الحق في التستر والتعري!
كارول سيدة مسلمة فرنسية أقامت دعوى ضد أحد المسابح قبل سنوات، لأن إدارته منعتها من السباحة مرتدية لباسا يُغطي جسدها بالكامل يدعى «البوركيني» تقول «لم اتمكن من الذهاب الى المسبح حتى وجدت هذه الملابس الخاصة بالمسلمات وهي مخصصة للسباحة ، وقد اتصلت بعدد من المسابح لأتمكن من الدخول لكنهم رفضوا». توجهت كارول إلى الشرطة الفرنسية والإدعاء العام متهمة إدارة المسبح بالتمييز والتفرقة، لكن شكواها رُفضت. لم يتغير شيء منذ ذلك الوقت، فقد عادت مشكلة البوركيني للظهور هذه الأيام.
سيمضي وقت قبل أن تعترف هذه المسابح وغيرها بحق المسلمة بارتداء ما تشاء من ملابس كي تمارس حياتها بشكل طبيعي، هذه القصة تكررت في فندق مصري على ساحل البحر الأبيض المتوسط ، مع سائحة فرنسية أيضا.
البوركيني :اختراع لطيف اشتريتُه لزوجتي، ذات عطلة صيفية، ونزلت به إلى البحر في أحد الفنادق المصرية على شاطىء المتوسط أيضا ، ولم تجد من يمانع ، وهو حلم راود عاهدة الزناتي وهي سيدة مسلمة تحمل الجنسية الأسترالية، حيث ظلت تلح عليها فكرة تصميم لباس بحر إسلامي خاص بالنساء، ولكنه لباس سابغ ، سماه الإعلام: بوركيني ، لأنه يجمع بين كلمتين: بكيني وبرقع ، كانت الحاجة أم الاختراع ، فشواطىء استراليا الكثيرة تمتلئ بالرواد خلال فصل الصيف للترويح وممارسة السباحة هربا من الحرارة التي قد تصل الى 40 درجة مئوية ، لكن المسلمات يمنعهن التزامهن من التمتع بالماء، لعدم وجود ملابس مناسبة تتفق مع الزي الإسلامي، وكذا هو الأمر للراهبات، لكنهن لم يجدن أحدا يمنعهن من التمتع بالبحر، وهن يرتدين ملابس تشبه البوركيني(!) وهذا ما دفع عاهدة التي تملك متجرا صغيرا للحياكة في غرب سيدني قبل أعوام الى ابتكار «البوركيني».
تقول عاهدة: «الماء يحيط باستراليا من كل جانب. نلقى تشجيعا كاملا من مدرسة تعلم السباحة. يبدأ تعليم السباحة في سن مبكرة جدا لذا فعندما تختار تلك الفتيات ارتداء الحجاب يقررن التوقف عن السباحة ونحن لا نريدهن أن يفعلن ذلك» ويصنع البوركيني من قماش البوليستر الذي يقي من الاشعة فوق البنفسجية ويغطي جسم المرأة تماما باستثناء القدمين واليدين والوجه.
البوركيني أصبح زيا إسلاميا للسباحة ، وهو يساعد على التنفس بشكل طبيعي كما يغطي الشعر والرقبة بشكل كامل ، ويتمتع بمرونة كاملة ولا يعيق حركة المرأة ، وهو أشبه بلباس الغواصين الذين يحتاجون إلى الحركة الدائبة تحت الماء ، دون أن يلتصق بالجسد ووصف ما تحته.
الفكرة الإبداعية التي ابتكرتها عاهدة جاءتها من إحدى قريباتها التي ترتدي الحجاب وكانت تحب أيضا ممارسة الرياضة. تقول عاهدة»عندما شاهدتها وهي تلعب أردت أن أجعل الحياة سهلة على المسلمات وأساعدهن على الخروج من الشرنقة» ، وهنا بيت القصيد ، فأن تكون المرأة مسلمة لا يعني أن تنعزل عن الدنيا ، هناك طريقة دائما لأن تلتزم المرأة بتعاليم دينها ، وفي الوقت ذاته أن تكون عضوا كامل الفاعلية في المجتمع ، وتتمتع بمتعه البريئة ، حتى ولو ووجه برفض في البداية ، كما حصل مع كارول ، وما لم يحصل مع زوجتي.
مبتكرات عاهدة في الأزياء تعطينا درسا في أن يكون لنا مبتكرات فكرية إسلامية تتماشى مع حركة المجتمع والتاريخ والمدنية ، فمن لا يتحرك فيما الناس يركضون ، سيجد نفسه وحيدا منعزلا في ذيل القافلة، صحيح أن هناك رفضا لمثل هذا اللباس في بعض دول أوروبا، لكنني على يقين أن كل شيء سيتغير، وستعترف السلطات المختلفة بحق النساء بالتستر، كما تعترف بحقهن بالتعري!