منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75827
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية   من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية Emptyالجمعة 03 يونيو 2016, 11:57 pm

من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية
د. راغب السرجاني


من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية Sna3atislamiah02

لم يكن غريبًا على العقل المسلم الذي ربَّاه دينه على إعلاء شأن التفكير والتدبُّر والقياس والتجريب العلمي... لم يكن غريبًا على ذلك العقل الذي تربَّى تلك التربية أن يُعلي شأن النظر إلى علوم الهندسة في عصور حضارته، وأن يبلغ بفروعها ومبادئها آفاقًا لم يُسبق إليها من أرباب الحضارات السابقة.
فنلاحظ أن ابن خلدون -رحمه الله- قد تحدَّث بحفاوة بالغة عن علم الهندسة.. تلك الحفاوة التي إن صدرت عن عالم في وزنه فهي -ولا شكَّ- تعكس نظرة إسلامية أصيلة لهذا الفرع من العلوم.. لقد بدأ حديثه عن الهندسة (جريًا على العادة المنهجية الإسلامية) بتعريف لهذا العلم قائلاً: "هذا العلم هو النظر في المقادير، إما المتصلة: كالخط والسطح والجسم، وإما المنفصلة: كالأعداد... وفيما يعرض لها من العوارض الذاتية.."، وبعد أن يتحدَّث عن أنواعها المختلفة.. نراه يعلِّق – رحمه الله – على منزلة هذا العلم قائلاً: "واعلم أن الهندسة تُفيد صاحبها إضاءةً في عقله، واستقامة في فكره؛ لأن براهينها كلها بَيِّنَةُ الانْتِظَام، جَلِيَّةُ الترتيب، لا يكاد الغلط يدخل أقيستها؛ لترتيبها وانتظامها؛ فيبعد الفكر بممارستها على الخطأ، وينشأ لصاحبها عقل على ذلك المهْيَع (أي: الطريق أو النسق)..." إلى أن يقول: "وكان شيوخنا – رحمهم الله – يقولون: (ممارسة علم الهندسة للفكر بمثابة الصابون للثوب الذي يغسل منه الأقذار وينقِّيه من الأوضار والأدران)؛ وإنما ذلك لما أشرنا إليه من ترتيبه وانتظامه".
فلا عجب – إذًا – في حق الأمة التي ينظر علماؤها إلى الهندسة كنورٍ للعقل، ومُطَهِّر للفكر من أدران العشوائية والفوضى.. أن تبرع في شتَّى التطبيقات الهندسية؛ فلا تقتصر تلك البراعة على ما رأيناه في المقال السابق من روعة علم الحيل النافعة أو الهندسة الميكانيكية، بل تتعدَّى ذلك إلى سائر فروع الهندسة سواء منها ما يتعلَّق بالصناعة أو العمارة أو المياه والريِّ وغيرها...
النهضة الصناعية
فعلى صعيد النهضة الصناعية (والتي لا تخفى صلتها الوثيقة بالتقدُّم الهندسي) تطالعنا شهادات غربية منصفة.. منها ما يؤكده المستشرق الفرنسي "سيديليو" (1777- 1833م) في شأن روَّاد الحضارة الإسلامية من: "أنهم برعوا في جميع الفنون الصناعية، واشتهروا عند الأمم بأنهم دبَّاغون سباكون، جلاَّءون للأسلحة، نساجون أصناف الثياب، ماهرون في أشغال المنقاش والمقراض.. ويؤيد عُلُوَّ كَعْبِهِم في هذه الفنون سيوفُهُم الباترة، ودروعُهُم الخفيفة الصلبة، وبُسُطُهُم ذاتُ الوبر، ومنسوجاتهم من الصوف والحرير والكتان"..
بل إن باحثًا غربيًّا آخر هو (رينو) يقول: "إن العرب لما أغاروا من الأندلس على جنوبي فرنسا، وافتتحوا بقيادة السمح الخولاني وعنبسة الكلبي والحُرِّ الثقفي مدائن أربونة وقرقشونة وأفنيون وليون.. كانوا مُجَهَّزِين بأسلحةٍ لم يكن للإفرنج مثلها!!".
لقد كان المهندسون والتقنيون في الحضارة الإسلامية يتَّبعون المنهج العلمي في كل أعمالهم، ويبدءون - في الحالات الصعبة - برسم مخططات، ثم يصنعون نموذجًا مصغرًا لما ينوون تنفيذه.. وقد أعاد الفنيون المحدثون بناء العديد من التركيبات والآلات تبعا للشروح التي قدمها التقنيون الإسلاميون في مؤلفاتهم.
الهندسة المعمارية
وإذا نظرنا إلى جانب الهندسة المعمارية فسنجد أن المسلمين قد برعوا (إبان الفتوحات الإسلامية، وانتشار الإسلام في أرجاء المعمورة) في الاهتمام ببناء المدن الجديدة، وإعمار الأرض، وقد تجلى ذلك في النهضة المعمارية العظيمة التي شهدتها عدد من حواضر العالم الإسلامي، كما تجلى في العديد من المساجد والمباني والقصور والجسور والمستشفيات (البيمارستانات)..
وتُحدِّثنا كتب التاريخ عن بدايات قديمة للنهضة المعمارية الإسلامية.. فها هو الإدريسي في (نزهة المشتاق) يتحدث عن عظمة "قنطرة قرطبة" التي بُنِيت في عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله (بين عامي: 99هـ و 101هـ) أي في أواخر القرن الأول الهجري!! يقول الإدريسي: "ولقرطبة القنطرة التي علت القناطر فخراً في بنائها وإتقانها.. وعدد قِسِيِّها سبع عشرة قوساً.. بين القوس والقوس خمسون شبراً، وسعة القوس مثل ذلك: خمسون شبراً، وسعة ظهرها المعبور عليه: ثلاثون شبراً، ولها ستائر من كل جهة تستر القامة، وارتفاع القنطرة من موضع المشي إلى وجه الماء في أيام جفوف الماء وقلته ثلاثون ذراعاً..."
هذا وقد أضافت العمارة الإسلامية تقنيات لم تكن معروفة من قبل في أنظمة المساجد والمدارس، كما ابتكرت تلك العمارة عناصر فنية كثيرة منها: أشكال العقود والتيجان والقباب والمحاريب والمنارات والمآذن وغيرها...
ولا تكاد رقعة من تاريخ المسلمين أو ديارهم.. تخلو من آيات بينات تدل على تلك العظمة المعمارية.. ويكفينا هنا مثالان من حقبتين تاريخيتين مختلفتين: المثال الأول (جامع قرطبة) الذي بُني في العهد الأموي في الأندلس، والذي يُعَدُّ – عبر العصور – معجزة معمارية بامتياز.. حتى ليصفه صاحب الروض المعطار بقوله: "الجامع المشهور أمره الشائع ذكره من أجل مساجد الدنيا كِبَرَ مساحةٍ وإحكامَ صنعةٍ وجمالَ هيئةٍ وإتقانَ بنيةٍ..."
أما المثال الثاني فهو (جامع السليمانية) بإسطنبول.. وهو ممثل صادق للإبداع المعماري العثماني الذي صبغ الحقبة العثمانية الزاهرة والمجهولة من تاريخ المسلمين، وقد كان من أبرز سمات ذلك الإبداع تلك القباب العالية البديعة.. وقد شُيِّد (جامع السليمانية) عام (964هـ / 1557م).
ويدين علم الصوتيات المعمارية (إكوستيك) بالفضل لعلماء المسلمين في إنشائه وإرساء أصوله المنهجية العلمية؛ إذ أفادوا من تطبيقاته في مجالات حيوية مختلفة؛ فاستفادوا من معرفتهم بأن الصوت ينعكس عن السطوح المقعرة، ويتجمع في بؤرة محددة - كالضوء تمامًا - وأنه إذا أجري حساب دقيق لهندسة السطوح المقعرة فإنه يصبح بالإمكان تسليط الأمواج الصوتية المنعكسة، وتركيزها في اتجاهات معينة بحيث تزيد من وضوح الصوت وشِدَّته.. أما إذا لم تُرَاعَ تلك الحسابات الدقيقة فإن ذلك يؤدي إلى خلخلة في الصوت، وبلبلة في تلقِّيه لدي السامع.
وقد استخدم التقنيون المسلمون خاصية تركيز الصوت في أغراض البناء والعمارة، وخاصةً في المساجد الكبيرة الجامعة؛ لنقل وتقوية صوت الخطيب والإمام أيام الجُمَعِ والأعياد، مثل ما نجده في مسجد "أصفهان" القديم، ومسجد "العادلية" في حلب، وبعض مساجد بغداد القديمة.. حيث كان سقفُ المسجد وجدرانُه تُصَمَّم جميعًا على شكل سطوح مقعرة موزعة في زوايا المسجد وأركانه بطريقة دقيقة، تضمن توزيع الصوت بانتظام على جميع الأرجاء.
ولا شَكَّ أن هذه المآثر الإسلامية الباقية حتى اليوم لهي خير شاهد على ريادة علماء المسلمين في تقنية الصوتيات الهندسية المعمارية، وذلك قبل أن يبدأ العالم الأمريكي المعروف "والاس ك. سابين" في دراسة أسباب سوء الصِفَات الصوتية لقاعة المحاضرات بجامعة "هارفارد" الأمريكية في أوائل القرن العشرين.
الهندسة الهيدروليكية!!
ولم يقتصر إبداع المهندس المسلم على الجانب المعماري وحسب.. بل إن آيات الإبداع تتجلى في فروع هندسية أخرى كثيرة ومنها (الهندسة الهيدروليكية) التي تُعنى بأنظمة الري، وإمداد المياه..
ومع أن المهندسين المسلمين لم يكونوا أول من ابتكر علم الهندسة الهيدروليكية (فقد وجدت أنظمة الري حول الموارد المائية - والأنهار خاصة - منذ سكن الإنسان هذه المناطق) إلا أن التاريخ ودراسة الحضارة الإسلامية يؤكدان لنا أن قَدَمَ السَّبْقِ كان للمسلمين في اختراع العديد من الوسائل والطرق المختلفة للإمداد بالمياه، وقد ظهر ذلك جليًا في العديد من حواضر العالم الإسلامي لا سيَّما بغداد والكوفة، وغيرهما من المدن التي انتشرت من حولها الأنهار. بل إن بعض المصادر التاريخية تذكر أن نظم الري قد بلغت ذروة تطورها في الأراضي الشرقية للخلافة الإسلامية في القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين (الرابع والخامس الهجريين)، وظهر وسط العراق واحد من أهم هذه الأنظمة، حيث سجل التاريخ تحولات رئيسية لمجرى كل من "دجلة" و"الفرات"، بالإضافة إلى تغييرات في منطقة المستنقعات والبحيرات الضحلة الواقعة شمالي غرب البصرة.
وبالرغم من وضوح الاهتمام الكبير الذي أولتْهُ الهندسة الإسلامية لنظم الري وإمداد المياه؛ نظرًا لضرورات الزراعة والعمران المتجددة، والتي صاحبت النمو الكَمِّي والكيفي المُطَّرِد للمجتمع الإسلامي.. إلا أن إمداد المياه لأغراض غير زراعية كان أيضًا من القسمات المهمة للحياة الإسلامية؛ فإتاحة المياه لم تكن أمرًا مُسَلَّمًا به في مناطق عديدة من العالم الإسلامي، مقارنةً بوفرتها في مناطق المناخ الممطر.. إلى جانب ما كان للمسلمين من إحساس خاص (نابع من دينهم) بإلحاح الحاجة إلى الماء النظيف.. فضلاً عن الاحتياج الإنساني الفطري للماء العذب الذي تُعَدُّ مصادره ثروة لا تُقَدَّر بثمن في أي مجتمع.
ولم تقتصر تطبيقات هندسة الإمداد بالمياه في الحضارة الإسلامية على جانب الاحتياجات الأساسية الملحَّة.. فقد برع مهندسو المياه المسلمون في توظيف الماء لخدمة مجالات حضارية غير الري والشرب.. لم يكن أغلبها معروفًا قبل الحضارة الإسلامية..
ومن أهم هذه المجالات: الحمامات العامة التي عرفتها المدن الإسلامية بكثافة استرعت انتباه الرحالة والتجار الغربيين الذين ما كانوا يألفون مثل ذلك الاحتفال بالنظافة في بلادهم!!.. بينما كانت أعداد الحمامات في الحواضر الإسلامية (التي كان سكانها يتقرَّبون إلى الله بالطهارة) تزيد أحيانًا على عشرة آلافٍ في المدينة الواحدة!!..
وكانت الحمامات تُصَمَّم هندسيًّا بحيث تتيح للمستحم أن ينتقل تدريجيًّا من الجو الحار إلى الجو البارد حتى لا يصاب بأذى، وكان الحمَّام يُسَخَّن عن طريق إيقاد نار تحت أرضيته، كما كان يشتمل على أنابيب للماء الساخن والبارد داخل جدرانه!!
وإذا كانت الحمَّامات منتشرة لغرض الطهارة المهم دينيًّا وفطريًّا فإن هذا لا يجعلنا ننسى الاستخدامات الجمالية لهندسة المياه (أو الهندسة الهيدروليكية).. فقد عرفت المنشآت المعماريَّة الإسلامية وجود النافورات المائية الجميلة وانتشارها بكثرة في أفنية القصور والمساجد الكبرى؛ لتضفي على المكان جمالاً وبهجة، إلى جانب استخدام بعضها (في المساجد خاصَّةً) لأغراض الوضوء..
كما كانت الهندسة الهيدروليكية تضع بصماتها في الجانب الشكلي والجمالي للحدائق والبساتين؛ فكان يُراعَى شقُّ الجداول والنهيرات الصغيرة.. لا لإنجاز مهمَّة الري وحسب.. بل لتُبهِج النفوس بجمال تدفُّقها.. في مشهد تربَّى الذوق الجمالي الإسلامي على التعلق به من تكرار الوصف القرآني لنعيم (جناتٍ تجري من تحتها الأنهار!).
لا عجب – إذًا – وقد رأينا من تطبيقات الهندسة الهيدروليكية ما سبق.. أن نجد عند الجغرافيين المسلمين (في وصفهم لأي مدينة) اهتمامًا خاصًا ببيان مصادر إمداد المياه للسكان في هذه المدينة.. سواء أكانت ينابيع أو آبارًا أو أنهارًا.. وهنا يتبدى جهد المهندسين المسلمين في الاجتهاد لإمداد المدن بالمياه؛ حيث كانوا يحرصون على التوفيق بين شتى المصالح؛ حتى يتمكنوا من توصيل المياه لكل السكان...
ها هي الحضارة الإسلامية – وكما عوَّدتنا في شتَّى المجالات – لم تدع فرعًا من العلوم إلا وأحسنت الإبداع في سبيل تطويره.. وقد وقفنا في هذه الرحلة الموجزة على أن علم الهندسة لم يتخلَّف في هذا السياق عن غيره من العلوم؛ فقد تناوله عباقرة المسلمين تناولهم الفذ الذي يبرع – كما رأينا – في الجمع بين متطلبات الضرورة وجمال الأداء.. هذا الجمع الذي طبع الحضارة الإسلامية عبر مسيرتها الخالدة بطابعها الإنساني الجميل.
ولا بدَّ أن هذا السبق الحضاري الإسلامي (في ميدان الهندسة الذي نحن بصدده) لم ينشَأ من تلقاء نفسه.. بل دفعه إلى تلك الآفاق علماء أفذاذ.. نسأل الله أن يعيننا – في مقال قادم – على استشراف بعض معالم عظمتهم..
كما نسأله سبحانه أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75827
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية   من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية Emptyالسبت 04 يونيو 2016, 12:00 am

الهندسة في الحضارة الإسلامية
د. راغب السرجاني

علم الهندسة

يعرف علم الهندسة عند العلماء المسلمين بأنه العلم بقوانين تُعرف منه الأصول العارضة للكم من حيث هو كم. وجاء تعريفه في (مدينة العلوم) بأنه: علم يعرف منه أحوال المقادير ولواحقها، وأوضاع بعضها عند بعض، ونسبتها وخواص أشكالها، والطريق إلى عمل ما سبيله أن يعمل بها، واستخراج ما يحتاج إلى استخراجه بالبراهين اليقينية.
وفي حفاوة بالغة عن علم الهندسة تحدث ابن خلدون في مقدمته بما يعكس نظرة إسلامية أصيلة لهذا الفرع من العلوم، فقال في تعريفه: هذا العلم هو النظر في المقادير، إما المتصلة: كالخط والسطح والجسم، وإما المنفصلة: كالأعداد وفيما يعرض لها من العوارض الذاتية، مثل: إن كل خطين متوازيين لا يلتقيان في وجه ولو خرجا إلى غير نهاية، ومثل: أن كل مثلث فزواياه مثل قائمتين، ومثل: أن كل خطين متقاطعين فالزاويتان المتقابلتان منهما متساويتان، ومثل: أن الأربعة المقادير المتناسبة ضرب الأول منها في الثالث كضرب الثاني في الرابع وأمثال ذلك.
والهندسة معرب (أندازه) - التسمية الأجنبية لها - ووجه التسمية ظاهر، وموضوعه: المقادير المطلقة، أعني - كما يقول القونجي -: الخط والسطح والجسم التعليمي، ولواحق هذه من الزاوية والنقطة والشكل (1).

أهمية علم الهندسة

تبرز أهمية علم الهندسة أو منفعته - كما يذكر القونجي - في الاطلاع على الأحوال المذكورة من الموجودات، وأن يكسب الذهن حدة ونفاذا، ويُروض بها الفكر رياضة قوية؛ لما اتفقوا على أن أقوى العلوم برهانا هي العلوم الهندسية.
ومن جملة منافعها: العلاج عن الجهل المركب؛ لما أنها علوم يقينية لا مدخل فيها للوهم؛ فيعتاد الذهن على تسخير الوهم، والجهل المركب ليس إلا من غلبة الوهم على العقل" (2).
وفي ذلك أيضا يقول ابن خلدون: واعلم أن الهندسة تفيد صاحبها إضاءة في عقله، واستقامة في فكره؛ لأن براهينها كلها بَيِّنَة الانتظام، جليّة الترتيب، لا يكاد الغلط يدخل أقيستها؛ لترتيبها وانتظامها؛ فيبعد الفكر بممارستها على الخطأ، وينشأ لصاحبها عقل على ذلك المهْيَع (أي: الطريق أو النسق).
وقد زعموا - كما يذكر ابن خلدون - أنه كان مكتوبا على باب أفلاطون: "من لم يكن مهندسا فلا يدخل منزلنا". قال: وكان شيوخنا - رحمهم الله - يقولون: "ممارسة علم الهندسة للفكر بمثابة الصابون للثوب الذي يغسل منه الأقذار وينفيه من الأوصار والأردان"؛ وإنما ذلك لما أشرنا إليه من ترتيبه وانتظامه (3).
فلا عجب - إذا - في حق الأمة التي ينظر علماؤها إلى الهندسة كنور للعقل، ومُطهِّر للفكر من أدران العشوائية والفوضى.. أن تبرع في شتى التطبيقات الهندسية المتنوعة، على نحو ما سنراه في هذا البحث وغيره.

علم الهندسة قبل الإسلام

كما أن لكل ثمرة بذرة فإن لكل علم وصنعة جذور يرتد إليها ويقوم عليها، ولقد كان لعلم الهندسة في الإسلام بدايات تمثلت في حضارات شتى كانت قائمة بذاتها قبل مجئ الإسلام، وكان لكل منها طابعها الخاص والذي يقف فيه علم الهندسة عند حدود معينة ينتهي بخفوت هذه الحضارة ثم يشرق ثانية ببزوغ نجم حضارة جديدة.
ولقد كان من أهم ما يمثل الوضع العالمي لعلم الهندسة قبل الإسلام حضارة المصريين القدماء، تلك التي كان لعلم الهندسة في بنائها أثر كبير جدًا، بل كان هو السر الأعظم في فضل بقاء بعض آثار هذه الحضارة إلى الآن متمثلة في أهرامات الجيزة وغيرها.
فقد كان لقدماء المصريين حضارة راقية جدًا، تتضح من قياساتهم العمرانية الدقيقة، كالتي في هرم الجيزة الأكبر الذي بني سنة 2900 ق.م، فكانت قاعدته مربعًا كاملاً، تتجه أضلاعه جهة الشرق، وكل أوجه الهرم الجانبية لها نفس الميل (51.50) مما يدل على دقة متناهية في القياس، وكل حجر من أحجاره يزن 2 طن، وتتطابق هذه الصخور على بعضها تمام التطابق" (4).
وإن حاجتهم لتحديد مزارعهم بعد فيضان نهر النيل كل عام ليظهر مكانة علم الهندسة في حياتهم، وفضلا عن هذا فإن المعلمات المتوفرة أكدت أن لدى قدماء المصريين معرفة تامة بكيفية حساب حجم الهرم والهرم الناقص، يوضح ذلك محمد عبد الرحمن مرحبًا في كتابه (الموجز في تاريخ العلوم عند العرب) بقوله: ولا يقل المصريون عن السومريين براعة في العلم الرياضي، يدل على ذلك بناء الأهرامات الذي كشف عن معرفة واسعة بالهندسة، وقد وصف العلماء المحدثون رياضيات المصريين من بردية ريند RHIND، كما نجح المصريون في إقامة العمود باستعمال المثلث القائم الزاوية، وكانت حيلتهم في ذلك استخدام حبل به عقدتان تقسمانه إلى 3 قطع، بنسبة 3: 4: 5، وقد توصلوا إلى هذه الفكرة بالخبرة العملية المتكررة، كما استفادوا من هذه الفكرة في تعيين الجهات الأصلية الأربعة (5).
ومثل المصريين القدماء فقد كان للبابليين باع طيب أيضا فيما يخص علم الهندسة، "فلقد استطاع علماء بابل حساب سطوح الأشكال الهندسية وحجوم بعض الأشكال المجسمة مثل: الهرم والهرم المقطوع على قاعدة مربعة، كما عرفوا قيمة النسبة التقريبية واعتبروها.. حتى لقد صار من المسلم في يومنا هذا أن نظرية فيثاغورث المشهورة - مساحة المربع المنشأ على وتر المثلث قائم الزاوية تساوي مساحة المربعين المنشأين على الضلعين القائمين - هي في الحقيقة من ابتكارات علماء بابل" (6).
هذا وبنظرة عامة على إسهامات الحضارات القديمة في علم الهندسة فإنها لم تكن لتتعدى عملية البناء، تلك التي تمثلت في إقامة الجسور وتشييد السدود، ولم يتطرق هذا العلم في هذه الحضارات إلى التقنيات الدقيقة مثل فنون الحيل والميكانيكا الهندسية وغيرها، وهو الأمر الذي يمكن القول معه بأن علم الهندسة قديما لم يبعد أن يكون فنًا معماريًا (غير مكتمل النضج).

المسلمون وعلم الهندسة

كرم الله الإنسان بصفته عاقلا، وجاء الإسلام ورفع من شأن العقل وأعلى من مكانته، وحث على تعلم العلم، وإجالة الخاطر والنظر والفكر وذلك في أكثر من موضع من المصدر الأول من التشريع، والذي كان منه على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ] {الغاشية: 17- 20}، وقوله تعالى: [إن في خلق السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} {البقرة: 164} وغيرها الكثير من الآيات التي تنتهي بقوله تعالى: [لقوم يتفكرون] - [لعلكم تعقلون].
ومن هنا وإذا كان علم الهندسة من العلوم الرياضية العقلية التي تستدعي الفكر وإعمال العقل، فإن الإسلام يكون أول ما يدعو إليه ويحث عليه، خاصة وأن استعمال مثل ذلك مما يؤدي إلى الإقرار بالوحدانية والاعتراف بالإبداع الكوني الرباني المعجز.
وقد تبلور علم الهندسة عند المسلمين وآتى ثماره عليهم وعلى غيرهم من الأمم والحضارات من خلال ما يلي...

علم الهندسة والاستفادة من الحضارات السابقة

من البديهيات المسلم بها أن الجوار من قنوات انتقال الحضارات، وأن الحضارة بساط نسجته وتنسجه أيدي أمم كثيرة، فالحضارة متواصلة العطاء، وقيمة كل أمة في ميزانها يساوي ما قدمته مطروحًا منه ما أخذته من الحضارات التي سبقتها، وبهذا فلا ينكر عاقل أن الحضارة العربية الإسلامية أخذت من حضارات سبقتها، ولكنه وإتماما لذلك - على نحو ما سنرى - فإنها واصلت العطاء، ووشّت بساط الحضارة الإنسانية بكل ما هو جميل وراق.
إن ما قام به العرب المسلمون لهو عمل إنقاذي له مغزاه الكبير في تاريخ العالم، ولئن أشعل العرب سراجهم من زيت حضارات سبقت، فإنهم ما لبثوا أن أصبحوا شعلة وهّاجة بذاتها، استضاء بنورها أهل العصر الوسيط، وإن ما يُدْعي (المعجزة اليونانية) تنفيها الحقائق العلمية التاريخية وتنقضها، يقول السِّير هنري مين: "وإذا استثنينا قوى الطبيعة العمياء لم نجد شيئا يتحرك في هذا العالم إلا وهو يوناني في أصله" وتبنى فيليب حتّى هذا الادعاء، فجعل دور العرب المسلمين في مقام الوسيط ـ كساعي البريد ـ في أن نقلوا إلى أوربا خلال العصر الوسيط بضاعتهم اليونانية.
والحقيقة التاريخية تنفي وجود (المعجزة اليونانية)؛ لأن الحضارة اليونانية امتداد لحضارة وادي الرافدين ووادي النيل وبلاد الشام واقتباس منها، فاليونانيون اقتبسوا من الحضارات السابقة في شرقي المتوسط ومصر الكثير من مختلف العلوم، وعاد إلينا على أنه علم وطب يونانيان، ونُسى الأصل أو تنوسي. يقول وُلْ ديورانت: فطاليس (536 ق.م) زار مصر عدة زيارات ونقل من العلوم الهندسية المتقدمة من مدارس الإسكندرية، وفيثاغورس (497 ق.م) زار مصر عدة مرات، ثم مكث ببابل مدة طويلة، وقد بات من المعروف أن نظرية: مربع الوتر في المثلث القائم يساوي مجموع مربع الضلعين الآخرين، أخذها فيثاغورس من بابل، ونسبها إليه دون عزو لمصدرها، أو نسبت إليه، إن لوحة (تل حرمل) الحجرية التي عُثِرَ عليها في ضواحي بغداد تدل يقينًا على أن البابليين سبقوا اليونانيين في حساب المثلثات القائمة والمتشابهة بمئات السنين (7).
ومن هنا فمن السذاجة والخطأ الادعاء بأننا لم نأخذ ممن سبقنا؛ وذلك لأننا لم نبدأ من الصفر، ولو بدأت كل حضارة في مضمار العلوم من الصفر لما ازدهرت حضارة، ولما وصلت الحضارة اليوم إلى ما وصلت إليه من هذا التقدم العلمي المذهل، وعليه فإن المسلمين أخذوا أصول الهندسة عن اليونان، وقد ترجموا كتاب إقليدس في الهندسة وسموه الأصول، وذلك في عهد الخليفة المنصور (Cool.

إضافات المسلمين لعلم الهندسة وعلم الحيل النافعة

كما أنه لا ضير في أن نقر بأن المسلمين اعتمدوا على من سبقهم في قيام نهضتهم وحضارتهم في علم الهندسة، فإنا لا نستطيع أن نقر وجهة النظر التي تقول: "إن اليونان لم يتركوا في الهندسة القديمة زيادة لمستزيد، ولم يستطع أحد بعد إقليدس الذي دون علم الهندسة (330 - 320 ق.م) أن يزيد على هذا العلم شيئًا أساسيًا، أعظم أفضال العرب على الهندسة أنهم اهتموا بها حينما أهملتها الشعوب ثم حفظوها من الضياع، وناولوها للأوربيين في زمن باكر، فلقد أخذ الأوروبيون الهندسة اليونانية عن العرب لا عن اليونان، ونقلوها إلى اللغة اليونانية" (9).
فهذا الرأي لا يستقيم لا منطقيًا ولا علميًا، يشهد بذلك علماء الغرب أنفسهم على نحو ما سنورده في هذا البحث وفي هذا الموضوع بالذات، ولا أدري كيف نعت صاحب هذا الرأي الهندسة بـ(القديمة)؟! ألأجل أن يكون ذلك علم خاص فقط باليونان، ومن ثم فلا يستطيع أحد أن يجاريه أو يزيد عليه؛ مما يتسنى له بعد ذلك أن يطلق هذا الحكم؟ وإذا كان الأمر كذلك فهذه تعد مثلبة وليست منقبة لليونان أصحاب الهندسة (القديمة)، ومفخرة لأصحاب الهندسة الحديثة.
فمن المسلم به تاريخيًا وعلميًا أن المسلمين أضافوا إضافات جوهرية كثيرة، وأدخلوا أمورًا جديدة على هندسة من سبقهم، وكان من ذلك: تقسيم الزاوية إلى ثلاثة أقسام متساوية وكذلك الدائرة، وقد ألف الكندي الرسائل المختلفة في تقسيم المثلث والمربع واستخرج سمت القبلة، وكان يرجع إلى مؤلفاته المعماريون عند القيام بحفر الأقنية والجداول بين دجلة والفرات، وأدخل المسلمون أيضا المماس والقواطع، واستخدموا فن الزخرفة الذي يعتمد على قواعد هندسية في رسم المغلقات، وترتيب الخطوط، وأوراق النبات، وجمع المسلمون بين الهندسة والجبر، ولذلك يُعتبرون واضعي الهندسة التحليلية (10).
ولقد ذكر صاحب الرأي السابق أن اهتمام العرب (المسلمين) بالناحية العملية من الهندسة كان أكثر من اهتمامهم بالناحية النظرية، تشهد بذلك المباني والقصور التي نهضت في المشرق والمغرب.. (11). ولا تعليق!!
وإحقاقا للحق فقد ظل المسلمون يبدعون ويضيفون الكثير والكثير مستلهمين ذلك من أمور دينهم ودنياهم، حتى ظهر علم الهندسة وتبلور على أيديهم، وبدت معالمه الكلية واضحة جلية، وازدهرت تقنيات الهندسة الميكانيكية في العالم الإسلامي منذ القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي)، واستمر عطاء المسلمين فيها حتى القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي).
وكانت هذه التقنيات تعرف عند المسلمين باسم "الحيل النافعة"، وهي آلات وتجهيزات يعتمد البحث فيها على حركة الهواء (الإيروديناميكا)، أو حركة السوائل واتزانها (الهيدروديناميكا و(الهيدروستاتيكا).
وإذا كان أعلام الحضارة الإسلامية قد اطلعوا على بعض ما خلفه قدماء المصريين والفرس والهنود والصينيون والإغريق في "علم الحيل" أو الهندسة الميكانيكية - بلغة العلم المعاصرة - إلا أن ما ورثوه عن الحضارات السابقة كان محدودًا من الناحيتين النظرية والتطبيقية على حد سواء، فطوروه وأضافوا له القواعد العلمية، وصنفوا فيه كتبًا رائدة، لا يزال الكثير منها مجهولاً أو مفقودًا.
ويمثل علم "الحيل النافعة" الجانب التقني المتقدم في علوم الحضارة الإسلامية، حيث كان المهندسون والتقنيون يقومون بتطبيق معارفهم النظرية للإفادة منها في كل ما يخدم الدين، ويحقق مظاهر المدنية والإعمار.
وقد جعلوا الغاية من هذا العلم هي: "الحصول على الفعل الكبير من الجهد اليسير"، ويقصد به استعمال الحيلة مكان القوة، والعقل مكان العضلات، والآلة بدل البدن(12).
وهي نزعة حضارية تتسم بها الأمم التي قطعت أشواطا في مجالات العلم والحضارة، كما أنها المحور الذي تدور حوله فلسفة أي اختراع تفرزه عقول العلماء يوميا؛ سعيا وراء تحسين حياة الإنسان، ورفع المشقة عنه قدر الإمكان.
ولعل من الأبعاد الأخلاقية التي قادت العقل الإسلامي في اتجاه الإبداع والتفرد في مجال الحيل النافعة أن الشعوب السابقة على المسلمين كانت تعتمد على العبيد، وتلجأ إلى نظام السُّخرة في إنجاز الأعمال التي تحتاج إلى مجهود جسماني كبير، دون النظر إلى طاقة تحمّل أولئك العبيد..
فلما جاء الإسلام نهى عن السخرة وكرّم العبيد، فمنع إرهاقهم بما لا يطيقون من العمل، فضلا عن تحريم إرهاق الحيوانات - كما بينا ذلك في عنوانه - وتحميلها فوق طاقاتها.. إذا عرفنا ذلك وأضفنا إليه ضرورات التعمير والبناء - بكل أشكالها - التي صاحبت اتساع الحضارة الإسلامية.. فسوف ندرك جانبا هاما من دوافع هذا السبق الفريد في مجال التكنولوجيا عند المسلمين، أو قل: "الحيل النافعة"!!
فبعد أن كانت غاية السابقين من علم الحيل لا تتعدى استعماله في التأثير الديني والروحي على أتباع مذاهبهم، مثل استعمال التماثيل المتحركة أو الناطقة بواسطة الكهان، واستعمال الأرغن الموسيقى وغيره من الآلات المصوتة في المعابد، فقد جاء الإسلام وجعل الصلة بين العبد وربه بغير حاجة إلى وسائل وسيطة أو خداع بصري، وأصبح التأثير على الإنسان باستعمال آلات متحركة (ميكانيكية) هو الهدف الجديد لتقنية "الحيل النافعة" (13).
ولعل من أهم إنجازات الهندسة الميكانيكية (أو علم الحيل النافعة) ما ظهر واضحًا في الإمكانيات التي استخدمها المسلمون في رفع الأحجار ومواد البناء لإتمام الأبنية العالية من مساجد ومآذن وقناطر وسدود.. فيكفيك أن ترى الارتفاعات الشاهقة لمعالم العمارة الإسلامية في عصور غابت عنها الروافع الآلية المعروفة في زماننا.. لتعلم براعة المهندسين المسلمين في التوصل لآلات رفع ساعدت - ولا شك - على إنجاز تلك الأعمال الخالدة.. وإلا فكيف يمكن أن ترفع مئذنة فوق سطح مسجد سبعين مترا.. أي ما يزيد على عشرين طابقا..؟!
ولا ننسى في هذا السياق "سور مجرى العيون" في القاهرة أيام صلاح الدين الأيوبي، والذي كان ينقل الماء من فم الخليج على النيل إلى القلعة فوق جبل المقطم، وكانت هناك ساقية تدار بالحيوانات ترفع المياه لعشرة أمتار ليتدفق في القناة فوق السور وتسير بطريقة الأواني المستطرقة حتى تصل إلى القلعة!
ومن هنا تتجلى عظمة المسلمين في هذا الفن، ولا يستطيع أن ينكر دورهم في ذلك إلا جاحد، يقول محمد كرد علي: وللعرب (المسلمين) في باب الهندسة الإبداع الذي أقرهم عليه كل عارف، ولم ينازعهم فيه منازع، ولم يخترع العرب أبنية خاصة بهم، بل تجلي في هندستهم حبهم للزخرف واللطف، واخترعوا القوس المقنطر ورسم البيكارين، وجعل تفننهم في هندسة القباب والسقوف والمعرشات من الأشجار والأزهار لجوامعهم وقصورهم بهجة لا يبلى على الدهر جديدها، ودلت كل الدلالة على إيغالهم في حب النقوش والزينة، كأن أبنيتهم ومصانعهم ثياب من ثياب الشرق تفنن حائكها في رقشها ونقشها، كما قال أحد العارفين من الإفرنج (14).

علماء الهندسة المسلمون والهندسة الميكانيكية

لم تكن إضافات المسلمين السابقة وليدة يوم وليلة، ولم تنسب هذه الإضافات - مع غيرها الكثير على نحو ما سنراه - إلى فرد واحد أو حتى مجموعة بعينها فقط، بل كان وراء ذلك ثلة من العلماء الأعلام في عصور الخلافة بطولها، حيث كان المسلمون يعيشون أزهى عصور التقدم والحضارة والمدنية، وكانت لهم السيادة سياسيًا واقتصاديًا وعلميًا، وهو الأمر الذي كان له بالغ الأثر في تقدم علم الهندسة وتطوره.
ويمكن التعرف على مراحل تطور علم الهندسة على يد المسلمين من خلال تلك الأعمال القيمة التي خلَّفها أبرز رواد التقنية الإسلامية في مجالات الهندسة الميكانيكية أو علم الحيل على النحو التالي:
1- بنو موسى بن شاكر:
وهم الإخوة الثلاثة (محمد وأحمد والحسن)، أبناء موسى بن شاكر، وقد عاشوا في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي)، ولمعوا في علوم الرياضيات والفلك والعلوم التطبيقية والتقنية، واشتهروا بكتابهم القيم المعروف باسم "حيل بن موسى".
وعن كتابهم هذا يقول ابن خلّكان: "ولهم في الحيل كتاب عجيب نادر يشتمل على كل غريبة، ولقد وقفت عليه فوجدته من أحسن الكتب وأمتعها، وهو مجلد واحد".
ويحتوي هذا الكتاب على مائة تركيب ميكانيكي مع شروح تفصيلية ورسوم توضيحية لطرائق التركيب والتشغيل.
وكان استخدام بني موسى للصمامات المخروطية ولأعمدة المرافق التي تعمل بصورة آلية، وغير ذلك من مباديء وأفكار التحكم الآلي استخدامًا غير مسبوق، وسبقوا به أول صَفٍّ لآلية عمود المرافق الحديث في أوروبا بخمسمائة عام، ويعد أيضا من أهم الإنجازات في تاريخ العلم والتقنية بشكل عام.
ومن أمثلة تركيبات بني موسى الميكانيكية هذه عمل سراج إذا وضع في الريح العاصف لا ينطفئ، وعمل سراج يخرج الفتيلة لنفسه ويصب الزيت لنفسه، وكل من يراه يظن أن النار لا تأكل من الزيت ولا من الفتيلة شيئًا البتة، وعمل نافورة يفور منها الماء مدة من الزمان كهيئة الترس، ومدة متماثلة كهيئة القناة، وكذلك لا تزال دهرها تتبدل.
وقد استحدثوا كذلك آلات لخدمة الزراعة والفلاحة، مثل المعالف الخاصة لحيوانات ذات أحجام معينة تتمكن أن تصيب مأكلها ومشربها فلا تنازعها غيرها الطعام والشراب، وعمل خزانات للحمامات، وآلات لتعيين كثافة السوائل، وآلات تثبت في الحقول لكيلا تضيع كميات الماء هدرًا، ويمكن بواسطتها السيطرة على عملية ري المزروعات.
وكان لكل هذه الأفكار الإبداعية أثر كبير في دفع مسيرة تقنية "الحيل النافعة" أو الهندسة الميكانيكية قدمًا، حيث تميزت تصاميمها بالخيال الخصب والتوصيف الدقيق والمنهجية التجريبية الرائدة (15).
وإضافة إلى كتابهم "حيل بني موسى" فقد كان لهم أيضًا كتاب "معرفة مساحة الأشكال البسيطة والكروية"، حيث يرون أن الأقدار الثلاثة: الطول والعرض والسمك تحد عظم كل جسم، وانبساط كل سطح، والعمل في تقدير كمياتها إنما يتبين بالقياس إلى الواحد المسطح والواحد المجسم، والواحد المسطح الذي به يقاس السطح، وكل مضلع يحيط بدائرة، فسطح نصف قطر تلك الدائرة في نصف جميع أضلاع ذلك المضلع هو مساحته (16).
وقد شكل هذا الكتاب تطويرًا مهمًا لكتابي أرشميدس عن: "حساب مساحة الدائرة" وعن: "الكرة والأسطوانة"، والذي استغل فيه الإخوة الثلاثة منهج الاستنزاف لدى يودوكس، ومفهوم الكميات متناهية الصغر لدى أرشميدس، والذي كان بالغ التأثير في الشرق الإسلامي، وفي الغرب اللاتيني معًا.
وفي هذا الكتاب تتضح صيغ العمل الجماعي مثل: "وذلك ما أردناه" و"نبين" و"نقول: فالسطوح المستديرة المحيطة بهذا الجسم جميعًا أصغر من ضعف سطح الدائرة" و"نريد أن نجد مقدارين".. الخ. وهو عمل أراه سابقة للعرب المسلمين، وفيه يظهر قيمة مبدأ التعاون وسيادة روح الفريق، ذلك الذي اعتُمد عليه حديثا في الاختراعات الهندسية العظيمة، والتي لا مكان فيها للأعمال الفردية.
كما تتجلى في هذا الكتاب أيضا الأمانة العلمية للجماعة ذاتها؛ إذ كانت تشير إلى ما ليس لها فيه، فكانوا يقولون: "فكل ما وصفنا في كتابنا فإنه من عملنا، إلا معرفة المحيط من القطر، فإنه من عمل أرشميدس، وإلا معرفة وضع مقدارين بين مقدارين لتتوالى على نسبة واحدة، فإنه من عمل مانا لاوس (17).
2- ثابت بن قرة:
ولد ثابت بن قرة سنة 221 هـ / 834 م في حَرَّان من أرض الجزيرة شمال العراق، بتركيا الآن، وكان في بداية حياته صيرفيا في حران، وكان من الصابئة قبل أن يسلم؛ فوقعت بينه وبين أهل مذهبه أشياء وأنكروها عليه فحرّم عليه رئيسهم دخول الهيكل؛ فخرج ثابت من حران إلى "كفر توثا" وهناك لقي "محمد بن موسى شاكر" الذي كان قيّمًا على بيت الحكمة ببغداد؛ فأعجب بذكاء ثابت ونبوغه وفصاحته؛ فاصطحبه معه إلى بغداد ووصله بالخليفة المعتضد الذي أكرمه وأغدق عليه العطايا والهبات، وصارت له خطوة ومكانه عنده.
برع ثابت في علم الهندسة حتى قيل عنه: إنه أعظم هندسي عربي على الإطلاق، وقال عنه "يورانت ول": إنه أعظم علماء الهندسة المسلمين؛ فقد أسهم بنصيب وافر في تقدم الهندسة، وهو الذي مهد لإيجاد علم التكامل والتفاضل، كما استطاع أن يحل المعادلات الجبرية بالطرق الهندسية، وتمكن من تطوير وتجديد نظرية فيثاغورث، وكانت له بحوث عظيمة وابتكارات رائدة في مجال الهندسة التحليلية؛ فقد ألف كتابا في الجبر، شرح فيه العلاقة بين الجبر والهندسة، وكيفية التوفيق بينهما، واستطاع أن يعطي حلولا هندسية لبعض المعادلات التكعيبية، وهو ما أفاد علماء الغرب فيما بعد في تطبيقاتهم وأبحاثهم الرياضية في القرن السادس عشر.
ومن مؤلفات ثابت الرياضية والهندسية:
- كتاب في الشكل الملقب بالقطاع.
- كتاب في مساحة الأشكال المسطحة والمجسمة.
- كتاب في قطوع الأسطوانة وبسيطها.
- مساحة المجسمات المكافية.
- قول في تصحيح مسائل الجبر بالبراهين الهندسية (18).
3- أحمد بن خلف المرادي:
ظهر اسمه حديثا عندما اكتُشِف في مكتبة لورنيين بفرنسا (عام 1975م) مخطوطٌ في الحيل النافعة يحمل اسمه بعنوان "الأسرار في نتائج الأفكار" يعود إلى العصر العربي الإسباني، ويحوي أجزاء مهمة حول الطواحين والمكابس المائية، ويشرح أكثر من ثلاثين نوعا من الآلات الميكانيكية، وساعة شمسية متطورة جدا.
وعن هذا الكتاب يقول جوان فيرنيه أستاذ تاريح العلوم العربية بجامعة برشلونة: "لقد تأكدت نسبة كتاب "الأسرار في نتائج الأفكار" للمؤلف العربى الإسباني أحمد (أو محمد) بن خلف المرادي، الذي عاش في القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي)، ويهدف إلى تعليم صنع لعب ميكانيكية كان الكثير منها قابلا للاستعمال كساعة مائية".
ويلح "فيرنيه" على وجود قرابة بين هذا الكتاب وكتاب آخر ترجمته "شميللر" إلى الألمانية عام 1922م، كما أنه يؤكد على أن المهندس المعمارى الفرنسي "فيلاردوهنكور" الذى عاش في النصف الثانى من القرن الثانى عشر الميلادى، كان على علم بتقنيات العالم العربي التي تقوم بحركات دائمة.
ومن أمثلة التقنيات المتقدمة التى صورها كتاب المرادي: "حامل المصحف" الموجود في جامع قرطبة، ويتيح تناول نسخة نادرة من القرآن الكريم، وقراءتها دون أن تمسها الأيدي، ينفتح الحامل بطريقة آلية حيث توضع المجموعة المكونة من الحامل والمصحف على رَفٍّ متحرك في صندوق مغلق بالقسم العلوي من المسجد، وعندما يدار مفتاح الصندوق ينفتح باباه فورا وآليا نحو الداخل، ويصعد الرف من تلقاء ذاته حاملا نسخة القرآن إلى مكان محدد، وفي الوقت نفسه ينفتح حامل المصحف وينغلق بابا الصندوق، وإذا أدخل المفتاح من جديد في قفل الصندوق وأدير بالاتجاه المعاكس تتوالى الحركات السابقة بالترتيب المعاكس، وذلك بفضل سيور وآليات أخفيت عن الأنظار.
وفي موضع آخر يقدم المرادي شرحا وافيا لتقنية أخرى متقدمة في قصر جبل طارق، يتم فيها تحريك جدران مقصورة الخليفة آليا عن طريق تجهيز قاعة محركات إلى جانبها، وهذا يؤكد أن الأمر لم يكن مقتصرا - كما يزعم البعض - على صنع ألعاب فقط من أجل التسلية (19).
4- عبد الرحمن بن أحمد بن يونس:
وهو عبد الرحمن بن أحمد بن يونس، توفي في سنة 1009م، وهو الذي اخترع الرقاص (البندول( وعرف أشياء كثيرة من قوانين تذبذبه، وبعد ستمائة وخمسين عامًا من دراسات ابن يونس، جاء غاليليو الإيطالي (ت 1624م) ليتوسع في درس الرقاص (20).
5- بديع الزمان الجزري:
تضمنت ابتكارات المسلمين الأوائل في مجال تقنية الحيل النافعة تصميمات متنوعة لساعات وروافع آلية، يتم فيها نقل الحركة الخطية إلى حركة دائرية بواسطة نظام يعتمد على التروس المسننة، وهو الأساس الذي تقوم عليه جميع المحركات العصرية، ومن المؤلفات الذاتية الرائدة في هذا المجال كتاب "الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل" لبديع الزمان أبي العز بن إسماعيل الرازاز الجزري، الذي عاش في القرنين السادس والسابع الهجريين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي.
وقد ترجم دونالدهيل هذا الكتاب إلى الإنجليزية عام 1974، ووصفه مؤرخ العلم المعاصر جورج سارتون بأنه أكثر الكتب من نوعه وضوحًا، ويمكن اعتباره الذروة في هذا النوع من الإنجازات التقنية للمسلمين، ويضم كتاب الجزري عدة أقسام، أطولها قسم الساعات المائية، وفيه قسم آخر يعالج موضوع آلات رفع الماء.
أما ساعات الجزري فكانت تستعمل دمى ذاتية الحركة لتشير إلى مرور الوقت، مثل: طيور تقذف من مناقيرها كرات صغيرة فوق صنوج، أو أبواب تفتح ليخرج منها أشخاص، أو دوائر بروج تدور، أو موسيقيين يقرعون الطبول وينفخون الأبواق، وفي معظم هذه الساعات كان المحرك الأول ينقل الطاقة إلى الدمى بواسطة أنظمة بكرات بالغة الدقة.
وأما قسم آلات رفع الماء، ففيه وصف لتصميم مضخة يعتبرها المؤرخون الجدد الأقرب للآلة البخارية، وتتكون هذه المضخة من (ماسورتين) متقابلتين، في كل منهما ذراع يحمل مكبسًا اسطوانيًا، فإذا كانت إحدى الماسورتين في حالة ضغط أو كبس فإن الثانية تكون في حالة سحب أو (شفط).
ولتأمين هذه الحركة المتقابلة المتضادة يوجد قرص دائري مسنن قد ثبت فيه كل من الذراعين بعيدًا عن المركز، ويدار هذا القرص بواسطة تروس متصلة بعامود الحركة المركزي، وهناك ثلاثة صمامات على كل مضخة تسمح بحركة المياه في اتجاه واحد من أسفل إلى أعلى، ولا تسمح بعودتها في الاتجاه العكسي(21).
 
وفي مُؤَلَّف آخر للجزري بعنوان (كتاب في معرفة الحيل الهندسية) يوجد قسم خاص لآلات رفع المياه يتضمن وصفًا دقيقًا لمضخة تتألف من زنجير متصل طويل عليه مجموعة من الدلاء، وكانت هذه المضخة التي وصفها الجزري نموذجًا مصغرًا للتسلية، فقد كانت جوانب الحوض من الرخام، وكانت أرضيته من النحاس، وكان محيط الدولاب الرأسي يدير مسننًا آخر أفقيًا متعامدًا عليه، ثم تنتقل الحركة التي يسببها الماء الساقط على الدولاب عبر محور رأسي طويل إلى مسنن أفقي علوي، يدير بدوره مسننًا رأسيًا آخر في الأعلى، محمولاً على محور علوي أفقي يدير الزنجير، ويدور هذا الزنجير المتصل ذو الدلاء بواسطة دولاب رأسي مثبت أيضًا على المحور الأفقي.
ولما كان هذا النموذج للتسلية فإن الجزري وضع صينية وذراعاً، وتمثالاً خشبيًا لبقرة تدور مع دوران العمود، ويهدف النموذج إلى تقليد السواقي التي كانت في المعتاد تدور بواسطة الأبقار، ولا نجد - فيما نعلم - وصفًا لنموذج مماثل في المراجع الغربية قبل المنشأة المائية ذات الزنجير والدلاء والمسننات التي وصفها أجريكولا عام 1556م، وكان يديرها رجل بواسطة ذراع المرفق (22).
ويُعد الجزرى أول من اخترع الإنسان الآلي المتحرك، وكان ذلك بغرض الخدمة في المنزل، فقد طلب منه الخليفة أن يصنع له آلة تغنيه عن الخدم كلما رغب في الوضوء للصلاة، فصنع له الجزري آلة على هيئة غلام منتصب القامة، وفي يده إبريق ماء، وفي اليد الأخرى منشفة، وعلى عمامته يقف طائر، فإذا حان وقت الصلاة يصفر الطائر، ثم يتقدم الخادم نحو سيده ويصب الماء من الإبريق بمقدار معين، فإذا انتهى من وضوئه يقدم له المنشفة تم يعود إلى مكانه والعصفور ما زال يغرد (23).
6- تقي الدين الدمشقي:
إلى جانب كل ما سبق كان هناك فخر التقنية الإسلامية تقي الدين بن معروف الراصد الدمشقي، والذي عاش في القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، وصاحب كتاب "الطرق السنية في الآلات الروحانية"، وفيه وصف العديد من الأجهزة الميكانيكية مثل: الساعات المائية والآلية والرملية، والروافع بالبكرات والتروس (المسننات)، والنافورات المائية، وآلات الدوران باستعمال العنفات (المراوح) البخارية التى نعرفها اليوم.
ويحظى كتاب تقي الدين الدمشقي بأهمية خاصة؛ لأنه يكمل أهم مرحلة في تقنية الهندسة الميكانيكية في العصر الإسلامي، ويقدم وصفا لآلات كثيرة لم يرد ذكر لها في كتب السابقين، وقبل أن يرد وصف ما يماثلها في المراجع الغربية المعروفة في فترة عصر النهضة.
ويتميز كتاب تقي الدين بأنه اقترب كثيرا في عرضه وتوصيفه للآلات من مفهوم الرسم الهندسي الحديث ذي المساقط، لكنه يوضح كل شيء يتعلق بالآلة في رسم واحد يجمع بين مفهوم المساقط ومفهوم الرسم المنظور (المجسم )، ومن هنا فإنه يحتاج إلى دراسة عميقة من أهل الاختصاص لقراءة النصوص وفهم الرسوم حتى يكون التخيل صحيحا.
ومن أهم الآلات المائية التى وصفها تقي الدين في كتابه "المضخة ذات الأسطوانات الست"، وفيها استخدم لأول مرة "كتلة الأسطوانات" لست أسطوانات على خط واحد، كما استخدم "عمود الكامات" بستة نتوءات موزعة بانتظام على محيط الدائرة، بحيث تعمل الأسطوانات على التوالي، ويستمر تدفق الماء بصورة منتظمة، وأوصى تقي الدين بألا يقل عدد الأسطوانات عن ثلاث ليتناسب صعود الماء من غير دفق، وهذا المفهوم المتقدم للتتابع وتجنب الدفق أو التقطع، بالإضافة إلى مفهوم التوازن الديناميكي الحديث، هو الأساس الذى قامت عليه تقنية المحركات والضواغط الحديثة متعددة الأسطوانات.
وفي تصميم تقي الدين لمضخته المكبسية ذات الأسطوانات الست نجده يضع ثقلا من الرصاص على رأس قضيب كل مكبس يزيد وزنه عن وزن عمود الماء الموجود داخل الأنبوب الصاعد إلى أعلى، وهو بهذا يسبق (مورلاند5) الذي قام في عام 1675م بتصميم مضخة وضع فيها أقراصا من الرصاص فوق المكبس حتى يعود المكبس إلى الهبوط ويدفع الماء بتأثير الرصاص إلى العلو المطلوب.
وهكذا يبطل زعم مؤرخي التقنية الغربيين أن التقنية الإسلامية في مجالات الهندسة الميكانيكية كان لها فقط طابع التسلية واللعب وتزجية أوقات الفراغ، وكانوا يشيرون بذلك إلى الآلات العجيبة التى وصفها التقنيون المسلمون، ويشهد على بطلان زعم هؤلاء المؤرخين غير المنصفين تلك الدواليب المائية التى كانت تُستخدم لتدوير المطاحن ومعاصر القصب وعصر الحبوب والبذور، وفي رفع المياه لأغراض الري، وقد استخدمت طاقة الماء والهواء على نطاق واسع، وكانت العلاقة وثيقة بين العلوم النظرية وتطبيقاتها التقنية في مجالات الحياة العملية التى شملت تصميم المدن ومنشآت الري والسدود والأبنية والآلات وغيرها.
وكان المهندسون والتقنيون في عصر الحضارة الإسلامية يتبعون المنهج العلمى في كل أعمالهم، ويبدأون - في الحالات الصعبة - برسم مخططات، ثم يصنعون نموذجا مصغرا لما ينوون تنفيذه، وقد أعاد الفنيون المحدثون بناء العديد من التركيبات والآلات تبعا للشروح التى قدمها التقنيون الإسلاميون في مؤلفاتهم (24).

.....  يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75827
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية   من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية Emptyالسبت 04 يونيو 2016, 12:00 am

....  تابع

قصة ذات معنى..
ومما تجدر الإشارة إليه هنا تلك القصة التي وقعت أحداثها في سنة 807 م، حينما أرسل الخليفة العباسي هارون الرشيد هدية عجيبة إلى شارلمان ملك الفرنجة، وكانت عبارة عن ساعة ضخمة بارتفاع حائط الغرفة تتحرك بواسطة قوة مائية، وعند تمام كل ساعة يسقط منها عدد معين من الكرات المعدنيه بعضها في أثر بعض بعدد الساعات فوق قاعدة نحاسية ضخمة، فيسمع لها رنين موسيقى يسمع دويه في أنحاء القصر، وفي نفس الوقت يفتح باب من الأبواب الاثني عشر المؤدية إلى داخل الساعة ويخرج منها فارس يدور حول الساعة ثم يعود من حيث خرج، فإذا حانت الساعة الثانية عشرة يخرج من الأبواب اثنا عشر فارسا دفعة واحدة، ويدورون دورة كاملة ثم يعودون فيدخلون من الأبواب فتغلق خلفهم..
كان هذا هو الوصف الذي جاء في المراجع الأجنبية والعربية عن تلك الساعة التي كانت تعد وقتئذ أعجوبة الفن، وأثارت دهشة الملك وحاشيته، ولكن رهبان القصر اعتقدوا أن في داخل الساعة شيطانا يحركها، فتربصوا به ليلا، وأحضروا البلط وانهالوا عليها تحطيما، إلا أنهم لم يجدوا بداخلها شيئا".
وتواصل المراجع سرد الرواية فتقول: إن العرب قد وصلوا في تطوير هذا النوع من الآلات لقياس الزمن، بحيث إنه في عهد الخليفة المأمون أهدى إلى ملك فرنسا ساعة أكثر تطورا تدار بالقوة الميكانيكية بواسطة أثقال حديدية معلقة في سلاسل وذلك بدلا من القوة المائية.
ومن هذه القصة نرى مدى تطور المسلمين في علوم الميكانيكا أو ما كانوا يسمونه علم الحيل الهندسية في حين كانت أوربا في عصر الظلمات (25).

أثر إسهامات المسلمين الهندسية في الحضارة الغربية

اقتضت سنة الله في خلقه أن تقوم أمم وحضارات ثم تنتهي لتقوم غيرها وهكذا دواليك، ولن تجد أمة من الأمم تقوم إلى ما لا نهاية {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140] {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الفتح: 23].
ومن اللافت للنظر في تعاقب الحضارات أن اللاحق يبني على السابق ويقوم عليه، وليس هناك من حضارة تبدأ من الصفر، ومن هنا فقد كان للمسلمين أكبر الآثار والإسهامات في بناء الحضارة الأوروبية الحديثة التي جاءت لاحقة لها وبنيت عليها بناءً كليًا، كما كان لحضارة اليونان التي استمدت بدورها علومها من المصريين القدماء والبابليين وغيرهم - أكبر الأثر في حضارة المسلمين.
وفيما يتصل بعلم الهندسة فقد "عقد ليون فصلاً في تأثير العرب في الصناعات - ولاسيما في الهندسة - في الغرب فقال: ربما ادعى بعضهم أن الهندسة الجوثية مأخوذة عن العرب، وهذا وهم؛ فإننا إذا قابلنا بين كاتدرائية جوثية من القرن الثالث عشر والرابع عشر وبين مسجد من القرنين نجد اختلافًا بينا بينهما.
ولما كانت الفنون تعبر عن حاجات عصر وعواطف أهله، اختلفت هندسة الغرب عن الهندسة العربية في الشرق، وقد أخذت أوربا من المسلمين تفاصيل في الزينة، ووجدت على بعض البِيَع في فرنسا صور حروف عربية منحوتة في الحجر، وأكاليل على بعض الحصون تشبه الطراز الإسلامي، وكثير من كنائس فرنسا تأثرت بالهندسة الإسلامية، ولا سيما في المدن التي كان لها علائق كثيرة مع الشرق.
وقد جَلَبَ الصليبيون من الشرق أصول هندسة بيت المؤذن في المنارات والمشربيات، والمعرقات والمراصد في الأبراج والزغاليل، والأبراج الناتئة والأفازير ذات الدرابزين، واستخدمت فرنسا كثيرًا من المهندسين الأجانب وكان فيهم المسلمون، حتى إن كنيسة (نوتردام دي باري) المشهورة في عاصمة فرنسا عمل فيها مهندسون من المسلمين.
أما تأثير المسلمين في هندسة إسبانيا فظاهر ظهور الشمس والقمر إلى أن قال: قد ينقرض شعب وتحرق كتبه وتهدم مصانعه، ولكن التأثير الذي أثَّره يقاوم أكثر مما يقاوم الفلز، وليس طاقة القوة البشرية أن تأتي عليه، والقرون قد تفعل في القضاء عليه أكثر من ذلك" (26).
ومن أبرز آثار المسلمين في الحضارة الغربية ذلك القصر الشامخ الذي يطل على غرناطة في موقع طبيعي بديع، ذلك هو (قصر الحمراء) الذي بناه محمد بن يوسف بن الأحمر (671هـ / 1272م)، ثم وسَّعه وزيَّنه خلفاؤه من بعده، حتى نقش على جداره:
فُقتُ الحِسَان بحُلَّتي وبتاجيفَهَوَتْ إليَّ الشُّهْبُ في الأبراج
وهذا القصر يزوره سنويًا ما بين (50 - 60) مليون نسمة، من جميع أنحاء العالم، من اليابان إلى أميركا اللاتينية، قُسِّم هذا العدد السنوي على عدد أيام السنة فكان متوسط عدد الزوار يوميًا أكثر من مئة وخمسين ألف زائر، يدفع كل واحد منهم حين دخوله باب القصر ثمانية يورو - قرابة 12 دولار - فالدخل اليومي أكثر من مليون ومئتي ألف يورو عند باب قصر الحمراء، ناهيك عن نفقات الزوار في الفنادق والمطاعم والهدايا.
حتى لقد قيل: يوجد مطبعة عند باب القصر لليورو تعمل يوميًا لساعات طويلة، وملاحظة أن مجموع دخل الدول العربية كلها بما فيها النفطية لا يساوي دخل إسبانيا من السياحة!! (27).

تعليق المنصفين من الغرب على منجزات المسلمين في الهندسة

بعد سرد بعض من صور الحضارة الإسلامية العريقة، والانتشار الواسع لعلم الهندسة وتأثيره في الحضارة الغربية تأثيرًا واضحًا وملموسًا، نجد من الغربيين من يؤثرون الحق وينسبون الفضل لأهله جرَّاء ما لمسوه مما لا ينكره إلا جاحد أو حاقد، ويعترفون بفضل المسلمين وسبقهم في علم الهندسة، والأمثلة على ذلك ما يلي:
قال (درابر): "ومن عادة العرب أن يراقبوا ويمتحنوا، وقد حسبوا الهندسة والعلوم الرياضية وسائط للقياس، ومما تجدر ملاحظته أنهم لم يستندوا فيما كتبوه في الميكانيكيات والسائلات والبصريات على مجرد النظر، بل اعتمدوا على المراقبة والامتحان، بما كان لديهم من الآلات، وذلك ما هيأ لهم سبيل ابتداع الكيمياء، وقادهم لاختراع أدوات التصفية والتبخير ورفع الأثقال.. ففتح لهم بذلك باب تحسين عظيم في قضايا الهندسة وحساب المثلثات".
وقال (سنيوبوس) في "تاريخ الحضارة":
جرى أمراء العرب على أصول إسقاء الأرضين بفتح الترع، فحفروا الآبار، وجازوا بالمال الكثير من عثروا على ينابيع جديدة، ووضعوا المصطلحات لتوزيع المياه بين الجيران، ونقلوا إلى أسبانيا أسلوب النواعير لتمتح المياه والسواقي التي توزعها، وإن سهل بَلَنسيه الذي جاء كان حديقة واحدة، وهو من بقايا عمل العرب وعنايتهم بالسقيا".
وذكر (ويليام ويلكوكس) من أعاظم مهندسي الري في هذا العصر أن عمل الخلفاء في ري العراق في الأيام الماضية يشبه الري في مصر والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا في هذا العصر.
ووصف المقدسي ميناء عكا التي بناها جده أبو بكر البناء المهندس لابن طولون، والطرق التي استعملها في هندستها حتى تدخل إليها المراكب آمنة، فغدت هذه الميناء من العجائب. (28).
وقال (ريسون): "إن استبحار عمران العرب مع سرعة انتشار سلطتهم في المعمور عرَّفنا إلى مكانة المدنية العربية، فكانت هذه الحضارة الباهرة في القرون الوسطى مزيجًا من المدنية البيزنطية والفارسية، وقد تم هذا المزيج المدني بأمرين: عشق العرب التجارة وغرامهم بالاستعمار، وأصبحوا لذكائهم الوقاد، ولما غرس فيهم من حب الاطلاع على كل شئ يخوضون غمار العلوم الطبيعية والرياضية، ولهم المنة على جميع الأمم بأرقامهم العربية، وباستنباطهم فن الجبر والمقابلة وتهذيبهم الهندسة.. وتوصل العرب إلى إثبات تناسب جيوب الأضلاع لجيوب الزوايا المقابلة لها في أي مثلث كروي، ووضعوا هذه القاعدة أساسًا للطريقة التي سموها الشكل المغني في حل المثلثات الكروية (29).
وذكر (سنيوبوس) أيضا فضل العرب المسلمين وحضارتهم فقال:
ولقد جمعت العرب وقرّبت جميع الاختراعات والمعارف المأثورة عن العالم القديم في الشرق (كيونان وفارس والهند والصين)، وهم الذين نقلوها إلينا، ودخل كثير من الألفاظ في لغتنا وهي شاهدة بما نقلناه عنهم، وبواسطة العرب دخل العالم الغربي الذي كان بربريًا في غمار المدنية.
فإذا كان لأفكارنا وصناعتنا ارتباط بالقديم، فإن جماع الاختراعات التي تجعل الحياة سهلة لطيفة قد جاءتنا من العرب، وأخذ الأوروبيون من العرب صنع الجوخ في جملة ما أخذوا من الصنائع، وكان أهل بيزا الإيطاليون ينزلون مدينة (بجاية) في الجزائر فتعلموا منها صنع الشمع، ومنها نقلوه إلى ديارهم وإلى أوروبا " (30).
وذكر (سيديليو) أن بعض الإفرنج زعموا أن العرب لم يعملوا في تقدم الصناعات شيئًا مع أنهم برعوا في جميع الفنون الصناعية، واشتهروا عند الأمم بأنهم دباغون سباكون جلاءون للأسلحة نساجون أصناف الثياب، ماهرون في أشغال المنقاش والمقراض، ويؤيد علو كعبهم في هذه الفنون سيوفهم الباترة ودروعهم الخفيفة الصلبة، وبسطهم ذات الوبر، ومنسوجاتهم من الصوف والحرير والكتان، وما كشمير هذه الأيام إلا نموذجات دالة على تلك الصناعة.
ويقول (رينو): إن العرب لما أغاروا من الأندلس على جنوبي فرنسا، وافتتحوا بقيادة السمح الخولاني وعنبسة الكلبي والحر الثقفي مدائن أربونة وقرقشونة وأفنيون وليون، كانوا مجهزين بأسلحة لم يكن للإفرنج مثلها (13).
وهذا وغيره الكثير والكثير من آراء وتعليقات المنصفين من الغربيين في تأثير الحضارة الإسلامية وبخاصة علم الهندسة في قيام النهضة والحضارة الغربية، وأختم هذا البحث بالمحاضرة التي ألقاها الأمير تشارلز وليّ عهد بريطانيا في مركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية في السابع والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1993م تحت عنوان: "الإسلام والغرب" جاء فيها حرفيًا:
إذا كان هناك قدر كبير من سوء الفهم في الغرب لطبيعة الإسلام، فإن هناك أيضًا قدرًا مساويًا من الجهل بالفضل الذي تدين به ثقافتنا وحضارتنا للعالم الإسلامي.. فإسبانيا في عهد المسلمين لم تقم فقط بجمع وحفظ المحتوى الفكري للحضارة اليونانية والرومانية، بل فسرت تلك الحضارة وتوسعت بها، وقدمت إسهامات مهمة من جانبها في كثير من مجالات البحث الإنساني في العلوم، والفلك، والرياضيات، والجبر - الكلمة نفسها عربية - والقانون، التاريخ، والطب، وعلم العقاقير، والبصريات، والزراعة والهندسة المعمارية، لقد كانت قرطبة في القرن العاشر أكثر المدن تحضرًا في أوروبا.
كما أن كثيرًا من المزايا التي تفخر بها أوروبا العصرية جاءت أصلاً من إسبانيا في أثناء الحكم الإسلامي، فالدبلوماسية وحرية التجارة، والحدود المفتوحة، وأساليب البحث الأكاديمي، وعلم الإنسان، وآداب السلوك، وتطوير الأزياء، والطب البديل، والمستشفيات جاءت كلها من تلك المدينة العظيمة.
وفوق ذلك، فإن الإسلام يمكن أن يعلمنًا طريقة للتفاهم والعيش في العالم، الأمر الذي فقدته الديانة المسيحية - على حد قول الأمير تشارلز - مما أدى إلى ضعفها، ويكمن في جوهر الإسلام حفاظه على نظرة متكاملة للكون، فالإسلام يرفض الفصل بين الإنسان والطبيعة، والدين والعلم، والعقل والمادة، إن هذا الشعور المهم بالوحدانية والوصاية على الطابع القدسي والروحي للعالم من حولنا شئ مهم يمكن أن نتعلمه من جديد من الإسلام" (32).
تقول زيغريد هونكه في كتابها (شمس العرب تسطع على الغرب):
إن الوقت قد حان للتحدث عن شعب قد أثر بقوة في مجرى الأحداث العالمية ويدين له الغرب، كما تدين له الإنسانية كافة بالشيء الكثير".

المراجع

(1) انظر: القونجي: أبجد العلوم، 2/ 572 وما بعدها.
(2) انظر: المصدر السابق.
(3) انظر: مقدمة ابن خلدون، ص 486.
(4) انظر: على عبد الله الدفاع: لمحات من تاريخ الحضارة العربية والإسلامية، ص64.
(5) انظر: المصدر السابق، ص 68، 69.
(6) انظر: المصدر السابق، ص 75، 76.
(7) انظر: شوقي أبو خليل: علماء الأندلس إبداعاتهم المتميزة وأثرها في النهضة الأوروبية، 19- 20.
(Cool انظر المصدر السابق، ص 84، وحكمت فريحات وإبراهيم الخطيب: مدخل إلى تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، ص 94.
(9) انظر: أحمد علي الملاّ: أثر العلماء المسلمين في الحضارة الأوروبية، ص 157، 158.
(10) انظر: حكمت فريحات وإبراهيم الخطيب: مدخل إلى تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، ص94.
(11) انظر: أحمد علي الملا: أثر العلماء المسلمين في الحضارة الأوروبية، ص 158.
(12) انظر: أحمد فؤاد باشا: التراث العلمي الإسلامي شيء من الماضي أم زاد من الآتي؟ ص 29.
(13) المصدر السابق: نفس الصفحة.
(14) انظر: محمد كرد علي: الإسلام والحضارة العربية 1/ 238.
(15) انظر: أحمد فؤاد باشا: التراث العلمي الإسلامي، ص 30، 31.
(16) كتاب معرفة مساحة الأشكال، بنو موسى بن شاكر، تحرير نصير الدين الطوسي، ط1، حجر حيدر آباد الدكن، 1359ه، ص 2، نقلاً عن: خالد أحمد حربي: علوم حضارة الإسلام ودورها في الحضارة الأندلسية، سلسلة كتاب الأمة، ص 154.
(17) انظر: بنو موسى: كتاب معرفة مساحة الأشكال، ص 17، 25.
(18) انظر: موقع إسلام أون لاين.
(19) انظر: جوان فيرنيه: الإنجازات الميكانيكية في الغرب الإسلامي، مجلة العلوم الأمريكية، الترجمة العربية، الكويت، أكتوبر-نوفمبر، مجلد 10، 1994م، نقلا عن: أحمد فؤاد باشا: التراث العلمي الإسلامي شيء من الماضي أم زاد للآتي، ص35، 36.
(20) انظر: شوقي أبو خليل: دور الحضارة العربية الإسلامية في النهضة الأوروبية، ص 87.
(21) انظر: دونالدهيل: ترجمة كتاب الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل للجزري، نشر دور درشت - ديدل 1979م.
(22) انظر: أحمد يوسف الحسن: تقي الدين والهندسة الميكانيكية، مع كتاب الطرق السنية في الآلات الروحانية من القرن السادس عشر، جامعة حلب، معهد التراث العلمي العربي 1976م، نقلاً عن: أحمد فؤاد باشا: التراث العلمي الإسلامي، ص 31، 33، 35.
(23) انظر: موقع إسلام ست.
(24) انظر: أحمد فؤاد باشا: التراث العلمي الإسلامي شيء من الماضي أم زاد للآتي، ص 36 - 39.
(25) انظر: موقع إسلام ست.
(26) انظر: محمد كرد علي: الإسلام والحضارة العربية، 1/ 238، 239.
(27) انظر: شوقي أبو خليل: علماء الأندلس إبداعاتهم المتميزة وأثرها في النهضة الأوروبية، ص 10، 11.
(28) انظر: محمد كرد علي: الإسلام والحضارة العربية، 1/ 227، 228.
(29) المصدر السابق، ص 231.
(30) المصدر السابق، ص 233، 234.
(31) انظر: محمد كرد علي: الإسلام والحضارة العربية، 1/ 234، 235.
(32) وزعت النص المترجم السفارة البريطانية بدمشق، ثم طبع على نفقة الأمير تشارلز بكتيب صغير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75827
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية   من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية Emptyالسبت 04 يونيو 2016, 12:00 am

المسلمون وعلم الهندسة الميكانيكية
د. راغب السرجاني


من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية Handasah_img001

لن يتوقف الانبهار الذي صاحبك وأنت تقلِّب صفحات الحضارة الإسلامية لأول مرة.. لأنه لم يكن انبهارًا ناشئًا عن جِدَّة المعلومات وحسْب، حتى إذا ألِفْتَهَا زال عنك الانبهار.. بل إن الإبهار والروعة كليهما يسكنان في كل تفاصيل هذا البناء الفريد (بناء الحضارة الإسلامية).. حتى ليُمكِنُنَا القول باطمئنان: إن عجائب هذه الحضارة لا تنقضي!.. ولا غرابة في ذلك؛ فقد نشأت هذه الحضارة في ظلال القرآن الذي: "لا تنقضي عجائبه!.." كما روى الحاكم بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود.
وإذا كنا قد عشنا على مدار شهور سابقة مع روائع حضارة المسلمين في الطب، ثم في الجانب البيئي، ومن بعده جانب الرفق بالحيوان.. فسنحاول – بعون الله – تقليب صفحة جديدة، لا تقِلُّ روعة عما سبق أن عرفناه من كنوز العباقرة المسلمين..
ستطل بنا هذه الصفحة على روعة ما قدَّمه المسلمون في مجال الهندسة، وبالتحديد فرع الهندسة الميكانيكية.. أو ما سمَّاه علماؤنا الأفذاذ "علم الحيل النافعة".. ذلك العلم الذي يُشكِّل مع فروع أخرى مثل: (هندسة الأشكال والمخروطات، وهندسة المساحة، وهندسة البصريَّات...) منظومة عبقريَّة لعلوم الهندسة الإسلامية، التي أحسن فيها علماء المسلمين – كما أحسنوا في غيرها من علوم الحياة – الأخذ عمَّن سبقوهم، ثم الإضافة المبدعة على هذا الذي أخذوه..
ولعل الذي يدفعنا إلى أن نختار علم الهندسة الميكانيكية لكي نبدأ به حديثنا عن علوم الهندسة عند المسلمين أنه يمثِّل بصدْق عناية المسلمين بمفهوم التكنولوجيا (الذي يعني تطبيقات العلوم).. ذلك المفهوم الذي ما إن يُطلق حتى يُظنَّ اقتصاره على عطاء الحضارة الغربية الحديثة، في حين أننا سنجد أثناء رحلتنا مع "الحيل النافعة" عند المسلمين ما لا يُتَخَيَّل وجودُه من المخترعات والآلات في تلك العصور البعيدة.. حتى يصل الأمر – كما سنرى بعد قليل – إلى أن تعرف حضارة المسلمين صورة لما يُمكن أن نسمِّيه (الإنسان الآلي!!).
وحتى يزداد تعرُّفُنا على علم الحيل النافعة (فلا يلتبس بألاعيب الحُواة مثلاً كما قد يُتوهَّم من ظاهر اللفظ!!) لا بد أن نعرف أوَّلاً الغاية من ذلك العلم عند المسلمين.. تلك الغاية التي لخَّصوها في قولهم: "الحصول على الفعل الكبير من الجهد اليسير" بمعنى استخدام الحيلة مكان القوة، والعقل مكان العضلات، والآلة مكان البدن..
وهي نزعة حضارية، تتسم بها الأمم التي قطعت أشواطًا في مجالات العلم والحضارة، كما أنها المحور الذي تدور حوله فلسفة أي اختراع تفرزه عقول العلماء يوميًّا؛ سعيًا وراء تحسين حياة الإنسان، ورفع المشقَّة عنه قدر الإمكان.
ولعل من الأبعاد الأخلاقية التي قادت العقل الإسلامي في اتجاه الإبداع والتفرُّد في مجال الحيل النافعة أن الشعوب السابقة على المسلمين كانت تعتمد على العبيد، وتلجأ إلى نظام السُّخرة في إنجاز الأعمال الضخمة التي تحتاج إلى مجهود جسماني كبير، دون النظر إلى طاقة تحمُّل أولئك العبيد..
فلما جاء الإسلام نهى عن السُّخرة، وكرَّم العبيد؛ فمنع إرهاقهم بما لا يُطيقون من العمل، فضلاً عن تحريم إرهاق الحيوانات (كما رأينا في مقالات سابقة)، وتحميلها فوق طاقتها... إذا عرفنا ذلك، وأضفنا إليه ضرورات التعمير والبناء - بكل أشكالها – التي صاحبت اتساع الحضارة الإسلامية.. فسوف ندرك جانبًا هامًّا من دوافع هذا السبق الفريد في مجال التكنولوجيا عند المسلمين، أو قُل: ...الحيل النافعة!
ولعل من أهم إنجازات الهندسة الميكانيكية (أو علم الحيل النافعة) ما ظهر واضحًا في الإمكانيات التي استخدمها المسلمون في رفع الأحجار ومواد البناء لإتمام الأبنية العالية من مساجد ومآذن وقناطر وسدود... فيكفيك أن ترى الارتفاعات الشاهقة لمعالم العمارة الإسلامية في عصور غابت عنها الروافع الآليَّة المعروفة في زماننا.. لتعلم براعة المهندسين المسلمين في التوصل لآلات رفع ساعدت (ولا شك!) على إنجاز تلك الأعمال الخالدة... وإلا فكيف يمكن أن ترتفع مئذنة فوق سطح مسجد سبعين مترًا.. أي ما يزيد على عشرين طابقًا؟!!..
ولا ننسى في هذا السياق "سور مجرى العيون" في القاهرة أيام صلاح الدين الأيوبي رحمه الله.. والذي كان ينقل الماء من فم الخليج على النيل إلى القلعة فوق جبل المقطَّم، وكانت هناك ساقية تُدار بالحيوانات لترفع المياه لعشرة أمتار؛ فتتدفق في القناة فوق السور، وتسير المياه بطريقة الأواني المستطرقة حتى تصل إلى القلعة!
والحق أن جهود علماء المسلمين في الهندسة الميكانيكية أو "الحيل النافعة" بلغت مستوىً أذهل كل من جاء بعدهم.. وامتلأت مؤلفات المهندسين المسلمين الأفذاذ بشروح مصوَّرة لمئات المخترعات والآلات التي وصلوا إليها لتحسين الحياة من حولهم وتيسيرها بصورة تعكس مدى التمدُّن والرقي الذي وصلت إليه الأمة الإسلامية ونقلت العالم إليه..
من أعلام المسلمين في الهندسة الميكانيكية "بنو موسى بن شاكر" الذين برزوا – إلى جانب الهندسة الميكانيكية – في مجالات أخرى كالفلك وغيره من العلوم التطبيقية والتقنية.. وهم ثلاثة إخوة: محمد وأحمد والحسن أبناء موسى بن شاكر.. عاشوا في القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي)، وشكَّلوا منذ ذلك العهد البعيد نموذجًا إسلاميًّا سابقًا لفريق البحث العلمي، وما يمكن أن يتولَّد من ابتكارات وإنجازات بتجميع جهود العلماء وتضافرها.. هذا التجميع والتضافر الذي يشكِّل اليوم سببًا واضحًا من أسباب سبق الحضارة الغربية الحديثة.
واشتهر بنو موسى في مجال الحيل النافعة – الذي نحن بصدده -  بكتابهم القيم المعروف باسم: "حيل بني موسى".. الذي يحكي عنه المؤرخ المعروف ابن خلّكان قائلاً: "ولهم – أي: بني موسى - في الحيل كتابٌ عجيبٌ نادرٌ، يشتمل على كل غريبة، ولقد وقفتُ عليه فوجدته من أحسن الكتب وأمتعها، وهو مجلَّد واحد..".
ويحتوي هذا الكتاب على مائة تركيب ميكانيكي، مع شروح تفصيلية، ورسوم توضيحية لطرائق التركيب والتشغيل، وكان استخدام بني موسى للصمامات التي تعمل تلقائيًا، وللأنظمة التي تعمل بعد زمن معين، وغير ذلك من مبادئ وأفكار التحكم الآلي، من أهم الإنجازات في تاريخ العلم والتقنية بشكل عام.
ومن أمثلة التركيبات التي توصَّل إليها بنو موسى: عمل سراج لا ينطفئ إذا وُضع في الريح العاصف! وعمل سراج يُخرج الفتيلة لنفسه، ويصبُّ الزيت لنفسه، وكل من يراه يظن أن النار لا تأكل من الزيت ولا من الفتيلة شيئًا ألبتَّة!! ومن إنجازاتهم أيضًا تنفيذ نافورة يفور منها الماء مدة من الزمان كهيئة الترس، ومدة متماثلة كهيئة القناة... وتظل هكذا تتراوح بين الطريقتين!!
كما استحدثوا كذلك آلات لخدمة الزراعة والفلاحة، مثل المعالف الخاصة لحيوانات ذات أحجام معينة لتتمكن من أن تصيب مأكلها ومشربها؛ فلا ينازعها غيرها الطعام والشراب.. وقاموا أيضًا بعمل خزانات للحمامات، وآلات لتعيين كثافة السوائل، وآلات تُثَبَّتُ في الحقول لكيلا تضيع كميات الماء هدرًا، ويمكن بواسطتها السيطرة على عملية ري المزروعات.
لقد كان لكل هذه الأفكار الإبداعية أثر كبير في دفع مسيرة تقنية "الحيل النافعة" أو الهندسة الميكانيكية قُدُمًا، حيث تميزت تصاميمها بالخيال الخصب والتوصيف الدقيق والمنهجية التجريبية الرائدة.
ومن بعد "بني موسى" أتى علماء أفذاذ مثل "ابن خلف المرادي" الذي عاش فى القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي)، وألَّف كتابًا قيِّمًا في الحيل النافعة بعنوان "الأسرار فى نتائج الأفكار".. وقد اكتُشِفَت مخطوطة هذا الكتاب حديثًا (عام 1975م) في مكتبة لورنيين بفرنسا.. ويحوي الكتاب أجزاءً هامة حول الطواحين والمكابس المائية، كما يشرح أكثر من ثلاثين نوعًا من الآلات الميكانيكية، ويصف ساعةً شمسيةً متطورةً جدًا.
ومن أمثلة التقنيات المتقدمة التي صوَّرها كتاب المرادي: (حامل المصحف) الموجود فى جامع قرطبة، والذي يُتيح تناولَ نُسخة نادرة من القرآن الكريم، وقراءتها دون أن تمسَّها الأيدي، وينفتح الحامل بطريقة آلية ليخرج منه المصحف..
وفى موضع آخر من الكتاب يُقدم المرادي شرحًا وافيًا لتقنية أخرى متقدمة فى قصر جبل طارق، يتم فيها تحريك جُدران مقصورة الخليفة آليًّا عن طريق تجهيز قاعة محركات إلى جانبها!!
وقبل مرور قرن على ما أبدعه "ابن خلف المرادي" ظهر عالم جديد هو: بديع الزمان أبو العز بن إسماعيل الجزري، الذي عاش بين القرنين السادس والسابع الهجريين (الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين)، وله كتابان رائدان في مجال الحيل الهندسية: أحدهما بعنوان "كتاب في معرفة الحيل الهندسية"، والآخر بعنوان: "الحيل الجامع بين العلم والعمل" (وقد تُرجم هذا الكتاب إلى الإنجليزية عام 1974، ووصفه مؤرخ العلم المعاصر "جورج سارتون" بأنه أكثر الكتب من نوعه وضوحًا، ويمكن اعتباره الذروة في هذا النوع من الإنجازات التقنية للمسلمين)..
وقد تضمن هذا الكتاب الأخير ابتكارات وتصميمات متنوعة لساعات وروافع آلية، يتم فيها نقل الحركة الخطية إلى حركة دائرية بواسطة نظام يعتمد على التروس المسننة، وهو الأساس الذي تقوم عليه جميع المحركات العصرية.. كما يضم الكتاب عدة أقسام: أطولها قسم الساعات المائية.. إلى جانب قسم آخر يعالج موضوع آلات رفع الماء.
وكانت ساعات الجزري تستعمل دُمًى ذاتية الحركة لتشير إلى مرور الوقت، مثل طيور تقذف من مناقيرها كرات صغيرة فوق صنوج، أو أبواب تفتح ليخرج منها أشخاص، أو دوائر بروج تدور، أو موسيقيين يقرعون الطبول وينفخون الأبواق، وفي معظم هذه الساعات كان المحرك الأول ينقل الطاقة إلى الدمى بواسطة أنظمة بكرات بالغة الدقة
أما قسم آلات رفع الماء ففيه وصف لتصميم مضخة يعتبرها المؤرخون الجَدَّ الأقرب للآلة البخارية، وتتكون هذه المضخة من (ماسورتين) متقابلتين في كل منهما ذراع يحمل مكبسًا أسطوانيًا، فإذا كانت إحدى الماسورتين في حالة ضغط أو كبس فإن الثانية تكون في حالة سحب أو (شفط).. ولتأمين هذه الحركة المتقابلة المتضادة يوجد قرص دائري مسنن قد ثبت فيه كل من الذراعين بعيدًا عن المركز، ويُدار هذا القرص بواسطة تروس متصلة بعامود الحركة المركزي، وهناك ثلاثة صمامات على كل مضخة تسمح بحركة المياه في اتجاه واحد من أسفل إلى أعلى، ولا تسمح بعودتها في الاتجاه العكسي.
ومن عجيب ما يُنسب للجزري أنه أول من اخترع (الإنسان الآلي المتحرك للخدمة في المنزل!!).. حيث طلب منه أحد الخلفاء أن يصنع له آلة تُغنيه عن الخدم كلما رغب في الوضوء للصلاة، فصنع له آلة على هيئة غُلام مُنتصب القامة، وفي إحدى يديه إبريق ماء، وفي اليد الأخرى منشفة، وعلى عمامته يقف طائر.. فإذا حان وقت الصلاة يُصَفِّرُ الطائر، ثم يتقدم الخادم نحو سيده، ويصب الماء من الإبريق بمقدار معين، فإذا انتهى الخليفة من وضوئه يقدِّم له الغلام المنشفة ثم يعود إلى مكانه، والعصفور يغرد!!
وهكذا نرى أن علم الحيل النافعة (أو ما يمكن أن يُطلق عليه اليوم: الهندسة الميكانيكية) قد اتَّخذ – على يد روَّاد الحضارة الإسلامية – اتجاهًا نافعًا للإنسان في حياته اليومية، تحِلُّ فيه الآلة محل الجهد العضلي قدر الإمكان.. بعد أن كانت غاية السابقين من علم "الحيل" لا تتعدى استعماله في التأثير الديني والروحي على أتباع مذاهبهم: مثل استعمال التماثيل المتحركة أو الناطقة بواسطة الكُهَّان، أو استعمال الآلات الموسيقية والمصَوِّتة في المعابد... حتى جاء الإسلام فجعل الصلة بين العبد وربه بغير حاجة إلى وسائل وسيطة أو خداع بصري.. وأصبح توفير جهد ووقت الإنسان باستعمال آلات متحركة (ميكانيكية) هو الهدف الجديد لتقنيات "الحيل النافعة" في ظلال الحضارة الإسلامية.. الأمر الذي يؤكد – من جهة أخرى – أن ذلك المجال عند المسلمين لم يكن مقتصرًا - كما زعم البعض - على صُنع ألعابٍ من أجل التسلية وحَسْب!!.
ونسأل الله تعالى أن يُعيد لأمَّة الإسلام سالف أمجادها، وأن تتيقَّظ همم المسلمين وعقولهم للنسج على منوال أجدادهم العظام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
من تطبيقات الهندسة في الحضارة الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث ثقافيه-
انتقل الى: