مخاطر الصكوك الإسلامية
ملخص رسالة ماجستير موسومة بـ:
مخاطر الصكوك الإسلامية
وتقييم دور أدوات الهندسة المالية في إدارتها
دراسة تطبيقية على صكوك المشاركة وصكوك الإجارة
للباحث: عبد الله "صالح محمد" سليمان أبو مسامح، وإشرافالأستاذ الدكتور عبد الحميد محمود العلي /أستاذ الاقتصاد الإسلامي والفقه المقارن والمستشار الاقتصادي في اللجنة العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية – الديوان الأميري بالكويت.
نوقشت في قسم الاقتصاد الإسلامي - جامعة الجنان – طرابلس – لبنان ( فبراير 2012م ) (بتقدير ممتاز)
الحمد لله الذي لا تستفتح الكتب إلا بحمده، ولا تستمنح النعم إلا بواسطة كرمه ورفده، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله نبيه وعبده، ثم أما بعد:
في البداية فإنه لا يسعني إلا أن أردد كلامالعماد الأصفهاني - رحمه الله – حيث قال: " إني رأيت أنه لا يكتب إنسان كتاباً في يومه إلا قال في غده: لو غُيِّر هذا لكان أحسن، ولو زيد هذا لكان يستحسن، ولو قُدِّم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليل استيلاء النقص على جملة البشر ".
جاءت هذه الرسالة موسومة بمخاطر الصكوك الإسلامية وتقييم دور أدوات الهندسة المالية في إدارتها - دراسة تطبيقية على صكوك المشاركة وصكوك الإجارة.
وقد هدفت هذه الدراسة إلى تكوين رؤية واضحة المعالم حول موضوع من أهم وأحدث موضوعات التمويل والاستثمار الإسلامي، ألا وهو منتج الصكوك – المنعوتة بالإسلامية(
[1])- بجميع أنواعها، من ناحية أكثر أهمية وحداثة وهي المخاطر التي تكتنف هذا النوع من الاستثمار الإسلامي، بالإضافة إلى تقييم وتقويم دور أدوات الهندسة المالية في إدارة هذه المخاطر، والتحوط لها، مع إيراد نموذجين رئيسيين وهامّين وذلك بالتطبيق على صكوك المشاركة وصكوك الإجارة، فالمشاركة بحسب الأصل باعتبارها جوهر النشاط المالي والاستثماري الإسلامي، والإجارة باعتبارها من أزكى صيغ التمويل وأكثرها فائدة ومرونة، وذلك كله على نحو علمي عملي مقارن، ثبت من خلاله النجاح الكبير الذي حققه منتج الصكوك، كمنتج تفوق على غيره من منتجات ما يسمى بالهندسة المالية الإسلامية الناشئة.
وقد جاءت هذه الدراسة جامعة بين الجوانب الشرعية والفنية في وقت أصبحت الصكوك تصدر فيه وفق أنواع متعددة، بالإضافة إلى زيادة أنواع مستجدة منها، وكذلك نشوء أسواق ثانوية لها، كما أصبح لها مؤشرات في إطار صناعة الصكوك العالمية.
وبناءً على ما تقدم فقد هدف هذا البحث إلى جملة من الأهداف أهمها:
1. التعرف على الصكوك بشكل عام، والصكوك محل الدراسة بشكل خاص.
2. الإيضاح التام للمخاطر التي تكتنف الصكوك وخاصة عالية المخاطر منها، وذلك بمقارنتها بواقع الإخفاقات الأخيرة لبعض إصدارات الصكوك.
3. بيان حقيقة دور أدوات الهندسة المالية التي من شأنها إدارة المخاطر بكفاءة ومصداقية، وكذلك التحوط منها.
4. بيان ومقارنة بين نوعين من الصكوك - منخفضة وعالية المخاطر- من حيث تعرضها للمخاطر، وسبب الإقبال على منخفضة المخاطر منها.
5. التعرف على الصكوك في الواقع العملي، وخاصة الإصدارات الخليجية منها، ومستقبل هذا المنتج في تلك الأسواق.
6. مطابقة نتائج الدراسة الميدانية – التطبيقية – لاختبار فرضيات الدراسة، والوصول للنتائج المرجوة منها.
وتحقيقاً لما تقدم فقد تشكلت الدراسة موضوعياً من أربعة محاور أو فصول، وهي على نحو مجمل كالتالي:
1. الفصل التمهيدي:الإطار العام للبحث.
2. الفصل الأول:مخاطر التمويل الإسلامي وإدارتها.
3. الفصل الثاني:الصكوك الإسلامية، ماهيتها، وآلياتها، وضوابطها.
4. الفصل الثالث:مخاطر الصكوك الإسلامية، وتقييم دور أدوات الهندسة المالية ومنتجاتها في إدارة تلك المخاطر والتحوط منها.
5. الفصل الرابع:التمويل بصيغتي المشاركة والإجارة، والتطبيقات المعاصرة لصكوكهما، ومخاطر تلك الصكوك.
وقد جرى البحث من خلال استعراض واقع إصدارات الصكوك، وما تعرضت له تلك الإصدارات من إخفاقات، والوقوف على أسباب ذلك، مع استعراض طرق العلاج لمعوقات التطور، وطرق علاج المخاطر، والوقوف على حقيقة الدور المناط بأدوات الهندسة المالية الإسلامية في مواجهة ذلك، كل ذلك من خلال استعراض واقع إصدارات الصكوك العالمية والخليجية، من خلال آخر التقارير والدراسات، وتتويجاً للإطار النظري التحليلي تم رفد البحث بنتائج المقابلات الشخصية، وبنتائج الاستبانة المعدة لاختبار فرضيات الدراسة والإجابة على أسئلتها.
كما تناول البحث دراسة وتحليل ركن ركين من أركان العملية الاستثمارية في الصناعة المالية، ألا وهو المخاطر التي تكتنف نشاطاتها، وبصفة أخص في أحدث منتجاتها وهو الصكوك - حيث إن المخاطر هي الوجه الذي يلاحق مبدأ (الغرم بالغنم) الذي يقوم عليه النشاط المالي والاستثماري، وهو المبدأ الذي يعيد التوازن المفقود إلى أطراف العملية الاستثمارية، ونعني بهذا التوازن تحقيق العدل، فلا يغنم طرف بإطلاق، كما لا يغرم الطرف الآخر بإطلاق - من هنا انصب اهتمام الباحث للإجابة على عدة تساؤلات، كان من أهمها: مدى قدرة وفاعلية أدوات الهندسة المالية على إدارة مخاطر الصكوك والتحوط لتلك المخاطر، بحسب الأحوال وبشكل علمي وعملي فاعل، وكذا مدى فاعلية أدوات الهندسة المالية في إيجاد معيار موحد لتلك المخاطر والنجاح في إدارتها، وهذا ما كانت تصبو إليه الدراسة كهدف.
وقد أثبتت الدراسة أن أدوات الهندسة المالية الإسلامية بحاجة إلى هندسة ابتكارية تجديدية في روحها ومضمونها ومقاصدها، بعيداً عن التقليد والمحاكاة ومحاولة شرعنة أدوات الهندسة المالية التقليدية ومنتجاتها والدوران في فلكها(
[2])، كما لا تزال الهندسة المالية الإسلامية بحاجة إلى المزيد من الجهد لتطوير آليات الابتكار والتجديد عموماً، والعمل الجاد على هندسة منتج الصكوك تصميماً وتطويراً وتنفيذاً وفق صياغات مبتكرة لحلول إبداعية لمشاكل التمويل وفق صبغته وصيغه الإسلامية، ومقاصده الشرعية، وصولاً إلى معايير تصلح للصناعة المالية الإسلامية؛ ليستهدي بها النظام المالي والنظام الاقتصادي بالتمازج معها للخروج من الأزمات المالية والاقتصادية المتلاحقة.
وكما كان من أبرز نتائج الدراسة، هو النجاح الباهر الذي حققه منتج الصكوك الإسلامية كمنتج بارز من منتجات الهندسة المالية الإسلامية، مع ما يعانيه هذا المنتج من مخاطر تحيط به، في حين ما تزال أدوات الهندسة المالية الإسلامية تسعى إلى الارتقاء به وتحصينه من المخاطر بما تمتلكه من مخزون فقهي هائل، وتجربة رائدة، إلا أنها لا تزال تعاني من ضعف في ذلك؛ نظراً للبطء في تطوير آليات الابتكار والتجديد، وركونها إلى التقليد والمحاكاة، بل وإلى الحيل أحياناً أخرى.
كما وتطرق الباحث في ثنايا هذا البحث إلى طَرْق مسائل عديدة وجادة ومهمة ما زالت بحاجة إلى مناقشات طويلة وحوارات مستفيضة، لإثرائها والوصول بها إلى حيز الإقرار من خلال منهج علمي وعملي وتطبيقي جاد يقوم على الأصول الشرعية والأحكام والضوابط الفقهية العملية؛ وذلك لكون هذه المسائل من المسائل المستجدة، والخلاف الفقهي فيها أمر طبيعي بل يثريها ويجليها.
