الفساد والتنمية الاقتصادية (2)
مجالات الفساد:
1- العطاءات الحكومية.
2- المُشتريات الحكومية.
3- الخصخصة.
4- التوظيف والتعيين.
5- البنود الضبابية في الميزانية العامة (المؤتمرات، الضيافة، السفر للخارج).
6- رواتب الأشباح (الرَّشاوى).
7- التبرعات للأحزاب الحاكمة.
8- الإمدادات العسكرية؛ بسبب (احتكارها، سريتها)؛ وذلك لطبيعتها الأمنية.
9- القروض المصرفية (عدم استيفاء شروط الضمانات المطلوبة).
10- استغلال صناديق التأمين الاجتماعي والمعاشات في توظيف أموالها لمصلحة الفرد.
أسباب الفساد:
1- أسباب اقتصادية:
أ- الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي ترجِّح توجُّه الناس إلى الإفراط في الفردية، مع تنامي سطوة التأثير المادي على المجتمع.
ب- اختلال موازين توزيع الثروة على أفراد المجتمع، وغلبة الشعور بالغَبن لدى غالبية أفراد المجتمع، مما يدفع ببعضهم إلى ابتداع وسائل التربُّح والارتشاء واختلاس الأموال العامة، كمحاولة فرديَّة أو منظَّمة غير مشروعة لإعادة التوازن المفقود.
جـ- أسباب تتعلَّق بالرَّواتب والأجور جعلت البعض يُبرِّر لنفسه - بغير وجه حق - الحصولَ على الرَّشاوى، والتربُّح من وظائفهم، حتى يَحصلوا على الدخل الذي يُحقِّق لهم الحياة الكريمة؛ وهي كالآتي:
1- ضعف القيمة الحقيقة للرَّواتب.
2- عدم العدالة في توزيع الرَّواتب.
3- عدم ربط الأجور المتغيِّرة بالأداء والنزاهة.
د- انتِشار الفقر والجهل، ونقْص المعرفة بالحقوق الفردية، وسيادة القيَم التقليدية والروابط القائمة على النَّسَب والقرابة.
2- أسباب سياسية:
1- بالنِّسبة للدول المتقدمة التي تدَّعي الديمقراطية وتَعتمِد التصويت في اختيار قادتها وتشريع قوانينها من خلال الانتخابات، واستقطاب المؤيدين لها، وكسب تأييد الناخبين بالوسائل التي تُلائم مطالب واحتياجات كل شريحة، والتي تبدأ بتقديم الوعود البرَّاقة من قِبَل المترشِّح للانتخابات، وتنتهى بشراء الأصوات بمَبالغ نقدية، وبعدها يجد المترشِّح الفائز نفسه ملزمًا بالبحث عن السبُل التي تُمكِّنه من استعادة المبالغ التي أنفقها للوصول إلى موقعِه، وهكذا يُصبح أعضاء السلطة التشريعية منفذًا للفساد، ويُصبِح التصويت على مشروعات القوانين التي تُمرَّر عبرها وسائل وأساليب لعقد الصفقات وتبادُل المنافع الشخصية.
2- جماعات الضغط والتأثير (اللوبي)، وهم جماعات من الأفراد التي تهدف إلى التأثير على السلطة التشريعيَّة لجَعلِهم يُصوِّتون أو يُعارضون بعض المشاريع القانونية، تبعًا لمَصالِحهم على حساب المصلحة العامة؛ وذلك من خلال تقديم الهدايا، وإقامة الحفلات، وقد يتعداها إلى استخدام التهديد بالإيذاء الجسدي والنفسي.
3- دور الأحزاب السياسية وما يُمارسه بعض الحزبيِّين؛ إذ إن الصراع بينهم كثيرًا ما يدفعهم إلى انتهاج وسائل وأساليب غير مشروعة للإيقاع ببعضِهم، ومنها تحول الحملات الانتخابية التي تُنظِّمها تلك الأحزاب المتنافسة على السلطة إلى مواسِم لشراء الذمم، وأخذ العهود والوعود مقابل تمويل هذه الحملات بطرق غير مُباشِرة وغير مشروعة.
4- عدم الاستقرار السياسي، الذي كثيرًا ما يُحفِّز على استغلال السياسيين وعلى انتهازهم فرصة توليهم لمناصبهم، فيُؤثِرون من يحيطون بهم، ويَنتفعون من النفوذ الذي يتمتَّعون به، والجاه الذي تُحاط به وظائفهم.
5- تَزداد الفرص لمُمارسة الفساد في المراحل الانتقالية، والفترات التي تشهد تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية، ويُساعد على ذلك حداثةُ أو عدم اكتمال البناء المؤسَّسي والإطار القانوني الذي يوفِّر بيئة مناسبة للفاسدين، مُستغلِّين ضعْف الجهاز الرقابي على الوظائف العامة في هذه المراحِل.
6- ضعف الإرادة لدى القيادة السياسية لمُكافحة الفساد؛ وذلك بعدم اتخاذ أيَّةِ إجراءات وقائية أو عقابية جادة بحق عناصر الفساد؛ بسبب انغِماسها نفسها، أو بعض أطرافها في الفساد.
3- أسباب تتعلَّق بسيادة القانون وضعْف الرَّدع العقابي:
1- غياب المُساءَلة بكلِّ أو معظم صورِها، هو إمَّا غياب قانوني؛ أي إن المنظومة القانونية لا تتضمَّن تنظيمًا لآليات المساءلة، فلا وجود لرقابة دستورية أو برلمانية، ولا وجود لمؤسَّسات الرقابة الداخلية، وإما أن تكونَ المساءلةُ مُنظَّمة قانونًا، ولها وجود في المنظومة القانونية، ولكنها غير فاعلة، ولا تؤدِّي دورها المرجو منها؛ فوجودها كعدمِه.
2- إصدار قوانين تخدم صالح فئات معيَّنة على حساب الصالح العام.
3- التنفيذ الانتقائي للقانون؛ إذ إن تنفيذ القانون والأحكام القضائية كان يَحكمه - في كثير من الأحيان - النفوذُ السياسي والقدرة المالية للشخص.
5- طول إجراءات المُحاكمة أضعَفَ مِن قوة الردع القانونية والقضائية تجاه المُفسِدين.
4- أسباب تتعلَّق بالإدارة العامة:
1- عدم كفاءة ونزاهة القيادات الإدارية وكبار المسؤولين من وزراء ووكلاء ومديرين عامِّين؛ لأن اختيارهم يتمُّ على أساس التزكية، أو الولاء للحزب، أو الكتلة، أو الطائفة، أو على أساس القرابة والصداقة والمحسوبية، دون مُراعاة لمبدأ التقييم العلمي المبني على الكفاءة والخِبرة والنزاهة، وأحيانًا تَصِل الحال في مثل تلك المناصب إلى بيعها إلى الراغبين بما يَتناسب مع ما يتصوَّر استدراره منها مِن موارد نتيجة المُمارسات غير المشروعة.
2- عدم تحديد المهام والواجبات بدقة في الجهات الحكومية أعطى الفرصة للكثيرين للتهرُّب من المسؤولية، وإلقائها على الآخرين.
3- البيروقراطية الحكومية وتعقُّد الإجراءات دفَع الكثيرين إلى اللجوء إلى الرِّشوة لتسهيل أعمالهم، وأعطى لبعض الموظَّفين الفرصةَ لابتزاز المُواطِنين.
4- ضعف الرقابة الذاتية في الأجهزة الحكومية، مما شجَّع الموظفين الفاسدين على المضيِّ قدمًا في ارتكاب أفعال الفساد بلا رادع.
5- نظام الاختيار في التعيين والترقية في الوظيفة العامة يَفتقِر لآليات لازمة لمَنعِ الفساد.
6- المركزية والفردية وعدم الشفافية في إدارة الشأن العام.
5- أسباب تتعلَّق بالإدارة العامة:
1- انعدام الشفافية في مؤسَّسات القطاع العام ومفاصل القطاع الخاص، والعمل بسريَّة، ومنع المعلومات والإحصائيات من التسرُّب للجمهور أو الإعلام أو مؤسَّسات المجتمع المدني.
2- صعوبة فهم المُوازَنة العامة أضعَفَ من الرقابة الشعبية على موارد المال العام وسبُلِ إنفاقه.
3- تعدُّد الصناديق الخاصة ومُوازَنات البند الواحد خارج الموازنة العامة أدَّى إلى إضعاف الرقابة على أموالها، وهي أموال عامَّة.
4- الإسراف في الإنفاق الحكومي على النثريات والشكليات العامة.
5- الفساد الكبير في نظام المُزايَدات والمناقَصات العمومية نتيجة عدم الشفافية، والنشر على بوابات الحكومات الإلكترونية.
6- الفساد في أساليب منْح القروض في البنوك العامة التي يغلِب عليها الطابع الشخصي.
7- الفساد في إدارة شركات قطاع الأعمال العام والخصخصة بسبب تَسييس إدارتها، وقرارات بيعها، وعدم اعتمادها على معايير الشفافية والمشاركة والكفاءة والفعالية.
6- أسباب تتعلَّق بالبيئة الثقافية والاجتماعية:
1- الانحلال في البناء القيَمي، وضعف الروابط الأخلاقية في مؤسَّسات الدولة والمجتمع عمومًا، مما يؤدِّي لتغليب المصلحة الفردية على المصلحة العامة.
2- القَبول الاجتماعي للفساد الصغير، والنظر إليه على أنه وسيلة مقبولة اجتماعيًّا للحصول على الحقوق.
3- تأثير الطبَقية والفئوية السياسية على القرارات العامة لإرضاء بعض الأشخاص المُنتمِين إلى طوائف اجتماعية معينة أو إلى حزب مُسيطِر معيَّن.
7- أسباب تتعلق بمُكافَحة الفساد:
أ- ما يتعلَّق بالإطار التشريعي:
1- عدم وجود حماية كافية للشهود والمُبلِّغين في قضايا الفساد.
2- عدم وجود تنظيم قانوني يسمَح بالوصول إلى المعلومات أعطى الفرصة للمُفسِدين لإخفاء جرائمهم.
3- عدم وجود إطار قانوني شامل لمَنعِ التضارب في المصالح فتَحَ الباب لكثير مِن المسؤولين لاستغلال مناصبهم للتربُّح وإعطاء ميزات غير مُستحقة لشركاتهم ولذويهم على حساب الصالح العام.
ب- ما يتعلق بالإطار المؤسَّسي:
1- عدم الوعي بالجهات المعنيَّة بمُكافَحة الفساد.
2- عدم استقلالية هذه الجهات وتبعيتها جميعًا للسلطة التنفيذية، وضَعف سلطاتها القانونية أثَّر على استقلاليتها.
3- تداخُل اختصاصات الجهات الرقابية وضَعف التنسيق بينها، جعَل أكثر من جهاز رقابي يُمارس نفس الرقابة على نفس النوع من النشاط في نفس الوحدات الإدارية، وهو ما يُمثِّل إهدارًا للوقت والمال العامَّين.
4- عدم الكفاية المادية والبشرية لبعض الجهات الرقابية؛ حيث إن عدد الشكاوى التي تُقدَّم لهذه الجهات أكبرُ مِن قدراتها البشَرية.
5- السِّرية المفروضة على تقارير الأجهزة الرقابية يَحرم المجتمع المدني من مصدرٍ هام من مصادر المعلومات، ويُضعِف الرقابة الشعبية.
8- أسباب تتعلَّق بالعلاقة بين السُّلطات الثلاثة:
1- عدم الالتزام بمَبدأ الفصل المُتوازِن بين السُّلطات الثلاث في النظام السياسي، وطُغيان السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية، وهو ما يؤدِّي إلى الإخلال بمبدأ الرقابة المُتبادَلة.
2- تدخُّل السلطة التنفيذية في شؤون السلطة القضائية بوسائل عدة، منها: ترهيب القُضاة بالتفتيش القضائي التابع لوزير العدل، توزيع قضايا مُعيَّنة في المَحاكم على قُضاة معيَّنين، وندب القُضاة للعمل في الهيئات الحكومية، مما أضعفَ الجهاز القضائي وأثر على استقلاليته ونزاهته.
3- اختزال مفهوم النزاهة والصلاح والاستقامة لدى الأجهزة الديكتاتورية والقمعية في الولاء للنظام أو الحزب بدلاً من القِيم المبدئية وقيَم المُجتمَع.
4- السيطرة على الإعلام القومي.