من أعراض مرض اسمه الزواج!
حلمي الأسمر
كان أحد الأصدقاء يقول لي في سنوات زواجه الأولى أنه بدا يتعلم ويتدرب كيف يكون أبا وزوجا، كنت أستغرب منه هذا الكلام، باعتبار أن المرء لا يحتاج إلى تدريب كي يكون أبا أو زوجا، لاحقا، اكتشفت أنني كنت مخطئا، وهو على صواب، فكل شيء في هذه الدنيا يحتاج إلى تدريب وتعلم، وكل نشاط إنساني يحتاج إلى دروس نظرية وتطبيقية وورشات عمل وتبادل خبرات حتى، كي يؤديه المرء على النحو الأكمل، وباحترافية مطلقة، وبغير هذا تسير الأمور على البركة والحظ، ويا بتصيب يا بتخيب، وهو منطق لا تستقيم معه حياة، فالعمر «مش بعزقة» واليوم الذي يمضي وتخسره لا يسترد!
ربما يبدو هذا الأمر غريبا بعض الشيء في الشرق، لكنني عرفت متأخرا أن هناك أماكن خاصة سواء في الحياة الطبيعية أو على شبكة الإنترنت تعلم الناس كيف يكونون أزواجا جيدين، أو عشاقا ناجحين، أو حتى أبناء متقنين لبنوتهم، بالنسبة لي، واجهت مشكلة حقيقية في أن أكون كهلا أو شيخا مسنا، تتناسب تصرفاتي مع مظهري العام من حيث الشيب، والتغير الواضح في مظهر بشرتي، بعد أن دخلت نصف القرن الثاني من هذا العمر، صدقا، لقد استغرق الأمر سنوات كي أبدأ التعايش مع هذه الحالة الجديدة، فقد كنت أشعر طيلة الوقت أنني شاب صغير في الثلاثينيات، او في أسوأ الأحوال في الأربعينيات، ولكن الحقيقة كانت غير هذا، فقد بدأ عداد السنوات بالعد في الخمسينيات، حيث دخلت في سن الستين، دون أن أشعر في أعماقي بأنني أنتمي لهذا العقد من السنوات، وكان علي أن أتدرب كي أزاوج بين مشاعري الداخلية ومظهري الخارجي، وبناء عليه فأنا أنجح حينا في هذا وأخفق أحيانا، وهكذا هو الأمر بالنسبة لسلوكي كزوج وأب، فلم يسبق لي أن كنت زوجا قبل الزواج، ولا أبا قبل أن أنجب ابنتي الأولى!.
طبعا من الصعب على المرء أن يعترف بما أخفق، وإن كان سهلا عليه أن يدعي أنه نجح في كذا وكيت، قبل أيام أرسل لي احدهم مقتطفات مما سماه مختبر الحب، اكتشفت فيما بعد أنه معهد متخصص في العلاقة الزوجية والإنسانية عموما، وساق لي من هذا المختبر جملة من الدروس، هدفها ترسيخ روابط الحياة الزوجية، وبدأت بهذه العبارات: لم نعد نشعر بالقرب من بعضنا البعض/ إنك لا تتحدث إلي مطلقا/ ليس لدينا متسع من الوقت سوى للأبناء/ كل ما تفعله هو العمل/ إنك لا تأبه بأحلامي/ ثم يأتي السؤال/ الصدمة: هل تجد أن أيا من هذه العبارات ينطبق عليك أو على شريك حياتك؟ إذا كانت الإجابة بنعم، يؤكد لك دكتور جون جوتمان وزوجته الدكتورة جولي شوارتز جوتمان، أنه ليس عليك أن تندهش، لقد أظهر علمهما البحثي الذي استمر لعقود في واقع الأمر أن معظم الأزواج يواجهون تلك المشاكل الخطيرة وغيرها في حياتهم الزوجية، ولكن ما تمكن آل جوتمان من إثباته هو أن تلك الصعوبات لا تقود بالضرورة إلى خلل في العلاقة الزوجية، ولا حتى إلى الطلاق!
يعني، إطمئن يا زوج، وإطمئني يا زوجة، إذا كنتما تعيشان حالة «دمار شامل» فهو أمر طبيعي، وليس عليكما أن تشعرا بالفزع، فهذه هي نتيجة الزواج، أو لنقل، هي أعراض طبيعية لهذا «المرض»!
الأمر ببساطة يقتضي أن نعترف أن علينا أن نتعلم كيف نكون أزواجا جيدين، ثم نبدأ التعلم، متخذين تلك المقتطفات مدخلا للحل، من أجل استعادة الحب والرومانسية اللذين فقدتهما نتيجة للتواصل غير الفعال! بينك وبين شريكك، وصولا إلى مرحلة تقوية علاقتك وحياتك الزوجية لجعلها حياة أكثر إشباعا واستقرارا وحبا، إن استطعت!