يجب أن تعترف أميركا بفلسطين
بقلم رئيس الولايات المتحدة الأسبق، جيمي كارتر .
خاص بـ "القدس"
نحن لا نعرف حتى الآن سياسة الإدارة المقبلة تجاه إسرائيل وفلسطين، لكننا نعرف سياسة هذه الإدارة. لقد كان هدف الرئيس أوباما دعم نهاية تفاوضية للصراع على أساس دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام.
هذا الاحتمال هو الآن محل شكوك خطيرة. إنني مقتنع بأن الولايات المتحدة لا تزال تستطيع تحديد شكل مستقبل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني قبل تغير الرؤساء، ولكن الوقت قصير جدا. الخطوة بسيطة ولكنها حيوية فهذه الإدارة يجب أن تتخذ قرارا قبل انتهاء فترة ولايتها يوم 20 كانون الثاني بمنح الاعتراف الدبلوماسي الأميركي لدولة فلسطين، كما فعلت 137 بلدا ، ومساعدتها على تحقيق العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
بالعودة إلى عام 1978، خلال إدارتي، وقع رئيس وزراء إسرائيل مناحيم بيغن، والرئيس المصري، أنور السادات، اتفاقية كامب ديفيد. واستند هذا الاتفاق على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242، الذي صدر في أعقاب حرب عام 1967. كانت الكلمات الرئيسية في ذلك القرار "عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب، والحاجة إلى العمل من أجل سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط تعيش فيه كل دولة المنطقة بشكل آمن" و "انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي المحتلة في النزاع الأخير ".
وتم التصديق على الاتفاق بأغلبية ساحقة في برلمانات مصر وإسرائيل. وكان هذان المفهومان التأسيسيان هما الأساس لسياسة حكومة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي منذ ذلك الحين، ولهذا السبب، وفي عام 2009، في بداية رئاسته الأولى، أكد السيد أوباما على العناصر الحاسمة في اتفاق كامب ديفيد والقرار 242 بالدعوة إلى تجميد كامل لبناء المستوطنات، التي شيدت بطريقة غير قانونية من قبل إسرائيل على الأراضي الفلسطينية. وفي وقت لاحق، في عام 2011، قال الرئيس بوضوح أنه "ينبغي أن تستند حدود إسرائيل وفلسطين على حدود عام 1967"، وأضاف، "يجب أن تؤدي المفاوضات إلى دولتين، مع حدود فلسطينية دائمة مع إسرائيل والأردن ومصر، وحدود إسرائيلية دائمة مع فلسطين ".
اليوم، وبعد 38 عاما على كامب ديفيد، فإن الالتزام بالسلام يتعرض لخطر الإلغاء. إسرائيل تبني المزيد والمزيد من المستوطنات، وتهجير الفلسطينيين وترسيخ احتلالها للأراضي الفلسطينية. ويعيش أكثر من 4.5 مليون فلسطيني في هذه الأراضي المحتلة، ولكنهم ليسوا من مواطني إسرائيل. ويعيش معظمهم (إلى حد كبير) تحت الحكم العسكري الإسرائيلي، دون حق التصويت في الانتخابات الإسرائيلية العامة.
وفي الوقت ذاته، يتمتع حوالي 600،000 مستوطن إسرائيلي في فلسطين بفوائد المواطنة والقوانين الإسرائيلية. هذه العملية تسرع واقع الدولة الواحدة التي يمكن أن تدمر الديمقراطية الإسرائيلية كما ستؤدي إلى تكثيف الإدانة الدولية لإسرائيل.
لقد واصل مركز كارتر دعم حل الدولتين من خلال المناقشات باستضافة ممثلين إسرائيليين وفلسطينيين هذا الشهر، للبحث عن وسيلة نحو السلام. وبناء على ردود فعل إيجابية من هذه المحادثات، فإنني واثق من أن اعتراف الولايات المتحدة بدولة فلسطينية من شأنه أن يجعل من السهل على الدول الأخرى التي لم تعترف بفلسطين بعد القيام بذلك، كما سيمهد (الاعتراف) الطريق لاستصدار قرار من مجلس الأمن بشأن مستقبل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
يجب على مجلس الأمن إصدار قرار بطرح أطر تسوية النزاع. وينبغي أن نعيد التأكيد على عدم شرعية كل المستوطنات الإسرائيلية خارج حدود عام 1967، مع ترك الباب مفتوحا أمام إمكانية أن يتفاوض الطرفان على إمكانية التعديلات. إن إعطاء ضمانات أمنية لإسرائيل وفلسطين معا أمر لا بد منه، كما يجب أن يعترف القرار بحق كل من دولتي إسرائيل وفلسطين في العيش بسلام وأمن. وينبغي أن تتضمن تدابير أخرى لتجريد الدولة الفلسطينية من السلاح، واحتمال وجود قوة لحفظ السلام تحت رعاية الأمم المتحدة.
وإن من شأن قرار قوي من مجلس الأمن التأكيد على أن اتفاقيات جنيف وغيرها من حماية حقوق الإنسان تنطبق على جميع الأطراف في جميع الأوقات. كما أن من شأنه أن يدعم أي اتفاق يتم التوصل إليه من قبل الطرفين بشأن اللاجئين الفلسطينيين.
إن من شأن ثقل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وقرار لمجلس الأمن يرتكز بصورة راسخة في القانون الدولي مجتمعة أن يرسي الأساس للدبلوماسية في المستقبل. ومن شأن هذه الخطوات تعزيز القيادة الفلسطينية المعتدلة، وفي الوقت ذاته إرسال تأكيد واضح للشعب الإسرائيلي بالاعتراف الدولي الشامل بإسرائيل وأمنها.
وهذا هو الأسلوب (الوسيلة) الأفضل - والآن ربما الآن الوحيد- لمواجهة واقع الدولة الواحدة التي تفرضها إسرائيل على نفسها وعلى الشعب الفلسطيني. إن الاعتراف بفلسطين واستصدار قرار جديد من مجلس الأمن ليس إجراءات جديدة جذرية، ولكنه نتيجة طبيعية لدعم أميركا للتوصل إلى حل الدولتين.
لقد كان الهدف الأساسي للسياسة الخارجية في حياتي هو المساعدة في إحلال السلام بين إسرائيل وجيرانها. في شهر أيلول عام 1978 ، كنت فخورا وأنا أتحدث امام جلسة مشتركة للكونغرس "طوبى لصانعي السلام، لأنهم سيدعون باسم أبناء الله. " وبينما جلس السيد بيغن والسيد السادات في شرفة الضيافة فوقنا، وقف أعضاء الكونغرس وقفة إكرام وصفقوا لاثنين من صانعي السلام البطولي.
إنني أخشى على روح كامب ديفيد. يجب علينا أن لا نفرط بذلك.