[size=undefined][color:17a4=1992 - 2011 = ?]
20 رجب 1297هـ ـ 27 يوليو 1880م
تقع بلاد الأفغان عند الركن الشمالي الشرقي من الهضبة الإيرانية الآسيوية، تحيط بها إيران غربًا وباكستان شرقًا وجنوبًا والجمهوريات الإسلامية الروسية السابقة شمالاً، وبالتالي فهي ذات موقع إستراتيجي بالغ الأهمية للقوى العالمية المسيطرة على العالم القديم.
وأهل أفغانستان يرتبطون بأصول عربية خاصة من قريش، وبأصول تركية وفارسية وهندية ومغولية، لذلك فلقد جمع أهل أفغانستان جميع خصال هذه الأصول والعرقيات محمودها ومذمومها، كما أن الطبيعة الجبلية السائدة لأرض أفغانستان أكسبت أهلها صبرًا وجلدًا أكثر من غيرهم، لذلك فهم يتصفون بعزة وأنفة العربية وشجاعة وإقدام التركي وصبر وعزيمة الفارسي، وهذه الخصال جعلت أرض أفغانستان مقبرة لكل الغزاة الذين حاولوا احتلال هذه البقعة السحرية من العالم.
بعد أن أصاب الأمة الإسلامية الضعف والوهن وشاخت دولة خلافتها الدولة العثمانية، وقعت معظم بلاد الإسلام تحت نير الاحتلال الأوروبي، وأصبح الصراع على أشده بين أباطرة الاستعمار على ميراث الأمة المغلوبة وتركة الرجل المريض، وكانت إنجلترا قد احتلت بلاد الهند منذ أوائل القرن الثامن عشر الميلادي ودخلت في خصومة شديدة مع الإمبراطورية الروسية التي اتسعت على حساب أملاك العثمانيين في القرم وبلاد القوقاز وآسيا الوسطى، وقد اعتقد الإنجليز أن استيلاءهم على أفغانستان سوف يبعد الروس عن توسيع نفوذهم بحيث يهددون الهند درة التاج البريطاني، وكان نفس التفكير يدور بخلد الروس.
وإزاء سعي إنجلترا للسيطرة على أفغانستان وجعلها دولة حاجزة Buffer state لوجودها في الهند منذ أوائل القرن التاسع عشر، فقد دارت الحرب الشرسة بين الأفغان والإنجليز على مرحلتين:
المرحلة الأولى: لمدة أربع سنوات من عام 1838 حتى 1842م.
وعرفت باسم الحرب الأفغانية الأولى، وتمكن فيها الأفغان رغم قلة عددهم من إبادة بعض المواقع للجيش الإنجليزي بحيث أبيد جيش إنجليزي قوامه عشرون ألفًا من الجند المجهز بأحدث الأسلحة، وأسفرت هذه الحرب عن تجميد الاتصالات بين الأفغان والإنجليز والاعتراف بالأمير «دوست محمد» حاكمًا لأفغانستان وكان عدوًا للإنجليز.
المرحلة الثانية: عندما تولى اليهودي [دزرائيلي] رئاسة الوزراء في إنجلترا وقرر تصعيد المواجهة مع الإمبراطورية الروسية على أرض أفغانستان، ومن أجل ذلك قامت الحرب الأفغانية الثانية من عام 1878م ـ 1881م / 1295هـ ـ 1298هـ، وقد بدأت الحرب بدخول الجيش الإنجليزي العاصمة «كابل» بأعداد ضخمة سنة 1295هـ حيث فر أمير الأفغان «شير علي» خارج البلاد، واقترح الإنجليز تعيين نجله [يعقوب] مكانه، ولكن الشعب الأفغاني الأبي رفض صنيعة الإنجليز حاكمًا عليه وقرر الجهاد ضد المحتل الإنجليزي.
ظل الشعب الأفغاني يجاهد الإنجليز في حرب عصابات مرهقة استنزفت الكثير من قوة الإنجليز، فقرروا القيام بعمل كبير ضد معاقل المجاهدين الأفغان، وفي يوم 20 رجب 1297هـ ـ 27 يوليو 1880م، كانت معركة كابل الحاسمة والتي انتهت بكارثة مروعة للإنجليز حيث ذبح الجيش الإنجليزي بأسره [17 ألف جندي] ولم يفلت منهم مخبر.
وقد أدت هذه المعركة لنتائج خطيرة ومهمة منها:
1ـ انسحاب الإنجليز من أفغانستان بعد أن تكبدوا خسائر ضخمة في العدد والعتاد، وأحدثت تغيرات سياسية كبيرة داخل إنجلترا.
2ـ ازدياد الشعور الإسلامي الأصيل عند الشعب الأفغاني واعتزازه بدينه وبقوميته وتأكدت حقيقة أن أفغانستان مقبرة الغزاة.
3ـ ترسيم الحدود الأفغانية الروسية بتدخل من إنجلترا لإيقاف أطماع روسيا في الأراضي الأفغانية خاصة في مناطق «بادقشان»، «واخان»، و«بلخ».[/size]