منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 النص الكامل للبيان الذى القاه وزير المستعمرات في مجلس العموم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

النص الكامل للبيان الذى القاه وزير المستعمرات في مجلس العموم Empty
مُساهمةموضوع: النص الكامل للبيان الذى القاه وزير المستعمرات في مجلس العموم   النص الكامل للبيان الذى القاه وزير المستعمرات في مجلس العموم Emptyالثلاثاء 01 نوفمبر 2016, 12:15 am

النص الكامل للبيان الذى القاه وزير المستعمرات
في مجلس العموم بتاريخ 24 تشرين الثانى سنة 1938

       أود أن أستهل بيانى اليوم بالاعراب عن شكرى لحضرات الأعضاء المحترمين في كافة ارجاء المجلس لما اظهروه من روح الصبر وضبط النفس وهم يرقبون حالة فلسطين المحزنة تزداد سوء شهرا بعد شهر. اننى أعلم أنه كان من السهل عليهم ان يضجروا وزير المستعمرات في وقت الاسئلة او ان يلفتوا النظر بحدة وغضب الى بعض وجوه الحالة بتقديم اقتراحات ولكن الاعضاء المحترمين احجموا عن اتيان هذه الامور ولم يكن احجامهم هذا مبعثا عن عدم اهتمامهم بما هو في فلسطين. فالمجلس يقدر المسئوليات المترتبة عليه نحو فلسطين كما يقدر المسئوليات المترتبة عليه نحو سائر انحاء العالم ولكنى أظن ان وقوف حضرات الاعضاء المحترمين هذا الموقف انما يرجع الى تقديرهم للمصاعب الخاصة والحالة الدقيقة التى نجابهها في تلك البلاد وانى لأرجو أن يكون في وسعى ان اناشد حضرات الاعضاء في اصيل هذا اليوم ونحن على أبواب الشروع في المحادثات مع ممثلى العرب واليهود في لندن أن يسيروا في هذه المناقشة سيرا مقرونا بالحكمة بحيث لا تخرج كلمة من أفواههم من شأنها أن تضير الآمال المعقودة على نجاح هذه المباحثات والخروج منها في النهاية باتفاق عربى - يهودى.

       لقد كان من المتعذر خلال الأشهر الماضية بذل جهود انشائية لتهدئة الحالة في فلسطين.

       وهذا مما يؤسف له كل الأسف ولكنه كان أمرا لا مناص منه. فقد كان علينا ان ننتظر تقرير لجنة وودهيد ولذلك حصرنا كل اهتمامنا في بذل الجهود المادية لاعادة الأمن واالنظام الى تلك البلاد وقد حدث خلال أيام البطالة في الصيف التى لم يكن للعمال ما يشغلهم فيها في الحقول أن تمت حملة الاغتيال والعنف التى أشهرها الارهابيون فأصبحت بمثابة ثورة عربية منظمة واسعة النطاق ضد السلطة البريطانية وتقوم القوات العسكرية وقوات البوليس الكبيرة الموجودة الآن تحت تصرف الحكومة بتوطيد سلطة الحكومة فى جميع أنحاء البلاد بثبات وحزم. فقد أخرج الثوار منذ بضعة أسابيع من مدينة القدس القديمة وأخليت المدينة منهم. وأعيد توطيد سلطات الادارة في مدينة يافا واحتلت جيوشنا أسوار مدينة اريحا ثانية دون نفخ الابواق وأصبحت مدينة غزة ثانية تحت سيطرة الحكومة وفي هذا الاسبوع أخرجت العناصر المعادية من بئر سبع. فعملية ارجاع الأمن والنظام تسير في جميع أنحاء البلاد سيرا مقرونا بالثبات والمشقة.

       اننا نعلم جميعا أن بعض الدعاة من ذوى الاغراض قد أخذوا يكيلون التهم

الشنيعة جزافا لجنودنا واننى أطلع على الشىء الكثير من هذا القبيل في وزارة المستعمرات ولكن لم يسبق لى قط أن وقفت على بينة تثبت هذه التهم بل على العكس من ذلك ان العالم بأجمعه بعلم أن احتلال مدينة القدس القديمة الذى جرى منذ بضعة أسابيع كان مثالا للطريقة التى يستطيع فيها الجنود البريطانيون أن يقوموا بمنتهى النجاح بعملية عسكرية دقيقة في وسط جماعة من الاهلين المدنيين بصورة مستوفية للمبادىء الانسانية بأكملها.

       ولكن المشكلة الحقيقية في فلسطين ليست مشكلة عسكرية بل هى مشكلة سياسية. ان في استطاعة جيوشنا أن تعيد النظام الى نصابه ولكنها لن تستطيع ان توطد اركان السلام. فذلك أمر يترتب على الحكومة وعلى هذا المجلس الاضطلاع به. ان بسط المشكلة القائمة في فلسطين هو أمر في غاية السهولة وقد اتت لجنة بيل على بيانها بصورة باهرة في تقريرها ولا حاجة لتغيير أية كلمة أو حرف من تحليل المعضلة كما ورد في تلك الوثيقة القيمة. أن فلسطين بلاد صغيرة ولكنها تعد عظيمة القدر من الناحية الروحية. فالصبغة الروحية التى تتصف بها لا تدانيها فيها أية بلاد أخرى في العالم. فهى تضم بعض الاماكن المقدسة للديانات العالمية الثلاث العظمى. ولكنها في غاية من الصغر من حيث المساحة وان كانت تربتها خصبة وتعطى أثمارا وافرة فان أكثر أراضيها صخرية أو جبلية ومعظمها صحراوات مجدبه. تلك هى حالة هذا المسرح الصغير التى تمثل عليه اليوم فاجعة من أعظم الفواجع. والميدان يشتمل على فريقين متنازعين - فلنبدأ باليهود أولا. ان فلسطين كانت موطنا لهم منذ الفى سنة ولكنهم منذ ذلك الزمن فرقوا وشتتوا في جميع أنحاء المعمورة. انهم شعب لا بلاد له ولكن كثيرا منهم استحث خطاه خلال السنوات العشرين الماضية راجعا الى فلسطين مستندا الى أحكام صك الانتداب الذى ايدته أكثر من خمسين دولة وعهد فيه الى بريطانيا العظمى بادارة البلاد. ولست اعتقد ان في وسع أى منصف أن يدعى أن بريطانيا العظمى لم تقم خلال هذه السنوات - العشرين بما تقتضيه عليها التزاماتها من تسهيل هجرة اليهود الى فلسطين فمنذ سنة 1922 دخل فلسطين ما يزيد على ربع مليون يهودي واستوطنوها وكانت أعمالهم فيها موجبة للاعجاب فقد حولوا كثبات الرمال الى بساتين للبرتقال وساروا في زراعتهم ومستعمراتهم شوطا بعيدا حتى ابلغوها الاراضى الجرداء الواقعة على الحدود. وبنوا مدينة جديدة تضم نحو 140 ألف نسمة في مكان لم يكن فيما مضى سوى شاطىء مقفر. ولا يستطيع الانسان أن يتكهن عن المدى الذى كان من الممكن ان تبلغه أعمالهم لو كانت فلسطين خالية من السكان وسلمت اليهم بكامله. ان اليهود الموجودين فى فلسطين يقيمون فيها بناء على حق وليس كمنة. أما الآن وقد أصبحوا غرضة للاضطهاد في أوربا الوسطى فان رغبتهم في العودة الى موطنهم الحاص قد تضاعفت مائة مرة عن ذي قبل. ولم تبلغ مأساة اى شعب من الشعوب التى لا وطن لها ما بلغته مأساة اليهود في هذا الاسبوع كما ان عطف مواطنينا وتلهفهم لصنع كل ما في وسعهم لمساعدة اليهود المضطهدين لم تبلغ قط مثل ما بلغته اليوم. ولكنى آمل ألا ندع سبيلا لشعور الاستقطاع الذى يملأ نفوسنا من جراء الكارثة التى جر اليها هذا الشعب فنمكن ذلك الشعور من التأثير على حكمنا الهادىء المنصف على المشكلة الصعبة في فلسطين اليوم.

       وأرانى مضطرا الى الادلاء بكلمة على سبيل التحذير فاننا عندما وعدنا بتسهيل انشاء وطن قومى لليهود في فلسطين لم نكن نتوقع قط ان يحدث هذا الاضطهاد


الشديد في أوربا اننا لم نقطع على أنفسنا عهدا يجعل تلك البلاد موطنا لكل شخص يود أن ينجو من تلك الكارثة العظمى ولو أن فلسطين كانت خالية من شعب آخر بالمرة لما كان في استطاعة تربتها الفقيرة ان تعيل أكثر من جزء صغير من مجموع اليهود الذين يودون الفرار من أوربا. ان مسألة اللاجئين في أوربا الوسطى لا يمكن. تسويتها على حساب فلسطين بل يجب أن تحل في ميدان أوسع كثيرا من ذلك الميدان. وفي استطاعة فلسطين أن تساهم بالطبع في هذا المضمار وهى تقوم بنصيبها الآن فالمهاجرون اليهود يفدون اليها في هذه الأيام اسبوعا بعد اسبوع بمعدل الف مهاجر في الشهر على الرغم من الاضطرابات القائمة فيها. غير ان الوكالة اليهودية يهمها بطبيعة الحال نظرا للحوادث الاخيرة ان تزداد الهجرة الى فلسطين ازديادا عظيما. وقد قابلت يوم اثنين مندوبين عن الوكالة المذكورة باحثا في هذا الأمر فطلبت اليهما ان يقدما الى مقترحاتهما الكاملة مزودة بالتفاصيل الدقيقة. وفي صباح هذا اليوم استلمت تلك المقترحات وستكون بالطبع موضع اهتمامى الدقيق كما اننى سأستنير برأى المندوب السامى بشأنها. غير اننى أرى لزاما على ان اقول هذه الكلمة المخلصة على كل حال ان الحكومة كثيرا ما اتهمت بأنها لا تسير على نور خطة سياسية معينة في فلسطين أو بأنها تضع سياسة لها ثم لا تلبث أن تحيد عنها وتغيرها.

        لقد أعلنت الحكومة منذ مدة قليلة المرحلة التالية التى قر رأيها على اتباعها في سياستها وهذه السياسة تقوم على اجراء محادثات مع العرب واليهود في لندن ونحن عازمون على السير! في عقد هذا المؤتمر. ولا يسعنا الآن ان نفعل شيئا من شأنه ان يضير الآمال المعقودة على انتهاء تلك المحادثات بالنجاح والتوفيق فمن خير اليهود أنفسهم أن تكون السياسة المقبلة في فلسطين مبنية ما أمكن على اتفاق واسع المدى.

        أما الشعب الآخر الذى يشمله هذا النزاع المرير في فلسطين فهو الشعب العربى. لقد عاش العرب في تلك البلاد منذ قرون عديدة ولم يؤخذ رأيهم عندما صدر وعد بلفور ولا عندما وضعت صيغة صك الانتداب. وقد كانوا خلال السنوات العشرين التى تلت الحرب الكبرى يرقبون هذا الاحتجاج السلمى الذى يقوم به شعب غريب ويرفعون عقيرتهم بالاحتجاج الصاخب بين الآن والآخر فقد شاهدوا تسرب أراضيهم من ايديهم وانتشار المستعمرات اليهودية انتشارا مطرد الازدياد، في صميم البلاد. واضطروا الى الاعتراف بتفوق ذلك الشعب عليهم في النشاط والمهارة والثروة. فاخذت تساورهم المخاوف. ففى سنة 1933 دخل فلسطين 30.000 يهودى وفي سنة 1934 دخلها 42.000 يهودى ثم بلغ عدد من دخلها منهم سنة 1935: 61 ألف شخص فتساءل العرب في عجب متى تقف هذه الهجرة الواسعة النطاق وهل ستقف يوما ما عند حد أم تبقى مستمرة بلا نهاية؟ حتى أصبحوا يخشون أن يئول مصيرهم في بلاد آبائهم وأجدادهم الى الخضوع لسيطرة هذا الشعب الجدبد النشيط من النواحى الاقتصادية والسياسية والتجارية.

        فلو كنت انا عربيا لتولانى الذعر أيضا. واذا كان لنا أن نصل يوما الى ادراك كنه هذه المشكلة وقدر لنا أن نقوم بنصيبنا في ايجاد حل موفق لها وجب علينا أن نضع أنفسنا لا في موضع اليهود فحسب بل موضع العرب أيضا.

        اننى أعلم أن عددا كبيرا من الناس يعتبرون هذا الثوران العربى مجرد احتجاج تقوم به جماعة من العصابات وانه لصحيح ان في عداد أولئك العرب الذين

اشتركوا في الاضطراب برغبة طائفة ممن لا يحجم عن ارتكاب أسوأ الجرائم فالمذبحة التى مات فيها الابرياء في طبريا وما قاموا به في عدد من الميادين التعسة الأخرى قد لوثت قضيتهم. ومن الحق ان يقال أيضا ان كثيرين من المتصلين بهؤلاء انما أتوا ذلك بفعل الارهاب. ولكن في الحركة العربية ما يفوق ذلك بكثير. وانى أرى أن من واجب هذا المجلس المعروف بقدرته على تفهم الشعوب الأخرى ان يقدر ان الكثيرين من المشتغلين بالحركة العربية الفلسطينية انما يشتغلون فيها بحافز من الشعور الوطنى الصادق. ومهما بلغ بهم الخطأ ومهما بلغ بهم الضلال في الاسترشاد فان الكثيرين منهم قد اضطروا الى ركوب المخاطر والمجازفة بأرواحهم في سبيل بلادهم. (اننى أعلم أن الرواية لا تقف عند هذا الحد فهنالك أشياء أخرى كثيرة لابد من ذكرها أن اردنا أن نأتى على وصف تام وعادل للحالة. فهنالك سلسلة من الحقائق لها على الخصوص مكان كبير من الأهمية لا أرى مندوحة عن ذكرها. فان أولئك الذين فكروا - قبل عشرين سنة - في امكان تسهيل انشاء وطن قومى لليهود كانت تحدوهم فكرة سامية وقد تحققت هذه الفكره في هذه السنوات العشرين الأولى فبرزت للعيان على صورة عمل انشائى باهر غير اننى أسائل نفسى في عجب أحيانا: هل قيض لجميع أولئك الذين وضعوا أسس ذلك العمل الانشائى العظيم أن يعلموا الحالة على حقيقتها في ذلك الزمن أى في سنى 1917، 1918، 1919. كما اتساءل أيضا في عجب هل كان هؤلاء يدرون حينذاك انه بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط يقيم ما يزيد على 600.000 نسمة من العرب؟ أنا على ثقة من انهم لم يكونوا ليعلموا على كل حال ان السكان العرب سيزدادون ازديادا سريعا بسبب اليهود وبسبب قدومهم الى البلاد. فقد جاء اليهود وجاءوا معهم بالمال واشغال العمران التى زادت في أسباب المعيشة والخدمات الصحية الحديثة التى لم تقتصر منافعها على اليهود فحسب بل تجاوزتهم الى العرب أيضا تفسح المجال لافراد الناس حتى يعمروا طويلا ويعيشوا في طمأنينة وازداد عدد السكان العرب في فلسطين ازديادا سريعا منذ سنة 1922 اذ كانوا يبلغون 600.000 نسمه فأصبحوا اليوم 990.000 نسمة وهذه الزيادة لا ترجع الى هجرة الاشخاص من خارج البلاد بل تعزى كلها تقريبا الى النمو الطبيعى. وقد يكون من واجبى أن أضيف الى ذلك ان الحسابات التقديرية تدل على ان مجموع السكان العرب في فلسطين البالغ عددهم الآن 990.000 سيكون مليونا ونصف مليون خلال السنوات العشرين القادمة.

       ان هذه السلسلة الباهرة الهامة من الحقائق تؤدى بنا الى تكوين فكرتين: فمن شأنها بادىء ذى بدء أن تؤدى الى قلب ما يقدر لعدد اليهود الذين يمكنهم أن يستوطنوا فلسطين دون الحاق ضير بحقوق العرب ووضعهم. ولكن لهذه الحالة كما قلت ناحيتين فالناحية الأخرى منها هى انه ليس بمستطاع للعرب أن يقولوا ان اليهود يجلونهم عن بلادهم وانى اعتقد انه لو لم يدخل فلسطين يهودى واحد بعد سنة 1918 لكان عدد السكان العرب لا يزال حول 600.000 نسمة وهو الرقم الذى كان يستقر عليه عددهم في عهد الحكم التركى فبسبب مجىء اليهود وما جلبوه من الخدمات الصحية الحديثة والفوائد الأخرى يعيش الآن فريق من الرجال والنساء لولاها لكانوا فى عداد الأموات.

       وبسبب هذه الخدمات أيضا أخذ أطفالهم يكبرون وتقوى أجسامهم ولولاها لما تنشق البعض منهم نسيم الحياة . لم تكن فائدة وعد بلفور مقصورة على اليهود فان

العرب جنوا منه فائدة كبرى فلعرب فلسطين ان ينكروا ذلك ما شاءوا ولكنهم جنوا بطبيعة الحال فائدة جليلة من وعد بلفور. وانى أعلم أن لا فائدة ترجى من الاصرار على اقناع العرب بهذه الحجة فكلهم يعيرونها آذانا صماء وعيونهم لا تبصر مشهد التحسن التدريجى الذى يتناول حياة شعبهم. لانهم يفكرون في شيء آخر. انهم يفكرون في حريتهم ويخشون انه اذا استمرت الحال على هذا المنوال فانهم سيخضعون في النهاية من الوجهة السياسية لسيطرة أبناء الوطن القومى اليهودى النشطين الجادين المستمرين في الازدياد.

       اننى أقول ان من الواجب علينا نحن الشعب البريطانى أن يكون آخر شعب في العالم لا يدرك شعور العرب بهذا الشأن ذلك اننا نحن انفسنا لن نحجم عن التضحية بالفوائد المادية حين نرى حريتنا مهددة. انه لا يسعنا ان نضع اليهود تحت سيطرة العرب في فلسطين ولكننا ما لم نستطع أن نزيل المخاوف التى تساور العرب من ان يصبحوا تحت سيطرة اليهود فسيتحتم علينا ان نجابه شعبا مرتابا معاديا ينتشر في منطقة واسعة الأرجاء من الشرق الأدنى وان نضطر الى ابقاء قسم كبير من جيشنا في فلسطين الى أجل غير محدود. إن علينا التزامين خطيرين نحو الشعبين في فلسطين فنحن ملزمون بتسهيل هجرة اليهود الى فلسطين في أحوال ملائمة وتشجيع حق اليهود في الأراضي من الجهة الواحدة كما أننا ملزمون بأن نؤمن عدم الحاق الضرر بحقوق العرب ووضعهم من الجهة الثانية. فكيف يمكننا التوفيق بين هذين الالتزامين بصورة عادلة سليمة ؟ هذه هى المشكلة التى لابد لنا من حلها. وهذا هو اللغز الذى يجب علينا أن نحله ونجد جوابا له. ان لجنة بيل قد أوصت بتقسيم البلاد شافعة توصيتها بحجة منطقية وأن يفصل العرب عن اليهود لدرجة ما وأن تحقق رغبة كل منهما في الحكم الذاتى في أنحاء مختلفة من فلسطين مع ابقاء الأماكن المقدسة تحت الانتداب كمنطقة خاصة وهذا المجلس لم يلزم نفسه قط باقرار تلك السياسة ولكن الحكومة قد قبلت بها مبدئيا باعتبارها خير حل يرجى منه الخروج من ذلك المأزق. ولكنه كان لابد من اجراء تحقيق آخر للتثبت من امكان تطبيق هذا المبدأ فأوفدت لجنة وودهيد الى فلسطين للقيام بذلك التحقيق ومكثت هذه اللجنة في القدس مدة ثلاثة أشهر معرضة للأخطار وجابت البلاد من أقصاها الى أقصاها يصحبها دوما حرس مسلح وقد كانت قامت بما وكل إليها بشجاعة وبمنتهى الدقة والكفاءة. وقبل مدة وجيزة قدمت اللجنة تقريرها فتبين منه بوضوح أن التقسيم كما اقترحته لجنة بيل هو غير عملى كما تبين منه أيضا أنه لو أردنا أن نقسم فلسطين الى دولة يهودية ودولة عربية ومنطقة انتداب لانجلت ميزانية الدولة اليهودية عن وفر عظيم في كل سنة، بينما ميزانية الدولة العربية وميزانية الانتداب ستنجلى كل منهما عن عجز كبير عاما بعد عام. وقد قالت اللجنة فى تقريرها أن شروط اختصاصها لا تبيح لها أن توصى بحدود للمناطق المقترحة من شأنها أن تسفر عن أمل معقول بامكان انشاء دولة عربية وأخرى يهودية تكون كل منهما قادرة على سد نفقاتها بذاتها. وانى أعتقد أن ذلك لمما يوجب الثناء على أعمال اليهود باعتبار أن الذين يعيشون وراء المستعمرات اليهودية لن يستطيعوا أن يحافظوا على نظام الحكم وعلى الخدمات الاجتماعية التى اعتادوها دون مساعدة اليهود المستمرة. فهذه الحالة أيضا تقضى قضاء مبرما على الاقتراح القائل بتقسيم فلسطين الى دولتين ذواتى سيادة. ولذلك لم تتوان حكومة جلالته في اقرار هذا الأمر. فقر رأيها. أن لا يعطى اليهود أى قسم من فلسطين لمد سيطرتهم عليه وأن لا يعطى أى قسم آخر للعرب لمد سيطرتهم عليه .. ولذلك

أعلنت الحكومة بأنها ستواصل الاضطلاع بمسئولياتها التى أشار اليها صديقى النبيل مستر تشرشل عندما قابلته في رواق البرلمان عقب اسناد وزارة المستعمرات الى فلقد قال لى مرة اذ صادفنى أصيل ذات يوم "لا تقسيم بل ثبات" غير أنه. يترتب علينا أن نجد وسائل أخرى لتلافى ما تتطلبه الحالة غير المرضية القائمة في فلسطين ولقد لقيت مساعدة كبرى من عدد من المراسلين لدى بحثى هذه المعضلة فعشرات الرسائل ترد على وفي كثير منها حلول لهذا المشكل. ولكنى أذكر اننى تلقيت رسالة تقترح نفس الاقتراحات التى تقترحها أية رسالة أخرى. وكثير من الرسائل لم تتضمن أى اقتراح بالمرة بل ان مرسليها كانوا يصرخون يائسين "هل ثمة حل لهذه المعضلة المخيفة؟" أجل هنالك حل ولكنى لا أعتقد أن تبعة ذلك الحل يجب أن تلقى على عاتق الحكومة وحدها بل ينبغى أيضا أن تلقى على الفريقين الآخرين ذوى الشأن في هذه المسألة أى العرب واليهود. فعلى كل منهما أن تساهم في هذا السبيل وعلى كل منهما أن يبدى شيئا من التسامح نحو الآخر. فاذا ما أظهروا رغبة في اجراء ذلك فعندئذ يعود السلام الى البلاد ويعم الرفاء كلا الشعبين في فلسطين. وانى أعلم أن من الصعوبة بمكان كبير أن تخف حدة المرارة التى نمت بطبيعة الحال في كل جانب من الجانبين خلال الشهور التى تناولتها أعمال العنف وسفكت فيها الدماء.

       وقد يخيل للمرء أن من المتعذر في الوقت الحاضر الوصول الى أى اتفاق - ولكن الحكومة تعلق أملا كبيرا على تفاهم العرب واليهود الى درجة تحفزها لبذل الجهود الجبارة للوصول الى ذلك التفاهم. انه ليس من المتعذر على الأفراد العاديين من الشعبين العربى واليهودى أن يعيشا معا مرتضين جنبا الى جنب في فلسطين، فكثير منهم قد فعل ذلك في أماكن عديدة في فلسطين حتى خلال الأوقات العصيبة هذه.

       وليس من الصعب على زعماء العرب واليهود أن يصلوا الى اتفاق فيما بينهم، فلقد مرت قبل عشرين عاما برهة ظهر فيها أن مثل هذا الاتفاق لم يكن ممكنا فحسب بل في حيز الوجود. فلقد عبر عندئذ الدكتور وايزمان بالنيابة عن الجمعية الصهيونية نهر الأردن وقابل الأمير فيصل في سرادقه المضروب في الصحراء يحيط به مضيفوه العرب وبعد أشهر وقع هذان الرجلان اتفاقا يتعلق بفلسطين. فالى مثل هذه الصلة بين العرب واليهود نود أن نعود الآن. ولذلك اقترحت الحكومة اجراء المباحثات في لندن وستجرى هذه المباحثات بادىء ذى بدء بين الحكومة وممثلى العرب من جهة، وبينها وبين ممثلى اليهود من جهة ثانية ولكننا نأمل أن تتطور هذه المحادثات بعد أمد قليل الى مباحثات تجرى بين الفرقاء الثلاثة مجتمعين حول مائدة مشتركة. ان الحكومة ستدخل المباحثات بطبيعة الحال مرتبطة بالالتزامات المترتبة عليها بموجب صك الانتداب نحو العرب ونحو اليهود ونحو البرلمان ونحو الولايات المتحدة بأمريكا.

       ولكننا لن نحاول أن نمنع ممثلى العرب أو ممثلى اليهود من الادلاء بحججهم الموجبة لتغيير صك الانتداب، وستكون المباحثات شاملة ومقرونة بمنتهى الصراحة واننى متأكد من أن المجلس لن يترقب منى ونحن لا نزال في هذا الموقف أن أزيد على ما قلت فيما يتعلق بالسياسة التى ستنتهجها الحكومة خلال هذه المباحثات وآمل أن تتاح لنا فرصة الشروع في هذه المباحثات بلندن خلال الأسابيع القليلة المقبلة. فاذا تعذر الشروع فيها قبل عيد الميلاد فالأمل أن يشرع فيها في أوائل شهر كانون الثانى على الأكثر اذ لا مندوحة من انهاء حالة عدم الاستقرار هذه بوجه السرعة الممكنة ومن

الأهمية بمكان كبير اقرار السياسة التى ستتبع واعلانها بصورة جلية واضحة ولهذا السبب اذا لم تسفر المباحثات التى ستجرى في لندن عن نوع من التفاهم بين الفرقاء الثلاثة خلال مدة معقولة من الزمن فان الحكومة ستتخذ عندئذ قرارها على ضوء درسها للمشكلة وعلى ضوء تقرير لجنة بيل وتقرير لجنة وودهيد والمباحثات نفسها أيضا. ثم تعلن السياسة التى تنوى اتباعها في المستقبل.

       ان حضرات الأعضاء المحترمين. يواجهون في هذه الأيام مشاكل سياسية مختلفة . تتراكم علينا يوما بعد يوم ولكنى أشعر دائما أن مشكلة فلسطين تختلف عن غيرها. فالمشاكل الأخرى تدور حول أمور تتعلق بفن الحكم وهو أصعب الفنون جميعا. ولكنى عندما أحاول معالجة تلك المشاكل أشعر بطبيعة الحال كما يشعر الأعضاء المحترمون بلذة فائقة.

       أما مشكلة فلسطين فليس فيها شيء من ذلك قط. وما هى عليه من التعقيد يجعلنا نواجه أخطر تجربة لبيان مقدرتنا على الحكم ولكن في هذه المشكلة أكثر مما ذكرت. فاننى عندما أبحث في مشكلة فلسطين أشعر برهبة واجلال، اذ أن ذاكرتى لا تعي زمنا لم أسمع فيه عن فلسطين ولا أتخطر وقتا لم تقص فيه على أحاديث الناصرة والجليل والقدس وبيت لحم ومهد السلام.

       لقد عهد الى هذا المجلس خلال تاريخه الطويل الحافل بودائع نبيلة ولكن لم توكل اليه وديعة أقدس من اعادة الأمن والطمأنينة الى ربوع الأراضى المقدسة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

النص الكامل للبيان الذى القاه وزير المستعمرات في مجلس العموم Empty
مُساهمةموضوع: رد: النص الكامل للبيان الذى القاه وزير المستعمرات في مجلس العموم   النص الكامل للبيان الذى القاه وزير المستعمرات في مجلس العموم Emptyالثلاثاء 01 نوفمبر 2016, 12:17 am

بيان رئيس القضاة البريطانى
بشأن البيانات التى ألقاها
أعضاء اللجنة العرب (*)
في 33 فبراير سنة 1939

        اصغي رئيس القضاة بعناية واهتمام الى البيانات التى ألقاها في الجلسة الأولى - التى عقدتها اللجنة - أعضاء اللجنة العرب، وفيها يشرحون الآراء التى يعتنقها العرب عامة فيما يتعلق بالتفسير الصحيح لما يسمى "مكاتبات مكماهوت - حسين" وقد قرأ بعد ذلك بمثل تلك العناية وذلك الاهتمام المذكرة التى قدمها اليه المستر أنطونيوس في الجلسة نفسها.

        ونظرا لقصر الوقت الميسور لاعداد المذكرة الحالية قد توجد بعض.. نقط في بيانات العرب أو في مذكرة المستر أنطونيوس لم يتناولها الكلام على وجه التخصيص ، ولكن المرجو مع ذلك أن تكون هذه المذكرة كافية في ايضاح الآراء التى نأخذ بها حكومة جلالته فيما يتعلق بالمكاتبات التى هى موضوع الدرس.

        ويعرف أعضاء اللجنة أن جميع الحكومات التى توالت على المملكة المتحدة من سنة 1915 فصاعدا تمسكت بالرأى القائل بأن السير هنرى مكماهون قصد بمكاتباته مع شريف مكة في سنة 1915 وسنة 1916 وخاصة بكتابه المؤرخ في 24 أكتوبر 1915 أن تترك المنطقة المعروفة الآن باسم فلسطين، خارج دائرة الاستقلال العربى، وان المكاتبات المذكورة لم يكن لها يومئذ ولا يمكن ان يكون لها الآن، أى معنى آخر.

        على أن من الضرورى لفهم موقف حكومة جلالته، النظر في جميع الظروف المحيطة بالموضوع وعدم الاقتصار على ألفاظ المكاتبات نفسها.

        ويجب أولا، وفوق كل شىء، ان نذكر المركز الفريد الذى كان لفلسطين يومئذ، والذى لا يزال لها الآن باعتبارها أرضا مقدسة لا في نظر المسلمين وحدهم، بل في نظر المسيحيين واليهود أيضا، وباعتبارها بلادا تعنى بها وتهتم لها كل الدول الأوروبية والأمريكية. وهذا الاعتبار أهم عند المسيحيين واليهود منه عند المسلمين. لأن هذه البلاد تعد عند أصحاب الديانتين الأوليين الأرض المقدسة الرئيسية، بل الوحيدة على حين أنها عند المسلمين تلى الحجاز في المقام، وليس من المبالغة أن يقال: أن مقام فلسطين عند المسيحيين واليهود يعادل مقام مكة والمدينة عند المسلمين.

        وفضلا عن ذلك فان فلسطين ما كان يمكن أن تعد أرضا عربية صرفا حتي في سنه 1915، وصحيح أن أحد الناطقين بلسان العرب قال انها على العكس كانت "عربية صرفا" على خلاف الجهات الساحلية الى الشمال، وان هذا عامل يجب ادخاله فى الحساب عند تقدير الظروف المحيطة. ولكن يجب أن يذكر أنه بغض النظر عن الأهالى اليهود الذين كانوا فيها، فانها كانت غاصة بالكنائس والمدارس والمعاهد المسيحية من كل ضرب ونوع وكان آلاف من الحجاج المسيحيين والسياح يذهبون اليها في كل عام، وكانت هذه المعاهد مبعثرة في أنحاء البلاد وبعض البلدان - مثل بيت لحم - كانت مسيحية صرفا تقريبا. والواقع أنه لم يكن فيها - أى بيت لحم - في سنة 1912 سوى ثلاثمائة مسلم، من أحد عشر ألفا. وفي الناصرة كان عدد السكان خمسة عشر ألفا منهم عشرة آلاف من مذاهب مسيحية مختلفة - يونان ولاتين ومارونيين وبروتستانت - ولا شك في أن معظم هؤلاء المسيحيين كانوا عربا، ولكن كان هناك عدد كبير من المسيحيين الأجانب فضلا عن المعاهد المسيحية الأجنبية.

        ومن الجلى أن بريطانيا العظمى لم يكن لها حق أو سلطان في سنة 1915 يخولها أن تقول: انه اذا نجح الحلفاء في أن ينتزعوا من الدولة العثمانية أرضا لها هذه الاهمية في العالم المسيحى، فانها ستسلمها الى حكم "دولة اسلامية مستقلة أخرى" من قبل أن تحصل أولا على كل نوع من الضمانات لحماية الاماكن المقدسة المسيحية واليهودية ولكفالة الحرية في الوصول اليها على الاقل بمقدار ما كانت هذه الحرية مكفولة في عهد الدولة العثمانية.

        من أجل هذا، لا يكون مما يقبل عقلا أن يكون السير هنرى مكماهون قد أراد أن يعطى الشريف حسين وعدا اضافيا بأن تكون فلسطين داخلة في منطقة الاستقلال العربى. وأن في كون مسألة الضمانات لم تذكر قط، لدليلا ينفى كل شك في أن السير هنرى مكماهون لم يخطر له لحظة واحدة أن كتابه سيفهم منه أن فلسطين داخلة في هذه المنطقة. وانه لمعقول أن يعتقد المرء أن شريف مكة الذى أظهر غيرة مشروعة على الاماكن الاسلامية المقدسة في الحجاز لابد أن يكون قد قدر وأدرك الشعور المسيحى في هذه المسألة وعرف أنه ما من موظف بريطانى يستطيع أن يتعهد بضم فلسطين الى دولة اسلامية أخرى من غير ان يبدى تحفظات صريحة فيما يتعلق بالاماكن المقدسة المسيحية.

        ومن العوامل الأخرى العظيمة الأهمية أن ميناء حيفا كانت تزداد أهميتها بسرعة وهذه الميناء وغيرها من الموانى على الساحل الفلسطينى عظيمة القيمة من وجهة النظر البريطانية، اذا اعتبرنا مصالح بريطانيا العظمى الكبيرة في قناة السويس ولابد أنه كان من الواضح لكل مراقب مطلع أنه في حالة انتصار الحلفاء ستعنى بريطانيا بالحصول على ضمانات تمنع استخدام أراضى فلسطين ، ولاسيما موانئ مثل حيفا، للهجوم منها في المستقبل على أرض مصر.

        أما عن مصالح فرنسا فان من المعلوم أن فرنسا طالبت في سنة 1915، بأن يكون لها نفوذ عظيم جدا اذا لم يتيسر أن تكون لها السيادة الفعلية في مناطق واسعة وغير محددة بدقة في الشرق الأوسط. ولا بد أن يكون شريف مكة كان يعرف أن لفرنسا مطالب من هذا القبيل حتى من قبل أن يرد ذكر لهذه المطالب في المكاتبات

فقد كان على اتصال بالوطنيين العرب في سوريا وحسبه هذا مصدرا للعلم بمطامع فرنسا اذا لم يكن ثم مصدر غير ذلك.

        هذه الاعتبارات نجعل من غير المعقول أن يكون السير هنرى مكماهون قد أهمل كل ذكر للمصالح الفرنسية والبريطانية فيما يسمى الآن فلسطين، الا اذا كان قد عد فلسطين خارجة، بطبيعة الحال وبالبداهة، عن المنطقة التى كان يعد العرب فيها بالاستقلال. وانه لمن العسير أن يفهم الانسان كيف يظن من يقرأ كتب السير هنرى، ويكون محيطا بالموقف السياسى العام في الشرق الاوسط، ومن غير بحث واستقصاء ان فلسطين كان في النية ادخالها في منطقة الاستقلال.

        ويجب أيضا أن يتذكر المرء كيف كان الموقف العام فىسنة 1915 فقد كانت تركيا مسيطرة على كل من سوريا وفلسطين، ولم تكن قد انهزمت بعد. وكانت فرنسا والروسيا حليفتين لبريطانيا. ولكن كان على بريطانيا أيضا أن تراعى دولا أخرى في أوروبا ولاسيما ايطاليا، فلم يكن في وسعها أن تقطع للشريف حسين عهودا تورطها في مشاكل خطيرة بعد الحرب، وتخلق لها مصاعب مع أهم دول.

        واذا رجعنا الى نص تعهد مكماهون في كتابه المؤرخ في 24 أكتوبر سنة 1915، فان هذا يجب أن يقرأ على ضوء مباحثات معينة دارت بين المندوب السامى البريطانى في فلسطين ومحمد شريف الفاروقى.

        وقد لا يكون الفاروقى ممثلا معتمدا لشريف مكة أو لزعماء الحركة الوطنية العربية في دمشق، وقد لا يكون هؤلاء الزعماء والشريف قد علموا بفحوى مباحثاته مع المندوب السامى في خريف سنة 1915، ولكن لا شك في أنه كان مطلعا تمام الاطلاع على آراء زعماء العرب وآمالهم. وما من عربى يمكن أن يكون قد أنكر - أو يمكن أن ينكر الآن - انه كان يضع مطالبهم عند حدها الادنى حين قال أن العرب مستعدون أن يقاتلوا في سبيل "ولايات حلب وحمص وحماة ودمشق" وانه لابد أن يكون قد أراد بكلمة "ولايات" ما يحيط بهذه المدن بأوسع المعانى، وانه ما كان يمكن أن يعنى أن العرب لا يقاتلون من أجل أى جزء من الاراضى الداخلة من حدود كليكيا الى خليج العقبة. وهذه المنطقة مهمة ، لأن العبارة التى استعملها، فيما بعد، السير هنرى مكماهون في كتابه، هى نفس العبارة التى استعملها الفاروقى.

        فالفاروقى هو اذن الذى قال: " ان العرب قد بقبلون تحفظا عاما من بريطانيا خاصا بالاراضى التى لا يسعها أن تكون حرة في التصرف فيها دون اساءة الى حلفائها ومع أن حكومة جلالته لم تنشأ أن تبالغ في تأكيد هذه النقطة بدون اساءة الى حلفائها. لأن الفاروقى لم يكن مفوضا، الا أن هذا يدل على ما كان يدور في ذهن السير هنرى مكماهون حين قطع العهد.

        كل هذه الاعتبارات يجب أن تذكر عندما يراد تعليق معنى خاص ببعض الالفاظ في مكاتبات سنتى 1915، وقد تبدو المكاتبات بين السير هنرى مكماهون والشريف حسين أبعد ما تكون في هذا الوقت عن الوضوح والجلاء ولكن الظروف التى لخصت فيما سلف، والمشاغل العديدة.. التى كانت تستغرق وقت رجل في مثل مركز السير هنرى في ذلك الوقت، والحالة في بلاد العرب، كل هذه مسائل مرتيطة بدرس الوثائق. وهذا يصدق، على الخصوص، اذا نظرنا الى معنى التعهد على ضوء

النيات المحتملة للفريقين، ولكنه يصدق أيضا اذا نظرنا الى المعنى على ضوء التفسير القانونى الواقعى لعبارة التعهد. فانه في حالة كهذه، أثارت فيها العبارة أو اللغة التى استعملت، خلافا وتخمينا، يكون من المشروع مراعاة الظروف المحيطة بالموضوع، عند محاولة الوصول الى البت فيما بجب أن يفهم من الألفاظ.

        فاذا راعينا جميع الظروف المحيطة يكون موقف الحكومة البريطانية اذن قائما على نقطتين رئيسيتين:

1 -
    

تحفظ جغرافى خاص، فيما يتعلق بالمنطقة التى كانت بريطانيا العظمى تستطيع أن تعد العرب فيها بالاستقلال.

2 -
    

تحفظ عام فيما يتعلق بهذه المنطقة نفسها.

        فأما عن الأول، فان رأى حكومة جلالته دائما أن عبارة " أجزاء من بلاد الشام واقعة في غربى ولايات دمشق وحماة وحمص وحلب" تشمل كل ذلك الجزء من سوريا بما فيها ما يسمى الآن فلسطين، الواقع غربى المنطقة الادارية المعروفة باسم " ولاية سوريا ".

        وصحيح أنه لم تكن هناك "ولايات" لحمص أو حماة، ولكنه صحيح أيضا أن كلا من دمشق وحلب كانت عاصمة ولاية، وكانت الاشارة الى دمشق خليقة بمفردها أن تكون كافية لتقرير ما يعنيه السير هنرى مكماهون أما حمص وحماة فقد أضيفتا كما هو ظاهر، لأن الفاروقى ذكرهما، ولبيان أن الاراضى التى تعد حمص وحماة أهم بلادها ينبغى أن لا تخرج من المنطقة المخصصة للحكم العربى، ومن البديهى أنه لم يكن المراد الاشارة الى ولايات لا وجود لها.

        وصحيح أيضا أن الاسم التركى الرسمى للولاية التى كانت دمشق عاصمتها هو "ولاية سوريا" ولكنه ما كان ينبغى أن يساء فهم هذه العبارة ولا سيما ان كان الكاتب وجد من الضرورى أن يستعمل كلمة "الشام" - حتى ولو أن هناك ولاية بهذا الاسم - ليتسنى له أن يصف وصفا شاملا منطقة جغرافية غامضة تشمل ولايتى الشام وبيروت وسنجق القدس المستقل واقليم لبنان وجزءا من ولاية حلب.

        وقد يكون مما يستحق الذكر في هذا الموضوع أن عبارة "ولايات دمشق الخ" ما كان الشريف حسين يحب أن يكون معناها، أو المراد بها، مساحات صغيرة تحيط مباشرة بالبلاد المذكورة كما قال أحد مندوبى العرب - اذا كان رئيس القضاة قد فهم ما سمعه منه على الوجه الصحيح. فى الجلسة الأولى - لأنه لو كان هذا هو المراد لكانت المنطقة التى حرم فيها العرب الاستقلال قد زاد امتدادها شرقا على خلاف ما يؤدى اليه التفسير الواسع للعبارة. واذن لكانت المنطقة غير العربية قد وصلت شرقا الى ضواحى دمشق والبلدان الأخرى، ولشملت أجزاء كبيرة من شرقى الأردن وأقساما كبيرة من سكة الحجاز الحديدية.

        ولا نكران أنه يمكن أن يقال انه لا توجد أرض شرقى ولاية حلب، وان كتاب 24 أكتوبر سنة 1915 الى الشريف لو أخذ في تفسيره برأى حكومة جلالته لما وصلت منطقة الاستقلال العربى الى البحر المتوسط، وان كان لم يذكر في الكتاب أنها لن تصل.


        فأما عن النقطة الأولى، فيجب أن نذكر أن السير هنزى مكماهون لم يكن يحاول أن يحدد بدقة الحدود الشرقية للأرض التى يراد اخلاجها من منطقة الاستقلال العربى.

        ومن الواضح أنه استعمل عبارة يحدد بها على وجه عام رقعة من الارض واقعة على ساحل البحر الابيض المتوسط قد يقع بعضها خارج " ولايات دمشق وحمص وحماة وحلب " وقد يقع بعضها داخلها، ولكنها جميعها تقع غربا، أو الى الغرب من هذه المناطق.

        وأما عن النقطة الثانية، فان رئيس القضاة لا يشعر ان من الممكن استنتاج شىء من كون السير هنرى مكماهون لم يذكر عدم اتصال المنطقة العربية بالبحر الابيض المتوسط، لأنه اذا كانت المنطقة التى حددها باعتبارها خارجة من دائرة الاستقلال العربى، تمنع اتصال البلاد العربية بالبحر فانه لا ضرورة لذكر ذلك والنص عليه.

        وقد أخذ رئيس القضاة علما بالملاحظة المبينة على أن السير هنرى مكماهون في كتابه المؤرخ في 14 ديسمبر 1915 اقتصر على الاشارة الى ما يحتمل من اخراخ "ولايتى بيروت وحلب" من منطقة الاستقلال العربى، ولم ترد أية اشارة الى سنجق القدس أو غيره من المناطق. ولكنه يبدو من الجلى أن السير هنرى حين أشار الى هاتين الولايتين انما كان يرد على نقط أثارها الشريف حسين في كتابه المؤرخ في 5 نوفمبر 1915، فلا يبدو أن من الممكن استخلاص أية نتيجة خاصة من هذا الأمر.

        وهذا ينقلنا الى نقطة أثارها أحد مندوبى العرب، وهى انه أذا اعتبرنا الأهمية التى كان يعلقها الشريف حسين في خلال المكاتبات كلها على ولايتى حلب وبيروت وولاية العراق، فان مما لا شك فيه انه كان خليقا أن يشير بعبارات أقوى الى فلسطين أو سنجق القدس - لو ظن أنها مخرجة من منطقة الاستقلال العربى. وقد يكون هذا صحيحا، ولكن من المحقق أن العكس أيضا، يمكن الذهاب اليه، وهو أن الشريف فهم، وقبل الواقع، وهو أن فلسطين بحكم مركزها الخاص كبلاد تهم العالم أجمع ستعامل معاملة خاصة.

        وهذه الاعتبارات بعينها تنطبق علىأهمية أمر آخر، وذلك ان الشريف حسين فى كتابه المؤرخ في أول يناير 1916 أشار الى "الجهات الشمالية وسواحلها" ومن الممكن في هذه الحالة أيضا أن نستنتج أنه قبل أن تكون فلسطين خارجة عن دائرة الأستقلال العربى. وعلى كل حال فان كلمتى "الجهات الشمالية" أو "السواحل الشمالية" يمكن أن يفهم منها من يقرؤها في كتاب وارد من الحجاز ان المراد بها ساحل البحر الأبيض المتوسط كله.

        إن ما أسلفنا القول عليه فيما يتعلق بالتحفظى "الخاص" انما سقناه لنبين ان كل نقد يمكن أن يقابله تعليل معقول لما كان السير هنرى مكماهـون يفكر فيه ويقصد اليه على أن رئيس القضاة لا يريد أن يقول ان العبارة الواردة في كتاب السير هنرى مكماهون المؤرخ في 24 أكتوبر 1915 بناء على تعليمات حكومة جلالته واضحة أو حسنة الأداء دقيقة ، أو أن أية اشارة أخرى من الجانبين - كانت واضحة أو حسنة الأداء، أو ان حكومة جلالتة تعتمد على مثل هذه العبارات في عرض قضيتها.

        إن خير تفسير تستطيع حكومة جلالته أن تعرضه لعبارة " أقاليم دمشق الخ"

في كتاب 24 أكتوبر 1915 هو أن هذه العبارة مقتبسة من عبارة الفاروقى ومستعملة بنفس المعنى العام الذى كان هو يرمى اليه، أى سورية الداخلية الجنوبية الى خليج العقبة.

        ومع ان حكومة جلالته ترى ان التحفظ الخاص كان ينبغى أن يكون كافيا لاستثناء فلسطين، فانها ترى ان التحفظ العام أهم.

        ومن رأى حكومة جلالته ان عبارة التحفظ العام واضحة تمام الوضوح فهى تقصر الدائرة التى ينطبق عليها تعهد السير هنرى مكماهون على:

        "... الأقاليم التى تضمها تلك الحدود حيث بريطانيا العظمى مطلقة التصرف بدون أن تمس مصالح حليفتها فرنسا".

        وبعبارة أخرى لا يمتد التعهد الى أى جزء ليست بريطانيا حرة في التصرف في أمره مراعاة لمصالح فرنسا في الوقت الذى أرسل فيه الكتاب، أى في 24 أكتوبر 1915.

        ويجب أن يكون واضحا أيضا، مادام الأعضاء العرب قد أثاروا هذه النقطة انه من رأى رئيس القضاة ان أى تطور حصل فيما بعد وأدى الى تعديل المنطقة التى كانت بريطانيا العظمى حرة في التصرف فيها، بدون مساس بمصالح فرنسا، لا يؤثر في المنطقة التى ينطبق عليها تعهد 24 أكتوبر 1915 ولا يزال ينطبق عليها منذ ذلك الحين.

        واذا كان هناك أمر ثابت في هذه المسألة فذاك ان بريطانيا العظمى لم تكن في أكتوبر 1915 حرة في التصرف في فلسطين مراعاة للمصالح الفرنسية. وقد يكون صحيحا ان حكومة جلالته، بتأثير اللورد كتشنر وسواه كانت من قبل نشوب الحرب وبعدها ، راغبة في قصر المطالب الفرنسية على الساحل الشرقى للبحر الأبيض المتوسط اذا استطاعت أن تجد وسيلة مشروع الى ذلك. ولكن هناك فرقا عظيما بين الرغبة في أمر وبين تحقيقه. وفي الوسع أن نقرر انه في الوقت الذى تبودلت فيه المكاتبات كانت فرنسا تطالب بالساحل كله، جنوبا الى الحدود المصرية، وشرقا الى دمشق وان هذه المطالب المتطرفة لم تعدل في ربيع سنة 1916 بفضل المباحثات التى انتهت باتفاق "سيكس بيكو".

        وكما ذكر من قبل لابد أن يكون الشريف حسين قد أدرك ان فرنسا يرجح أن تطالب بفلسطين ، حتى وان كان لا يعلم ان هذه المطالب حاصلة بالفعل، ونظرا الى الظروف والى اتساع المصالح البريطانية والدينية في فلسطين كان ينبغى أن يفهم هو، أو أى قارئ لكتاب السير هنرى مكماهون ان فلسطين خارجة من تعهد مكماهون، أو على الأقل ليس من الواضح انها داخلة فيه وان منطقة الاستقلال العربى تشملها.

        وثم نقطة أخرى يجب أن نتناولها فيما يتعلق بهذه المكاتبات، وفي الفقرة الثانية من كتاب الشريف حسين المؤرخ في 5 نوفمبر 1915 وفي الفقرة الرابعة من رد السير هنرى مكماهون في 14 ديسمبر 1915 ذكر الفريقان بوضوح ان هناك تفصيلات عديدة مهمة. خاصة بالمنطقة ارجئت تسويتها الى ما بعد.

        وفي الكتاب المؤرخ فى أول يناير 1916 قبل الشريف حسين أن يرجئ النظر في مسألة احتلال فرنسا "لبيروت وسواحلها". ومهما يكن المراد بهذا اللفظ: "ومن الممكن أن يقال ان سواحل بيروت تمتد الى الحدود المصرية" - فان من الجلى انه يخرج سواحل فلسطين الى آخر حدود ولاية بيروت جنوبا، أى الى نقطة تقع شمال يافا. وهذا في ذاته يعد بمثابة قبول وقتى لتحفظ خاص بنصف فلسطين تقريبا.

        وقد أشير من قبل الى اتفاق "سيكس بيكو" المعقود في مايو 1916 وكذلك أشير الى ان مطالب فرنسا في بداية الحرب كانت تشمل فلسطين كلها كما تشمل دمشق وحلب. وهنا يجب أن يذكر ان السير مارك سيكس كان صادق العطف على القضية العربية، ومن الجلى انه كان يفاوض في عقد هذا الاتفاق وهو معتقد ان التحفظ الوارد على تعهد 24 أكتوبر 1915 يسوغ عقد الاتفاق الذى انتهى اليه. وحكومة جلالته تشك في أنه كان على صواب.

        وفضلا عن ذلك فان السير مارك سيكس حصل على تساهل عظيم من المفاوضين الفرنسيين فيما يتعلق بسناجق حماة ودمشق وحلب، وهى سناجق كان لدى حكومة جلالته من الأسباب - نظرا لما كان الفاروقى قد قاله في تاريخ سابق - ما يحملها على الاعتقاد بانها حيوية للعرب. وقد كان من الصعب جدا الحصول من الحكومة الفرنسية على هذا التساهل، وكان الاعتقاد قويا في ذلك الوقت ان الاتفاق الذى عقد - على ما جاء في تقرير رسمى كتب يومئذ - "من شأنه أن يسوى الخلافات الأساسية بين العرب والفرنسيين فيما يتعلق بسوريا."

        وقد اعتبرت فلسطين في هذه الاتفاق دولية، على أن يستشار شريف مكة ويتفق مع ممثليه على نوع الحكم الذى يقوم فيها. وهذه نقط كثيرا ما تهمل، ولكنها اذا روعيت وأدخلت في الحساب عند النظر في الموضوع كان من الصعب أن يقال ان الاتفاق كان بمثابة نكث للعهد مع الشريف حسين. يضاف الى ذلك ان حكومة جلالته لم تكن فى سنة 1915 في مركز يسمح لها بأن تعطى السيادة على فلسطين للعرب، فقد كان عليها أن تستشير حلفاءها وغيرهم من الأمم ذوات المصالح في فلسطين، كما هى مضطرة الآن ان تستشير عصبة الأمم.

        واتفاق "سيكس بيكو" يكسب الوعد المبذول للشريف حسين أهمية خاصة وهذا ما ينساه العرب. فقد كان مؤداه ان بريطانيا العظمى مستعدة أن تعترف باستقلال العرب وتؤيده ومتى سمحت الأحوال وأسعفت الظروف فان بريطانيا العظمى تنصح العرب وتساعدهم في اقامة ما يعد أصلح أنواع الحكم في هذه الأراضى المختلفة.

        وترى حكومة جلالته ان بريطانيا العظمى قد انجزت وعودها على الرغم من الصعوبات العظيمة. وقد يكون هناك محل للأسف، لانها لم تنجزها على وجه أوفى، ولكن شريف مكة لا يمكن أن يكون قد اعتقد انها أعطته - وهى لم تعطه في الواقع قط - وعدا من شأنه أن يورطها في حرب مع حليف لها لتحقق للعرب آمالا في أية رقعة من الأرض التى طلبها الشريف.

        وتتكرر الشكوى مرارا من تصريح بلفور، ولكن لا يمكن أن يقال ان المستر بلفور كان خليقا أن يصدر هذا التصريح لو انه يظن أن فلسطين داخلة في الوعد

الذى قطعه السير هنرى مكماهون للشريف في كتابه المؤرخ في 24 أكتوبر 1915، علي انه ينبغى أن يلاحظ أن ما يشكو منه العرب يتوقف الى حد كبير على التفسير الذى يؤخد به للتصريح، والمؤدى الذى يفهم منه. وليس مما يدخل في نطاق هذا البحث ان نبدى رأيا في وجهة النظر الصهيونية في الموضوع، ولكن يجب أن نذكر ان التصريح يكفل صراحة الحقوق المدنية والدينية للعرب. وهذا قيد عظيم الأهمية ومن حقه أن يكون له تأثير بالغ في السياسة.

        والمرجو أن يكون في هذه الايضاحات ما يقنع أعضاء اللجنة من العرب بان السير هنرى مكماهون لم يكن يقصد قط أن تكون فلسطين داخلة في نطاق الاستقلال العربى، ولم يكن ثم ما يبعثه على الظن بان مقاصده ليست واضحة وضوحا تاما للشريف حسين، على انه سواء تحقق هذا الرجاء أم لم يتحقق فان حكومة جلالته لا يسعها الا أن تنفى بقوة كل قول ينقض العهد من جانبها أو جانب أسلافها.

        ويود رئيس القضاة، في الختام، أن يذكر اللجنة بان المهم الآن هو الحالة الموجودة فعلا، وقد أعطيت بريطانيا العظمى الانتداب بموافقة حوالى اثنتين وخمسين أمة من جميع ارجاء العالم، ولا سبيل الى اغفال هذه الحقيقة التى لا تستطيع حكومة جلالته تغييرها وحدها والتى تحملها تبعات لابد من القيام بها. أفلا يستطيع الجميع ممن يعنيهم الأمر أن يعترفوا بحقيقة هذا الأمر الواقع، وأن يتعاونوا على ايجاد تسوية عادلة في هذه الظروف؟


 (*) من كتاب " وثائق القضية الفلسطينية " اصدار جامعة الدول العربية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

النص الكامل للبيان الذى القاه وزير المستعمرات في مجلس العموم Empty
مُساهمةموضوع: رد: النص الكامل للبيان الذى القاه وزير المستعمرات في مجلس العموم   النص الكامل للبيان الذى القاه وزير المستعمرات في مجلس العموم Emptyالثلاثاء 01 نوفمبر 2016, 12:18 am

قرار مؤتمر الهيئة البرلمانية لحزب العمال
سنة 1939

        ان هذا المؤتمر يؤيد الموقف الذى اتخذته الهيئة البرلمانية لحزب العمال ضد سياسة الحكومة بشأن فلسطين (الكتاب الابيض لسنة 1939). لقد أعلنت الهيئة أن الكتاب الابيض بفرضه حالة الاقلية على اليهود وبخروجه على مبدأ الاستيعاب الاقتصادى الذى يتحكم بالهجرة اليهودية. ويجعل دخول اليهود متوقفا على رضاء العرب، وبتحديد الاستيطان اليهودى على الارض، يناقض التعهدات التى اشتمل عليها وعد بلفور والتى نص عليها في صك الانتداب. ان سياسة الكتاب الابيض تمثل استسلاما آخر للعدوان، وتقدم مكافأة للعنف والارهاب، وهى نكسة للقوى التقدمية لدى العرب واليهود، كما انها تفرض قيودا لا تحتمل على الهجرة اليهودية في الوقت الذى يقسم الاضطهاد العنصرى بلاد العالم الاخرى الى بلاد تحرم على اليهود دخولها وبلاد تستحيل عليهم الحياة فيها. وان هذا المؤتمر يؤكد ثانية التأييد التقليدى الذى توليه حركة العمال البريطانيين من أجل اعادة انشاء وطن قومى للشعب اليهود في فلسطين. وتعترف بأن فوائد جلى للجماهيرالعربية قد نجمت عن الهجرة والاستيطان اليهوديين. وان هذا المؤتمر لمقتنع بتوفر امكانية التعاون السلمى المستمر بين الشعبين العربى واليهودى في فلسطين تحت ظل الانتداب وسياسة وعد بلفور.

        ان هذا المؤتمر يطلب من الحكومة أن تتجاوز عن سياسة الكتاب الأبيض وتعيد فتح أبواب فلسطين للهجرة اليهودية وفق قدرة البلاد على الاستيعاب الاقتصادى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
النص الكامل للبيان الذى القاه وزير المستعمرات في مجلس العموم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: بلادنا فلسطين :: خرائط ووثائق فلسطين-
انتقل الى: