منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  نور الدين محمود زنكي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75783
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 نور الدين محمود زنكي Empty
مُساهمةموضوع: نور الدين محمود زنكي    نور الدين محمود زنكي Emptyالأربعاء 01 يونيو 2016, 4:29 am

نور الدين محمود والنهضة العلمية

د. راغب السرجاني


 نور الدين محمود زنكي ShapeewstWE

إنه المجاهد الكبير نور الدين محمود ، الذي تولَّى إمارة حلب بعد وفاة والده المجاهد أيضًا (عماد الدين زنكي)؛ فوضع نصب عينيه السير على منهاج أبيه في جهاد الصليبيين، الذين كانوا قد بدأوا في احتلال إمارات الشام، وتمكَّن من التغلُّب عليهم، في بعض المناطق، وتمكن من فرض سيطرته على عددٍ من قلاع الشام، كما استطاع – كذلك - أن يضم إنطاكية لإمارته، ثم دمشق بعد ذلك، ثم استطاع أن يضم إليه مصر، ودخلت تحت سيطرته.
لقد كان ذلك المجاهد قريبًا من العلم قربه من الجهاد؛ فيذكر ابن عساكر في حديثه عن نور الدين محمود أنه: "كان حريصًا على تحصيل الكتب الصحاح والسنن، كثير المطالعة للفقه والحديث"[1].
جهود نور الدين محمود في نشر العلم
إنَّ من مآثر نور الدين محمود أن حياة الجهاد العظيمة التي عاشها لم تشغله عن الاهتمام بالعلم سواء بتعلمه أو الاهتمام بنشره؛ فقد أُثِرَ عن نور الدين محمود اهتمامُه الشديد بالعلم، والمبالغة في العطاء عليه، رغبةً منه في إعادة بناء دولته (الزنكية) بناءً قويًّا على أساسٍ من العلم؛ من هنا حرص على نشر العلم والتعليم بين الناس، فأمر بإنشاء عدد من مدارس الفقه في شتى مذاهبه، لتكون قبلةً لطلاب العلم، فأمر بإنشاء (المدرسة العادلية) في المذهب الشافعي ، والمدرسة (البدرية) لـ المذهب الحنفي ، وكان أول مَنْ بنى مدرسةً للحديث هو نور الدين محمود[2]، فقد كان يؤمن أنه لا يمكن أن تقيم راية الجهاد إلا إذا أعددت الشعب بالتعليم؛ لذا كان يُعِدُّ الناس للجهاد بنفخ روح الإيمان في نفوسهم من ناحية، وبنشر العلم والثقافة من ناحية أخرى.

ولم يكن اهتمامه: منصبًّا على علوم الدين فحسب، بل كان يقدر لعلوم الحياة قدرها؛ فقد كان شديد الاهتمام بالابتكار في سائر المجالات كالفلك وعلم النجوم، وكان يحثُّ العلماءَ على الابتكار؛ من ذلك ما فعله مع رضوان بن رستم الساعاتي، الذي صنع الساعاتِ التي عند باب الجامع الأموي بدمشق، حيث كان يخصُّه بالكثير من المال والعطايا، حتى يتقدم في صناعته ويتقنها[3].
كذلك اهتمَّ نور الدين محمود بإنشاء المستشفيات (البيمارستانات)، وجعلها تقدم الخدمة الطبية المجانية للشعب، وقد انتشرت في أغلب مدن الدولة الزنكية، وتُعتَبَر البيمارستانات من مفاخر الحضارة الإسلامية التي سبقت غيرها من الحضارات.
وكان الملك العادل نور الدين محمود وخلفاؤه من البيت الأيوبي هم أول من استكثر منها من الملوك والسلاطين، كما اهتموا بدراسة الطب وممارسته اهتمامًا بالغًا وقايةً لبلادهم من الأوبئة والأمراض، وكانت حلب في عهد الملك نور الدين محمود إحدى مراكز تدريس الطب في بلاد الشام، وكان ميدان ذلك البيمارستان النوري الذي كان يؤدي رسالة علمية لها أهميتها في تدريس الطب إضافة إلى قيامه بوظيفته الأساسية علاج المرضى ومتابعتهم[4].
أهم المؤسسات العلمية التي أنشأها:
1- البيمارستانات:
أ- البيمارستان النوري: قال ابن الشحنة: إن الملك نور الدين محمود هو الذي بنى هذا البيمارستان داخل باب أنطاكية بالقرب من سُوق الهواء[5].

وقد ذكر ابن الشحنة أنَّ الملك نور الدين حينما أراد بناء هذه البيمارستان طلب من الأطباء أن يختاروا من حلب أفضل بقعة، صحيحة الهواء صالحة لإقامة البيمارستان بها، وذبحوا خروفًا وقطعّوه أربعة أرباع، وعلّقوها بأرباع المدينة ليلاً، فلمّا أصبحوا وجدوا أحسنها رائحة الرّبع الذي كان في هذا الموقع، فبنوا البيمارستان فيه، وهذه خطة حكيمة في اختيار المكان الصالح لبناء البيمارستان، ومما يذكر أن هذا الأمر شبيه بما فعله الرازي من قبل في بغداد حينما أشرف على بناء المستشفى العضدي[6]، كل ذلك في وقت تنعدم فيه آلات قياس الأبعاد ودرجات الحرارة واختبارات الأجواء.
ويقع هذا البيمارستان حاليًّا في منطقة الجلوم الكبرى في الزقاق المعروف حاليا بزقاق البهراميّة[7]، وقد وجد مكتوبًا عند باب البيمارستان: بسم الله الرحمن الرحيم أمر بعمله المولى الملك العادل المجاهد المرابط الأعز الكامل صلاح الدنيا والدين قِسيم الدولة رضي الخلافة تاج الملوك والسلاطين ناصر الحق بالبراهين محيي العدل في العالمين قامع الملحدين قاتل الكفرة المشركين أبو القاسم محمود بن زنكي بن آق سنقر ناصر أمير المؤمنين أدام الله دولته[7]، وكان نور الدين قد أوقف على هذا البيمارستان عددًا كبيرًا من الأوقاف[8]؛ لكي تُدِرَّ قدرًا وفيرًا من المال لتأمين نفقات هذا البيمارستان الكبير، وقد أشار محمد كرد إلى وجود مكتبة متخصصة داخل البيمارستان تشتمل على كثيرٍ من الكتب الطبية التي أوقفها الملك نور الدين محمود على هذا البيمارستان[9]؛ ممّا يؤكِّد أثر هذا البيمارستان في النشاط العلمي في هذا العهد إلى جانب الوظيفة الطبية التي كان يقوم بها.
ب- البيمارستان النوري في دمشق: يُنسَبُ هذا البيمارستان إلى لملك نور الدين محمود زنكي، قال عنه ابن الأثير: وبنى البيمارستانات في البلاد، ومن أعظمها البيمارستان الذي بناه بدمشق؛ بلغني أنه لم يجعله وقفًا على الفقراء فحسب، بل على كافَّة المسلمين من غني وفقير[10].
وقد اشتهر البيمارستان النوري في دمشق في عهد نور الدين محمود زنكي بتدريس الطب، وقد أشار إلى ذلك ابن أبي أصيبعة وهو يُترجم لشيخه الطبيب أبي المجد بن أبي الحكم المتوفي سنة 570ﻫ/1174م؛ فالبيمارستان كان في ذلك العهد هو المكان الرئيسي لمهنة الطب والصيدلة من حيث التدريس والتطبيق، كما شاركه في ذلك مجالس العلم التي كان يعقدها الموصوفون بصناعة الطب وتدريسه لطلابهم، ولم تُشِر المصادر إلى وجود مدارس مستقلة بتدريس الطب في العهد الزنكي كما هو الشأن في العهد الأيوبي بعد ذلك، عندما أُنشِئت أول مدرسة خاصة لتدريس الطب سنة 621ﻫ/1224م وهي المدرسة قبلي الجامع الأموي بدمشق[11].
2- المدارس:
كانت المساجد هي المراكز الأولى للتعليم في الإسلام، إلى جانب كونها محل عبادة المسلمين، ومقر اجتماعاتهم ولكن مع مرور الزمن انتقل التعليم في بعض مظاهره عن المساجد إلى أماكن أخرى عُرِفَت بالمدارس، ولما تولى نور الدين حكم الدولة الزنكية شهدت حركة بناء المدارس انتشارًا واسعًا فقد أخذ في إنشائها، واستدعى لها كبار العلماء من مختلف الأقطار الإسلامية، وبنى لهم العديد من المدارس في شتى أرجاء مملكته، وكان يهدف من ذلك إلى دعم المذهب السني، ومقاومة التشيع في المنطقة،

ومن أهم المدارس التي قام بإنشائها:
المدارس في حلب: 
بدأت الحركة العلمية تبرز في حلب في بداية حكم نور الدين محمود لها في عام 541ﻫ والذي ركز نشاطه منُذ استلامه الحكم في تنفيذ سياسته الرامية إلى الوقوف بشدة أمام المذهب الشيعي الذي زاد انتشاره آنذاك في حلب، فحرص على تقويضه وإحلال المذهب السني مكانه، مما تطلب منه القيام بجهود علمية بارزة تجاه ذلك. كان منها تشجيع العلم والعلماء عن طريق إنشاء العديد من المدارس على مختلف المذاهب السنية، وتوجيه التعليم وجهة سنية عن طريق تشجيع تدريس العلوم الشرعية، وقد جلب عددًا من العلماء الأَكْفَاء لتولي المهمة، وبهذه السياسة نجح نور الدين في إنقاذ حلب من تأصُّل الفكر الشيعي بها، وتمكَّن من تحويلها إلى مركز من مراكز السنة بعد أن كانت قاعدة للمذهب الشيعي في المنطقة[12]، وقد أثمرت تلك الجهود في دعم حركة التعليم في حلب حتى أصبحت من المراكز العلمية المشهورة التي جلبت أنظار العلماء من مختلف الأقطار الإسلامية، بل ربما تفوَّقت عليها في بعض المجالات لما تميزت به حلب من موقع متوسط بين تلك المراكز، وإمكانات مادية وبشرية تفوق في بعض الأحيان إمكانات المراكز الأخرى، إضافة إلى استمرار النشاط العلمي بها في فترات لاحقة للحكم الزنكي في نفس القوة التي بدأ بها نظرًا لما لاقته تلك الإمارة من دعم وتشجيع مستمرين طيلة عصر نور الدين، والسلاطين الأيوبيين والمماليك من بعدهم[13].

وكانت أبرز المدارس التي أنشئت في حلب:
المدرسة النورية:
أنشأها الملك العادل نور الدين محمود سنة 544ﻫ (1149م) وكان الشيخ قطب الدين النيسابوري هو أول من وُلي التدريس في هذه المدرسة، وكان قدم إليها من دمشق، ثم ولي تدريسها بعده مجد الدين طاهر بن جهبل المتوفى سنة (597ﻫ/1201م)[14].

المدرسة العصرونية:
كان موقع هذه المدرسة في الأصل دارا لأبي الحسن علي بن أبي الثُريّا وزير بني مِرداس أصحاب حلب، ولما جاء نور الدين محمود إلى حلب اشترى هذه الدار وحوّلها مدرسة، وجعل فيها مساكن للمدرسين بها من الفقهاء وذلك سنة 550ﻫ حسب ما جاء في بعض المصادر التاريخية[15]، وبعد أن أتّم نور الدين محمود بناء هذه المدرسة استدعى لها من نواحي سنجار الإمام شرف الدين عبد الله بن أبي عصرون المتوفي سنة 585ﻫ، وفوّض إليه مهنة التدريس بها والنظر في أوقافها، وهو أولّ من درّس بها فعُرِفَت به، ونسبت إليه[16].

المدرسة الأسدية الجُوّانية:
تُنسب هذه المدرسة للأمير أسد الدين شيركوه بن شاذى بن مروان المتوفى سنة 564ﻫ/1168م الذي أنشاها بمحلة الرحبة بحلب للمذهب الشافعي[17].

المدرسة الشُعيْبيَّة:
كان موقع هذه المدرسة مسجدًا يقال: إنه أول ما اختطَّه المسلمون عند فتح حلب من المساجد، وعُرِفَ هذا المسجد بأبي الحسن الغضائِرِيّ المتوفَّى سنة 313ﻫ؛ فلمَّا ملك نور الدين محمود حلب، وأنشأ بها المدارس وصل الشيخ شُعيب الأندلسي إلى حلب؛ فصّير له هذا المسجد مدرسة، وجعله مدرسًا بها فعرفت به، ولم يزل الشيخ شعيب مُدرّسًا بها إلى أن توفي بطريق مكة سنة 596ﻫ/1199م[18].



[1] ابن عساكر: تاريخ دمشق 57/ 118.
[2] انظر بالتفصيل: عبد القادر النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 1/149.
[3] عبد القادر النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس 1/433.
[4] إبراهيم المزيني: الحياة العلمية في العهد الزنكي ص 412.
[5] ابن الشحنة: الدر المنتخب في تاريخ مملكة حلب ص230.
[6] قام الرازي أيضًا بذبح خروف، وتقطيعه أربعة أرباع، ووضع كل ربع في مكان، ولما أصبح نظر إلى أكثر الأجزاء التي لم تتغير رائحتها، فبنى فيها المستشفى: انظر السباعي: من روائع حضارتنا 101.
[7]خير الدين الأسدي: أخبار حلب وأسواقها ص 167.
[8] كامل الحلبي: نهر الذهب في تاريخ حلب 2/65، 66.
[9]ابن الشحنة: الدرالمنتخب ص 231.
[10] محمد كرد علي: خطط الشام 6/187.
[11] ابن الأثير: التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية بالموصل ص 170
[12]ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء في طبقات الأطباء 1 / 413.
[13] إبراهيم المزيني: الحياة العلمية في العهد الزنكي ص 389.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75783
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 نور الدين محمود زنكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: نور الدين محمود زنكي    نور الدين محمود زنكي Emptyالأربعاء 01 يونيو 2016, 4:30 am

وقفات مع نور الدين محمود

سيد يوسف


 نور الدين محمود زنكي Shapettr

"بعض الحكام قد زينوا الحكم بتقواهم، وبعضهم الآن قد أفسد حياتنا بطغيانه"
 اتفقوا على كونهم أربعة من الخلفاء الراشدين، وتجاوزوا فترة زمنية ليست بالطويلة ليضيفوا إليهم عمر بن عبد العزيز كخليفة خامس، ثم مرت سنون كثيرة ليختلفوا هل يعد نور الدين محمود هو الخليفة الراشد السادس أم لا؟
الحق أن في سيرة هذا الرجل ما يدعو إلى التوقير والدراسة والبحث، ويكفينا فخرًا أن تتعطر ألسنتنا بذكر بعض مواقف هذا الرجل الصالح، فلقد هبَّ كما يهب المارد ليحرر المسجد الأقصى من دنس الحملات الصليبية.. لكننا نقتطع من سيرة هذا الرجل بعض -وليس كل- ما تذكره كتب التاريخ من مواقف للسلطان نور الدين محمود.

لا تعاملني إلا معاملة الخصوم
رأى يومًا رجلا يحدث آخر ويومئ إليه فبعث الحاجب ليسأله ما شأنه، فإذا هو رجل معه رسول من جهة الحاكم، وهو يزعم أن له على نور الدين حقًّا يريد أن يحاكمه عند القاضي، فلما رجع الحاجب إلى نور الدين وأعلمه بذلك أقبل مع خصمه ماشيًا إلى القاضي وأرسل نور الدين إلى القاضي أن لا تعاملني إلا معاملة الخصوم.  فحين وصلا وقف نور الدين مع خصمه بين يدي القاضي حتى انفصلت الخصومة والحكومة ولم يثبت للرجل على نور الدين حق، بل ثبت الحق للسلطان على الرجل، فلما تبين ذلك قال للسلطان: إنما جئت معه لئلا يتخلف أحد عن الحضور إلى الشرع إذا دعي إليه، فإنما نحن معاشر الحكام أعلانا وأدنانا خدم لرسول الله صل الله عليه وسلم ولشرعه، فنحن قائمون بين يديه طوع مراسيمه فما أمر به امتثلناه، وما نهانا عنه اجتنبناه، وأنا أعلم أنه لا حق للرجل عندي ومع هذا أشهدكم أني قد ملكته ذلك الذي ادعى به ووهبته له.

قولك هذا إساءة أدب على الله
وقال له يومًا قطبُ الدين النيسابوري: بالله يا مولانا السلطان، لا تخاطر بنفسك، فإنك لو قتِلتَ قتِل جميع من معك وأخذت البلاد وفسد حال المسلمين.  فقال له: « اسكتْ يا قطب الدين، فإن قولك إساءة أدب على الله ومن هو محمود؟ من كان يحفظ الدين والبلاد قبلي غير الذي لا إله إلا هو؟ ومن هو محمود؟» فبكى من كان حاضرًا.

ويحك لا تغتب عندي أحدًا
وكان يجمع الفقهاء عنده والمشايخ ويكرمهم ويعظمهم وكان يحب الصالحين. وقد نال بعض الأمراء مرة عنده من بعض الفقهاء، فقال له نور الدين: « ويحك! إنْ كان ما تقول حقًّا فله من الحسنات الكثيرة الماحية لذلك ما ليس عندك مما يكفر عنه سيئات ما ذكرت، إن كنت صادقًا على أني والله لا أصدقك، وإن عدت ذكرته أو أحدًا غيره عندي بسوء لأوذينك ». فكفَّ عنه ولم يذكره بعد ذلك.

إذا رضوا منا ببعض حقهم فلهم المنة علينا
كان نور الدين – رحمه الله - مهيبًا وقورًا شديد الهيبة في قلوب الأمراء، لا يتجاسر أحد أن يجلس بين يديه إلا بإذنه، ولم يكن أحد من الأمراء يجلس بلا إذن سوى الأمير نجم الدين أيوب، وأما أسد الدين شيركوه ومجد الدين نائب حلب وغيرهما من الأكابر فكانوا يقفون بين يديه، ومع هذا كان إذا دخل أحد من الفقهاء أو الفقراء قام له ومشى خطوات وأجلسه معه على سجادته في وقار وسكون، وإذا أعطى أحدا منهم شيئًا مستكثرًا يقول: « هؤلاء جند الله وبدعائهم ننصر على الأعداء، ولهم في بيت المال حق أضعاف ما أعطيهم، فإذا رضوا منا ببعض حقهم فلهم المنة علينا ».

والله لنحفظن الشريعة
كتب إليه الشيخ عمر بن الملا: « إن المفسدين قد كثروا ونحتاج إلى سياسة، ومثل هذا لا يجيء إلا بقتل وصلب وضرب، وإذا أخذ إنسان في البرية من يجيء يشهد له؟» فكتب إليه الملك نور الدين على ظهر كتابه: « إن الله خلق الخلق وشرع لهم شريعة وهو أعلم بما يصلحهم، ولو علم أن في الشريعة زيادة في المصلحة لشرعها لنا، فلا حاجة بنا إلى الزيادة على ما شرعه الله تعالى، فمن زاد فقد زعم أن الشريعة ناقصة فهو يكملها بزيادته، وهذا من الجرأة على الله وعلى ما شرعه، والعقول المظلمة لا تهتدي. والله سبحانه يهدينا وإياك إلى صراط مستقيم ». فلما وصل الكتاب إلى الشيخ عمر الملا جمع الناس بالموصل وقرأ عليهم الكتاب وجعل يقول انظروا إلى كتاب الزاهد إلى الملك وكتاب الملك إلى الزاهد.

إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم
ويُروى أنه لما رأى أصحابُ نور الدين كثرة خروجه للجهاد وإنفاقه عليه قال له بعضهم: « إن لك في بلادك إدرارات وصدقات كثيرة على الفقهاء والفقراء والقراء، فلو استعنت بها في هذا الوقت لكان أصلح ». فغضب من ذلك، وقال:  « والله إني لا أرجو النصر إلا بأولئك. فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم. كيف أقطع صلات قوم يقاتلون عني وأنا نائم على فراشي بسهام لا تخطئ، وأصرفها على من لا يقاتل عني إلا إذا رآني بسهام قد تصيب وقد تخطئ، وهؤلاء لهم نصيب في بيت المال، كيف يحل لي أن أعطيه غيرهم؟» وكانت بلاد الشام خالية من العلم وأهله، وفي زمانه صارت مقرًّا للعلماء والفقهاء.

من أقواله-رحمه الله:
« إني لأستحي من الله تعالى أن يراني مبتسمًا والمسلمون محاصرون بالفرنج».

« والله لا أستظل بسقف حتى آخذ بثأري وثأر الإسلام».
« قد تعرضت للشهادة غير مرة فلم يتفق لي ذلك ولو كان فيّ خير ولي عند الله قيمة لرزقنيها والأعمال بالنية».
« إن الله خلق الخلق وشرع لهم شريعة وهو أعلم بما يصلحهم ولو علم أن في الشريعة زيادة في المصلحة لشرعها لنا فلا حاجة بنا إلى الزيادة على ما شرعه الله تعالى فمن زاد فقد زعم أن الشريعة ناقصة فهو يكملها بزيادته وهذا من الجرأة على الله وعلى ما شرعه، والعقول المظلمة لا تهتدي والله سبحانه يهدينا وإياك إلى صراط مستقيم».
شهادات المؤرخين وثناؤهم عليه
قال ابن الأثير في بيان فضله: « قد طالعت تواريخ الملوك المتقدمين قبل الإسلام وفيه إلى يومنا هذا، فلم أر بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن سيرة من الملك العادل نور الدين، ولا أكثر تحريًا للعدل والإنصاف منه. قد قصر ليله ونهاره على عدل ينشره، وجهاد يتجهز له، ومظلمة يزيلها، وعبادة يقوم بها، وإحسان يوليه، وإنعام يسديه، فنور الدين رحمه الله لم يأبه بأبهة الحكم والسلطان ولم يتقاضَ راتبًا من بيت المال المسلمين، وإنما كان يأكل ويلبس هو وأهله من ماله الخاص، ولم يكن له بيت يسكنه، وإنما كان مقامه في غرفة في قلعة قد اشتراها من ماله، يحل فيها عندما يعود من ساحة الجهاد».

يقول الإمام ابن عساكر: « بلغني أنه في الحرب رابط الجأش، ثابت القدم، حسن الرمي بالسهام، صليب الضرب عند ضيق المقام، يقدُم أصحابه عند الكرة، ويحمي منهزمهم عند الفرة، ويتعرض بجهده للشهادة لما يرجو بها من كمال السعادة ».
وقال الفقيه أبو الفتح الأشري: « وكان نور الدين محافظًا على الصلوات في أوقاتها في جماعة بتمام شروطها والقيام بها بأركانها والطمأنينة في ركوعها وسجودها. وكان كثير الصلاة بالليل كثير الابتهال في الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل في أموره كلها».
أما الدكتور ماجد عرسان الكيلاني والدكتور عماد الدين خليل فيقولان: «إن الرحلة مع نور الدين تعلمنا كيف يكون الإيمان دافعًا حضاريًّا، فضلا عن كونه الأساس المبدئي، أو العامل، الذي يشدّ القيم المبعثرة والإرادات المختلفة الاتجاه، وأعمال الناس ومنجزاتهم إلى هدف محدّد، ويضع لها الإطارات التي تجعل من مجموع هذه القيم والأهداف والإنجازات والأعمال وحدة حضارية متميزة. فهو –فضلا عن هذا كله- يقوم بوظيفة المحرك، أو الدافع الداخلي، الذي يدفع الإنسان والجماعات، في نطاق الحضارة الواحدة، إلى التقدم دومًا بحضارتهم صوب آفاق جديدة ومكاسب أكثر غنى، عن طريق استغلال إمكانات الزمن والمكان إلى أقصى مدى ممكن...» «... لقد حقق نور الدين محمود بانقلابيته التي غطت جل مساحات الحياة، واستمداده من منابع الإسلام الأصلية في القرآن والسنة الأرضية المناسبة التي تبعث المجاهد إلى الوجود وتمكنه من أداء أثره في أحسن الظروف، وأكثرها قدرة على شحن طاقاته، لا سيما أن الجهاد لا يتحقق مفهومه الحركي الدائم إلاّ بوجود شروط معينة أبرزها: القيادة المخلصة، الملتزمة، الواعية، والتمسك الجماهيري، والدفع الروحي الدائم، والرؤية الموضوعية...».
وأخيرا يطيب لي أن أقول: إن بعض الحكام قد زينوا الحكم بتقواهم، وبعضهم الآن قد أفسد حياتنا بطغيانه.. ألا ما أبعدَ الشقة، وما أقصى الأماني لولا ثقة في الله ورجاء فى رحمته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75783
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 نور الدين محمود زنكي Empty
مُساهمةموضوع: رد: نور الدين محمود زنكي    نور الدين محمود زنكي Emptyالثلاثاء 18 يوليو 2017, 11:26 am

من هو محمود زنكي حتى ينصر؟!
د . ديمة طهبوب
«قيل إن نور الدين محمود زنكي قد عاد من هزيمة ماحقة ضد الصليبيين ما نجا منها غيره وعشرة من جنوده فراسل إخوانه وقادته لتجهيز الجيوش للعودة والمعركة، وأقبل يعد نفسه حتى قيل إنه تحشف من كثرة الصوم والصلاة، ولما اجتمع له الجند سار الى حصن حارم وهناك سجد لله متضرعا يدعو» يارب! هؤلاء عبيدك وهم أولياؤك، وهؤلاء عبيدك وهم أعداؤك؛ فانصر أولياءك على أعدائك، يارب إن نصرت المسلمين فدينك نصرت، فلا تمنعهم النصر بسبب محمود إن كان غير مستحق للنصر، اللهم انصر دينك ولاتنصر محموداً، من هو محمود الكلب حتى يُنصر!
وانتصر السلطان محمود نصرا مؤزرا وعاد الصليبييون يريدون احتلال دمياط، ومحمود المجاهد يصيبه الهم فلا تنفرج أسنانه حتى عن ابتسامة ويقول «إني لأستحي من الله تعالى أن يراني مبتسما والمسلمون محاصرون في دمياط بالصليبيين» وأقبل على الاستعداد والصلاة وبينما هو في المسجد فجرا إذ جاءه إمام مسجد القلعة وبشره باندحار الصليبيين عن دمياط، فسأله نور الدين كيف علم ذلك، فقال الإمام: لقد جاءني رسول الله صل الله عليه وسلم في المنام وقال لي»سلم على نور الدين وبشره بأن الفرنج قد رحلوا عن دمياط فقلت:يا رسول بأي علامة؟ فقال: بعلامة ما سجد يوم تل حارم وقال في سجوده: اللهم انصر دينك ولا تنصر محمودا، فلما جاء الإمام الى ذكر من هو محمود الكلب انقبض من قول ذلك، فقال له نور الدين: قل ما آمرك به رسول الله، فلما قال له العلامة كاملة قال صدقت، وبكى نور الدين تصديقا وفرحا بذلك، ثم أصبحوا فجاءت الرسل فإذا الأمر كما أخبر الإمام في المنام».
قيل إن التاريخ يعيد نفسه وقد لا يعيد!! وقيل إن للمرء من اسمه نصيبا وقد لا يكون!!!
فتاريخ المجد حتى يعود دورته ينبغي أن تتوفر له أسباب النصر التي توفرت له بداية، وعلى الناس أن يسيروا على خطى العظماء حتى يستحقوا أسماءهم، وبغير ذلك لا يكون مجد ولا خلود ويبقى إرثهم ويبقون في الصفحات المهملة من تاريخ الخزي والعار.
لقد أجرى الله النصر على يد نور الدين محمود لأنه لم يركن الى منطق الهزيمة والاستسلام والصليبييون يتطاولون في الأرض ويمشون فيها مرحا، بل دان نفسه لله وأوكل أمر النصر إليه سبحانه وقام بما عليه كعبد لا يرى نفسه أكثر من سيف يضرب به الله أعداءه إن شاء استخدمه وإن شاء وضعه وكسره، وكذلك كان قادته وبطانته على قلب رجل واحد في الشجاعة والإقدام، فآخر الطريق محبب إليهم أكثر من أوله: نصر أوشهادة
يعيد التاريخ نفسه عندما يكون محمود محمودا في شعبه لا يسلمهم ولا يخذلهم، لا يكون فيهم بجبروت فرعون وانفراده بالسلطة حتى ادعاء الأولوهية التي أوصلته أن قاد قومه الى سعير وبئس المصير «يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود وأتبعوا في هذه لعنة ويقوم القيامة بئس الرفد المرفود».
يعيد التاريخ نفسه عندما لا يخون محمود شعبه ولا يكذب أهله ولا يلقي بهم في مهاوي الردى، ويصبح أداة طيعة بيد العدو ويأخذ دورهم في إذاقة شعبه صنوف العذاب.
يعيد التاريخ نفسه عندما يعلم محمود أن النصر يأتي عندما تصبح المآذن رماحنا، والقباب خوذاتنا، والجوامع ثكناتنا، والمؤمنون جنودنا.
يعيد التاريخ نفسه عندما لا يبتسم محمود ولا يأكل ولا يرقد ولا يهدأ حتى تعود مقدسات المسلمين حرة عزيزة لأصحابها فلا يدنسها أحفاد القردة والخنازير.
أما السير في ركاب أبي جهل مع بطانة المنافقين والمتسلقين وراء حتف مبين لا يعيد سيرة النصر ولا ذكرى المنتصرين، فلا تؤملوا خيرا أيها المنتظرون فليس كل محمود محمودا!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
نور الدين محمود زنكي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السلطان العادل نور الدين محمود زنكي
» نور الدين محمود وبناء الوحدة الإسلامية
» جمال الدين بن سعد الدين
» علي محمود طه
» محمود عباس

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: شخصيات :: المجاهدون-
انتقل الى: