إردوغان للمراقبين الدوليين: الزموا حدودكم
أنقرة (رويترز) : طلب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من مراقبين الانتخابات الدوليين بأن “يلزموا حدودهم” اليوم الاثنين بعد أن انتقدوا الاستفتاء الذي منحه صلاحيات جديدة واسعة النطاق وقال إنه ليس من المهم بالنسبة لتركا إذا علق الاتحاد الأوروبي محادثات انضمامها لعضويته.
وفي كلمة ألقاها لحشود من أنصاره من على درج القصر الرئاسي في أنقرة قال إردوغان إن التصويت الذي أجري أمس الأحد أنهى كل الجدال بشأن تغيير الدستور وتأسيس نظام رئاسي تنفيذي. وأضاف أن تطبيق الإصلاحات سيبدأ الآن من القضاء.
وأضاف أن تركيا لم “تر أو تسمع أو تعترف” بتقارير بعثة مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وقال إن بعض الدول الأوروبية عارضت التعديلات الدستورية أكثر من المعارضة التركية ذاتها.
وتعهد بأن عملية درع الفرات في سوريا لن تكون الأخيرة من نوعها في المنطقة بل الأولى وقال إنه سيشن العمليات العسكرية كلما اقتضت الضرورة لمحاربة الإرهاب.
كيف سيتم تطبيق النظام الرئاسي ومتى سيعود أردوغان لقيادة حزب العدالة والتنمية؟
إسماعيل جمال
إسطنبول ـ «القدس العربي»: بعد أن أجابت النتائج النهائية غير الرسمية المنشورة حتى الآن عن سؤال من الفائز في الاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا بـ«نعم»، بات السؤال الأبرز كيف سيتم تطبيق النظام الرئاسي، الذي وافق عليه الشعب التركي بأغلبية طفيفه ومتى سيعود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى قيادة حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي أسسه قبيل 15 عاماً.
وحسب النتائج النهائية غير الرسمية تقدم المصوتون بـ«نعم» للتعديلات الدستورية بواقع 51.4٪ مقابل معارضة 48.6٪، وسط اعتراضات من قبل المعارضة، التي طالبت بإلغاء نتائج الاستفتاء، لكن وحسب مراقبين فإن وجود فارق في الأصوات يقترب من 1.3 مليون صوت وهو ما يؤشر إلى أن نتيجة الطعون والاعتراضات لن تتمكن من قلب النتائج. وأكد، الاثنين، المجلس الانتخابي الأعلى فوز «النعم». الاستفتاء في تركيا كان على 18 مادة من الدستوري، أبرزها ما يتعلق بتحويل نظام الحكم في البلاد من «برلماني» إلى «رئاسي» وإلغاء منصب رئيس الوزراء وزيادة أعضاء البرلمان إلى 600 وخفض سن الترشح له إلى 18، بالإضافة إلى إتاحة المجال للرئيس بأن يكون مرتبطا بحزب سياسي وهو ما كان ممنوعاً في السابق، الأمر الذي أجبر أردوغان على الاستقالة من قيادة حزبه إبان الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2014.
مواد الدستور الـ18 التي جرى تمريرها في الاستفتاء ستصبح سارية المفعول عقب إعلان لجنة الانتخابات المركزية النتائج النهائية والإعلان عن بدء سريانها رسمياً في الجريدة الرسمية، وهو ما سيتم حسب التوقعات قبيل نهاية الشهر الجاري.
لكن البدء في التطبيق العملي لهذه المواد سينقسم إلى شقين رئيسيين، فثلاثة مواد رئيسية سيتم العمل على تطبيقها فوراً وتتعلق بانتساب رئيس الجمهورية لحزب سياسي، وإلغاء المحاكم العسكرية باستثناء التأديبية، بالإضافة إلى إعادة هيكلة المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، أما الشق الآخر يتعلق بباقي المواد وخاصة المتعلقة بتحويل نظام الحكم إلى رئاسي سيتم التمهيد لها وصولاً لتطبيقها بشكل فعلى في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجري بموجب القانون الجديد بشكل متوازي في نهاية عام 2019.
ويتوقع على نطاق واسع أن يسعى أردوغان وفور نشر النتائج وحسمها في الجريدة الرسمية مع حلول نهاية الشهر الجاري من أجل العودة إلى صفوف حزب العدالة والتنمية، وعلى الرغم من عدم وجود صيغة محددة حتى الآن إلا أنه يتوقع أن يعيد تفعيل عضويته في الحزب وربما يدعوا رئيس الحزب الحالي بن علي يلدريم إلى مؤتمر عام استثنائي يتم خلاله إعادة انتخاب أردوغان رئيساً للحزب الحاكم وهو الأمر الذي يمكن أن يتم بسلاسه كونه ما زال يتمتع بتأييد ونفوذ مطلق في أروقة الحزب على الرغم من ترك قيادته منذ ثلاثة سنوات.
والاثنين، قال رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية مصطفى أليطاش إن قيادة الحزب ستلجأ إلى دعوة أردوغان في السابع والعشرين أو الثامن والعشرين من الشهر الجاري إلى العودة لأروقة الحزب وذلك بموجب التعديلات الدستورية الجديدة.
أما الشق الآخر من هذه التعديلات، سيبدأ حزب العدالة والتنمية الحاكم وبدعم من حزب الحركة القومية الداعم للتعديلات بالعمل في أروقة البرلمان من أجل مجموعة من القوانين التفصيلية والتمهيدية التي من شأنها تهيئة الدستور والقانون العام لنظام الحكم الجديد الذي سيتم تطبيقه في البلاد.
ومع حلول نهاية عام 2019 ستجري انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة ويبدأ الرئيس الفائز بممارسة مهامه بناء على النظام الجديد وبصلاحيات واسعة وبدون رئيس وزراء، حيث سيكون من صلاحياته تعيين وزراء من خارج البرلمان وترأس اجتماعات الحكومة وتعيين السفراء وكبار مسؤولي الدولة بدون العودة إلى البرلمان.
تداعيات الاستفتاء التركي: دعوات أوروبية للحوار مع أنقرة وواشنطن تطالب باحترام جميع الآراء
إردوغان يزور أضرحة رؤساء سابقين وصحابي وسلاطنة عثمانيين
اسطنبول ـ «القدس العربي» من إسماعيل جمال: في خطوة لافتة، رأى فيها البعض دلالات كبيرة، احتفل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بنجاحه في تمرير الاستفتاء على التعديلات الدستورية والنظام الرئاسي، بسلسلة زيارات لأضرحة رؤساء ورؤساء وزراء سابقين، بالإضافة إلى عدد من السلاطين العثمانيين.
والإثنين، شارك إردوغان في مراسم إحياء الذكرى الـ24 لوفاة الرئيس التركي الأسبق تورغوت أوزال وذلك أمام ضريحه الكائن في منطقة «طوب كابي» في مدينة إسطنبول، ووضع إكليلا من الزهور على ضريح الرئيس الثامن الذي قال في خطاب سابق إنه كان يؤيد تحول البلاد إلى النظام الرئاسي.
كما زار إردوغان ضريح رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان وسط إسطنبول. وكان أربكان الذي أسس وتزعم حزب الرفاه (السعادة حالياً) بمثابة المعلم الأول لإردوغان، وتولى رئاسة وزراء تركيا من الفترة بين 1996 و1997 قبل أن تتم الإطاحة به. وأعقب ذلك بزيارة إلى ضريح الرئيس السابق عدنان مندريس الذي أعدمه الجيش التركي عقب انقلاب في الستينيات.
وتقول وسائل الإعلام التركية إن الرؤساء الثلاثة السابقين تعرضوا للانقلابات والاضطهاد بسبب محاولاتهم تغيير الدستور التركي على خلاف رغبة الجيش الذي كان يتحكم في زمام الأمور، قبل أن يتمكن أردوغان من تقليص نفوذ الجيش، لا سيما عقب محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي.
وعلى غرار عادته عقب كل انتخابات، زار إردوغان مسجد وضريح الصحابي أبو أيوب الأنصاري، وأدّى ما سماه المُغردون الأتراك «ركعتي شكر لله» في المسجد، قبل أن يتوجه لزيارة مسجد وقبر السلطان محمد الفاتح الذي استخدم سيرته بقوة خلال الحملة للدستور ودفاعاً عن مادة خفض سن الترشح للبرلمان إلى 18 عاماً، لافتاً إلى أن «محمد الفاتح فتح القسطنطينية وهو في عمر الواحد والعشرين». كما زار ضريح السلطان ياووز سليم تاسع سلاطين الدولة العثمانية.
من جهة أخرى دعا الاتحاد الأوروبي ودول أوروبية عدة بينها ألمانيا وفرنسا، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى التعقل والحوار غداة الاستفتاء على تعزيز سلطاته والذي فاز فيه بفارق ضئيل.
وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ومسؤول التوسيع في الاتحاد يوهانس يان، في بيان مشترك «انطلاقا من النتيجة المتقاربة للاستفتاء والتداعيات العميقة للتعديلات الدستورية، ندعو السلطات التركية للسعي إلى أوسع توافق وطني ممكن في تطبيقها. سيتم تقييم التعديلات الدستورية وخصوصا تطبيقها العملي في ضوء التزامات تركيا بوصفها مرشحة للاتحاد الأوروبي وبوصفها عضوا في مجلس أوروبا».
من جانبها دعت الولايات المتحدة القادة الأتراك، أمس، إلى احترام آراء المعارضة وحرية التعبير. ولم تشكك واشنطن في نتيجة الاستفتاء، إلا أنها أشارت إلى المخاوف التي عبّر عنها مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ودعت أنقرة إلى احترام حقوق جميع المواطنين «بغض النظر عن تصويتهم».
واعتبر إردوغان، أمس، تقرير منظمة الأمن والتعاون في أوروبا حول الاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا مسيّسًا. وأعلن رفضه جملة وتفصيلًا.