التفكير فوق المعرفي وعلاقتة بالتَعلم، بقلم : د. ناديا بدارنة
2016-10-11
"إن التفكير هو سلسلة من النشاطات العقليّة غير المرئيّة التي يقوم بها الدّماغ عندما يتعرّض لمثير يتم إستقباله عن طريق واحدة أو أكثر من الحواس الخمس، والتي تهدف إلى حل مشكلة،
أو اتّخاذ قرار أو البحث عن المعنى أو الوصول إلى هدف معيّن"(جون ديوي). اما التفكير الفوق معرفي او التفكير ما وراء المعرفة هو"التفكير في التفكير" بمعنى معرفة وادراك الفرد لمسارات تفكيره الخاصة والقدرة على تقيمها تعديلها أوتغييرها، ومن مكونات التفكير الفوق معرفي : التخطيط Planning- المراقبة Monitoring- التقويم Evaluation .
يُعتبر التفكير الفوق معرفي مُهما في عملية التعلم وقد اُدرج هذا الموضوع ضمن المنهاج الرسمي في الوسط اليهودي بينما نجدة لا يُشغل حيزاً يذُكر في مدارسنا العربية لذلك من الاهمية فهم ودراسة هذا النمط من التفكير من أجل توظيفه في خدمة الطلبة .
إن مهارات التفكير فوق المعرفي ذات أهمية كبيرة في عملية التدريس والتعلم إذ تُمثل مبادئ النظريات التعليمية الحديثة التي تؤمن بدور المتعلم ومشاركته الايجابية بعملية التعليم واستقلاليته في إدارة تفكيره وبناء المعرفة من خلال الوعي التام بعمليات التعلم وضبطها من أجل تَعلُم أكثر فاعلية وإنتاجية.
إستراتيجيات التفكير فوق المعرفي
الاستراتيجيات هي الإجراءات التي يقوم بها المتعلم قبل عملية التعلم، أثناء عملية التعلم ، وبعد عملية التعلم والتي تنمي قدراته العقلية ومهاراته على التنظيم الذاتي ، تنظيم عملية التعلم والتخطيط للمهام التي سيقوم بها لاستيعاب المعرفة ، والتحكم في أساليب تعلمه وصياغة أفكاره والمثابرة للحصول على ما يحتاجه من معلومات، المحافظة على المعارف التي اكتسبها وتوليد أفكار جديدة وإبداعية وصولا الى تحقيق الاهداف ، فالوعي والتحكم بالتفكير وتوجيهه بالشكل السليم يمكن الطالب من مراقبة ذاته واكتشاف نقاط الضعف ونقاط القوة لديه التي تساعده في تعديل مسار تعلمه والتغلب على الصعوبات التي يواجهها.
من خلال استخدام استراتيجيات التعليم فوق المعرفي التي تتلخص في وضع خطة عمل مراجعتها وتنقيحها وتنفيذها ، تقييم الاداء وتقييم الاستراتيجية التي استخدمها الطالب ينتقل المتعلم من القيمة الكمية في التعليم إلى مستوى التعلم النوعي، من التعليم المبني على حفظ واستذكار المعلومة الى التعليم الفعال المبني على تحليل وبناء المعلومة بصورة علمية ومنطقية والقدرة على الاختيار وتحمل المسؤولية عن تعلمه وتحصيله.
وقد أشارت الابحاث الى أن مهارة التفكير الفوق معرفي تتأخر في النمو لذلك يجب رعايتها وتنميتها لدى الطلبة بالتعامل غير المباشر في المرحلة الابتدائية وتعليمها بشكل مباشر خلال فترة الدراسة الاعدادية و الثانوية وهنا يبرز دور المعلم في تعليم هذة المهارات بدا من توفير البيئة التي تشجع التفكير وإثارة القوى العقلية عند التلاميذ ليبقوا في نشاط عقلي مستمر, واتاحة النقاش والمحادثة والعمل المشترك مع الطلبة, وتطوير لغة التفكير بواسطة إستخدام المعلمين المتكرر لمصطلحات مثل "استراتيجية" و"عملية" و"ما وراء المعرفة" .
يقوم المعلم بتحديد الاستراتيجية بناء على ما يفرضه الموقف التعليمي، أو المادة الدراسية، وبما يناسب المرحلة العمرية للطلبة مُتبعا اُسلوب النمذجة فيقوم المعلم بشرح المشكلة والتخطيط المسبق لحل المشكلة مع ذكر الهدف من وراء تحديد واختيار كل خطوة ثم كيفية تنفيذ الحل, واثناء ذلك يجب على المعلمين الاستمرار في التحدث بحيث يستطيع الطلبة متابعة عرض عمليات التفكير، فالتحدث والنقاش حول التفكير يطور المفردات التي يحتاجها الطلبة للتفكير.
إن تفكير المعلم بصوت مرتفع أثناء حل المسألة هي شكل من أشكال النمذجة الفكرية العقلية التي فيها يُعبر المعلم لفظياً عن أفكاره أثناء حل مسألة أو التخطيط للعمل، فيطلع الطالب على طريقة تفكير المعلم وأفكاره التي تمكنه من اجراء مقارنة مع طريقة تفكيره الخاصة والاستفادة بتطبيق أسلوب تفكير المعلم.
وتُعتبر استراتيجية الأسئلة الذاتية التي يقوم المتعلم بصياغتها عن ما تعلمه عن موضوع معين، ومدى استيعابه له، وتحديد نقاط القوة والضعف، من مهارات التقويم والحكم على الذات.
وفي هذا السياق يجدر الاشارة الى تنوع ادوات التقييم المستخدمة في التفكير فوق المعرفي منها: بطاقة الملاحظة، مقاييس التقييم الذاتي، المقابلات الشخصية، الاختبارات الكتابية، سجل التعلم، الحوارات وبطاقات المعرفة.
• وفي نهاية عملية التعلم يستعمل المعلم استراتيجية تلخيص عملية التفكير
وذلك بتفعيل الحوار بين الطلبة حول مهارات التفكير التي اُستعملت والاستراتيجيات التي يمكن تطبيقها في مواقف تعليمية أخرى ثم يقوم المعلم بقيادة الطلبة لمراجعة الأنشطة وجمع البيانات حول عمليات التفكير, تصنيف الأفكار المتشابهة وتحديد الاستراتيجيات المستخدمة .
ثم يُقيم الطلبة نجاحهم، بحذف الاستراتيجيات غير الملائمة، وتحديد تلك الاستراتيجيات التي يمكن استعمالها مستقبلاً.
ويمكن القول بانه كلما كان الطالب مدركا لمسارات تفكيره ولديه القدرة على التحكم بها توجيهها او تغييرها وكلما كان مدركا للاستراتيجيات التي يستخدمها زادت قدرته على الاستيعاب والتفكير بطريقة أفضل ,استخدام المعلومات وتوظيفها في مواقف التعلم المختلفة وبالتالي تحقيق تعلم وتحصيل أفضل.