اختيار خطير للسفير الأميركي إلى إسرائيل

اختيار خطير للسفير الأميركي إلى إسرائيل

ديفيد فريدمان، يسار، مع دونالد ترامب وابنته إيفانكا، بعد جلسة في محكمة إفلاس أميركية

هيئة التحرير – (نيويورك تايمز) 2016/12/16
ترجمة: علاء الدين أبو زينة



بتعيينه ديفيد فريدمان ليكون السفير الأميركي المقبل إلى إسرائيل، يكون دونالد ترامب قد عبَّر عن رغبة في "السعي إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط". لكن الممثل الذي اختاره سوف يكون، لسوء الحظ، أكثر احتمالاً لإثارة الصراع في إسرائيل والأراضي المحتلة، وزيادة التوترات الإقليمية وتقويض القيادة الأميركية.
لا يتمتع فريدمان، محامي الإفلاس الذي كان قد مثَّل الرئيس المنتخب في مسائل متعلقة بالكازينوهات في أتلانتيك سيتي، بأي خبرة دبلوماسية، على عكس كل سفير آخر للولايات المتحدة في إسرائيل، والذين كانوا قد خدموا جميعاً في أكثر المناصب حساسية. وربما لا يكون ذلك منذراً في حد ذاته، لو أنه لا يعتنق أيضاً وجهات نظر تتعارض بشكل جذري مع سياسة الولايات المتحدة، ووجهات نظر معظم الأميركيين.
شكك فريدمان في الحاجة إلى حل الدولتين، الذي يستطيع الإسرائيليون والفلسطينيون بموجبه أن يعيشوا جنباً إلى جنب في سلام. وفي تجاهل للقانون الدولي وعقود من السياسات في ظل الإدارات الجمهورية والديمقراطية على حد سواء، أيد فريدمان باستمرار الاستيطان الإسرائيلي في المناطق المحتلة في الضفة الغربية، التي احتلتها إسرائيل من الأردن خلال حرب العام 1967. وذهب فريدمان حتى إلى حد تأييد ضم بعض تلك الأراضي، حيث يأمل الفلسطينيون في بناء دولة خاصة بهم.
وهناك أسباب أخرى للتشكيك في ملاءمة فريدمان للمنصب؛ فقد اتهم الرئيس أوباما بمعاداة السامية. وعلى نحو غريب، وصف مؤيدي حركة "جيه ستريت" –المنظمة اليهودية الأميركية الليبرالية التي ناضلت من أجل تطبيق حل الدولتين وإبرام اتفاق إيران النووي- بأنهم "أسوأ بكثير من "الكابوس" –اليهود الذين سلموا زملاءهم اليهود في معسكرات الموت النازية". وقد احتفظ سفراء الولايات المتحدة إلى إسرائيل، تقليدياً، بعلاقات وثيقة مع اليهود الأميركيين، وكذلك مع المسؤولين الإسرائيليين. لكن فريدمان، كما ذُكر، قال في منتدى عقد خلف أبواب مغلقة في وقت سابق من هذا الشهر أنه سوف يرفض لقاء منظمة جيه ستريت، بطريقة تنبذ فعلياً جزءاً كبيراً من المجتمع اليهودي في أميركا.
وفي علامة أخرى على حماس فريدمان الواضح للمواجهة بدلاً من البراعة الدبلوماسية، أعلن أنه يتوقع أن يكون مكتبه في القدس وليس في تل أبيب، حيث بقيت سفارة الولايات المتحدة منذ 68 عاماً، إلى جانب سفارات معظم الدول الأخرى. ويدَّعي كلا الإسرائيليين والفلسطينيين بأن القدس، التي تضم مواقع مقدسة للمسلمين والمسيحيين واليهود، هي عاصمتهم. ومثل المسائل الحاسمة الخاصة بالحدود، وأمن إسرائيل ومصير اللاجئين الفلسطينيين وأبنائهم، يجب حل وضع القدس المتنازع عليها عن طريق المفاوضات، وليس بأمر من الولايات المتحدة. وسوف يتم تفسير نقل مقر السفارة الأميركية إلى القدس من جانب واحد على أنه ترجيح كفة الميزان لصالح إسرائيل، على نحو يؤدي إلى تآكل دور الولايات المتحدة كوسيط نزيه.
وكان دونالد ترامب قد وعد بنقل السفارة إلى القدس خلال حملته الانتخابية. كما وعد بيل كلينتون وجورج دبليو بوش أيضاً بنقل السفارة عندما ترشحا للرئاسة أول مرة، فقط ليعمدا إلى التخلي عن الفكرة بعد انتخابهما، لأنهما أدركا أن مثل هذه المبادرة الرزمية ستغضب العرب وتقوض جهود السلام.
تستطيع إدارة ترامب جعل الخطوة أسهل بكثير عن طريق وضع شاخصة "سفارة" على المبنى الذي يؤوي الآن القنصلية الأميركية في القدس، والتعامل بشكل أساسي مع القضايا الفلسطينية. ومع أن أحداً لا يستطيع أن يتنبأ بالتداعيات، فإن التاريخ المحزن للصراع يشير إلى أن من شأن اتخاذ مثل هذه الخطوة أن يثير العنف وأن يعرقل الجهود الإسرائيلية لتحسين العلاقات مع الدول العربية السنية الكبرى.
مثل أي رئيس منتخب، يملك ترامب الحق في ترشيح من يشاء. لكنه عرض باختياره لفريدمان جهلاً خطيراً بحقل الألغام المنتشر في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وعلى مجلس الشيوخ أن يتحمل المسؤولية عن حماية ترامب والبلد من اتخاذ هذه الخطوة المتهورة.