عوض: الصيرفة الإسلامية أمام تحدي مواكبة الصناعة العالمية
تواجه الصيرفة الاسلامية تحديات أبرزها زيادة حدة التنافس مع دخول المصارف التقليدية العربية والأجنبية إلى سوقها بكل ما تتميز به هذه المصارف من إمكانيات هائلة، وفقا لرئيس مجلس استثمار اموال الضمان الاجتماعي مروان عوض في مؤتمر "التمويل الاسلامي في الاسواق الحدودية" الذي انعقد في تونس مؤخرا.
ورأى أن مدى قدرة المصارف الإسلامية على مواكبة الصناعة المصرفية العالمية من حيث تطوير أنظمتها وخدماتها ومنتجاتها، وعلى وجه الخصوص إصدار الصكوك الإسلامية التي تساعد على حل مشكلة السيولة الفائضة، تعتبر من أهم ما يواجه الصيرفة الاسلامية من تحديات.
واعتبر عوض، خلال ترؤسه جلسة عمل تمويل الخدمات المصرفية الاسلامية في تونس، أن مدى استجابة الجهات الرقابية والإشرافية لتجسير الفجوات التنظيمية والتشريعية القائمة بين الأنظمة التقليدية والأنظمة الإسلامية أحد التحديات المهمة التي تواجه القدرة التنافسية للمصرفية الإسلامية، مشيرا إلى أن عدد مؤسسات التمويل الإسلامي (1200) في اكثر من 75 دولة، تجاوز عملاؤها 100 مليون عميل، رغم أن 75 % منهم لم يتم الوصول اليهم حتى الان.
وعن التحديات الأخرى، لفت إلى أن الالتزام بالمعايير الرقابية العالمية مثل بازل الثالث، وما يتضمنه من متطلبات رقابية أهمها القدرة على مواجهة المخاطر سواء كانت مخاطر ائتمان أو سوق أو مخاطر تشغيل، وكذلك القدرة على تطبيق ضوابط التحكم المؤسسي الهادفة إلى التأكد من وجود نظام تدقيق داخلي وشرعي ونظام حديث للمخاطر.
وشدد عوض على ضرورة إعادة البنوك المركزية النظر في سن وتنفيذ التشريعات المصرفية الملائمة لهذه البنوك، لاسيما في سياسة الاحتياطي النقدي ونسبة السيولة ووظيفة الملجأ الأخير وتحديد السقوف الائتمانية، إضافة لضرورة قيام البنوك المركزية بتطبيق معايير الرقابة العالمية على البنوك الإسلامية الصادرة عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية.
وبحسب عوض، هناك تفاؤل في توسع القطاع المصرفي الإسلامي وأن تزداد اصوله من 2,1 ترليون دولار الى 3,25 خلال عشر سنوات، إلا أن هناك العديد من التحديات التاريخية والمستجدة تجعل البعض لا يتفاءل بنسب نمو مرتفعة لهذا القطاع، وإن كانت وكالات تصنيف ائتماني عالمية مثل وكالة اس اند بي جلوبال قد توقعت ان يكون نسبة النمو السنوية 5 %، مستدركا بأن هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهي ان 20 % من موجودات المصارف العربية هي اسلامية.
ووفقا لعوض، يمكن تقسيم التحديات القانونية التي تواجه الصناعة المصرفية الإسلامية والتمويل الإسلامي إلى قسمين رئيسين هما: عدم وضوح الأحكام القانونية في معظم اتفاقيات وعقود التمويل الإسلامي، وافتقارها الى الضبط والصياغة القانونية السليمة خاصة للمسائل الشرعية التي تنظم عمل المنتجات التجارية الاسلامية، وهو ما يعرض الأطراف المتعاقدة لمخاطر قانونية جدية، وكذلك التحديات الناتجة عن البيئة التشريعية التي تعمل بها البنوك المؤسسات المالية الإسلامية، وعدم ملائمة بعض أحكام تلك البيئة لطبيعة نشاط المصارف الإسلامية.
وذكر أن الهيئات الشرعية في المصارف الإسلامية هي هيئات استشارية رقابية تقدم التوجيه والإرشاد فيما يخص المعاملات المالية الإسلامية، ولكنها تترك صياغة العقود للقانونيين ذوي الاختصاص، ولكن غالباً ما يلجأ القانونيون إلى وضع عقود نموذجية تقليدية وتعميمها على منتجات التمويل الإسلامي، حيث لا تراعي تلك العقود بطبيعة الحال ضوابط وحساسية المعاملات الإسلامية.
وبين أن الكثير من جهات الاستثمار تتردد في المشاركة بالمعاملات التمويلية الإسلامية بل وتعزف عنها في كثير من الأحيان، لأنها تشعر بعدم توفر الحماية القانونية اللازمة لحقوقها واحتمالية تعريضها للخسارة في حال حدوث نزاع. ويضيف: "بالفعل يظهر أثر هذا الالتباس عند اختلاف الأطراف ولجوئها للمحاكم، ويزيد من تعقيد المشكلة عندما تأخذ الدعوى أبعاداً دولية وتنظر في القضية محكمة غربية".
ودعا إلى أن تقوم الهيئات الشرعية والمجامع الفقهية بوضع ملامح وأطر شرعية عامة وإيجاد آلية ومرجعية تحكم مسار العمل المصرفي الإسلامي، وتساعد في تشكيل خارطة طريق واضحة له.
وطالب بتكييف القانون الإسلامي كي يتلاءم مع الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مع تركيز مستمر على الجوانب القانونية التعاقدية في إطار الشريعة الإسلامية، ومن شروط سلامة العقد أن يكون واضحاً ومفصلاً قدر الإمكان للعلاقة التعاقدية بين أطراف العقد وما يترتب عليها من حقوق والتزامات.
ويرى عوض أن الحوكمة في المصارف الإسلامية تتميز بوجود حوكمة ثنائية ناتجة عن وجود مجلسين مختلفين هما مجلس الإدارة بهدف مراقبة الجانب الإداري للبنك، وهيئة الرقابة الشرعية بهدف مراقبة مدى توافق العمليات المصرفية مع الشريعة الإسلامية.
ولفت إلى إصدار مجلس الخدمات المالية الإسلامية المبادئ الإرشادية لضوابط إدارة المؤسسات التي تقتصر على تقديم خدمات مالية إسلامية في عام 2006، والذي تضمن على سبعة مبادئ إرشادية، مشيرا أيضا إلى أن إصدار هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية في البحرين بإصدار العديد من المعايير المتعلقة بالحوكمة المتعلقة بتعيين هيئة الرقابة الشرعية وتكوينها وتقريرها.
ووفقا لعوض، تشكل حصة المصارف الإسلامية في ست دول عربية (السودان، السعودية، الكويت، اليمن، قطر، الإمارات) ما لا يقل عن 15 % من مجمل الأصول المصرفية.