إلى أين يتجه الدولار خلال الشهور المقبلة؟
هو السؤال الرئيسي في أسواق الصرف العالمية حالياً، هل سيواصل الدولار الصعود أمام العملات العالمية كما حدث خلال الأسبوعين الماضيين في أعقاب انتخاب الرئيس الملياردير، دونالد ترامب، أم أنه سيشهد حركة تصحيحية في سعره المرتفع؟
يرى بعض خبراء النقد، الذين اطلعت "العربي الجديد" على آرائهم، أن حركة الدولار تعتمد، في الفترة المقبلة، على معدل التضخم الأميركي وبيانات النمو الاقتصادي.
فإذا تواصلت بيانات النمو الإيجابية بنفس الوتيرة التي شهدتها، خلال الشهر الجاري، وارتفع معدل التضخم، فإن مصرف الاحتياط الفدرالي "البنك المركزي الأميركي" سيضطر إلى رفع نسبة الفائدة، وهو ما سيعني مزيداً من الارتفاع في سعر صرف الدولار. ومعروف أن الفائدة المرتفعة تقلل العرض النقدي.
أما في حال لم يظهر الاقتصاد الأميركي ارتفاعاً في معدل التضخم، فإن الدولار سيشهد حركة تصحيحية، أي أن سعره سيتراجع خلال الشهور المقبلة. ويذكر أن قوة الدولار، خلال الفترة الأخيرة، وحسب قول مصرفيين في لندن، لا تعود إلى فوز الرئيس دونالد ترامب وسياسته التي ينوي تطبيقها، وإنما تعود إلى ثلاثة عوامل رئيسية.
وهذه العوامل هي: أولاً: نقص السيولة الدولارية في الأسواق الناشئة، خاصة في أسواق آسيا ومراكز المال في جنوب شرقي آسيا والصين. وهو ما أدى إلى حدوث انخفاض حاد في اليوان وبعض عملات النمو الآسيوية. أما العامل الثاني، فهو احتمالات رفع بنك الاحتياط الفدرالي للفائدة الأميركية، وهو ما سيقود تلقائياً إلى رفع سعر العملة الأميركية.
أما العامل الثالث، فهو انهيار سوق السندات وهروب المستثمرين المكثف من السندات الأميركية والعالمية، حيث خسر هذا السوق في ثلاثة أيام فقط، وهي الأيام التي تلت انتخاب الرئيس ترامب، ترليون دولار. وبالتالي رفعت المبيعات المكثفة للسندات من الطلب على الدولار. وذلك ببساطة لأن معظم السندات الدولية مقومة بالدولار.
ويذكر أن التوقعات بارتفاع معدل التضخم في الولايات المتحدة بالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياط الفدرالي أدت إلى ارتفاع الدولار بأكثر من 6% في الشهرين الماضيين.
ويعتقد معظم المتعاملين في السوق أن المكاسب ستستمر، لكنّ مزيجا من عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة وتسوية تدفقات الشركات قبل نهاية الشهر والمخاطر التي تلوح في آفاق الأسواق، في النصف الأول من ديسمبر/كانون الأول، دفعت البعض إلى جني الأرباح الآن.
وحسب رويترز، هبط الدولار أمام العملات الكبرى المنافسة في ختام تعاملات الأسبوع، مع استفادة المستثمرين من التراجع الطفيف للعائد على السندات الأميركية من المستويات المرتفعة التي جرى تسجيلها في الآونة الأخيرة، وعطلة عيد الشكر التي جعلت الأسبوع قصيرا لتعزيز المكاسب التي رفعت العملة إلى أعلى مستوى في نحو 14 عاماً.
وهبط مؤشر الدولار في ختام تعاملات الأسبوع 0.3% إلى 101.42، وسجل المؤشر أكبر هبوط يومي منذ أوائل نوفمبر/تشرين الثاني. وسجل الدولار أعلى مستوى في ثمانية أشهر أمام العملة اليابانية عند 113.90 ينا، في وقت سابق، قبل أن ينخفض يوم الجمعة بنسبة 0.2% إلى 113.11 ينا. كما انخفض الدولار كذلك أمام اليورو، حيث ارتفع اليورو 0.5 % إلى 1.0601 دولار، بعدما هبط إلى 1.0518 دولار يوم الخميس، مسجلاً أدنى مستوى له منذ مارس/آذار العام الماضي.
ويذكر أن اليوان الصيني شهد أكبر عملية تراجع إلى ما دون 6.8 يوانات للدولار في الأسواق الخارجية، بعد إعلان نتيجة انتخاب الرئيس دونالد ترامب وللمرة الأولى خلال أكثر من ستة أعوام بسبب مخاوف من سياسة الحماية التجارية التي تحدث عنها طوال فترة حملته الانتخابية.
وشهدت الصين هجمة شرسة على الدولار من قبل كبار المستثمرين والمليارديرات الذين يتخوفون على ثرواتهم من التآكل بسبب هبوط العملة الوطنية.
وتجري في الصين تحويلات ضخمة من اليوان إلى الدولار، رغم القوانين الصينية الصارمة في حماية العملة الوطنية وتحديد سقف للتحويلات المالية. ولايزال القلق يسيطر على تجار الصين من تداعيات سياسة ترامب الاقتصادية على الأسواق الآسيوية، وعما إذا كان ترامب الرئيس سيكون أكثر مرونة في تطبيق وعوده الانتخابية.