حقائق عن سكري الأطفال
لورا فرح وهاب - استشارية التغذية الطبية والعلاجية
مرض السكري هو عبارة عن إرتفاع مستوى السكر في الدم إلى أكثر من 100-125 ميلغرام / ديسيليتر في حاله الصيام ويمكن اعتبار مرض السكري على انه وباء عالمي ، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية يقدر أن مرض السكري يؤثر حالياً على 340 مليون شخص في جميع أنحاء العالم وتم اختيار 14 نوفمبر يوماً عالمياً للسكر وهو يوم عالمي يحتفل فيه في كل عام للتوعيه من مخاطر داء السكري وهو احياء لذكرى عيد ميلاد ( فريدريك بانتنج )Frederick Banting مكتشف الأنسولين عام 1922 وذلك تكريماً له .
وسكري الأطفال يطلق عليه ايضاً سكري النوع الأول وهو عادة يصيب الأطفال وصغار السن الأقل من 25 سنة وتعزى الإصابة به إلى عجز البنكرياس عن إفراز هرمون الأنسولين نتيجة لفقدان أو تحطم خلايا بيتا في غدة البنكرياس المسؤولة عن إفراز الأنسولين، والسبب الرئيسي لتحطم خلايا بيتا هو غير معروف ولكن الدراسات تشير انه قد يكون نتيجة مناعة ذاتية تهاجم خلايا بيتا المنتجة للأنسولين، ودراسات اخرى تشير إلى أنه قد يكون نتيجة جرثومة مسببة للإلتهاب وعادة ما تكون فيروساً تذهب عن طريق الدم إلى البنكرياس وتحطم خلايا بيتا بطريقة مباشرة . ونسبة الإصابة به قليلة تبلغ حوالي 10% من مجموع حالات مرضى السكري وبحسب أخر احصائيات عالمية حديثة فإن 1 من كل 5000 طفل يعاني من سكري الأطفال في العالم .
يمكن أن يظهر سكري الأطفال من السنة الأولى من عمر الطفل ولا يمكن اكتشاف سكري الأطفال بسهولة كون معظم المصابون بالمرض يكونون بصحة جيدة وبأوزان مثالية وليس من السهل على الوالدين على الفور معرفة أعراضه حيث غالباً ما يتم إكتشافه في المستشفى أو في العناية المركزه وذلك بعد نقل الطفل إلى المستشفى بحالة غيبوبة ولكن من أهم أعراض سكري الأطفال التي قد تظهر على طفلك كعلامة لإصابته بالمرض هي زيادة التبول – فقدان الوزن – زيادة العطش وشرب الماء – تغير المزاج – التعب والإجهاد والأرق – جفاف الجلد أو جفاف الفم- الام في المعدة - صداع – القيء نتيجة تراكم الأسيتون أو الكيتون في الدم نتيجة الإرتفاع الكبير في السكري مما تسبب زيادة في حموضة الدم و تؤدي إلى القيء مع احتمالية حدوث الغيبوبة إن لم يعالج في الحال،و عندها يستوجب إدخال الطفل إلى المستشفى لعلاج الجفاف والحموضة الشديدة بإعطائه السوائل والأنسولين من خلال الوريد إلى أن يتم التحسن وقد يستغرق ذلك أسبوع أو أكثر وذلك حسب حالة الطفل .
التعامل مع سكري الأطفال أمر صعب جداً وتعتبر الفترة التي تلي إكتشاف إصابة أحد أطفال الأسرة بداء السكري من أكثر الأوقات حرجاً وصعوبة على كل أفراد الأسرة ويتوجب التكيف مع الأعراض والمشاعر التي تعاني منها الأسرة والتغلب على مشاعر الصدمة والإحساس بعدم التصديق أن طفلها مصاب بالسكري ومحاولة التغلب على الغضب والحزن والخوف والقلق من مضاعفات المرض الخطيرة وهذه كلها مشاعر طبيعية ومتوقعه إلى أن يتم استيعاب الحالة لمعرفة كيفية التعامل مع الوضع الجديد وتنظيم الحياة اليومية للطفل بالشكل الذي يشعره بأنه لا يختلف في شيء عن بقية الأطفال وضرورة تشجيعه وتقوية عزيمته للتأقلم والتعايش مع هذا المرض الحقير الذي يدمر حياة أسرة بأكملها .
تعزى الإصابة بسكري الأطفال إلى عجز البنكرياس عن إفراز هرمون الأنسولين. وتعود أهمية الأنسولين إلى كونه الهرمون الوحيد القادر على مساعدة الجلوكوز للدخول إلى الخلايا وإنتاج الطاقة اللازمة للجسم .
إصابة الطفل بمرض السكري خبر يقلق الأمهات والأباء كثيراً ومتابعة علاجه أيضاً ترهق الطفل ووالديه، إن أطفال مرضى السكري وكذلك امهاتهم وأباؤهم يحتاجون لمساندة معنوية ونفسية لمساعدتهم في التغلب على الصدمة ومشاعر الغضب وعدم التصديق والتي قد تستمر لبعض الوقت ولكن على الأبوين أن يتذكرا أن تقبلهما للقدر سيساعد طفلهم أيضاً على تقبله ولا يوجد في أيدي أي منكم ما قد يغير هذا القدر. لأنه من الضروري ايضاً مراعاة أن نفسية الطفل مرتبطة بنفسية الوالدين حيث أنه قد يقوى الطفل ويتغلب على مرضه إن كان يحظى بنفسية حلوة وقوية تساعده على تحمل عذاب المرض وهذا كله قد يكتسبه من تشجيع الأهل له وقدرتهم على التعامل مع هذا المرض .
إن معرفة الأم والأب بأساسيات المرض وعلاجه والغذاء المناسب له تسهل الأمر وتجعل من الممكن تفادي المضاعفات التي يتعرض لها الطفل سواء في البيت أو في المدرسة .
علاج سكري الأطفال يتركز على ثلاثة محاور أساسية هي الأنسولين والطعام والرياضة للحصول على نسبة سكر في المعدل المطلوب .
إن تغذية مرضى سكري الأطفال ( سكري النوع الأول ) أمر في غاية الأهمية حيث أن الإحتياجات الغذائية يجب أن تتناسب مع احتياجات الأنسولين وذلك تجنباً لإرتفاع مستوى السكر أو إنخفاضه عن الحد الطبيعي .
الحمية الغذائية المتبعه يجب أن تكون صحية ومتوازنه وكافية لنموه جسمياً وعقلياً وصحياً ونفسياً وغنية بجميع العناصر الغذائية الأساسية لنمو الأطفال بكميات محدده بحسب العمر والجنس والوزن والنشاط الحركي ويتم تحديد هذه الكميات من قبل الطبيب أو أخصائي التغذية .
تعد الكربوهيدرات من أهم العناصر التي يجب مراعاتها عند إتباع نظام غذائي صحي لمرضى سكري الأطفال كون 50 % من السعرات الحرارية التي يحتاجها طفل السكري يحصل عليها من الكربوهيدرات . إن حساب الكربوهيدرات هو أحد أساليب تنظيم الوجبات المستخدمة مع مرض السكري كونها الأكثر تأثيراً على مستويات سكر الدم ، وتوصل الباحثون إلى تحديد قياس للكربوهيدرات وهي أن كل حصة واحدة أو وحدة كربوهيدرات واحدة تعادل 15 غرام من الكربوهيدرات
تالياً نصائح وإرشادات خاصة لتغذية مرضى سكري الأطفال
- ضرورة فحص مستوى السكر بإستمرار يومياً وبمعدل 4-7 مرات لمراقبة إرتفاعه وهبوطه ولتحديد جرعة الأنسولين المناسبة ولتتبع سير الأمور بشكل أفضل .
- ضرورة حساب كمية الكربوهيدرات المتناولة يومياً ومراجعة أخصائي التغذية لتزويدكم بالنشرات والجداول الخاصة بوحدات الكربوهيدرات وتزويد طفلكم بالحمية الغذائية المناسبة لمرضى سكري الأطفال بحيث تتناسب مع العمر والطول والجنس والوضع الصحي .
- ضرورة ممارسة الرياضة بإستمرار لتجنب السمنة وكذلك الرياضة تساعد على استعمال الأنسولين بشكل أسرع وتقلل من إحتياجات الجسم للأنسولين مع مراعاة تناول وحدة كربوهيدرات أو أكثر قبل ممارسة الرياضة لتجنب هبوط السكر .
- غذاء مرضى سكري الأطفال يجب أن يكون متكاملاً ومتنوعاً بحيث يحتوي على جميع المجموعات الغذائية الضرورية من الحبوب والنشويات – اللحوم – الفواكه – الخضراوات – الحليب والدهون لسد إحتياجات الجسم الضرورية.
- يفضل تناول 3 وجبات رئيسية و 2-3 وجبات خفيفة خلال النهار .
- التقليل من تناول الأغذية الغنية بالدهون والمقالي واستبدالها بالأصناف القليلة الدسم فمثلاً التركيز على إعطاء الدجاج منزوع الجلد وإختيار اللحوم الخالية من الدهون مثل اللحم البقري والتركيز على تناول الأسماك بمعدل مرتين أسبوعياً ومراعاة تناولها مشوية بدلاً من مقلية واختيار الحليب والألبان والأجبان قليلة الدسم .
- ضرورة شرب الماء والسوائل بإستمرار وخاصة عند وجود إرتفاع شديد في نسبة السكر ومراعاة تجنب العصائر المحلاة والمشروبات الغازية .
- عندما يكون الطفل مضطراً لتناول طعامه خارج المنزل يجب معرفة كيفية إختيار الطعام المناسب ومعرفة طريقة تحضيره والمكونات الغذائية التي استعملت في تحضيره وذلك لتحديد جرعة الأنسولين المناسبة تماشياً مع وجبة الطعام وكمية الكربوهيدرات الموجودة فيها مع محاولة قدر الإمكان تقليل عدد مرات تناول الطعام خارج المنزل .
- الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالألياف وخاصة الخضار والحبوب الكاملة كونها غنية بالفيتامينات والمعادن وتعطي الشعور بالشبع .
- تناول فيتامين D بإستمرار كونه يعتبر من أهم الفيتامينات الضرورية والمفيدة لمرضى سكري الأطفال .
- الإكثار من تناول الأطعمة التي لا تحتوي على كربوهيدرات أو التي تحتوي على نسبة قليلة من الكربوهيدرات كونها لا تؤثر على نسبة السكر .
- مراعاة أن يكون النظام الغذائي المتبع يحتوي على كمية قليلة من الأطعمة ذات المحتوى العالي من الكربوهيدرات مثل الخبز الأبيض – الأرز – المعكرونة – البطاطا كونها تحتوي على سكريات سهلة الهضم تؤدي إلى إرتفاع مستوى السكر في الدم بسرعة .
- يمكن لأطفال السكري تناول الحلويات والشوكولاته ولكن بكميات قليلة جداً ومن الأفضل قياس معدل السكر في الدم بعد تناول الحلوى من أجل ضبط جرعة الأنسولين لها إذا لزم الأمر .
- محاولة التنوع في الوجبات وعدم الحرمان حتى لا يمل الطفل ويدفعه ذلك لتناول طعام أخر في الخفاء قد يضره أو يدفعه لطلب طعام مفضل له من اصدقائه في المدرسة .
- بعد فتح الأنسولين يفضل حفظه في درجة حرارة غرفة لا تتجاوز 25 درجة مئوية ويفضل استخدامه خلال شهر وحفظه بعيداً من اشعة الشمس ومراعاة كتابة التاريخ على العلبة عند فتحها ويفضل استخدام ابرة جديدة في كل مرة وتغير مكان حقن الأنسولين بإستمرار بين البطن والجزء العلوي من الذراعين والساقين .
- ضرورة إخبار إدارة المدرسة والمعلمين عن مرض الطفل وعن إصابته بسكري الأطفال لأخذ الإجراءات الوقائية اللازمة في حالة حدوث غيبوبة إرتفاع أو هبوط السكر .
- يجب تزويد طفل السكري بحقيبة يدوية صغيرة خاصة به يأخذها معه دائماً أينما يذهب ليضع بداخلها جهاز فحص السكر – ابر الأنسولين – نوع حلوى أو شوكولاته أو عصير محلى أو كبسولات خاصة لرفع السكر في حالة هبوط السكر - بطاقة شخصية عليها إسم الطفل وتشخيص مرضه ورقم هاتف الوالدين للإتصال معهم عند الضرورة .
- ضرورة قراءة بطاقة البيان والملصق الغذائي الموجود على أغلفة المنتجات الغذائية والمأكولات الجاهزة لمعرفة محتواها من الكربوهيدرات مع مراعاة أن مصطلح خالي من السكر التي نراها على العديد من المنتجات الغذائية لا تعني أنه خالي من الكربوهيدرات .
من هنا نرى دور الأهل في إحكام المراقبة وتنظيم الحياة اليومية للطفل بالشكل الذي يشعره بانه لا يختلف في شيء عن ابناء جيله ومراعاة الحالة النفسية له ليعيش حياة سعيدة مليئة بالحنان . وعلى الأهل أن يكونوا قدوه لطفلهم وهذا يتطلب منهم أن يتناولوا طعاماً صحياً مثل طفلهم لمراعاة مشاعره ونفسيته لأنه من الصعب أن يرى الطفل أن أهله يأكلون ما يحلو لهم من طعام وحلوى وهو كأنه معاقب يتناول الخضار والحبوب الكاملة ولكن إذا كان طعام الأهل صحي فسيأكل هو الطعام الصحي ويسعد به .
وضرورة معرفة أن حمية مرضى السكري يمكن اتباعها للأصحاء أيضاً حيث أنها الأكثر صحة وفائدة .