منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 أبو جعفر المنصور.. الحاكم الجاد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75763
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

أبو جعفر المنصور.. الحاكم الجاد Empty
مُساهمةموضوع: أبو جعفر المنصور.. الحاكم الجاد   أبو جعفر المنصور.. الحاكم الجاد Emptyالأربعاء 01 يونيو 2016, 8:30 pm

أبو جعفر المنصور.. الحاكم الجاد

قصة الإسلام


أبو جعفر المنصور.. الحاكم الجاد 19203_image002يعد أبو جعفر المنصور المؤسس الحقيقي للدولة العباسية التي ظلت خمسة قرون زينة الدنيا، ومركز الحضارة، وموئل الثقافة، وعاصمة العالم.
نهض إلى الخلافة بعد أن أصقلته التجارب وأنضجته المحن، وخَبِر الناس وعاشرهم ووقف على دواخلهم وخلائقهم، وما إن أمسك بزمام الأمور حتى نجح في التغلب على مواجهة صعاب وعقبات توهن عزائم الرجال وتضعف ثبات الأبطال، وتبعث اليأس والقنوط في النفوس.
وكانت مصلحة الدولة شغله الشاغل، فأحكمت خطوه وأحسنت تدبيره، وفجرت في نفسه طاقات هائلة من التحدي، فأقام دولته باليقظة الدائمة والمثابرة الدائبة والسياسة الحكيمة.

مولد أبي جعفر المنصور ونشأته :

في قرية "الحميمة" التي تقع جنوب الشام ولد عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس سنة (95هـ = 714م)، ونشأ بين كبار رجال بني هاشم الذين كانوا يسكنون الحميمة، فشب فصيحًا عالمًا بالسير والأخبار، ملمًّا بالشعر والنثر.
وكان أبوه محمد بن علي هو الذي نظّم الدعوة العباسية، وخرج بها إلى حيز الوجود، واستعان في تحركه بالسرية والكتمان، والدقة في اختيار الرجال والأنصار والأماكن التي يتحرك فيها الدعاة، حيث اختار الحميمة والكوفة وخراسان.
وحين نجحت الدعوة العباسية وأطاحت بالدولة الأموية؛ تولى أبو العباس السفّاح الخلافة سنة (132هـ = 749م) واستعان بأخيه أبي جعفر في محاربة أعدائه والقضاء على خصومه وتصريف شئون الدولة، وكان عند حسن ظنه قدرة وكفاءة فيما تولى، حتى إذا مرض أوصى له بالخلافة من بعده، فوليها في (ذي الحجة 136هـ = يونيو 754م) وهو في الحادية والأربعين من عمره.

الفترة الأولى من خلافة أبي جعفر المنصور :

لم تكن الدولة العباسية حين تولى أمرها الخليفة أبو جعفر المنصور ثابتة الأركان مستقرة الأوضاع، بل كانت حديثة عهد، يتربص بها أعداؤها، ويتطلع رجالها إلى المناصب الكبرى، وينتظرون نصيبهم من الغنائم والمكاسب، ويتنازع القائمون عليها من البيت العباسي على منصب الخلافة.
وكان على الخليفة الجديد أن يتصدى لهذه المشكلات التي تكاد تفتك بوحدة الدولة، وتلقي بها في مهب الريح.
وكان أول ما واجهه أبو جعفر المنصور ثورة عارمة حمل لواءها عمه عبد الله بن علي الذي رأى أنه أحق بالخلافة من ابن أخيه؛ فرفض مبايعته، وأعلن التمرد والعصيان، وزعم أن "أبو العباس السفاح" أوصى بالأمر له من بعده، واستظهر بالجيش الذي كان يقوده في بلاد الشام.
لجأ الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور إلى المدينة واتباع الطرق السلمية في علاج الموقف، فبعث إلى عمه رسائل عدة تدعوه إلى الطاعة وترك العصيان، لكنه أعرض عن دعوته وركب رأسه وأعماه الغرور.
فلم يجد المنصور بدًّا من الاستعانة بالسيف، وأرسل له قائده "أبو مسلم الخراساني" على رأس جيش كبير، فتمكن بعد عدة معارك من هزيمة عم الخليفة المتمرد هزيمة ساحقة في (جمادى الآخرة 137هـ = نوفمبر 754م).
فاضطر إلى الفرار والاختباء عند أخيه سليمان بن علي والي البصرة، ولما علم الخليفة أبو جعفر المنصور بخبره احتال له حتى قبض عليه، وألقى به في السجن حتى توفي.
وما كاد يلتقط الخليفة العباسي أنفاسه حتى أعد العدة للتخلص من أبي مسلم الخراساني، صاحب اليد الطولى في نجاح قيام الدولة العباسية.
وكان الخليفة يخشاه ويخشى ما تحت يده من عدد وعتاد في خراسان، ولم يكن الرجلان على وفاق منذ قيام الدولة, وكان أبو مسلم الخراساني يتيه بما صنعه للدولة.
وتحين أبو جعفر المنصور الفرصة للتخلص من غريمه، ولجأ إلى الحيلة والدهاء حتى نجح في حمل أبي مسلم على القدوم إليه بعيدًا عن أنصاره وأعوانه في (شعبان 137هـ = فبراير 755م)، وبعد جلسة حساب عاصفة لقي القائد الكبير مصرعه بين يدي الخليفة.
وبعد مقتل أبي مسلم الخراساني اشتعلت ضد الخليفة العباسي عدة ثورات فارسية للثأر لمقتله، غير أن الخليفة اليقظ نجح في قمع هذه الفتن والقضاء عليها.

ثورة محمد النفس الزكية :

غير أن أخطر ما واجه المنصور هو ثورة العلويين بقيادة محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب المعروف بالنفس الزكية، وأخيه إبراهيم، وكانا يعدان العدة للخروج على أبي جعفر المنصور، وينتظران الفرصة للانقضاض عليه، واختفيا عن أنظار الخليفة يبثان رجالهما وينشران الدعوة إليهما.
 
وكان محمد النفس الزكية يرى نفسه أحق بالخلافة من أبي جعفر المنصور، فامتنع عن بيعته، كما امتنع من قبل عن بيعة أبي العباس السفاح، فلما ولي أبو جعفر المنصور رأى في بقاء محمد وأخيه خطرًا يهدد دولته، وأيقن أنهما لن يكفا عن الدعوة إلى أحقية البيت العلوي بالخلافة، وأقلق اختفاؤهما الخليفة اليقظ؛ فبذل ما في وسعه لمعرفة مكانهما فلم ينجح في الوصول إليهما.
وعجز ولاة المدينة عن تتبع أخبارهما، فاستعان بوالٍ جديد للمدينة غليظ القلب للوصول إلى مكان محمد النفس الزكية، فلجأ إلى القبض على عبد الله بن الحسن والد الزعيمين المختفيين وهدده وتوعده، وقبض أيضًا على نفر من آل البيت، وبعث بهم مكبلين بالأغلال إلى الكوفة فشدد عليهم الخليفة وغالى في التنكيل بهم.
فاضطر محمد النفس الزكية إلى الظهور بعد أن مكث دهرًا يدعو لنفسه سرًّا، واعترف الناس بإمامته في مكة والمدينة، وتلقّب بأمير المؤمنين.
وكان الناس يميلون إليه لخلقه وزهده وحلمه وبعده عن الظلم وسفك الدماء حتى أطلقوا عليه النفس الزكية.
وحين نجحت حيلة المنصور في إجبار محمد النفس الزكية على الظهور بعد القبض على آل بيته، بعث إليه بجيش كبير يقوده عمه عيسى بن موسى فتمكن من هزيمة محمد النفس الزكية وقتله بالمدينة المنورة في (14 من رمضان 145هـ = 6 من ديسمبر 762م).
ثم تمكن من هزيمة الجيش العلوي الثاني الذي كان يقوده إبراهيم أخو محمد النفس الزكية، الذي تغلب على البصرة والأهواز وفارس، ونجح في القضاء عليه بعد صعوبة بالغة في (25 من ذي القعدة 145هـ = 14 من يناير 763م) في معركة حاسمة وقعت في باخمرى بين الكوفة وواسط، وبذلك زال خطر هائل كان يهدد سلامة الدولة الناشئة.
وقد أثبتت هذه الأحداث المتلاحقة والثورات العارمة، ما يمتلكه الخليفة أبو جعفر المنصور من براعة سياسية وخبرة حربية، وقدرة على حشد الرجال، وثبات في المحن، ودهاء وحيلة في الإيقاع بالخصوم، وبذلك تمكن من التغلب على المشكلات التي واجهته منذ أن تولى الحكم.

أبو جعفر المنصور وبناء بغداد :

رغب الخليفة أبو جعفر المنصور في بناء عاصمة جديدة لدولته بعيدة عن المدن التي يكثر فيها الخروج على الخلافة كالكوفة والبصرة، وتتمتع باعتدال المناخ وحسن الموقع.
فاختار بغداد على شاطئ دجلة، ووضع بيده أول حجر في بنائها سنة (145هـ = 762م) واستخدم عددًا من كبار المهندسين للإشراف على بنائها، وجلب إليها أعدادًا هائلة من البنائين والصناع، فعملوا بجد وهمة حتى فرغوا منها في عام (149هـ = 766م) وانتقل إليها الخليفة وحاشيته ومعه دواوين الدولة.
وأصبحت منذ ذلك الحين عاصمة الدولة العباسية، وأطلق عليها مدينة السلام؛ تيمنًا بدار السلام وهو اسم من أسماء الجنة، أو نسبة إلى نهر دجلة الذي يسمى نهر السلام.
ولم يكتف المنصور بتأسيس المدينة على الضفة الغربية لدجلة، بل عمل على توسيعها سنة (151هـ = 768م) بإقامة مدينة أخرى على الجانب الشرقي سماها الرصافة، جعلها مقرًا لابنه وولي عهده "المهدي" وشيد لها سورًا وخندقًا ومسجدًا وقصرًا، ثم لم تلبث أن عمرت الرصافة واتسعت وزاد إقبال الناس على سكناها.

بيت الحكمة :

ومن الأعمال الجليلة التي تُذكر للمنصور عنايته بنشر العلوم المختلفة، ورعايته للعلماء من المسلمين وغيرهم، وقيامه بإنشاء "بيت الحكمة" في قصر الخلافة ببغداد، وإشرافه عليه بنفسه، ليكون مركزًا للترجمة إلى اللغة العربية.
وقد أرسل أبو جعفر إلى إمبراطور الروم يطلب منه بعض كتب اليونان فبعث إليه بكتب في الطب والهندسة والحساب والفلك، فقام نفر من المترجمين بنقلها إلى العربية.
وقد بلغ نشاط بيت الحكمة ذروته في عهد الخليفة المأمون الذي أولاه عناية فائقة، ووهبه كثيرًا من ماله ووقته، وكان يشرف على بيت الحكمة قيّم يدير شئونه، ويُختار من بين العلماء المتمكنين من اللغات.
وضم بيت الحكمة إلى جانب المترجمين النسّاخين والخازنين الذين يتولون تخزين الكتب، والمجلدين وغيرهم من العاملين, وظل بيت الحكمة قائمًا حتى داهم المغول بغداد سنة (656هـ = 1258م).

شخصية أبي جعفر المنصور :

كان الخليفة أبو جعفر المنصور رجل عمل وجد، لم يتخذ من منصبه وسيلة للعيشة المرفهة والانغماس في اللهو والاستمتاع بمباهج السلطة والنفوذ، يستغرق وقته النظر في شئون الدولة، ويستأثر بمعظم وقته أعباء الحكم.
وكان يعرف قيمة المال وحرمته، فكان حريصًا على إنفاقه فيما ينفع الناس؛ ولذلك عني بالقليل منه كما عني بالكثير، ولم يتوان عن محاسبة عماله على المبلغ الزهيد، ولا يتردد في أن يرسل إليهم التوجيهات والتوصيات التي من شأنها أن تزيد في دخول الدولة، وكان يمقت أي لون من ألوان تضييع المال دون فائدة، حتى اتهمه المؤرخون بالبخل والحرص، ولم يكن كذلك فالمال العام له حرمته ويجب إنفاقه في مصارفه المستحقة.
ولذلك لم يكن يغض الطرف عن عماله إذا شك في أماناتهم من الناحية المالية بوجه خاص؛ لأنه كان يرى أن المحافظة على أموال الدولة الواجب الأول للحاكم.
وشغل أبو جعفر وقته بمتابعة عماله على المدن والولايات، وكان يدقق في اختيارهم ويسند إليهم المهام، وينتدب للخراج والشرطة والقضاء من يراه أهلاً للقيام بها.
وكان ولاة البريد في الآفاق يكتبون إلى المنصور بما يحدث في الولايات من أحداث، حتى أسعار الغلال كانوا يطلعونه عليها وكذلك أحكام القضاء.
وقد مكنه هذا الأسلوب من أن يكون على بينة مما يحدث في ولايات دولته، وأن يحاسب ولاته إذا بدر منهم أي تقصير.
ولم يكن المنصور قوي الرغبة في توسيع رقعة دولته ومد حدوده؛ لأنه كان يؤثر توطيد أركان الدولة والمحافظة عليها وحمايتها من العدوان والقلاقل والثورات الداخلية، لكنه اضطر إلى الدخول في منازعات وحروب مع الدولة البيزنطية حين بدأت بالعدوان وأغارت على بلاده.
وقد توالت حملاته على البيزنطيين بعد أن استقرت أحوال دولته سنة (149هـ = 766م) حتى طلب إمبراطور الروم الصلح فأجابه المنصور إليه؛ لأنه لم يكن يقصد بغزو الدولة البيزنطية الغزو والتوسع بقدر إشعارهم بقوته حتى يكفوا عن التعرض لدولته.
وعلى الرغم من الشدة الظاهرة في معاملة المنصور، وميله إلى التخلص من خصومه بأي وسيلة، فقد كان يقبل على لقاء العلماء الزاهدين ويرحب بهم ويفتح صدره لتقبل نقدهم ولو كان شديدًا.
وتمتلئ كتب التاريخ والأدب بلقاءاته مع سفيان الثوري وعمرو بن عبيد وابن أبي ذئب والأوزاعي وغيرهم.
ويؤخذ عليه شططه في معاملة الإمامين الكبيرين: أبي حنيفة النعمان، ومالك بن أنس؛ لاعتقاده أنهما يتفقان مع خصومه من آل البيت العلوي.
دامت خلافة أبي جعفر المنصور اثنين وعشرين عامًا، نجح خلالها في تثبيت الدولة العباسية ووضع أساسها الراسخ الذي تمكن من الصمود خمسة قرون حتى سقطت أمام هجمات المغول.
وبعد حياة مليئة بجلائل الأعمال توفي الخليفة العباسي في (6 من ذي الحجة 158هـ = 7 من أكتوبر 755م) وهو محرم بالحج والعمرة، ودُفن في مقبرة المعلاة (بئر ميمون) في أعلى مكة المكرمة.
المصدر: موقع هدي الإسلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75763
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

أبو جعفر المنصور.. الحاكم الجاد Empty
مُساهمةموضوع: رد: أبو جعفر المنصور.. الحاكم الجاد   أبو جعفر المنصور.. الحاكم الجاد Emptyالخميس 10 مايو 2018, 1:42 pm

 أبو جعفر المنصور.

هو عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم

أبو جعفر المنصور.
وكان أكبر من أخيه أبي العباس السفاح، وأمه أم ولد اسمها سلامة.روى عن جده عن ابن عباس " أن رسول الله صل الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه "

بويع له بالخلافة بعد أخيه في ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة، وعمره يومئذ إحدى وأربعون سنة، لانه ولد في سنة خمس وتسعين على المشهور في صفر منها بالحميمة من بلاد البلقاء، وكانت خلافته ثنتين وعشرين سنة إلا أياما

وكان أسمر اللون موفر اللمة خفيف اللحية، رحب الجبهة، أقنى الانف، أعين كأن عينيه لسانان ناطقان، يخالطه أبهة الملك، وتقبله القلوب، وتتبعه العيون، يعرف الشرف في مواضعه، والعنف في صورته، والليث في مشيته، هكذا وصفه بعض من رآه.

وقد رأى المنصور في صغره مناما غريبا كان يقول:
ينبغي أن يكتب في ألواح الذهب، ويعلق في أعماق الصبيان.
قال: رأيت كأني في المسجد الحرام وإذا رسول الله صل الله عليه وسلم في الكعبة والناس مجتمعون حولها، فخرج من عنده مناد:
أين عبد الله ؟ فقام أخي السفاح يتخطى الرجال حتى جاء باب الكعبة فأخذ بيده فأدخله إياها، فما لبث أن خرج ومعه لواء أسود.
ثم نودي أين عبد الله ؟ فقمت أنا وعمي عبد الله بن علي نستبق، فسبقته إلى باب الكعبة فدخلتها، فإذا رسول الله صل الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وبلال، فعقد لي لواء وأوصاني بأمته وعممني عمامة كورها ثلاثة وعشرون كورا، وقال: 
" خذها إليك أبا الخلفاء إلى يوم القيامة ".

وقد اتفق سجن المنصور في أيام بني أمية فاجتمع به نوبخت المنجم وتوسم فيه الرياسة فقال له: ممن تكون ؟ فقال: من بني العباس، فلما عرف منه نسبه وكنيته قال: أنت الخليفة الذي تلي الارض.فقال له: ويحك ماذا تقول ؟ فقال: هو ما أقول لك، فضع لي خطك في هذه الرقعة أن تعطيني شيئا إذا وليت.فكتب له، فلما ولي أكرمه المنصور وأعطاه وأسلم نوبخت على يديه، وكان قبل ذلك مجوسيا.
ثم كان من أخص أصحاب المنصور.

وقد حج المنصور بالناس سنة أربعين ومائة، وأحرم من الحيرة، وفي سنة أربع وأربعين، وفي سنة سبع وأربعين.وفي سنة ثنتين وخمسين، ثم في هذه السنة التي مات فيها.
-وبنى بغداد والرصافة والرافقة وقصره الخلد.

سمع المنصور يقول: 
الخلفاء أربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي.
والملوك أربعة: معاوية وعبد الملك بن مروان وهشام بن عبد الملك، وأنا.

-وقال مالك: قال لي المنصور: من أفضل الناس بعد رسول الله صل الله عليه وسلم ؟ فقلت: أبو بكر.وعمر.
فقال: أصبت وذلك رأي أمير المؤمنين.

و سمع المنصور على منبر عرفة يوم عرفة يقول: أيها الناس ! إنما أنا سلطان الله في أرضه، أسوسكم بتوفيقه ورشده، وخازنه على ماله أقسمه بإرادته وأعطيه بإذنه، وقد جعلني الله عليه قفلا فإن شاء أن يفتحني لاعطياتكم وقسم أرزاقكم فتحني، وإذا شاء أن يقفلني عليه قفلني.فارغبوا إلى الله أيها الناس وسلوه في هذا اليوم الشريف الذي وهبكم فيه من فضله ما أعلمكم به في كتابه، إذ يقول: 
(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) 
أن يوفقني للصواب ويسددني للرشاد ويلهمني الرأفة بكم والاحسان إليكم ويفتحني لاعطياتكم وقسم أرزاقكم بالعدل عليكم، فإنه سميع مجيب.


وقد خطب يوما فاعترضه رجل وهو يثني على الله عز وجل،

فقال: يا أمير المؤمنين أذكر من أنت ذاكره، واتق الله فيما تأتيه وتذره.
فسكت المنصور حتى انتهى كلام الرجل 
فقال: أعوذ بالله أن أكون ممن قال الله عزوجل فيه (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم) أو أن أكون جبارا عصيا، أيها الناس ! إن الموعظة علينا نزلت ومن عندنا نبتت.
ثم قال للرجل: ما أظنك في مقالتك هذه تريد وجه الله، وإنما أردت أن يقال عنك وعظ أمير المؤمنين،
أيها الناس: لا يغرنكم هذا فتفعلوا كفعله ثم أمر به فاحتفظ به وعاد إلى خطبته فأكملها،
ثم قال لمن هو عنده: 
أعرض عليه الدنيا فإن قبلها فأعلمني، وإن ردها فأعلمني، فما زال به الرجل الذي هو عنده حتى أخذ المال ومال إلى الدنيا فولاه الحسبة والمظالم وأدخله على الخليفة في بزة حسنة، وثياب وشارة وهيئة دنيوية،
فقال له الخليفة: ويحك ! لو كنت محقا مريدا وجه الله بما قلت على رؤوس الناس لما قبلت شيئا مما أرى، ولكن أردت أن يقال عنك إنك وعظت أمير المؤمنين، وخرجت عليه، ثم أمر به فضربت عنقه.

وقد قال المنصور لابنه المهدي:

إن الخليفة لا يصلحه إلا التقوى، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة.والرعية لا يصلحها إلا العدل، وأولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه.
وقال أيضا: يا بني استدم النعمة بالشكر، والقدرة بالعفو، والطاعة بالتأليف، والنصر بالتواضع والرحمة للناس، ولا تنس نصيبك من الدنيا ونصيبك من رحمة الله.

