مشروع المعاهدة البريطانية
مع الشريف حسين (*)
(صيف 1923)
يتعهد صاحب الجلالة البريطانية بأن يعترف باستقلال العرب في العراق وشرقي الأردن والحكومات العربية الموجودة في شبه جزيرة العرب ما عدا عدن، وأما فلسطين فقد تعهد صاحب الجلالة البريطانية بأن لا يفعل في تلك البلاد شيئا قد يجحف بما للشعب العربي من حقوق مدنية ودينية.
ويعترف صاحب الجلالة الهاشمية بمركز صاحب الجلالة البريطانية الخاص في العراق وشرقي الأردن وفلسطين ويتعهد بأنه - فيما يقع ضمن حدود نفوذ جلالته الهاشمية من الأمور المتعلقة بهذه الأقطار - سيبذل أفضل جهوده للتعاون مع صاحب الجلالة البريطانية في سبيل قيامه بالتزاماته.
(*) نقلاً عن كتاب "مشكلة فلسطين والاتجاهات الدولية" الدكتور جلال يحيى.
قرار المؤتمر العربي الفلسطيني السادس
بمقاطعة المجلس التشريعي (*)
يافا 16 / 6 / 1923
قرر المؤتمر العربي الفلسطيني السادس المنعقد في يافا والممثل للأمة رفض مشروع المعاهدة الانجليزية - العربية المقدم لجلالة الملك حسين والذي نشرت حكومة فلسطين خلاصته لأنه مخالف للعهود المقطوعة للعرب ولحقوق الشعب الفلسطيني والمطالبة بالغاء السياسة الصهيونية وبانشاء حكومة وطنية نيابية مستقلة ورفض كل مشروع لا يضمن تحقيق مطالب الأمة.
(*) عيسى السفري، فلسطين العربية بين الانتداب والصهيونية، يافا. مكتبة فلسطين الجديدة 1937 ص 96.
بيان الوفد العربي الفلسطيني في لندن
إلى الرأي العام البريطاني حول الحالة في فلسطين (*)
15 / 8 / 1923
إن عرب فلسطين مسلمين ومسيحيين هم ثلاثة وتسعون في المائة من السكان. وهذه الأكثرية الساحقة لقصد ولأسباب قاطعت الانتخابات للمجلس التشريعي الذي حاولت الحكومة إنزال البلاد على أحكامه فكانت المقاطعة عبارة عن رفض رسمي لذلك الدستور الذي قام على أسس السياسة الصهيونية وكان مناقضا للعهود المقطوعة للعرب في سنة 1915 و1918 ومجحفا بحقوق عرب فلسطين السياسية والاقتصادية وسائر الحقوق الحيوية.
وتأليف ذلك المجلس التشريعي من عشرة أعضاء عرب منتخبين فقط ازاء عشرة أعضاء رسميين معينين ( بعضهم الآن يهود ويمكن أن يكونوا كلهم يهودا بعدئذ ) وعضوين يهوديين منتخبين وصوت المندوب السامي المرجح هو تمثيل غير عادل سيما بالنظر للسلطة الاوتوقراطية التي أبقيت في يد المندوب السامي.
وقد أعلن فشل الانتخابات رسميا من قبل الحكومة البريطانية التي كان يأمل منها المخلصون أن تعتبر وتقدر هذه النتيجة الصادقة تجربة نهائية ورسمية لسياسة صهيونية غير عادلة ومستحيلة التطبيق في فلسطين. إلا أنها - خلافا لكل حسبان - رأيناها التجأت إلى محاولة أشد بعداً عن الانصراف في سبيل ترقيع سياستها. نعني تأليفها مجلسا استشاريا يضم من الأعضاء غير الرسميين نفس النسبة المذكورة أعلاه على أن يعينهم المندوب السامي تعيينا. وهذه أيضا لم يقدر لها غير الفشل وفشلت فعلا فإن المندوب السامي لم يستطع إيجاد العشرة من بين السبعمائة ألف إلا كما يلي: أربعة من أعضاء مجلسه الاستشاري الذي ألفه سنة 1920 ولم يلغ وأربعة من رؤساء البلديات المعينين من قبل الحكومة والتاسع عضو لجنة رسمية والعاشر فقط من طبقة جديدة.
ومع ذلك فإنهم جميعا انسحبوا لسبب معقول وهو أن قبولهم الخدمة في هذا المجلس بعد حصول فشل الانتخابات للمجلس التشريعي قد يعد قبولا منهم بذلك الدستور الذي رفضه الشعب وهم أبناؤه.
ثم إن حكومة فلسطين عادت فارتكبت محاولة أغرب وأبعد عن التصور من أخواتها ففي شهر تموز الأخير أعلنت رسميا لأولئك العشرة المعينين من قبلها أن
قبولهم تعيينها لهم لهذا المجلس لا يعتبر كقبول منهم بالدستور. وكان ذلك منها مغالطة بينة ومع ذلك فأربعة فقط من أولئك العشرة (الذين يجب أن نذكر أن اثنين منهم رئيسا بلديتين معينان من الحكومة وواحدا منهم عضو في المجلس الاستشاري العتيق وواحدا عضو لجنة رسمية بالتعيين) لم يستطيعوا حتى الآن صد رغبة الحكومة التي بيدها أمر وظائفهم ذات المعاش. أما الستة الآخرون فقد رفضوا هذا التعيين ثانية ولذلك فتأليف هكذا مجلس استشاري لا يزال حتى الآن بعيدا عن حيز الحقيقية ثم لنفرض أن حكومة فلسطين توقفت في آخر الأمر إلى الحصول على عشرة أفراد من الأمة العربية يقبلون عضوية هذا المجلس - سواء بالإغراء أو الإرهاب أو أي وسيلة أخرى - حبا منها في إيهام العالم في الخارج أن العرب أخيراً وافقوا على الاشتراك في السياسة والإدارة الحاليتين فإن المسألة الباقية تكون بعيدة عن الانصاف الذي بموجبه يصح التسليم بأن مثل هذه الهيئة أو المجلس مما يصح اعتباره موفيا بالحقوق والمصالح الحقة التي هي للسبعمائة ألف عربي من أهالي فلسطين الذين وضعت لهم الحكومة الحالية بدون إرادتهم دستورا بديلا عن المجلس التشريعي الآنف الذكر. فنحن الوفد العربي الفلسطيني المتكلم باسم هذه الأكثرية الساحقة نحتج بكل شدة على مواصلة مثل هذه المحاولات ومثل هذه السياسة ونكرر أيضا بيان غرضنا من القدوم إلى لندن قائلين بأنه الرغبة في تنوير الحكومة البريطانية والشعب البريطاني عن حقائق الحال في فلسطين والدفاع عن مصالح شعبنا وحقوقه ورفض كل مشروع غير متفق مع تلك الحقوق والمصالح التي قطعت العهود للاعتراف بها ولتأييدها من قبل بريطانيا العظمى. وإن اعتقادنا الثابت الراسخ في الإخلاص هو أن البادرة إلى انشاء حكومة نيابية وطنية في فلسطين هو الدواء الوحيد للحالة الحاضرة. هذه هي رسالتنا للشعب البريطاني.
ثم إن طلبنا الاجتماع باللجنة الوزارية التي أنيط بها التحقيق في القضية الفلسطينية قد رفض لكونه "غير ممكن" إننا صرحنا وأوضحنا أن طلبنا من تلك اللجنة أن تستمع لنا كان قائما على شديد رغبتنا في تقديم حل عادل للمعضلة الفلسطينية على أساس الحقائق والوثائق الخطية (أي الحقائق المبنية على وثائق ومستندات) وأننا نعلم أيضا أن المندوب السامي كان قد بسط القضية الصهيونية لهذه اللجنة الوزارية.
وفى الختام إننا نغتنم هذه الفرصة لرد تلك الفكرة غير الصحيحة فكرة وجود أيما حزب أو تشكيل حزب متطرف أو معتدل في فلسطين فإن الجمعية العربية الوحيدة في فلسطين هي الجمعية الإسلامية المسيحية المنتظم فيها السبعمائة ألف والممثلة في مؤتمرها العربي الفلسطيني. وليست هيئات هذه الجمعية التمثيلية بعيدة عن التطرف فقط بل إنها لا تطلب شيئا أقل أو أكثر من حقوقها ومصالحها القومية التي حصل التعهد بالاعتراف بها وتأييدها من قبل بريطانيا العظمى. ولذلك فاستعمال كلمة تطرف بهذه العلاقة يكون من قبيل ما لا معنى له أو من قبيل المغالطة المقصودة.
رئيس الوفد العربي الفلسطيني
* فلسطين. يافا. 4 / 9 / 1923.
رد اللجنة التنفيذية على ملاحظات المندوب السامي
حول مذكرة اللجنة المرفوعة إلى لجنة الانتدابات
التابعة لعصبة الأمم في جنيف (*)
28 / 10 / 1924
فخامة المندوب السامي
ردا على كتابكم المؤرخ في 21 الجاري عهد إلي أن أعرض مايلي:
إن من دواعي الأسف الشديد عدم تمكن فخامتكم من نشر التقرير المقدم من قبلكم إلى لجنة الانتدابات في "عصبة الأمم" بصفتكم المندوب السامي في فلسطين. وإن هذا التكتم ربما فسر من قبل سكان البلاد بأن التقرير المطلوب نشره يحتوي على بعض نقاط لا تتفق مع الحقائق أو مع مصلحة البلاد وذلك بقطع النظر عن الاعتقاد السائد بأن هذا التكتم لا يتفق مع أعظم المبادئ السياسية المعمول بها في هذا العصر والمقررة من قبل "عصبة الأمم" وجميع المعاهدات السياسية الأخرى وهي إبعاد المعاملات السياسية عن التكتم والتستر.
ويعتقد أيضا بأن مناقضتكم لثلاث عشرة نقطة من النقاط التي احتوى عليها التقرير المقدم بواسطتكم إلى لجنة الانتدابات من قبل اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الفلسطيني السادس في حين أنكم تحجمون عن نشر تقريركم لا تتفق مع مبدأ الانصاف العالي الذي تتحلى به الصفات الإنجليزية. إن المناقضات المذكورة قد درست درسا عميقا فوجد أن كل واحدة منها إما مغلوط أو منظور إليها من جهة واحدة أو مخالفة للحقيقة الناصعة كما سأبين فيما يلي باختصار:
1 -
إن قول فخامتكم أن المجلس التشريعي الإسلامي لم يتألف بعد مطالبة المسلمين من أهل فلسطين بذلك بل كان تأليفه من دافع الحكومة الذاتي هو قول مغلوط فالحقيقة التي لا مراء فيها أن جميع الصحف العربية في فلسطين قد نشرت مقالات طويلة ممتعة منذ سنة 1919 مظهرة رغبة الأهالي الشديدة في تأليف مجلس كهذا. ولا ريب أن فخامتكم تتذكرون جيدا أنه عند زيارتكم نابلس للمرة الأولى رفعت تلك البلدة الإسلامية باسم مسلمي فلسطين إلى فخامتكم هذا الطلب كأول مطلب للأمة يقضي قبوله حالا ثم إن المؤتمر العربي الفلسطيني الثالث المنعقد في حيفا في ديسمبر سنة 1920 قد تذاكر بشدة في هذا الموضوع وجعله من أهم الأمور التي ترك الاشتغال بها للجنة التنفيذية.
2 -
إن فخامتكم تخالفون اللجنة التنفيذية في قولها إن قانون منع التصدير قد سن لأجل إسقاط أسعار الأراضي وإكثار بائعيها. ولكن لو حكمنا على هذا القانون مستندين على النتائج القريبة والبعيدة التى تولدت منه وجدنا سببا له غير ذلك. إن سعر القمح كان قبل تطبيق هذا القانون من 95 - 120 قرشاً مصريا للطبة يختلف باختلاف المواسم التي كانت تباع فيها ولكنه سقط بعد تطبيق هذا القانون إلى 25 - 32 للطبة، وبقي على هذا الحال إلى هذه السنة إذ ارتفع من 35 إلى 50 بسبب قلة المحصول منه في الأسواق العالمية. ومنذ ما سقطت الأسعار إلى هذا الحد كان سعر العمل عاليا جدا ولم يتأثر بذلك السقوط فلذا كانت خسارة المزارعين في السنة التي تلتها كبيرة جدا وعليه فقد تدنت أسعار الأراضي. وإن جودة موسم ذلك العام لم تكن لتظهر أنه كان يخشى من نقص في هذا المحصول كما تقولون.
3 -
إن فخامتكم تنكرون أن تطبيق القانون التركي للأراضي المحلولة قد اضطر الكثيرين إلى بيع أراضيهم. يلاحظ هنا أن الذين يبيعون أراضيهم لا يذكرون أسباب البيع للحكومة ولذلك ليس من السهل أن تنفى هذه الحقيقة بقول عمومي لا يستند إلى تحقيق دقيق. وبالحقيقة يمكن سرد حوادث معينة كثيرة تؤيد قول اللجنة منها أن قطعة أرض كبيرة جدا تباع اليوم من قبل أحد معارف اللجنة لا لسبب سوى خشية تطبيق هذا القانون.
4 -
إن فخامتكم تقولون في مناقضة اللجنة أنه في القسم الأخير من سنة 1923 لم يدخل إلى فلسطين سوى مائة من العمال اليهود، وأن العدد الصغير من غير هؤلاء من المهاجرين كانوا من صنف الذين ينتسبون إلى عائلات تقطن في فلسطين. أو من الذين لديهم من الوسائط المستقلة التي تمكنهم من العيش في البلاد بدون أن يكونوا عالة على غيرهم. ولكن من الحقائق الظاهرة أنه في تلك السنة دخل بصورة غير مشروعة إلى فلسطين من الحدود السورية عدد كبير من مهاجري اليهود. ثم إن حوادث الانتحار أو الشروع في الانتحار التي وقعت بين مهاجري اليهود المنتسبين إلى الصنف الثاني المذكور آنفا مع تصريح هؤلاء بأن أقدامهم على هذا العمل كان مسببا عن الفقر المدقع يظهر أن الكثيرين ممن ادعوا أن لديهم وسائط مستقلة للمعيشة قد ادعوا باطلا.
5 -
إن مناقضة فخامتكم لقول اللجنة إن توزيع قوى البوليس لم يكن منتظما بل اتبع الحاجة إلى حماية السياسة المتبعة لا أساس لها. فلو راجعنا سجلات البوليس لوجدنا الحالة المخجلة التي كانت عليها الطرقات العامة في جميع أنحاء البلاد بسبب عدم حمايتها بينما كانت قوى البوليس تقطن القدس وصرفند ويافا وحيفا بلا عمل حقيقي لانتظار الوقائع الناتجة عن تلك السياسة كل ذلك يؤيد ما أثبتته اللجنة في تقريرها وقد وضعت قوة من البوليس في منتصف أريحا - القدس فأنتجت تحسنا كبيراً في الأمن العام في تلك الطريق مما يؤيد قول اللجنة من أنها كانت خلوا من حراس الأمن العام عندما كانت تقع فيها تلك الحوادث المخجلة. وقس على ذلك عموم الطرق الأخرى.
6 -
ذكرتم أن مجموع ما يلحق الفرد من الرسوم في فلسطين هو 175 قرشا وليست 350 قرشا كما ذكر فى تقرير اللجنة. ويظهر أن فخامتكم قد استحصلتم هذا الرقم من ميزانية السنة الأخيرة التي صغرت جدا بعد إلحاح الأهلين. أما اللجنة فقد ذكرت بصريح العبارة في تقريرها أنها اتخذت كمعدل عن السنوات الأربع المقصودة في التقرير وهي من 1920 - 1924 السنتين المتوسطتين وهما سنتا 1922 - 1923 فمن هنا يظهر خطأ فخامتكم.
7 -
ذكرتم أن الرسوم التي تجبيها الحكومة من المزارع تعادل 13% من مجموع المحصول وليس 15% كما ذكرت اللجنة. وهذا خطأ واضح كما يتبين من الإيضاح التالي:
تتناول الحكومة باسم الأعشار 11% من المحصول يضاف إلى هذا 2 % هو عشر البذار الذي يعشر عادة في السنة السابقة ثم يعاد تعشيره من المحصول فيكون المجموع 13% ثم تتناول الحكومة ما يزيد عن 52 في الألف من ثمن المزارع كضريبة ويركو مما يعادل أكثر من 2% من المحصول السنوي فيكون جميع ما تتناوله من محصولها السنوي.
8 -
إن فخامتكم تخالفون اللجنة في قولها إن رواتب كبار الموظفين قد وضعت قبل أربع سنوات إذ كانت أسعار حاجيات المعيشة تعادل ثلاثة أضعاف أسعارها في هذه الأيام وذكرتم أنكم لم تتمكنوا من إيجاد أرقام تقارب هذا التعديل. ولكن لو أخذنا القمح وهو المادة الغذائية الأساسية التي تتبعها جميع أسعار الحاصلات المحلية لوجدنا أن سقوطها في هذه السنين الأربع كان أكثر من هذا التعديل. فالقمح كانا يباع قبل سنة 1920 بسعر 95 - 120 قرشا للطبة فسقط بعدها إلى 25-32 قرشا للطبة. أما أسعار المواد الواردة من الخارج من مأكول وملبوس فقد تدنت إلى أكثر من النصف ليس في فلسطين فقط بل في جميع أنحاء العالم. فلو أخذنا معدل جميع المستهلكات من محصوله ووارده لوجدنا أن أسعار حاجيات المعيشة على العموم قد تدنت إلى أكثر من ثلثها منذ وضعت تلك الرواتب وكان ذلك بالأكثر من سنة 1918 - 1920.
9 -
ذكرتم أن قول اللجنة التنفيذية من أن مكتب حاكم القدس يشغل عمارة كبيرة كانت تكفي لعموم دوائر الحكومة السابقة لا صحة له وأن تلك العمارة يشغلها اليوم علاوة على حاكم القدس إدارة المندوب السامي والسكرتير العام الخ. إن اللجنة تعتقد أنكم توافقونها على أن هذه الدوائر كانت لأمد غير بعيد تشغل عمارة أعظم كان يقال لها دار الحكومة وهما اليوم منزلكم الخاص. وإن هذا التقرير وضع للسنوات الأربع الماضية وليس لهذه المدة القصيرة وربما لم تعلم فخامتكم أن حاكم القدس في الحكومة السابقة كان يشغل غرفة واحدة وأخرى لمجلسه الإداري وثالثة لمدير تحريراته وكتابه. أما حاكم القدس اليوم فقد كان له في معظم السنين الماضية ما لا يقل عن خمسة مساعدين ورئيس كتاب وكتاب لكل منهم غرفة خاصة.
10 -
إن فخامتكم لم تفهموا المقصود من قول اللجنة أن اللغة العبرية لا يتكلم بها سوى 2% من سكان فلسطين. إن المقصود من ذلك أن الذين يتكلمون اللغة
العبرية في بيوتهم مع عائلاتهم ويستعملونها في معاملاتهم التجارية لا يزيد عن 2% من سكان فلسطين. وفي الحقيقة أنه لا يوجد أربعة آلاف بين يهود فلسطين يستعملون هذه اللغة كلغتهم البيتية والعادية. وإن اللجنة تعترف أنه يوجد بين اليهود أكثر من هذا العدد ممن يعرفون تلك اللغة ولكنهم يستعملون عادة اللغات الجرجونية والجرمانية والأسبانية والعربية. الخ. وليس اللغة العبرية.
11 -
تقولون فخامتكم إن رسم تصدير الخمر قد ألغي قبل الاحتلال البريطاني. إن هذه الحقيقة لا تجوز بغرض الحكومة غير المشروع في إبقاء هذا التفضيل، فقد كان يجب على هذه الحكومة أن تساوي بين جميع المصدرين بأن تلغي هذا الرسم تماما أو تتقاضاه من مصدري الخمور كما تتقاضاه من غيرهم.
12 -
إن فخامتكم تناقضون قول اللجنة التنفيذية أن جميع الطرق والسكك الحديدية التي أنشئت بعد الاحتلال كانت كلها من وإلى المستعمرات اليهودية ولكنكم في تعداد هذه الطرق المنشأة حديثا قد أيدتم قول اللجنة. وذلك يتبين لفخامتكم بعد أن تلاحظوا أن الطرق ما بين الناصرة - طبريا - صفد - عفولة - والناصرة حيفا وطول كرم قلقيلية لم تنشأ بل أصلحت اصلاحا وعلى هذا فهي لا تدخل في نطاق بحثنا وكل ما أشرتم إليه من الطرق سوى طريق بيت جالا - بيت نبالا وصرفند المنشأة لمقاصد عسكرية كانت كلها من أو إلى مستعمرات يهودية.
13 -
إن إنكار فخامتكم قول هذه اللجنة أن الحقوق المشروعة للسكان العرب القاطنين في الأراضي الواقعة ضمن مشروع امتياز القبارة لم يؤبه إليها يناقض الحقيقة الناصعة وهي أن فخامتكم منذ منح هذا الامتياز إلى اليوم قد ألفتم ثلاث هيئات متواليات للبحث في أمر هذه الحقوق. وقد كانت كل هيئة تظهر أكثر. من سابقتها شيئا من هذه الحقوق المغموطة في ذلك الامتياز السري. وقد وقع جدال عنيف طال أكثر من ثلاث سنوات ضاعت آمال السكان خلالها في حقوقهم فرضخوا بتأثير صهيوني غير مشروع وتأثير الحكومة على أن يقبلوا عوضا ما يزيد عن الثلاثين ألفا من الدونمات 3500 دونم ألقاها الغاصبون إليهم.
وبالختام إن اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الفلسطيني كانت ترحب بانتقاد الحكومة للنقاط التي هي أكثر أهمية من هذه النقاط الثلاث عشرة المرفوعة في التقرير المذكور. وهي تأمل من فخامتكم أن تنظروا بالإمعان ليس فقط إلى شرحها على هذه النقاط بل إلى جميع النقاط الواردة في التقرير فهي أمور يتضرر منها السكان تضرراً محسوسا مؤلماً.
وتفضلوا....
سكرتير اللجنة التنفيذية
جمال الحسيني
* فلسطين - يافا - 5 / 12 / 1924.