انتخاب إسرائيل لرئاسة اللجنة القانونية بالأمم المتحدة لأول مرة.. وأربع دول عربية على الأقل تصوّت لصالحها
المندوب الإسرائيلي داني دانون
نيويورك (الأمم المتحدة)- القدس العربي– من عبد الحميد صيام: رغم اعتراض المجموعة العربية التي تحدّثَ باسمها الممثل الدائم لليمن، خالد اليماني، والمجموعة الإسلامية التي تحدّثَ باسمها الممثل الدائم للكويت، منصور العتيبي، انتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم إسرائيل لترأس اللجنة السادسة، وهي اللجنة القانونية، ومن أهم اللجان الستْة التابعة للجمعية العامة. وقد تقدّمت مجموعة دول أوروبا الغربية ودول أخرى بترشيح إسرائيل لهذا المنصب، لأول مرة في تاريخ المنظمة الدولية.
وقد أعرب السفير الكويتي،بصفته ممثلاً لمجموعة دول التعاون الإسلامي، أمام الجمعية العامة عن اعتراض دول التعاون على هذا الترشيح. وقال قبل بدء التصويت خلال الاجتماع حول مهام رئاسة اللجنة ”يتطلب أن تكون الدولة المرشحة عضواً ممتثلاً للقانون الدولي، وتعمل على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشكل فعّال، وليس دولة تخترق القانون الدولي والقانون الإنساني وقرارات الأمم المتحدة“. ثم أضاف، منتقداً الدول الأعضاء في مجموعة غرب أوربا والدول الأخرى، والتي اختارت دولة الاحتلال لهذا المنصب ”إن قرار ترشيح عضو ما عن أية لجنة لهو قرار يتعلق بالتناوب، ويجب أن تتحمل المجموعات المسؤولية وتقدّم مرشحين يمكن قبولهم لهذا المنصب، لكن هذا الترشيح يتعارض مع مبدأ النوايا الحسنة. وأضاف العتيبي: “إن هذا الترشيح يتطلب عضواً يمتثل لقرارات الأمم المتحدة وليس عضواً يقوّض مصداقية الأمم المتحدة، ويحول دون تنفيذ قرارات الأمم المتحدة“. ونوّه كذلك بأن انتخاب إسرائيل، التي تنتهك القواعد الأساسية للقانون الدولي والمعاهدات الدولية وقرارات الأمم المتحدة، سيؤثر سلبياً على صورة الأمم المتحدة”.
وكانت الدول العربية قد قدّمت اعتراضها على ترشيح إسرائيل لهذا المنصب. وأرسلت في هذا السياق رسالة في العاشر من الشهر الجاري إلى رئيس اللجنة الحالي، وسفير جمهورية ترينيداد وتوبيغو، إيدن تشارلز، تعترض فيها على هذا الترشيح مطالبةً بالتصويت عليه، على عكس العرف المتّبع في هذه الحالة، أي تزكية المرشح الذي تقوم المجموعة الجغرافية المعنية بترشيحه. وقال السفير اليمني للأمم المتحدة، خالد اليماني، باسم المجموعة العربية في هذا السياق ” لقد طلبنا إجراء عملية انتخاب بالاقتراع السري، من أجل تسجيل اعتراضنا القاطع على ترشيح إسرائيل لشغل منصب رئيس اللجنة القانونية، ورفع صفة الإجماع عن النتيجة التي تترتب عليها”.
اقتراع سرّي
وقد حصل المندوب الدائم لإسرائيل، داني دانون، على 109 لصالحه مقابل عشرة أصوات لممثل السويد و4 أصوات لممثلة اليونان و4 أصوات لممثل إيطاليا كما توزّعت أصوات المجموعات المعترضة على العديد من مندوبي دول مجموعة أوروبا الغربية ودول أخرى لحرمان إسرائيل منها.
وغالباً ما يكون هناك إجماع قبل التصويت على رئاسة اللجان الستة، إلا أن اعتراض المجموعتين العربية والإسلامية أجبر الجمعية العامة على إجراء التصويت بالاقتراع السري. وقد امتنع عن التصويت 23 دولة ووجدت 14 ورقة غير قانونية وتم حذفها.
واللجنة السادسة هي اللجنة القانونية التي تنص المادة 13 من ميثاق الأمم المتحدة، تحديدا، على أن تقوم الجمعية العامة بإنشاء لجنة خاصة لتشجيع التقدّم المطّرد للقانون الدولي وتدوينه. وهي اللجنة المفوضة بوضع المعاهدات الجديدة، وتختصّ بتبني تلك المعاهدات والتوصية بها لدى الدول للتوقيع عليها لاحقاً والمصادقة عليها والانضمام إليها. ورغم أن مفاوضات صناعة القوانين الدولية تحدث داخل العديد من الهيئات المتخصصة في الأمم المتحدة، حسب طبيعة مادة القانون الحقيقية، يتم عقد المفاوضات المتعلقة بالقانون الدولي العام دائماً داخل اللجنة السادسة.
وقد أصدر السفير الإسرائيلي دانون بياناً بهذه المناسبة، حصلت “القدس العربي” على نسخة منه، اعتبر أن انتخاب إسرائيل للجنة دائمة من لجان الأمم المتحدة حدث تاريخي بكل المقاييس منذ انضمّت إسرائيل لعضوية الأمم المتحدة عام 1949. وأضاف “إنني فخور أن أكون أول سفير لإسرائيل ينتخب لهذا المنصب الرفيع لأن إسرائيل تتمتّع بدور قيادي في القانون الدولي ومحاربة الإرهاب”. وقال إن هذا الانتخاب جاء بعد معركة دبلوماسية طويلة خاضتْها البعثة ضد اعتراض دول مجموعة عدم الانحياز ومؤتمر التعاون الإسلامي. وقال إن إيران بصفتها رئيسة مجموعة دول عدم الانحياز قد وزّعت بياناً ضد إسرائيل لتعطيل انتخابها للّجنة لكن لم تفلح.
وقد علمت “القدس العربي” أن الذي وزّع البيان ليس إيران، بل الكويت، بصفتها ترأس مجموعة دول منظمة التعاون الإسلامي. وقد خلتْ رسالة دانون من أي انتقاد للمجموعة العربية. وعلمت “القدس العربي” من مصادر دبلوماسية أن أربع دول عربية، على الأقل، صوّتت لصالح المندوب الإسرائيلي.
اتصالات ربع الساعة الأخير
وقد صرّح السفير الفلسطيني رياض منصور لـ”القدس العربي” بعد انتخاب إسرائيل مباشرة قائلاً: “مع أن الوقت كان ضيقاً عندما علمت المجموعة العربية أن مجموعة “دول أوروبا الغربية ودول أخرى” قررت ترشيح إسرائيل لرئاسة اللجنة السادسة، قمنا باتصالات مكثّفة مع دول المجموعة، وضغطنا باتجاه ثني المجموعة عن مكافأة دولة تحتل أراضي دولة أخرى، في مخالفة للقانون الدولية بدل عقابها. بعد ذلك حاولنا أن نقنع دول المجموعة أن يرشحوا أي دولة أخرى غير إسرائيل ولم نفلح. اتصلنا بعدد كبير من أعضاء المجموعة لنقنع أي عضو منها للترشّح كي نحشد الأصوات لإنجاحه لكنهم لم يقبلوا. تداولنا الأمر بعد ذلك مع المجموعتين العربية والإسلامية للاتفاق على خطة بديلة. فاتّفقنا أن نوزع أصوات المعترضين على ترشيح إسرائيل على مرشحين من نفس المجموعة كي نحرم المندوب الإسرائيلي من الحصول على النصف زائد واحد. حاولنا أن نحشد كل أصدقائنا لإسقاط المندوب الإسرائيلي بحرمانه من الحصول على الحد الأدنى من الأصوات المطلوبة لكننا لم ننجح. لكننا استطعنا حجب ما مجموعه 84 صوتا عنه وهذا شيء مهم ومشرّف. هو لم يحصل إلا على 109 أصوات. وكان الحد الأدنى المطلوب 77 صوتا فلو استطعنا تغييرأصوات 16 مندوبا لسقط ترشيحه بشكل آلي”.
وتابع ممثل دولة فلسطين لدى الأمم المتحدة “كل اللجان الرئيسية الخمسة انتخبت رؤساءها بالإجماع إلا اللجنة السادسة. الانقسام واضح منذ البداية فكيف سيُسيّـر أعمال اللجنة خلال الدورة الواحدة والسبعين؟ إذن هناك شرخ في الجمعية العامة حول شخصية داني دانون الاستفزازية، وستكون أعمال اللجنة السادسة معطلة بسبب الانقسام. نود أن نشكر العرب والمسلمين وكل من وقف معنا في هذه المعركة. كنا نتمنى أن نهزم ترشيحه لكننا أمام قوة عاتية. استعملت تلك الدولة الأهم كل الأساليب الملتوية والابتزاز وخاصة للدول الصغيرة كي تدلي بأصواتها لصالح إسرائيل. إسرائيل لم تنجح بقدراتها وسمعتها الذاتية بل بجهود الولايات المتحدة وكندا وإستراليا، والتي تستعمل كل أساليب الابتزاز والتهديد لضمان التصويت لإسرائيل وكثير من الدول تستجيب لهذا الضغط خوفاً من الدول الكبرى بدل أن تقف مع الحق وضد الظلم الذي تمثله دولة الاحتلال. نحن الآن أمام حالة صارخة من ازدواجية المعايير من لدن بعض الدول. إسرائيل تزداد تطرّفاً وتدير ظهرها لكافة المبادرات السلمية بما فيها المبادرة الفرنسية الأخيرة وتوسّع نشاطاتها الاستيطانية وتخترق القانون الدولي في كل ممارساتها ثم يقوم المجتمع الدولي بمكافأتها. إذن نحن أمام وضع يحتاج إلى تقييم دقيق لنحسب خطواتنا في المرحلة القادمة. وأعتقد أن نفس المجموعة بعد سنة أو سنتين ستقوم بترشيح إسرائيل لعضوية مجلس الأمن”.