وحضر عنده مبارك بن فضالة يوما وقد أمر برجل أن يضرب عنقه وأحضر النطع والسيف،
فقال له مبارك: سمعت الحسين يقول قال رسول الله صل الله عليه وسلم: 
" إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم من كان أجره على الله فلا يقوم إلا من عفا "
فأمر بالعفو عن ذلك الرجل.ثم أخذ يعدد على جلسائه عظيم جرائم ذلك الرجل وما صنعه.

ودخل بعض الزهاد على المنصور فقال:
إن الله أعطاك الدنيا بأسرها فاشتر نفسك ببعضها، واذكر ليلة تبيت في القبر لم تبت قبلها ليلة، واذكر ليلة تمخض عن يوم لا ليلة بعده
.قال: فأفحم المنصور قوله وأمر له بمال فقال: لو احتجت إلى مالك لما وعظتك


ودخل عمرو بن عبيد القدري 
على المنصور فأكرمه وعظمه وقربه وسأله عن أهله وعياله، ثم قال له: عظني.فقرأ عليه سورة الفجر إلى (إن ربك لبالمرصاد) 
فبكى المنصور بكاء شديدا حتى كأنه لم يسمع بهذه الآيات قبل ذلك،
ثم قال له: زدني. فقال:
إن الله قد أعطاك الدنيا بأسرها فاشتر نفسك ببعضها، وإن هذا الامر كان لمن قبلك ثم صار إليك ثم هو صائر لمن بعدك، واذكر ليلة تسفر عن يوم القيامة. 
فبكى المنصور أشد من بكائه الاول حتى اختلفت أجفانه.
فقال له سليمان بن مجالد:
رفقا بأمير المؤمنين. فقال عمرو: وماذا على أمير المؤمنين أن يبكي من خشية الله عز وجل.
ثم أمر له المنصور بعشرة آلاف درهم
فقال: لا حاجة لي فيها. فقال المنصور: والله لتأخذنها.
فقال: والله لا آخذنها. 
فقال له المهدي وهو جالس في سواده وسيفه إلى جانب أبيه: أيحلف أمير المؤمنين وتحلف أنت ؟ فالتفت إلى المنصور فقال: ومن هذا ؟ فقال: هذا ابني محمد ولى العهد من بعدي.
فقال عمرو: إنك سميته اسما لم يستحقه لعمله، وألبسته لبوسا ما هو لبوس الابرار، ولقد مهدت له أمرا أمتع ما يكون به أشغل ما يكون عنه.ثم التفت إلى المهدي
فقال: يا بن أخي ! إذا حلف أبوك وحلف عمك فلان يحنث أبوك أيسر من أن يحنث عمك، لان أباك أقدر على الكفارة من عمك.
ثم قال المنصور:
يا أبا عثمان هل من حاجة ؟ قال: نعم ! قال: وما هي ؟ قال: لا تبعث إلي حتى آتيك.ولا تعطني حتى أسألك.
فقال المنصور: إذا والله لا نلتقي. 
فقال عمرو: عن حاجتي سألتني.فودعه وانصرف.
فلما ولى أمده بصره وهو يقول: 
كلكم يمشي رويد * كلكلم يطلب صيد غير عمرو بن عبيد


ومن شعره أيضا:

المرء يأمل أن يعيش وطول عمر قد يضره
تبلى بشاشته ويبقى بعد حلو العيش مره
وتخونه الايام حتى * لا يرى شيئا يسره
كم شامت به إن هلكت وقائل لله دره

قالوا: وكان المنصور في أول النهار يتصدى للامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والولايات والعزل والنظر في مصالح العامة، فإذا صلى الظهر دخل منزله واستراح إلى العصر، فإذا صلاها جلس لاهل بيته ونظر في مصالحهم الخاصة، فإذا صلى العشاء نظر في الكتب والرسائل الواردة من الآفاق، وجلس عنده من يسامره إلى ثلث الليل، ثم يقوم إلى أهله فينام في فراشه إلى الثلث الآخر، فيقوم إلى وضوئه وصلاته حتى يتفجر الصباح، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيجلس في إيوانه.

وقد ولى بعض العمال على بلد فبلغه أنه قد تصدى للصيد وأعد لذلك كلابا وبزاة، 
فكتب إليه ثكلتك أمك وعشيرتك، ويحك إنا إنما استكفيناك واستعملناك على أمور المسلمين، ولم نستكفك أمور الوحوش في البراري، فسلم ما تلي من عملنا إلى فلان والحق بأهلك ملوما مدحورا.



-وقد كان المنصور في شبيبته يطلب العلم من مظانه والحديث والفقه فنال جانبا جيدا وطرفا صالحا،
وقد قيل له يوما:
يا أمير المؤمنين هل بقي شئ من اللذات لم تنله ؟ قال: شئ واحد، قالوا: وما هو ؟ قال: قول المحدث للشيخ من ذكرت رحمك الله.
فاجتمع وزراؤه وكتابه وجلسوا حوله 
وقالوا: ليمل علينا أمير المؤمنين شيئا من الحديث، فقال: لستم بهم، إنما هم الدنسة ثيابهم، المشققة أرجلهم، الطويلة شعورهم، رواد الآفاق وقطاع المسافات، تارة بالعراق وتارة بالحجاز، وتارة بالشام، وتارة باليمن.فهؤلاء نقلة الحديث.

23-قال ابن جرير : أن المنصور أطلق في يوم واحد لبعض أعمامه ألف ألف درهم وفي هذا اليوم فرق في ؟ يته عشرة آلاف درهم، ولا يعلم خليفة فرق مثل هذا في يوم واحد.
وقرأ بعض الفراء عند المنصور (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل) 
فقال: والله لو لا أن المال حصن للسلطان ودعامة للدين والدنيا وعزهما ما بت ليلة واحدة وأنا أحرز منه دينارا ولا درهما لما أجد لبذل المال من اللذة، ولما أعلم في إعطائه من جزيل المثوبة.
وقرأ عنده قاري آخر (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط) 
فقال: ما أحسن ما أدبنا ربنا عز وجل.

وقال المنصور:

سمعت أبي يقول سمعت علي بن عبد الله يقول: سادة أهل الدنيا في الدنيا الاسخياء، وسادة أهل الآخرة في الآخرة الاتقياء.

ولما عزم المنصور على الحج في هذه السنة دعا ولده المهدي فأوصاه في خاصة نفسه وبأهل بيته وبسائر المسلمين خيرا، وعلمه كيف تفعل الاشياء وتسد الثغور، وأوصاه بوصايا يطول بسطها وحرج عليه أن لا يفتح شيئا من خزائن المسلمين حتى يتحقق وفاته فإن بها من الاموال ما يكفي المسلمين لو لم يجب إليهم من الخراج درهم عشر سنين، وعهد إليه أن يقضي ما عليه من الدين هو ثلاثمائة ألف دينار ، فإنه لم ير قضاءها من بيت المال.فامتثل المهدي ذلك كله.
وأحرم المنصور بحج وعمرة من الرصافة وساق بدنه وقال: يا بني إني ولدت في ذي الحجة وقد وقع لي أن أموت في ذي الحجة، وهذا الذي جرأني على الحج عامي هذا.
وودعه وسار واعتراه مرض الموت في أثناء الطريق فما دخل مكة إلا وهو ثقيل جدا، فلما كان بآخر منزل نزله دون مكة إذا في صدر منزله مكتوب: 
(بسم الله الرحمن الرحيم).
أبا جعفر حانت وفاتك وانقضت * سنوك وأمر الله لا بد واقع
أبا جعفر هل كاهن أو منجم * لك اليوم من كرب المنية مانع
فدعا بالحجبة فأقرأهم ذلك فلم يروا شيئا فعرف أن أجله قد نعي إليه.

وكانت وفاته ليلة السبت لست وقيل لسبع مضين من ذي الحجة، وكان آخر ما تكلم به أن قال:
اللهم بارك لي في لقائك.
وقيل: إنه قال يا رب إن كنت عصيتك في أمور كثيرة فقد أطعتك في أحب الاشياء إليك شهادة أن لا إله إلا الله مخلصا.ثم مات.
وكان نقش خاتمه.الله
ثقة عبد الله وبه يؤمن.
وكان عمره يوم وفاته ثلاثا وستين سنة على المشهور، منها ثنتان وعشرون سنة خليفة.
ودفن بباب المعلاة رحمه الله.

ومما رثي به :
عجبا للذي نعى الناعيان * كيف فاهت بموته الشفتان
ملك أن عدا على الدهر يوما * أصبح الدهر ساقطا للجران
ليت كفا حثت عليه ترابا * لم تعد في يمينها ببنان
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
أبو جعفر المنصور.. الحاكم الجاد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: شخصيات :: المجاهدون-
انتقل الى: