لماذا تصدر المعدة أصوات وقت الجوع
بعد فترة على تناولك آخر وجبة طعام، يتسلل الجوع شيئًا فشيئًا إلى معدتك وتبدأ تلك الغرغرات والأصوات الغريبة بالارتفاع حتى يُفضح أمرك بين الجميع في الغرفة ويعرفون أنك جائعٌ جدًا! فصوت الغرغرة الصادر من المعدة يعتبر واحد من أكثر الأصوات إحراجًا على الإطلاق خاصةً لو صدر بين مجموعة من الناس أو خلال لقاء معين! فما هو السبب في صدور هذه الضوضاء الغريبة؟
[rtl]كيف تحدث أصوات المعدة ؟[/rtl]
في حين أننا نربط هذه الأصوات بالمعدة، إلا أنها يُمكن أن تصدر من الأمعاء الدقيقة نتيجةً لتقلص عضلات القناة الهضمية. فالقناة الهضمية قناة مجوفة طويلة تمتد من فتحة الفم حتى فتحة الإخراج في جسدك، حيث يتم عصر وهضم جميع المواد الغذائية الصلبة والسائلة عبر هذه القناة عن طريق حركة عضلات القناة الهضمية والتي تُعرف باسم الحركة الدودية Peristalsis.
حيث أن الترددات والتقلبات في الجهد الكهربائي لخلايا العضلات تُسبب انقباض عضلات الأمعاء بشكل متوازن، بطريقة تُشبه إلى حد كبير آلية انقباض القلب لكن بشكل أبطأ. هذا الإيقاع الكهربائي المنتظم يحدث حوالي ثلاث مرات في الدقيقة في المعدة واثنتي عشر مرة في الدقيقة في الأمعاء الدقيقة.
وخلال حركة عضلات القناة الهضمية (الحركة الدودية)، تتولد حلقات كل بضع بوصات بفعل انكماش العضلات على طول القناة الهضمية وتنتقل على شكل موجات لتنقل محتويات القناة الهضمية إلى مخرجها النهائي. وخلال انتقالها، تختلط مع سوائل القناة الهضمية الغنية بالإنزيمات الهاضمة، والتي يتم إنتاجها يوميًا بمعدل حوالي ثماني لترات لليوم الواحد لتُشكل مادة تُسمى “الكيموس chime”.
وحيث أنه خلال الأكل يبتلع الشخص كمية من الهواء، إضافة إلى غاز ثاني أكسيد الكربون من المشروبات الغازية والغازات الناتجة عن عمليات التخمر من البكتيريا في الأمعاء، فإن كل هذه الغازات تنتقل مع الكيموس عبر تقلصات عضلات القناة الهضمية ما يُسبب صدور تلك الأصوات الغريبة. وقد أطلق اليونانيون قديمًا على هذه الأصوات بـ “القرقرة”.
[rtl]لماذا تبدو أصوات معدتك أوضح عندما تشعر بالجوع ؟[/rtl]
أصوات المعدة يُمكن أن تحدث في أي وقت، ليس فقط عند الشعور بالجوع، لكنها تبدو أكثر وضوحًا عندما يكون الشخص جائعًا، لأن هناك كمية أقل من الطعام داخل أنبوب القناة الهضمية والمزيد من الفراغ في المعدة ما يسمح بصدورها بصوت أعلى نتيجة تردد صداها في القناة. أما عندما تكون المعدة ممتلئة بالطعام، فإن حركة العضلات لتحريك الكيموس أو سوائل الهضم تُصبح أصعب عبر القناة الهضمية، كما أن معدتك الممتلئة لا تسمح بصدور أصوات مرتفعة “للقرقرة” بداخلها، ولا يُمكن سماعها إلا عبر سماعة الطبيب للتأكد من عمل القناة الهضمية بطريقة سليمة. فغياب هذه الأصوات يعتبر مشكلة خطيرة مثل اسنداد الأمعاء.
وبمجرد أن تنتهي عملية الهضم، تُصبح حركة عضلات القناة الهضمية أبطأ، وتقوم مستقبلات خاصة في جدار المعدة بإرسال إشارات على شكل موجات كهربائية إلى الجهاز العصبي المعوي لإنذاره بنفاذ الطعام. فللجهاز العصبي المعوي قدرة على إصدار أفعال منعكسة مستقلة تمامًا عن الجهاز العصبي المركزي، ويُمكن اعتباره أنه “دماغ المعدة”!
فعندما تسمع أصوات قرقرة معدتك بصوتٍ عالٍ وتشعر بالجوع في الوقت نفسه، فذلك بسبب تكثيف الجسم للقيام بالعملية السابقة. حيث أن الموجات الناجمة عن شعورك بالجوع تمر عبر القناة الهضمية وتقوم بعملية “تنظيف ذاتي” لداخل القناة. حيث تكنس هذه الموجات كل ما في طريقها من بكتيريا، مخاط، عظام، أو أي بقايا أخرى خُلِّفت بعد عملية الهضم. وبمجرد أن تبدأ هذه الموجات بالقيام بعملية التنظيف، فإن انقباضات العضلات في القناة الهضمية تستمر من 10 – 20 دقيقة في المرة الواحدة، وتتكرر كل بضع ساعات، حتى يتم تناول الطعام مرة أخرى.
[rtl]كيف يُمكن التخلص من الأصوات المحرجة بسبب الجوع؟[/rtl]
ببساطة، يتوجب تناول وجبات صغيرة منتظمة على مدار اليوم حتى لا تُصبح معدتك فارغة لفترة طويلة جدًا ما يزيد من انقباض عضلات القناة الهضمية وتشكل الموجات. كما يُمكن تقليل الأصوات عبر التقليل من شرب المشروبات الغازية لأن الغازات تتراكم داخل القناة. ويجب الحرص على مضغ الطعام ببطء والحفاظ على الفم مغلقًا حتى لا يتم ابتلاع الكثير من الهواء أثناء تناول الطعام.
بعض أصناف الطعام تسبب غازات المعدة مثل الفول والبقوليات وبالتالي يُمكن التقليل من تناولها خاصةً في الأيام التي تنوي الخروج من المنزل أو الذهاب لمقابلة هامة.