الفلسطينيون يحيون الذكرى 49 لـ"نكسة" حزيران
طفلة فلسطينية تحمل شقيقتها الصغرى بانتظار اهلها عند جسر الملك حسين بعد هزيمة 1967
يحيي الفلسطينيون، اليوم، الذكرى التاسعة والأربعين "لنكسّة" حزيران العام 1967، بتظاهرات شعبية غاضبة ضدّ ما آلت إليه أرضّهم، التي لم يتبق من مساحتها سوى 22 % فقط، منها 13 % في القدس المحتلة، ما يبدّد آمالهم بإقامة دولتهم المنشودة ضمنها.
وتحت شعار "ما بين النكبة... والنكسة"؛ تعمّ الأراضي المحتلة الأنشطة والفعاليات والمسيرات الجماهيرية العارمة، التي تؤكد، وفق منظمّيها، "التمسك بالأرض والوطن"، وسط تعزيزات أمنية إسرائيلية مشدّدة لقمعّها، والتي ترافقت مع توّعد المستوطنين بصدّ المتظاهرين، تزامناً مع دعوات منظمات يهودية متطرفة لاقتحامات واسعة للمسجد الأقصى المبارك.
وتجوب المسيرات والفاعليات الميدانية في مختلف المدن والمحافظات الفلسطينية المحتلة، فيما من المقرر أن تتجه جماهير الضفة الغربية صوبّ الحواجز العسكرية ومناطق الاحتكاك مع العدّو والأراضي المهدّدة بالمصادرة، تزامناً مع تنظيم الأنشطة الاحتجاجية في قطاع غزة ضد عدوان الاحتلال المستمر بحق الشعب الفلسطيني. و"تنطلق من وسط مدينة رام الله مسيرة مركزية حاشدة، بموازاة فعالية احتجاجية تقام أمام مخيم الدهيشة، بينما يتم تنظيم التظاهرات عند جدار الفصل العنصري ولدى مناطق الاحتكاك مع قوات الاحتلال"، وفق الناشط أحمد أبو رحمة.
وقال أبو رحمة، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إنه "سيتم تنظيم العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية، إلى جانب المهرجانات الخطابية، فضلاً عن تنظيم المسيرات الاحتجاجية ضد عدوان الاحتلال في قطاع غزة".
ونوه إلى "عقد الندوات والبرامج الحوارية وعرض الأفلام الوثائقية حول النكسة وربطها بالأوضاع الجارية في الأراضي المحتلة".
المستوطنون يتوعدّون بالصدّوفي الأثناء؛ هدد المستوطنون، الذين يستوطنون بعديدهم المقدر حوالي 650 ألف مستوطن نحو 12.6 % من مساحة الضفة الغربية المحتلة، بصدّ الحراك الفلسطيني الغاضب ضدّهم، في ظل "مخططات الاستيطان والتهويد المتواصلة دونما توقف".
وقال رئيس اللجنة العامة للدفاع عن الأراضي الفلسطينية المحتلة، عبد الهادي هنطش، إن "سلطات الاحتلال تسيطر على أكثر من 65 % من مساحة الأراضي المحتلة، وسط ارتفاع وتيرة الأنشطة الاستيطانية مؤخراً، إزاء الظروف والأحداث الجارية بالمنطقة".
وأضاف هنطش، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "المستوطنات ممتدة ضمن مساحة 12.6 % من الضفة الغربية المحتلة، إلى جانب 12 % لجدار الفصل العنصري، و3 % للمحميات الطبيعية التي تستغلها سلطات الاحتلال كاحتياطي استيطاني حول المستعمرات".
ولفت إلى أن "الشوارع الالتفافية تقضّم نحو 3 % من مساحة الضفة الغربية، مقابل معسكرات الاحتلال المسيطرة على حوالي 1,5 %، فيما استولت سلطات الاحتلال على زهاء 16800 دونم، في العام 2013، من مساحة المنطقتين "أ" و"ب" الإجمالية، المقدرتين بنحو 38 % من الضفة". وبين أن "الجانب الإسرائيلي يسيطر على نحو 62 % من المنطقة "ج"، بينما يطلق على مساحة تتجاوز 1,3 % من الضفة ما يسمى "أملاك الدولة"، من دون إصدار أوامر عسكرية، ولكنه يمنع أصحابها المواطنين من استغلالها والوصول إليها، بما يقود إلى سيطرته الكاملة عليها بطريقة غير مباشرة".
ويشار إلى سيطرة الاحتلال على المساحة الأكبر من الضفة الغربية المحتلة ضمن المناطق المسماة "ج" (الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة وفق تصنيف "أوسلو")، والغنيّة بالموارد الطبيعية والاستثمارية والمائية، مقابل إبقاء السلطة محاصرة ضمن منطقتي "أ" و"ب"، وهي مساحة المدن والقرى والمخيمات.
تهويد القدس المحتلةأسفرت السياسة الإسرائيلية الاستيطانية عن استلاب نحو 87 % من مساحة القدس المحتلة، منها 35 % تمت مصادرتها تحت ذريعة "المصلحة العامة"، وأكثر من 52 % منها باتت "مناطق خضراء" أو شوارع أو مناطق غير منظمة، مبقياً أقل من 13 % فقط بيدّ الفلسطينيين.
بينما امتدت تأثيرات جدار الفصل العنصري، الذي يلتف حول القدس المحتلة بطول يبلغ نحو 142 كم مسنوداً بنحو 12 حاجزاً عسكرياً في خنق المدينة المقدسة وتشتيت عائلاتها وتعقيد عملية الدخول إليها وتسهيل تطويقها وعزلها عن محيطها الفلسطيني وتقسيمها إلى كانتونات صغيرة. ووفق المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الإستيطان؛ فإن "الحكومة الاسرائيلية تواصل إجراءاتها التهويدية لمدينة القدس المحتلة، وتصعيد حملة التطهير العرقي ضد المواطنين الفلسطينيين في المدينة، بهدف التضييق عليهم واجبارهم بالقوة على ترك منازلهم وهجرة وطنهم"، بحسب قوله.
وأفاد، في تقريره الصادر أمس، بأن "مؤسسات الاحتلال اتخذت استعدادات واسعة للاحتفاء بذكرى استلاب ما تبقى من مدينة القدس، بموازاة عقد جلسة حكومية خاصة، اليوم، لإقرار المزيد من الخطط الاستيطانية في المدينة المحتلة".
ورجّح "إقرار خطة التطوير الخماسية لتعزيز اقتصاد الاحتلال بهدف تعميق وضع القدس "كعاصمة لدولة إسرائيل"، وفق مزاعمهم.
فيما "أعلنت ما يسمى "وزارة المعارف" الإسرائيلية عن إطلاق أسبوع تهويد القدس في المدارس بكافة مراحلها، والذي يستمر حتى الثامن من الشهر الجاري، تحت شعار "يوبيل تحرير وتوحيد شطري القدس".
وأوضح بأن ما يسمى لجنة "التخطيط والبناء" الإسرائيلية "صادقت على إحلال المستوطنين مكان المواطنين الفلسطينيين المهّدمة بيوتهم، كما تمت الموافقة على هدم بيوت فلسطينية وإعطاء مكانها للمستوطنين في قلب حي سلوان". وقد أنتجت سياسة الاحتلال العدوانية ضد المدينة المقدسة وضعا اقتصاديا واجتماعيا مأزوما؛ حيث بلغ معدل البطالة في محافظة القدس حوالي 23,6 %، أما في فلسطين فبلغ معدلها 27,0 %، منها 22,4 % في الضفة الغربية و35,7 % في قطاع غزة.
في حين يعيش حوالي 75.3 % من مواطني شرق القدس و82.2 % من الأطفال تحت خط الفقر، وفق معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2014.
وقادت قيود الاحتلال القانونية والمالية الثقيلة إلى إغلاق أكثر من 250 محلا ومنشأة تجارية، وضربّ الحركة السياحية، التي لا يتجاوز إسهامها في الناتج الإجمالي الفلسطيني حالياً حوالي 4 % فقط.
كما أغلق الاحتلال أكثر من 88 مؤسسة فلسطينية٬ منها 32 مؤسسة بشكل متواصل منذ العام 2011 وحتى الآن٬ و56 مؤسسة بشكل جزئي٬ وأجبر 33 مؤسسة على نقل مكاتبها ونشاطاتها إلى الضفة الغربية المحتلة.
وتهدف سياسة إغلاق المؤسسات المقدسية في القدس إلى حرمان المواطنين الفلسطينيين من حقهم في الخدمات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية والطبية والخدماتية ولإجبارهم على مغادرة مدينتهم.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، زعم في تصريحات أخيرة له، بأن "القدس ستبقى موحدة تحت السيادة الإسرائيلية ولن يقبل بتقسيمها"، على حدّ قوله.
ويأتي ذلك بالتزامن مع دعوات منظمات يهودية متطرفة لتنظيم حشد واسع اليوم لاقتحام المسجد الأقصى المبارك، وإحياء ذكرى الخامس من حزيران، داخل باحاته.
المقاومة الفلسطينية المستمرةمن جانبه، طالب المجلس الوطني الفلسطيني "المجتمع الدولي بإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وممارسة الضغوط على الحكومة الإسرائيلية اليمينية لجهة تحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المنشودة، وتنفيذ حق العودة للاجئين وفق القرار 194".
وأكد، في بيان أصدره أمس بمناسبة ذكرى حزيران، "باستمرار النضال الفلسطيني حتى استرداد كافة الحقوق المشروعة بالعودة والحرية وإقامة الدولة المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 بعاصمتها القدس".
ودعا، إلى "استجماع القوى والطاقات الوطنية في مواجهة الاحتلال والتصدي لعدوانه ضد الشعب والأرض والمقدسات".
وشدد على ضرورة "تعزيز الوحدة الوطنية وفق أسس ديموقراطية، انطلاقاً من احترام سيادة القانون ووحدانية السلطة باعتباره مدخلاً لترسيخ صمود الشعب الفلسطيني وثباته ضدّ المشاريع الإسرائيلية المضادّة، بهدف إقامة الدولة وبسط السيادة الوطنية على كامل التراب الفلسطيني".
بدورها؛ أكدت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ضرورة "التمسك بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بإنهاء الاحتلال، وإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وتنفيذ حق العودة وفق القرار الأممي 194".
وشددت، في بيان أصدرته أمس، على ضرورة "إنهاء الانقسام، وتحقيق الوحدة الوطنية، وتطبيق قرارات الإجماع الوطني، وإدخال الإصلاحات الديمقراطية على أوضاع منظمة التحرير، ودمقرطة مؤسساتها بدءاً بالمجلس الوطني، عبر الإنتخابات الشفافة والنزيهة وفق التمثيل النسبي الكامل".
ولفتت إلى "تعزيز الصمود في وجه التهديدات الإسرائيلية، على درب الإنتفاضة الشعبية الشاملة، وتشكيل القيادة الوطنية الموحدة لها، وتطويرها نحو العصيان الوطني الشامل ضد الاحتلال".
وطالبت "بتطبيق قرارات الشرعية الدولية لإنهاء الاحتلال، والتوجه نحو المجتمع الدولي، والمطالبة بمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة، "دولة تحت الاحتلال"، والدعوة لمؤتمر دولي تحت سقف قرارات الشرعية الدولية، لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني وأرضه".
وأشارت إلى أهمية "تنفيذ قرارات المجلس المركزي، الصادرة في آذار (مارس) 2015، ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، ومقاطعة الإقتصاد الإسرائيلي، والشروع في بناء أسس الاقتصاد الوطني بتوفير عناصر الصمود لأبناء الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال".