رسالة هرتزل إلى روتشيلد
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 71"
رسالة هرتزل إلى روتشيلد
15/ 6/ 1895
لقد تركنا مفاوضينا الدبلوماسيين في أمريكا الجنوبية، يتممون معاهدات الاحلال مع الدول هناك. لقد انتهت هذه المعاهدات الآن ونحن متأكدون من البلاد التي سنحتلها.
ليس هناك شك من أن هذه العملية شرعية ولكنها ليست خالية من الوساوس، نحن نعرف أن الثمن يزداد ازديادا لا يدرى به البائع فى البدء ولهذا السبب وبعد أن تتم معاملات البيع والشراء نعطى البائع حق الاختيار بين أن يقبض الثمن نقدا أو يأخذه أسهـما حسب القيمة الاسمية. أما اذا ظن بأن الأمر كله خديعة فانه بذلك يسيء الى نفسه أكثر. وعلى كل حال فلن يكون علينا لوم فى شىء.
ان أرض اليهود الجديدة يجب ان تستكشف وتستخدم بجميع الوسائل الحديثة. وعندما يقرر علماؤنا الجغرافيون البقعة التى سنأخذها وبعد ان تتم معاملات الشراء وعقوده الدولية والخاصة، ستسير سفينة الى ذلك المكان لتستلم الأرض. ستحمل هذه السفينة موظفين اداريين وفنيين مختلفين ومندوبين من الجماعات المحلية.
سيكون عمل هؤلاء الرواد مقسما فى ثلاثة أمور.
أولا: دراسة خصائص البلاد الطبيعية درسا دقيقا.
ثانيا: تأسيس ادارة مركزية محكمة.
ثالثا: توزيع الأراضي.
وهذه الأعمال الثلاثة تتلاحم معا، ولابد أن نوسعها بحكمة لتتناسب وغايتنا التى هي معلومة لدى الجميع.
هناك أمر واحد لم نوضحه بعد، وهو طريقة توزيع السكان على المناطق المختلفة بالنسبة للجماعات المحلية. شرط مهم هنا ان نفكر بالطقس ونعطي لكل فئة ما يشبه الطقس الذى هم متعودون عليه فى مكان اقامتهم الأول بعد هذا التقسيم العام تأتى الاعتبارات الأخرى الخاصة..
وسيكون كل شىء منظما منذ البدء، وحتى على السفينة التى ستسير لاحتلال البلاد سيعرف كل واحد مهمته واضحة، العلماء والفنيون والرؤساء والموظفون وأخيرا وأهم الجميع الممثلون المعتمدون للجماعات المحلية.
وعندما تبدو بلادنا الجديدة من بعيد سيرتفع علمنا على سارية.
هرتزل حول مقابلته مع دوق بادن الأكبر
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلي عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 77 - 78"
هرتزل حول مقابلته مع دوق بادن الأكبر(*)
13 / 4/ 1896 ان مهمتى هذا المساء هو أن أقنع الدوق الكبير، بأن يحصل لى على مقابلة مع القيصر وأيضا أن يتكلم عنى وعن قضيتى عند دوق هس الكبير حمى قيصر روسية، اذ لا بد من أن يتكلم دوق هس الكبير فى سانت بيترزبرغ عندما يحضر تتويج قيصر روسية.
لقد اهتم دوق بادن الكبير باقتراحى بأن تقوم دولة منذ البدء .. وكان الشىء الوحيد الذى يخشاه من مساندة القضية هو ان يساء فهم هذه المساندة وينظر اليها كعمل لاسامى. فطمنته ان الذين سيذهبون من اليهود هم فقط الفئة التى تريد الذهاب. فاليهود مثلا الذين فى بادن راضون عن حكمه ولن يهاجروا ولهم حق فى ذلك. وكنت اثناء حديثى معه أعود بين الوقت والآخر الى موضوع صداقته لليهود لاقنعه بأنه اذا ساعد قضيتنا، لن يبدو ذلك معاديا لليهود أبدا، وانه من واجبنا نحن زعماء اليهود أن نقنع الشعب أن تأسيس دولة يهودية هو من صالح اليهود وليس اضطهادا لهم. واضفت اذا انتشر خبر معاملتك الحسنة لليهود فسوف ينهال على دوقيه سموكم عدد كبير منهم مما قد لا تحمد عقباه.
