منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 أحوال علماء المسلمين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

أحوال علماء المسلمين  Empty
مُساهمةموضوع: أحوال علماء المسلمين    أحوال علماء المسلمين  Emptyالخميس 09 يونيو 2016, 6:08 pm

تأملات في صيام سلفنا الصالح

لقد كان سلفنا الصالح قمماً في الاقتداء ، ونبراساً في التأسي والاهتداء بهدي رب الأرض والسماء ، ففي كل صغيرة وكبيرة من أمور حياتهم ، وشؤون عيشهم ، يتحرّون سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ، ويتلمسون منهاج رسولهم ، فنالوا بذلك وسام خير القرون ، وفازوا بصحبة الرسول صل الله عليه وسلم ، وحققوا بهذا الاتباع الإنجازات الباهرة ، والانتصارات الرائعة .

لذا كان علينا - أحبتنا الكرام - أن نقرأ سيرهم ، ونتلمس أخبارهم ، حتى نسير سيرهم ونبلغ المجد الذي بلغوه ، والخير الذي سطروه. وسير هؤلاء العظماء متنوعة ..

لكننا سنتطرق لما يخصنا في هذه الأيام فنتعرف على  أحوالهم  في الصيام ..وأحوالهم من أحسن الأحوال ، فما كانت وجوههم تكفهر لبلوغ شهر الصيام ، وما كانت نفوسهم تنقبض لإدراك شهر الصيام ..وما كانوا يتضايقون لعبادة الصيام ، لأن السنة كلها عندهم صيام! نعم .. لقد أدركوا فضل الصيام وما له من الأجر الكبير من المليك العلام فهو القائل كما في الحديث القدسي : " كل عمل  بن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به " رواه البخاري ..فلماذا لا يفرحون بالصيام والله يقول : إنه لي وأنا أجزي به " فأي تكريم كهذا ؟ وأي شرف مثل هذا ؟ ولهذا أصبحوا يتنافسون في عبادة الصيام ..والمداومة عليه طوال العام ..سوى ما حرم عليهم الكريم العلام ..فهذا ابن عمرو رضي الله عنهما يقول :" أنكحني أبي  امرأة ذات حسب فكان يتعاهد كَنّته ـ وهي زوجة الولد ـ فيسألها عن بعلها فتقول:  نعم الرجل من رجل ، لم يطأ لنا فراشا ولم يفتش لنا كنفا مذ أتيناه ، فلما طال ذلك عليه ذكر للنبي  صلى الله عليه وسلم  فقال:"  القني به " فلقيته بعد ، فقال : كيف تصوم ؟ قلت : كل يوم ..قال : وكيف تختم ؟ قلت ..كل ليلة ..قال : " صم في كل شهر ثلاثة واقرأ القرآن في كل شهر " قال : قلت أطيق أكثر من ذلك.. قال :" صم ثلاثة أيام في الجمعة"  قلت : أطيق أكثر من ذلك ..قال :" أفطر يومين وصم يوما " قال : قلت : أطيق أكثر من ذلك ..قال : " صم أفضل الصوم صوم داود صيام يوم وإفطار يوم واقرأ في كل سبع ليال مرة " فليتني قبلت رخصة رسول الله  صلى الله عليه وسلم  وذاك أني كبرت وضعفت فكان يقرأ على بعض أهله السبع من القرآن بالنهار والذي يقرؤه يعرضه من النهار ليكون أخف عليه بالليل وإذا أراد أن يتقوى أفطر أياما وأحصى وصام أياما مثلهن كراهية أن يترك شيئا فارق النبي صل الله عليه وسلم . رواه البخاري ..

ولقد حدث عنه مولاه نافع ..فقال : كان ابن عمر لا يصوم في السفر ، ولا يكاد يفطر في الحظر ..

و آخى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  بين سلمان وبين أبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال : ما شأنك متبذلة ..قالت :  إن أخاك أبا الدرداء ليس له حاجة في الدنيا ..قال ..فلما جاء أبو الدرداء ..قرّب إليه طعاما فقال :كل فإني صائم ..قال ..ما أنا بآكل حتى تأكل ..قال : فأكل ..فلما كان الليل ..ذهب أبو الدرداء ليقوم ..فقال له سلمان : نم فنام ثم ذهب يقوم ..فقال له :  نم فنام ..فلما كان ثم الصبح قال له سلمان : قم الآن فقاما فصليا ..فقال:   إن لنفسك  عليك حقا ، ولربك عليك حقا ، ولضيفك عليك حقا ، وإن لأهلك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه ..فأتيا النبي  صل الله عليه وسلم فذكرا ذلك فقال له: "صدق سلمان " رواه الترمذي وصححه.

لقد شغلهم حب الصيام ..عن مضاجعة النساء على الفرش ..نعم  لقد أدركوا أن من أظمأ نفسه في هذه الحياة ..فلن يظمأ في الآخرة في دار القرار بإذن الواحد القهار ..لقد أدركوا أن الصائمين يدخلون من باب خاص إلى جنات النعيم ..يسمى باب الريان .. يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " للصائمين باب في الجنة  يقال له : الريان ..لا يدخل منه أحد غيرهم ..فإذا دخل آخرهم ..أغلق ..من دخل شرب ..ومن شرب لم يظمأ أبدا " رواه ابن خزيمة .. ولماذا لا يصومون ..وصوت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلجل في آذانهم :" من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين   خريفا " رواه البخاري ..ولماذا لا يعشقون الصيام ونبيهم قد أعلمهم :" إن في الجنة غرفة ..يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ..أعدها الله لمن أطعم الطعام ، وألان الكلام   ، وتابع الصيام  ، وصلى والناس نيام " رواه أحمد وحسنه الألباني ..الغرفات معدة للصائمين يا أخي ..وما أدراك ما الغرفات ؟ يقول النبي صل الله عليه وسلم : " إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الدري لبعدهم في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم " رواه البخاري ومسلم لبعدهم ورفعتهم وصفاء لونهم وخلوص نورهم ..يقول الله تعالى :{ كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية } قال مجاهد : نزلت في الصائمين ..من ترك طعامه وشرابه وشهوته لله يرجو ما عنده ..عوض ذلك في الجنة ..من ترك شيئا لله عوضه الله عنه خيراً مما تركه ..فكيف بمن قلصت شفاهه عطشا ..قال يعقوب بن يوسف الحنفي : بلغنا أن الله تعالى يقول لأوليائه يوم القيامة : يا أوليائي طالما نظرت إليكم في الدنيا وقد قصلت شفاهكم عن الأشربة ، وغارت أعينكم ، وجفت بطونكم ، كونوا اليوم في نعيمكم ، وتعاطوا الكأس فيما بينكم ..وقال الحسن : تقول الحوراء لوليّ الله وهو متكئ معها على نهر العسل تعاطيه الكأس : إن الله نظر إليك في يوم صائف بعيد ما بين الطرفين وأنت في ظمأ هاجرة من جهد العطش فباهي بك الملائكة وقال : انظروا إلى عبدي ترك زوجته وشهوته ولذته وطعامه وشرابه من أجلي رغبة فيما عندي اشهدوا أني قد غفرت له فغفر لك يومئذ وزوجنيك [1] .

فيا قوم ألا خاطب في الصوم إلى الرحمن ، ألا راغب فيما أعده الله للطائعين في الجنان ، ألا طالب لما أخبر به من النعيم المقيم مع أنه ليس الخبر كالعيان .

من يرد ملك الجنان                 فليدع عنه التـواني

وليقم في ظلمة الليل                 إلى نور القــرآن

وليصل صوماً بصوم                 إن هذا العيش فاني

إنما العيش جوار            الله في دار الأمان

لذلك كان السلف رحمه الله يتحسرون لفراق الحياة ...لا حباً بأشجارها وأنهارها ..ولا شوقاً إلى نسائها وبهرجها ..ولكن لظمأ الهواجر ..وقيام الليل .. لما حضرت معاذا الوفاة  قال ..انظروا أصبحنا ؟..فأتي فقيل : لم تصبح ..فكرر ذلك مراراً .. حتى أتى في بعض ذلك ..فقيل له : قد أصبحت قال ..أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار.. مرحبا بالموت ..مرحبا زائرا  مغيب حبيب ..جاء على فاقة ..اللهم إني قد كنت أخافك فأنا اليوم أرجوك ..اللهم أن كنت تعلم أنى لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لكرى الأنهار ..ولا لغرس الشجر.. ولكن لظمأ الهواجر ..ومكابدة الساعات ..ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر [2]..فيا لله من هذه القلوب .. التي أصبح حرمان النفس من الطعام والشراب ..أشهى إليها من جري الأنهار ..وغرس الأشجار .. ولما حضر الموت عامر بن قيس ..جعل يبكي ..فقيل له ما يبكيك ؟قال : ما أبكي جزعا من الموت ..ولا حرصا على الدنيا ..ولكن أبكي على ظمأ الهواجر  ..وعلى قيام الليل في الشتاء  ..وعن عبيد الله بن محمد التيمي حدثني بعض أشياخنا أن رجلا من عامة  هذه الأمة حضرته الوفاة فجزع جزعا شديدا وبكى بكاء كثيرا ..فقيل له في ذلك فقال:ما أبكي إلا على أن يصوم الصائمون لله ولست فيهم .. ويصلي المصلون ولست فيهم..ويذكره الذاكرون ولست فيهم..فذاك الذي أبكاني [3]..وقال أبو بكر النيسابوري : حضرت إبراهيم بن هانئ عند وفاته فجعل يقول لابنه إسحاق : يا أبا إسحاق ارفع الستر ..قال : يا أبت الستر مرفوع ..قال : أنا عطشان فجاءه بماء ..فقال : غابت الشمس ؟ قال : لا ..فرده ..ثم قال : لمثل هذا فليعمل العاملون ثم خرجت روحه [4].. أرأيتم كيف اشتياقهم لفعل الطاعات ..وتهافتهم لعمل الخيرات ..لقد فارقوا الملذات ..وهجروا المباحات ..وما حصل منهم ذلك إلا لأنهم ذاقوا طعم الإيمان ..فبكوا لفراق الحياة ..لا حباً فيها ..ولكن لفوات تلك الأعمال ..فلا إله إلا الله ..من لم يدخل جنة الدنيا لم يدخل جنة الآخرة .. يقول بعض العارفين  : إنه ليمر بالقلب أوقات أقول : إن كان أهل الجنة في مثل هذا ..إنهم لفي عيش طيب ..ويقول بعض المحبين  : مساكين أهل الدنيا خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها ..قالوا: وما أطيب ما فيها ..قال :  محبة الله والأنس به ..والشوق إلى لقائه.. والإقبال عليه .. والإعراض عما سواه [5] ..

ولم يكن صيام السلف رحمه الله عن الطعام والشراب فحسب ..وأطلقوا ألسنتهم بالغيبة والنميمة والكذب والبهتان ..والتندر بالناس والاستهزاء بهم ..ولم يكن صيامهم كسل ونوم ..وسهر بالليل إلى قبيل الفجر ..كلا ..لم يكن من ذلك شيء ..بل كانوا يحافظون على صيامهم ..عن كل ما يخدشه ..فهم صاموا نهاره فأحسنوا الصيام ..وقاموا ليله فأحسنوا القيام ..وبين هذا وذاك تلاوة للقرآن ، وذكر واستغفار ، وندم وبكاء ، وخوف ورجاء ، أولئك هم الذين انتفعوا برمضان حق الانتفاع ..يقول ابن رجب رحمه الله : ( كان السلف يتلون القرآن في شهر رمضان في الصلاة وغيرها ) وكان التابعي الجليل قتادة رحمه الله يختم القرآن في كل سبع ليال مرة ، فإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة ، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة ، وكان الإمام الزهري إذا دخل رمضان قال : إنما هو قراءة القرآن وإطعام الطعام ..أما عن قيامهم بالأسحار ، ومناجاتهم للواحد الغفار ..فيقول السائب بن يزيد أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما بالناس بإحدى عشر ركعة ، قال : وقد كان القارئ يقرأ بالمئين ، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام ، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر " خشية أن يفوتنا الفلاح ـ أي السحور ـ . [6]

وكان كثير من السلف يواسون من إفطارهم أو يؤثرون به فكان ابن عمر يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين ، فإذا منعه أهله عنهم لم يتعش تلك الليلة ، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه للسائل فيرجع وقد أكل أهله ما بقي في الجفنة فيصبح صائماً ولم يأكل شيئا ، وكان يتصدق بالسكر ويقول :" سمعت الله يقول :{ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } والله يعلم أني أحب السكر ..وكان الحسن يُطعم إخوانه وهو صائم تطوعاً ويجلس يروحهم وهم يأكلون ..وكان ابن المبارك يطعم إخوانه في السفر الألوان من الحلواء وغيرها وهو صائم ..سلام الله على تلك الأرواح ، رحمة الله على تلك النفوس ، لم يبق منهم إلا أخبار وآثار ، كم بين من يمنع الحق الواجب عليه وبين أهل الإيثار

لا تقعدن لذكرنا في ذكرهم            ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد

ولقد كانوا يحفظون صيامهم عن قبيح الكلام ، فلا سباب ولا خصام ..ولا غيبة ولا بهتان، بل امتثلوا هدي نبيهم صل الله عليه وسلم في قوله : " الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه ..فليقل :  إني صائم " رواه البخاري .

وحفظ اللسان يكون في سائر الأحوال ويتأكد في حال الصيام .. لأن الذي استطاع أن يمنع نفسه من الطعام والشراب والشهوة ..لماذا يعجز عن كف لسانه عن السب و الشتائم ، ويحفظ لسانه عن سيء الكلام.

ومن اهتمام السلف بالصيام ..كانوا يمرنون أطفالهم عليه ..ويسلونهم باللعب حتى ليشعروا بطول النهار .. فأخرج البخاري ومسلم عن الربيع بنت معوذ  قالت:  أرسل رسول الله  صل الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة من كان أصبح صائما فليتم صومه ومن كان أصبح مفطرا فليتم بقية يومه فكنا بعد ذلك نصومه ونصوم صبياننا الصغار منهم ..ونذهب إلى المسجد   فنجعل لهم اللعبة  من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناهم إياه ، حتى يكون عند الإفطار ..رواه مسلم ..فهذا الموقف يكشف لنا حال السلف مع الصيام ..وكيف كانوا يربون أولادهم عليه ..وهذا الذي ينبغي أن نكون عليه بأن نربي أبناءنا على الصيام ..وألا يتسرب إلى قلوبنا تلك الحيلة ..ها هؤلاء صغار ..ألا ترحمهم ..

وينشأ ناشئ الفتيان منا      على ما كان عوده أبوه

 إذن هكذا كان حال السلف مع الصيام ..ما كانوا يضيعون أوقاتهم باللعب ..وما كانوا يقضون صيامهم بالنوم ..نعم هم ينامون لكن ليس كما ننام ..نحن ننام الكثير من الوقت في النهار ..ونسهر في الليل ..ولكن هم على العكس من ذلك ..فأين نحن من أخلاق السلف ؟ وأين نحن من هذه الصور الرائعة ؟!!

--------------------------------------------------------------------

[1]  ـ لطائف المعارف ص 177

[2]  ـ الزهد لابن أبي عاصم (1/11) .

[3]  ـ شعب الإيمان (3 / 414) .

[4]  ـ تاريخ بغداد (6/206) .

[5]  ـ مدارج السالكين (1/454) .

[6]  ـ رواه مالك وصححه الألباني .

بقلم

د. محمد بن عبدالله الهبدان

عضو رابطة علماء المسلمين

3 / رمضان / 1437هـ

8 / يونيو / 2016م
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

أحوال علماء المسلمين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحوال علماء المسلمين    أحوال علماء المسلمين  Emptyالخميس 09 يونيو 2016, 6:09 pm

أحوال علماء المسلمين في رمضان (2)

حال الإمام ابن شهاب الزهري
محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري (58- 124هـ)، من بني زهرة بن كلاب، من قريش، أوَّل من دوَّن الحديث، وأحد أكابر الحفَّاظ والفقهاء، تابعيٌّ من أهل المدينة. كان يحفظ ألفين ومائتي حديث، نصفها مسند.
وعن أبى الزناد: كنا نطوف مع الزهري ومعه الألواح والصحف؛ ليكتب كل ما يسمع.
نزل الشام واستقر بها، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عُمَّالِه: عليكم بابن شهاب؛ فإنكم لا تجدون أحدًا أعلم بالسنة الماضية منه.
وكان الزهري إذا دخل رمضان يَفِرُّ من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويُقبِل على تلاوة القرآن من المصحف.
سفيان الثوري
سفيان بن سعيد الثوري (97- 161هـ) أمير المؤمنين في الحديث.. كان سيِّد أهل زمانه في علوم الدين والتقوى، وُلد ونشأ في الكوفة، وراوده المنصور العباسيّ على أن يلي الحكم، فأبى، وخرج من الكوفة (سنة 144هـ)، فسكن مكة والمدينة، ثم طلبه المهديّ، فتوارى، وانتقل إلى البصرة فمات فيها مستخفيًا، وكان سفيان إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة، وأقبل على قراءة القرآن.
حال العلماء والصالحين في قراءة القرآن في رمضان
"كان الأسود بن يزيد يختم القرآن في رمضان في كل ليلتيْن، وكان ينام بين المغرب والعشاء، وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليالٍ".
وعن عبد الملك بن أبي سليمان، أن سعيد بن جبير  كان يختم القرآن في كل ليلتيْن.
وقيل: كان الخليفة الوليد بن عبد الملك يختم في كل ثلاثٍ، وختم في رمضان سبع عشرة ختمة.
وقال مسبِّح بن سعيد: "كان محمد بن إسماعيل البخاري يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة".

قال الحسن البصري: لم أجد شيئًا من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل.
وقال أبو عثمان النهديّ: "تضيَّفتُ أبا هريرة سبعًا، فكان هو وامرأته وخادمه يقسِّمون الليل أثلاثًا، يصلي هذا ثم يوقظ هذا".
وكان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنه حبةٌ على مِقْلى ثم يقول: اللهم إنَّ النار قد أسهرتني. ثم يقوم إلى الصلاة.
وعن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر قال: سمعت أبي يقول: كنا ننصرف في رمضان من القيام، فنستعجل الخدم بالطعام؛ مخافة الفجر.
وعن داود بن الحصين، عن عبد الرحمن بن هُرْمز قال: ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان. قال: فكان القارئ يقوم بسورة البقرة في ثماني ركعات، فإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خَفَّف.
وقال نافع: كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يقوم في بيته في شهر رمضان، فإذا انصرف الناس من المسجد أخذ إداوةً من ماءٍ ثم يخرج إلى مسجد رسول الله ، ثم لا يخرج منه حتى يصلي فيه الصبح.
طبقات السلف في قيام الليل
قال ابن الجوزي: (واعلمْ أن السلف كانوا في قيام الليل على سبع طبقات..
الطبقة الأولى: كانوا يحيون كل الليل، وفيهم من كان يصلي الصبح بوضوء العشاء.
الطبقة الثانية: كانوا يقومون شطر الليل.
الطبقة الثالثة: كانوا يقومون ثلث الليل، قال النبي : "أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَأَحَبُّ الصَّلاَةِ إِلَى اللَّهِ صَلاَةُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ"[8].
الطبقة الرابعة: كانوا يقومون سُدس الليل أو خمسه.
الطبقة الخامسة: كانوا لا يراعون التقدير، وإنما كان أحدهم يقوم إلى أن يغلبه النوم فينام، فإذا انتبه قام.
الطبقة السادسة: قوم كانوا يصلون من الليل أربع ركعات أو ركعتين.
الطبقة السابعة: قوم يُحيون ما بين العشاءين ويُعسِّـلون في السحر فيجمعون بين الطرفين.. وفي صحيح مسلم أن النبي  قال: "إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْرًا إِلاَّ آتَاهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ"[9].
الأسباب الميسرة لقيام الليل
الأسباب الميسرة لقيام الليلذكر أبو حامد الغزالي أسبابًا ظاهرة وأخرى باطنة ميسِّرة لقيام الليل؛ فأما الأسباب الظاهرة فأربعة أمور:
الأول: ألاَّ يُكثِر الأكل فيكثر الشرب؛ فيغلبه النوم، ويثقل عليه القيام.
الثاني: ألا يُتعِب نفسه بالنهار بما لا فائدة فيه.
الثالث: ألا يترك القيلولة بالنهار؛ فإنها تعين على القيام.
الرابع: ألا يرتكب الأوزار بالنهار؛ فيُحرَم القيام بالليل.
وأما الأسباب الباطنة فأربعة أمور:
الأول: سلامة القلب عن الحقد على المسلمين، وعن البدع، وعن فضول الدنيا.
الثاني: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل.
الثالث: أن يعرف فضل قيام الليل.
الرابع -وهو أشرف البواعث-: الحب لله وقوة الإيمان بأنه في قيامه لا يتكلم بحرفٍ إلا وهو مناجٍ ربَّه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

أحوال علماء المسلمين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: أحوال علماء المسلمين    أحوال علماء المسلمين  Emptyالخميس 09 يونيو 2016, 6:10 pm

أحوال علماء المسلمين في الزهد (4)

قال السلمي: "سمعت أبا سهل يقول: ما عقدت على شيء قط، وما كان لي قفل ولا مفتاح، ولا صررت على فضة ولا ذهب قط".
وقال أيضاً: "دخلت على محمد بن أسلم قبل موته بأربعة أيام بنيسابور، فقال: "يا أبا عبد الله! تعال أبشرك بما صنع الله بأخيك من الخير، قد نزل بي الموت، وقد منَّ الله علي أنه مالي درهم يحاسبني الله عليه". ثم قال: "أغلق الباب، ولا تأذن لأحد حتى أموت، وأعلم أني أخرج من الدنيا، وليس أدع ميراثاً غير كسائي ولبدي وإنائي الذي أتوضأ فيه، وكتبي هذه، فلا تكلفوا الناس مؤنة". وكان معه صرة فيها نحو ثلاثين درهماً فقال: "هذا لابني أهداه قريب له، ولا أعلم شيئاً أحلّ من هذا المال؛ لأن النبي صل الله عليه وسلم قال: (أنت ومالك لأبيك)، وقال: (أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه)، فكفّنوني منها فإن أصبتم لي بعشرة ما يستر عورتي، فلا تشتروا بخمسة عشر، وابسطوا على جنازتي لبدي، وغطوا عليها كسائي، وأعطوا إنائي مسكيناً".
حُكي عن الإمام عمر بن سعد الكوفي أنه أبطأ يوماً في الخروج إلى الجماعة، ثم خرج فقال: "أعتذر إليكم؛ فإنه لم يكن لي ثوب غير هذا صليت فيه، ثم أعطيته بناتي حتى صلين فيه، ثم أخذته وخرجت إليكم".
وعن مسلمة بن عبد الملك قال: "دخلت على عمر بن عبد العزيز وقميصه وسخ، فقلت لامرأته وهي أخت مسلمة: اغسلوه، قالت: نفعل. ثم عدت، فإذا القميص على حاله، فحادثتها عن ذلك فقالت: والله ماله قميص غيره".
وعن ابن باكويه قال: "سمعت الإمام ابن خفيف يقول عن نفسه: والله ما وجبت علي زكاة الفطر أربعين سنة".
قال الحسن البصري: "والله لقد أدركت سبعين بدريًّا أكثر لباسهم الصوف، لو رأوا خياركم لقالوا: ما لهؤلاء من خلاق، ولو رأوا شراركم لقالوا: ما يؤمنون بيوم الحساب، ولقد رأيت أقواماً كانت الدنيا أهونَ على أحدهم من التراب تحت قدميه، ولقد رأيت أقواماً يمسي أحدهم لا يجد عشاء إلا قوتاً، فيقول: لا أجعل هذا كله في بطني، لأجعلن بعضه لله عز وجل، فيتصدق ببعضه، وإن كان هو أحوج ممن يتصدّق عليه".
أصاب يزيد بن المهلب -قائد المسلمين- في أحد فتوحاته أموالاً كثيرة، فكان من جملتها تاج فيه جواهر نفيسة، فقال: "أتدرون أحداً يزهد في هذا"، قالوا: "لا نعلمه"، فقال: "والله إني لأعلم رجلاً لو عرض عليه هذا وأمثاله لزهد فيه، ثم دعا بمحمد بن واسع -وكان في الجيش مغازياً- فعرض عليه أخذ التاج، فقال: "لا حاجة لي فيه"، فقال: "أقسمت عليك لتأخذنه"، فأخذه وخرج به من عنده، فأمر يزيد رجلاً أن يتبعه، فينظر ماذا يصنع بالتاج، فمرّ بسائل فطلب منه شيئاً، فأعطاه التاج بكامله وانصرف، فبعث يزيد إلى ذلك السائل فأخذ منه التاج وعوّضه عنه مالاً كثيراً.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
أحوال علماء المسلمين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: