منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 ابن زهر .. الطبيب الإكلينكي ورائد علم الأورام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ابن زهر .. الطبيب الإكلينكي ورائد علم الأورام Empty
مُساهمةموضوع: ابن زهر .. الطبيب الإكلينكي ورائد علم الأورام   ابن زهر .. الطبيب الإكلينكي ورائد علم الأورام Emptyالجمعة 03 يونيو 2016, 10:24 pm

ابن زهر .. الطبيب الإكلينكي ورائد علم الأورام
د. بركات محمد مراد


ابن زهر .. الطبيب الإكلينكي ورائد علم الأورام 111

ابن زهر، هو مَن توصل إلى دراسات وتشخيصات سريرية (إكلينكية) لأول مرة لمرض السرطان والأورام الخبيثة. يعتبر لذلك، أول من أشار بالوصف الدقيق إلى الورم الذي يحدث في الصدر وفي الغشاء الذي يقسم الصدر بالطول، ويسمى حديثًا بـ"التهاب المنصف".
هو أبو مروان عبد الملك بن أبي العلاء بن زُهر، ولد بـ"إشبيلية" في زمن تقدره دائرة المعارف الإسلامية بأنه بين عامي (484-487هـ). تلقى علوم الأدب والفقه والشريعة وبلغ فيها منزلة عالية، ثم علّمه أبوه الطب، ولم يمر وقت طويل حتى بَزَّ أستاذه في الطب وفاقه في كثير من مسائله الدقيقة.
ثم ساعدت ميوله العلمية على النبوغ السريع في الطب، فكان أمهر أطباء أسرة زُهر، ومن نُطُس أطباء العرب، وكان أيضًا أديبًا وشاعرًا. وقد خدم الخليفة الموحدي عبد المؤمن بن علي، ونال الحظوة لديه وألف له كتابًا عن "الأغذية"، كما ألف كتبًا أخرى أهمها كتاب "التيسير في المداواة والتدبير" الذي أهداه إلى صديقه وتلميذه ابن رشد، وقد تمت ترجمته إلى اللاتينية عام 1280م، وتتجلى في هذا الكتاب شخصية ابن زهر بشكل واضح.
كانت له تجارب مبتكرة في إعداد الأدوية ومعالجة المرضى. بدأ حياته العلمية بخدمة المرابطين كما كان أبوه من قبل، وبعد انتهاء عهد المرابطين التحق بخدمة الموحدين. كان ابن رشد الفيلسوف الأندلسي حينئذ، يحتل مركزًا ساميًا في العلوم والفلسفة، فتعرف بالطبيب الناشئ، وقامت بينهما صلة قوية توطدت عُراها على مر الأيام... وكان ابن رشد يقدّر أبا مروان بن زهر، ويقدر نبوغه وعبقريته في صناعة الطب، ولا يفتأ يتحدث عنه في المحافل العامة، ونقل عنه أنه قال فيه: "إنه أعظم الأطباء منذ عهد جالينوس".
كانت وظيفة ابن زهر كمدير للمستشفى، قد أتاحت له فرصة العثور على كثير من جثث الموتى لتشريحها، وقد تمكن من فصل طب العيون عن الطب العام في هذا الوقت المبكر. كان يجري كثيرًا من الجراحات المهمة، إلا أنه كان يأنف من إجراء عمليات الفصد، واستخراج الحصى من المثانة (Talla)، ومع ذلك فقد قام بكثير من العمليات المهمة والناجحة.
ومن ثَمّ يتبيّن لنا تلك التقاليد العلمية التي سادت بعض الأسر النبيلة في الحضارة العربية الإسلامية؛ هؤلاء الذين ثبت عندهم أن يتعلم الأبناء على الآباء والأجداد... وكما سلكت الأجيال السابقة هذا المسلك، نراه هو الآخر يتعلم عن أبيه الصناعة بشقيها النظري والعملي. وبعد طول الممارسة، وصل الحفيد بصواب الرأي وحسن المعالجة وجودة التدبير، تلك التي تميز بها نتيجة اهتمامه بالتجربة في إثبات صحة الدواء وفعالية المعالجة.
وليس أدل على كثرة دربته (تجربته) من أنه أعاد تركيب دواء مركب كان والده قد ركّبه للملك، وأمر الوالد بصحة تركيبه... ومثل هذه الحالة تدلنا على الجانب النقدي لدى أطباء بني زهر، وأن التلميذ لا ينبغي أن يكون نسخة طبق الأصل من الأستاذ حتى ولو كان والده، إذ لو تمسك التلاميذ بكل ما لدى الأساتذة، لما تقدمت العلوم وتطورت. ولذلك يقول الباحث "خالد حربي" في مقال له عن أسرة بني زهر الطبية: "وقد قادني البحث إلى الوقوف على جانب مهم من جوانب فكره، وهو ممارسته للعمل العلمي الجماعي. فلقد استطاع ذلك الحفيد أن يكوّن جماعة علمية ممتازة ومتعاونة ضمت إلى جانبه أخته وبنت أخته... فكما تعلم هو على أبيه وأسلافه، تعلم ابنه أبو محمد عليه، فأوقفه على كثير من أسرار الصناعة وعملها، من خلال القراءة النظرية لأمهات الكتب الطبية إلى جانب الممارسة العملية".
مؤلفات ابن زهر
جميع مؤلفات ابن زهر تقع في مجال العلوم الطبية، وأسلوب ابن زهر في كتاباته أسلوب علمي تعليمي من الدرجة الأولى، وهو ثريّ بمصطلحاته العلمية المتميزة المختارة بدقة بالغة، والتي تدل على سعة الاطلاع وعمق الخبرة العلمية، وهو أسلوب محبب لأنه مرصع ببعض الطرائف الشائقة، والتعليقات الظريفة التي يسوقها ابن زهر من واقع خبراته الشخصية وذكرياته في مهنة الطب.
وعلى الرغم من أنه وضع كتبًا كثيرة في الطب، إلا أنه لم يشتهر منها إلا كتابان؛ كتاب "الاقتصاد وإصلاح الأنفس والأجساد"، وقد شجعه على تأليفه -كما يرى- الأمير إبراهيم بن يوسف. والثاني كتاب"التيسير في المداواة والتدبير"، وقد وضعه بإشارة من صديقه ابن رشد الفيلسوف المشهور.
وكان أبو مروان بن زهر يؤمن بنظرية الأمزجة التي وضعها جالينوس من الناحية النظرية، ولكنه من الناحية العملية كان يؤمن إيمانًا قويًّا بالتجربة وأثرها؛ إذ كان يرى أن التجربة خير مرشد. وله في هذا الكتاب ابتكارات طبية تقوم على التجارب الصحيحة والملاحظات الدقيقة... وبذلك أضاف إلى علوم الطب ثروة علمية جديدة.
وقد كان لابن زهر مؤلفات أخرى مهمة، إلا أنها لم تشتهر مثل هذين الكتابين، وهي كتاب "الترياق السبعيني" ومختصره، وكتاب "الأغذية"، ورسالة كتب فيها إلى بعض الأطباء بإشبيلية في علمي "البرص" و"البهق"، ومقال في "علل الكُلَى". وله أيضًا كتاب "التذكرة" وضعه لولده في معالجة الأمراض، وفيه نصائح تتصل بالأحوال الجوية وصلتها بالأمراض المألوفة في مدينة مراكش وملاحظات شخصية تستحق الذكر، منها قوله: "إن أحسن علاج للحمى في الأعضاء هي غمس المحموم في الماء البارد". وقد انتقد بشدة تهافت الأطباء على استعمال المسهلات وبيّن أضرارها، فإنما هي سموم يجب تجنّبها. وله أيضًا كتاب "التعليق في الطب"، وهو كتاب في الإرشادات الطبية، ومخطوطه محفوظ في مكتبة "تشستربتي" بمدينة "دبلن" عاصمة إيرلندا.
ابن زهر وكتاب التيسير
أما أهم كتب ابن زهر وأشهرها هو "التيسير في المداواة والتدبير"، ألفه لصديقه الفيلسوف ابن رشد صاحب كتاب "الكليات في الطب" ليكون الكتابان متممين أحدهما للآخر. وقد ذكر ابن زهر نفسه أنه مأمور في تأليفه (على ما يوضحه الجغرافي والمؤرخ التركي "حاجي خليفة" في كتابه "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون"). ويرى المؤرخون أن هذا الكتاب قد اشتهر شهرة كبيرة، فـ"المقري" في "نفح الطيب" مثلاً يقول: "وأما كتب الطب، فالمشهور بأيدي الناس الآن في المغرب، وقد سار أيضًا في المشرق لنبله كتاب (التيسير) لعبد الملك بن مروان العلاء بن زهر". وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللاتينية بعنوان "Theisir".
