منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ   قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ Emptyالثلاثاء 31 مايو 2016, 10:34 pm

قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ

محسن محمود خضر


قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ 1213

حكم قراقوش
لم تُنسب تسميةٌ كنايةً عن الظلم في التاريخ العربي مثلما نسبت هذه العبارة إلى الأمير بهاء الدين قراقوش، وما زالت تجرى على ألسنة المصريين في حياتهم اليومية وعبر أجيال طويلة منذ قرابة الألف سنة.

وقليل هي تلك الدراسات العلمية التي اهتمَّت برفع الظلم عن هذا الرجل، وأحد كبار المهندسين والبنائين في تاريخ الإسلام.. والغريب أن كل هذا التراث المغلوط من السمعة السيئة؛ التي تدلُّ على البطش والاستبداد سببها كتاب وضعه أحد الموتورين من منافسي قراقوش وخصومه الحاقدين في عصره وهو ابن مماتي؛ الذي كتب عنه كتاب: (الفاشوش في معرفة أخبار قراقوش)، وملأه بالادعاءات الظالمة التي نسبها إلى الأمير قراقوش، وسرعان ما انتشرت على ألسنة العامة داخل وخارج مصر، ووصفه بالغفلة والحمق والبطش والاستبداد..
وما أبعد اتهامات الكتاب عن الحقيقة.. فما الحقيقة؟
قراقوش وتاريخ حافل
وُلد قراقوش بآسيا الصغرى، وهو رومي النسب، خصي، خدم أسد الدين شيركوه القائد العسكري في جيش عماد الدين آل زنكي؛ ثم في جيش خليفته نور الدين محمود؛ الذي قرَّب شيركوه وقدَّمه على بقية قواد الجيش... ودخل قراقوش مصر في جيش أسد الدين شيركوه وابن أخيه صلاح الدين الأيوبي، في تلك الفترة التي شهدت انهيار الدولة الفاطمية ونذر قيام الدولة الأيوبية... واسم قراقوش بالكامل (بهاء الدين بن عبد الله الأسدي)؛ وسمي بالأسدي نسبة إلى أسد الدين شيركوه قائده، ومعنى (قراقوش) بالتركية النسر الأسود... كان قراقوش ضلعًا في مثلث ارتكزت عليه الدولة الأيوبية في مصر، الضلع الأول هو الفقيه عيسى المهكاري، والضلع الثاني هو القاضي الفاضل، والضلع الثالث هو القائد العسكري قراقوش..

وبينما صبغت الدولة الفاطمية بالصبغة المدنية، واهتمت بإنشاء الدواوين المتعدِّدة، فإن الدولة الأيوبية كانت دولة عسكرية الطابع؛ حيث واجهها خطر الغزو الأوربي متمثلاً في جيوش الفرنجة؛ لذا اهتمَّ صلاح الدين بالتجهيزات العسكرية من مدِّ الجسور، وبناء القلاع والحصون، وإنشاء الأسوار؛ وهي مجالات كان لقراقوش باع طويل فيها..
ولكي نفهم خطورة الدور الذي أدَّاه قراقوش فوق مسرح الأحداث يجب أن نتأمَّل المناخ الذي برز من خلاله..
عندما مات الخليفة الفاطمي العاضد كان صلاح الدين قد انتهى من قطع اسمه من الخطبة، وذكر اسم الخليفة العباسي بدلاً منه، وتولى صلاح الدين يوسف الأيوبي الحكم رسميًّا، وقد حوى القصر الفاطمي كنوزًا هائلة، خشي صلاح الدين عليها من نهب (المؤتمن) أحد أعدائه، فاختار صلاح الدين قراقوش متوليًا على القصر للحفاظ على خزائنه؛ فسهر على حماية الكنوز الهائلة.
المناخ الذي تفتحت فيه عبقرية قراقوش كان مناخًا مزدهرًا عسكريًّا وسياسيًّا، ويعود ذلك إلى انتصارات صلاح الدين الحربية الباهرة.
وهي الانتصارات التي رفعت راية الإسلام، وقهرت قوى الشرِّ والعدوان الصليبية، حتى وصفها الشاعر المصري الكبير ابن سناء الملك وقتها بقوله:
بِدَوْلَــــةِ التُّرْكِ عَـــزَّتْ مِلَّةُ الْعَــرَبِ *** وَبِابْــــــنِ أَيُّــــوبَ ذَلَّتْ شِيَعـــةُ الصُّلـب
وَفِي زَمَـــانِ ابْنِ أَيُّوبٍ غَدَتْ حَلَــبٌ *** مِنْ أَرْضِ مِصْرَ وَعَادَتْ مِصْرُ مِنْ حلبِ
وَلابْنِ أَيُّــوبٍ دَانَــــتْ كُـــلُّ مملكـــةٍ *** بالصَّفْـــح والصُّلـحِ أَو بالْحَرْبِ والحَرَبِ

قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ Araoosh
 
وفي مثل هذا المناخ تألَّق نجم قراقوش، في ظلِّ قيادة صلاح الدين التاريخية... وفي رأينا أن قدرات قراقوش ومهاراته لم تكن تتفتح وتبرز إلا في مثل هذا المناخ، وهذه الدولة.
عبقرية هندسية:
يمكن تقسيم أعمال قراقوش العسكرية إلى ثلاث نواحٍ رئيسة:

1- إقامة قلعة الجبل (قلعة صلاح الدين) فوق المقطم؛ التي ظلَّت مقرًّا للحكم في القاهرة حتى عهد محمد على إلى أن استبدل بها الخديوي إسماعيل مقرًّا آخر للحكم... ولم تتم بناء قلعة الجبل في عهد صلاح الدين، وإنما أكمل بناءها الملك الكامل محمد ابن أخي صلاح الدين يوسف، وهو أول من سكن بها من بني أيوب.
كما أتبعها ببناء قلعة المقسي، وهي برج كبير بناه قراقوش على النيل، وبنى بالقرب منه أبراجًا أخرى، ولكن على طراز الأبراج الفرنجية لا الفاطمية؛ التي وجدها أصلح وأقوي وأكثر تقدُّمًا.
2- سور القاهرة: وبعد الانتهاء من بناء القلعتين، قام قراقوش ببناء سور كبير يحيط بالجيزة ناحية الصحراء الغربية من أحجار الأهرامات، ثم بني سورًا يحيط بالقاهرة، وبناه من حجارة الأهرامات الصغيرة والمقطم، وحفر فيه بئرًا وضم مسجدًا.. وكانت البئر من عجائب الأبنية؛ "يدور البقر من أعلاها، وينقل الماء من وسطها، وتدور أبقار أخرى وسطها، فينقل الماء من أسفلها، وجميع ذلك حجر منحوت، ليس فيه بناء، وقيل: إن أرض هذا البئر مسامتة لأرض بركة الفيل، وأن ماءها كان عذبًا في أول الأمر، ثم أراد قراقوش الزيادة في مائها، فوسعها، فخرجت منها عين مالحة غيَّرت حلاوتها".
وهذا السور هو السور الثالث الذي أحاط بالقاهرة بعد سور جوهر الصقلي مؤسس القاهرة، وسور بدر الدين الجمالي الأمير الفاطمي، وكان السوران من اللَّبِن وليس من الحجارة كما جاء سور قراقوش..
وينقل ابن إياس عن ابن الأثير أنه "لما دخلت سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، شرع الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب في بناء سور القاهرة بالحجر القص النحيت، وأبطل السور الذي كان بناه جوهر القائد، سنة إحدى وستين وثلاثمائة، وكان بناه بالطوب اللبن في دولة الفاطميين.. ثم جعل دوره ثلاثًا وثلاثين ألف ذراع بالعمل، وجعل في هذا السور أحد عشر بابًا، غير الأبواب الصغار، وكان القائم على بناء السور الأمير بهاء الدين قراقوش".
وقد شمل هذا السور عدة مراحل.. فأقام قراقوش قطعة من السور الغربي؛ وهي الممتدة من النهاية الغربية لسور بدر الجمالي البحري ومتجهة نحو الجنوب إلى باب القنطرة؛ الذي أنشأه صلاح الدين في السور الغربي المذكور تجاه باب القوس؛ الذي كان يعرف بباب الرماحين. ثم رأى أن يزيد في سور المدينة البحري ومده إلى الغرب وبيني سورها الغربي على النيل بدلاً من الخليج؛ وذلك لكي يدخل في السور القسم الذي استجدَّ خارج القاهرة في الجهة الغربية منها بين الخليج والنيل، ولكي يُنَفِّذ هذا المشروع أوقف بناء السور الغربي على الخليج بعد باب القنطرة، وفي سنة 569هـ شرع بهاء الدين قراقوش في مدِّ السور البحري من باب الشعرية إلى البحر بالمقسي، وأتمه فعلاً، وأراد أن يبني السور الغربي للقاهرة على النيل من باب البحر إلى فم الخليج ليوصل سور القاهرة بسور مصر القديمة؛ ولكن وفاة صلاح الدين حالت دون ذلك.
هذه هي أهم إنشاءات قراقوش الحربية والهندسية بمصر: قلعة الجبل، وقلعة المقسي، وسور القاهرة.
3- سور عكا: فقد استردَّ صلاح الدين عكا بعد بيت المقدس من أيدي الفرنجة، وتهدَّم سور المدينة من الحصار، وترك لقراقوش مهمة إعادة بناء السور المتهدم، ومضى ليحرِّر الحصون الأخرى من الفرنجة، وعكف قراقوش على عمله بجد وشغف وبعزيمة ومضاء، وهو يدرك أهمية هذا العمل في تحرير الأرض العربية من أيدي المغتصبين؛ ولكن الفرنجة في محاولة يائسة، قرروا لمَّ شتاتهم في المنطقة والقيام بعملية التفاف حول قوات المسلمين، وحاصروا عكا حتى يشتتوا تركيز صلاح الدين، واستمر الحصار عامين، وقراقوش يقود المقاومة والصمود داخل المدينة المحاصرة، حتى غلبهم الجوع والوباء وإمدادات الفرنجة التي أتت من البحر، لتقع عكا في أيديهم، ويقع من فيها أسرى وقتلى وجرحى، وأُسِرَ قراقوش نفسه حتى أُفرج عنه في الصلح في 11 شوال سنة 588هـ= (1192م)...
وبعد وفاة صلاح الدين، عمل قراقوش في خدمة العزيز، فكان يُنيبه على البلاد عند خروجه للقتال، كما كان يفعل أبوه صلاح الدين.. وقد أحبط مؤامرة العادل لخلع العزيز بالله بالاتفاق مع قائد أكبر قوات العزيز؛ وهو حسام الدين أبو الهيجاء السمين زعيم الأسدية الذي انسحب بقواته من الشام وكشف ظهر العزيز بالله؛ ولكن قراقوش أحبط محاولة الانقلاب على العزيز بالقاهرة، وأخمد عزم بقية القوات بالانضمام لحركة السمين؛ وسهل عودة العزيز إلى القاهرة.
وبعد وفاة العزيز تولَّى المنصور وسنه تسع سنوات، أصبح قراقوش وصيًّا على العرش، وعندما انقسم الصلاحية والأسدية، واستعانوا بالملك الأفضل عم المنصور، تنازل قراقوش له عن الوصاية.. ولكن مؤامرات العادل استمرت، وظلت أطماعه في الشام صوب عرش القاهرة سادرة، وعزم على الإغارة على القاهرة، فلما تبين الأفضل أطماع عمه العادل، جمع قواده وعرض عليهم الأمر، فقال له الأمير بهاء الدين قراقوش في تصميم: "لا تخف يا مولاي، فنحن جندك وجند أبيك من قبلك، مرني أحفظ لك قلعة الجبل، ثم مرني أحفر لك ما بقي من سور البلد، ثم مرني أتعمق الحفر، حتى أصل إلى الصخر، وأن أجعل التراب على حافة الحفر؛ فيبدو كأنه حائط آخر، ودعني أفعل ذلك فيما بين البحر وقلعة المقسي، وبذلك لا يبقى لمصر طريق إلا من بابها الذي يصعب أن يفتحه العدو".
ولكن العادل استولى على مصر، وفر الأفضل من وجهه إلى الشام، وخلع العادل المنصور ونصب نفسه واليًا، وخطب له...
وتواري قراقوش في الظل حتى توفي في مستهل رجب سنة 597هـ (1200م) بعد حياة حافلة بالعطاء والإخلاص...
مَنْ ظَلَمَ النسر الأسود؟
وعلى الرغم من هذا التاريخ الزاهي للأمير قراقوش، فقد قيض الله له أحد الأدباء الموتورين وهو ابن مماتي ليشوه هذا التاريخ المضيء... واسمه بالكامل الأسعد أبو المكارم أسعد بن الخطير أبي سعيد مهذب بن مينا بن زكريا بن أبي قدامة بن أبي مليح مماتي... وهو مسيحي الأصل من أسيوط، أسلم أبوه من قبل، وأتاح ذلك له أن يبرز في المجتمع القاهري وقتها، فتقرب من القاضي الأفضل، وترأس ديوان الجيش في عهد صلاح الدين وطوال حكم العزيز بالله؛ ولكنه فرَّ من البلاد في حكم العادل، ولابن مماتي مؤلفات كثيرة أغلبها في آداب السلوك.

فماذا تضمن هذا الكتاب..؟
يبدأ الكتاب بهذه الفقرة: "إنني لما رأيت عقل بهاء الدين قراقوش مخرمة فاشوش، قد أتلف الأمة، والله يكشف عنهم كل غمة، لا يقتدي بعالم، ولا يعرف المظلوم من الظالم، الشكية عنده لمن سبق، ولا يهتدي لمن صدق.

ولا يقدر أحد من عظم منزلته على أن يرد كلمته، ويشتط اشتياط الشيطان، ويحكم حكمًا ما أنزل الله به من سلطان، صنف هذا الكتاب لصلاح الدين، عسى أن يريح منه المسلمين"..
ثم اشتمل الكتاب على وقائع منسوبة لقراقوش لا تدل إلا على الحمق والبله والغباء والتسلط والقهر..
ونقدم بعض هذه القصص؛ التي تضمنها كتاب: "الفاشوش في أحكام قراقوش".
- حكي أنه طار له باز، فقال: اقفلوا باب النصر، وباب زويلة، فإن الباز لا يجد له موضعًا يطير منه.
- وحكي أن شخصًا شكا له مماطلة غريمه، فقال له المدين: يا مولانا، إني رجل فقير، وإذا حصلت شيئًا له، لا أجده، فإذا صرفته جاء وطالبني.

فقال قراقوش: احبسوا صاحب الحق، حتى يصير المديون إذا حصل شيئًا يجد له موضعًا معلومًا يدفع له فيه. فقال صاحب الحق: تركت أجري على الله. ومضي.
- وأتوه بغلام، وفي يده ديك، فقال: يا هذا؛ إن هذا الديك لو نقر عينك لكان يقلعها.. يا غلمان، خذوا منه دية عينه.

فحلف الغلام ألا يقعد في مدينة يكون حاكمها قراقوش أبدًا.
ويدفع المؤرخ الإسلامي الكبير ابن خلكان هذه التهم عن قراقوش، ويؤكد إنكار كتاب ابن مماتي لتشويهه، فيقول: "والناس ينسبون إليه أحكامًا عجيبة، في ولايته نيابة مصر عن صلاح الدين، حتى إن الأسعد بن مماتي له فيه كتاب لطيف؛ سماه: "الفاشوش في أحكام قراقوش"، وفيه أشياء يبعد وقوع مثلها منه، والظاهر أنها موضوعة؛ فإن صلاح الدين كان يعتمد في أحوال المملكة عليه، ولولا وثوقه بمعرفته وكفايته ما فوضها إليه.

والدفع الأساسي الذي ندفع به تلك التهم عن قراقوش هو صلاح الدين الأيوبي نفسه، فهل يثق صلاح الدين في رجل بهذه البشاعة لأكثر من عشرين سنة؟ وهل أخطأ العزيز بالله ثم الأفضل في الحكم عليه؟
وبافتراض صحة اتهامات ابن مماتي لقراقوش؛ فإن المدان الأول في هذه الحالة هو صلاح الدين الأيوبي؛ بل وأسد الدين شيركوه من قبله، اللذان تألق نجم بهاء الدين قراقوش في ظلهما....
أم أن ابن مماتي وجد في مضاء وحسم وجد قراقوش ما أغاظه وأطلق عقال حقده؟ ويُرجع د. عبد اللطيف حمزة تأخر ظهور كتاب الفاشوش إلى ما بعد وفاة صلاح الدين بقوله: "فالذي نرجحه في كتاب الفاشوش أنه لم يعمل عمله وقت ظهوره على عهد صلاح الدين، فلا أثَّر هذا الكتاب في نفس السلطان العظيم، ولا عول على هذا الحادث الأدبي رجل كالقاضي الفاضل، ولا رفع السلطان يد قراقوش عن العمل الذي كلفه إياه...
أما الزمن الذي أرجح أنه أفاد من كتاب الفاشوش فهو الزمن الذي تلا موت الملك العزيز ولد السلطان صلاح الدين؛ أعني في الفتنة التي حدثت على عرش العزيز وتولية ابنه المنصور، وكان المنصور صبيًّا، فاحتاج الأمر إلى أن يكون له أتابك، وكان العزيز نفسه قد أوصى بأن يكون قراقوش هو الأتابك، غير أن هذا الأمر لم يصادف هوى من نفوس كبار الجند؛ وإذ ذاك استدعوا الملك الأفضل، وكان ابن مماتي ممن اشتركوا في استدعائه يومئذٍ، والظاهر أنه هو الذي وصف قراقوش في مجلس من مجالس المؤامرة التي دُبِّرَتْ ضده بهذه العبارة؛ وهي قوله: "إنه مضطرب الرأي، ضيق العطن".
وهو وصف ذَكَرَتْهُ المراجع التاريخية الكبرى؛ وإن لم تنسبه إلى قائله.
ومعنى ذلك أن كتاب الفاشوش هو من وحي رجل كابن مماتي في ظرف من الظروف الخاصة، وأن السياسة أفادت منه كثيرًا فيما بعد".

إن هذا الظلم الذي لصق بشخصية كبيرة في التاريخ الإسلامي، وعقلية هندسية وعسكرية مشهودة، تحتاج للإنصاف والتصحيح.


المصدر: محسن محمود خضر، الوعي الإسلامي، العدد 296، شعبان 1429هـ= مارس 1989م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ   قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ Emptyالثلاثاء 31 مايو 2016, 10:37 pm

قراقوش .. المظلوم حيا وميتا !!

قصة الإسلام


قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ Shapeqar

تنتشر في مصر جملة دارجة على الألسنة تقول: "حكم قراقوش"، وتقال للشخص إذا كان صاحب سلطة ومَالَ إلى البغي والظلم، فتُقال للوزير والمدير وأحيانًا لرب الأسرة. وعلى جانب آخر صوَّرت بعض المصادر قراقوش كمثال للسذاجة والبله، وحكيت عنه حكايات تشير إلى شخص أحمق وغبي ويثير الضحك.. والبعض يتصور أن قراقوش شخصيَّة لا وجود لها، لكن الحقيقة غير ذلك؛ لأن شخص قراقوش كان مثالاً للعدل، ومثالاً للعطاء بلا حدود.. وكان واحدًا من ثلاثة بَنَى عليهم صلاح الدين الأيوبي أركان حكمه.
قال عنه ابن إياس في (بدائع الزهور): "كان قراقوش القائم بأمور الملك، يسوس الرعية في أيامه أحسن سياسة، وأحبته الرعية ودعوا له بطول البقاء".
وقال عنه ابن خلكان في (وفيات الأعيان): "كان حسن المقاصد، جميل النية، وكان له حقوق كثيرة على السلطان وعلى الإسلام والمسلمين".
أما ابن تغري بردي فقال عنه في (النجوم الزاهرة) عند ذكره صلاح الدين الأيوبي: "وكان وزيره بمصر الصاحب بهاء الدين قراقوش، صاحب الحارة المعروفة بسويقة الصاحب القديمة في الجامع الحاكمي، وكان رجلاً صالحًا غلب عليه الانقياد إلى الخير، وكان السلطان يعلم منه الفطنة والنباهة، وكان إذا سافر السلطان من مصر إلى الشام في زمان الربيع كما هي عادته كل سنة، يفوض إليه أمر البلاد، لكنه في سنة إحدى وستين وخمسمائة حكمها منفردًا من غير مشاركة؛ لوفاة ولي العهد المشارك له في ذلك، فلم يستقم له الحال، ووضعت عليه الحكايات المضحكة".
والسؤال الآن: من هو قراقوش؟
قراقوش في الأصل غلام مملوكي جيء به من أسواق النخاسة، وقد يكون من أصل تركي، وكان خصيًّا، وألحق بمماليك أسد الدين شيركوه وقتما كان يعمل هو وأخوه نجم الدين أيوب في خدمة السلطان عماد الدين زنكي بالشام، واستمر أسد الدين وأخوه نجم الدين في خدمة آل زنكي ومعهما قراقوش، الذي أسلم على يد سيِّده أسد الدين، وأصبح اسمه بهاء الدين عبد الله الأسدي، وأعتقه بعد ذلك، وصار مشهورًا بالأمير بهاء الدين قراقوش، وأصبح بعد ذلك من كبار أمراء أسد الدين شيركوه، وأيضًا من كبار قادة جيشه.

ولما أرسل نور الدين محمود قائده أسد الدين شيركوه بجيشه إلى مصر بناء على طلب آخر الملوك الفاطميين بها، وأتى إلى مصر بصحبة ابن أخيه صلاح الدين كان معهم قراقوش، بعد أن أصبح قائدًا عسكريًّا كبيرًا، وتداعت الأحداث بعد ذلك بموت نور الدين في دمشق، وموت الخليفة العاضد آخر الحكام الفاطميين في مصر، وظهور نجم الأيوبيين، وآلت مصر والشام لحكم صلاح الدين الأيوبي.
أركان حكم صلاح الدين الأيوبي
كان صلاح الدين الأيوبي يقيم أركان حكمه على ثلاثة أشخاص، وهم: الفقيه عيسى الهَكَّاري، والقاضي الفاضل، وقراقوش. وكان هؤلاء الثلاثة هم وراء تثبيت دعائم دولة صلاح الدين الجديدة، ومن بين الثلاثة برز قراقوش وتميَّز عن الجميع، فكان دوره كبيرًا في السيطرة على حالة الفوضى التي عمَّت في مصر بعد موت الخليفة العاضد ومحاولة بعض رجاله الدخول في صدام مع صلاح الدين لبقاء مصر تحت راية الفاطميين..

لكن قراقوش تمكن من السيطرة على الموقف، فقام بنقل أسرة العاضد من قصر الخلافة إلى منزل الأمير برجوان، صاحب الحارة التي تعرف باسمه حتى يومنا هذا بالقاهرة، وعزل النساء عن الرجال من أسرة العاضد، كما قام ببيع العبيد والجواري، وسيطر على ثروة القصر الفاطمي الذي كان به ثروة لم تتوفر لأي ملك من ملوك الدنيا قبل ذلك.
قراقوش في مصر
كانت ظروف المرحلة تفرض على صلاح الدين أن تتجه أغلب جهوده في إعداد الدولة لخوض الحرب ضد الصليبيين الذين كان يحتلون بيت المقدس وقتها، فتوسعت الدولة في بناء القلاع والحصون والمنشآت العسكرية من إقامة الجسور وتمهيد الطرق، وكلها مهام ضخمة لم يجد صلاح الدين خيرًا من قراقوش ليقوم بالإشراف عليها، وكان مشهورًا بصبره وجلده وعزيمته الفولاذية التي لا تلين، إضافةً إلى مواهبه الهندسية التي كشفت عنها أعماله.

كان أول عمل عظيم قام به قراقوش هو بناء "قلعة الجبل"، على جزء مرتفع من الأرض منفصل عن جبل المقطم بالقاهرة، وتشرف على القاهرة كلها، وكانت مقرًّا للنسر الإسلامي الذي اتخذه صلاح الدين شعارًا لدولته، وأصبحت من بعده مقرًّا للحكم في مصر حتى نقل الخديوي إسماعيل مقر الحكم إلى قصر عابدين بالقاهرة في ستينيات القرن التاسع عشر.
وبعد أن فرغ قراقوش من بناء قلعة الجبل، قام ببناء قلعة المقياس بجزيرة الروضة، ثم سور مجرى العيون الذي ينقل المياه من فم الخليج حتى القلعة، وهو عمل هندسي عظيم بكل المقاييس لما فيه من دقة وحرفية هندسية عالية، ثم شرع في بناء سور عظيم يحيط بالقاهرة والجيزة، لكنه مات قبل أن يتمه، وكان قد حشد له آلاف الأسرى من الصليبيين وغيرهم من عامَّة الشعب، الذين قاموا بتقطيع أحجاره من صحراء الهرم، ويعتبر هذا العمل الضخم هو أحد أسباب كراهية العامَّة لقراقوش، الذين أحسوا بمرارة السخرة خلال هذا العمل الضخم.
قراقوش في الشام
وإضافة إلى هذا الدور العظيم الذي قام به قراقوش في مصر، كان له دور مهم أيضًا قام به في الشام، وبالتحديد في عكا، فبعد انتصار صلاح الدين على الصليبيين ونجاحه في طردهم من بيت المقدس، واصل زحفه حتى استولى على واحد من أهم وأكبر حصونهم في الشام، وهو حصن عكا، بعد أن دفع فيه ثمنًا غاليًا من المال والشهداء، وكان الحصن قد تهدمت منه أجزاء كثيرة أثناء المعارك، ورأى صلاح الدين أن يترك عكا وحصنها أمانة في يد قراقوش، ويذهب هو ليواصل زحفه لامتلاك حصون الصليبيين الأخرى، قبل أن يفيقوا من هزيمتهم في عكا، ويتمكنوا من جمع شملهم الذي تفرق، وقبل أن يأتيهم المدد من ملوك أوربا..

بقي قراقوش حارسًا للمدينة مع حامية صغيرة، وواصل الليل بالنهار يبني ويرمم ما تهدَّم من سور المدينة وحصنها، وعكف على هذا العمل بهمةٍ لا تعرف الملل، وعزيمة لا تعرف الكلل.
حصار الصليبيين على عكا
لكنه ما كاد ينتهي من عمله هذا حتى واجه ما لم يكن في حسبانه؛ فالصليبيون الذين أجلاهم صلاح الدين عن القدس وهزمهم بعد ذلك في عكا، تجمعوا ولمُّوا شتاتهم الذي كان قد تفرق في حصن آخر من حصونهم التي كانت لهم على الساحل، وزحفوا على عكا من جديد وحاصروها، واستمر حصارهم لها عامين..

وكان وقتها صلاح الدين وجيشه مشغولاً بمحاربتهم في مكان آخر بالشام، وذاق قراقوش ومن معه مرارة الحصار داخل أسوار عكا، وتحملوا أقصى ما يمكن أن يتحملوه من جهد ونصب، ونفدت أثناء الحصار الأطعمة، ووجدوا صعوبة شديدة حتى في الحصول على الماء للشرب، وتفشت الأوبئة بين المحاصرين، حتى تمكن منهم الصليبيون، فاقتحموا أسوار عكا، وأسروا من فيها بما فيهم قراقوش، وبقي في الأسر حتى افتدى صلاح الدين كل الأسرى بعد ذلك.
وفاء قراقوش لصلاح الدين الأيوبي
ولما توفي صلاح الدين الأيوبي، ظلَّ قراقوش على وفائه مع ابنه العزيز، يحمي عرش مصر والشام، ثم كان وصيًّا على عرش المنصور، ومارس كل مهام السلطنة في بهذه الصفة، إلى أن أعفاه منها الملك العادل أخو السلطان صلاح الدين، وبعدها لزم بيته حتى توفاه الله عام 1201م.

المصدر: مجلة الباحثة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ   قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ Emptyالثلاثاء 31 مايو 2016, 10:39 pm

قراقوش .. المفترى عليه

الشيخ علي الطنطاوي
قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ Shapeqar2

جئت أحدثكم اليوم عن رجلٍ راح ضحية الأدب المفتري، كما راح كافور ضحيَّة الشعر الظالم.. هو قراقوش.
وقراقوش المسكين الذي صار على ألسنة الناس في كل زمان وكل بلد المثل المضروب لكل حاكم فاسد الحكم، فكلما أراد الناس أن يصفوا حكمًا بالجور والفساد قالوا: هذا حكم قراقوش.

وهم يحرِّفون اسمه فوق تحريف تاريخه.. فيقولون: قراقاش بدل قراقوش، وقراقوش معناها بالتركية: النسر الأسود (قوش: نسر، قرا: أسود).

إن قراقوش له صورتان: صورة تاريخيَّة صادقة، وصورة روائيَّة صوَّرها عدوٌّ له من منافسيه.

والعجيب أن الصورة التاريخية الحقيقية طُمست ونُسيت، والصورة الخيالية بقيت وخُلِّدت، فلا يذكر قراقوش إلا ذكر الناس هذه الحكايات العجيبة، وهذه الأحكام الغريبة التي نسبت إليه، وافتريت عليه.

فمن هو قراقوش؟
هو أحد قواد بطل الإسلام صلاح الدين الأيوبي، كان من أخلص أعوانه وأقربهم إليه، وكان قائدًا مظفرًا، وكان جنديًّا أمينًا، وكان مهندسًا حربيًّا منقطع النظير.


وكان مثالاً كاملاً للرجل العسكري، إذا تلقى أمرًا أطاع بلا معارضة ولا نظر ولا تأخير، وإن أمر أمرًا لم يرض من جنوده بغير الطاعة الكاملة، بلا اعتراض ولا نظر ولا تأخير.

وكان أعجوبة في أمانته، لما أحس الفاطميون بقرب زوال ملكهم شرعوا يعبثون بنفائس القصر، ويحملون منها ما يخف حمله ويغلو ثمنه، وكان القصر مدينة صغيرة، كدَّس فيها الخلفاء الفاطميون[1] خلال قرون من التحف والكنوز والنفائس ما لا يحصيه العدُّ، ولو أن عشرة لصوص أخذوا منه ما تُخفِي الثياب، لخرج كلٌّ منهم بغنى الدهر ولم يحس به أحد.

فوكل صلاح الدين قراقوش بحفظ القصر، فنظر فإذا أمامه من عقود الجواهر والحلي النادرة والكئوس والثريات والبسط المنسوجة بخيوط الذهب ما لا مثيل له في الدنيا، هذا فضلاً عن العرش الفاطمي الذي كان من أرطال الذهب، ومن نوادر اليواقيت والجواهر، ومن الصنعة العجيبة ما لا يقوّم بثمن[2].

وكان في القصر فوق ذلك من ألوان الجمال في المئات والمئات من الجواري المنحدرات من كل أمم الأرض، ما يفتن العابد..

فلا فتنه الجمال، ولا أغواه المال، ووفَّى الأمانة حقها، ولم يأخذ لنفسه شيئًا، ولا ترك أحدًا يأخذ منها شيئًا.

وهو الذي أقام أعظم المنشآت الحربية التي تمت في عهد صلاح الدين، وإذا ذهبتم إلى مصر وزرتم القلعة المتربعة على المقطم المطلة على المدينة، فاعلموا أن هذه القلعة، بل هذه المدينة العسكرية، أثر من آثار قراقوش.

وإذا رأيتم سور القاهرة الذي بقي من آثاره إلى اليوم ما يدهش الناظر، فاعلموا أن الذي بَنَى السور وأقام فيه الجامع وحفر البئر العجيبة في القلعة هو قراقوش.

ولما وقع الخلاف بين ورثة صلاح الدين وكادت تقع بينهم الحرب، ما كفَّهم ولا أصلح بينهم إلا قراقوش.

ولما مات العزيز الأيوبي وأوصى بالملك لابنه المنصور وكان صبيًّا في التاسعة، جعل الوصي عليه والمدبر لأمره قراقوش، فكان الحاكم العادل، والأمير الحازم، أصلح البلاد، وأرضى العباد.

هذا قراقوش، فمن أين جاءت تلك الوصمة التي وُصم بها؟! ومن الذي شوَّه هذه الصورة السويَّة؟!

إنها جريمة الأدب يا سادة.

لقد أساء المتنبي إلى كافور، فألبسه وجهًا غير وجهه الحقيقي، وأساء ابن مماتي إلى قراقوش، فألبسه وجهًا غير وجهه الحقيقي.

ولم يعرف الناس من الاثنين إلا هذا الوجه المعار كوجوه الورق الذي يلبسها الصبيان أيام العيد.

وابن مماتي هذا كاتب بارع وأديب طويل اللسان، كان موظفًا في ديوان صلاح الدين، وكان الرؤساء يخشونه ويتحامونه، ويتملقونه بالود حينًا وبالعطاء حينًا. ولكن قراقوش وهو الرجل العسكري الذي لا يعرف الملق ولا المداراة لم يعبأ به، ولم يخش شره، ولم يدرِ أن سن القلم أقوى من سنان الرمح، وأن طعنة الرمح تجرح الجرح فيشفى، أو تقتل المجروح فيموت، أما طعنة القلم فتجرح جرحًا لا يشفى ولا يريح من ألمه الموت..

فألَّف ابن مماتي رسالة صغيرة سمَّاها "الفافوش في أحكام قراقوش"، ووضع هذه الحكايات ونسبها إليه.

وصدَّقها الناس، ونسوا التاريخ.

ومات قراقوش الحقيقي وبقي قراقوش الفافوش، كما مات كافور التاريخ وبقي كافور المتنبي، وكما نسي عنترة الواقع وبقي عنترة القصة.

هذا يا سادة سلطان الأدب، فيا أيها الأدباء اتقوا الله في هذا السلطان، ويا أيها الناس لا تنخدعوا بتزييف الأدباء.

المصدر: كتاب (رجال من التاريخ - الجزء الأول) للشيخ علي الطنطاوي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
قراقوش عبقرية ظلمها التاريخ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: شخصيات :: المجاهدون-
انتقل الى: