[rtl]عباس يرفض المصالحة مع دحلان ويخرج عن الاجماع العربي[/rtl]
[rtl]التاريخ:7/9/2016[/rtl]
بعد جولات من المد والجزر لترميم العلاقة بين رئيس السلطة محمود عباس والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، قادتها مجموعة دول عربية ترأسها مصر، أُعُلن أخيراً عن فشل كل محاولات بعد إصرار عباس على موقفه من دحلان والقاضي بـ"استحالة" عودته الى صفوف الحركة ولو بالحد الأدنى، بحسب مصادر مطلعة على تفاصيل ما جرى في القاهرة.
ورغم أن الإعلان عن فشل المحاولات لم يكن صريحاً، إلا أن تصريحات عباس الأخيرة التي قال فيها " لا أحد يُملي علينا موقفاً نحن أصحاب القرار"، أظهرت مدى حنقه من تدخل بعض الدول العربية في الشأن الفلسطيني الداخلي تحت ذريعة "استعادة وحدة الصف الفلسطيني" وكانت بمثابة ردٍ علني على الجهود العربية لإعادة دحلان، بحسب تفسيرات مقربيه.
ووفق مصدر مطلع، فإن الحلف العربي لإعادة دحلان الى الواجهة الفلسطينية بقيادة مصر الى جانب الإمارات والسعودية والأردن، يحمل في جعبته خارطة طريق لتعديل الوضع الفلسطيني واستعادة الوحدة الفتحاوية الداخلية، وترتيب البيت الفلسطيني لما بعد مرحلة عباس.
وبحسب المصدر فإن الإمارات كانت من أوائل من حاول حل الخلاف بين دحلان وعباس، ووعدها الأخير بحلها ولم يفي بوعده، ما جعل الامارات تشيط غضباً عليه وتدهورت العلاقة معه حتى وصلت للفتور، ليصبح ملف المصالحة الفتحاوية بيد مصر بإيعاز من الامارات.
وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه إن مصر أبلغت عباس خلال زيارته قبل الأخيرة لمصر، بأن المصالحة مع دحلان ضرورة أمنية وقومية، وعقدت في حينها عدة اجتماعات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعباس لبحث المصالحة مع دحلان.
وأضاف المصدر، أن عباس تحجج حينها بأن الأمر ليس بيده وأنه يجب أن يعود للجنة المركزية للمشاورة حول عودة دحلان ووعد السيسي بخير، وبعد شهر من عودة عباس لرام الله أرسل السيسي وفداً مصرياً للضفة المحتلة لأخذ ردٍ من عباس، فرد الأخير بأن عليه ضغط من اللجنة المركزية لعدم المصالحة مع دحلان "وأن الخلاف أكبر مما تتوقعون".
لكن تطوراً حصل بعد زيارات مكوكية لمسؤلين من السلطة الى مصر، تمثل ببيان اللجنة المركزية لحركة فتح أكدت فيه أن أطرها ومؤسساتها مفتوحة أمام جميع أبنائها للتعامل مع المشاكل والعقبات كافة، وبما يشمل أصحاب التظلمات الذين اتخذت بحقهم إجراءات عقابية.
وهو ما فسره الحلف العربي، بأنها بداية عودة دحلان وأنصاره لفتح، لكن سرعان ما انجلت الصورة بعد أيام، حين أعلنت اللجنة المركزية عن ترحيبها بعودة 13 قيادياً مفصولاً من المحسوبين على محمد دحلان، شرط أن يتقدم هؤلاء بطلبات تظلم، ولا سيما أنهم غير مدانين بقضايا قتل أو فساد.
وما زاد الطين بلة، تصريحات رفيق النتشة رئيس هيئة مكافحة الفساد؛ التي قال فيها: "إن القانون سيأخذ مجراه في كافة القضايا التي أدين بها محمد دحلان بالفساد، ولا يستطيع الرئيس محمود عباس إسقاط هذه القضايا بمراسيم قانونية"، وهو ما يكشف عن نوايا عباس الداخلية، لا سيما وأنه لا يخرج حرفٌ من رام الله إلا بموافقته.
وهنا يبدو بأن محمود عباس حاول من خلال بيان اللجنة المركزية امتصاص هجمة الرباعية العربية، وحرف بوصلة الانقسام داخل صفوف حركة فتح عن مسارها، وتحميل المسؤولية لأنصار محمد دحلان الرافضين إعلان التوبة والاعتذار.
يؤكد هذا الحديث، تصريح جبريل الرجوب الذي قال: "أي شخص فُصل من حركة فتح يستطيع تقديم طلب وتظلم للعودة بشرطين، هما عدم تورطه في جرائم قتل، وألا يكون قد استقوى على الشعب الفلسطيني بموقع أو بالخارج"، ما يعني إعلان أنصار دحلان "التوبة" عن مناصرتهم لزعيمهم ومخالفتهم عباس، فهل يقبلون بذلك؟
الاجابة مرتبطة بمدى تقدم مباحثات عودة دحلان، التي توقفت لجملة من الأسباب المتعلقة بعباس، أهمها خشيته من أن تكون عودة دحلان بداية لنهايته، وما يتبع ذلك من تداعيات على مصالحه الشخصية ومصالح عائلته، والأهم خوفه من تكرار مشهد تصفية الرئيس الراحل ياسر عرفات، وفق حديث المصدر.
وهو ما دفع عباس لشن هجوم حاد على الدول العربية، محذراً اياهم من مغبة تدخل بعض العواصم –لم يسمها- في الشأن الفلسطيني والتلاعب بحق تقرير المصير، فكيف يقاوم عباس الضغوط العربية المكثفة عليه؟ وهل مستعد أن يدفع ثمن رفضه الأوامر العربية وخروجه من بيت الطاعة؟
بالتأكيد يصعب على المراقب ايجاد اجابات واضحة لتلك التساؤلات، ما لم تخرج من صدر عباس وغريمه، لكن ما هو مؤكد أن ثمة خفايا لا يعلمها بعد الله سوى الرجلين، اللذين تبادلا الاتهامات ضد بعضهما حتى وصلت الى حد الاتهام بتصفية الرئيس ياسر عرفات، وما مصير تلك الاتهامات فيما لو تمت المصالحة.
وكان الصراع قد تصاعد بين عباس ودحلان، الذي قررت اللجنة المركزية لـفتح فصله من الحركة وإنهاء أي علاقة رسمية له بها في يونيو/حزيران 2011، قبل أن تحيله إلى القضاء، في قضايا وصفتها آنذاك بأنها جنائية ومالية وأية قضايا أخرى حسب ما ورد في تقرير لجنة التحقيق.