الحرب القادمة بين "داعش" وحماس وليبرمان
فلسطينية تتفقد متبقيات منزل أسرتها الذي هدمته سلطات الاحتلال الاسرائيلي في القدس
يديعوت أحرونوتاليكس فيشمانيمكن لنا أن نأمل في أن تكون عيون رجال الاستخبارات والعمليات الإسرائيليين مركزة على المعارك حول الموصل في العراق، إذ أن الموصل هي مثال لمدينة غزة: ميدان تجربة للتكنولوجيات، التكتيكات والسلاح الغربي حيال مقاومة جسم متزمت من مقاتلي العصابات، ممن يقاتلون في سبيل حياتهم في منطقة مدنية كبيرة ومكتظة، فكيف يمكن لقوة ما ان تهزمهم والا تبقى عالقة في الوحل لسنوات طويلة؟
عندما يقول وزير الأمن لصحيفة "القدس" ان المواجهة التالية مع حماس ستكون الاخيرة، فانه يتحدث عن تصفية الحكم في غزة. وخلف مثل هذا القول ينبغي أن تكون خطة عسكرية، والا فلا قيمة لها. فمن أجل اسقاط حماس يحتاج الجيش لأن يعرض خططا لاحتلال مدينة غزة – القلب النابض للقطاع ولحماس – والبقاء فيها إلى حين تغيير الحكم، والموصل هي النموذج الواقعي للتعلم منه.
صحيح أن الجيش الإسرائيلي "احتل" من جديد مدنا فلسطينية في الضفة في 2002، في حملة "السور الواقي"، وراكم تجربة في القتال حيال منظمات شبه عسكرية وجهادية، ولكنه لم يواجه احتلال مدينة بحجم غزة بينما يتمترس في داخلها آلاف من حملة السلاح المفعمين بالايديولوجيا الجهادية، مع منظومات دفاعية اعدت على مدى سنين بموجب مفاهيم "المقاومة" القتالية التي يستخدمها داعش في الموصل. ففكرة "المقاومة"، التي تتحدث عن التضحية الشاملة في الصراع ضد الكفار والمتعاونين معهم، تطورت في ايران الخمينية وسيطرت ليس فقط على الشيعة المتطرفين بل وأيضا على حركات سنية متطرفة مثل داعش وحماس.
لقد تركز القتال البري لإسرائيل في غزة في العقد الاخير في هوامش المنطقة المدنية. واضح للجيش الإسرائيلي أن الأفخاخ الاستراتيجية ومناطق القتل التي تعدها حماس ليست بالذات الانفاق الهجومية بل المدن الكبرى، ولا سيما المدن التحت أرضية التي اقيمت اسفلها. في كل المواجهات الكبرى توقعت حماس دخول الجيش الإسرائيلي إلى المدن الكبرى، ولكن وزراء الأمن، مثل باراك ويعلون، ورؤساء الاركان تحتهم، لم يسمحوا لهذا أن يحصل، رغم الضغوط السياسية.
تعيش الموصل منذ اشهر في الظلام. سحابة سوداء من الدخان الاسود تغطيها بعد أن أحرق داعش آبار النفط كي يشوش على عمل الطائرات غير المأهولة. نهر دجلة وفروعه، التي تشق الموصل، اغرقت بالوقود الذي سيشعل مع دخول الجيش العراقي إلى المدينة. في غزة أيضا مخزون من الوقود وفي المعركة الاخيرة ستشعله حماس كي تصعب الامر على سلاح الجو.
في ضواحي الموصل اصطدمت القوات المقاتلة منذ الان بالأنفاق على أنواعها المختلفة – من أنفاق للتفجير، للاختطاف وللهجوم وحتى انفاق "الاقتراب" لاغراض الاستخبارات – إلى جانب الانتحاريين، السيارات المفخخة، العبوات الجانبية، الالغام، التفعيل من بعيد والقناصة الذين يطلقون النار من المساجد.
في الموصل نحو مليون نسمة، منهم 5 الاف – 6 الاف مقاتل من داعش. في غزة بين 700 الف سكانها يوجد اليوم اكثر من 10 الاف مسلح. يوجد غير قليل من الشبه بين فكرة الدفاع لدى حماس في غزة وتلك لدى داعش في الموصل. في الحالتين المقصود هو ايقاع خسائر غير معقولة في الطرف المهاجم. وفي الحالتين نقاط الضعف فيهما هي في المواجهة مع السلاح الموجه الدقيق والهجمات الجوية.
يستخدم الأميركان في جبهة الموصل قوات خاصة يفترض بها أن تعمل سرا حيال نقاط ضعف داعش، وان توفر للجيش العراقي وللقوات الكردية تغطية جوية ونار صاروخية دقيقة من الارض. وبالتوازي، يستخدمون وسائل متطورة للغاية لمواجهة العوائق من خلال التنصت، أجهزة التحكم الالي والقتال الالكتروني والنفسي. فاذا كان الجيش الإسرائيلي بالفعل يستعد لاحتلال غزة فانه ملزم بأن يطلع بفاعلية على هذه الوسائل.
لقد أعد الأميركيون العراقيين لهذه المعركة لسنتين تقريبا ولديهم الوقت. صحيح أنهم كانوا يفضلون أن ينتهي احتلال الموصل عشية الانتخابات في الولايات المتحدة ولكن هذا لن يحصل. لحم المدافع في القتال هي قوات البيشمركا الكردية وألوية الجيش العراقي، وهذا يفعل كل الفرق بين غزة والموصل. ليس لدى إسرائيل أكراد وعراقيين ترسلهم إلى غزة. لحم المدافع هو لحمنا.