تطرق الدوق الكبير الى ما ذكرته الصحف عن سوء حال اليهود الذين هاجروا الي لندن. فقلت: لهذا بالضبط يتوجب ايجاد قوة تراقب الامور، ولهذا لا يمكن الاستغناء ابدا عن اعتراف الدول الكبيرة بنا منذ البدء. أجاب الدوق الكبير، ان المانية لن تبادر الى الاخذ بمثل هذا العمل، أولا لانها لا تهتم بالمسالة الى القدر الذى تهتم به النمسة التى فيها المشاكل اللاسامية بسبب لويجير. ان اليهود فى المانيا ليسوا كثيرين، ولن يؤثر تركهم حتى ولا فى الحالة الاقتصادية. أو يحسنها وهنا عدت الى القول بأن الفائض من اليهود فقط سيترك. وشرحت له ان الممتلكات التى يمكن نقلها لن تكون لاصقة بالبلد التى هى فيه بالضرورة وكيف انه بعد ايجاد حل للمسألة اليهودية سترجع الى أكثر ما كانت عليه كذلك أتيت على ذكر الخطر الذى سيكون فى البلاد بسبب كثرة رؤوس الاموال ذلك انها سوف تشجع الصناعة فى البلاد البعيدة وبيد عاملة أرخص. لن يحتاج الصينيون أن يأتوا الى أوربة لان المصانع أصبحت تقام لهم هناك وهكذا بعد أن هددت اميركة الزراعة، أخذ الشرق الاقصى يهدد الصناعة ولمنع هذا فأنا أدعوا الى حركة تعمل على جبهتين: تصفية الفائض من اليهود والعمال، وحفظ رؤوس الاموال الدولية تحت المراقبة. سيضطر اليهود الالمان أن يرحبوا بهذه الحركة، لانها ستحول عنهم انهيال يهود شرق أوربة. وكان
(*) "يوميات هرتزل" - اعداد انيس صايغ - سلسلة كتب فلسطينية.
الدوق إلكبير يعلق طيلة الوقت على كلامى بقوله: حبذا لو حصل ذلك. ثم التفت الى هكلر وقال: اظن انه لا أمل من التعاون بين انجلتره والمانية، لان العلاقات بين البلدين سيئة الآن. اتظن ان انجلتره ستسير فى المشروع؟ فقلت: يجب أن يفكر يهودنا الانجليز بالأمر. فقال الدوق الكبير بشىء من الاستياء: اذا استطاعوا ذلك ... قلت: ان القضية ستكون أقوى وقعا اذا اذيع ان دوق بادن الكبيرمهتم بها. فصاح: هذا ليس صحيحا، ليست لي كل هذه السلطة. حبذا لو ساند القضية قيصر المانية او ملك بلجيكة. ولكنى عدت الى التشديد عليه قائلا: ولكن دوقا مجريا مثلك، انت الذى ساعدت فى صنع الامبراطورية الالمانية، أنت الذى يستشيرك قيصر المانيا، اذا أنت سندت المشروع فسوف تثبته. ان سموك هو مستشار القيصر.
ثم سألنى الدوق الكبير ما اذا كنت عملت شيئا بخصوص السلطان وهنا أخذت اشرح له الفوائد التى ستعود على الشرق من هذا المشروع. اذا تم تقسيم تركية في المستقبل القريب فسوف تقف الدولة التى تقام فى فلسطين دولة حاجزا. هذا ونستطيع ان نلعب دورا كبيرا فى المحافظة على تركية نستطيع ان نسند السلطان سندا قويا بالمال، اذا هو تخلى لنا عن قطعة أرض لا قيمة كبيرة لها عنده.
وتساءل الدوق الكبير ما اذا كان من الافضل أن يذهب بضع مئات الآلاف من اليهود أولا الى فلسطين ومن ثم تثار القضية. فقلت بحزم: انا ضد هذا لانه يعنى ادخالهم بالسر، مما يعنى ان هؤلاء اليهود سيجابهون السلطان كمتمردين. اريد أن أقوم بكل شىء علانية، أريد ان أعمل ضمن القانون. اذهله كلامى الحازم هذا أولا ولكنه ما لبث ان وافقنى. ثم توسعت فى موضوع الفوائد العامة التى ستجنيها أوربة من هذا المشروع سنرجع الصحة الى مركز الوباء فى الشرق. سنبنى سكك حديد فى آسية - ونشق الطريق للامم المتحضرة، وهذه الطريق لن تكون فى يد دولة كبيرة واحدة بل للجميع. قال الدوق الكبير: ان هذا سيحل المسألة المصرية تتمسك انجلترا بمصر فقط للمحافظة على طريقها للهند، ولكن مصر تكلفها أكثر مما تساوى.
وسأل هكلر، هل لروسية مخططات فى فلسطين؟ اجاب الدوق الكبير لا أظن ذلك لان روسية ستبقى بعد مدة طويلة مشغولة بالشرق الاقصى.
وسألته: هل يظن سموك انه باستطاعتى ان أحظى بمقابلة قيصر روسيه؟ قال: ان التقارير الاخيرة تقول بأن القيصر لا يقابل أحدا، انه لا يقابل الا وزراءه عند الضرورة ولا أحد غيرهم. على انه يمكن المحاولة مع هس فربما استطاع ان يضع كتابك بين يديه.
هرتزل حول وقوف اليهود مع تركيا ضد الشعب الأرمني
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، ووزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 79"
هرتزل حول وقوف اليهود مع تركيا
ضد الشعب الأرمنى(*)
7 /5 /1896 جاء نيولنسكى ليزورنى وكنت قد اتصلت به تليفونيا. واطلعته باختصار على تطورات القضية، أخبرنى انه قرأ كراستى قبل ذهابه الى القسطنطينية وتحدث عنها مع السلطان، وان السلطان قال انه لن يتخلى أبدا عن القدس. يجب أن يبقى جامع عمر بيد المسلمين دائما. قلت له، سندبر هذا الامر سنجعل القدس خارج حدود الدولة، وبهذا لا تكون لأحد وحده وتكون للجميع فى الوقت نفسه - المكان المقدس يمتلكه كل المؤمنين، بلد الثقافة والاخلاق المشتركة، وكان نيولنسكى يعتقد ان السلطان يفضل ان يعطينا أناضولية لان المال لا يعنى شيئا له، وهذا شأن كثير من الحكام. ولكن هناك طريقة أخرى يمكن ان تؤثر على السلطان بها، وهى مساندته فى قضية الارمن. ونيولنسكى الان يقوم بمهمة سرية للسلطان، ارسله السلطان الى اللجان (الارمنية) فى بروكسل وباريس ولندن، ليحملهم على الاذعان له، فاذا ما قبلوا فسوف يمنحهم السلطان عن طيب خاطر الاصلاحات التى - رفض ان يعطيهم اياها تحت ضغط القوى الكبيرة. لذلك طلب منى نيولنسكى ان أؤمن مساعدة اليهود للسلطان فى مسألة الارمن، حتى ينقل للسلطان هذا الخبر الذى سيرضي السلطان ويحرز تقديره. وجدت الفكرة هذه ممتازة، ولكنى أخبرته اننا لن نعطي هذه المساعدة مجانا، سنعطيها فقط بدلا عن خدمات مؤكدة لقضية اليهود. وهنا أشار نيولنسكى ان ما يطلب منا هو ان نساعد على الحصول على هدنة من الارمن. كانت اللجان قد قررت القيام باضراب فى تموز، يجب ان نقنعهم بالانتظار شهرا. وخلال هذه المدة نقوم بمفاوضات مع السلطان، وبما ان نيولنسكى اصبح مهتما بقضية اليهود، يريد ان يماطل في مسألة الارمن ليستفيد من ذلك، لانه يرى فى ذلك ان قضية تسند أخرى. وقد قلت له: انك ستستفيد من قضية اليهود أكثر من قضية الارمن، انا نفسى لا أستطيع ان أعدك بمال ولكنى سأوصى بك رجالنا الأثرياء. ونيولنسكى الذى هو على علاقات طيبة مع السلطان يؤكد بأن بهذه الخطوة تستطيع ان تنجح ولكنه يجب ان لا تتدخل اى الاوساط السياسية، بل بالعكس ربما كان من الافضل ان تعاكسنا هذه الاوساط وعندها نحصل على ما نريد من السلطان الذى سيفعل ذلك ليكيدهم.
وفى المساء شرح لى ابن عم زوجتى حالة تركية الاقتصادية. ولذا فانا أرى الآن أن الخطة المالية التى يجب ان نسير عليها هى ان نضع نهاية لبعثة الحماية الأوربية ونحمل على عاتقنا مهمة التحويل فنكون بهذا قد خلصنا السلطان من خضوعه للحماية بحيث يستطيع أن يأخذ ما يريد من الديون الجديدة.
(*) "يوميات هرتزل" - اعداد أنيس صايغ - سلسلة كتب فلسطينية.
هرتزل - مباحثاته مع جاويد بك
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 81 "
هرتزل - مباحثاته مع جاويد بك(*)
8 /6 /1896 كانت معارضاته ما يلى: مصير الاماكن المقدسة. قال ان القدس يجب ان تظل تحت الادارة التركية، لان اى تغيير فى ذلك سيسىء الى مشاعر الناس الدينية. فوعدته ان تبقى القدس خارج حدود الدولة، لان الاماكن المقدسة التى تخص العالم المتمدين يجب ان تكون للجميع وليس لاحد بالذات وفى النهاية لابد ان نقدر على ابقاء القدس على حالتها الراهنة. وسأل جاويد بك عن العلاقة التى ستكون بين الدولة اليهودية وبين تركية، وهو سؤال يشبه تماما ما سأله زياد عن تبعية فلسطين لا استقلالها. قلت اننى ارى النجاح لا يتم بالاستقلال، ولكننا على اى حال سنتحدث فى نوع من الحكم مثل ذلك الذى فى مصر او فى بلغاريا، أى علاقة فرعية. وأخيرا سأل جاويد عن نوع الحكم الذى سيكون لهذه الدولة. أجبت: جمهورية ارستقراطية. فاحتج جاويد بشدة قائلا. اياك ان تذكر كلمة "جمهورية" للسلطان. ان الناس هنا يخافون منها خوفهم من الموت. انهم يخافون أن تنتقل عدوى هذا النوع من الحكم الثوري الى كل مقاطعة. فاخبرته ان ما أفكر به أنا هو نوع من الحكم، يشبه الحكم الموجود فى البندقية. هذا وتوسلت اليه ان يكون موجودا فى المقابلة التى رتبت لى مع أبيه الصدر الأعظم خليل رفعت باشا. وقد وعدنى بذلك.
(*) "يوميات هرتزل" - اعداد أنيس صايغ - سلسلة كتب فلسطينية.
هرتزل حول قرار فلسطينى من السلطان
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 الى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 83"
هرتزل حول قرار فلسطينى من السلطان(*)
15 /6 /1896 تصرف عشرين مليون ليرة تركية لنصلح الاوضاع المالية فى تركية ندفع من هذا المبلغ مليونين بدل فلسطين. وهذه الكمية تستند على تحويل رأس مال من مدخول الحكومة الحاضر الذى هو ثمانون الف ليرة تركية فى السنة. وبالثمانية عشر مليونا تحرر تركية من بعثة الحماية الاوربية أما أصحاب الاسهم من الفئات الأولى والثانية والثالثة والرابعة فسوف نحملهم على الرضى بازالة البعثة وذلك باعطائهم امتيازات خاصة - فوائد أعلى وتمديدا لملكية الارض الخ.
(*) "يوميات هرتزل" - اعداد أنيس صايغ - سلسلة كتب فلسطينية.
هرتزل - ما نقله نيولنسكي إلى هرتزل حول رأي السلطان عبدالحميد في بيع فلسطين لليهود
"ملف وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949، وزارة الارشاد القومي، ج 1، ص 85"
هرتزل - مانقله نيولنسكى الى هرتزل(*)
حول رأى السلطان عبد الحميد فى بيع فلسطين لليهود
19 /6 /1896 قال السلطان لى: اذا كان هرتزل صديقك بقدر ما أنت صديقى فانصحه ان لا يسير ابدا فى هذا الامر. لا أقدر ان أبيع ولو قدما واحدا من البلاد، لانها ليست لي بل لشعبى. لقد حصل شعبى على هذه الامبراطورية باراقة دمائهم وقد غذوها فيما بعد بدمائهم وسوف نغطيها بدمائنا قبل ان نسمح لاحد باغتصابهـا منا. لقد حاربت كتيبتنا فى سورية وفى فلسطين وقتل رجالنا الواحد بعد الآخر فى بلفنة لأن احدا منهم لم يرض بالتسليم وفضلوا ان يموتوا فى ساحة القتال. الامبراطورية التركية ليست لى وانما للشعب التركى، لا أستطيع أبدا أن أعطى أحدا أى جزء منها. ليحتفظ اليهود ببلايينهم، فاذا قسمت الامبراطورية فقد يحصل اليهود على فلسطين بدون مقابل. انما لن تقسم الا جثثنا ولن أقبل بتشريحنا لأى غرض كان.
(*) "يوميات هرتزل" - اعداد انيس صايغ - سلسلة كتب فلسطينية.