الصقر الشاهين
الباز
باشق العصافير
العقاب الأسفع الصغير
الحصول على الصقور وتدريبها
لا تتكاثر الصقور في الأسر، ولذلك يتم صيدها من أماكن تكاثرها في الطبيعة. وجرت العادة أن تُصاد الصقور عقب فقسها مباشرة، وهي مازالت في الأعشاش غير قادرة على الطيران، ولم ينبت ريشها بعد. وقد يُصطاد بعض الصقور أثناء هجرتها، وهي مازالت في عامها الأول.
والصقور، بغريزتها، تخاف الإنسان، وتخشى الاقتراب منه. لذا، فإن تدريبها يمر بمراحل مختلفة، تتطلب صبراً، ومثابرة، ومعرفة بطباع الصقور. كما ينبغي أن يضع المدرب في اعتباره، أن الطيور في مراحل حياتها الأولى لم يشتد عودها، وهي بذلك عرضة للإصابة بالأمراض، فضلاً عن الإجهاد الناتج عن حرمانها، من بيئتها الطبيعية.
وأولى خطوات التدريب، هي أن يعتاد الصقر على حياة الأَسْر ووجود الناس حوله. فيوضع البرقع على رأس الصقر، بحيث تبقى عيناه مغطاتين، وكان قديماً يُخاط جفنا الطائر، خلال المرحلة الأولى من التدريب.
ويوضع الصقر في غرفة مظلمة، مغطاة النوافذ، ومغلقة، ثم يبدأ الصَقَّار بزيارة الصقر على فترات منتظمة، ليطعمه اللحم الطري بيده (انظر صورة فرخ الصقر)، وخلال تناول الصقر غذاءه، ينادي صاحبه عليه، ويلمسه بيده في رفق شديد، ويظل هكذا حتى يبدأ الصقر في الاطمئنان، إلى صاحبه.
وتبدأ مرحلة التدريب التالية، بأن يتعود الصقر الوقوف على يد الصَقَّار وهو مرتدياً المنجلة، ليتناول طعامه. وتستخدم صفارة، يصفر الصَقَّار فيها بصوت خافت أثناء ابتلاع الطائر لطعامه؛ حتى يربط بين الصفارة ولحظة أكله، فيتعود على ذلك بالمران.
ويبقى الصقر في الغرفة عدة أيام، يُسمح للضوء بدخولها تدريجياً، كما يزاح الغطاء عن وجهة تدريجياً. ويمكن إخراجه بالليل، من وقت لآخر، وإزاحة القناع عن وجهه ليعتاد على الأصوات والأضواء، مع الاستمرار في تعويده على صوت الصفارة المميزة، من فترة لأخرى. وخلال هذه المدة يتعلم الصقر الطيران من الأرض إلى ساعد الصقار، للحصول على الأكل. وفي كل مرة يعمل الصَقَّار على تطويل المسافة، بينه وبين الصقر. (انظر صورة تدريب الجوارح).
بعد ذلك يبدأ المران من مسافة قصيرة، حيث يربط الصَقَّار طيره بخيط طويل من رجله، ويكون البرقع على عينيه، ويصطحب معه أحد زملائه من الصقارين؛ حيث يحمل الصقر ويجعل طرف الخيط الآخر بين أصابعه.
ويذهب صاحب الصقر بعيداً عنه، بمسافة قصيرة تقارب 50 متراً، ويبدأ بالنداء بصوتٍ عالٍ على صقره، بالاسم الذي أطلقه عليه. ويكرر النداء عدة مرات. وعندما يتأكد الرجل الذي يحمل الصقر، أنه يلتفت إلى النداء، يرفع عنه البرقع. وهنا يندفع الصقر ناحية صاحبه، وتكرر هذه العملية عدة أيام.
بعد ذلك تبدأ عملية التدريب الأخيرة، وهي النداء على الصقر من مسافة بعيدة؛ حيث يترك الصقر، وهو مغمض العينين مع أحد الصَقَّارين، ثم يذهب صاحب الصقر بعيداً عنهم بمسافة كيلومتر. ويبدأ في النداء بصوتٍ عالٍ، وخلال ندائه المتكرر، يلوح عالياً، وهنا يخلع الصَقَّار ـ الذي بيده الصقر ـ البرقع من على عين الصقر، الذي يسارع مندفعاً كالسهم في اتجاه صاحبه.
كما يُدرَّب الصقر على القنص، بأن تحضر أرانب، أو فئران، أو طيور في أقفاص، ثم يسمح لها بالخروج أو بالطيران، وبعد فترة وجيزة ينزع البرقع، ويسمح للصقر بقنص الفريسة.
وفي يوم القنص، يخرج الصَقَّار حاملاً صقره، وقد غطيت عيناه بالبرقع، ثم يرفع البرقع فيطير الصقر باحثاً عن فريسة، التي غالباً ما تكون أرنباً أو طائراً آخر. وبعض الصَقَّارين لا يسمحون للصقر بالطيران إلا عندما يكونوا قريبين جداً من الفريسة. وبعد اقتناص الفريسة، فإن الصقر مدرب على عدم التهامها، وإنما يطير عائداً إلى صاحبه، أو يبقى بجوار الفريسة حتى حضور صاحبه. وقد تُعلَّق على الصقر أجراس صغيرة أو أجهزة إرسال (راديو) للاهتداء إلى مكانه.
ويوجد العديد من الصقور والجوارح، الأخرى الشائع استخدامها في الصيد، في البلاد العربية، ومنها:
الصقر الحر (انظر صورة صقر من النوع الحر)
هو صقر قصير الذنب، عظيم المنكبين، ذو رأس كبير نسبياً، غليظ الأصابع، أسود اللسان، واسع المنخار، يتقاطع جناحاه على ظهره مثل المقص.
ومن ألوانه الأشهب الكثير البياض، ومنه الأبيض الخالص، والأحمر، والأصفر الضارب إلى الحمرة، ومنه الضارب لونه إلى الخضرة والأسود. وهو لا يأوي إلى الأشجار أو رؤوس الجبال، إنما يسكن الكهوف وصدوع الجبال، ومعظم معيشته في الصحراء.
ومن ميزاته المعروفة أنه إذا ظل برفقة صاحبه وقتاً طويلاً، يصبح مهذباً ومطيعاً للغاية. وأهم ما يميز الصقر الحر، أنه يكون جاهزاً للقنص بعد ظهور ريشه مباشرة. ويتميز، أيضاً، بأنه يتحمل الجوع وشدة المعاملة أثناء التدريب، وهو من أثبت الجوارح جناحاً، وأقواها طيراناً، وأحرصها على قنص الفرائس.
ويطير الصقر الحر بقوة كبيرة، وينحدر في انقضاض مفاجئ، من ارتفاعات شاهقة، ليصطاد فريسته. ويستخدم قدميه للإمساك بالفريسة أو لتوجيه الضربات إليها. ومن أنواع الصقر الحر، الجَوَّال الذي يمكنه أن ينقض للافتراس بسرعة قد تصل إلى 320 كم/ساعة.
الصقر الشاهين (انظر صورة الصقر الشاهين)
الشاهين كلمة فارسية، معناها الميزان، أطلقت على صقر يعيش بجوار الشواطئ البحرية، ويتغذى على طيور الماء. ويشاع أن أول من عرف الشواهين ودربها، هو قسطنطين ملك الروم.
وهو لا يتحمل الجوع الشديد، وهو أقل من الصقر الحر تحملاً للشقاء والتعب، وأصغر منه حجماً. والشاهين سريع الغضب والنفور، خاصة المسن منها. وإن كان الشاهين قابلاً للتأديب والتعلم، إلاّ أنه يحتاج إلى الرقة والرفق في المعاملة. وهو من أسرع الجوارح كلها، وأجودها إقبالاً وإدباراً وراء الفرائس، وأشدها ضراوة على فريسته، ومن عيوبه أنه يتأخر في تغيير ريشه، ولا يكون جاهزاً تماماً للصيد إلا قبل نهاية موسم القنص بشهر أو أقل من الشهر. وأحياناً إذا طالت مدة معيشته مع صاحبه، فإنه يبدأ في تجاهل ما تعلمه من دقة التدريب، ويكون غير مهذب الخلق.
والصقر الشاهين عظيم الهامة، واسع العينين، طويل العنق، ممتلئ الزور، عريض الوسط، ممتلئ الفخذين، قصير الساقين، طويل الجناحين، قصير الذنب، وألوانه الأسود الخالص، والأسود الرأس والظهر، وبطنه ممتزجة بالأبيض، ومنه الأرجواني المنقط بالأبيض، وله أطراف ريش ذهبية اللون، ومنه الأحمر، ومنه ما يكون أبيض الرأس.
ويصيد الشاهين ما يصيده الحر، ويُتبع معه أسلوب التدريب نفسه، إلاّ أنه يحتاج وقتاً أطول من الحر لحدة مزاجه وعدم استجابته.
الباز (انظر صورة الباز)
الباز ماهر في صيد الأرانب. وفي الغرب يحبون هذا النوع من الصقور؛ حيث يستخدمونه في اصطياد الدجاج البري.
وهو طائر مرهف الحس، قوي البأس، سريع الافتراس، تخافه جميع الطيور، التي تماثله في الحجم. والباز صغير الرأس، ذو عنق غليظ وطويل، واسع العينين، ودائري الأذنين والحوصلاء، مكتنز الفخذين ضامر الساقين، غزير المحمل، كثير الأكل، متتابع النهش، سريع الهضم، واسع الشدقين. ويقال إن أحسن أنواع البزأة ما قل ريشه، واحمرت عيناه. ويتميز الباز بطوله ذنبه، ويبلغ طول جسمه ما يقرب من 66 سم.
وللباز خصائص ينفرد بها عن غيره من الجوارح، مثل سرعة دوراته وانقضاضه، حتى قيل إنه أسرع من السهم، وهو من الجوارح الوفية لأهلها. وهو يأوي إلى الأماكن التي تكثر فيها الأشجار العالية، والظل، والماء الوفير.
باشق العصافير (انظر صورة باشق العصافير)
يمتاز الباشق عن الباز بأنه أصغر حجماً، وأقل وزناً. وهو ألطف من الباز، وأقرب إلى الألفة، وهو أخف الصقور طيراناً، وأسرعها نهوضاً، وأصغرها جسماً، ولكنه طائر قلق يأنس أحياناً ويستوحش أحياناً أخرى. ويصيد الباشق الدجاج والحمام. وهو ذو ألوان متعددة: فمنه الأحمر، والأخضر والأصفر. والأسبهرج.
العقاب (انظر صورة العقاب الأسفع الصغير)
من أعظم الجوارح صيداً، ويتميز بأنه قوي المخالب، يكسو ساقيه الريش، واسع الأشداق، وتطلق العرب كلمة "الكاسر" على العقاب، إشارة إلى قوته وقدرته على الانقضاض، ويبني العقاب عشه في قمم الجبال الوعرة.
وألوان العقاب مختلفة، فهي قد تكون سوداء، أو بيضاء، أو حمراء، أو شقراء. ومن العقبان ما تكون ذات نقط بيضاء في رأسها، ومنها ما تكون أرجلها بيضاء.
ويجري تدريب العقاب وهي صغيرة، أمّا الكبير منها فُيستحال استئناسه، ويتميز العقاب بقوة بصره، وسمعه، وسرعة حركته، ومقدرته على الكر والفر.
ومن خصائص العقبان، أنها لا تمارس الصيد بنفسها إلا قليلاً، ولكنها تسلب كل جارح صيده، فلا تزال تجثم على مرقبٍ عالٍ، فإذا رأت واحداً من جوارح الصيد، صاد شيئاً، انقضت عليه، فإذا أبصرها، ذُعِر منها وولى هارباً، وترك لها صيده.
ومن فصائل العقبان، نوع من طيور الماء تسمى "زمج الماء"، وهو سريع الانقضاض في الماء، ويغوص فيه إلى عمق يزيد عن متر. وهو حينما ينقض في الماء يضع وجهه وسط قدميه ويشد أصابعه إلى الأمام بحزم وقوة، ثم يغوص في الماء بسرعة فائقة، ويقبض بيده على السمك ويندفع بالسرعة نفسها خارج الماء. وتكون عيناه زرقاء، وأحياناً رمادية.