والكتاب يتألف من ثلاثة أقسام، في كل قسم عدد من الرسائل، تختص كل رسالة منها بعدد من الأمراض. ويميل ابن زهر في هذا الكتاب إلى الاقتصاد والوضوح؛ عالج فيه مختلف الأمراض الباطنية والجلدية بالإضافة إلى الجراحة. فقد بحث فيه قروح الرأس وأمراضه وما يعرض له من الخراجات، وأمراض الأذنين والأنف والفم والشفاه والأسنان والعيون، وأمراض الرقبة والرئة والقلب والنقرس، والحميات والأمراض الوبائية.
ووصف فضلاً عن ذلك، خراج الحيزوم وصفًا دقيقًا لأنه كان مصابًا به، كما وصف التهاب غشاء القلب وفرّق بينه وبين التهاب الرئة، وناقش فيه كتاب "القانون" لابن سينا، والكتاب "الملكي" أو كما يسمى أيضًا كتاب"كامل الصناعة" للمجوسي، واتهمهما بالإطالة. كما كان له اهتمام كبير ببيان فضل التغذية الصناعية، وشرح طريقتها بدقة ومهارة فائقة، سواء أكانت بطريق الحلقوم أم بطريق الشرج.
ولا شك أن تأليف ابن زهر مثل هذا الكتاب في ذلك العصر، عمل أصيل دعاه إلى إنجازه ابن رشد. ويذكر ابن زهر في مقدمة الكتاب، أنه ما أقدم على تأليفه إلا بسبب نقص الكتب الطبية وإلحاح الإخوان عليه في تأليفه. وقارئ هذا الكتاب يعجب باستقلال صاحبه بآرائه وبجرأته على نقد الخاطئ من آراء المتقدمين السابقين، وهو فضلاً عن ذلك، كتاب عامر بالملاحظات الشخصية والأفكار الخاصة والنصائح الطبية الثمينة. وقد ألحق ابن زهر بهذا الكتاب مقالة أطلق عليها اسم "الجامع في الأشربة والمعجونات"، وهي عبارة عن مجموعة من وصفات الأدوية والعقاقير والترياقات، وطرق تركيبها ووجوه استعمالها. ويلاحظ أن وضع العلاج في متناول غير المتخصصين أمر معروف في تلك العصور، كما أن وصفات الأدوية المركبة التي أثبتها المؤلف تزيد على الخمسين، وفيها بيان تحضير الأشربة والمراهم والمعاجين. ويعدّ ابن زهر بسبب هذا الكتاب أعظم أطباء الأندلس.
إنجازات ابن زهر الطبية
نجح ابن زهر في علاج "شلل البلعوم" (Pharyngoplegia) بثلاث طرق مختلفة أخذ بها الأطباء من بعده، ومنها تغذية المصاب صناعيًّا بأنبوب من الفضة ينقل الغذاء من البلعوم إلى المعدة.
كان ابن زهر من أوائل الأطباء الذين وصفوا خراج الحيزوم، والتهاب التامور (التهاب غشاء القلب) اليابس والانسكابي، وميّز بينه وبين "التهاب غشاء الرئة" (Plura).
تصدى باقتدار وبُعد نظر لدراسة الأمراض النفسية، واعتبرها حاصلة عن عوامل عديدة منها الصدمات المتوالية التي يتعرض لها الإنسان وصحة الجسم. ونصح بحسن معاملة المريض وإعطائه العقاقير المهدئة، وإسماعه الموسيقى، ونصح -أيضًا- الطبيبَ المعالج بمعرفة حالة مريضه؛ لأن ذلك يساعد على الشفاء.
كان رائدًا في مجال التخدير، إذ كان يخدر مرضاه بطريقة الاستنشاق بالإسفنج المنوّم؛ وهو إسفنج طبيعي يغمر في مزيج من المواد المنوّمة والمواد العطرية كالأفيون والسيكران والزوان والشيلم، ثم يجفف ويحفظ، وعند الاستعمال يبلل بالماء فيصبح مشبعًا بالمحلول المخدر، ويستخدم في التخدير بوضعه على أنف وفم المريض أثناء الجراحة.
اتخذ ابن زهر موقفًا حازمًا ضد استخدام المسهلات، وهاجم تهافت الأطباء على استعمالها قائلاً: "ما سقيت مسهلاً قط كدواء إلا واشتغل بالي قبله بأيام وبعده بأيام، فإنما هي المسهلات سموم". وأوصى الأطباء بالتلطف في أدويتهم ومراقبة تأثير الدواء مدة ثلاثة أيام، فإذا أفاد أمكنهم زيادة الجرعة.
وصف ابن زهر طفيل الجرب (وهو في حقيقة الأمر نوع من مفصليات الأرجل) الصغيرة الشبيهة بالعناكب، والتي تسمى "الحلم" (Mites)، وقد أشار إليه باسم "قمل الجرب". لكن تبين أن الطبيب "علي بن ربن الطبري" قد سبقه إلى وصف ذلك الطفيل في القرن العاشر الميلادي.
وتعرض ابن زهر في حياته العملية الطبية لجراحات المخ والقلب والكبد والمعدة والصدر، وكتب عنها في مؤلفاته.
ولابن زهر إنجازات رائدة باهرة في مجال أمراض الحلق والحنجرة، إذ نجده في كتابه "التيسير" يشرح كيف يمكن تشخيص الكثير من هذه الأمراض، بطرق بسيطة مبتكرة تعتمد على مقدرة الطبيب وقوة ملاحظته وفرط إحساسه. وهذه تعتمد على الفحص بالعينين المجردتين، وتحسس الحلق والحنجرة والأحبال الصوتية بالأصابع، ورصد أية تغيرات تطرأ على ملمس هذه الأعضاء، وعلى تكوين سطحها وعلى كيفية حركة أجزائها. وفي كتاب "التيسير" أيضًا، نجد ابن زهر يشرح كيف يمكن بالنظر واللمس بالأصابع، تشخيص الكثير من الأمراض التي تصيب هذه الأعضاء، بما في ذلك الأمراض النادرة الحدوث، مثل الأورام الحميدة أو الخبيثة وشلل الأحبال الصوتية.
لقد كانت معالجات ابن زهر مختارة، وتدل على قوته في صناعة الطب، وله نوادر في تشخيص الأمراض، ومعرفة آلام المرضى دون أن يسألهم عن أوجاعهم، إذ كان يقتصر أحيانًا على فحص أحداق عيونهم، أو على جس نبضهم، أو على النظر إلى قواريرهم (قناني البول).
وتدل آثاره التي وصلت إلينا، على أنه كان جيد الاستقصاء في الأدوية المفردة والمركبة، حسَن المعالجة، له ابتكارات -استحدثها هو- لم يصل إليها أحد في الإسلام أو قبل الإسلام. إنه طبيب إكلينكي، يعتمد على الملاحظات السريرية، ومعرفة أعراض المرض، واستقصاء أسبابه وعلله من أجل علاج الأسباب، لتختفي الأعراض. ولذلك فقد توصل بفضل قياساته الطبية والتجريبية الشخصية إلى الكشف عن أمراض جديدة لم تدرس من قبل..
فقد اهتم بالأمراض الرئوية، وأجرى عملية القصبة المؤدية إلى الرئة، وتمكن هو بعد ذلك من تشريح القصبة في مرض الذبحة، واستعمل أنبوبة مجوفة من القصدير لتغذية المصابين بعسر البلع، واستعمل الحقن المغذية، واكتشف طفيلية الجرب وسماها "صؤابة"، كما بسّط طرق العلاج القديمة، وأوضح أن الطبيعة تكفي وحدها في الغالب لعلاج الأوجاع والأورام (الاعتماد على مناعة الجسم الطبيعية). وقد توصل إلى دراسات وتشخيصات سريرية (إكلينكية) لأول مرة لمرض السرطان والأورام الخبيثة. وهو لذلك أول من أشار بالوصف الدقيق إلى الورم الذي يحدث في الصدر، وفي الغشاء الذي يقسم الصدر بالطول، ويسمى حديثًا بـ"التهاب المنصف".
وقد عالج ابن زهر "الخثر" وهو جرب العين عند العرب، والرمد الحبيبي حديثًا، بواسطة الجراحة بشق شريان الخثر. وقد نادى بالطب الوقائي في مقدمة كتابه "التيسير في المداواة والتدبير"، حيث قدم أكثر من عشرين نصيحة تتعلق بحفظ الصحة، وقال إنها تهدف إلى "إدامة أسباب الصحة ودفع أسباب الأسقام". وهو أول من وصف التهاب غشاء القلب الرطب والناشف، وفرّق بينه وبين أمراض الرئة.
ولابن زهر كلمات طبية رائعة مثل قوله: "الخبرة وحدها هي المرشد، ومحك الممارسة المعقولة لتبرئة ساحة الأطباء أو إدانتهم يوم القيامة"، وقوله: "ليس صحيحًا تفوق بعض الأعضاء على بعض، ولا تفوق القلب والمخ على ما عداهما، إنما الكل في ارتباط وانسجام تام"، وقوله: "وأنبل الحواس العين".
ومن هنا لا يكون غريبًا أن نجد المستشرقة الألمانية "زيجريد هونكه" في كتابها (شمس العرب تسطع على الغرب) أن تقول: "إن الطبيب الإشبيلي ابن زهر، المتحدر من عائلة عريقة في الطب تمتد فروعها حتى تصل إلى جذورها العربية الأصيلة، قد وضع كتابه (التيسير في المداواة والتدبير) وهو موسوعة طبية يظهر فيها تضلع ابن زهر من الطب وموهبته فيه".
لقد أضاف ابن زهر كثيرًا من الاكتشافات العلمية، وأتقن كثيرًا من الممارسات الطبية العملية التي جعلت من صاحبها أشهر وأكبر أعلام الطب العربي والإسلامي في الأندلس، وعملت على تطور وتقدم علم الطب في العصور اللاحقة حتى وصلت إلى الغرب الذي عرفه باسم (Avenzoar).
بقلم: د. بركات محمد مراد(1)
المصدر: مجلة حراء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75523
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

ابن زهر .. الطبيب الإكلينكي ورائد علم الأورام Empty
مُساهمةموضوع: رد: ابن زهر .. الطبيب الإكلينكي ورائد علم الأورام   ابن زهر .. الطبيب الإكلينكي ورائد علم الأورام Emptyالجمعة 03 يونيو 2016, 10:42 pm

ابن زهر .. عبقرية طبية فريدة
د. راغب السرجاني


ابن زهر .. الطبيب الإكلينكي ورائد علم الأورام 112

في الوقت الذي كانت فيه أوربا تعيش ظلمات من الجهل والتخلُّف، كان المسلمون في الأندلس يعيشون حياة الازدهار والرقي، وقد شهد القرن السادس الهجري الثاني عشر الميلادي تَقَدُّمًا فريدًا في كافَّة العلوم والمجالات، وخاصة علوم الفلك والطب والفلسفة، حتى غدا كل فيلسوف طبيبًا، وكل طبيب فيلسوفًا، وغدت بلاد المسلمين في الأندلس مقصد العلماء وطلاب العلم من وسط أوربا وجنوبها، ومن البقاع المتاخمة لبلاد الأندلس في ذلك الوقت.
وكان من بين هؤلاء النابغين -الذين كانت لهم آثار واضحة في علم الطب، وكانت أعمالهم مقصدًا للعلم والدراسة- عالمٌ أندلسي، ورث الطب عن والده، وورث ابنه الطب عنه، وهو أبو مروان عبد الملك بن زُهر الأندلسي، الذي يُعتبر أعظم معلِّم في الطب الإكلينيكي بعد الرازي، كما تَدِين له الجراحة بأول فكرة عن جراحة الجهاز التنفسي، كما أن له أبحاثًا كثيرة عن الأطعمة والأدوية والكسور، وغير ذلك الكثير.
نسب ابن زهر ومكانة أسرته
وُلِدَ أبو مروان عبد الملك بن أبي العلاء، المعروف بابن زهر الأندلسي الإشبيلي الإيادي سنة (464-557هـ/ 1072-1162م)، وينتسب أبو مروان عبد الملك بن زهر إلى أسرة أندلسية لمعت في ميدان الطب والعلوم الطبيعية والكيمائية، بل أيضًا العلوم الشرعية الإسلامية؛ فكان جدُّه محمد بن مروان بن زهر (ت 422هـ/ 1031م) شيخ زمانه وعالم عصره، وهو أول مَن رفع من شأن هذه العائلة؛ فقد كان عالمًا فقيهًا جليلاً في بلاد الأندلس. ثم خلفه في العلم ابنه أبو مروان عبد الملك بن محمد بن زهر، الذي نبغ في الفقه إلاَّ أنه كان طموحًا فاشتغل بالطب؛ حيث رحل إلى القيروان فتتلمذ على يد كبار أطبائها، ثم رحل بعد ذلك إلى القاهرة فنال شهرة واسعة في مجال الطب، إلاَّ أنه عاد إلى إشبيلية حتى توفي سنة (471هـ/ 1078م)، فخلفه في الشهرة ابنه أبو العلاء، واسمه زهر بن عبد الملك بن محمد بن زهر، وقد ذاع صيته هو أيضًا في الطب مثل أبيه، وقد تدفَّق الطلاب عليه من كل حدبٍ وصوب؛ لشهرته وتبحُّره في العلوم الطبية، وقد قرَّبه إليه الأمير يوسف بن تاشفين أمير المرابطين، وقد لزم بلاد الأندلس حتى وافاه الأجل سنة (525هـ/ 1131م)، وكان من مؤلفاته: كتاب الخواص، وكتاب مجريات الطب، وكتاب التذكرة، وكتاب الأدوية المفردة، وكتاب النكت، وغيرها من الكتب والرسائل. ثم جاء بعد ذلك الابن الذي نال شهرة أبيه وجدِّه، وملأ الدنيا بعلمه، إنه أبو مروان عبد الملك بن أبي العلاء بن زهر، الذي يُعْتَبَرُ أول من خصَّص كل وقته في الطب[1].
فكانت أسرة بني زهر بذلك مفخرة الإنسانية؛ لما قَدَّمَتْ من مؤلفات ومبتكرات طبية أدهشت العلماء في الشرق والغرب, واشتهرت في جميع أنحاء المعمورة, وهو ما كان له أبعد الأثر في تشكيل كيان أبي مروان عبد الملك بن زهر العلمي، الذي ورث مهنة الطب من أبيه، وأورثها لأبنائه وأحفاده، وكان هو أفضل تلميذ لأمهر معلم.
هذا، ولم يكن ابن زهر بمعزل عن حُكَّام عصره (المرابطين)؛ فقد خدم الملثَّمِين، ونال من جهتهم من النعم والأموال شيئًا كثيرًا[2].
ابن زهر .. مؤلفات وإبداع
ترك لنا ابن زهر ثروة علمية ناضجة، تنمُّ عن سعة أفقٍ وكثرة اطلاع، ولعل من أهم مؤلفاته كتابه (التيسير في المداواة والتدبير)، والذي يُعَدُّ من خير ما أَلَّف المسلمون في الطب العلمي؛ فقد تحرَّر فيه من كل ما تقيَّد به غيره من آراء نظرية، وأخذ فيه بما تُؤَدِّي إليه الملاحظة المباشرة، وفيه وصف التهاب التَّامُور، والتهاب الأذن الوسطى، وشلل البلعوم، كما وصف عملية استخراج الحصى من الكُلى، وفتح القصبة الهوائية[3].
وفي تأليف هذا الكتاب قصة مهمة توقفنا على ما كان بين علماء المسلمين من تعاون وتكامل، وما يمكن أن نسميه بـ "العمل في فريق"!
فإنه حين ألف ابن رشد كتابه (الكليات) -والتي تعود شهرته في الطب إليه، وقد جمع فيه النظريات العامة لعلم الطب، والمبادئ الأساسية لعلم الأمراض- رأى أنه في حاجة إلى كتاب آخر يكمله، ويكون مقصورًا على الجزئيات؛ لتكون جملة كتابيهما ككتاب كامل في صناعة الطب.. ومن ثَمّ قصد ابن رشد أبا زهر (شخصية الدراسة)، وكانت بينهما مودة، ورجاه بأن يقوم بهذه المهمة.
وقد تم له ما أراد، حيث ألف ابن زهر كتاب (التيسير في المداواة والتدبير)، وجاء موسوعة طبية عظيمة، ظهرت فيه براعة ابن زهر وتضلعه في الصناعة الطبية!
ولذلك نجد ابن رشد يقول في آخر كتابه (الكليات): "فهذا هو القول في معالجة جميع أصناف الأمراض بأوجز ما أمكننا وأبينه، وقد بقي علينا من هذا الجزء القول في شفاء عرض من الأعراض الداخلة على عضو من الأعضاء، وهذا وإن لم يكن ضروريًّا؛ لأنه منطوٍ بالقوة فيما سلف من الأقاويل الكلية ففيه تتميم ما وارتياض؛ لأنَّا ننزل فيها إلى علاجات الأمراض بحسب عضو عضو، وهي الطريقة التي سلكها أصحاب الكنانيش (الدفاتر)، حتى نجمع في أقاويلنا هذه إلى الأشياء الكلية الأمور الجزئية؛ فإن هذه الصناعة أحق صناعة ينزل فيها إلى الأمور الجزئية ما أمكن، إلا أنا نؤخر هذا إلى وقت نكون فيه أشد فراغًا لعنايتنا في هذا الوقت بما يهم من غير ذلك، فمن وقع له هذا الكتاب دون هذا الجزء، وأحب أن ينظر بعد ذلك إلى الكنانيش، فأوفق الكنانيش له الكتاب الملقَّب بـ(التيسير)، الذي ألفه في زماننا هذا أبو مروان بن زهر، وهذا الكتاب سألته أنا إياه وانتسخته، فكان ذلك سبيلاً إلى خروجه"[4].
ومن هنا تظهر قيمة العمل الجماعي في الوقوف على ما هو أهم ومطلوب، ومِن ثَم تكميل النقص، وإثراء العلم، وتَقَدُّم الأمة!
وغير موسوعته التيسير أَلَّف ابن زهر كتاب (الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد)، والذي علَّق عليه أحد المستشرقين فقال: "إنه عبارة عن تذكرة لمن سبق له أن قرأ كتبًا أخرى في الطب، فالمؤلِّف لا يتكلَّم مع العموم، ولكن مع طبيب مثله، وقد أوضح بكيفية عملية التفريق بين الجذام، والبهاق، ومسألة العدوى، وقد تحدَّث ابن زهر في هذا الكتاب عن أطباء عصره، فذكر أنهم يختلفون في الاعتناء بالمرضى، وأن الناس يجهلون الطب؛ لأن الطبيب الذي يستشيره مريض من المرضى، يبادر فيصف له دواءً من الأدوية دون تمحيص للحالة في جميع خواصِّها"[5].
وأَلَّف ابن زهر أيضًا كتاب (الأغذية)، وقد أهداه لمحمد عبد المؤمن بن علي أمير دولة الموحدين، وألّف كذلك كتاب (الجامع في الأدوية والمعجونات)، و(تذكرة في أمر الدواء المسهل وكيفية أخذه)، وهو عبارة عن رسالة ألَّفها لابنه أبي بكر، وتعتبر أول ما تعلَّق بعلاج الأمراض، كما أن له تصانيف كثيرة تتعلَّق بالكُلى والبهاق والحصى[6].
وعلى هذا يُعَدُّ ابن زهر من الأطباء الذين كان لهم أثر واضح بما تركه من ثروة علمية كبيرة، ولم تكن إسهاماته في المجال النظري فقط، بل تَعَدَّت ذلك إلى الميدان العملي، رغم أنه كان يتحاشى إجراء العمليات الجراحية الكبرى بنفسه؛ لأن رؤية الجروح تثير في نفسه ضعفًا يصل إلى حالة الإغماء، ولكنه كان يسهم مساهمة فعَّالة في تحضير الأدوية[7].
ابن زهر.. منهج علمي وإنجازات عظيمة
في منهجه لدراسة الطب اعتمد ابن زهر على التجربة والتدقيق العلمي، وتوصَّل بذلك إلى أمراض لم تُدرس من قبلُ، وقد درس أمراض الرئة، وأجرى أول عملية في القصبة المؤدية إلى الرئة، ويعتبر ابن زهر من أوائل الأطباء الذين اهتمُّوا بدراسة الأمراض الموجودة في بيئة معينة، ويعتبر من أوائل الأطباء الذين بيَّنُوا قيمة العسل في الدواء والغذاء، وعلى الرغم من سعة معارفه، إلاَّ أن تخصُّصه في العلوم الطبية جعله يضيف أبحاثًا مهمة؛ منها ما يتعلَّق بالأمراض الباطنية والجلدية وأمراض الحمى والرأس؛ مما جعله فريدًا بين أقران عصره.
ويمكن تلخيص إنجازات ابن زهر في المجال الطبي فيما يلي:
1- كان يعتقد أن التجربة وحدها هي التي تُثْبِتُ الحقائق وتُذْهِبُ البواطل.
2- كان ينصح طلابه أن لا يأخذوا دائمًا ما يقرءونه على غيرهم محمل الثقة واليقين، بل لا بُدَّ من التجربة.
3- عالج حالات الشلل الذي يُصيب البلعوم.
4- أول من وصف خُرّاج الحيزوم والتهاب التامور الناشف والانسكابي، وكان دقيق الوصف للحوادث السريرية[8].
5- أول من أشار بعملية شقِّ الحجاب.
6- يعود له الفضل في إدخال المليِّنات بدل المسهلات الحادَّة.
ومن أهم ما يميِّز ابن زهر أنه لم يأخذ آراء الآخرين على أنها مسلمات غير قابلة للتعديل، فإن آراءه المخالفة لجالينوس -وخاصة آراءه التشريحية- لشاهدة على ذلك، وقد ساعدت هذه الآراء على التخلُّص من تهويمات الجالينوسية، ومن الخضوع المشين الذي طبع عصورًا برُمَّتِها بطابع الجمود المزري[9].
هذا، وقد تُرجمت كتب ابن زهر إلى اللاتينية، وخاصة كتابه (التيسير)؛ حيث تُرجم إلى اللاتينية سنة (895هـ/ 1490م)، وكان له أثر كبير على الطب الأوربي حتى القرن السابع عشر، كما تُرجم كتابه في الأغذية والأدوية.
وقد امتدح جورج سارتون أبا مروان بن زهر في كتابه (المدخل إلى تاريخ العلوم)، فقال: "إن أبا مروان تميَّز عن غيره في حقل الطب في شرق وغرب الدولة الإسلامية، بل إنه أعظم طبيب في عصره في العالم أجمع"[10].
وهكذا كان الطبيب الأندلسي ابن زُهر عبقرية فذَّة في مجال العلوم الطبية، وكان لأعماله وإسهاماته أثر كبير في تطور الطب في أوربا فيما بعد.
د. راغب السرجاني


[1]انظر تفصيل ذلك عند ابن أبي أصيبعة: طبقات الأطباء 3/278-291.
[2]انظر المصدر السابق 3/286.
[3]انظر: محمد الصادق عفيفي: تطور الفكر العلمي عند المسلمين ص201.
[4]ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء في طبقات الأطباء 3/319، 320.
[5]انظر: محمد الصادق عفيفي: تطور الفكر العلمي عند المسلمين ص201.
[6]انظر: ابن أبي أصيبعة: طبقات الأطباء 3/291.
[7]انظر: محمد الصادق عفيفي: تطور الفكر العلمي عند المسلمين ص202.
[8]انظر: الموسوعة العربية العالمية (الإصدار الرقمي الإلكتروني، 1425هـ/2004م).
[9]انظر: جلال مطهر: حضارة الإسلام وأثرها في الترقي العالمي ص329.
[10] انظر: علي عبد الله الدفاع: رواد علم الطب في الحضارة العربية والإسلامية ص283.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
ابن زهر .. الطبيب الإكلينكي ورائد علم الأورام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أسباب سرعة انتشار الأورام فى الجسم
» الكندي.. الطبيب الموسوعي
» ابن أبي أصيبعة.. الطبيب المؤرخ
» علي بن العباس .. الطبيب البارع
» ابن الطفيل.. الطبيب الفيلسوف

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: كتب وروابات مشاهير شخصيات صنعت لها .... :: علماء وادباء-
انتقل الى: