"سيليكون بادية": ماء وحبة تمر
ضحى عبدالخالق
هناك علاقة وطيدة بين الصحراء والتكنولوجيا! وهي علاقة استثنائية، لأنّها موصولة بعنصرالرمل، من خلال منتج صناعي يتمّ استخراجه من الرمال، هو "السيليكون" الذي يُستخدم في أكثر من صناعة. إذ يدخل السيليكون مُكونا لعدد مهم من المنتجات بحسب درجات التكرير، مثل الحجارة الإنشائية، والزجاج، والحشوات، وغيرها الكثير.
ولكي نتمكن من إنتاج السيليكون من النوع العالي الجودة، والذي يُستخدم في تصنيع الدوائر المتكاملة (Integrated Circuits) وفي "الترانزيستورز" والنواقل (Transmitters)، وللتحكّم بالكومبيوتر (CPU)، ولدواخله (Components)؛ فإنه لا بدّ من إجراء عملية تكرير عنيفة وشديدة لمادة الرمل، للحصول على رمل غاية في النقاوة، وعلى معادن عالية الجودة. بمعنى آخر، فإن المكونات الأساسيّة لدواخل وعقل الكومبيوتر مصدرها الرمل المُكرّر والناعم.
حتّى الطبيعة، إذن، تؤازر الأردن الذي يفيض بالرمال، ومن تحتها الديسي، فيعوم على بحر من السيليكون وغيره من معادن ثمينة مثل اليورانيوم.
والوعد الذي أطلقته الحملة الإعلامية لقطاع الإنشاء في العقد المنصرم، بأن "ننثرالرمال ذهبا"، هو وعد يحمله اليوم قطاع العلوم والتكنولوجيا الواعد الصاعد في الأردن؛ لا بل هو نبوءة موصولة بأودية السيليكون من كاليفورنيا، وأودية أخرى. والواقع أن "سيليكون بادية" هو عنوان حقيقي لشركة تحمل توجّها عمليّا نحو دعم الشباب، عبر شركات رأس المال المُغامر العربي والدولي، للمشاريع الرياديّة في الأردن وفي الإقليم.
عنوان المرحلة المقبلة، إذن، هوالتوسع! والتوسع هو قبل الحفر في العمق لاستخراج موارد جديدة، يعني إعادة تقييم للأصول والثروات الحاليّة بشكل اكتشافات جديدة، بحيث لا يكون الإنسان أو الرمل أو غيرهما من عناصرالإنتاج من المُسلّمات!
والذي قال إن الصحراء هي أصل الحضارة لم يُخطئ؛ فالتوسّع سيُنفّذه رجال وموارد بشرّية نقيّة، لن تأتي فقط من "هاي تيك" المدينة؛ وإنما من قلب الصحراء والبادية. وهؤلاء رجال ينتعشون بحبّة تمر وشربة ماء، فلا ينقُصهم إلا الدعم من رأس المال، ليندفعوا نحو التكنولوجيا، وليلتحقوا بالركب وينتقلوا بذات استقلال الدوائر المتكاملة من داخل جهاز الحاسوب.
*خبيرة في قطاع تكنولوجيا المعلومات