منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75457
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية Empty
مُساهمةموضوع: الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية   الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية Emptyالسبت 29 أكتوبر 2016, 11:10 pm

الكتاب الأبيض لسنة 1930 (*)

         بيان الخطة السياسية لحكومة جلالته البريطانية:

         قد كان تقرير اللجنة المخصوصة برئاسة السير ولتر شو الذي نشر في شهر نيسان مبعثا لجدال عنيف ظهر في أثنائه أن هنالك سوء فهم كبير حول ما قامت به حكومة جلالته في الماضي عن الأعمال في إدارة فلسطين وما تقصد القيام به في المستقبل وأصبح من المؤكد أن الحالة تستدعي الإسراع في نشر بيان واضح شامل عن الخطة السياسية يرمي إلى إزالة سوء الفهم هذا وما نشأ عنه من التباس وتخوف غير أن إعداد مثل هذا البيان اقتضى اتخاذ تدابير أولية ضرورية أفضت حتما إلى تأخير إتمامه.

         1 - وقد لفت تقرير لجنة شو النظر إلى بعض نواح من المشكلة رأت حكومة جلالته أنها تستدعي اجراء تحقيق عاجل شامل بالنظر لما لها من صلة وثيقة بالسياسة المقبلة. ولذلك تقرر أن يوفد إلى فلسطين محقق كبير الاختبار (هو السير جون هوب سمبسون) للتداول مع المندوب السامي بشأن تسوية الأراضي والمهاجرة وترقية الشئون الاقتصادية وتقديم تقرير بذلك إلى حكومة جلالته. وبالنظر لأهمية هذه المواضيع البارزة ولتماسك بعضها ببعض تأكد لحكومة جلالته بأن ليس في الاستطاعة وضع بيان عن الخطة السياسية قبل أن تأخذ بعين الاعتبار تقريرا وافيا مفصلا عن الحالة في فلسطين فيما يتعلق بهذه الأبواب الثلاثة الهامة مما في استطاعة السير جون هوب سمبسون وصفه بجدارة وقد ألح على حكومة جلالته بشدة أن يتقدم استلام تقرير السير جون هوب سمبسون إصدار تصريح عن السياسة المقبلة التي تود السير عليها. غير أن حكومة جلالته رغما عن تقريرها للحاجة الماسة التي تستدعي الإسراع في إصدار مثل هذا التصريح رأت أنها ملزمة بالتمسك بقرارها من حيث انتظار تقرير السير هوب سمبسون معتبرة في ذلك على الأخص ما تجمع لديها من الأدلة بشأن صعوبة المشكلة وتعقدها الحاجة إلى تحقيق واف في جميع الحقائق الواقعية قبل الوصول إلى أية استنتاجات حاسمة.

         وقد قدم الآن السير جون هوب سمبسون تقريره ووضع هذا البيان بعد إمعان التدقيق في مضمون ذلك التقرير وفي غيره من المعلومات التي نشرت في المدة الأخيرة عن الحالة في فلسطين.

         2 - وفي بلاد كفلسطين حيث تتغاير في الوقت الحاضر بل تصطدم من بعض الوجوه أماني فريقي السكان ليس من المنتظر أن يأتي أي بيان عن السياسة مهما كانت صيغته موافقا كل الموافقة لأماني أي فريق غير أن حكومة جلالته تود أن تأمل بأنه سيكون لإزالة سوء الفهم السائد الآن ولتفسير مقاصدها تفسيرا أتم وأوفى الأثر الطيب في إزالة القلق وإعادة الطمأنينة لكلا الفريقين.


         وستبذل حكومة جلالته جهودها ليس عن طريق هذا البيان الحالي فحسب بل بما يليه من الأعمال الإدارية لإقناع العرب واليهود بتصميمها علي ترقية مصالح الشعبين الأساسية بكل ما أوتيت من قوة على العمل بكل ثبات حتى تتوصل إلى تكوين شعب ميسور الحال في فلسطين يعيش في أمان واطمئنان تحت لواء إدارة غير متحيزة راقية ومع ذلك فمن الضروري في هذا الصدد إيضاح نقطة واحدة هى من الأهمية بمكان كبير ذلك أنه في الظروف الخاصة المحيقة بفلسطين لا يمكن لأية سياسة مهما كانت نيرة جلية أومهما بذل من جهد في سبيل لتنفيذها أن يقيد لها النجاح ما لم تنل التأييد من جميع الطوائف التي وضعت لمنفعتها وخيرها ليس بقبولها فحسب بل بتعاونها عن طيب خاطر.

         ليس من حاجة في هذا المقام للبت في الحوادث المشئومة التي وقعت في العام الماضي وفي الأحوال المؤسفة التي نشأت عنها. غير أن حكومة جلالته ترى نفسها مضطرة لأن تلاحظ أنها لم تنل من الجانبين سوى مساعدة طفيفة في سبيل إزالة التنابذ الذي ساد بينهما في أثناء الأشهر التي توترت فيها العلاقات وزاد فيها القلق بعد اضطرابات آب سنة 1929 وبأن هنالك عقبة أخرى خطره أضيفت إلى الصعوبات التي نشأت عن الريب والخصومة المتبادلة بين الشعبين ألا وهي خطة عدم الثقة بحكومة جلالته التي غذتها حملة صحافية ساعدت على طمس حقائق الحالة وتشويهها. ولا حاجة إلى التأكد بأن توطيد السلام والرفاهية في البلاد في المستقبل اللتين يتوق إليهما كلا الشعبين يتوقف على تحسين العلاقات بين العرب واليهود.

         تلك هي الغاية التي ما فتئت تصبو إليها حكومة جلالته وهي تشعر أن في الإمكان الوصول إليها إن تعاون كلا الفريقين عن طيب خاطر مع الحكومة ومع إدارة فلسطين وتأكد من أن حكومة جلالته يمكن الاعتماد عليها عند قيامها بالالتزامات المرتبة عليها في صك الانتداب بل في جميع صلاتها بفلسطين بالمحافظة على مصالح كلا الشعبين والعمل على ترقيتها.

         3 - ويلوح أن كثيرا من سوء الفهم الذي أخذ يساور لسوء الحظ كلا الفريقين نشأ عن العجز عن فهم الواجب الملقى على عاتق حكومة جلالته بموجب أحكام صك الانتداب ولذلك فإن النقطة الثانية التى تشعر حكومة جلالته بوجود تأكيدها بأقوى حجة مستطاعة هي أن هنالك على حد البيان الذي أدلى بة رئيس الوزارة في مجلس العموم البريطاني في اليوم الثالث من شهر نيسان سنة 1930: -

         "تصريح يتضمن تعهدا ذا شقين الشق الواحد منهما للشعب اليهودى والشق الآخر للأهالي غير اليهود في فلسطين، ويظهر أن كثيرا من القلق الذي ساور النفوس في السنة الماضية نشأ عن عدم التأكد من أهمية هذه الحقيقة الأساسية للتأكد. وقد وجه كلا العرب واليهود إلى الحكومة سيلا من المطالب والملامة المستند على الظن الفاسد بأن من واجب حكومة جلالته أن تنفذ خططا سياسية يحظر عليها في الواقع تنفيذها بموجب أحكام صك الانتداب الجلية".

         وقد أعلن رئيس الوزراء في البيان المشار إليه أعلاه بعبارة غاية في الوضوح والجلاء بأن حكومة جلالته قد استقر قرارها على الاستمرار في إدارة فلسطين وفقا لأحكام صك الانتداب كما أقره مجلس جمعية الأمم إذ أن ذلك الصك على حد قول المستر رمي مكدونالد "تعهد دولي لا يمكن العدول عنه" ويلوح أنه رغما عن هذا البيان الصريح خامر البعض آمال أنه في الاستطاعة بطريقة من الطرق اجتناب

الحدود التي تفرضها بكل وضوح وجلاء أحكام صك الانتداب. فيجب والحالة هذه أن يتأكد الجميع بصورة باتة نهائية بأن من العبث للزعماء اليهود من الجهة الواحدة أن يلحوا على حكومة جلالته لأن تسير في سياستها فيما يتعلق بالمهاجرة والأراضي مثلا حسب أماني طبقات الرأي العام الصهيوني الأكثر تصلبا إذ إن قيامها بذلك ليس سوى تجاهل منها للواجب الملقى على الدولة المنتدبة ازاء غير اليهود من أهالي فلسطين ذلك الواجب الذي لا يقل عنه أهمية. كما أنه من العبث أيضا من الجهة الأخرى للزعماء العرب أن يصروا على مطالبهم لوضع نوع من الدستور يجعل قيام حكومة جلالته أوفى قيام بالتعهد ذي الشقين المشار إليه أعلاه في حكم المستحيل. ان لدى حكومة جلالته ما يدعوها للظن بأن من الأسباب التي آلت إلى بقاء التوتر في العلاقات والقلق بين كلا الفريقين ذلك الأمل الفاسد الذي أوجده المستشارون المضللون بأن في بذل - المجهودات لتخويف حكومة جلالته والضغط عليها ما ينجم عنه في النهاية إجبارها على اتباع سياسة تكون في صالح الفريقين الواحد أو الآخر.

         ولذلك أصبح من الضروري أن توضح حكومة جلالته بادئ ذي بدء بأنها لن تحيد بالضغط أو بالتهديد، عن النهج المبينة حدوده في صك الانتداب كما أنها لن تنحرف عن اتباع سياسة ترمي إلى ترقية مصالح أهالي فلسطين العرب واليهود بكيفية تتفق مع الالتزامات المفروضة عليها في صك الانتداب.

         4 - ليست هذه بالمرة الأولى التي بذلت فيها حكومة جلالته جهدها لإيضاح سياستها في فلسطين ففي سنة 1922 نشرت بيانا وافيا بلغته للوفد العربي الفلسطيني الذي كان عندئذ في لندن وللجمعية الصهيونية. أما الوفد العربي فقد قابل ذلك البيان بالرفض بينما اتخذت اللجنة التنفيذية للجمعية الصهيونية قرارا أكدت فيه لحكومة جلالته بأن أعمال الجمعية الصهيونية ستسير طبقا للخطة السياسية التي يتضمنها البيان. وفضلا عن ذلك فقد ذكر الدكتور وايزمن في الكتاب الذي أرفق به هذا القرار لحكومة جلالته مايلي: -

         "لقد كانت الجمعية الصهيونية ترغب باخلاص على الدوام في أن تسير في أعمالها بالتعاون الودي مع جميع طبقات الأهالي في فلسطين. وقد أوضحت مرارا وتكرارا قولا وفعلا بأنه لن يخطر لها ببال الإجحاف بأقل درجة بحقوق غير الأهالي اليهود المدنية أو الدينية أو بمصالحهم المادية".

         وكان من نتيجة الاختبار الذي اكتسب في هذه السنوات التي مرت منذ ذلك الحين أن كشف القناع حتما عن بعض نقائص إدارية ومشاكل اقتصادية خاصة يجب أخذها بعين الاعتبار عند النظر في مصالح جميع طبقات الأهالي ومع ذلك فإن بيان الخطة السياسية الذي صدر في سنة 1922 بعد إمعان النظر والتوفيق المطول يعتبر الأساس الذي يجب أن تبنى عليه السياسة البريطانية المقبلة في فلسطين.

         5 - وفضلا عن الاقتراحات لوضع نظام حكم دستوري في فلسطين التي يتناولها البحث في الفقرات التالية توجد ثلاث نقاط هامة بحث فيها هذا البيان وهي:

         (أ) المعنى الذي تعلقه حكومة جلالته على عبارة "الوطن القومي لليهود" الواردة في صك الانتداب.

         أما بشأن هذه النقطة ففي الاستطاعة اقتباس الفقرة التالية من بيان الخطة السياسية الواردة سنة 1922.

        "وقد أعاد اليهود في الجيلين أو الاجيال الثلاثة الأخيرة انشاء طائفة لهم في فلسطين يبلغ عددها الآن ثمانين ألفا ربعهم تقريبا مزارعون أو عمله في الأرض، ولهذه الطائفة إدارات سياسية خاصة منها مجمع منتخب لإدارة شئونها الداخلية ومجالس منتخبة في المدن ورئاسة حاخامين ومجلس رباني لإدارة شئونها الدينية.

        وتداول أعمال هذه الطائفة باللغة العبرية كلغتها الوطنية ولها صحف عبرية تفي بحاجاتها وهي تتبع نمطا تهذيبيا يميزها عن سواها وتبدي نشاطا كبيرا في الحركة الاقتصادية. فهذه الطائفة بسكان المستعمرات والمدن وهيئاتها السياسية والدينية والاجتماعية ولغتها الخاصة وعوائدها وطرق معيشتها الخاصة لها في الحقيقة مميزات قومية. ومتى سأل سائل ما هو معنى ترقية الوطن القومي اليهودي في فلسطين يمكن أن يجاب على ذلك بأنه لا يعنى فرض الجنسية اليهودية على أهالي فلسطين إجمالا بل زيادة رقي الطائفة اليهودية بمساعدة اليهود الموجودين في جميع أنحاء العالم حتى تصبح مركزا يكون فيه للشعب اليهودي برمته اهتمام وفخر في الوجهتين الدينية والقومية ولكن حتى يكون للطائفة اليهودية أمل وطيد في تقدمها الحر ويفسح للشعب اليهودي مجال واف كي يظهر فيه مقدرته كان من الضروري أن يعلم بأن وجوده في فلسطين هو كحق وليس كمنة. ذلك هو السبب الذي جعل من الضروري ضمان انشاء الوطن القومي لليهود ضمانا دوليا والاعتراف رسميا بأنه يستند إلى صلة تاريخية قديمة".

        إذن هذا هو التفسير الذي تفسر به حكومة جلالته تصريح سنة 1917 - ويرى وزير المستعمرات أن هذا التصريح إن فهم على هذا الوجه لا يتضمن صراحة أو ضمنا شيئا من شأنه أن يثير مخاوف عرب فلسطين أو يسبب استياء اليهود.

        (ب) المباديء التي يجب أن تسير المهاجرة بموجبها:

        وقد ورد في ذلك البيان بشأن هذه النقطة مايلي: -

        "ومن الضروري لأجل تطبيق هذه السياسة تمكين الطائفة اليهودية في فلسطين من زيادة عددها بالمهاجرة. ولكن هذه المهاجرة لا يمكن أن تكون كبيرة إلى حد يزيد في أي ظروف كانت على مقدرة البلاد الاقتصادية إذ ذاك على استيعاب مهاجرين جدد ومن الضروري ضمان عدم صيرورة المهاجرين عالة على أهالي فلسطين عموما وعدم حرمان أية فئة من السكان الحاليين من أشغالها. وقد جرت المهاجرة حتى الآن على هذه الشروط وبلغ عدد المهاجرين منذ الاحتلال البريطاني 25 ألف مهاجر.

        ومن الضروري أيضا ضمان عدم إدخال الأشخاص غير المرغوب فيهم سياسيا إلى فلسطين وقد اتخذت الإدارة وستتخذ جميع الاحتياطات لهذه الغاية".

        يلاحظ أن المبادىء المبينة أعلاه تجعل من الضروري عند تقرير مقدرة البلاد على استيعاب مهاجرين جدد في أي وقت كان أن يؤخذ بعين الاعتبار عدد العاطلين من العرب واليهود لتقرير نسبة المهاجرين التي يجب السماح بها وفي نية حكومة جلالته أن تتخذ التدابير التي من شأنها أن تضمن بصورة أوفى تطبيق هذه المباديء تطبيقا تاما في المستقبل.

        (جـ) مركز الوكالة اليهودية:

        نشير إلى الفقرة المقتبسة أدناه للدلالة على القيود الواردة ضمنا في صك

الانتداب والمقيدة بحكم الضرورة لواجبات الوكالة اليهودية التي ورد النص عليها في المادة الرابعة من صك الانتداب.

         "وهنالك أمر آخر لابد من لفت النظر إليه وهو أن اللجنة الصهيونية في فلسطين المعروفة الآن باللجنة التنفيذية الصهيونية لا ترغب في أن يكون لها كما أنها لا تملك أى قسط في إدارة البلاد العامة. كما أن المركز الذي تتمتع به الجمعية الصهيونية بموجب المادة الرابعة من صك الانتداب لا يخولها صلاحية هذه الوظيفة وإنما ينحصر مركزها الخاص في التدابير التي تتعلق باليهود ومساعدة البلاد على تقدمها دون أن يخولها ذلك حق الاشتراك في حكومتها في أي حال من الأحوال".

         6 - ترغب حكومة جلالته في أن تؤيد بوجه عام السياسة المتضمنة في البيان الصادر سنة 1922 وعلى الأخص الفقرات الثلاث التي اقتبست منه أعلاه. ويظن بأن كل محاولة لتوسيع المعنى المفهوم من هذه النقاط الثلاث الهامة لن يكون نصيبها سوى جدال عقيم الفائدة. ومع ذلك فإن من المعترف به في نور الاختبار السابق أنه لا يزال هنالك متسع للعمل على تحسين كيفية تطبيق المبادئ - المعلنة في الفقرات السابقة تطبيقا فعليا.

         وفي نية حكومة جلالته بالإشارة مع إدارة فلسطين أن تتخذ التدابير الفعالة لإيجاد وسائل إدارية وافية لأجل تلاقي احتياجات العرب واليهود من جهة هذه النقاط الثلاث.

         ومن المعترف به بوجه خاص أن الضرورة تستدعي زيادة مجهودات المندوب السامي في سبيل إيجاد طريقة للتعاون والاستشارة أوثق وأكثر امتزاجا بين إدارة فلسطين والوكالة اليهودية على أن يكون ذلك متفقا على الدوام مع المبدأ الذي يجب اعتباره أساسا وهو أن مركز الوكالة اليهودية الخاص الذي يخولها تقديم النصح والمعونة لا يخولها بصفتها هذه الاشتراك في إدارة حكومة البلاد وعلى نفس المنوال يجب إيجاد الوسائل الإدارية التي يكفل في الوقت ذاته صيانة المصالح الأساسية للطبقات الأخرى من السكان غير اليهود تمام الصيانة وأن يتاح لتلك الطبقات فرصة وافية للاستشارة مع إدارة فلسطين حول الأمور المتعلقة بتلك المصالح.

         7 - ومن الرغوب فيه في هذا الصدد إزالة أى سبب لسوء الفهم مما يكون قد علق بالأذهان من جراء الفقرات الواردة في صك الانتداب التي تبحث في ضمان حقوق الطوائف غير اليهودية في فلسطين أما الأحكام التي تتناول هذه النقطة بوجه خاص فهي واردة في مواد صك الانتداب الثانية والسادسة والتاسعة والحادية عشرة والثالثة عشرة والخامسة عشرة.

         8 - ومما يلاحظ من الجهة الأولى أن المادة الثامنة تجعل الدولة المنتدبة مسئولة عن ضمان الحقوق المدنية والدينية لجميع أهالى فلسطين بقطع النظر عن الاجناس والأديان ومن الجهة الثانية أن التعهد الوارد في المادة السادسة الذي يقضي بتسهيل الهجرة اليهودية واستقرار اليهود بكثرة مشترط فيه وجوب ضمان عدم إلحاق أي حيف وضرر بحقوق ومركز سائر طبقات الأهالي. وفضلا عن ذلك فإن المادة الحادية عشرة تقتضي أن تتخذ حكومة فلسطين جميع التدابير اللازمة لصون مصالح الجمهور في كل ماله علاقة بترقية البلاد.

         ويتضح من نص هذه المادة أن سكان فلسطين على الإطلاق لا فئة منهم فحسب هم الذين يجب أن يكونوا موضعا لعناية الحكومة. ومما يلاحظ بهذا الشأن أن

النص القائل باتخاذ التدابير مع الوكالة اليهودية لإقامة أو إدارة الأعمال والمصالح والمنافع العمومية هو نص اختياري فقط لا إجباري وليس من الجائز أن يتعارض مع مصلحة الأهالي المطلقة. وقد أوردت هذه النقاط بالنظر للادعاءات التي وجهت بالنيابة عن الوكالة اليهودية بأن لهذه الوكالة مركزا يخولها الاشتراك في إدارة البلاد العمومية تلك الادعاءات التي وجهت بالنيابة عن الوكالة اليهودية بأن لهذه الوكالة مركزا يخولها الاشتراك في إدارة البلاد العمومية تلك الادعاءات التي لا تستطيع حكومة جلالته إلا أن يعتبرها قد تجاوزت كل التجاوز مقاصد صك الانتداب الصريحة. وفضلا عن ذلك فقد حاول البعض أن يجادل تأييدا للادعاءات الصهيونية بأن الفقرات المتعلقة بالوطن القومي اليهودي هي الأساس الرئيسي لصك الانتداب وبأن الفقرات التي ترمي إلى صيانة مصالح غير اليهود إنما هى اعتبارات ثانوية تقيد نوعا ما ما يدعى بأنه القصد الرئيسى الذي وضع صك الانتداب من أجله. إن حكومة جلالته ما فتئت تعتبر أن من الخطأ الكلي فهم هذه الأحكام على هذا الوجه وهي ترى أن من المستحيل أن تحاول حل المشكلة باعتبار أن أي من هذين الالتزامين هو أقل أهمية من الآخر حلا يتفق مع مقاصد صك الانتداب الصريحة مهما كانت الصعوبة التي تعترضها في هذا السبيل.

         وقد حاول المندوب البريطاني المفوض في البيان الذي أدلى به أمام لجنة الانتدابات الدائمة في اليوم التاسع من شهر حزيران الماضي أن يوضح موقف حكومة جلالته ازاء الصعوبات المستقرة في صك الانتداب. وفي التقرير الذي رفعته لجنة الانتدابات الدائمة لجمعية الأمم المتضمن مطالعاتها على هذا البيان وردت العبارة التالية وهي من الأهمية بمكان:

         "ومن جميع هذه البيانات يظهر لنا أمران يجب ذكرهما هنا وهما:

         1 - أن الالتزامات المفروضة في صك الانتداب بشأن فريقي السكان هي من درجة متساوية.

         2 - أن الالتزامين المفروضين على الدولة المنتدبة ليسا مما لا يمكن التوفيق بينهما من أى وجه من الوجوه.

         وليس لدى لجنة الانتدابات ما تعترض به على هذين التأكيدين اللذين يعربان في رأيها تمام الإعراب عما تدركه من روح صك الانتداب على فلسطين وضمانا لمستقبلها" .

         إن حكومة جلالة الملك لعلى تمام الاتفاق مع روح هذا البيان وكأنه لمن دواعي اغتباطها أن يكون هذا البيان قد اكتسب الصيغة النهائية باقترانه بموافقة مجلس جمعية الأمم.

         إنه لواجب شاق ودقيق ذلك الواجب المفروض على حكومة جلالته الذي يقضى عليها استنباط الوسائل لإعطاء نفس الاعتبار في جميع الأحيان عند تنفيذ سياستها في فلسطين لكلا الالتزامين اللذين يفرضهما عليها صك الانتداب بشأن فريقي السكان والتوفيق بينهما هذين الالتزامين حيثما تتعارض حتما مصلحة الفريقين.

         ومن المأمول أن يئول إيضاح الواجب المفروض على عاتق حكومة جلالته على هذا الوجه إلى بيان ضرورة تعاون زعماء العرب واليهود عن طيب خاطر على إدارة فلسطين وحكومة جلالته تلك الضرورة التي أعرب عنها فيما تقدم.


         9 - إن الفقرات المتقدمة توضح المباديء التي يجب اعتبارها السياسة الشاملة في فلسطين والشروط المقيدة التي يجب أن تسير تلك السياسة بموجبها ولذلك وجب الآن البحث في المشاكل العملية التي تواجهها حكومة جلالته في فلسطين.

         وهذه المشاكل يمكن حصرها بوجه التقريب تحت الأبواب الثلاثة التالية:-

         1 - الأمن العام.

         2 - التطورات الدستورية

         3 - التطورات الاقتصادية والاجتماعية.

1 - الأمن العام:

         10 - إن من أولى واجبات الإدارة توطيد أركان السلام والنظام وحسن انتظام الحكم في فلسطين وقد أعلنت حكومة جلالته في مقام آخر بأنها لن تحيد عن القيام بواجبها بعامل الضغط أو التهديد.

         إن الاضطرابات التي وقعت فيما مضى قد أخمدت فورا. واتخذت تدابير خاصة لمعالجة أية حالة اضطرارية قد تنشأ في المستقبل. ويجب أن يفهم تماما أن التحريض على الاضطراب أو الشقاق مهما كان مصدره سينال أشد عقوبة وستتوسع سلطات الإدارة بقدر ما تستوجبه الضرورة كي يتمكن بصورة أوفى وأتم من معالجة مثل هذه المحاولات الخطرة التي لا مسوغ لها.

         وقد قررت حكومة جلالته أن التحفظ في فلسطين في الوقت الحاضر بفرقتين من المشاة وفضلا عن ذلك سيكون سربان من الطيارات وأربعة فرق من السيارات المسلحة ميسورة في فلسطين وشرقي الأردن. كما هو معلوم كان المستر دبجن مفتش البوليس العام في سيلان قد أوفد إلى فلسطين للتحقيق في نظام قوة البوليس الفلسطيني وقد رفع تقريرا مفصلا قيما وهو الآن موضع النظر الدقيق وقد وضع البعض من تواصيه موضع التنفيذ ومن ذلك زيارة فرقتي البوليس البريطاني والفلسطيني ووضع مشروع للدفاع عن المستعمرات اليهودية أشير إليه في الفقرة التاسعة من بيان خطة السياسة البريطانية في فلسطين الذي نشر بصيغة كتاب أبيض تحت رقم 3582 وهنالك تواصى كثيرة أخرى وردت في تقرير السير دوبجن لا تزال موضع البحث والتدقيق بالاشتراك مع المندوب السامي لفلسطين وستجري تغييرات أخرى متى اتخذت قرارات بشأنها. وتغتنم حكومة جلالته هذه الفرصة كما تؤكد تصميمها على اتخاذ جميع التدابير المستطاعة لقمع الجرائم وتوطيد النظام في فلسطين.

         وترغب في أن تؤكد في هذا الصدد أنها عند تقرير نوع وكيفية تأليف قوات الأمن العام في فلسطين الضرورية لهذه الغاية تسترشد برأي مستشاريها الاختصاصيين وإنها في كل ذلك سترمي إلى تأمين كون القوات المستخدمة ملائمة للواجبات التي ستقوم بقطع النظر عن أية اعتبارات سياسية.

2 - التطورات الدستورية:

         11 - أشير فيما تقدم إلى المطالب التي وجهها الزعماء العرب لإيجاد شكل دستوري يتنافى مع الالتزامات المترتبة على حكومة جلالته بصفتها الدولة المنتدبة

ومع ذلك فإن حكومة جلالته ترى بعد التبصر الدقيق أن الوقت قد حان للسير في مسألة منح فلسطين درجة من الحكم الذاتي تلك المسألة الهامة لمصلحة جميع السكان على الإطلاق بدون أى تأخير آخر وقد يكون من المناسب في بادئ الأمر إيراد خلاصة موجزة عن تاريخ هذه المسألة منذ تشكيل الإدارة المدنية.

         ففي شهر تشرين الأول سنة 1920 شكل في فلسطين مجلس استشاري ألف من عدد متساو من الأعضاء الموظفين وغير الموظفين. وقد كان من العشرة الأعضاء غير الموظفين، أربعة من المسلمين وثلاثة من المسيحين وثلاثة من اليهود.

         وفي اليوم الأول من شهر أيلول سنة 1922 صدر دستور فلسطين وهو يقضي بتأليفه حكومة فلسطين توقيتا لأحكام قانون الاختصاص الأجنبي. وقد قضى الفصل الثالث من هذا الدستور بتشكيل مجلس تشريعي يؤلف من المندوب السامي رئيسا ومن عشرة أعضاء من الموظفين واثني عشر عضوا منتخبا من غير الموظفين. وقد وضعت أصول انتخاب الأعضاء غير الموظفين في الأمر الصادر في المجلس الخاص بشأن تأليف المجلس التشريعي لسنة 1922 وفي شهري شباط وآذار من سنة 1923 حاولت الحكومة اجراء انتخابات توفيقا لتلك الأصول فأخفقت تلك المحاولة بسبب رفض الأهالي العرب التعاون مع الحكومة (يراجع في هذا الصدد التقرير المفصل الذي صدر عن هذه الانتخابات المتضمن في الكتاب الأبيض رقم 1889 بشأن انتخابات المجلس التشريعي سنة 1923) وعندئذ أوقف المندوب السامي تأليف المجلس التشريعي المقترح واستمر على تسيير الإدارة باستشارة المجلس الاستشاري كالسابق.

         وقد سنحت فرصتان أخريان لزعماء العرب في فلسطين للتعاون مع الإدارة على حكم البلاد أولا :

         بإعادة تأليف مجلس استشاري يعين تعيينا على أن يكون عدد أعضائه مساويا. لعدد أعضاء المجلس التشريعي الذي كان في النية تشكيله. ثانيا: بالاقتراح الذي عرض عليهم لتأليف وكالة عربية وكان المقصود أن يناط بهذه الوكالة نفس الواجبات المناطة بالوكالة اليهودية بموجب المادة الرابعة من صك الانتداب.

         غير أن زعماء العرب رفضوا قبول كلا هاتين الفرصتين وبناء على رفضهم هذا تألف في شهر كانون الأول سنة 1923 مجلس استشاري من أعضاء موظفين فقط. ولا تزال الحالة كذلك حتى الآن وكل ما طرأ عليها من تغيير هو أن عدد أعضاء المجلس الاستشاري قد زيد بإضافة أعضاء موظفين آخرين اقتضى تقدم الإدارة إضافتهم إلى المجلس.

         ومما يذكر في هذا الصدد أن حكومة جلالته مسئولة بموجب أحكام المادة الثانية من صك الانتداب عن جعل البلاد في أحوال سياسية وإدارية واقتصادية تكفل انشاء الوطن القومي اليهودي وترقية أنظمة الحكم الذاتي والمحافظة على الحقوق المدنية والدينية لجميع الأهالي.

         قد أوضحت فيما تقدم المجهودات التي بذلت في السنين الأولى المدنية بشأن التطور الدستوري. ورغبة في تمكين أهالي فلسطين من الحصول على اختبار فعلي في الطرق الإدارية ونظم الحكومة والتدرب على حسن التمييز في اختيار ممثليهم

ادخل اللورد بلومر الذي شغل منصب المندوب السامي في فلسطين من سنة 1925 إلى سنة 1928 درجة من الحكم الذاتي المحلي أوسع مما كانت عليه الحال في عهد الإدارة البريطانية فيما مضى.

        وعند تسلم السير جون تشانسلور زمام منصب المندوب السامي في شهر كانون الأول سنة 1928 نظر في مسألة التطور الدستوري وأخذ رأي ممثلي مختلف طبقات الأهالي.

        وبعد انعام النظر في الحالة رفع بعص اقتراحات في شهر حزيران سنة 1929 غير أنه تأجل النظر في هذه المسألة بسبب الاضطرابات التي وقعت في شهر آب سنة 1929

        12 - وقد أمعنت الآن حكومة جلالته النظر في هذه المسألة في نور درجة التقدم والرقي الحالي معتبرة على الأخص الالتزام الملقى على عاتقها الذي يقضي عليها بجعل البلاد في أحوال سياسية وإدارية واقتصادية تكفل ترقية أنظمة الحكم الذاتي. وقررت أن الوقت قد حان للتقدم خطوة أخرى في سبيل منح أهالي فلسطين درجة من الحكم الذاتي تتلاءم مع أحكام صك الانتداب.

        وبناء على ذلك تنوي حكومة جلالته أن تشكل مجلسا تشريعيا ينطبق عموما على الأصول المبينة في بيان الخطة السياسية الذي أصدره المستر تشرشل في شهر حزيران سنة 1922. ونشر كذيل خاص لتقرير لجنة التحقيق عن اضطرابات فلسطين التي وقعت في شهر آب سنة 1929.

        وتأمل حكومة جلالته أنها ستنال في هذه المرة معاونة جميع طبقات السكان في فلسطين وترغب في أن تعلن بكل وضوح وجلاء بأنها بينما تأسف كل الأسف لأية محاولة قد يقوم بها أى فريق من السكان للحيلولة دون تنفيذ قرارها لتتخذ جميع التدابير المستطاعة لقمع كل محاولة كهذه إن وقعت إذ أنها ترى إن من مصلحة أهالي البلاد على الإطلاق أن لا تؤجل قط الخطوة التي تنوي الآن أن تخطوها.

        وتود حكومة جلالته أن تبين بأنه لو تم تشكيل هذا المجلس التشريعي عندما عقدت النية على تشكيله في المرة الأولى لكان أهالي فلسطين قد نالوا الآن درجة أوفر من الاختبار في كيفية تسيير النظم الدستورية. ذلك أن مثل هذا الاختبار لا مفر منه لنجاح التطور الدستوري فكلما أسرع جميع طبقات الأهالي في ابداء رغبتهم في المعاونة مع حكومة جلالته في هذا الصدد كان في الإمكان إجراء هذا التطور الدستوري الذي تتوق حكومة جلالته لمشاهدته في فلسطين.

        أن هنالك فوائد جلية يجتنيها جميع طبقات السكان من جراء تشكيل مثل هذا المجلس ذلك أنه قد يأتي بفائدة مخصوصة للأهالي العرب الذين ليس لديهم الآن وسائل دستورية تمكنهم من وضع آرائهم حول الأمور الاجتماعية والاقتصادية أمام الحكومة. وبالطبع إن ممثليهم في المجلس الذي يراد تشكيله سيتمكنون ليس من أبداء آراء الأهالي العرب في شأن هذه الأمور وخلافها فحسب بل من الاشتراك أيضا في البحث والتداول فيها. وهنالك فائدة أخرى تجتنيها البلاد على الإطلاق من تشكيل المجلس التشريعي إذ أن اشتراك ممثلي الفريقين من الأهالي بصفتهم أعضاء المجلس التشريعي سيئول إلى تحسين العلاقات بين اليهود والعرب.

        13 - إن المجلس التشريعي الجديد سيؤلف كما ذكر فيما تقدم على النحو

المعين في بيان الخطة السياسية الذي صدر سنة 1922. وسيشكل من المندوب السامي ومن اثنين وعشرين عضوا منهم عشرة أعضاء موظفين واثنا عشر عضوا من غير الموظفين وسينتخب الأعضاء غير الموظفين بطريق الانتخاب الأولى والثانوي. ومع ذلك ترى حكومة جلالته أن من الأهمية بمكان لاجتناب إعادة حبوط الانتخابات كما حدث في سنة 1923 استنباط تدابير تؤمن تعيين العدد المطلوب من الأعضاء غير الموظفين للمجلس فيما إذا لم يتمكن عضو واحد أو أكثر من الانتخاب بسبب موقف عدم التعاون الذي قد تقفه أية فئة من السكان أو لأي سبب آخر. وسيبقى المندوب السامي متمتعا بالصلاحية الضرورية التي تضمن تمكين الدولة المنتدبة من القيام بالالتزامات المترتبة عليها ازاء جمعية الأمم ومن ذلك صلاحية وضع أي تشريع تقتضيه الحاجة الماسة وتوطيد النظام. ومتى نشأ خلاف حول قيام حكومة فلسطين بأحكام صك الانتداب يستطاع تقديم عريضة بذلك إلى جمعية الأمم توفيقا لأحكام المادة 85 من دستور فلسطين لسنة 1922.

يتبع ............................................
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75457
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية   الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية Emptyالسبت 29 أكتوبر 2016, 11:11 pm

..................تابع

الكتاب الأبيض لسنة 1930 (*)

         بيان الخطة السياسية لحكومة جلالته البريطانية:

3 - التطور الاقتصادي والاجتماعي:

        14 - إن المشاكل العملية التي يجدر البحث فيها في هذا الباب هى مسائل الأراضي والمهاجرة والبطالة على الإجمال. فهذه المسائل الثلاث مرتبطة معا كل الارتباط مع مالها من وجوه سياسية واقتصادية وعلى حلها يجب أن يتوقف كل تقدم يرتجى فيما يتعلق بتوطيد السلم واستقرار اليسر والرخاء في فلسطين.

        ان هذه الأمور ما زالت منذ أن لفت النظر إليها في تقدير لجنة شو موضع تحقيق دقيق محلي من قبل لجنة عينها المندوب السامي في شهر نسيان الماضي للتحقيق في أحوال المزارعين الاقتصادية وطريقة استيفاء الضرائب منهم ومن قبل السيرجون هوب سمبسون الذي توجه إلى فلسطين في شهر آيار الماضي بناء على تكليف وزير المستعمرات للبحث في مسائل المهاجرة وتسوية الأراضي واقتصاديات البلاد.

        15 - وكان من نتيجة هذه التحقيقات الواسعة المطولة أن كونت بعض استنتاجات وكشف القناع عن بعض حقائق ذكرت فيما يلى بإيجاز:

1 - الأراضي:

        في الاستطاعة الآن القول بكل حزم إنه لا يوجد في فلسطين في الوقت الحاضر نظرا للطرق الإدارية الحالية التي يتبعها العرب أية أرض ميسورة لاستقرار المزارعين من المهاجرين الجدد إذا استثنيت الأراضي التي تملكها الوكالات اليهودية المختلفة على سبيل الاحتياط.

