الأقصى بين مجزرتين... والآتي أسوأ
التاريخ:8/10/2016
بين أكتوبر/تشرين الأول 1990 وسبتمبر/أيلول 2000، عشر سنوات بالتمام والكمال حملت للمقدسيين ذكرى مجزرتين في ذات المكان، وكان المسجد الأقصى ساحة للدم ولهتافات التكبير.
ففي التاسع والعشرين من سبتمبر العام 2000، كان الأقصى وحماته من المقدسيين على موعد مع مجزرة ارتقى خلالها سبعة شهداء وأصيب أكثر من 300. كان حماة الأقصى يصرخون ويحتجون ضد تدنيس المسجد الأقصى، عبر اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، أرييل شارون لباحاته محاطاً بمئات الجنود، وكان آنذاك وزيراً لوزارة الحرب الإسرائيلية.
ما حدث في الأقصى عام 2000 كان مجزرة ثانية، أعقبت مجزرة أولى في ذات المكان وقعت في الثامن من أكتوبر العام 1990، ووصفت حينها بالدموية، حيث قتل 22 فلسطينياً وجرح أكثر من ألف مصل غطت دماؤهم باحات المسجد، وكانت سبباً في اندلاع موجة عارمة من الغضب امتد لهيبها إلى سائر الأراضي الفلسطينية، بما فيها مناطق فلسطين المحتلة عام 1948 التي قدمت شهداء في ذلك اليوم المشهود.
وكان من مقدمات المجزرة محاولات جماعة "أمناء جبل الهيكل"، إدخال ما يسمى "حجر الأساس للهيكل المزعوم"، حيث حمل أتباع هذه الجماعة حجرهم وأقاموا له طقوس غسل خاصة في عين ماء سلوان جنوب المسجد الأقصى، بعد أن سيطروا على عين الماء وحولوها إلى منطقة جذب سياحي، ومن هناك حملوه نحو الأقصى الذي كان يزدحم بآلاف المصلين، لتنفجر موجة غضب عارمة أعقبت صلاة الجمعة في حينه، فيما اقتحم مئات الجنود ساحات الأقصى ودارت مواجهات عنيفة وسط إطلاق كثيف للرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز والصوت التي طاولت أروقة المسجد ومنشآته، بما في ذلك مسجد الصخرة المشرفة الذي تضررت زخارفه من الرصاص، فيما كان الشهداء يرتقون تباعاً.
كان يوما مشهوداً وعظيماً ودامياً كما يقول أحد حراس المسجد الأقصى في حينه، ويدعى حسن أبو زنيد، والذي لم يسلم من اعتداء جنود الاحتلال وهو يحاول وزملاءه من الحراس عبثاً منع الجنود من اقتحام مسجد الصخرة المشرفة والاعتداء على النساء فيه.
ويقول أبو زنيد "بذلنا كل جهدنا حتى لا يقتحموا الأقصى، اعتدوا علينا بالهراوات، ولم يرحموا أحداً. أصبت أنا وخالد السيوري وناصر قوس والكثير من الشباب، سواء من الحراس أو المواطنين".
وكان حارس الأقصى أبو زنيد أحبط في مستهل ثمانينيات القرن الماضي، محاولة لتفجير المسجد الأقصى خطط لتنفيذها التنظيم الإرهابي اليهودي بزعامة يهودا عتصيوني، وهو ذات التنظيم المسؤول عن سلسلة محاولات لاغتيال رؤساء بلديات نابلس ورام الله والبيرة في الضفة الغربية، لكن الذي خطط لتنفيذ عملية النسف والتفجير هو يويئل ليرنر، أحد ناشطي حركة "كاخ" الذي جرى اعتقاله لاحقاً. ويقول أبو زنيد "كنت في دورية حراسة ومناوبة، حين لاحظت حركة غريبة قرب الجدار الشرقي لسور المسجد الأقصى من ناحية باب الرحمة، فتوجهت إلى المكان وصعدت على السور، فإذ بعدد من الإرهابيين اليهود يحاولون التسلق وبحوزتهم حقائب تبين أنها تحتوي على متفجرات".
وأبلغ أبو زنيد على الفور مسؤولي الأوقاف الذين حضروا إلى المنطقة، ثم ما لبثت أن حضرت قوات كبيرة من شرطة الاحتلال واعتقلت المتورطين في المحاولة وصادرت الحقائب، ليتبين أن الحديث كان يشير إلى مؤامرة كبرى لتفجير مسجدي الأقصى والصخرة وقد جرى إحباطها بفضل يقظة المسؤولين عن المسجد.
(العربي الجديد)