ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75673 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: هل عدم إنجاب الأطفال.. سبب كاف لتبرير الطلاق؟ الأربعاء 19 أكتوبر 2016, 5:08 am | |
| هل عدم إنجاب الأطفال.. سبب كاف لتبرير الطلاق؟ شرع ديننا الحنيف الطلاق عند حدوث الشقاق والنزاع بين الزوجين، وعند فشل كل مساعي الخير وأهل الرأي في إصلاح ذات البين، أو لم الشعث وإصلاح الفاسد، أو حين تسوء العشرة، وتستحكم النفرة بين الزوجين، فيباح للزوج وأحياناً للزوجة إستجابة لنداء الواقع وداعي الضرورة، وحلاً لمشكلات لا يحلها إلاَّ الفراق، وقد قيل: إن لم يكن وفاق ففراق بالمعروف... تلك هي وسيلة «الطلاق»، والسؤال هنا: هل عدم إنجاب الأطفال، سبب كاف لتبرير الطلاق؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال، علينا أن نعرف أولاً، ما إذا كان للزواج غرض أولى أساسي، وغرض ثانوي فرعي. هل الغرض الأساسي هو الذي يتحقق في بدء الحياة الزوجية، وهو إشباع الرغبات الجنسية والعاطفية والروحية، لكل من الزوج والزوجة، في حين يكون إنجاب الأطفال هو الغرض الثانوي المتفرع من الأول؟، أو على العكس من ذلك، نعتبر أن غرض الأسرة الأولى والأساسي، هو التناسل وإنجاب الأطفال، في حين يكون إشباع الرغبات الجنسية والروحية مجرد تمهيد للتناسل؟
لا شك؛ أن علماء الاجتماع والتشريع سيقررون أن الغرض الأساسي للحياة الزوجية، هو إنجاب الأطفال، لضمان بقاء الجنس ونموه، ولسنا محتاجين إلى جمع الأدلة لتدعيم هذا الرأي، فقوانين الطبيعة البشرية، وتاريخ البشرية والنظم التشريعية والاجتماعية، كل هذه الأمور، تؤيد القاعدة التي تجعل إنجاب الأطفال، الغرض الأساسي للحياة الزوجية، وإذا كانت هذه القاعدة صحيحة، فهل يتحتم أن يكون عكسها خطأ وأن عدم إنجاب الأطفال، يستلزم حتماً فصل الزوجين بعضهما عن بعض بالطلاق؟
إن في الحياة الزوجية، قد يكون عدم التناسل، راجعاً إلى أسباب خارجة عن إرادة الشخص، دون تعمد ولا قصد إرادي، ففي هذه الحالة، ينبغي التمييز بين أمرين:
1- عدم توافر الشروط العضوية لإتمام الزواج، وفي هذه الحالة يعتبر الزواج وكأنه لم يكن، ويحق للسلطة التشريعية إبطال عقد الزواج.
2- توافر الشروط العضوية مع توفر الشروط الفسيولوجية أي في حالة العقم الناتج عن نقص في وظائف الجهاز التناسلي. ففي هذه الحالة نجد اختلافات بينة بين علماء الاجتماع وعلماء النفس. فمن الوجهة الاجتماعية البحتة قد يبرر العقم طلب الطلاق، غير أن علماء النفس ينظرون إلى أعمق من ذلك، فيدافعون عن حقوق الفرد، عندما يطغى سلطان المجتمع أو الأهل وضغوطاتهم، ولا يراعي حق الفرد في تنميته ذاته، وتحقيق امكاناته العاطفية والروحية، ما دام استخدام هذا الحق، لا يلحق بالمجتمع أو بالأهل أي ضرر إيجابي.
ولتوضيح ذلك تقول: إن الرجل الذي يطلق زوجته لأنها عقيم، لا يسلك هذا السلوك، إلاَّ لأن حبه ناقص، ولأنه ينظر إلى زوجته، لا من حيث هي شخص يتمتع بالفكر والحرية وبالخصائص التي تميز الإنسان عن الحيوان، بل من حيث هي آلة تفريخ ووسيلة متعة. فالمشكلة ترجع إلى طبيعة الحب القائم بين الزوجين، وأن طلب الطلاق لسبب عقم الزوجة، لا يختلف في جوهره، في نظر علماء النفس، عن طلب الطلاب لأسباب عدم الوفاق المزاجي والخلقي، أي أننا بصدد أسباب نفسية معظمها لا شعورية ترجع إلى عدم النضج الانفعالي.
لكن؛ في الحياة الزوجية، قد يكون الرجل هو السبب في هذا العقم أو العجز، وغالباً ما تسكت المرأة على وضع زوجها هذا وتقبل العيش معه بسلام. وفي حالات نادرة جداً، قد يتعرض الزوج لسخط الزوجة، أو قد تتحول الحياة الزوجية بينهما إلى جحيم لا يطاق، لأن حرمان الأم من الطفل، قد يدفعها إلى كره زوجها أو التمرد عليه، وطلب الطلاق منه، اللهم إلاّ إذا إتجهت الزوجة بكل عطفها وحنانها نحو زوجها، بإعتباره بدليلاً عن الطفل!.
نعم، إن أنوثة المرأة لا تكتمل إلا بالأمومة، ولكن في حالة تعذر هذه الأمومة العضوية، هناك أنواع من حالات الأمومة الروحية، قد ترضي المرأة وتمنحها لونا»ً من السعادة، قد لا تقل عن سعادة الأمومة العضوية، خاصة أن معيار السعادة معيار «ذاتي» وأن عاطفة الأمومة قد توجد لدى نساء، لم يحبلن ولم يلدن، ولم ينجبن أطفالاً، وأنه كلما كانت عاطفة الأمومة أقوى لدى المرأة، كانت قدرتها أعظم، على تحويل ما لديها من حنان وعطف نحو موضوعات إجتماعية، أو خيرية أخرى، أو نحو أطفال يتامى جديرين بالعطف والرعاية والحنان.
وما يقال عن الزوجة، يقال أيضاً عن الزوج، فهو يشعر بأن الطفل الذي أنجبه، والذي يحمل أسمه، هو إتمام لشخصيته الاجتماعية، وتزكية لرجولته، ولكن في حالة تعذر الأبوة العضوية، توجد هناك كذلك أنواع من الأبوة الروحية، في إمكانه تحقيقها في صحبة شريكة حياته، دون أن يضطر إلى تحطيم قلب، والحكم على امرأة لا ذنب لها، بأن تعيش على هامش المجتمع.
وتبقى الإجابة على السؤال: هل عدم إنجاب الأطفال سبب كاف لتبرير الطلاق؟ وهل يستلزم حتماً فصل الزوجين بعضهما عن بعض بالطلاق، ليس هذا الموضوع مما يسمح بحله بنعم أولاً... لكن الواقع يشير؛ أن وجود الطفل لا يحول دائماً دون تفكك الأسرة وتحطيمها، مما يقيم الدليل، على أن إنجاب الأطفال لم يكن الغرض الأساسي للحياة الزوجية. فإذا كانت الزهرة الجميلة أو الثمرة الطيبة، دليلاً على وجود الشجرة وسلامتها، فليست الزهرة أو الثمرة هي جوهرة الشجرة. فلا بد أن تكون الشجرة في جوهرها سليمة لكي تزدهر وتنتج الثمار. وهل من الحكمة أن نقتلع الأشجار التي لا تثمر، وأن نعد شكلها الجميل، وظلها الوريف أمراً لا قيمة له؟ فالظل قد يكون رمزاً للأمان، وحاجة الإنسان إلى الأمان والطمأنينة، لا تقل عن حاجته إلى الطعام والشراب، فقد تفوق السعادة المعنوية، ما قد تقدمه لنا الحواس من لذة ومتعة خاصة في مداعبة الأطفال وملاطفتهم. |
|