        وقد وجه فيما مضى انتقاد شديد بشأن الأراضي الأميرية القليلة المساحة التي وضعت تحت تصرف المزارعين اليهود. إلا أنه من الخطأ أن يتبادر إلى الذهن أن حكومة فلسطين تملك مساحات شاسعة من الأراضي المحلولة التي في الإمكان وضعها تحت تصرف اليهود لاستعمارها. ذلك أن مساحة الأراضي المحلولة التي تملكها ليست مما يعتد بها. فالحكومة تدعى بمساحات كبيرة من الأراضي التي يتصرف العرب فيها في الواقع ويفلحونها. غير أنه حتى ولو سلم بملكية الحكومة لهذه الأراضي وملكيتها مختلف فيها في كثير من الأحوال فليس في الإمكان وضعها تحت


تصرف اليهود لاستقرارهم فيها بالنظر لوجودها في أيدي المزارعين العرب ولضرورة إيجار أراضي إضافية أخرى لإسكان المزارعين العرب الذين أصبحوا الآن بلا أرض.

         ان إيجاد أراض يمكن وضعها تحت تصرف المستعمرين اليهود يتوقف على ما يتم من التقدم في زيادة قوة إنتاج الأراضي المشغولة الآن.

         16 - ويتراءى الآن في ضوء أفضل التقديرات الميسورة أن مساحة الأراضي القابلة للزراعة في فلسطين (إذا استثنيت منطقة بئر السبع) تبلغ 6.544.000 دونم. وهذه المساحة هي أقل بكثير من التقديرات الرسمية بين عشرة وأحد عشر مليون دونم.

         ويلوح أيضا أنه بينما تحتاج عائلة الفلاح إلى 130 دونما من الأراضي على الأقل للقيام بأود معيشتها معيشة لائقة في الأراضي البعل (غير المسقية) نجد أنه لو قسمت الأراضي الزراعية الميسورة في البلاد إذا استثنيت الأراضي التي في أيدي اليهود بين المزارعين العرب الحاليين لنال العائلة الواحدة 90 دونما.

         ولكى يتسنى إعطاء العائلة الواحدة من جميع المزارعين 130 دونما من الأرض وهو المعدل الذي يحتاج إلى ثمانية ملايين دونم أخرى من الأراضي الزراعية ويظهر أيضا أنه من بين العائلات العربية القروية التي يبلغ عددها 86980 عائلة يوجد 29.4 في المائة بلا أراض. وليس المعلوم عدد العائلات التي كانت تزرع أرضا فيما مضى ثم فقدتها إذ أن هذه النقطة هي من جملة النقاط التي ليس في الاستطاعة الآن حصرها بتأكيد بل يؤمل التثبت منها في أثناء الإحصاء الذي سيجري في السنة القادمة.

         17 - أن حالة الفلاح العربي تحتاج إلى كثير من العناية ومن المقتضى وضع سياسة خاصة بالأراضي إن كان يراد تحسين أحوال معيشته.

         وقد كانت الهيئات الاستعمارية اليهودية العمومية منها والخصوصية الوكالات الوحيدة التي اتبعت لغاية الآن سياسة ثابتة في تحسين الأراضي.

         وكان لأهالي المستعمرات اليهود كل فائدة يمكنهم اجتناؤها مما تيسر لهم من رأس المال والعلم والتنظيم. فإلى ذلك وإلى نشاط أهالي المستعمرات أنفسهم يرجع الفضل في هذا النجاح الفائق. ومن الجهة الأخرى فإن الأهالي العرب بينما تعوزهم هذه الفوائد التي يتمتع بها أهالي المستعمرات اليهود قد زاد عددهم بسرعة فائقة من جراء زيادة المواليد على الوفيات في الوقت الذي نقصت فيه الأراضي الميسورة لإعاشتهم بنحو مليون دونم انتقلت إلى أيدي اليهود.

         18 - قد سبقت الإشارة فيما تقدم إلى النشاط والنجاح الفائقين اللذين تما في ميدان استعمار اليهود للأراضي. وليس من العدل في شيء أن يقبل الادعاء الذي أدلى به في معرض الخلاف الناشيء بشأن العلاقات بين اليهود والعرب في فلسطين بأن نتيجة استعمار اليهود على السكان العرب كانت في جميع الأحوال مضرة بمصالح العرب فهذا الادعاء لا يمكن التسليم به إجمالا. لكنه من الضروري عند البحث في هذه الناحية من المشكلة أن يميز بين الاستعمار الذي تقوم به جمعية الاستعمار اليهودي في فلسطين (المعروفة عموما بالبيكا) وبين الاستعمار الجاري تحت رعاية الجمعية الصهيونية.

         فبقدر ما يتعلق الأمر بالسياسة الماضية التي اتبعتها جمعية (البيكا) لا ريب أن العرب قد استفادوا كثيرا من إنشاء المستعمرات اليهودية وقد كانت العلاقات حسنة

البلاد أن تكفل "عدم إلحاق أى حيف أو ضرر بحقوق ومركز سائر طوائف الأهالي الأخرى".

        فيما مضى بين أهالي المستعمرات وجيرانهم العرب والحالات التي تستند عليها المراجع اليهودية في تأييد ادعائها بأن نتيجة استعمار اليهود كانت مفيدة لمجاوريهم العرب فهي فيما يختص بالمستعمرات التي أنشأتها جمعية (البيكا) قبل أن يشرع الاستعمار من صندوق رأس المال الفلسطيني الذي هو الآن المصدر المالي الرئيسي للوكالة اليهودية.

        أما المحاولات التي أجريت لإثبات أن الاستعمار الصهيوني لم ينتج عنه انضمام مستأجري الأراضي التي باعها أصحابها إلى الطبقة التي لا أرض لها، فقد ثبت بالتحقيق أنها غير مقنعة إن لم تكن مضللة.

        19 - وفضلا عن ذلك فإن نتيجة الاستعمار اليهودي على الأهالي الحاليين تتأثر تأثرا كليا بالشروط التي تمتلك الهيئات اليهودية المختلفة بموجبها الأراضي وتستغلها وتؤجرها فقد نص دستور الوكالة اليهودية الموسعة الموقع في زيورخ في اليوم الرابع عشر من آب سنة 1929 (الفقرتان "د" و "هـ" من المادة الثالثة) على أن الأراضي التي تمتلك تعتبر ملك الشعب اليهودي وملكيتها غير قابلة الانتقال، وعلى وجوب مراعاة مبدأ تشغيل العمال اليهود في جميع الأشغال والمشاريع وفضلا عن ذلك فقد ورد في المادة 23 من عقد الإيجار الذي في النية تنظيمه بشأن الأراضي التي تمنحها جمعية رأس المال القومي اليهودي، تعهد يقضى على المستأجر بأن يقوم بجميع الأشغال المتعلقة بزراعة الأراضي بواسطة العمال اليهود فقط وفرضت شروط شديدة لتأمين مراعاة التعهد.

        وهنالك تعهد يرتبط به أهالي المستعمرات الواقعة في السهل الساحلي يقضي عليهم باستئجار العمال اليهود فقط. كلما اضطروا إلى استئجار عمال، وهذا التعهد يدرج في الاتفاقات التي تعقد بين صندوق رأس المال الفلسطيني والذين يستغلون أموالا منه وورد نفس هذا الحكم في الاتفاقات المستعملة في مستعمرات مرج ابن عامر.

        ان من الصعب أن تتفق هذه الأحكام المشددة مع التصريح الذي أدلى به في المؤتمر الصهيوني المنعقد سنة 1921 بأن "الشعب اليهودي يرغب في أن يعيش مع الشعب العربي. بصلات صداقة واحترام متبادلين وأن يعمل بالاشتراك مع الشعب العربى على ترقية البلاد المشتركة بينهما بحيث تؤمن رفاهية كلا الشعبين".

        20 - وقد كان الزعماء اليهود صريحين كل الصراحة في تبرير سياستهم هذه. فقد ادعت اللجنة التنفيذية لجمعية العمال اليهود التي لها نفوذ كبير في تكييف السياسة الصهيونية بأن هذه القيود ضرورية لتأمين إدخال أكبر عدد مستطاع من المهاجرين اليهود وللمحافظة على أسلوب معيشة العمال خشية أن ينحط إلى أسلوب معيشة العمال العرب.

        ومهما كانت هذه الحجج منطقية من وجهة الحركة الوطنية الصرفة فيجب القول بأنها لم تراع فيها أحكام المادة السادسة من صك الانتداب التي تشترط صراحة على حكومة فلسطين عند تسهيلها الهجرة اليهودية واستقرار اليهود بكثرة في أراضي


2 - التحسين الزراعي:

        21 - إن من واجب الإدارة بموجب صك الانتداب على نحو ما ورد في الفقرة السابقة أن تكفل عدم إلحاق أي حيف أو ضرر بمركز "سائر طوائف الأهالي الأخرى" من جراء المهاجرة كما أنه من واجبها أيضا بموجب صك الانتداب أو تشجيع استقرار اليهود بكثرة في أراضي البلاد مراعية في ذلك على الدوام الشرط المتقدم ذكره.

        22 - وقد اقتنعت حكومة جلالته من نتيجة التحقيقات الأخيرة بأن الضرورة تقضي رغبة في الوصول إلى هاتين الغايتين باجراء تحسين فعلي في أساليب الزراعة المتبعة الآن بقصد تأمين زيادة الاستفادة من الأرض.

        23 - فباتباع مثل هذه السياسة قد يستطاع استقرار مزارعين آخرين من اليهود في الأراضي بصورة تتفق مع الشروط المقررة في المادة السادسة من صك الانتداب والنتيجة المتوخاه لا يمكن نيلها إلا بعد مرور سنوات من الجد والعمل. ولذا فمن حسن الحظ أن يكون لدى الهيئات اليهودية أراض واسعة احتياطية لم يستقر فيها المستعمرون بعد ولم تعمر. وعلى ذلك يمكنهم الاستمرار في عملهم بدون توقف ريثما توضع تدابير عمومية أخرى لتحسين الأراضي يستطيع الاستفادة منها كلا العرب واليهود. ومع ذلك فمن الواجب بحكم الضرورة أن تناط مراقبة التصرف بالأراضي بالمرجع القائم بهذا التحسين فلا يسمح بانتقال الأراضي إلا متى كان ذلك الانتقال لا يتعارض مع خطط ومشاريع ذلك المرجع.

        وإذا اعتبرت المسئوليات المترتبة على عاتق الدولة المنتدبة اتضح أن هذا المرجع يجب أن يكون حكومة فلسطين.

        24 - ومن جملة المشاكل التي تستوجب النظر مسائل الري وجعل هذا التحسين مع أعمال دائرة الزراعة وغيرها من دوائر الحكومة وتقرير مجال العمل لكل منها رغبة في اجتناب الاحتكاك والاختلاف والتجاوز في العمل وبغية الحصول على أعظم فائدة مما يبذل من مجهود مشترك.

        ويجب انعام النظر أيضا في حماية المستأجرين بمنحهم حقا من حقوق الإجارة بأية وسائل أخرى لتأمين عدم إخراجهم من الأرض أو تعريضهم لإجارات فاحشية.

        ثم إن هنالك مسألة ذات صلة وثيقة بمثل هذا التحسين هي الإسراع في أعمال التسوية والتثبت في الملكية وتسجيل عقود الإيجار. وهنا تخرج إلى حيز الوجود مشكلة هامة بسبب وجود مساحات واسعة من الأراضي في القرى العربية مملوكة بطريق المشاع ذلك أن نصف القرى العربية بوجه التقريب مملوك بطريق المشاع وهنالك اتفاق في الرأي أن مثل هذا النظام هو عقبة كبرى في سبيل ترقية الزراعة في البلاد.

        ويلوح أن تأليف جمعيات تعاون بين الفلاحين هو من الأمور الأولية المهمة في سبيل تقدمهم ورقيهم. وقد قام مؤخرا خبير ذو اختبار واسع باجراء تحقيق في هذه المسألة برمتها بالنيابة عن حكومة فلسطين.


        25 - وقد وقع على كاهل مالية فلسطين عبء ثقيل من جراء الضرورة التي دعت إلى زيادة قوات الأمن العام زيادة كبرى. إلا أن هذه الزيادة اعتبرت ضرورية في نور الحوادث التي وقعت في خريف سنة 1929 وليس في الاستطاعة التنبؤ الآن بالزمن الذي يصح فيه تخفيض النفقات في هذا الباب تخفيضا محسوسا. إذ أن التخفيض يجب أن يتوقف لدرجة كبرى على ما يطرأ من التحسين في العلاقات المتبادلة بين العرب واليهود ذلك التحسين الذي تأمل حكومة جلالته بأن يكون من إحدى نتائجه.

        ان السياسة العمومية التي تتبعها حكومة جلالته ترمي فيما ترمي إليه إلى جعل فلسطين قادرة على سد نفقاتها بنفسها فالتحسين المنوي اجراؤه في الطرق والأساليب الزراعية لن يستغرق وقتا فحسب بل يستلزم نفقات باهظة أيضا. مع أنه يؤمل أن يكون بعض النفقات التي تصرف في هذا السبيل قابلة الاسترداد. وحكومة جلالته تنظر بكل تدقيق في المركز المالي الذي ينبلج عن هذه الحالة وتبحث الآن في اتخاذ التدابير الضرورية لوضع سياستها هذه موضع التنفيذ.

        3 - المهاجرة:

        26 - قد وضع مؤخرا النظام الذي تتبعه حكومة فلسطين في مراقبة المهاجرة إلى فلسطين على بساط البحث والتدقيق من جميع وجوهه. وفي شهر آيار الماضي رأت حكومة جلالته أن من الضروري توقيف إصدار شهادات لإدخال المهاجرين بموجب جدول العمال أي الأشخاص الذين يشتغلون عند الغير (زيادة على الـ 950 شخصا الذين سبقت الموافقة على ادخالهم) في الستة الأشهر التي تنتهي في 30 أيلول سنة 1930 دون أن تتعرض لأصناف المهاجرين الآخرين وذلك ريثما تظهر نتيجة هذا التحقيق وتقرر الخطة السياسية المقبلة. وقد أسفر هذا التحقيق عن إظهار بعض العجز في النظام الحالي وثبت أنه بموجب هذا النظام أدخل كثير من الأشخاص ممن لم يكن في استطاعتهم أن يحصلوا على التأشير على جوازاتهم (فيزا) لو كانت جميع الحقائق عنهم معلومة. والحكومة لا تباشر مراقبة فعالة فيما يتعلق باختيار المهاجرين من الخارج إلى فلسطين يستند على إيجاد مستعمرات مشتركة وعلى مبدأ "اشتغال العامل بنفسه" (أي إن كل إنسان يجب أن يشتغل بنفسه ويتجنب تشغيل العمال المستأجرين) وإن لم يكن في استطاعة العامل "الاشتغال بنفسه" فهي تحتم عليه استخدام وتشغيل العمال اليهود دون غيرهم.

        ونظرا للمسئولية المترتبة على الدولة المنتدبة من الضروري أن تكون حكومة فلسطين بصفتها وكيلة عنها المرجع الذي يفصل في جميع الأمور السياسية المتعلقة بالمهاجرة وتتضح ضرورة ذلك على الأخرى متى أخذت بعين الاعتبار درجة صلة المهاجرة بالبطالة وسياسة تحسين الأراضي. غير أنه لا يمكن استنباط أية تحسينات وافية في الإدارة الحالية إلا إذا حصلت موافقة بين الحكومة من جهة والوكالة اليهودية من جهة أخرى فمما يتعلق بواجبات كل منهما وأخذ بعين الاعتبار التام ذلك النفوذ الذي تصرفه نقابة العمال اليهود العمومية في تكييف سياسة الوكالة.

        27 - أما فيما يتعلق بصلة المهاجرة بالبطالة فهنالك صعوبات جمة في الوقت الحاضر بسبب عدم وجود وسيلة وافية يمكن بواسطتها تقدير درجة البطالة فى أي وقت ما.

         ويصدق ذلك على الأخص فيما يتعلق بالأهالي العرب. ورغما عن عدم وجود احصاءات يصح الاعتماد عليها فقد أبديت بيانات كافية تحمل على الاعتقاد بأن درجة البطالة بين الأهالي العرب قد وصلت حدا خطرا وأن البطالة بين اليهود قد أدت إلى نواح غير مرضية بالمرة وفي الاستطاعة القول بأنه قد ثبت بصراحة أن تحضير جدول العمال يجب أن يبنى على التثبت من مجموع عدد العمال العاطلين في فلسطين ويلي ذلك وجوب التأكد تمام التأكيد من مقدار عدد العمال العاطلين وستنظر حكومة جلالته بكل إمعان وتدقيق في إيجاد وسيلة لهذا الغرض ولذلك يجب الحكم على مقدرة فلسطين الاقتصادية على استيعاب مهاجرين جدد بالاستناد إلى مركز فلسطين إجمالا فيما يتعلق بالبطالة ويجب بذل كل عناية عند التأكد من مقدرة البلاد الاقتصادية بحيث يؤخذ بعين الاعتبار أي طلب على العمال يمكن اعتباره مؤقتا بسبب زيادة التداول في السوق المالية الناشئة عن الأموال المنفقة على التعمير والتحسين أو عن أية أسباب أخرى.

         28 - تفرض المادة السادسة من صك الانتداب عدم إلحاق أي حيف أو ضرر بحقوق ومركز سائر طوائف الأهالي من جراء الهجرة اليهودية. فمن الواضح أنه إذا كانت مهاجرة اليهود تسبب حرمان السكان العرب من الحصول على الأشغال الضرورية لمعيشتهم أو إذا كانت حالة البطالة بين اليهود تؤثر في مركز العمال على العموم تحتم على الدولة المنتدبة توفيقا لأحكام صك الانتداب أما أن تخفض المهاجرة أو توقفها إذا استدعت الضرورة ذلك ريثما يتسنى للعاطلين من (الطبقات الأخرى) إيجاد عمل لهم. ومما يلاحظ بهذا الصدد أن حكومة جلالته في نور التحقيق الذي جرى في مشكلتي المهاجرة والبطالة تعتبر بأن توقيفها المهاجرة بموجب جدول العمال في شهر أيار الماضي كان مبررا تماما.

         وقد ادعى بأن موافقة المندوب السامي على شهادات المهاجرة بموجب جدول العمال يفيد ضمنا وجود مجال لإدخال مهاجرين من طبقة العمال. وبأن حكومة جلالته بالتالي كانت مدفوعة بعوامل سياسية عندما أوقفت إصدار هذه الشهادات. غير أن الحال ليست كذلك. ذلك أن حكومة جلالته عندما قررت توقيف إصدار هذه الشهادات أخذت بعين الاعتبار الآراء التي أعرب عنها في تقرير لجنة شو من جهة عدم وجود أراض كافية ومن جهة ضرورة تشديد المراقبة على لمهاجرة. وقد ثبت أن هذه الأمور تستوجب تحقيقا بواسطة خبير غير أن حكومة جلالته شعرت أنه ريثما يتم التحقيق فيها على هذا الوجه لا يجوز اتخاذ أية تدابير من شأنها أن تؤكد في سوء الحالة الاقتصادية التي كانت مدعاة للقلق في رأي أكثرية لجنة شو.

         وكل قرار يتخذ لإدخال المهاجرين اليهود دون اعتبار هذه القيود يجب استنكاره ليس فقط بالنظر إلى مصالح سكان فلسطين عموما وإنما بالنظر إلى مصالح الطائفة اليهودية المخصوصة أيضا. وما زال الريب يساور الأهالي العرب - وهذا مما لا شك فيه - من أن الضائقة الاقتصادية أسفرت عن عدم وجود احتياطات تحول دون وقوع الاحتلال في إصدار شهادات المهاجرين غير المرغوب فيهم. وهناك ناحية أخرى غير مرضية هي أن عددا كبيرا من المسافرين الذين يدخلون البلاد بالاستناد على إذن يخولهم الإقامة مدة محدودة يبقون في البلاد بدون موافقة ويقدر عدد الذين دخلوا من هذا

الصنف في السنوات الثلات الأخيرة بنحو 7800 شخص ثم يلي ذلك ناحية خطيرة أخرى هي عدد الذين يدخلون البلاد مجتنبين أماكن المراقبة على الحدود.

         وفي كل محاولة تجري لاستنباط وسيلة حكومية وافية لمراقبة المهاجرة يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار الدور المهم الذي تلعبه في الوقت الحاضر نقابة عمال اليهود العمومية فيما يتعلق بمهاجرة اليهود. إن نفود هذه النقابة واسع المدى وأعمالها مضاعفة. فهى تكون عاملا هاما ضمن الحركة الصهيونية في العالم. وفي مؤتمر زيوريخ الأخيرة كان أكثر من ربع الأعضاء الذين نابوا عن الدوائر الصهيونية سواء في فلسطين أو في الخارج ممن ينتسبون لهذه النقابة... ويظهر النفوذ الذي تستطيع هذه النقابة أن تبذله إزاء المهاجرين بتحريمها على أي عضو من أعضائها الرجوع إلى المحاكم للفصل في أي خلاف يقع بينه وبين عضو آخر ذلك أن لها محاكمها المخصوصة من الدرجتين الابتدائية والثانوية ومحكمة عليا للعمال تستأنف إليها الأحكام التي تصدرها المحاكم الابتدائية.

         وقد اتبعت هذه النقابة سياسة ترمي إلى ادخال نظام اجتماعي للحالة التي يقاسونها الآن هى بلا شك ناشئة بالأكثر عن مهاجرة اليهود الزائدة وما زالت هنالك أسباب يمكن أن يظهر منها بوضوح من أن هذا الريب متأصل تماما فلا يبقى هنالك سوى أمل ضعيف لأي تحسين في العلاقات المتبادلة بين الشعبين.

         غير أنه على مثل هذا التحسين في العلاقات يتوقف بالأكثر إيجاد الطمأنينة والرفاهية في فلسطين.

         ومن المأمول أن يجري تعديل في طريقة تحضير جداول العمال يئول إلى إنماء العلاقات الودية بين المراجع اليهودية في فلسطين ودائرة المهاجرة. ومن الجلى أن من المرغوب فيه توثيق التعاون بين المراجع اليهودية والحكومة إذ كلما كان التعاون وثيقا ووديا كلما سهل جدول للاتفاق مبني على أساس حسن إدراك احتياجات البلاد الاقتصادية من كلا الجانبين.

         29 - وقد سبق القول في الفقرات السابقة أن مشاكل تحسين الأراضي والمهاجرة والبطالة متصلة بعضها ببعض وبأن مستقبل فلسطين يجب أن يتوقف على إيجاد سياسة تؤخذ فيها بعين الاعتبار التام جميع هذه العوامل الثلاثة. ولا يمكن تحقيق تصورات الوطن القومي اليهودي بأي وجه من الوجوه إلا متى كانت فلسطين متمتعة بالطمأنينة والسلام والرخاء. فبالتعاون الودي بين العرب واليهود والحكومة يمكن أن يخيم الرخاء في البلاد.

         ويظهر من الحالة التي كشف القناع عنها التحقيق الدقيق في العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية السائدة أن فلسطين تواجه دوراً عصيبا في رقيها وتقدمها ويمكن القول أن الحكومة فيما مضى تركت القوى الاقتصادية والاجتماعية تعمل عملها بأقل تداخل أو رقابة منها. غير أنه قد اتضح كل الاتضاح أنه لايمكن الاستمرار في هذه السياسة فبالتعاون الوثيق بين الحكومة وزعماء العرب واليهود قد يستطاع الحيلولة دون سقوط فلسطين إلى حالة قد تقضي من الجهة الواحدة على العمل المجيد الذي قام به أولئك الذين وضعوا نصب أعينهم بناء الوطن القومي اليهودي ومن الجهة الأخرى على مصالح أكثرية الأهالي الذين يملكون في الوقت الحاضر موارد طفيفة تمكنهم من  الكفاح لحفظ كيانه. والأمر الذي تدعو الحاجة إليه هو أن يتفق كلا الشعبين على العيش معا وأن يحترم كل شعب منهما احتياجات ومطالب الشعب الآخر.

         لذلك فإن حكومة جلالته تدعو العرب إلى الاعتراف بحقائق الحالة وإلى بذل الجهد المستمر في التعاون على الوصول بالبلاد على الإطلاق إلى حالة من الرخاء واليسر تشمل فائدتها الجميع. كما أن حكومة جلالته تطلب من الزعماء اليهود أن يعترفوا بضرورة إجراء بعض التنازل من جهتهم عن التطورات الاستقلالية الانفصالية التي أخذت تنشأ في بعض الدوائر فيما يتعلق بالوطن القومي اليهودي وأن يعتبروا أن من العوامل الفعالة فى تكييف سياستهم أن يتم رقي البلاد بكيفية تضمن نوال مصالح العرب واليهود الاعتبار الوافي بقصد انماء الرفاهية في كافة أنحاء البلاد وذلك في أحوال لا تبعث إلى إيجاد أسباب للاتهام بالتحيز لفريق دون آخر بل تمكن كلا الشعبين العربي واليهودي من الرقي. والتقدم بوفاق وقناعة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75457
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية   الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية Emptyالسبت 29 أكتوبر 2016, 11:15 pm

بيان اللجنة التنفيذية العربية
في الرد على الكتاب الأبيض الإنجليزي الصادر في
أكتوبر سنة 1930

مقدمة:

         1 - اطلعت اللجنة التنفيذية العربية بعد انتظار طويل على البيان الذي أصدرته. الحكومة الإنجليزية بشأن السياسة التي عزمت على انتهاجها في فلسطين وكنا نرقب صدور هذا البيان بفارغ الصبر آملين أن نجد فيه ما يزيل مخاوف العرب الناشئة عن سياسة حكومة فلسطين الممثلة للحكومة الإنجليزية التي سارت عليها منذ الاحتلال والتي كان من شأنها إبادة القومية العربية.

         ان العرب كانوا يشعرون منذ البدء بالخطر الهائل الذي يهدد كيانهم القومي من جراء هذه السياسة وكانوا يعلنون دائما هذا الخطر للحكومة الإنجليزية ولعصبة الأمم وللأمم المتمدنة.

         وقف السر هربرت صموئيل سنة 1919 في البرت هول في لندن وأعلن رأيه السياسي في الصهيونية كما يلي:

         "ان السياسة الصهيونية التي تعرض اليوم على مؤتمر الصلح والتي يتمسك بها كل صهيوني بكل ما أوتي من حول وطول تتطلب أن توضع البلاد في حالات موافقة للهجرة اليهودية والاستعمار اليهودي وأن تمنح أكثر امتيازات المشاريع التي تحتاج إليها البلاد للهيئات اليهودية وأن يوسع نطاق التعليم والتربية القومية اليهودية وأن تتمتع البلاد بالحد الأقصى من الحكم الذاتى لكي يتمكن القائمون في النهاية من تأسيس دولة مستقلة تحت إشراف أكثرية يهودية".

         وهذا الشخص نفسه هو الذي أرسلته الحكومة الانجليزية في سنة 1920 إلى فلسطين مندوبا ساميا والذي عمل بكل ما أوتي من قوة في مدة السنوات الخمس التي تولى زمام الحكم في خلالها على تحقيق الغايات الصهيونية التي كان يتوخاها كصهيوني صميم.

         2 - فلقد كانت البلاد سنة 1920 في ضنك شديد والسر هربرت صموئيل نفسه وصف الحالة في تقريره عن إدارة فلسطين في سنى 1920 - 1925 كما يلي:

         "قد وجدت البلاد في عام 1920 مضطربة من جراء التأثيرات التي عقبت عواصف الحرب. فقد كانت البلاد لبضع سنين خلت مسرحا للأعمال الحربية التي قامت بها جيوش جرارة فهناك قرى تهدمت وقطعان من المواشي والخيل هلكت وأشجار زيتون قطعت

بكميات كبيرة وقودا للجيوش التركية والقطارات العسكرية وبيارات برتقال عديدة تركت بلا ري فلم تعط ثمرا وكانت البلاد في حالة فقر وبؤس عامة".

         3 - غادر السير هربرت صموئيل فلسطين سنة 1925 دون أن يصلح شيئا في الحالة التي تقدم وصفها. فكانت همته وغيرته في خلال الخمس السنوات المشار إليها مصروفتين لوضع البلاد اقتصاديا وإداريا وسياسيا في حال يسهل معها تأسيس الوطن القومي اليهودي بقطع النظر عن الأضرار الجسيمة التي كانت تلحقها هذه السياسة بالحالة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

         4 - وقد أسس حكومة مدنية في فلسطين أوسع نطاقا عما كانت عليه الإدارة التركية بثمانية أضعاف بدون حاجة لذلك وأرهق الفلاح بضرائب ثقيلة لا قبل له بها لا سيما أن البلاد لم تكن حينئذ فقيرة فقط بل كانت مشرفة على الإفلاس التام وقد عمل فوق هذا كله على تنزيل أسعار غلال البلاد تنزيلا عظيما بإصداره أوامر من وقت إلى آخر بمنع تصديرها إلى الخارج. ففي سنة 1920 مثلا كانت أسعار حاصلات البلاد عالية جدا وكان الفلاح واثقا بتصفية ديونه ويستند إلى أساس مالي ثابت فأمر السير هربرت صموئيل، بمنع تصدير الحبوب والزيت وهي أساس ثروة البلاد فتضخمت الأسواق المالية بهذه الحاصلات وعقب ذلك هبوط في الأسعار بصورة هائلة.

         فالفلاح لم ير له مخرجا أمام هذه الكوارث الاقتصادية إلا ببيع أرضه أو قسم منها للمشتري اليهودي الوحيد الذي خرج بهذه الصورة من أسواق الأراضي بصفقة رابحة جدا. وكأن الحكومة لم تكتف بذلك حينئذ بل ضغطت في سنة 1921 على الفلاح لدفع أقساط ديونها وبدأت في تصفية البنك الزراعي العثماني وحصلت قسما كبيرا منه جبرا فما أتت سنة 1922 حتى وجد الفلاح نفسه عاجزا عن حرث أراضيه وهذا ما اعترف به السير هربرت صموئيل نفسه في تقريره المشار إليه دون أن يذكر أنه هو السبب الفعال في ذلك:

         "ان القسم الأعظم من الأراضي الزراعية باق تحت تصرف العرب وفي كل عام يترك قسم كبير منها بلا حرث".

         وغير خفي أن الفلاح الفلسطيني كان يزرع في الماضي أراضيه كلها وكان، يجهل تماما الأزمات الاقتصادية التي وضع السير هربرت صموئيل البلاد فيها عن عمد.

         5 - فالعرب الذين كانوا يرون أنفسهم مهددين بإضاعة منابع ثروتهم من جراء السياسة الخانقة التي كانت تتبعها حكومة فلسطين اضطروا إلى إرسال وفد إلى لندن في سنة 1922 لمفاوضة الحكومة الانجليزية بشأن إلغاء وعد بلفور وتأسيس حكومة وطنية ذات مجلس نيابي في فلسطين ولقد كان من نتيجة هذه المفاوضة أن أصدرت الحكومة الكتاب الأبيض الذي بينت فيه خطتها السياسية والمعنى الحقيقي الذي قصدته من وعد بلفور.

         وقد أخذت حكومة مكدونالد بهذا المعنى في سياستها الحاضرة.

تفسير الحكومة الانجليزية لعبارة "الوطن القومي اليهودي":

         6 - إن الكتاب الأبيض الصادر في سنة 1922 فسر في هذا الوعد بالصورة الآتية:

        "وقد أعاد اليهود في القرنين أو الثلاثة قرون الأخيرة إنشاء طائفة لهم في فلسطين يبلغ عددها الآن ثمانين ألفا ربعهم تقريبا مزارعون أو عملة في الأرض.

        ولهذه الطائفة إدارات سياسية خاصة منها مجمع منتخب لإدارة شئونها الداخلية ومجالس منتخبة في المدن ورئاسة حاخامين ومجلس رباني لإدارة شئونها الدينية. وتستعمل هذه الطائفة اللغة العبرية كلغتها الوطنية ولها صحف عبرية تفي بحاجاتها وهي تتبع نمطا تهذيبيا يميزها عن سواها وتبدي نشاطا كبيرا في الحركة الاقتصادية. فهذه الطائفة بسكان المستعمرات والمدن وهيئاتها السياسية والدينية والاجتماعية ولغتها الخاصة وعاداتها وطرق معيشتها الخاصة لها في الحقيقة مميزات قومية ومتى سأل سائل ماهو معنى تنمية الوطن القومي اليهودي في فلسطين يمكن أن يجاب على ذلك بأنه لا يعني فرض الجنسية اليهودية على أهالي فلسطين إجمالا بل زيادة نمو الطائفة اليهودية بمساعدة اليهود الموجودين في أنحاء العالم حتى تصبح مركزا يكون فيه للشعب اليهودي برمته اهتمام وفخر من الوجهتين الدينية والقومية. ولكن حتى يكون للطائفة اليهودية أمل وطيد لتقدمها الحر ويفسح للشعب اليهودي مجال واف كي يظهر فيه مقدرته كان من الضروري أن يعلم بأن وجوده في فلسطين هو كحق وليس كمنة. ذلك هو السبب الذي جعل من الضروري ضمان انشاء الوطن القومي لليهود ضمانا دوليا والاعتراف رسميا بأنه يستند إلى رابطة تاريخية قديمة".

        ان العرب صرحوا مرارا بأنهم يرفضون هذا الوعد المخالف للعهود المقطوعة للعرب في أثناء الحرب العامة (معاهدة الملك حسين مكماهون سنة 1915) وللمادة 22 من نظام عصبة الأمم والمجحف بحقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأنهم لن يترددوا لحظة واحدة في رفضه بالرغم من تفسيره بالكيفية المشار إليها لأن فلسطين العربية لن تكون إلا عربية وإن سياسة من شأنها جعل فلسطين ذات صبغة سياسية أخرى لن تكون نتيجتها سوى الفشل.

        ان هذا التفسير لم يذهب الغموض والإبهام الموجودين في نص وعد بلفور نفسه. وفضلا عن ذلك فإنه يوجد هنالك ذكر لا لتأسيس الوطن القومي اليهودي في فلسطين فقط بل لتنميته أيضا.

        7 - فالكتاب الأبيض الصادر في سنة 1922 يكون بهذه الصورة قد أدخل في وعد بلفور نصا جديدا لم يكن يحتوي عليه من قبل لأن تأسيس الوطن القومي اليهودي شيء والسعي لتنميته بعد أن يكون قد تأسس شيء آخر.

        والحق أن اللجنة التنفيذية العربية لا تقدر - كما أن غيرها لا يقدر - أن تستخرج معنى صحيحا من التفسير المشار إليه فإن إنشاء الوطن القومي اليهودي هو حسبما جاء في الكتاب الأبيض الصادر في سنة 1922 عبارة عن إيجاد طائفة يهودية في فلسطين يكون لها مميزات قومية بسكان المستعمرات والمدن وهيئاتها السياسية والدينية والاجتماعية ولغتها الخاصة وعاداتها وطرق معيشتها الخاصة.

        فلما وجدت اليوم في فلسطين طائفة يهودية لها هذه المميزات فالوطن القومي اليهودي المفسر بهذه الصورة يكون قد حصل


         غير أن تنمية هذا الوطن القومي التي فسرت بأنها زيادة في الطائفة اليهودية في فلسطين إلى أن تصبح مركزا يكون فيه للشعب اليهودي برمته اهتمام وفخر من الوجهتين الدينية والقومية لهي من مختلقات التفاسير السياسية. "فوعد بلفور وصك الانتداب" لا يحتويان على شيء من ذلك لأن التنمية المشار إليها ليس لها حد وإنها تلزم الحكومة بالبقاء في فلسطين مدى الدهر الأمر المخالف لوعد بلفور ولجوهر الانتداب الذي هو موقت في ذاته.

         فالعرب الذين لم يفهموا شيئا من هذه الألغاز في سنة 1922 حينما صدر الكتاب الأبيض المشار إليه لم يزدادوا فهما بعد صدور الكتاب الأبيض الأخير.

         8 - غير أن زعماء الصهيونيين لم يبالوا بالعبارات السياسية المبهمة فقرروا هم أنفسهم أن الحكومة الإنجليزية إنما جاءت لفلسطين لتعمل على تشجيع المهاجرة اليهودية وحشد اليهود في الأراضي إلى أن تصبح فلسطين ذات يوم دولة مستقلة تحت إشراف أكثرية يهودية لأن المهم في نظرهم ليس مصلحة البلاد ولكن تأسيس الوطن القومي اليهودي الذي هو غاية والذي اعتبر كذلك بزعمهم في صك الانتداب.

         ويكفي لإثبات هذا أن نورد هنا ما قاله الدكتور حاييم وايزمان رئيس الوكالة اليهودية في لندن في كتابة المؤرخ في 2 مارس 1930، المرسل إلى فخامة المندوب السامي لفلسطين بمناسبة تقريره السنوي إلى لجنة الانتدابات الدائمة وما قاله المستر هاري ساكر رئيس اللجنة الصهيونية في فلسطين حينئذ أمام لجنة شو.

         أما الأول فلقد قال في الكتاب المشار إليه:

         "إذا كان حقنا في الدخول لفلسطين متوقفا على ما يصيب أكثرية الأهالي الحاليين من الفوائد فإن حالتنا لا تختلف حينئذ في شيء عن حالة سائر المهاجرين للبلاد الأجنبية وأن مواد صك الانتداب التي تؤسس وطنا قوميا لليهود في فلسطين تفقد في هذه الحالة كل معانيها".

         وأما الثاني فقد أجاب بصفته شاهدا أمام لجنة شو عن أسئلة وجهها إليه أحد محامي العرب:

         المستر ستوكر: ما قولك في الوطن القومي اليهودي، هل تم تأسيسه حتى الآن؟

         ساكر: إن الوطن القومي في طور التكوين.

         المستر ستوكر: متى ترى أنه يكون قد تأسس؟

         ساكر: ليس هنالك من زمن معين يمكن أن يعتبر فيه ذلك الوطن القومي قد تأسس ووقف فيه هذا التأسيس وقد بينت أن حقوق اليهود في ظل الانتداب يجب أن تتزايد وتتسع اتساعا من شأنه اطراد الوطن القومي في النمو تبعا لبعض الأحوال وبذلك أقصد أن الوطن القومي ليس من الأمور التي تقف عند حد خاص في زمن ما.

         المستر ستوكر: هل وجهة نظرك هي أن الحالة الحاضرة حالة موقتة وأن هذا النظام التأسيسي سيستمر عددا من السنين دون أن ينتهي أو يصل إلى حد ما؟


        ساكر: ليس في تاريخ أمة حد ينتهي به تأسيسها.

        المستر ستوكر: وهل يكون هذا الانتداب أبديا ؟

        ساكر: لا ريب.

        المستر ستوكر: أفلا تكون بذلك قد جردت المادة 22 من عهد عصبة الأمم من معناها الذي يتضمن أن تتمتع تلك البلاد أو الجماعات أو الأمم التي بلغت درجة كافية من الرقي بحكومة مستقلة؟

        ساكر: هذه مسألة يقع على عصبة الأمم أمر تعيينها.

        المستر ستوكر: إن المادة 22 هذه تنص على ما يلي:
        "ان بعض الجماعات التي كانت تابعة للدولة التركية قد بلغت درجة من الرقي يمكن معه الاعتراف بوجودها مؤقتا كأمم مستقلة على أن تسدي إليها إرشادات ونصائح إدارية من قبل دولة منتدبة إلى أن تصبح قادرة على الوقوف وحدها".

        اليس من الواضح إذا أن عهد عصبة الأمم يترقب زمنا في المستقبل تكون فيه تلك البلاد قادرة على السير وحدها وذلك من غير أن تتطلب من الدولة المنتدبة معونة أو تدريبا أو ما شابه ذلك؟

        ساكر: ربما يحل ذلك الزمن في تاريخ فلسطين.

        المستر ستوكر: أليست إذن وجهة نظرك أن الوطن القومي اليهودي لم يتأسس بعد؟ وهو لا يزال في دور التكوين.

        ساكر: نعم هو في دور التكوين.

        ستوكر: متى ترى أن هذا الوطن يتأسس نهائيا وما هو رأيك في ذلك؟

        ساكر: أرى أن الصلة التاريخية بين اليهود وفلسطين هي صلة مستمرة وليست مما يقف عند حد.

        ستوكر: وهل تقصد أنه متى يزيد يهود فلسطين عن الجماعات الأخرى بعدد كبير يكون من المرغوب فيه إعطاء فلسطين حكومة ذاتية؟

        ساكر: لا. إن وجهة نظري هى بقاء الانتداب البريطاني إلى الأبد.

        ستوكر: ولكن ترى زيادة عدد السكان اليهود؟

        ساكر: بقدر ما أستطيع

        ستوكر: وترى أيضا أن الوطن القومي اليهودي لا يكون قد تأسس بوجه واف وإنما يظل سائرا في طريق التأسيس على الدوام فهل هذه هي وجهة نظرك؟

        ساكر: نعم تلك وجهة نظري.

        ستوكر: وهل هذه وجهة نظرك الشخصية أم وجهة نظر اللجنة التنفيذية الصهيونية؟


         ساكر: هي وجهة نظر كل شخص وذلك بقدر ما أعلم.

         ستوكر: لنفرض أن السكان اليهود زادوا وهم في دور تكوين الوطن القومي عن السكان العرب ضعفين أو ثلاثة أضعاف فهل ترون حينئذ أن الوقت قد حان لتأسيس دولة يهودية؟

         ساكر: حقا إنكم تسألونني عما يجب أن أنظر إليه في وقت بعيد لا أكون فيه حيا.

         ستوكر: إذا وجهة نظرك هي أنه مهما وصل إليه الوطن القومي اليهودي من تقدم ورقي ومهما كان عدد اليهود بالنسبة إلى بقية السكان فإن الانتداب يجب أن يستمر إلى الأبد.

         ساكر: أظن أن هذا ما تقتضيه مصلحة الكل.

         إن ليونارد شتاين الذي وضع بيان اللجنة الصهيونية على الكتاب الأبيض في نوفمبر 1930 كان أصرح من المستر ساكر في هذا الصدد. فلقد قال في هذا البيان إن جميع اليهود قد فهموا وعد بلفور كما فهمه الجنرال سمطس بأنه عبارة عن تحرير فلسطين والاعتراف بأنها وطن اسرائيلي.

         ولكن العرب الذين لم يوافقوا على انشاء وطن قومي لليهود في فلسطين لن يوافقوا طبعا على ما قد تختلقه التفاسير السياسية من هذا الوعد ولن يقبلوا أن تكون لفلسطين يوما ما صبغة غير صبغتها العربية.

         9 - إن الكتاب الأبيض ذكر أن الالتزام المتعلق بحماية مصالح جميع السكان في فلسطين له المكان الأول وأن سائر الالتزامات لا تعتبر إلا إذا كانت لا تعارض مصلحة الأهالي على الإجمال.

         فاللجنة مع موافقتها على هذا ترى أن الحكومة الإنجليزية لم تعر جميع البنود الواردة في المادة الثانية من صك الانتداب نفس الاهتمام.

         والحق أن هذه المادة تجعل الحكومة الإنجليزية مسئولة عن انشاء وطن قومي لليهود وعن العمل بذات الوقت على ترقية أنظمة الحكم الذاتي وضمان الحقوق المدنية والدينية لجميع السكان.


يتبع ..............
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75457
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية   الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية Emptyالسبت 29 أكتوبر 2016, 11:17 pm

............ تابع 


بيان اللجنة التنفيذية العربية
في الرد على الكتاب الأبيض الإنجليزي الصادر في
أكتوبر سنة 1930

         10 - إن من المستحيل أن يفهم أحد من العرب إصرار الحكومة الإنجليزية على عدم تعرضها مطلقا للشق الأول من الفقرة الثانية من هذه المادة والاكتفاء بطمأنة اليهود والعرب معا على القيام بالتزاماتها فيما يتعلق بالوطن القومي وضمان حقوق السكان. فهذه المادة توجب على الحكومة الإنجليزية وضع البلاد في حالات اقتصادية وإدارية وسياسية تضمن معها لا تأسيس الوطن القومي اليهودي فقط بل ترقية مؤسسات الحكم الذاتي التي هي عبارة عن السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية أيضا ويفهم من هذه المادة بصورة صريحة أن الحكومة الإنجليزية محظور عليها البدء بتنفيذ الالتزام الأول قبل الثاني لأن عليها أن تشرع ربما حسبما جاء في نص المادة باللغة الفرنسية التي لها رسميا ذات القوة فيما يتعلق بصكوك الانتدابات ولا يمنع من ذلك خلو النص الإنجليزي من عبارة بذات الوقت الواردة في المادة المذكورة بعد عبارة إنشاء الوطن القومي اليهودي والتي نظن أنها حذفت منه سهوا.


         11 - ولا يمكن القول بأن مؤسسات الحكم الذاتي تعني مجالس البلديات والمجالس المحلية في القرى لأن هذه إنما أنشئت في فلسطين وفقا للمادة الثالثة من صك الانتداب القائلة بأن على الدولة المنتدبة أن تشجع بقدر ماتسمح الأحوال بذلك الاستقلال المحلي.

         12 - ومما تجب ملاحظته هنا أن عبارة الحقوق المدنية والدينية قد وردت بفقرة واحدة في المادة الثانية مع عبارة مؤسسات الحكم الذاتي وهذا يدل على أن هذين الشيئين مربوطان معا وأنه يجب ترقية هذه المؤسسات لأجل ضمان الحقوق المشار إليها لأنه لا يتسنى لأحد المحافظة على هذه الحقوق بدونها ويستحيل حقا على أية حكومة أجنبية مهما كانت راقية أن تعرف احتياجات الأهالي فتسن ما يلزمهم من القوانين وتحسن إدارة البلاد والفصل في قضاياها بصورة تضمن حقوق الأهالي.

         13 - والوكالة اليهودية تزعم أن التزامات الحكومة الانجليزية المتعلقة بالعرب ليس لها نفس الاعتبار الذي للالتزامات المتعلقة باليهود. لأن وضعية هذه الحكومة بالنسبة إلى تلك الالتزمات على زعمهم هي المحافظة على الشيء الموجود بخلاف الالتزام الثاني الذي يلزمها القيام بأعمال معينة في صك الانتداب .

         ان المادة 11 من هذا الصك تنص على ما يلي:

         "على الحكومة الإنجليزية أن تتخذ جميع الوسائل اللازمة لصون مصالح الجمهور بكل ما له علاقة بترقية البلاد وعليها أيضا أن توجد نظاما للأراضي يلائم احتياجات البلاد ناظرة فيما تنظر فيه إلى الرغبة في زيادة حشد السكان في الأراضي وتكثيف الزراعة".

         ويتضح جليا من هذا أن الحكومة ملزمة بالمحافظة لا على ماهو موجود في البلاد فقط بل عليها أن تعني أيضا بكل ماله علاقة بترقيتها وعليها أيضا أن تعني بترقية الزراعة وإقطاع أراض زراعية للعرب الذين ليس لهم أراض في البلاد.

         14 - وفضلا عن ذلك فإن المادة السادسة من صك الانتداب ألزمت الحكومة الانجليزية بالمحافظة على حقوق العرب ووضعيتهم باعتبارهم أمة فعليها أن تحظر انتقال أية أرض عربية لليهود إذا كان هذا الانتقال مجحفا بهذه الحقوق والوضعية.

         ومن السفسطة التي لا مثيل لها قول الوكالة إن المقصود من عبارة "وضعية العرب" المنصوص عليها في هذه المادة هي الوضعية السياسية وإذن فالمادة على زعمهم تعني محافظة الحكومة على وضعية العرب السياسية ولو فقدوا كيانهم الاجتماعي والاقتصادي من جراء المهاجرة اليهودية واستيلاء اليهود على أراضي البلاد.

         15 - اجتهدت الحكومة الإنجليزية في الكتاب الأبيض الأخير أن تدحض ادعاءات اليهود من هذه الوجهة وأن تنفي كون الفقرات المتعلقة بالوطن القومي اليهودي هي الأساس الرئيسي لصك الانتداب وكون الفقرات التي ترمي إلى صيانة مصالح غير اليهود إنما هي اعتبارات ثانوية تقيد نوعا ما يدعى بأنه القصد الرئيسي الذي وضع صك الانتداب لأجله ولقد توصلت بنتيجة استقرائها مواد "صك الانتداب" الى الأمرين الآتيين:


(أ)
   

إن الالتزامات المثبتة في صك الانتداب بشأن فريقي السكان لهي ذات قوة متساوية.

(ب)
   

إن الالتزامين المفروضين على الدولة المنتدبة ليسا بأي جه كان مما لا يمكن التوفيق بينهما.

         16 - بيد أنه ليس من المستطاع أن نقول إن ذينك الالتزامين بشأن تأسيس الوطن القومي اليهودي وحماية مصالح العرب في فلسطين هما في درجة متساوية لأن الالتزام بتسهيل تأسيس الوطن القومي اليهودي مشروط فيه عدم الإضرار والاجحاف بمصالح العرب ووضعيتهم. وقد يكفينا لاثبات هذا أن نورد هنا المادة السادسة من صك الانتداب.

         "على حكومة فلسطين، مع ضمان عدم إلحاق الضرر بحقوق ووضعية الجماعات الأخرى أن تسهل الهجرة اليهودية في أحوال وشروط مناسبة وأن تشجع بمعونة الوكالة اليهودية المشار إليها في المادة الرابعة حشد اليهود في أراضي البلاد ومن جملتها أراضي الحكومة والأراضي الموات غير المطلوبة للمشاريع العامة".

         فالالتزام بتأسيس الوطن القومي اليهودي مقيد إذن بعدم إلحاق الضرر بالعرب ووضعيتهم الذي هو مطلق وغير مقيد بأي شرط كان.

         فإذا ظهر أن تأسيس الوطن القومي اليهودي يعارضه هذه المصالح والوضعية وجب أن يسقط حينئذ حتما.

         17 - إن اللجنة التنفيذية لا توافق أيضا الحكومة الإنجليزية على قولها إن هذين الالتزامين ليسا بأي وجه كان مما لا يمكن التوفيق بينهما. فإن لدى اللجنة ما يدعو إلى الاعتقاد الجازم باستحالة التوفيق بين هذين الالتزامين فضلا عن كون تأسيس الوطن القومي اليهودي في فلسطين يحول دون تمتع العرب بالحقوق السياسية التي بتمتع بها إخوانهم في العراق وسورية وشرق الأردن فقد ثبت أنه ضربة قاضية على حياة البلاد الاقتصادية والاجتماعية.

         وإذا كان في الاستطاعة القول بكل جزم أنه لا يوجد في فلسطين أرض ميسورة للمزارعين من المهاجرين الجدد كما قرر الكتاب الأبيض الأخير وكان الوطن القومي اليهودي لا يؤسس بدون أراض ولا رجال كما أشار إلى ذلك الدكتور حاييم وايزمان رئيس الوكالة اليهودية في كتابه المشار إليه آنفا فلنا أن نقول إذن بصورة جازمة أنه لا يمكن التوفيق بين الالتزامين المذكورين.

         وان الحكومة الإنجليزية نفسها اضطرت بعد قولها بإمكان التوفيق بين هذين الالتزامين إلى الاعتراف بأن موقفها بينهما شاق ودقيق جدا وأنها لا تأمل النجاح إلا إذا رغب زعماء العرب واليهود في التعاون عن طيبة خاطر مع إدارة فلسطين والحكومة الإنجليزية. وأن لها في هذا الصدد اعترافا هو تأييد لهذا القول:


         ومع ذلك فمن الضروري في هذا الصدد إيضاح مسألة واحدة هي من الأهمية بمكان ذلك أنه في الأحوال الخاصة بفلسطين لا يمكن لأية سياسة مهما كانت نيرة جلية أو مهما بذل من جهد في سبيل تنفيذها أن يقيض لها النجاح ما لم تنل التأييد من جميع هذه الجماعات التي وضعت لمنفعتها وخيرها ليس بقبولها فقط بل بتعاونها عن طيبة خاطر.

         18 - إن اللجنة التنفيذية تصرح هنا حالا باستحالة تأييد مختلف الجماعات في فلسطين للسياسة المشار إليها.

         ان الصهيونيين لا يستطيعون أن يؤيدوا فعلا هذه السياسة للسبب الآتي: وهو أن الصهيونيين معتدلين كانوا أم متطرفين يرمون جميعا إلى غاية إيجاد أكثرية يهودية في فلسطين على الأقل ولا يمكنهم أن يفهموا وطنا قوميا لا يتضمن هذه الغاية فلو قضي عليهم بالبقاء أقلية في فلسطين ما اختلفت حالتهم فيها، بزعمهم عما هم في البلاد الأخرى التي هم فيها أقلية أيضا.

         فما يرمون إليه إذن هو أن يكون لهم في فلسطين وطن قومي يكون فيه للستة عشر مليونا من اليهود المنتشرين في أقطار العالم أكثرية وبالتالي سيادة قومية.

         ولما نشرت الحكومة الإنجليزية هذه المرة الكتاب الأبيض الذي أشارت فيه إلى تحديد المهاجرة اليهودية وشراء الأراضي اضطروا أن يظهروا نياتهم وأغراضهم بشأن فلسطين وقاموا بدعاية هائلة ضد هذا الكتاب الذي من شأنه أن يحول دون مطامعهم الاستعمارية. فبينما كان جواب الدكتور حاييم وايزمان رئيس الوكالة اليهودية على الكتاب الأبيض الصادر في سنة 1922 للمستر تشرشل وزير المستعمرات حينئذ التأكيد بالعمل بمقتضى هذا الكتاب الذي لا يعارض رغائب جمعيته التي كانت في جميع الأوقات ترغب من صميم فؤادها في أن تتعاون مع جميع طبقات السكان في فلسطين وتمقت كل المقت الإجحاف لأدنى درجة بحقوق الأهالي غير اليهود المدنية أو الدينية أو بمصالحهم المادية فإننا نرى اليوم هذا الرجل نفسه يجيب اللورد باسفيلد عن كتابه الأبيض باستقالته من رئاسة الوكالة اليهودية كما أننا رأينا العالم الصهيوني يملأ الأرض صراخا وعويلا احتجاجا على هذا الكتاب بالرغم من عدم وجود أي اختلاف في المبادئ الواردة في الكتابين القديم والجديد.

         ان السبب في موقفي الدكتور حاييم وايزمان المتناقضين تجاه هذين الكتابين بسيط جداً فالصهيونيون كانوا يشعرون حينما صدر الكتاب الأبيض في سنة 1922 بأن الحكومة الإنجليزية على وفاق معهم في كون المهم في الأمر هو تأسيس الوطن القومي اليهودي ولو أضر ذلك بالعرب وإن المبادئ المثبتة في هذا الكتاب لن يعمل بها إلا على هذا الأساس ولقد زعموا أن الحكومة الإنجليزية نفسها لم تأت إلى فلسطين إلا لأجل القيام بهذه المهمة وأنه ليس لوجودها في فلسطين سبب آخر.

         واعتقدوا لذلك بأن الكتاب الأبيض المشار إليه من شأنه أن يزيد وضعيتهم السياسية تثبيتا وتمكينا. أما الكتاب الابيض الجديد فإنه يختلف في نظرهم عن الكتاب السابق ليس في المبادئ التي بنت عليها الحكومة الإنجليزية خطتها السياسية الجديدة ولكن بكيفية تنفيذ هذه المبادئ.

         ومن المفيد أن نورد في هذا الصدد تصريحات المستر هاري ساكر أمام لجنة شو:


         الرئيس شو: يوجد في صك الانتداب ذكر الأمرين: تأسيس الوطن القومي اليهودي والمحافظة على حقوق العرب المدنية والدينية فإذا تعارض هذان الأمران. أيهما يسقط؟

         المستر ساكر: لا أعتقد أنهما يتعارضان.

         الرئيس شو: ولكن افرض أنهما تعارضا مرة، خصوصا وأنه يمكن أن يحصل ذلك في نواح عديدة؟

         المستر ساكر: أني لا أرى أنهما يتعارضان ولا يمكن أن يتعارضا.

         الرئيس شو: لأضرب لك مثلا: إذا تم تأسيس الوطن القومي كما نظن أنه سيتم، فيمكن أن لا يتم إلا باستيلاء اليهود على جميع أراضي السكان الحاليين. وهذا يلحق طبعا بهؤلاء السكان ضررا باعتبارهم أمة فإذا فرضنا إمكان وقوع هذا الحادث فأي من هذين التعهدين يجب أن يسقط حينئذ، أتأسيس الوطن القومي اليهودي أم المحافظة على حقوق الأهالي؟

         المستر ساكر: ترغبون في معرفة وجهة نظري؟

         الرئيس شو: يوجد احتمال تعارض هذين الأمرين دائما بصورة من الصور ولا أعلم كيف يقع ذلك. ولكن توجد احتمالات عديدة في وقوع تعارض بينهما، والذي أرغب في معرفته هو إذا وقع تعارض مثل هذا فأي التعهدين يعتبر الأول؟

         المستر ساكر: من الصعب جدا القول أي التعهدين هو الأول حسب "صك الانتداب" ولكن فيما يختص بي فإني أرى أن التعهد الأول، وفاقا لهذا الصك، هو إيجاد الوطن القومي اليهودي.

         الرئيس شو: وهذا الذي كنت فهمته منك. ولكن على فرض صحة وجهة نظرك هذه بالنسبة إلى أحكام "صك الانتداب" ألا تعتقد أن ذلك يكون مخالفا لوعد بلفور الذي نص على أنه لا يعمل شيء في هذا الشأن يكون من شأنه إلحاق ضرر ما بحقوق الأهالي. فالاعتبار الأول في هذا الوعد إذن ليس لتأسيس الوطن القومي اليهودي. ولكن الوطن القومي هذا يجب أن يؤسس بصورة لا تضر بحقوق الأهالي. إني أسألك هذا بصفتك محاميا.

         المستر ساكر: إذا كنت تسألني ذلك بصفتى محاميا، فإني أعترف بصعوبة المسألة.

         الرئيس شو: ماهي وجهة نظر الجمعية الصهيونية في هذه المسألة الحقوقية.

         المستر ساكر: لا أعلم فيما إذا كانت هذه المسألة عرضت على الجمعية الصهيونية بالصورة التي هي موضوع البحث الآن.

         الرئيس شو: أظن أنه لابد أن تكون هذه المسألة قد كانت موضوع البحث كثيرا في الجمعية الصهيونية وأرى أنكم تعتقدون أن الالتزام الأول هو تأسيس الوطن القومي اليهودي وأنه إذا تعارض هذا الالتزام الثاني وهو المحافظة على حقوق الأهالي فإن هذا الالتزام هو الذي يجب أن يسقط أليس هذا هو وجهة نظر الجمعية الصهيونية؟

        المستر ساكر: إني أميل لوجهة النظر هذه.

        19 - إن العرب اعتادوا أن يعيشوا بأمان مع اليهود في جميع القرون السالفة وظلوا على وفاق معهم لكل ما فيه مصلحة البلاد وخيرها إلى أن ظهرت مطامعهم السياسية الاستعمارية التي من شأنها بناء قومية يهودية على أنقاض القومية العربية في فلسطين. فالعرب الذين أقاموا في هذه البلاد قرونا عديدة والذين عاشوا طيلة هذه المدة مع إخوانهم في سورية الشمالية والعراق أمة واحدة ولا يزالون جزءا منها بالرغم من التقسيمات السياسية لا يستطيعون أن يبقوا على ما كانوا عليه مع اليهود ما دام هؤلاء متمسكين بسياستهم الاستعمارية المشار إليها ومادامت غاياتهم تعارض غايات العرب القومية.

        ويظهر جليا من هذا أن العرب لا يمقتون اليهود لكونهم يهودا ولا يرفضون التعاون معهم لهذا السبب بل إنهم يتقبلون كل سياسة ترمي إلى مصلحة هذه البلاد العربية ونفعها غير أن اللجنة تؤكد أن اليهود الصهيونيين لن يعدلوا عن سياسة ترمي إلى إيجاد أكثرية يهودية في فلسطين الأمر الذي لا يستطيع العرب التسليم به أبدا.

        ان العرب لم يعتدوا على أحد وإن غاية ما يتوقون إليه هو المحافظة على كيانهم القومي وأن كل سياسة من شأنها أن تحول دون هذه الغاية لهي سياسة جائرة وإن القائمين بها هم وحدهم مسئولون عن نتائجها.

حقوق العرب بتأسيس الحكومة الوطنية:

        20 - بحثت الحكومة الإنجليزية في الكتاب الأبيض الأخير في بعض المواد الواردة في صك الانتداب والتي تحتوي على حقوق العرب في فلسطين وأكدت أنها عازمة على تنفيذها تماما في هذه المرة.

        21 - إن اللجنة التنفيذية العربية التي رفضت في كل فرصة الموافقة على صك الانتداب لمخالفته للعهود المقطوعة للعرب وللمادة 22 من نظام عصبة الأمم تشكر للحكومة الإنجليزية مع ذلك توخيها في بحثها هذا طمأنة العرب على حقوقهم المادية والدينية. ولكنها تنكر عليها من جهة أخرى إصرارها على عدم البحث في المواد المتعلقة بحقوق العرب السياسية.

        فصك الانتداب يحتم مثلا على الحكومة الإنجليزية تأسيس حكومة وطنية في فلسطين حالا:

(أ)
   

إن كلمة الانتداب تفرض وجود دولة منتدبة وحكومة منتدب عليها ولا يوجد في فلسطين أثر لهذه الحكومة.

(ب)
   

إن المادة 22 من عهد عصبة الأمم التي هي الأساس الرئيسي لصك الانتداب تحتم وجود دولة مرشدة غير أن هذه الدولة لم تخلق بعد.

(جـ)
   

إن الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من صك الانتداب ألزمت الدولة المنتدبة بوضع البلاد في حالات اقتصادية وإدارية وسياسية يسهل معها ترقية الحكم الذاتي.

         فالحكم الذاتي الذي يتألف من السلطات التشريعية والإدارية والقضائية ليس له أي وجود بعد في فلسطين.

(د)
   

إن مواد صك الانتداب كلها تبحث في واجبات حكومة فلسطين وعلاقاتها بالحكومة الإنجليزية ولكن حكومة فلسطين هذه لم تولد بعد فالحكومة الإنجليزية قائمة اليوم مقام الحكومة المنتدبة والحكومة المنتدب عليها معا.

       22 - جاء في الكتاب الأبيض الأخير مايلي:

       "كما أنه من العبث أيضا من الجهة الثانية للزعماء العرب أن يصروا على مطالبهم بوضع نوع من الدستور يجعل قيام حكومة جلالته بالتعهد ذي الشقين المشار إليه آنفا في حكم المستحيل".

       ان اللجنة لا توافق الحكومة الإنجليزية على هذا الرأي، ولا تقرها على أن العرب يصرون عبثا على المطالبة بحقوقهم الأساسية.

       لم تر اللجنة الحكومة الفرنسية في سورية ولا الحكومة الإنجليزية في العراق، تتخذان العهود الدولية، حجة لحرمان أهالي هذه البلاد من تمتعهم بحكومات وطنية ومجالس نيابية.

       ففرنسا التي مازال الشرقيون يرون من سياستها الاستعمارية ما يرون، لم تهضم شيئا من حقوق البلاد التي انتدبت إليها، بالنسبة إلى الحقوق التى حرم الإنجليز العرب منها في فلسطين.

       احتلت الحكومة الإنجليزية هذه البلاد، وإدارتها في الثلاث عشرة سنة التي خلت، إدارة مباشرة، لا يجهل أحد ما كان لها من سوء تأثير وأعمال غاشمة. ولقد كنا نميل إلى الاعتقاد أن الحكومة الإنجليزية التي عرفت بالاختبار خطل هذه السياسة واطلعت على مانجم من أضرار لن تلبث أن تغير سياستها في هذه البلاد تغييرا أساسيا.

       23 - فاللجنة رأت اليوم، مع الأسف، أن الحكومة الإنجليزية لن تغير شيئا من شكل الإدارة السابقة. وغاية ماهنالك أنها ظلت واقفة عند اقتراحها بتأسيس المجلس التشريعي الذي عرضته منذ ثماني سنوات.

       وان حجة الحكومة الانكليزية في ذلك هي، كما قلنا سابقا، خشيتها. أن لا تستطيع القيام بما تسميه "التزاماتها الدولية" تجاه عصبة الأمم إذا هي رفضت بالموافقة على تمتع العرب بحقوقهم السياسية. ولكن الحكومة الانكليزية قد عهدت إلى المندوب السامي في فلسطين وحده في أمر القيام بهذه الالتزامات. فلقد ورد في "الكتاب الأبيض" تحت فصل "التطورات الدستورية" نص خاص بذلك:

       .. وسيبقى المندوب السامي متمتعا بالصلاحية الضرورية التي تمكن الدولة المنتدبة من القيام بالالتزامات المترتبة عليها إزاء عصبة الأمم ومن ذلك صلاحية وضع أي تشريع تقتضيه الحاجة الماسة وتوطيد النظام.

       فالسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، كل هذه السلطات التي تتكون منها حكومة فلسطين ليس لها إذا أي علاقة بهذه الالتزامات وفقا لهذا النص إذ أن أمر القيام بها منوط بالمندوب السامي وحده.

       فإذا كانت الحالة هي هذه فما معنى إصرار الحكومة الإنجليزية إذن على حرمان الفلسطينيين من تأسيس حكومة مسئولة لدى مجلس نيابي؟


         ان اللجنة تعتقد أن مشروع المجلس التشريعي المقترح في الكتاب الأبيض ناقص ولا يوافق رغبات الأمة وأمانيها وهي من أجل هذا ترى لزاما عليها أن تستمر على المطالبة بحقوق الأمة إلى أن تتحقق تلك الأماني والرغبات كاملة.

         24 - تؤكد اللجنة التنفيذية على نور التجربة الطويلة أن هذه البلاد لن يقيض لها أن تعيش بسعادة مادامت تحكم بواسطة إدارة إنجليزية صرفة. واللجنة تعتقد أن الحالة في فلسطين لن تتحسن من الوجهتين الاقتصادية وتوطيد النظام مادامت الحكومة الإنجليزية لا تعدل عن سياستها الحاضرة ولا توافق على إدارة فلسطين بواسطة أهلها. ذلك لأن نتيجة الاختبار. ليس في فلسطين فقط ولكن في جميع العالم أثبتت أن البلاد لا تترقى ويستتب الأمن فيها إلا بواسطة أهلها فشرق الأردن ما كانت لتحصل على الأمن الذي نشاهدها تتمتع في نعيمه اليوم لو لم يسلم أمر إدارتها إلى أهلها العرب.

         ان البلاد المقدسة لم تكن تعرف قبل الاحتلال البريطاني الثورات والاضطرابات التي أصبحت تهددها اليوم بصورة دائمة فالحكومة الإنجليزية لم تر مندوحة من أن تحتفظ في الوقت الحاضر بفرقتين من المشاة وسربين من الطيارات وأربع فرق من السيارات المصفحة وأن تقوي فرقتي البوليس البريطاني والفلسطيني وتضع مشروعا للدفاع عن المستعمرات اليهودية كما أنها ترغب في أن تتخذ وسائل أخرى كثيرة في هذا الشأن.

         واللجنة تؤكد أن سياسة تقوم على الحديد والنار لن تكون عاقبتها إلا الفشل. لأن دعائم السلام لا تقوم إلا على أسس العدل والإنصاف.

         اما السياسة المؤسسة على الإرهاب إذا نجحت يوما فإنها لا محالة فاشلة في يوم آخر ففلسطين بلاد فقيرة. وقد ازدادت فقرا وبؤسا منذ الاحتلال البريطاني وثبت فوق ذلك أن الضريبة التي يدفعها الفلسطيني فادحة جدا وأن السياسة الصهيونية كانت العمل الأساسي في تضخم ميزانية الحكومة وأن ميزانية البوليس وحدها تبتلع مبلغا كبيرا من هذه الميزانية. وليس من الإنصاف والعدل في شيء أن تلجأ الحكومة لأجل تطبيق السياسة الصهيونية وتأسيس الوطن القومي اليهودي كما أشارت إلى ذلك في الكتاب الأبيض إلى زيادة الطيارات والجند والبوليس فتصبح هذه الميزانية أكثر ضخامة وأشد بلاء على هذه الأمة التعسة الحظ من ذي قبل. وقد اعترفت الحكومة الإنجليزية بهذه الحقيقة المرة على الكيفية الآتية:

         "وقد وقع على كاهل مالية فلسطين عبء ثقيل من جراء الضرورة التي دعت إلى زيادة قوات الأمن العام زيادة كبرى. إلا أن هذه الزيادة اعتبرت ضرورية في نور الحوادث التي وقعت في خريف سنة 1929، وليس في الاستطاعة التنبؤ بالزمن الذي يمكن فيه تخفيض النفقات في هذا الباب بدون خطر. إذ أن ذلك التخفيض يجب أن يتوقف لدرجة كبرى على نجاح هذه السياسة الجديدة وعلى تحسين العلاقات المتبادلة بين العرب واليهود ذلك التحسين الذي تأمل حكومة جلالته أن يكون إحدى نتائج تلك السياسة.

         ولكن وعد بلفور الذي يمقته العرب كل المقت لم يفرض على الحكومة الإنجليزية تأسيس الوطن القومي اليهودي بالقوة لأن كل ما ورد في هذا الوعد هو كتابة عن أن الحكومة البريطانية تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين


وأن تبذل أحسن مجهوداتها في سبيل تسهيل الوصول إلى هذه الغاية" لا سيما إن هذه الحكومة لم تعط هذا الوعد إلا بعد أن أكدت أنها "لن تعمل شيئا في هذا السبيل يكون من شأنه إلحاق الضرر بالحقوق المدنية أو الدينية التي للجماعات غير اليهودية في فلسطين".

         فاللجنة تؤكد لذلك أنه يوجد في تذرع الحكومة الانكليزية بالقوة من جهة وبإرهاق العرب بالضرائب الفادحة من جهة أخرى لتأسيس الوطن القومي اليهودي مخالفة لوعد بلفور نفسه.

         حسن من الحكومة الانكليزية أن تعمل قبل كل شيء على توطيد أركان السلام. لكن الأحسن أن تلتزم اليهود، في سبيل هذه الغاية ليس فقط بالتنازل من جهتهم عن التصورات الاستقلالية الانفصالية التي أخذت تنشأ في بعض الدوائر فيما يتعلق بالوطن القومي اليهودي. بل بالعدول عن كل سياسة تعارض حقوق العرب القومية مما يضمن بقاء البلاد المقدسة مركزا للسلام العام.


يتبع .......
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75457
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية   الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية Emptyالسبت 29 أكتوبر 2016, 11:18 pm

............  تابع


بيان اللجنة التنفيذية العربية
في الرد على الكتاب الأبيض الإنجليزي الصادر في
أكتوبر سنة 1930


السواحل:

         38 - ورد في الشهادات التي أديت أمام لجنة شو، وثبت من التحقيق الذي قام به المستر فولكاني، المهندس الزراعي اليهودي، وهو لا يتهم طبعا بمحاباته للعرب. إن القسم من هذه السواحل الصالح لزراعة البرتقال، وهى أغنى أراضي فلسطين قاطبة، يتراوح بين 220.000 و 250.000 دونم وإن اليهود استولوا على ما يزيد عن 200 ألف دونم من هذه الأراضي حتى الآن. وفضلا عن ذلك فإن القسم الأكبر منها يملكه صندوق المال الوطني اليهودي باسم جميع يهود العالم. وأصبح العربي لا يأمل أن يستفيد منها يوما ما، لا بالإيجار ولا بالشراء. إن العرب كانوا يملكون قبل الاحتلال البريطاني جميع الأراضي، وكانوا يزرعونها كلها برتقالا وبطيخا، ولكن زراعة البطيخ أصبحت نادرة بسبب ضياع القسم الأوفر من هذه الأراضي.

مرج بني عامر وسهل عكا:

         39 - استولى اليهود على معظم مرج بني عامر وعلى السهل الواقع بين حيفا وعكا في سنة 1925 ويجدر بالذكر أن السهل الثاني الذي هو أصغر مساحة من سهل مرج بنى عامر هو وحده أكبر من كل السهول الباقية للعرب.

         وكان العرب يزرعون هذين السهلين سمسما وذرة في موسم الصيف وهذان النوعان من الزراعة يأتيان رأسا بعد زراعة البرتقال والبطيخ من حيث القيمة والفائدة. فالعرب قد خسروا هذا النوع من الزراعة بسبب فقدهم هذه السهول وأصبح الفلاح العربي مهددا بقضاء الموسم الصيفي بلا عمل.

         40 - لابد للجنة هنا من أن تشكر السرجون هوب سمبسون الذي كذب بصورة قاطعة ادعاء الصهيونيين، ومنهم السر هربرت صموئيل، بأن اليهود قد جعلوا هذا السهل جنة عدن بعد أن كان خرابا. فلقد ثبت من الشهادات الواردة أمام لجنة شو ومن التحقيق الذي قام به السرجون هوب سمبسون أن العرب كانوا يزرعون هذا السهل بصورة أوفى من اليهود.

الحولة:

        41 - تتصرف بهذا الحقل الخصيب شركة سورية، بمقتضى الامتياز الذي كان قد منح لها في زمن الحكم التركي. واللجنة توافق على اقتراح السير جون هوب سمبسون القائل بتملك هذا الحقل من قبل الحكومة على أن يقطع بعد ذلك للفلاح العربي.

        42 - ورد في المادة السادسة من صك الانتداب ضرورة تشجيع حشد اليهود في الأراضي، بما فيها أراضي الحكومة. ويظهر أن واضع هذا الصك كان يظن أن الحكومة التركية تملك مساحات شاسعة من الأراضي خالية من السكان، وأنه من الممكن منحها للجمعية اليهودية ليستعمرها مهاجرو اليهود.

        ان تلك الأراضي التي قيل إنها ملك الحكومة هي، بالحقيقة، كناية عن أراض يملكها المتصرفون الحاليون منذ القديم، وقد سجلت باسم الحكومة بفضل الأنظمة الاستبدادية التي كانت تشن في العهد التركي ويرغبة السلطان عبد الحميد في تملك أراضي في البلاد المقدسة. وإن الحكومة التركية التي كانت تعلم حقيقة الأمر لم تحاول مرة واحدة إخراج أحد أولئك المتصرفين من تلك الأراضي. وعلى فرض أن الحكومة التركية تملكت الأراضي المذكورة بمسوغ مشروع، فليس من شريعة سماوية أو موضوعة تجيز أن يهب أجنبي ملك غيره لأجنبي آخر وأن يخرج منها أصحابها الشرعيين.

        ويظهر أن السير هربرت صموئيل الذي لا يتهم بمحاباته للعرب قد أدرك هذه الحقيقة فاعترف بها في تقريره الرسمي عن إدارة فلسطين لسنتي 1920 - 1925، حيث قال:

        "جاء في المادة السادسة من صك الانتداب لفلسطين أن على الحكومة مع ضمان عدم إلحاق الضرر بحقوق ووضعية الجماعات الأخرى، أن تسهل المهاجرة اليهودية في أحوال وشروط مناسبة وتشجع حشد اليهود في الأراضي، ومن جملتها أراضي الحكومة وأراضي الموات غير المطلوبة للمشاريع العامة، إلا إنه لم يكن من المستطاع تنفيذ القسم الأخير من هذه المادة لأن أغلب أراضي الحكومة يتصرف بها العرب ولا يمكن انتقالها إلى غيرهم بدون إلحاق الضرر بهم وبدون مس هذه المادة التي وضعت للمحافظة على حقوقهم. ومعظم الأراضي الأخرى إما صخرية أو لا ماء فيها. وكل محاولة لإسكان اليهود فيها تكون مجلبة للكوارث". وقد اعترف في مكان آخر بأن "أراضي بيسان، وإن كانت انتقلت ملكيتها بمقتضى القانون العثماني إلى الحكومة قد كان للزراع العرب حق معنوي قوي لاستمرارهم على التصرف بها، مما اضطر إلى الاعتراف بهذا الحق".

        فأراضي الحولة، هي كأراضي بيسان، يزرعها العرب من قديم ولهم فيها حقوق معنوية قوية. وليس هنالك ما يسوغ، بأي وجه كان إخراجهم منها، لأجل إسكان مهاجري بولونية وروسية وغيرهم فيها.

        أما أراضي الموات المذكورة في المادة السادسة المشار إليها، فهذه كناية عن أراض حجرية أو جبلية لا يملكها أحد، وإن قانون الأراضي العثماني الصادر في سنة 1274 هـ (1857م) بحث فيها لوجود أراض من نوعها في المملكة العثمانية.


         ان المادة 103 من هذا القانون لا تعد أرضا مواتا، إلا إذا، اجتمعت فيها الأوصاف الآتية:

1 -
   

أن تكون بعيدة عن أقاصي العمران لحد لا يسمع منه صوت الشخص الجهوري.

2 -
   

أن تكون غامرة كالصخر أو الوعر أو ماشابه ذلك.

3 -
   

أن لا تكون ملكا لأحد.

4 -
   

أن تكون مخصصة لمنفعة بعض المدن والقرى.

         فيكاد يستحيل وجود أراض في فلسطين تتوفر فيها هذه الأوصاف.

         ذلك لأن هذه البلاد مقسمة إلى قرى يحد بعضها بعضا دون أن يكون هنالك فاصل ما بين حدود قرية وأخرى، وأن جميع قرى فلسطين يملكها أهلها، بما فيها من جبل ووعر. فالحكومة العثمانية التي كانت تعرف هذه الحقائق، الزمت مأموري الأراضي بإعطاء وثائق رسمية - سندات طابو - لأصحاب الأراضي لتقوم دليلا على ملكيتهم لها. وقد طاف هؤلاء المأمورون البلاد منذ خمسين سنة وقيدوا قسما من الأراضي في سجلاتهم وأعطوا أصحابها " سندات طابو " حسب إشارة الخبيرين بأحوال القرى، غير أن قسما كبيرا من الأراضي بقي بدون تسجيل.

         غير أن ذلك ما كان ليضر أحدا، لأن الحكومة العثمانية لم تحاول مرة أن تحظر على أحد أن يتصرف في أراضيه، بحجة عدم حصوله على " سند طابو " يشعر بملكيته لهذه الأراضي. وفضلا عن ذلك فلقد كانت تشجع الأهالي على زرع الأراضي التي لا مالك لها وتمنحها لهم مجانا أو لقاء دفع مبلغ جزئي من المال. وقد دامت الحال. على هذا المنوال إلى أن تأسست حكومة السر هربرت صموئيل. فهذه الحكومة التي كانت مسئولة عن " إيجاد نظام للأراضي يلائم احتياجات الأهالي. وفقا للمادة 11 من صك الانتداب قد سلبت، بقوانين وضعتها لغايات سياسية ما كان للأهالي من حقوق زراعية، في عهد الحكم العثماني. فالسرهربرت صموئيل لم يضع هذا الخمر الجديد في زق جديد " كما أشار إلى ذلك في تقريره الرسمي عن سياسة فلسطين في سنتي 1920 - 1925 ولكنه أراق ما كان في زقنا القديم من خمر عتيق جيد، دون أن يعوض البلاد بما هو أطيب منه.

         ان المادة 103 من قانون الأراضي العثماني تخول كل إنسان زراعة أية أرض موات، وتلزم مأمور الأراضي بتسجيلها له مجانا، إذا هو زرعها بإذن منه أو مقابل مبلغ قليل من المال، إذا زرعها بدون إذن.

         ففي سنة 1921 أصدر السر هربرت صموئيل أمرا بالغاء هذه المادة وحظر على أي كان زرع أرض غامرة وعرض المخالف للمحاكمة والعقاب.

         ولم تكتف الحكومة بهذا، إذ أنها حاولت الاستيلاء على الأراضي المتروكة منذ القديم لمنفعة أهالي القرى، كما أنها استولت حتى الآن على مليون ونصف مليون دونم ونيف من الأراضي لتجعلها اخراجا وقد سجلت نصف هذه الأراضي باسمها وأنها تحاول الآن تسجيل الباقي.

         ان إدارة فلسطين لم تكن تجهل أن جميع أصحاب الأراضي في فلسطين لم يسجلوا، في زمن الحكم العثماني، أراضيهم كلها. فلقد كان الكثيرون منهم يكتفون

بزراعة أراضيهم ويعدون تصرفهم القديم فيها عنوانا ثابتا لملكيتهم، فلقد خسر بعض هؤلاء أراضيهم وأصبح الباقون مهددين بالالتحاق بطبقة المزارعين العاطلين الذين لا أرض لهم.

         ان اللجنة، لا تنسب هذا الظلم الفادح الذي ابتلي به العرب إلى سياسة الحكومة الانكليزية بصورة مباشرة، ولكنها لا تقدر من جهة أخرى إلا أن تعدها مسئولة عن كل ما أصاب البلاد من بلاء في هذا الشأن فإنها هي التي أناطت مراقبة الأراضي في فلسطين بصهيونيين، يسيطرون على دوائر الأراضي يسيرونها حسب رغائب الصهيونيين، ولهؤلاء الصهيونيين محام من جنسهم يتعاونون معه على حل المسائل القانونية العوصة. وهذا المحامي هو النائب العام لحكومة فلسطين.

         ان اللجنة التنفيذية كانت قد احتجت في حينه على هذه الأنظمة وهذه الأعمال، لا سيما على إناطة مراقبة الأراضي بصهيونيين يصرفون همتهم وغيرتهم في سبيل استيلاء اليهود على أراضي البلاد.

         ولا يسع اللجنة إلا أن تكرر بهذه المناسبة احتجاجها الشديد على نظام الأراضي الحاضر وتولية الصهيونيين لتنفيذه، وتصر اللجنة على طلب تغيير هذه السياسة تغييرا أساسيا، لا سيما وقد أثبت تقرير السير جون هوب سمبسون أنه يوجد بين العائلات القروية العربية، التي يبلغ عددها 86.980 عائلة نحو 29.4 في المائة بلا أرض، وأن الأراضي الزراعية الباقية للعرب غير كافية لاحتياجاتهم وأن مواليد العرب تزداد كثيرا، في كل سنة، عن عدد الوفيات فيها.

         43 - ومما هو جدير بالذكر تكذيب الحكومة الانكليزية في الكتاب الأبيض الأخير، لتبجحهم وقولهم أن الاستعمار الصهيوني كان مفيدا للجميع في فلسطين. فقد أشارت في هذا الكتاب إلى هذا الأمر المهم، بلباقة:

         ".. لكنه من الضروري عند البحث في هـذا القسم من المعضلة (تأثير استعمار اليهود في السكان العرب) أن يميز بين الاستعمار الذي تقوم به جمعية الاستعمار اليهودي في فلسطين (المعروفة عموما بالبيكا) وبين الاستعمار الواقع تحت إشراف الجمعية الصهيونية..."

         فإذا ما نظرنا إلى السياسة الماضية التي اتبعتها جمعية "البيكا" نرى أن العرب لم يتضرروا كثيرا من إنشاء المستعمرات اليهودية. وقد كانت العلاقات حسنة فيما مضى بين أهالي المستعمرات وجيرانهم العرب.

         أما المحاولات التي قامت لإثبات الادعاء القائل بأن الاستعمار الصهيوني لم يلحق مزارعي الأراضي التي يملكها اليهود بالطبقة التي لا أرض لها، فقد كذبها التحقيق الذي قام به أخيرا السير جون هوب سمبسون.

         واذا علم أن جمعية "البيكا" أسست في العهد العثماني، وأن الأراضي التي تملكتها في البلاد قليلة، ظهر جليا أن القول بأن الاستعمار الصهيوني كان مفيدا لجميع أهالي فلسطين، هو افتراض محض، فالعرب لم يستفيدوا من الاستعمار الصهيوني شيئا قط، بل خسروا كل فائدة من أية أراض استولى عليها صندوق رأس المال المشار إليه.


         44 - وفضلا عن ذلك فقد حرم اليهود العرب من حقوق المزارعة التي خولهم إياها القانون، دون أن تحاول إدارة فلسطين مرة واحدة المحافظة على حقوقهم هذه. ومن ذلك أن اليهود استولوا في سنة 1925 على مرج بني عامر الذي كان يعيش فيه: 1270 مزارعا عربيا وقد كان على اليهود أن يقطعوا لكل مزارع فيه أرضا كافية لمعيشته وفقا لقانون حماية المزارعين لسنة 1921. ولكن اليهود لم يبالوا بذلك فطردوا من استطاعوا طرده من مزارعي العرب في هذه الأراضي، وخدعوا البعض بإعطائهم مبالغ زهيدة لا تفي بحاجاتهم، وقد لقنوهم درسا بقتل أحدهم لأصراره على البقاء في الأراضي التي اعتاد هو وآباؤه زرعها منذ القديم. وكذلك كانت الحالة في أراضي وادي الحوارث التي استولى عليها اليهود في سنة 1929 حيث أخرجوا منها المزارعين العرب الذين يعدون بألفي شخص والذين كانوا يزرعون هذه الأراضي هم وآباؤهم من قبل. غير أن ما حل بهؤلاء العرب كان أشد وأفظع مما حل بإخوانهم في مرج بني عامر. إذ أن مزارعي وادي الحوارث لم يخرجوا من أراضيهم إلا بعد أن بطش بهم البوليس، وأسال دماء بعضهم، ولا يزال الكثيرون منهم هائمين في البراري والقفار بدون ملجأ ولا قوت.

         45 - فهنا تؤيد اللجنة التنفيذية قول الحكومة الانكليزية أنه لا يوجد اليوم في فلسطين أية أرض ميسورة لحشد مزارعي اليهود. واللجنة مع ترحيبها بالمشاريع التي عزمت الحكومة على القيام بها لتحسين الزراعة فإنها تعتقد أن هذه المشاريع لا تهيىء لليهود أراضي إضافية يمكن للعرب الاستغناء عنها. فلقد ثبت لنا أن العرب لا يملكون أراضي زراعية كافية للقيام بأود معيشتهم، وإنهم في حاجة إلى ما يقرب من مليوني دونم عما يملكونه الآن، وأنه يوجد بعين العائلات القروية 29.4 في المائة بلا أرض.

         ان احتياج العرب إلى الارض سوف يزيد كثيرا عن هذا المقدار في السنين الآتية من جراء زيادة المواليد على الوفيات في هذه البلاد.

         فوالحالة هذه لا يكفي ملاحظة احتياج العرب الحاليين إلى الأراضي الزراعية فقط، بل يجب التفكير في مصلحة الأجيال الآتية أيضا.

         واذا لوحظت هذه المسألة، أمكننا أن نقول فورا أن أساليب الزراعة الجديدة المنوي إنتهاجها لتحسين الأراضي حسب توصيات السرجون هوب سمبسون يجب السير عليها لمصلحة السكان العرب الحاليين والآتين معا في فلسطين لا فردا فردا، ولكن المحافظة على حقوق العرب بصفتهم أمة. ولا يلاحظ في حياة الأمة مصلحتها في قرن معين. ولكن في كل القرون.

         فعلى نور الحقائق الآنفة الذكر يجب تفسير العبارات الآتية التي وردت في الكتاب الأبيض وهي:

         "ان وجود أراض زائدة لليهود يتوقف على مايتم من التقدم في زيادة إنتاج الأراضي العامرة .. فباتباع مثل هذه السياسة (التحسين الزراعي) فقط يستطاع حشد مزارعين آخرين من اليهود في الأراضي على وجه موافق للأحكام المثبتة في المادة السادسة من "صك الانتداب" ومثل هذه النتيجة لا تحصل إلا بأعمال تستغرق سنوات عديدة. ولذا فمن حسن حظ الجمعيات اليهودية أن تكون مالكة الآن أراضي واسعة احتياطية لم تسكن ولم تعمر بعد. وعلى ذلك ستمكن استمرار اليهود على عملهم بدون انقطاع

ريثما توضع تدابير عمومية أخرى لتحسين الزراعة يستطيع العرب واليهود الاستفادة منها.

         46 - والنتيجة الطبيعية التي يستطاع استخراجها من هذه المقدمات هي منع انتقال الأراضي الزراعية من العرب لغير العرب.

         ولكن اللجنة تأسف أن ترى الحكومة الانجليزية قد ابتعدت عن القول لهذه النتيجة واتبعت طريقا لحل معضلة الأراضي، لا تلائم تلك المقدمات. فهي بدلا من أن تقرر حالا منع انتقال الأراضي الزراعية من العرب لغيرهم، أناطت مراقبة التصرف بالأراضي بحكومة فلسطين وخولتها القيام بأمر تقديرها. وهذا ما ورد في الكتاب الأبيض.

         ومع ذلك فمن الواجب بحكم الضرورة، أن تناط مراقبة التصرف في الأراضي بالسلطة القائمة بهذا التحسين، فلا يسمح به إلا متى كان ذلك الانتقال لا يعارض خطط تلك السلطة. وإذا نظرنا إلى مسئوليات الدولة الانجليزية ظهر أن هذه السلطة يجب أن تكون إدارة فلسطين ومن هذا النص نستخرج النتيجتين الآتيتين:

(أ) يستطيع اليهود الاستيلاء على أراض زراعية جديدة، بشرط الحصول على موافقة المندوب السامي لفلسطين.

(ب) لا يسمح بانتقال الأراضي بين العربي وأخيه العربي إلا بإذن المندوب السامي.

         فهاتان النتيجتان لا توافقان المادة 6 من "صك الانتداب" لأن هذه المادة تجعل الحكومة مسئولة عن حقوق العرب ووضعيتهم تجاه خطر الاستعمار اليهودي. كان على الحكومة الإنجليزية، إذن أن تقرر حالا وفقا لهذه المادة، منع أية أرض من العرب إلى اليهود، وليس في هذه المادة من شيء يقيد حرية تصرف العرب فيما بينهم بالأراضي بأي قيد كان، كما أنه لا خطر على حقوق العرب ووضعيتهم من بقاء هذه الحرية.

         فقد نصت المادة السادسة المذكورة على صون أراضي العرب إزاء اليهود لأن المقصود من ذلك، المحافظة على كيان الأمة العربية. فإبقاء حرية التصرف بهذه الأراضي فيما بين العرب لا يؤثر في هذا الكيان.

         ويلوح للجنة أن عدم تقرير هذا المبدأ حالا يكون سببا لإيجاد قلاقل جديدة. لأن الصهيونيين لن يتركوا حيلة للضغط على المندوب السامي للحصول على ما يلائم غايتهم الاستعمارية في الأراضي الزراعية فتعليق انتقال الأراضي الزراعية لليهود على موافقة المندوب السامي ليس من شأنه، على هذه الصورة، أن يزيل مخاوف العرب.

         ان حكومة فلسطين السابقة لم تنفذ المبادئ التي قررها "الكتاب الابيض" الصادر في سنة 1922 لمصلحة العرب، ولا يوجد أي ضمان لهؤلاء بأن حكومات فلسطين اللاحقة سوف تنفذ المبادئ التي قررها لصالحهم "الكتاب الأبيض" الأخير.

         وليس من الممكن تفسير موقف الحكومة الانكليزية هذا إلا بما يشاع عن ضعفها تجاه الضغط اليهودي الشديد. ولكن ضعفا مثل هذا لن يكون مثالا حسنا للفلسطينيين.

         فاللجنة لذلك تلح بإصرار على أن يقرر حالا مبدأ منع انتقال الأراضي من العرب لغيرهم.

         وقد بقيت هنا مسألة لم يشر إليها "الكتاب الأبيض" وهي مسألة الديون في فلسطين.

         فمسألة الديون التي هي معقدة في ذاتها قد أصبحت مخيفة وخطرة في الزمن الحاضر. وليس من ينكر أن للسياسة الصهيونية علاقة كبيرة فيها. لأن مزارعي العرب الذين أصبحوا عاجزين عن القيام بأود معيشتهم من جراء الضرائب الفادحة التي يدفعونها للحكومة اضطروا إلى الالتجاء، بحكم الضرورة، إلى المرابين الذين يقرضونهم المال بفوائد فاحشة جدا. وقد اضطر بعضهم إلى بيع أراضيهم وفاء لديونهم المذكورة.

         ويرزح القسم الغالب من مزراعي العرب اليوم تحت عبء هذه الديون التي لا يستطيعون تسديدها. إذا كانت الحكومة راغبة في تحسين حالة الفلاح، فيتحتم عليها حل معضلة الديون قبل كل شيء.

         واللجنة تقترح أن تعين الحكومة لجنة خاصة لتصفية هذه الديون على وجه يلائم مصلحة الفلاح العربي.

المهاجرة:

         47 - جاء في "الكتاب الأبيض" إن الحكومة الانكليزية بحثت أخيرا في النظام الذي تتبعه حكومة فلسطين في مراقبة المهاجرة اليهودية ودققت في المسألة من جميع وجوهها، وأنها أوقفت في شهر آيار الماضي الإذن الذي منحته حكومة فلسطين للجنة التنفيذية الصهيونية بادخال عدد من المهاجرين اليهود للبلاد، وذلك ريثما تظهر نتيجة التحقيق الذي يقوم به السرجون هوب سمبسون في مسائل الأراضي والمهاجرة والبطالة في فلسطين. فالحكومة الانكليزية توصلت بنتيجة البحث والتدقيق المذكورين إلى الأمور الثلاثة الآتية:

(أ)
   

إن النظام الذي اتبعته حكومة فلسطين في السنين الماضية لا يوافق أبدا الخطة السياسية التي أعلنها الحكومة الانكليزية في "الكتاب الأبيض" الصادر في سنة 1922.

(ب)
   

إن السياسية التي قررها اليهود في مؤتمر زوريخ لم تراع فيها أحكام "صلة الانتداب".

(جـ)
   

إن القرار الذي أصدرته في أيار الماضي بشأن وقف الإذن بالهجرة اليهودية كان في محله.

         48 - ولكن ماهي الوسائل التي ترغب الحكومة الانجليزية في التذرع بها لاتقاء الأخطار التي تنشأ حتما من سياسة المهاجرة المتبعة في فلسطين والتي ظهر الآن خطلها وفسادها.

         لم تبين لنا الحكومة الانكليزية بوضوح هذه الوسائل وأن كل ما صرحت به في "الكتاب الأبيض" هو أنها عزمت على جعل حكومة فلسطين السلطة لفصل كل الأمور السياسية المتعلقة بالمهاجرة.


        فاللجنة التنفيذية العربية تعلم أن حكومة فلسطين كانت دائما هي السلطة الحقيقية التي تفصل بهذه السياسة. والحق أن المهاجرين اليهود الذين يؤمنون فلسطين هم على ثلاثة أصناف: الصنف الأول هو المهاجر ذو الوسائل المستقلة والثاني هو المهاجر الذي يستند في معيشته إلى أحد المقيمين في فلسطين، والثالث هو المهاجر العامل والمهاجرون من هذه الأصناف الثلاثة إنما يدخلون تحت إشراف حكومة فلسطين وبإذن منها، على الوجه الآتي: وهو أن مهاجري الصنفين الأولين يبرهنون رأسا لدائرة المهاجرة على أنهم حائزون على الأوصاف المطلوبة قانونا. ويسمح لهم إذ ذاك بالدخول إلى فلسطين. وأما مهاجرو الصنف الثالث فيدخلون البلاد، حسبما يأتي: وهو أن اللجنة التنفيذية الصهيونية تطلب من رئيس دائرة المهاجرة في حكومة فلسطين مرتين في السنة، إعطاء إذن لقدر معين من عمال اليهود بالدخول إلى البلاد، بمقتضى جدول تقدمه له، وتبرهن اللجنة المذكورة لرئيس المهاجر المذكور على أن عدد المهاجرين المطلوب إدخالهم، وفقا للجدول المذكور لا يزيد على مقدرة البلاد الاقتصادية. وهذا الرئيس، وهو يهودي يرفع تواصيه في هذا الشأن، إلى المندوب السامي لفلسطين الذي يقرر بناء على هذه التواصي، إعطاء الإذن بدخول أولئك المهاجرين أو عدم ذلك.

         لذلك لم تقدر اللجنة التنفيذية العربية أن تفهم كيف أن الحكومة الانكليزية ترى لمعالجة المهاجرة اليهودية في المستقبل على وجه لا يضر العرب أن تنبط مراقبة هذه المهاجرة بحكومة فلسطين.

        وإليك ما جاء في "الكتاب الأبيض":

        "بالنظر إلى المسئولية المترتبة على الدولة المنتدبة، ترى هذه الدولة من الضروري أن تؤمن حكومة فلسطين، وهي الوكيلة عنها السلطة التي تفصل في جميع أمور السياسة المتعلقة بالمهاجرة، وذلك بالنظر إلى الصلة الوثيقة بين هذه المهاجرة وسياسة البطالة والأرض. ولا يمكن حصول أي تحسين في النظام الحاضر ما لم تكن هنالك ثقة بين الحكومة من جهة والوكالة اليهودية من جهة أخرى، في قيام كل منهما بواجباته الخاصة. على أن يلاحظ في ذلك ما تؤثر به نقابة العمال اليهودية في سياسة الوكالة اليهودية".

        ويظهر من ذلك أن سلطة الفصل في السياسة المتعلقة بالهجرة بيد حكومة فلسطين وحدها.

        49 - فالحكومة الانكليزية التي اطلعت على خطيئات إدارة فلسطين الماضية في شأن سياسة المهاجرة المذكورة، تصر، إذن، على إبقاء سلطة الفصل في المهاجرة في قبضة هذه الإدارة على أن تتعاون هي والوكالة اليهودية، كما كانت الحالة في السابق وكل ما رأته الحكومة الانكليزية من علاج شاف في هذا الباب هو إسداء النصائح للوكالة بأن تحافظ على واجباتها السياسية وأن تتخلص من نفوذ نقابة العمال اليهودية، حينما تتعاون هي وحكومة فلسطين على تنفيذ سياسة الهجرة اليهودية.

        فاللجنة التنفيذية العربية لا ترى في هذا العلاج ما يخفف من مضار سياسة المهاجرة التي اتبعت في فلسطين حتى الآن.


         50 - وزيادة على ذلك، لا فرق بين سياسة الوكالة اليهودية وسياسة نقابة العمال المذكورة التي بنيت على أسس سياسية خطرة.

         فالحكومة الانكليزية لاتجهل أن قسما كبيرا من أعضاء مؤتمر زوريخ ينتمى إلى هذه النقابة، وأن هذا المؤتمر الذي تسير الوكالة اليهودية على سياسته، كان قرر، فيما قرر، ما يأتي:

(أ)
   

يرحب المؤتمر الصهيوني السادس عشر بإنعاش المهاجرة إنعاشا يفسح المجال لهجرة مستمرة زائدة وينفخ في الشعب اليهودي في فلسطين وفي الحركة الصهيونية العالمية روحا قوية. والمؤتمر يعرب، في الوقت نفسه، عن أسفه الشديد لعدم استواء مدى المهاجرة حتى الآن مع احتياجات اليهود وما فيهم من قوى كاملة على العمل، ولأن ما وضع من العراقيل والقيود التي لا مبرر لها في سير الهجرة، قد سبب فقدان أشغال كثيرة للعامل اليهودي في أرض اسرائيل. (كذا)

(ب)
   

يدون المؤتمر السادس عشر إن مجال العمل الذي فتح حديثا في فلسطين يمكن من توسيع المهاجرة في السنة القادمة. فالأشغال الواسعة التي تقوم بها الحكومة والمباني التي تنشئها الشركات الاممية وأعمال التشجير وتكثيف الزراعة ورقي الصناعة والتجارة، كلها أمور تتطلب تدفق آلاف المهاجرين من العمال في البلاد. والمؤتمر طمعا في توطئة تلك الأشغال لعمال اليهود يوجب على اللجنة التنفيذية الصهيونية أن تدخل إلى البلاد، بشتى الوسائل، عددا وافرا من المهاجرين في الزمن المعين.

(جـ)
   

يطلب المؤتمر تخويل اللجنة التنفيذية حق التصرف بوثائق المهاجرة التي تمنحها حكومة فلسطين تصرفا مطلقا.

         فمن ذلك ترى أن الوكالة اليهودية مضطرة إلى اتباع نفس سياسة نقابة العمال في فلسطين.

         واننا كدليل على إيغال تلك النقابة في التطرف، نقتبس العبارة الآتية من تقرير "لجنة شو" عن حوادث آب سنة 1922، وهي:

         وقد ذكرت نقابة العمال اليهودية العامة في فلسطين مذكرة رفعتها إلينا، أن يكون في مقدمة برامج الأعمال التي يجب على حكومة فلسطين أن تقوم بها في المستقبل تقديم معونة مادية لزيادة السكان اليهود بسرعة عن طريق المهاجرة والأراضي.

         ويظهر من تقرير السرجون كامبل عن إدارة المستعمرات اليهودية أن السياسة المتطرفة التي تتبعها نقابة العمال المذكورة هي سياسة جميع الصهيونيين أيضا. وإليك ما جاء في ذلك التقرير:

         "رأيت أن المذهب القائل بأن يدخل أقصى عدد مستطاع من اليهود إلى فلسطين هو عقيدة راسخة، لكل المستعمرات وكبار موظفي الحكومة الحاليين والسابقين الذين لهم علاقة بالحركة الصهيونية على السواء.


        ومما ظهر لى ان تدفق الهجرة اليهودية نحو فلسطين هو ما تراه بعض الأوساط ذات النفوذ اليهودي، أمرا لا محيص عنه لنجاح الوطن القومي. ويظهر أن هؤلاء يرون الأمور تعالج نفسها بنفسها بعد تدفق ذلك السيل من المهاجرين في فلسطين..."

        تلك هي سياسة جميع الصهيونيين في أمر الهجرة اليهودية. ونؤكد أن الحكومة الانكليزية وغيرها لن تقدر على تعديل شيء منها باسداء النصائح والمواعظ.

        51 - اعترفت الحكومة الانكليزية بأن عدد العرب العاطلين عن العمل قد بلغ حدا خطرا، وبأن للهجرة اليهودية كبير فعل في ذلك فاللجنة التنفيذية العربية تسجل للحكومة الإنجليزية هذا الاعتراف. وقد أنعمت اللجنة النظر في النصوص الواردة في "الكتاب الأبيض" عن الوسائل التي تزيل بها تلك الأضرار فهي تقول، ولكن مع الأسف، إنها لم تر ما يبدد مخاوف العرب الراهنة، إذ كل ما جاء في هذا الكتاب هو أن الحكومة الانكليزية ستنظر في الوسائل اللازمة لمعرفة عدد العاطلين من العرب في فلسطين، وأنها ستبذل قصارى جهدها للتأكد من مقدرة البلاد الاقتصادية، عند طلب إدخال مهاجرين جدد إلى البلاد.

        وكانت الحكومة الانكليزية أتت لنا في سنة 1922 "بكتاب أبيض" أكدت لنا فيه أمر المهاجرة اليهودية.

        وهذا ما صرح به المستر تشرشل في ذلك البيان:

        ".. ولا يجوز أن تكون هذه المهاجرة كبيرة لدرجة تزيد على مقدرة البلاد الاقتصادية ومن الضروري أن يضمن لأهالي فلسطين كافة أن لا يكون المهاجرون عبئا عليهم، وأن لا تحرم أية فئة من السكان الحاليتين أشغالها..."

        وها قد مضت ثماني سنوات على هذا الوعد من غير أن تفكر الحكومات الانكليزية التي تناوبت السلطة، في احترام هذا الوعد، ولو مرة واحدة على الرغم من صيحات اللجنة التنفيذية العربية.

        52 - وكان هذه اللجنة قد وجهت نظر الحكومة الانكليزية منذ البدء إلى أن مراقبة المهاجرة لا تكون مؤثرة، غير ضارة، بمصالح البلاد إلا إذا أنيط أمرها بالسكان الأصليين. فقد كتبت في سنة 1922 للمستر تشرشل وزير المستعمرات، ما يأتي:

        "وبما أن هجرة عنصر غريب إلى بلاد ما يؤثر في الأهالي الوطنيين - سياسيا واقتصاديا واجتماعيا - فإن من العدل والانصاف أن يكون للأهالي الذين يتأثرون من هذه الهجرة القول الفصل في ذلك. فاللجنة المقترح إنشاؤها، لا تعطى أهالي فلسطين حق الإشراف على المهاجرة ... ولا شيء يصون مصالح الأهالي العرب إزاء أخطار الهجرة سوى إنشاء حكومة وطنية نيابية تشرف على المهاجرة".

        53 - لقد صدقت نبوءة اللجنة التنفيذية بالأضرار التي أصابت العرب من مراقبة الأجنبي للمهاجرة اليهودية. ولذلك تطلب اللجنة من الحكومة الانكليزية أن لا تعيد هذه التجربة الخاسرة، لأن نفس المقدمات تؤدي حتما إلى نفس النتائج.





الخاتمة:

         54 - هنا ينتهي بيان اللجنة التنفيذية العربية على "الكتاب الأبيض" الذي أصدرته الحكومة الانكليزية في أكتوبر 1930، والذي من شأنه أن يزيل مخاوف العرب في مسائل الأراضي والمهاجرة والبطالة في فلسطين. وإذا كنا نقول أن من شأن هذا الكتاب أن يزيل بعض مخاوف العرب في تلك المسائل، فإننا لا نستطيع أن نقول أنه أزالها أو أزال قسما منها. ذلك لما نعرفه عن مقدرة اليهود في الدعايات الخادعة وعن ضعف الحكومة الانكليزية إزاء هذه الدعايات.

         55 - والحق، أنه لم يكد يظهر "الكتاب الأبيض" حتى قام اليهود ضد تلك الدعايات الطويلة العريضة في العالم كله، مما أدى إلى تراجع الحكومة الانكليزية. فالحكومة لم تكتف بإجازة إدخال 1.500 مهاجر يهودي خلافا لما قررته في "الكتاب الأبيض" من مباديء، بل قام أحد أركانها ينسخ منه بالتدريج الأحكام، المثبتة فيه.

         فها هو اللورد باسفيلد، وزير المستعمرات، ينفي في الكتاب الذي نشره في جريدة "التايمس" في 6 نوفمبر 1930، عزم الحكومة على وضع تشريع يحظر على الوكالة اليهودية والجمعيات اليهودية الاستمرار على سياستها المعروفة في الأراضي والاشغال، مع أن "الكتاب الأبيض" انتقد هذه السياسة بشدة، ونص على أنها مخالفة للمادة السادسة من "صك الانتداب".

         "ومهما كانت هذه الحجج منطقية (أي الحجج التي أدلى بها لتبرير هذه السياسة) من جهة الحركة الوطنية الصرفة، فيجب القول أنها لم تراع فيها أحكام المادة السادسة من "صك الانتداب" التي تشترط صراحة على حكومة فلسطين أن تضمن، عند تسهيلها المهاجرة اليهودية وحشد اليهود في الأراضي، عدم إلحاق أي ضرر بحقوق ووضعية الجماعات الأخرى".

         ولقد قال المستر ليونارد شتاين، بمناسبة كتاب اللورد باسفيلد المذكور في البيان الذي وضعه عن الوكالة اليهودية، ردا على "الكتاب الأبيض" أن الأمر لايخلو من وجهين: إما أن يكون "الكتاب الأبيض" قد افترى على مخالفة للمادة السادسة من "صك الانتداب" وإما أن تكون الحكومة الانكليزية مع اعترافها بمخالفة تلك السياسة "لصك الانتداب" تصر على الاشتراك مع الوكالة اليهودية على خرق أحكام هذا الصك واللجنة التنفيذية العربية تعتقد أن تلك السياسة مخالفة لا "لصك الانتداب" فقط، بل لجميع مباديء الحقوق والأخلاق العامة.

         56 - وقد نشر اللورد باسفيلد في جريدة "رينولدزنيوز" المصورة تفسيرا لما جاء في "الكتاب الأبيض" عن مسألة تأثير المهاجرة اليهودية في البطالة، فقال إن ماعنته الحكومة الانكليزية من ذلك، هو أنه عند النظر في كل طلب للسماح بهجرة فريق من اليهود إلى فلسطين، بجب انعام النظر فيما إذا كان من شأن هذه الهجرة أن تزيد عدد العاطلين من العرب زيادة كبيرة أم لا.

         اننا نقدر منزلة اللورد باسفيلد العلمية حق قدرها. فهو لا يمكن أن يجهل أن تفسير كهذا، لايوافق النصوص والمباديء الواردة في "الكتاب الأبيض" في هذا

الشأن. لأن الفرق عظيم بين قولنا أنه لا يجوز أن تكون المهاجرة اليهودية سببا "لحرمان العرب من الحصول على الأشغال الضرورية لمعيشتهم" وبين القول أن هذه المهاجرة "لا يجوز أن تكون سببا في زيادة العاطلين من العرب زيادة كبيرة".

         57 - إن واجب كل حكومة أن تحافظ على حقوق كل فرد من أفراد الأمة التي تحكمها. وليس من الجائز أن يؤذن لعمال يهود بولونية أو روسية بالدخول إلى فلسطين، في حين أنه يوجد عربي واحد عاطل عن العمال في فلسطين.

         نعم، وعدت الحكومة الانكليزية أنها لن تحيد عن تنفيذ سياستها بالضغط أو التهديد، وأنها لن تنحرف عن اتباع سياسة ملائمة لمصالح أهالي فلسطين. وقد أكدت في "الكتاب الأبيض"، أنه لا سبيل لأحد أن يضطرها إلى اتباع سياسة تكون لصالح جماعة دون أخرى، وإن كل سياسة من هذا القبيل، قائمة على أمر فاسد.

         إلا أن اللجنة التنفيذية العربية تصرح هنا، آسفة، أن الحكومة الانكليزية قد نقضت هذا الميثاق، قبل أن يجف مداده.

         58 - ليس في الكتاب الأبيض من جديد في حقوق العرب السياسية وإن النصوص والمبادئ الواردة عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية لا تضمن للعرب حقوقهم القومية ومصالحهم الاقتصادية. فالمهم ليس بالنصوص والمبادئ ولكن بتنفيذها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الكتاب الأبيض لسنة 1930 ,الرد علىه من اللجنة التنفيذية العربية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  احتجاج اللجنة التنفيذية العربية على البيان التفسيري للكتاب الأبيض
» رئيس الولايات المتحدة فرانكلين د. روزفلت بشأن الكتاب الأبيض لسنة 1939
» اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية
» بيان اللجنة التنفيذية لمُنظمة التحرير الفلسطينية بتاريخ 3/2/2018
» الكتاب الأبيض -جذور القضية الفلسطينية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: بلادنا فلسطين :: خرائط ووثائق فلسطين-
انتقل الى: