بيان أمين القدس مع المرفقات
عن تفاصيل المؤامرة الصهيونية الأمريكية
للاستيلاء على هداسا والجامعة العبرية
تمهيدا لتدويل القدس(*)
11 /9 / 1966
1 -
زارنى فى شهر آزار 1966، استاذ أمريكى وقدم نفسه لى بأنه صديق لأحد معارفي الامريكان واسمه الاستاذ ( ريتشارد سون ) وكعادتى رحبت به، ودعوته للطعام فى بيتى، وقد أعلمنى هذا الاستاذ واسمه ( البرت بين ) انه رئيس كلية اسمها كلية طائفة وادى موهاك فى أوتيكا بولاية نيويورك، وأعلمنى أنه يقوم باستطلاع لايجاد مكان مناسب فى الشرق الأوسط لانشاء فرع لكليتهم فيه، وهذا الفرع يستهدف بحث الدراسات الشرقية.
لم يذكر هذا الاستاذ يومها أى شيء عن اختيار القدس مركزا لهذا الفرع وعن امكانية استخدام ابنية الجامعة العبرية وهداسا لهذه الغاية. ومن الطبيعى أن أجامله وأن أكرمه، مؤملا استدراجه لمعرفة أى أهداف بعيدة ونوايا مستترة، لكنه كان هو الآخر حذرا فلم يكشف شيئا أبعد من عواطفه الطيبة نحو العرب.
2 -
فى 1 / 6/ 1966 زارنى فى مكتبى استاذ أمريكى آخر وقدم نفسه باسم الاستاذ ( دون بيرتس ) ويعمل مع الاستاذ ( البرت بين ) فى أمريكا، وأنه يقوم بزيارة للشرق الأوسط لاستكمال دراسة الاستاذ ( بين ) فيما يختص بانشاء فرع لكليتهم فى مكان ما فيه. لقد اشتبهت فورا بيهودية هذا الاستاذ فاسمه يتألف من اسمين، كل كلمة منهما، تعتبر يهودية مائة فى المائة، وشكله يكشف عن يهوديته ولقد حاولت استدراجه لأكشف ذلك فبدأت أسأله عن مكان ميلاده فقال انها مدينة بلتيمور - الولايات المتحدة، وان كلمة - دون- من اسمه مأخوذة من الانجيل- وانه زار القدس فى العام الماضى كما زار الجانب الآخر من القدس المحتلة ثلاث مرات، وانه زار الجامعة الاردنية فى عمان فى اليوم السابق، وكنت ألاحظ عليه تغير لون وجهه كلما استرسل فى توجيه سؤال جديد، ولربما شعر منى أننى أشتبه به، فتحفظ فى حديثه، وقد وجدت أنسب شيء هو استمالته لزيارة المحافظ، فسألته فيما اذا كان قد قابله، فأجاب بالنفى عندها اقترحت عليه ذلك، فقال أن وقته ضيق، وأنه مضطر للسفر الى الجانب الآخر من القدس بعد ساعتين، فقلت له ان بالامكان أخذ موعد
له على التليفون فوافق وفعلا اتصلت بمعالى المحافظ ورحب معاليه وأرسلته اليه، وبعد مغادرته مكتبى، اتصلت ثانية بمعاليه، ونقلت اليه شكوكى عن يهوديته وبعد حوالى ربع ساعة، تلفن الى معاليه يؤكد لى صحة اشتباهى ويضيف ان الزائر اعترف أمامه بأنه يهودى، وأنه من مواليد القدس أيضا وحيث أن برنامجه. مغادرة المدينة بعد ساعتين، فان معاليه بعد ان استوفى اجراءاته معه، سمح له بالمغادرة. وأذكر أن من جملة الاجراءات التى اتخذها معالى محافظ القدس بهذه القضية، أنه رفع نسخة من كتابى الى معالى وزير الداخلية وان معاليه قد حول نسخا من هذه المراسلات الى معالى وزير الخارجية، الذى اصدر بدوره تعميما بمنع دخول الاستاذ اليهودى دون بيرتس الى الاردن بتاريخ 28 / 6/ 1966.
والى هنا لم يكن أمر اختيار القدس وجامعتها العبرية وأبنية هداسا، مكانا لانشاء فرع الكلية الامريكية قد ظهر بعد، ولكنى تألمت من اكتشاف استاذ يهودى يسرح ويمرح بيننا، متخفيا تحت ظل جواز سفر أمريكى، فبادرت بارسال تحرير مكتوم للحكومة بتاريخ 1 / 6/ 66، وأوضحت فيه تفاصيل تقديمه الى وحديثى معه ورجوت باطلاع الجهات الرسمية عليه لاستكمال تحرياتها، وأرفق لكم نسخة من هذا التقرير.
ولقد اطلعت مجلس أمانة القدس فى جلسة رسمية على تفاصيل هذه المقابلة والاجراءات.
بتاريخ 6 / 8 / 1966 وصلنى كتاب من الاستاذ ( البرت بين ) وتاريخه 27 / 7 / 1966 يقول فيه أنه بعد رجوعه لأمريكا تراءى له أن أفضل مكان لانشاء فرع كليتهم هو القدس. وأنسب مكان فيها، هو جبل سكوبس، وان أبنية الجامعة العبرية هداسا هى الامكنة المختارة، وأنه عرض اقتراحه على عمدة جامعته فأقروه عليه، وانه رأى ضرورة الاتصال بالجانبين العربى والاسرائيلى لتأمين موافقتهما على هذا الاستعمال. وتنفيذا لهذا الأمر، فقد أرسلوا الدكتور ( بيرتس ) ليكمل المباحثات، فجاء وزار القدس وعند رجوعه أفاد بأنه لم يتمكن من معرفة رأى أمين القدس ولكنه وجد تشجيعا من آخرين لم يذكر اسماءهم. كما افاد أيضا أن الجانب العسكرى الاسرائيلى أظهر معارضته، لكن صديقا له فى نيويورك استطاع فيما بعد أن يحصل على موافقة الجانب الإسرائيلى وان ما يتبقى عليهم الآن، معرفة رأى الجانب العربى الاردنى وأنه يشعر أن أمين القدس ربما يكون باستطاعته تقديم النصيحة له فى كيفية الاتصال بالحكومة الاردنية، وأنه لا بد له من التنويه، بأن جامعتهم، فى حالة السماح لها بالعمل، تتمسك بحرية اختيار الاساتذة والطلاب، وأفسر أن هذا يعنى السماح لليهودى الامريكى ولليهودى الانكليزى ولليهودى الاسرائيلى ولليهودى من أى بلد فى العالم، ولانصارهم بحرية الدخول للقدس للجانب العربى منها بشكل استاذ أو تلميذ فى هذه الجامعة.
وعند الانتهاء من تلاوة الكتاب بادرت بتوجيه كتاب لمعالى محافظ القدس، كما أرفقت معه نسخة من كتاب الاستاذ الامريكى لى وكشفت له بوادر مؤامرة تحاك لنا ولقدسنا تحت ستار العلم والثقافة والخير، ورجوت اطلاع الحكومة عليها، وقلت اننى سأجيب المرسل، بأننى حولت كتابه للحكومة لترى رأيها فيه، ويسرنا ان أرفق نسخة من كتابى لمعالى المحافظ للاطلاع.
4 -
وبتاريخ 10 / 8 / 1966 نقلت تفاصيل هذه المعلومات الى مجلس أمانة القدس فى جلسة سرية وكشفت لهم النوايا الخبيثة المستترة وراء هذه المحاولات فاقرونى على جميع الاجراءات.
5 -
وبتاريخ 5 / 9/ 1966 نشرت جريدة "الجهاد" الغراء خبرا لمراسلها فى نيويورك السيد طارق الجابرى، يقول بوجود مفاوضات لبيع وشراء ابنية الجامعة العبرية وهداسا فى القدس لجماعة من الامريكان، وان المفاوضات فى طريق الانتهاء وان نهايتها ستقتلع الشركة اليهودية فى القدس العربية.
وقد استلفت نظرى هذا الخبر. ورأيت فيه عكس ما هو واقع فحررت كلمة مستعجلة احذر فيها من هذه العملية واعلنت انها مؤامرة ضدنا، وقد نشرت الصحف تحذيرى هذا بشكل بيان ظهر بتاريخ 7 / 9 / 1966.
هذه تفاصيل ما لدى، ومنها ينكشف اننى كنت السباق الى اكتشاف خيوط هذه المؤامرة. وانه لدى اكتشافى لها، بادرت باطلاع الحكومة ومجلس الامانة على حقائقها، وانني لسعيد بما قمت به حتى هذه اللحظة.
روحي الخطيب
المرفقات
-1-
معالى محافظ القدس المحترم
أشير الى المحادثة التليفونية التى جرت بيننا صباح اليوم، حول أستاذ أمريكى اسمه (دون بيرتس) ارسله لى سعادة قنصل أمريكا العام بالقدس السيد ايفان م. ولسون، بناء على رغبة الاول، وأشير بصورة خاصة الى اشتباهى به بأنه يهودى، واستمالته لزيارتكم لتقولوا رأيكم فيه، وأشير كذلك الى محادثتكم التليفونية الثانية لى بنفس اليوم، تنقلون لى خبر اعتراف الشخص امامكم بأنه يهودى، وانه سيغادرنا قبل ظهر اليوم الى الجانب الآخر من القدس المحتلة وأشعر أن الواجب يقتضينى بأن أضع أمامكم وأمام الحكومة الكيفية التى توصل بها هذا الشخص الى، والحديث الذى جرى بيننا، لعل الحكومة ترى من ورائها ضرورة فى متابعة التحرى عن هذا الشخص.
قبل ثلاثة أيام اتصل بى سعادة القنصل الامريكى تليفونيا ونقل الى ان أستاذا فى احدى الجامعات الامريكية، يرغب فى زيارتى بعد ظهر الاثنين 30/ 5 أو الثلاثاء 31 / 5 / 66 فأجبته أننى مرتبط فى هذه المواعيد ولا مانع عندى من حضوره فى التاسعة من صباح الأربعاء 1 / 6 / 1966 فثبت لى سعادته هذا الموعد فيما بعد.
فى الساعة 8.45 من صباح اليوم حضر الشخص وقدم لى بطاقته المرفقة والتى تحمل الاسم والوظيفة والعنوان كما يلى:
Don Perets(*)
Associate Direct. Office of Arab Studies.
The University of the State of New York State Education Department Albany New York I2224 or 4-8548
Foreign Area Materials "Center 423 West II 8 th Street, New York27, New York, AC2- I479
لقد استرعى انتباهى اسم عائلته "فهو حسب خبرتى فى دائرة الجوازات مدة 12 سنة أيام الانتداب اسم يهودى" كما لفت نظرى أيضا شكله ولذلك بدأت أفكر فى ايجاد طريقة لايصاله اليكم.
أعلمنى انه زار القدس قبل عام، وانه امضى حوالى اسبوعا فى بيروت قبل ان يحضر للقدس وانه زار الطرف الآخر اكثر من ثلاث مرات، وانه اصلا من مواليد بلدة - بلتيمور- فى الولايات المتحدة الامريكية، وأنه يعرف الاستاذ سامى هداوى فى بيروت، وانه زار أمس الجامعة الاردنية، وانه هنا ليدرس امكانية انشاء فرع لجامعة ولاية نيويورك فى القدس، ونظرا لاشتباهى الكبير به، عرضت عليه مقابلتكم فوافق وارسلته لكم ولم يخبئ عنكم حقيقة حاله.
اننى أشك كثيرا فى قيام هذا الشخص بدراسات واتصالات فى القدس وفى عمان، كما ارتاب فى أن سعادة قنصل أمريكا العام كان يعلم أنه يهودى قبل ارساله الى.
لذلك، فانى أشعر بضرورة اطلاعكم على هذه التفاصيل، لعلكم تجدون من الضرورى اطلاع جهات الامن والاستخبارات والمراجع العليا على هذه المعلومات، فلعل متابعتها تكشف لكم أمورا جديدة.
وتفضلوا معاليكم بقبول فائق الاحترام.
روحى الخطيب
أمين القدس
معالى محافظ القدس المحترم
يظهر ان زيارة اليهودى الاستاذ دون بيرتس موضوع كتابى لمعاليكم رقم ب- ز- 72- 4 المؤرخ 1 / 6/ 66 هى حلقة من سلسلة، تهدف الى استئناف الحياة فى الجامعة العبرية على جبل الزيتون، عن طريق استخدام اصدقائهم الامريكان فى جامعة ولاية نيويورك.
(*) هكذا وردت - الاسم الصحيح: Don Peretz
فلقد سبق لهؤلاء القوم، ان اوفدوا استاذا أمريكيا مسيحيا قبل بضعة أشهر، اسمه الاستاذ "البرت بين"، ووظيفته رئيس كلية سان وادى موهاك فى بلدة أوتيكا، ولاية نيويورك زارنى بتوصية من أحد المعارف، الامريكان، وأظهر محبة جماعته وعطفهم على قضية العرب ورغبتهم فى انشاء فرع لكليتهم فى احدى البلاد العربية، وأوضح أن زيارته آنذاك تستهدف دراسة الأوضاع وتقديم التواصى لرئاسته عن المكان الأنسب لمثل هذه الكلية.
واليوم جاءنى كتاب منه، يكشف النوايا المستترة من وراء مزاعم العطف والمحبة، وانى ارفق لكم نسخة من هذا الكتاب، وفيه يظهر تآمر اليهود مع اصدقائنا الامريكان، فى الوصول الى الجامعة العبرية واستئناف الدراسة فيها، تحت علم جامعة ولاية نيويورك، مظللا بمزاعم الصداقة والمحبة للعرب.
والكتاب سافر النوايا المبيتة، بحيث أظهر كتابه بكل وضوح فى الفقرة الثانية من الصفحة الثانية منه، انه فى حالة موافقة الحكومة الاردنية على برنامجهم فان ادارة الجامعة- أى ادارتهم- تصر على أن تكون مطلقة الحرية فى اختيار من تشاء من الاساتذة والطلاب لهذه الجامعة، وبصريح العبارة، تريد ان تفتح الابواب للاساتذة والطلاب اليهود على مصاريعها سواء كانوا من يهود اسرائيل او من اى بقعة فى العالم.
وان مجرد التفكير بهذا الاقتراح، ومحاولة ربطه بما سبق واطلعنا عليه من التراجم المنقولة عن الصحف العبرية مؤخرا، حول المساعى المبذولة من قبل بعض الجهات غير الرسمية فى اسرائيل لتحويل الجامعة العبرية فى جبل الزيتون الى جامعة سلام، تضم اساتذة وطلابا من العرب واليهود لهو دليل آخر عن تجنيد اليهود لكل صديق لهم والامريكان فى مقدمتهم للوصول الى أهدافهم.
وانى اذ أبادر بنقل هذه المعلومات الى معاليكم لأبعث لكم بنسخة لتتكرموا بنقلها الى دولة الرئيس وحكومتنا الموقرة، لتطلعوا جميعا على هذه المؤامرة الجديدة، وتواصلوا مساعيكم الحميدة فى درء خطر مبطن فضلا عن الظاهر. وانى بنفس الوقت، سأجيب المرسل بأنى قد حولت كتابه اليكم لتدرسوا فحواه مع حكومتنا الموقرة.
والسلام عليكم
روحى الخطيب
أمين القدس
(*) المنار - المقدسية - 12 / 9 / 1966 .