وقد خلص الباحث إلى مجموعة من أهم النتائج على المستويين الفكري والعملي، كان من أهمها أن الهندسة المالية – والإسلامية على وجه الخصوص - والتي نطمع ونطمح أن نجد لها وسائل وأدوات بما يمتلكه الفقه الإسلامي من رصيد فقهي فاعل وقادر على تطوير آليات للتحوط ضد المخاطر بعيداً عن المحاكاة، وأن النجاح في إدارة مخاطر الصكوك يتطلب الإلمام التام والمستوعب لحقيقة منتج الصكوك الإسلامية بجميع جوانبه، من حيث الماهية، والهياكل، وآليات الإصدار والتداول والإطفاء، والمخاطر التي تحيط بها وآليات وطرق علاج تلك المخاطر والعمل على تطويرها، وكذا العمل على هندسة الصك الإسلامي ابتداءً من إيجاد العقود النمطية الصحيحة والمقبولة شرعاً، مروراً بتجاوز العقبات وإدارة المخاطر، وابتعاداً عن الحيل فيها، مع استمرار الاجتهاد وإعمال الفكر والفرق البحثية المخلصة والجادة للوصول إلى أفضل النتائج في هيكلة المنتجات الإسلامية لإدارة المخاطر والتحوط منها، والوصول إلى معايير وآليات - للصناعة المالية الإسلامية – متلائمة ومتوافقة مع التطبيقات العملية للمنتجات المالية الإسلامية، كل ذلك بالتواكب والتزامن مع روح ومضمون وحقيقة ومقصد التمويل والاستثمار الإسلامي، ولكي ترقى للمستوى العالمي، مع السير في سبيل الاستقلال، ورفض التقليد والتبعية لهيكلة المنتجات التقليدية المرفوضة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ذلك سيكفل لهذا المنتج – الصكوك – التطور والرقي وإعادة الثقة به كبديل راقٍ - ذو كفاءة ومصداقية - عن السندات التقليدية.
على أن النجاح الذي تحقق والنجاح المنتظر بحاجة إلى تسويق فعَّال بنشر ثقافته وتعاليمه ومناهجه السوية الصحيحة، بالتعليم والتدريب المستمرين؛ وذلك ابتغاء وجه الله أولاً، وتعميماً وإنقاذاً للبشرية من براثن الأنظمة المالية الفاسدة التي تربو على أموال الضعفاء والمغفلين بالباطل.
كما وقد أوصى الباحث بعدد من التوصيات تهدف في مجملها إلى تطوير بدائل يمكن أن تصلح لإدارة المخاطر في منتج الصكوك عموماً، وفي منتج صكوك المشاركة خصوصاً؛ لمخاطره المرتفعة نظراً لطبيعته، ومنتج صكوك الإجارة وما تتمتع به من مخاطر منخفضة نظراً لطبيعتها ومزاياها العديدة، كل ذلك من أجل الوصول إلى منتجات مهيكلة وعقود نمطية صحيحة وسليمة بغية النجاح في إدارة المخاطر والتحوط منها، على مستوى صيغ التمويل والاستثمار ككل، وعلى مستوى منتج الصكوك الإسلامية على وجه الخصوص.
واختم هذا العرض باقتباس من كلام الإمام الجليل ابن القيم – رحمة الله -، إذ ما وضعت في هذه الرسالة من خير وصواب هو رهن عند متأمله ومطالعه، له غنمه، وعلى مؤلفه غرمه، وله ثمره ومنفعته، ولصاحبه كدره ومشقته، آملاً من العلي القدير أن يوفقني وإياكم لما فيه الخير، وأن يلهمني وإياكم الصواب، وأستعذر إلى الله الزلل والخطأ، ثم إلى عباده المؤمنين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ملاحظة: ستكون هذه الرسالة بصورتها النهائية متاحة للجميع قريباً بإذن الله تعالى.
[1]. وسبب قول الباحث: (المنعوتة بالإسلامية)، هو ما يثار من أن مصطلح الصكوك هو في أصله إسلامي فلا يوجد صكوك إسلامية وأخرى غير إسلامية، وإنما وجه التعت بالإسلامية هو نظراً لظروف الواقع؛ فإذا ما ساد المنهج الاقتصادي الإسلامي فلن نعود بحاجة لتخصيصها بأي نعت.
[2]. ويشير الباحث هنا إلى وثيقة المعايير الموحدة للمشتقات المالية الإسلامية 2006م، والتي كانت نتاج عمل استمر قرابة الأربع سنوات بين الجمعية الدولية للمبادلات والمشتقات (ISDA) والسوق المالية الإسلامية الدولية (IIFM) والتي لاقت جدلاً واسعا باعتبارها سابقة في هذا المجال.
إدارة مخاطر الصكوك الإسلاميةhttps://www.google.jo/url?sa=t&rct=j&q=&esrc=s&source=web&cd=2&cad=rja&uact=8&ved=0ahUKEwjSiPf0svXVAhUBPRQKHdjJC8AQFggqMAE&url=http%3A%2F%2Fwww.kantakji.com%2Fmedia%2F1993%2Ff226.doc&usg=AFQjCNFIxgLIq3Wvmseas0CDurqcOeyl9g