تحذيرات من مبادرة أمريكية بمباركة عربية لتصفية قضية فلسطين
التاريخ:21/3/2017
ربى كراسنة
في الوقت الذي تحدثت فيه تسريبات إعلامية نقلتها بعض المواقع العبرية عن مبادرة سياسية أمريكية لطرح إطار جديد للمفاوضات بمشاركة إقليمية عربية خلافاً لإطار المفاوضات السابق حذر مراقبون من تقديم العرب مزيدا من التنازلات في القضية الفلسطينية عبر هذه المبادرة لصالح إسرائيل.
ووصف المراقبون المبادرة الأمريكية التي حملت تسعة مبادئ بالعبثية مؤكدين أنها التفاف على أي تحرك عربي جديد تجاه القضية الفلسطينية عبر تحويل الصراع العربي الإسرائيلي إلى العربي الإيراني تلبية لرغبة إسرائيلية.
وتزامنت المبادرة الأمريكية الجديدة مع القمة العربية المقرر عقدها في الأردن نهاية الشهر الجاري وسط تسريبات تحدثت حول قمة سلام أميركية ستعقد في الأردن خلال شهر أيار المقبل بحضور عربي وإسرائيلي لغايات إطلاق عملية السلام مجددا، ضمن رؤية تعدها الإدارة الأميركية الحالية بحسب مراقبين.
مدمرة للقضية الفلسطينية
وحذر أستاذ العلوم السياسية الدكتور أحمد سعيد نوفل في حديثه إلى "البوصلة" من المبادرة الأمريكية واصفا المبادئ التسعة التي حملتها بالمدمرة للقضية الفلسطينية لصالح إسرائيل.
وقال نوفل: "إن هذه المبادرة تؤكد مقولة أن عام 2017 سيكون عام لتصفية القضية الفلسطينية بأيدي أمريكية عربية".
ضغوطات أمريكية عربية
ومن هنا أعرب أستاذ العلوم السياسية الدكتور نوفل من أن تمارس عبر هذه المبادرة ضغوطات أمريكية عربية وتقديم مزيد من التنازلات في القضية الفلسطينية لصالح إسرائيل، مشيرا إلى رغبة نتنياهو بأن يكون الحل في القضية الفلسطينية عربيا إسرائيليا من خلال تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية.
وعزا الدكتور نوفل احتمالية تقديم بعض الدول العربية تنازلات أكثر عبر المبادرة الأمريكية إلى رغبتهم في الحصول على ما وصفه بالحظوة وتسجيل موقف ايجابي لدى الإدارة الأمريكية الجديدة.
استرخاء عربي وزحف استيطاني
واستخف بدوره أستاذ العلوم السياسية الدكتور غازي ربابعة في حديثه إلى "البوصلة" من المبادرة الأمريكية الجديدة بالقول: "إن هذه المبادرة لن تختلف كثيرا عن المبادرة السابقة والتي تهدف لإطالة أمد المفاوضات لصالح إسرائيل من خلال خلق حالة من الاسترخاء العربي تجاه القضية الفلسطينية مقابل أن تزيد إسرائيل من زحفها الاستيطاني.
مفاوضات عبثية
ومن هنا اعتبر الدكتور ربابعة المبادرة الأمريكية الجديدة وغيرها من المبادرات التي سبقتها مجرد مزيد من المفاوضات العبثية لصالح إسرائيل بالدرجة الأولى، والوقوف في وجه أي تحرك عربي جديد، ولا سيما أنها تزامنت مع انعقاد القمة العربية المرتقبة في الأردن نهاية الشهر الحالي.
ويرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور ربابعة أن أمريكا تريد من خلال هذه المبادرة تحويل الصراع العربي الإسرائيلي إلى الصراع العربي الإيراني؛ محذرا الدول العربية من الوقوع في هذا المأزق بدلا من أن تكون فلسطين هي قضيتهم المركزية.
مشاركة إقليمية عربية
ومن الواضح بحسب الكاتب حلمي الأسمر في مقال نشره اليوم الثلاثاء في صحيفة الدستور أن المبادرة الأمريكية الجديدة عرضها الرئيس الأمريكي ترامب على محمود عباس، ويفترض أن تقيم إطاراً جديداً للمفاوضات يقوم على مشاركة إقليمية عربية خلافاً لإطار المفاوضات السابقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ومما يتوافر من معلومات نشرت سابقا بحسب الأسمر فهذا الإطار كان المفضل لرئيس وزراء الكيان.
وبينما استعرض الكاتب الأسمر في مقاله المبادئ التسعة التي حملتها المبادرة الأمريكية دعا النخب الفلسطينية والعربية المنشغلة بأولوياتها الشخصية والمعيشية التعليق على هذه الشروط.
تسوية مؤلمة
ولم يستبعد بدوره الكاتب ماهر أبو طير في مقال نشره اليوم في صحيفة الدستور وجود نية أميركية للضغط كثيرا على الجانب الفلسطيني.
وقال: "ولو افترضنا أن عملية السلام تم إطلاقها، فإن المعلومات تؤكد أن واشنطن تريد تسوية بأي شكل، من اجل تسجيلها لصالح الإدارة الحالية، وذات الإدارة الحالية تريد تسوية دون صداع، وينسب مسؤولون معلومات مهمة تقول إن ترامب يريد "تسوية مؤلمة" حتى لو دفع الفلسطينيون ثمنا كبيرا يغير من الثوابت الفلسطينية المعلنة والمعتادة".
وقد تمتد تأثيرات هذه التسوية المؤلمة بحسب أبو طير إلى دول عربية أخرى، لها علاقة بالملف الفلسطيني، وهذا يعني أننا على الأغلب أمام تسوية غير مبشرة، بمقاييس الكلام عن عملية السلام.
اتصالات سرية
وبينما يرى أبو طير أنه لا أحد يعرف ما إذا كانت هناك اتصالات سرية بين الأمريكان والفلسطينيين والإسرائيليين وأطراف عربية أخرى نوه إلى أن هناك إشارات على توطئة معينة لهذه المرحلة وهي توطئة تجري بعيدا عن الإعلام، والتسريب وأنه من المستحيل أساسا أن يتم الوصول إلى هكذا قمة، دون ترتيبات مسبقة، وغير معلنة.
ومن هنا فإن قمة السلام الأميركية بحسب أبو طير إذا ثبت عقدها في الأردن في شهر أيار، فسيتم إطلاق إشارات قبلها، بخصوص عملية السلام نهايات الشهر الجاري في القمة العربية في البحر الميت.
وختم حديثه بالقول: "إن الأسابيع القليلة المقبلة، ستكون مؤثرة للغاية على صعيد عملية السلام، فنحن أمام احد مسربين، الأول استعصاء الحل السياسي كليا، بكل نتائجه الخطيرة، والثاني تسوية مؤلمة قد لا يحتملها الفلسطينيون والعرب، وهذا يعني في الحالتين إن القضية الفلسطينية تمر بأسوأ واخطر مراحلها".
المبادئ التسعة للمبادرة الأمريكية
وتقوم المبادرة الأمريكية الجديدة بحسب التسريبات الإعلامية على تسعة مبادئ وهي:
1-على الفلسطينيين العودة إلى المفاوضات دون شروط مسبقة، ومشاركة عدد من الدول العربية الحليفة.
2-لن يكون هناك تجميد كامل للبناء الاستيطاني ولكن لن تقام مستوطنات جديدة.
3- على السلطة محاربة المقاومة ضد إسرائيل.
4- إجراء تغيرات حقيقية في النظام التعليمي الفلسطيني.
5-تغيير أسماء شوارع سميت بأسماء شهداء، مع وقف "التحريض"عبر وسائل الإعلام الفلسطينية.
6-توقف السلطة عن دفع رواتب لأسر الشهداء والأسرى في السجون الإسرائيلية.
7-التحقيق مع المشبوهين بالمقاومة لمعرفة من خطط للعمليات، ومن أرسلهم ومن زودهم بالسلاح والمواد المتفجرة، واعتقال كل من هو متورط وتقديمه للمحاكمة.
8-إصلاحات في الأجهزة الأمنية الفلسطينية بهدف وقف جدول دوام عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية والتوقف عن تحويل أموال إلى قطاع غزة.
9-تتعهد الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب على مواصلة دعمها لفكرة حل الدولتين، وأي دولتين.
(البوصلة)