبراهيمي الشريف ، ارتكب الطبيب اليهودي ( باروخ غولد شتاين ) احد الضباط الإسرائيليين الاحتياط في الجيش الإسرائيلي ، من مستوطنة كريات أربع ، عضو حركة كاخ ( خذ بالقوة ) العنصرية اليهودية الدينية المتطرفة ، شديدة العداء للعرب ، ارتكب مجزرة جماعية في الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل في الضفة الغربية في صلاة فجر يوم الجمعة الرمضانية في 15 رمضان عام 1414 هـ الموافق 25 شباط 1994 ، حيث فتح نيران سلاحه الاوتوماتيكي الرشاش على جموع المصلين المسلمين وهم ساجدون يعبدون الله سبحانه وتعالى ، فحصدت سموم رشاش هذا الطبيب العنصري المتزمت أرواح 29 شهيدا فلسطينيا مسلما ، وجرح نحو 300 مصلون آخرون ، في مسجد إسلامي تبلغ مساحته نحو 2000 م2 . وكانت هذه المجزرة اليهودية ضد المسلمين في مدينة الخليل بمثابة شرارة عنصرية جديدة ضد الأماكن المقدسة الإسلامية فاتحة تقسيم الحرم الإبراهيمي الشريف إلى جناحين : الأول : ويتألف من ثلثي المسجد وقد حول إلى كنيس يهودي ، يمارس فيه المتزمتون اليهود من المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ( الضفة الغربية ) وفلسطين المحتلة عام 1948 ، شتى صنوف الاستفزاز والتحرشات ضد المواطنين المسلمين ، أثناء تأدية الصلوات الإسلامية الخمس حيث يعزفون الموسيقى الصاخبة وقد حولوا القسم الأكبر من المسجد الإسلامي إلى شبه ملهى ليلي . ويعيث المستوطنون في مدينة الخليل ، فسادا وإفسادا في داخل الحرم الإبراهيمي الشريف وفي باحاته الخارجية ، ويقيم جيش الاحتلال الإسرائيلي ، عدة حواجز على مدخل هذا المسجد الإسلامي ويقومون بالتحرش بالمواطنين والمصلين المسلمين وتفتيشهم عدة مرات عند الدخول والخروج . على أي حال ، إن العنصرية اليهودية – الصهيونية ، هي عنصرية متصاعدة في كافة المناطق التي تحتلها القوات العسكرية الإسرائيلية ، ويوجهها الحكام والجنرالات الإسرائيليون ، الذين سعوا إلى السيطرة على البلاد الفلسطينية ، بشتى الطرق والحيل الخبيثة المبرمجة ، منذ أمد بعيد ، والأدلة والشواهد تثبت ذلك ، مرارا وتكرارا ، وعليه : ” … إن تحويل الجزء الأكبر من الحرم الإبراهيمي الشريف ، الإسلامي الأصل والمنبت إلى كنيس يهودي يعتبر تحديا وتحديا سافرا لمشاعر المسلمين الدينية وانتهاكا للحرية الدينية وحرية العبادة في أرض المسلمين … لم تكن مسبوقة في أية حقبة زمنية سالفة ، وفي أية ديانة من الديانات السماوية أو حتى القوانين الأرضية باستثناء هذا الإجراء العنصري الإسرائيلي ضد المسلمين في أرض الخليل المرابطة في فلسطين المباركة … وتزداد الدعوات اليهودية المتعصبة المتطرفة حدة وعنصرية حينما تم بناء نصب تذكاري للسفاح المجرم باروخ غولد شتاين الذي أطلق العنان لرشاشه الاتوماتيكي ليحصد بسمومه أرواح الأبرياء وهم يعبدون الله ويؤدون صلاة الفجر بين يدي الله سبحانه وتعالى ، فلم يكتف المستوطنون بإحياء أو استذكار هذا السفاح المجرم في كل عام ، وإنما عملوا على” زركشة” قبره وقدسوه ، وأقاموا له نصبا تذكاريا ” كبطل قومي ” . وان دل هذا على شيء ، فإنما يدل على مدى الاستهتار اليهودي المتطرف حيال الإسلام والمسلمين في فلسطين ومحاولة لابتلاع الأرض بكافة الطرق والسبل الميكافيلية الدينية والسياسية والعسكرية بما فيها السيطرة على المقدسات الإسلامية ” [2] . وعدا عن هذه المجازر الجماعية اليهودية ضد الفلسطينيين في أرضهم ، هناك العديد من المجازر الجماعية التي ارتكبتها الأيدي اليهودية العنصرية المتطرفة ، وقد وصل عددها على مدار العقود الماضية ما يزيد عن مائة مذبحة جماعية ضد الفلسطينيين المرابطين في أرض الإسراء والمعراج ، في الأرض المقدسة ، في فلسطين ، ولكننا ذكرنا بعض هذه المجازر كنماذج على الغطرسة اليهودية – الصهيونية ضد المواطنين العرب الفلسطينيين ، مسلمين ومسيحيين ، أهل البلاد الأصليين .
5. الحكم الصوري العسكري بالسجن بمدد زمنية خيالية ، والاعتقال الإداري ، والإبعاد والتعذيب الفردي والجماعي على شكل عقوبات جماعية . وافتتحت السجون والمعتقلات الجديدة وتم توسيع القائم منها قبل الانتفاضة ، مثل سجن النقب الصحراوي ، أنصار 3 ( سجن كتسعوت ) . وكذلك إنشاء خيم عسكرية لاعتقال المواطنين الفلسطينيين في مراكز تجمع الحكم العسكري الإسرائيلي . وداهمت قوات الاحتلال منازل الفلسطينيين ليلا بأعداد كبيرة لإرهاب الأهالي وبث الذعر في قلوبهم ، فمثلا كان يحضر لاعتقال أحد المناهضين للاحتلال عدد من جنود الاحتلال والمستعربين يتراوح ما بين 20 – 40 جنديا [3] .
6. منع التجول : اتبعت قوات الاحتلال الإسرائيلي سياسة حظر التجول لفترة طويلة في المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية لفترات تراوحت بين أسبوع وأسبوعين في المتوسط وفي بعض الأحيان إمتدت فترة منع تجول المواطنين الفلسطينيين خارج بيوتهم لمدة شهر .
7. توزيع البطاقة الخضراء : استبدال بطاقات المواطنين البرتقالية ببطاقات خضراء ( أمنية ) ، فتمت مصادرة بطاقات الهوية لالآف الفلسطينيين وزود المئات منهم بهويات خضراء مميزة بدعوى أنهم مشاغبون ومشاركون في فعاليات ضد الاحتلال ، كما دفن بعض الفلسطينيين بالجرافات الإسرائيلية وهم أحياء ، وقطعت المواصلات بين المدن والقرى وفصلت الضفة الغربية عن قطاع غزة لفترات متلاحقة لمدد زمنية متباينة .
8. منع سفر المواطنين : منع آلاف المواطنين الفلسطينيين من السفر لخارج فلسطين بهدف الزيارة أو متابعة التعليم الجامعي أو العمل . فإذا اعتلقت قوات الاحتلال شخص من عائلة معينة فكانت تلجأ لمنع جميع أفراد أسرته من السفر خارج البلاد .
9. إجراءات أخرى : قطعت خطوط الهواتف المنزلية . ونصبت الحواجز العسكرية والأتربة على مداخل التجمعات السكانية الفلسطينية . وكذلك بنت قوات الاحتلال سدودا وجدرانا إسمنتية بين أحياء المدينة الواحدة والمخيم الواحد بدعاوى منع إلقاء الحجارة والقنابل الحارقة على قوات الاحتلال . وهناك تشكيلات عسكرية مركزية للاحتلال استخدمتها الحكومة الإسرائيلية لقمع الفلسطينيين وفق سياسة ( القبضة الحديدية ) تمثلت بعدة أجهزة هي : جيش الاحتلال الرسمي ، وفرق المستعربين ( فرق الموت ) ، وفرق العملاء من أبناء البلاد الذين باعوا دينهم وأخلاقهم بإغراءات مادية أو جنسية بخسة .
على أي حال ، نجم عن القمع العسكري الصهيوني خسائر بشرية فادحة ، فاستشهد 1392 شهيدا ، منهم 353 طفلا تركزت إصاباتهم بالرأس والصدر والجزء العلوي من الجسم . وقد استشهد من إجمالي عدد الشهداء 88 % بالرصاص الحي ، و5 ر2 % بالضرب الوحشي المبرح .
ووصل معدل الشهداء 18 شهيدا شهريا بواقع شهيد كل يومين . وبلغ العدد الأعلى للشهداء شهريا في كانون الأول 1987 ، وأقل عدد للشهداء 8 شهداء عام 1991 . وتوزع الطرف المؤدي للاستشهاد على عدة فرقاء : على أيدي جنود الاحتلال 1109 شهيدا ، منهم 283 طفلا ، وعلى أيدي المستوطنين 95 شهيدا منهم 16 طفلا ، وعلى أيدي عملاء الاحتلال 18 شهيدا منهم 6 أطفال ، و3 على أيدي آخرين .
وبالنسبة لسبب الاستشهاد بلغ 1225 شهيدا بالرصاص ، وباستنشاق غازات مسيلة للدموع 94 شهيدا ( منهم 36 طفلا ) والذين استشهدوا بالضرب المبرح 73 شهيدا . وأما عدد مصابي الانتفاضة الكبرى فبلغ رقما كبيرا حيث وصل 787 ر130 جريح بما يعادل 6 % من إجمالي عدد سكان الضفة الغربية وقطاع غزة ، وبلغ معدل الجرحى شهريا 1656 جريحا ، بواقع 55 جريحا يوميا .
وتمثلت حالات الجرحى بين الشلل الكلي لجزء من الجسم أو بتر أحد الأطراف أو فقدان الذاكرة أو التشويه الجسدي . وأما بشأن الاعتقالات والأسر ، فقد زجت قوات الاحتلال الإسرائيلي بأكثر من 160 ألف معتقل وأسير بالسجون والمعتقلات الصهيونية ، تراوحت فترة اعتقالهم بين أسبوع وألف سنة ، بمتوسط حسابي 2025 معتقلا شهريا و67 معتقلا يوميا .
ووصل عدد المعتقلين الإداريين ( بلا محاكمة ) 211 ر 18 معتقل إداري حجز كل منهم لمدة تتراوح ما بين ستة اشهر وسنة قابلة للتجديد بمتوسط قدره 8 معتقلين إداريا يوميا . كما تم إبعاد 489 فلسطينيا معظمهم في كانون الأول 1992 إلى مرج الزهور وهم قياديو حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) والجهاد الإسلامي والباقي من الفصائل الأخرى [4].
ثانيا : الحصار السياسي : تمثل الحصار السياسي بعدة أساليب لجأ لها الاحتلال لمحاصرة المقاومة الشعبية الفلسطينية من أبرزها :
1. عدم الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية الثابتة كحق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ، ومنع السفر للقيادات السياسية الفلسطينية .
2. إغلاق مقار المؤسسات والفعاليات السياسية والشعبية .
3. التحريض الصهيوني والأمريكي لدول العالم على شعب فلسطين بذريعة أنه يخرج إرهابيين .
ثالثا : الحصار الاقتصادي : لجأت قوات الاحتلال لحصار الشعب الفلسطيني اقتصاديا في عدة مجالات [5] :
1. مصادرة الأراضي ، بلغت مساحة الأرض المصادرة 834 ر457 دونم ، منها 10 آلاف دونم عام 1988 ، و75 ألف دونم عام 1989 ، و335 ر 227 دونم عام 1990 ، و594 ر 80 دونم عام 1991 ، و669 ر 14 دونم عام 1992 ، و 662 ر 494 دونم عام 1993 ، و770 دونما من بداية عام 1994 حتى شهر حزيران منه .
2. محاولة كسر الإضراب التجاري ، خاصة في مراحل الانتفاضة الأولى فقد لجأ جنود الاحتلال إلى إجبار التجار في المدن الرئيسية كنابلس والخليل وغزة وجنين وطولكرم ورام الله وبيت لحم وغيرها على فتح محلاتهم التجارية في الأسواق الفلسطينية تحت تهديد السلاح وترهيبهم بسرقة أموالهم وبضائعهم ( مصادرتها أو الاستيلاء عليها ) . وسرق وأحرق جنود الاحتلال وعملائه مئات المحلات التجارية فعليا والحقوا خسائر مالية جسيمة بآلاف التجار .
3. تدمير الأراضي المزروعة بعشرات آلاف الدونمات من محاصيل شتوية وصيفية ، مثل مزروعات الحبوب والبقول الشتوية والمحاصيل الصيفية الأخرى .
4. قطع الأشجار المثمرة كالزيتون واللوز وأشجار الحمضيات والفواكه . فقد بلغ عدد الأشجار المقطوعة والمجروفة بجرافات الاحتلال 489 ر 185 شجرة مثمرة .
5. قطع التموين عن المواطنين في حالات إغلاق الأراضي الفلسطينية ومنع التجول .
6. زيادة البطالة في صفوف الحركة العمالية الفلسطينية بنسبة كبيرة .
7. هدم البيوت . فقد بلغ عدد البيوت المهدمة خلال فترة الانتفاضة 1987 – أيار 1994 ، 2401 بيتا منها 510 بيوت بذرائع أمنية ، و107 بيوت بحجة العمليات العسكرية ، وتم إغلاق 382 بيتا ، وهدمت سلطات الاحتلال 1402 بيتا بحجة عدم الترخيص .
8. إغلاق الأسواق الفلسطينية وتدمير محلات تجارية .
9. تخفيض السيولة النقدية التي يسمح للمواطن الفلسطيني بنقلها عبر الجسور حيث حددت بمبلغ 2000 دينار ، ثم قلصت الحوالات المالية ل 400 دينار أردني فقط ، في محاولة للقضاء على تمويل فعاليات الانتفاضة الفلسطينية من خارج فلسطين ، مما أضطر المواطنون إلى دفع مبلغ نسبة وصلت 10 % لمن يدرج اسمه على حوالة مالية قادمة من خارج البلاد .
10. إغلاق مقار المؤسسات والجمعيات كالغرف التجارية والمصانع والمطابع وغيرها .
رابعا : الحرب النفسية : شن الاحتلال حربا نفسية شاملة ضد الشعب الفلسطيني تركزت فيما يلي :
1. دس بيانات مزورة عن الانتفاضة الفلسطينية ، فتبين أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية وزعت بيانات ملفقة ، وأصدرت بيانات سياسية لافتعال الفتن بين المنظمات الإسلامية والوطنية .
2. ملاحقة نشطاء الانتفاضة ، عبر إطلاق الإشاعات الكاذبة وترويجها ضد قيادات العمل الميداني ، والكتابة على الجدران ضد هؤلاء المناضلين الفلسطينيين لتشويه سمعتهم وسمعة عائلاتهم ، ووصل الأمر إلى حد إحراق سيارات ومنازل بعض هؤلاء القادة الميدانيين . ونفذت هذه الملاحقات ليلا ، وأثناء اعتقال هؤلاء النشطاء ، أو خلال مطاردتهم واختفائهم لفترة من الزمن .
3. الترويج لحملات سلام بين الفلسطينيين تدعو لوقف الانتفاضة لأن الحكومة الإسرائيلية ستعترف بسلطة حكم ذاتي للفلسطينيين ، ولعب بعض المتنفذين الفلسطينيين من أكاديميين وقادة عشائريين تقليديين دورا في هذه الحرب النفسية الداعية لسراب السلام مع الجانب الإسرائيلي .
4. الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين بعد انتهاء فترة محكوميتهم العسكرية أو اعتقالهم الإداري وإخراجهم من بوابات السجن لفترة دقائق ثم إرجاعهم للسجن بحجة أنهم محرضون ويشكلون خطرا على الوجود الصهيوني في البلاد ( خطر على الجمهور ) .
5. إطلاق النار ليلا على بيوت قيادات الانتفاضة والقدوم لاعتقالهم بأعداد كبيرة من الجنود والمخبرين لتخويف المواطنين أهل المعتقل والجيران والمنطقة التي يسكن بها هذا الفلسطيني .
خامسا : الحصار التعليمي : إغلاق المدارس الأساسية والثانوية ، وإغلاق الجامعات والمعاهد العليا في الضفة الغربية وقطاع غزة . وإمتد الإغلاق لفترات قصيرة أو متوسطة أو طويلة الأمد أثناء العام الدراسي . كما اتخذت قوات الاحتلال من عشرات المدارس الفلسطينية مقرا لفعالياتها العسكرية لتجميع المواطنين وتعذيبهم والتنكيل بهم بشتى الطرق الوحشية في محاولة منها لثني سواعد الانتفاضة .
سادسا : الحصار الديني : منع وصول المؤمنين إلى الأماكن المقدسة ، من المسلمين والمسيحيين . فقد منع جنود الاحتلال من خلال الحواجز العسكرية الثابتة والمتنقلة المسلمين من التوجه للصلاة في المسجد الأقصى المبارك بشكل كلي أو جزئي وخاصة في صلاة الجمع والأعياد الإسلامية . وكذلك مداهمة المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة ، والمساجد الأخرى بحجة البحث عن مطلوبين للجيش الإسرائيلي . كما منع المسيحيون أحيانا من التوجه لكنيسة القيامة بالقدس وكنيسة المهد ببيت لحم .
وتلخصت أساليب مواجهة الاحتلال للانتفاضة بما يلي :
سياسة القبضة الحديدية ، وسياسة رابين في تكسير العظام ، والعقاب الجماعي ، والحرب الاقتصادية ، ومحاولة كسر الإضراب التجاري ، والاعتداء على المؤسسات التعليمية ، وتعطيل الخدمات الصحية ، وانتهاك حرمة المقدسات الإسلامية ، واشتراك المستوطنين في القمع والاعتقالات العشوائية ، ودفن الأحياء ، وهدم ونسف المنازل ، وإلقاء قنابل الغاز السامة ، واستخدام أجهزة عسكرية متطورة ، وإبعاد المواطنين خارج فلسطين ، والحرب النفسية ، والتعتيم الإعلامي [6] .
13. ميزات انتفاضة فلسطين الكبرى
تميزت انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى ، الطويلة زمنيا ، بعدة ميزات مهمة في حياة المقاومة الفلسطينية للاحتلال الصهيوني لفلسطين . ومن أهم هذه الميزات :
1. المشاركة الشعبية [7] :
شارك فيها قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة . وكانت هذه القطاعات تكمل إحداها الأخرى . فقد شارك الأطفال ( أطفال الحجارة ) والشباب ( الأجهزة الضاربة ) والرجال الكبار ( لجان التكافل الاجتماعي والإصلاح والتموين ) والعمال ( اللجان العمالية ) والتجار ( اللجان التجارية ) الذي دعموا فعاليات الانتفاضة ماليا ، والدعاة ( المجاهدون ) الذين يحضون على الجهاد في سبيل الله ومقاومة الاحتلال . كما شاركت النساء ( الاتحادات النسائية ) في المظاهرات والمسيرات وفي توزيع المواد الغذائية على المحتاجين وفعاليات الانتفاضة . وشاركت الاتحادات المهنية والطلابية والعمالية والنسائية والأدباء والمثقفين وغيرهم . فكان شعب فلسطين عبارة عن فسيفساء اجتماعية مقاومة للاحتلال كل حسب مؤهلاته وشجاعته وشخصيته .
2. لا مركزية القيادة الميدانية :
تواجد قيادات العمل الميداني وسط المعركة بين صفوف الشعب ساعد على استمرارها فترة أطول ، وجعلها تقدر كيفية مجابهة الاحتلال وأدواته .
3. الترابط العضوي الفلسطيني :
تمثل بالترابط القوي بين قيادات الداخل والخارج لتسيير شؤون الانتفاضة ، والتأكيد على البرامج والخطط المتوخاة لتنفيذها على أرض الواقع وجها لوجه مع الاحتلال ، وسياسة حرب العصابات ( اضرب واهرب ) و( الكر والفر ) و( حرب الشوارع ) وغيرها .
4. الاعتماد على الذات بالمواجهة :
اعتمدت الأجهزة القتالية الشعبية الضاربة على ذاتها في تصنيع أدوات القتال في الانتفاضة عبر كتيبات صغيرة تبين كيفية المواجهة مع الاحتلال لإلحاق أكبر خسائر ممكنة به .
5. التكافل الاجتماعي :
عبر نجدة الأحياء والمدن والقرى والمخيمات المنكوبة التي تتعرض لمنع التجول والحصار الشامل لأيام وأسابيع وأشهر . فكانت الفعاليات الشعبية تقوم بجمع التبرعات النقدية والعينية والغذائية لإغاثة المنكوبين من عائلات الأسرى والجرحى والشهداء ، والمتضررين من حظر التجول والحصار العسكري والاقتصادي والإغلاق الشامل . ولا ننسى الدعم المالي العربي والإسلامي ومن بعض الدول والشعوب الصديقة لشعب فلسطين .
14 . إنجازات انتفاضة فلسطين الكبرى
رغم صعوبة المواجهة مع الاحتلال وما تكبده شعب فلسطين من تضحيات جسيمة في الأرواح والأموال ، إلا أن انتفاضة فلسطين الكبرى أنجزت بعض الأهداف المرحلية من الأهداف العامة . ومن أهم هذه الإنجازات : أولا : على الصعيد الفلسطيني :
1. إحياء قضية فلسطين كقضية مركزية عالمية ذات أبعاد سياسية حيوية .
2. إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني على الساحة العربية والدولية . وإعلان وثيقة الاستقلال الوطني الفلسطيني .
3. توقيع إتفاقية أوسلو بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي . وإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية . وعودة جزء من اللاجئين الفلسطينيين من خلال قوات الأمن الوطني التابعة لجيش التحرير الفلسطيني والمنظمات الفلسطينية ، وعودة معظم أعضاء القيادة الفلسطينية إلى الوطن .
4. تعرية الوجه الإسرائيلي الذي يصف نفسه بالضحية ، فظهر للعالم أجمع الوحشية والهمجية الصهيونية ضد فلسطين وشعب فلسطين وأطفال الحجارة فأتضح للعالم أن شعب فلسطين هو الضحية وأن الجلاد هو الاحتلال الصهيوني . 5. القضاء على جزء كبير من الفساد الأخلاقي والأمني لدى بعض الفئات الاجتماعية الفلسطينية .
ثانيا : على الصعيد الإسرائيلي :
1. إلحاق خسائر كبيرة بالاحتلال بشريا عبر القتلى والجرحى . وكانت هناك حرب نفسية شرسة ضد الجندي الإسرائيلي الذي يمتلك أحدث أنواع الأسلحة ويتصدى له طفل فلسطيني بمقلاع أو حجر أو قنبلة حارقة . حطمت الانتفاضة الأسرة اليهودية فظهر الهروب من الخدمة العسكرية .
2. إلحاق خسائر جسيمة بالاقتصاد الصهيوني بسبب الاضرابات والمقاطعة الاقتصادية ، وحرق الباصات والسيارات والدوريات الإسرائيلية . والتدمير في المنشآت الاقتصادية الإسرائيلية .
3. ردع وتصفية وقتل عشرات جواسيس وعملاء الاحتلال وهروبهم للمستوطنات اليهودية ثم إلى داخل الكيان الإسرائيلي حيث قدر عددهم مع عائلاتهم بالآلاف .
وأخيرا ، يمكن القول إن انتفاضة فلسطين الكبرى كانت انتفاضة طويلة النفس والمسيرة ، باعتبارها حرب استنزاف طويلة ومستمرة ، مثلت في ميلادها السياسي ملحمة بطولية وثورة شعبية عارمة لشعب فلسطين تضاف للملاحم السابقة في سبيل العزة والكرامة والحرية والاستقلال استطاعت أن تنجز ما لم تنجزه الثورة الفلسطينية بكفاحها منذ عام 1965 حتى عام 1987 .
فأنجزت إعلان وثيقة استقلال فلسطين في الجزائر واستطاعت أن تعمل على قيام السلطة الوطنية الفلسطينية في الوطن الفلسطيني لأول مرة في التاريخ الفلسطيني المعاصر . وبالتالي فرضت انتفاضة فلسطين الكبرى نفسها عربيا وعالميا مما أدى إلى التوجهات السياسية البراغماتية الجديدة على ساحة العمل الفدائي والجهادي الفلسطيني ، في السعي المتواصل نحو الحرية والتحرير والاستقلال الوطني تمهيدا لخروج المحتل الأجنبي عن فلسطين . انتهى بحمد الله العلي العظيم .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 – 1994 … Empty
مُساهمةموضوع: رد:  انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 – 1994 …    انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 – 1994 … Emptyالأحد 17 فبراير 2019, 12:07 pm

الإنتفاضة 1987




أ ) المقدمة: بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت عام 1982، نتيجة العدوان الإسرائيلي على لبنان، وابتعاد القيادة الفلسطينية عن خط التماس مع الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بدأ الإحساس لدى الفلسطينيين بأهمية نقل المعركة ضد (إسرائيل) إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، لمقاومة استمرار الاحتلال الإسرائيلي ووقف الممارسات الإسرائيلية ضدهم. وجاء انعقاد مؤتمر القمة العربي الطارىء في عمان 8/11/1987، لبحث الحرب العراقية – الإيرانية وغياب القضية الفلسطينية لأول مرة عن جدول أعمال مؤتمرات القمة العربية، بمثابة العامل المساعد الآخر الذي دفع الفلسطينيين إلى التحرك من أجل إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية، وضرورة استمرار بقائها القضية المركزية في الوطن العربي. مما دفع الشعب الفلسطيني إلى أن يقوم بانتفاضة بطولية، عمت جميع أرجاء الأراضي الفلسطينية المحتلة ضد سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وكان لها الأثر الكبير في إحياء القضية الفلسطينية، ومهدت الطريق أمام إشراك منظمة التحرير الفلسطينية في عملية السلام.


ب ) أسباب الانتفاضة: يمكن إجمال الظروف التي ساهمت في انطلاقة الانتفاضة الفلسطينية بالأسباب التالية:


   1 ) تراجع الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية، خاصة بعد انعقاد مؤتمر القمة العربي في عمان، الذي لم يبحث في إزالة الاحتلال الإسرائيلي عن الضفة الغربية وقطاع غزة. وشعور الفلسطينيين بأن عليهم أن يأخذوا المبادرة بأنفسهم، ويعملوا من أجل الضغط على (إسرائيل) لكي تنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة.


2 ) خروج مصر من ساحة الصراع العربي – الإسرائيلي، بعد توقيعها على اتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع (إسرائيل)، وافتقاد الجماهير الفلسطينية الأمل بحل عربي يزيل الاحتلال الإسرائيلي عنهم، بسبب عدم إمكانية حدوث مواجهة عربية ضد (إسرائيل) من دون مشاركة مصر.


3 ) خروج المقاومة الفلسطينية من لبنان، وابتعاد القيادة والثورة الفلسطينية عن فلسطين، مما أوجد الخشية لدى الفلسطينيين في الداخل، بأنهم أصبحوا بعيدين عن التأثير على صانع القرار الفلسطيني، وأنه لا بد من العمل من أجل إبقاء النضال في الداخل الأساس في تحرك قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في الخارج.


4 ) الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الداخل، واستمرار الاحتلال طيلة عشرين سنة، من دون وجود بوادر أمل على نهايته.ومصادرة الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات، ومحاصرة المدن والقرى الفلسطينية واعتقال القيادات في الداخل، مما أوجد حالة من الإحساس الوطني بضرورة التصدي للاحتلال الإسرائيلي والعمل على إزالته.


ج ) بداية الانتفاضة والممارسات الاسرائيلية: انطلقت الانتفاضة الفلسطينية يوم 8/12/1987 على أثر صدم شاحنة إسرائيلية عمداً لسيارتين فلسطينيتين كانتا تقلان عمالاً من مخيم جباليا في قطاع غزة. وأسفر الحادث عن مقتل أربعة فلسطينيين وجرح تسعة آخرين من ركاب السيارتين مما أثار سكان المخيم الذين خرجوا إلى الشوارع يرشقون جنود الاحتلال الإسرائيلي بالحجارة. وانتشرت التظاهرات المعادية للاحتلال في جميع أراضي قطاع غزة والضفة الغربية. وثم يحدث في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية – بأستثناء ثورة 1936* أن استقطبت جميع فئات الشعب الفلسطيني وتنظيماته، كما واستقطبتها الأحداث التي هزت الأراضي الفلسطينية المحتلة مدة ست سنوات (1987 –1993) والتي أطلق عليها اسم الانتفاضة، أو انتفاضة الحجارة ضد الاحتلال الإسرائيلي. ودخلت كلمة انتفاضة قاموس لاروس الفرنسي والموسوعة البريطاني، بسبب الاهتمام العالمي بها.


وعلى الرغم من ممارسات جنود الاحتلال لسياسة تكسير العظام وإطلاق الرصاص على المتظاهرين واعتقال آلاف الشبان، إلا أن الانتفاضة استمرت ست سنوات، واستطاعت أن تفرض نفسها على (إسرائيل) التي عجزت عن القضاء عليها بشتى الطرق. وكذلك على الرأي العام العالمي الذي كان يراقب تصرفات جنود الاحتلال ضد المتظاهرين والسكان المدنيين، ومن شاشات التلفاز ووسائل الإعلام الأخرى.


وأوجدت الانتفاضة حالة من الوعي الوطني في صفوف الفلسطينيين تحت الاحتلال وفي الخارج، ولدى الجماهير العربية بشكل لم يسبق له مثيل منذ سنوات طويلة. إذ دخلت الانتفاضة وجدان العرب، الذين التفوا حولها ودعموها. كما فضحت الانتفاضة الإرهاب* الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، وسلطت الأضواء على المطالب الفلسطينية الداعية إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة. وحددت الانتفاضة مطالبها في البيانات التي كانت تصدرها القيادة الموحدة للانتفاضة: مثل إطلاق سراح المعتقلين، ورفض الاستيطان * وسياسة الإبعاد والاعتقال الإداري، ووقف الممارسات القمعية ضد السكان المدنيين وضد المعتقلين، وإلغاء سياسة المنع من السفر والمضايقات والتوقف عن نشر الرذيلة والفساد والوقوع في شباك المخابرات والمخدرات، ومنع جمع الضرائب الباهظة.


ولا شك أن الفلسطينيين قد عانوا كثيراً خلال سنوات الانتفاضة، ليس من ممارسات جنود الاحتلال فحسب، بل من سياسة الإغلاق والتنكيل بالمعتقلين، ومصادرة الأراضي، والحصار الاقتصادي، وإغلاق الجامعات والمدارس الفلسطينية، وتسليح المستوطنين. واستشهد خلال الانتفاضة 1.392 شهيداً، سقط 88 % منهم بالرصاص الحي، والباقي نتيجة الضرب المبرح والتعذيب. علماً بأن الفلسطينيين لم يستعملوا السلاح في الانتفاضة بل كانت مقاومتهم مدنية، من خلال رمي الحجارة على جنود الاحتلال والمستوطنين، والاضرابات العامة والمظاهرات ومقاطعة شراء البضائع الإسرائيلية.


د ) تأثير الانتفاضة على الإسرائيليين: أحدثت الانتفاضة الفلسطينية هزة كبيرة داخل (إسرائيل)، وتأثيراً واسعاً على جميع الأصعدة السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية. فوجىء الإسرائيليون بالانتفاضة، مما أحدث ارتباكاً واضحاً داخل (إسرائيل)، خاصة في الأشهر الأولى لانطلاقها. ووصف أحد المعتقلين الإسرائيليين الانتفاضة بالقول “إن الصدمة التي صدمت بها إسرائيل من الانتفاضة كانت أعنف من المفاجأة في حرب يوم الغفران”. والسبب في ذلك أن (إسرائيل) لم تعرف ما كان يخطط له في القاهرة ودمشق عشية حرب 1973، ولكنها في الانتفاضة عام 1987، لم تستطع أن تعرف ما كان يجري في داخل المناطق التي كانت تحتلها.


وانقسمت مواقف الأحزاب الإسرائيلية إلى تيارين: التيار الأول، تمثله الأحزاب الدينية وتكتل الليكود* وقسم من حزب العمل*، ويطالب باستعمال السلاح والعنف والقتل ضد الفلسطينيين، ويرفض الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية، ويرفض الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية* والتيار الثاني، يمثله بعض الأحزاب اليسارية وحركات السلام الإسرائيلية، التي طالبت بالتفاوض مع الفلسطينيين وإيقاف استعمال العنف ضدهم.


ومن جهة ثانية، فقد أسهمت الانتفاضة في تغيير مواقف الرأي العام الإسرائيلي من الفلسطينيين، وأحدثت احترافات في صفوفهم: وتشكلت 51 حركة إسرائيلية تدعو إلى تحقيق السلام مع الفلسطينيين والانسحاب من أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة. وقللت الانتفاضة من هجرة اليهود إلى (إسرائيل) وجعلتهم يفضلون الهجرة من الاتحاد السوفيتي إلى الولايات المتحدة وأوروبا الغربية. كما حدثت هجرة يهودية معاكسة من الداخل إلى خارج (إسرائيل)، لأول مرة منذ قيام (إسرائيل) يتضاعف عدد المهاجرين إلى الخارج عن عدد اليهود القادمين وذلك في عام 1988، إذ بلغ عدد اليهود المغادرين 21 ألف يهودي، بينما وصل إلى فلسطين المحتلة في نفس العام 13 ألف يهودي. كما انخفض عدد المستوطنين في الأراضي المحتلة عام 1967 من 70 ألف مستوطن إلى 20 ألف بسبب الهجمات المتكررة التي كان يقوم بها الفلسطينيين على سيارات المستوطنين.


وأثرت الانتفاضة على الاقتصاد الإسرائيلي الذي كان يستفيد من احتلاله للضفة الغربية وقطاع غزة، إذ بلغ مجمل ما كان قد حصل عليه الاقتصاد الإسرائيلي قبل الانتفاضة ما يعادل 27 ملياراً و42.109 مليون دولار، بسبب ربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي، وإغراقه بالبضائع الإسرائيلية. وقاطع الفلسطينيون، خلال الانتفاضة، البضائع الاسرائيلية، وهبطت قيمة البضائع الإسرائيلية المشتراه من الفلسطينيين من 850 مليون دولار عام 1987 إلى 250 مليون دولار عام 1988. ورفض آلاف العمال الفلسطينيين العمل في المصانع والبناء داخل (إسرائيل). وخسر قطاع البناء الإسرائيلي خلال الأشهر الخمسة عشر الأولى 240 مليون دولار. ويمكن إيجاد تأثير الانتفاضة على الاقتصاد الإسرائيلي بما يلي:


أ )   انخفاض حجم الاستثمارات في جميع القطاعات الاقتصادية الإسرائيلية، بسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.


ب ) تقليص حجم الانتاج الذي يقدر بمليار دولار بسبب انفصال الأسواق الفلسطينية عن الاقتصاد الإسرائيلي.


ت ) الازدياد الكبير في النفقات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، مما أثر على الميزانية الإسرائيلية ومنع الإصلاحات التي كان من المتوقع أن تؤدي إلى دعم النمو الاقتصادي الإسرائيلي.


ث ) عدم انتظام العمال العرب وانخفاض عددهم إلى جانب ما أصاب بعض المصانع الإسرائيلية من عمليات تخريب متعمدة، وإغلاق بعضها بسبب إفلاسها، وإغلاق فروع البنوك الإسرائيلية في المدن الإسرائيلية.


إلا أن تأثير الانتفاضة على (إسرائيل) تجاوز البعد الاقتصادي إلى الأبعاد التالية:


1 ) جاءت الانتفاضة لكي تعكس الأوضاع التي كانت سائدة من قبل لدى الإسرائيليين في الضفة الغربية وقطاع غزة. فبعد سنوات الاحتلال الطويلة شكل الفلسطينيون تحدياً مباشراً للإسرائيليين لم يكونوا قد تعودوا عليه من قبل، إذ تعود الإسرائيليون أن يواجهوا الفلسطيني الضعيف والمطيع للأوامر العسكرية، على الرغم من وجود أوجه المقاومة للاحتلال، ولم يتعودوا أن يتحداهم الفلسطينيون بهذا الشكل من القوة والعنف والاستمرارية.


2 ) كان الجندي الإسرائيلي بملابسه العسكرية يثير الخوف عند بعض الفلسطينيين، وحصل العكس خلال الانتفاضة، إذ سقط حاجز الخوف عندهم، ورجموا الجنود المسلحين الذين يطلقون عليهم الرصاص بالحجارة والزجاجات الحارقة بكل شجاعة. ولم يعد بمقدور الجندي الإسرائيلي أن يسير وحده في الشوارع، بل لا بد من أن يكون إما داخل سيارته أو يعمل من خلال دورية عسكرية مشتركة.


3 ) انتقل الخوف الذي كان يشعر به الفلسطينيون إلى الإسرائيليين أنفسهم، ولم يعودوا يستطيعون أن يدخلوا المدن والقرى الفلسطينية المحتلة عام 1967. من دون وجود الجيش الإسرائيلي لحمايتهم، ذلك لخشيتهم من التعرض لهجوم القوات الضاربة للانتفاضة.


4 ) أحدثت الانتفاضة قلقاً كبيراً لدى الإسرائيليون بسبب التأثير الإيجابي الذي أحدثه لدى الرأي العام الدولي. ظهرت (إسرائيل) على حقيقتها، بأنها دولة محتلة تمارس القمع والإرهاب ضد الفلسطينيين، وقارنت وسائل الإعلام الغربية ممارساتها بممارسات النازيين ضد شعوب الدول التي كانت تحتلها ألمانيا النازية.


5 ) حدث استقطاب كبير داخل المجتمع الإسرائيلي، وانقسم الإسرائيليون إلى فريقين، بين مؤيد ومعارض للممارسات الإسرائيلية، مما أحدث صراعاً داخلياً أدى إلى إعتداء المتطرفين الصهاينة على أنصار حركات السلام الإسرائيلية.


6 ) زعزعت الانتفاضة الرأي العام الإسرائيلي، إذ كان الإسرائيليون يعتقدون أنهم قادرون على السيطرة على الضفة الغربية وقطاع غزة من دون ثمن، ولكنهم اكتشفوا من خلال الانتفاضة أن عليهم أن يدفعوا الثمن غالياً جداً إذا أرادوا استمرار احتلالهم للأراضي الفلسطينية. كما أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية عجزت عن فرض الحل العسكري على الانتفاضة على الرغم من قوتها وتفوقها العسكري على الفلسطينيين.


هـ ) وعلى الصعيد الفلسطيني: فقد أسهمت الانتفاضة في تبديد الاعتقاد الإسرائيلي الذي كان سائداً بأنه من الممكن استمرار احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة من دون مقاومة الفلسطينيين، ورفض الفلسطينيون الخضوع والذوبان في الكيان الصهيوني. وزادت الانتفاضة في الانتماء الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج، وفي خلق هوية فلسطينية مناضلة ضد الاحتلال، وتوحيد جميع الفصائل الفلسطينية تحت قيادة واحدة. وفي تعزيز مكانة منظمة التحرير الفلسطينية التي قادت الانتفاضة ودعمتها، مما أجبر (إسرائيل) على الدخول في مفاوضات التسوية مع الفلسطينيين والدول العربية.


و ) وعلي الصعيد الدولي: أسهمت الانتفاضة في فضح (إسرائيل) أمام الرأي العام الدولي، وأظهرتها على حقيقتها، بأنها دولة عدوانية، تقوم باستعمال القوة العسكرية ضد المدنيين الفلسطينيين. وتغيرت صورة (إسرائيل) لدى الرأي العام العالمي، الذي اكتشف أنها ليست الحمل الوديع المهدد من الدول العربية والفلسطينيين، بل أنها هي التي تهدد الآخرين بممارستها غير الإنسانية. كما دفعت الانتفاضة الدول الأجنبية على إطلاق المبادرات الدولية من أجل التوسط بين منظمة التحرير الفلسطينية و(إسرائيل) وقام كل من وزيري خارجية الولايات المتحدة جورج شولتز، بمبادرة عام 1988، وجيمس بيكر بمبادرة أخرى عام 1991، لإيقاف الانتفاضة والعمل من أجل مساعدة (إسرائيل) على الخروج من المأزق الذي وجدت نفسها تواجهه، وإيجاد حل سياسي لتسوية الصراع العربي – الإسرائيلي، مما مهد الطريق لانعقاد مؤتمر مدريد وبدء مفاوضات التسوية العربية – الاسرائيلية.


المراجع:


 


أسعد عبد الرحمن ونواف الزرو: الانتفاضة: مقدمات..وقائع..تفاعلات..آفاق، مؤسسة الأبحاث العربية.


 جواد الحمد (محرر): المدخل الى القضية الفلسطينية، ط6، مركز دراسات الشرق الأوسط، عمان، 1999.


زئيف شيف: انتفاضة، دار شوكن للنشر، القدس، 1990.


 محمد خالد الأزعر: المقاومة الفلسطينية بين غزو لبنان والانتفاضة، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1991.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
 انتفاضة فلسطين الكبرى الأولى 1987 – 1994 …
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: احداث ما بعد النكبة-
انتقل الى: