منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 القرامطة والباطنية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

القرامطة والباطنية  Empty
مُساهمةموضوع: القرامطة والباطنية    القرامطة والباطنية  Emptyالسبت 31 ديسمبر 2016, 4:48 pm

القرامطة والباطنية عبر التاريخ

"وكان سليمان من أشدّ ما ابتُلي به المسلمون من أعداء في تاريخهم، وقد كان زيادة على كفره وخروجه عن الملّة الإسلامية قد أباح نكاح المحارم وأشاع اللواط ونكاح الغلمان... وهو أوّل من سنّ هتك الأعراض الجماعي أمام أعين محارمهم"

نشأة القرامطة وأهم معتقداتهم


إعلموا -أسعدكم الله- أنّ ضرر الباطنيّة على فرق المسلمين أعظم من ضرر اليهود والنصارى والمجوس عليهم، بل أعظم من مضرّة الدهرية وسائر أصناف الكفرة عليهم، بل أعظم من ضرر الدجّال الذي يظهر في آخر الزمان. لأنّ الذين ضلّوا عن الدين بدعوة الباطنيّة من وقت ظهور دعوتهم إلى يومنا أكثر من الذين يضلّون بالدجّال في وقت ظهوره، لأنّ فتنة الدجّال لا تزيد مدّتها على أربعين يوماً. وفضائح الباطنيّة أكثر من عدد الرمل والقطر» الإمام الإسفرائيني.
مع سطوع شمس الإسلام وبداية إشراقها على من جاورها من الدول والإمارات، قاضيةً بذلك على نفوذ بعض النفعيين الذين كانوا يقتاتون على خيرات تلك الشعوب والأمم لجهلها وبعدها عن خالقها كما كان يفعل اليهود في المدينة المنوّرة واليمن، والمجوس في فارس، والرومان في بلاد الشام وشمال أفريقيا، فحين فتح المسلمون تلك البقاع وطهّروا الأرض من رجسهم ونقلوا العباد من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد، لم يرقْ ذلك لأعداء الله لأنّه بعبادة الناس لربّهم خسرانٌ لهم وانحسارٌ لنفوذهم. ولقوّة شوكة الإسلام وضعفهم، وجدوا أنّ خير أسلوب لبثّ حقدهم هو السير على درب بولس محرّف دين النصارى... ألا وهو الدخول في الإسلام ظاهراً والعمل على نقض عُراه من الداخل... وأوّل من بدأ بذلك مؤسّس دين الرافضة عبد الله بن سبأ اليهودي الصنعاني حين ألّب الناس على أمير المؤمنين عثمان بن عفّان مُحدثاً الفتنة الشهيرة التي انتهت بمقتل عثمان ثمّ بدأ بتطبيق الخطوة الثانية بالدعوة إلى سيّدنا عليّ بن أبي طالب وإظهار التفاني في حبّه وتلفيق بعض القصص والروايات المكذوبة عن أحقّيته بالخلافة وما شابه ذلك. حتّى أنّ بعض أتباع الصنعاني ألصقوا صفة الألوهيّة بعليّ والعياذ بالله، فقتلهم الخليفة عليّ وحرّقهم.
أمّا بالنسبة للمجوس فإنّهم وإن تتلمذوا على يد اليهود في الكيد للإسلام، إلاّ أنّ الفرصة لم تواتيهم، إلى أن دبّ الضعف في أطراف الدولة الإسلامية وانتشر الجهل بين عامّة المسلمين، عندئذ وجدوا الفرصة الذهبية للانتقام من المسلمين وإعادة أمجادهم السابقة، فأنشأوا مذاهبَ ومللاً ظاهرها الإسلام وباطنها المجوسيّة ليلبسوا على المسلمين دينهم، ومن ذلك أنّهم قالوا: يجب أن يوضع في كلّ مسجد مجمرة يوضع عليها البخّور، ومقصدهم من ذلك أن يحوّلوها من بيوت لله إلى بيوت للنار.
وإذا نظرنا خلال التاريخ الإسلامي، لوجدنا أنّ كلّ من أنشأ خرقاً في الإسلام كان من أحفاد اليهود أو النصارى، وأغلب مُنشئي مذاهب الباطنيّة من المجوس، قصدهم بذلك هدم الإسلام وإعادة عبادة النيران. ومن ضمن هذه الطوائف الباطنيّة، الطائفة التي نحن بصددها.

الـقـرامـطـة: نـشــأتـهـا


تشير أكثر المصادر إلى أنّ مؤسّس مذهب القرامطة هو حمدان بن الأشعس الملقّب بقرمط، وكان أكاراً من الكوفة وأصله فارسيّ مجوسيّ، وقيل صابئيّ. وكان قد دخل في بداية حياته في مذهب الإسماعيلية الباطنيّة على يد حسين الأهوازي ابن مؤسّس المذهب الإسماعيلي العبيدي عبدالله بن ميمون بن ديعان القدّاح اليهودي، وقد عُرف عن حمدان شخصيّته القويّة وعلاقاته الاجتماعية الكثيرة ورأيه المقنع، وكان يعيش ضمن مجتمع يحقد على الخلافة العبّاسية، كلّ هذه الأمور مجتمعة ساعدته على نشر مذهبه، لكنّ حمدان القرمطي سرعان ما انقلب على الإسماعيليّة الباطنيّة منشئاً مذهبه الخاصّ به، كما أنشأ مركزاً له في الكوفة عام 277هـ أسماه دار الهجرة. ومن هذا المركز بدأ حمدان بإرسال دعاته الذين انتقاهم بدقّة لنشر دعوته بين جهلة الناس عامّة وبين المجوس المتستّرين وأحفاد اليهود بصورة خاصّة، ومن أشهر دعاته أخوه مأمون وزكرويه بن مهرويه الذي ورث عن أبيه كره الإسلام وأمل القضاء عليه وتأسيس دولة فارسية على أنقاضه تقوم على أساس الدين المجوسي، وكذلك كان ابن عمّ حمدان وصهره عبدان مفكّر القرامطة وأبو الفوارس قائد تمرّدهم عام 289، وأبو سعيد الجباني في البحرين، ومن أشهر من كتب لهم محمّد بن أحمد النسفي صاحب كتاب المحصول، وأبو يعقوب السجزي المعروف ببذاته صاحب كتاب أساس الدعوة وكتاب تأويل الشرائع وكتاب كشف الأسرار (لاحظ أن للخميني كتاب بنفس الإسم).

عــقــيــدتــهــم


إعتمدت عقيدة القرامطة كغيرها من فرق الباطنيّة على إخفاء ما يؤمنون به وإظهار أنفسهم على أنّهم مسلمون ليسهل عليهم الاندماج في المجتمع والدعوة إلى دينهم، حتّى إذا وثقوا من تابعهم أطلعوه على خفايا عقيدتهم. وهم يتأوّلون الأحكام الشرعية على ما يوافق ضلالاتهم وأهوائهم، فيتأوّلون قوله سبحانه وتعالى {واعبد ربّك حتّى يأتيك اليقين} [الحجر: 99] على أنّه من عرف التأويل فقد أتاه اليقين، وعليه فمن عرف معنى العبادة فقد سقط عنه فرضها، وأوّلوا كذلك أركان الشريعة: فالصلاة عندهم موالاة إمامهم، والحجّ زيارته وإدمان خدمته، والصوم هو الإمساك عن إفشاء سرّ الإمام لا الإمساك عن الطعام والشراب، والمراد بالزنى عندهم إفشاء سرّهم بغير عهد وميثاق.
وقد اختلف المؤرّخون والمصنّفون في أصل مذهبهم، فمنهم من قال بأنّهم صابئة، ومنهم من ذكر بأنّهم من المجوس الإباحيّة أتباع فزدك المؤبد كما ذكر ابن حزم الظاهري، حين وصفهم فقال: ومن هذه الأصول الملعونة حدثت الإسماعيلية والقرامطة، وهما طائفتان مجاهرتان بترك الإسلام جملة، قائلتان بالمجوسيّة المحضة، ثمّ مذهب مزدك المؤبد... وكان يقول بوجوب تواسي (تساوي) الناس في النساء والأموال.
وقد نسبهم الإمام عبدالقاهر الإسفرائيني إلى الدهرية الزنادقة، فيقول: الذي يصحّ عندي من دين الباطنيّة أنّهم دهرية زنادقة يقولون بقدم العالم وينكرون الرسل والشرائع كلّها، لميلها إلى استباحة كلّ ما يميل إليه الطبع. ويستدلّ على قوله برسالة عبدالله بن الحسين القيرواني إلى سليمان بن الحسين بن سعيد الجَنَّابي في كتابهم «السياسة والبلاغ الأكيد والناموس الأعظم» يوصيه فيها: أدع الناس بأن تتقرّب إليهم بما يميلون إليه، وأوهم كلّ واحد منهم بأنّك منهم، فمن آنست منه رشداً فاكشف له الغطاء وإذا ظفرت بالفلسفي فاحتفظ به فعلى الفلاسفة مُعَوَّلُنا، وأنا وإيّاهم مجموعون على ردّ نواميس الأنبياء، وعلى القول بقدم العالم لولا ما يخالفنا فيه بعضهم من أنّ للعالم مدبّراً لا نعرفه...
وأنا أميل إلى أنّهم قد جمعوا بين الدهرية الزنادقة والمجوسية الإباحية فقد قال القيرواني في آخر رسالة له إلى سليمان بن الحسن: «وما العجب من رجل يدّعي العقل ثمّ يكون له أخت أو بنت حسناء وليست له زوجة في حسنها يحرّمها على نفسه وينكحها من أجنبيّ، ولو عقل الجاهل لعلم أنّه أحقّ بأخته وبنته من الأجنبي، وما وجه ذلك إلاّ أنّه صاحبهم حرّم عليهم الطيّبات وخوّفهم بغائب لا يعقل، وهو الإله الذي يزعمونه، وأخبرهم بكون ما لا يرونه أبداً من البعث من القبور والحساب والجنة والنار حتّى أتعبَهم بذلك عاجلاً، وجعلهم له في حياته ولذرّيته من بعد وفاته خَولاً (عبيداً أو خدماً) واستباح بذلك أموالهم بقوله {لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى} [الشورى: 23]. فكان أمره معهم نقداً وأمرهم معه نسيئة، وقد استعجل منهم بذل أرواحهم وأموالهم على انتظار موعد لا يكون، وهل الجنّة إلاّ هذه الدنيا ونعيمها، وهل النار وعذابها إلاّ ما فيه أصحاب الشرائع من التعب والنصب في الصلاة والصيام والجهاد والحجّ..
وأنت وإخوانك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس، وفي هذه الدنيا ورثتم نعيمها ولذّاتها المحرّمة على الجاهلين المتمسّكين بشرائع أصحاب النواميس، فهنيئاً لكم على ما نلتم من الراحة عن أمرهم».
ومما ذكرت آنفاً يتبيّن أخذهم بعقيدة المجوسيّ من ناحية زواج الأخت والبنت، واتّباعهم لمذاهب الدهرية الزنادقة من نفي النبوّة والرسالة والشرائع.

نـشـر مـذهـبـهـم


لقد استغلّ القرامطة -كغيرهم من الحركات الباطنيّة الهدامة- الظروف المحيطة بهم، خاصّة وأنّ بداية دعوتهم وافقت القضاء على حركة الزنج، ولقد كانت الدولة الإسلاميّة آنذاك في بداية ضعفها وتسلّط العسكر عليها من ناحية، وانتشار الشعوبيّون في أرجائها، وعمّ الجهل في تعاليم الإسلام بين أبنائها، ولقد ركّز القرامطة في دعوتهم على الأراضي الخصبة بنظرهم، كالموالي والعبيد الحاقدين على أسيادهم والأُجراء والمزارعين الناقمين على أصحاب المهن والأراضي، لاعتقادهم بأنّهم لا يعطونهم ما يستحقّونه لقاء كدّهم وتعبهم. ولكي يستقطبونهم ابتدعوا فكرة إشاعة المال وشيوعيّة الأراضي، وكذلك بثّوا بين الشعوبيّين الحاقدين على دولة الإسلام وعدهم بالقضاء على المسلمين وسلطانهم وإعادة الملك لهم سواءً كانوا مجوساً أو هنوداً أو يهوداً ونصارى... وبقي عندهم العنصر الرئيسي ألا وهو الشباب، الوقود الأساسي لكلّ تمرّد وثورة.. ووجدوا أن خير أسلوب لجذبهم هو بثّ الفكر الانحلالي وجذبهم بالشهوات.. فاستباحوا الزنى والخمر واللواط وسائر المحرّمات، وجعلوا النساء مشاعاً بينهم، وأباحوا نكاح الأقارب من أخوات وبنات وما شابه هذا، بالإضافة إلى التخطيط الدقيق والإرهاب والبطش.. كلّ ذلك جعل العنصر الشبابي ينجذب إليهم انجذاب الفراش للنار...
وقد اعتمدوا في نشر دعوتهم على مراحل وأقسام أسموها -كما ذكرها الإمام عبدالقاهر الإسفرائيني- على النحو التالي: التفرّس، والتأنيس، والتشكيك، والتلقين، والربط، والتدليس، والتأسيس، والمواثيق بالأيمان والعهود، وآخرها الخلع والسلخ.
فالتفرّس: أن يعرف الداعي من يدعو وكيف يدعوه، مميّزاً من يطمع في إغوائه ممّن لا يطمع فيه، وقد قالوا في وصاياهم لدعاتهم: لا تضعوا بذرتكم في أرض سبخة، ولا تتكلّموا في بيت فيه سراج، يقصدون من عنده علم. ومن شروط الداعي عندهم أن يكون عالماً بأنواع الناس وأصنافهم واختلاف مذاهبهم ونقاط ضعفهم والأبواب التي يدخل على كلّ واحد منهم.. فمن كان مشتغلاً بالعبادة حبّبها إليه وحضّه عليها، ثمّ سأله عن معاني العبادات وعلل الفرائض، وشكّكه فيها حتى أبدعها وأدخله مذهبه. ومن كان رافضيّاً جاراه في تعظيم آل البيت وحبّ عليّ ويطعن في أبي بكر الصديق وعمر بن الخطّاب وخيار الصحابة ثم يبغضه في بني تميم لكون الصدّيق منهم وبني عديّ لانتساب الفاروق إليهم، ويبغض في بني أميّة لكون عثمان ومعاوية رضي اللـه عنهما منهم، وكذلك الأنصار لعدم وقوفهم مع عليّ ومطالبتهم بحقّه في الخلافة.. ثمّ يدخل عليه من باب الولاية والتأويل حتّى يخرجه من الدين.
وإن رآه ممّن يحبّ الشيخان مدحهما عنده ورفع من شأنهما وذكر له بأنّ صحبة الرسول لأبي بكر في الغار كان القصد منها تعليمه التأويل، فإذا سأله المسكين عن التأويل يكون قد وقع في المصيدة، ووصل درجة التأنيس.. وأمّا إن كان المراد جذبه من أهل الفسق والمجون، فإنّه هو الصيد السهل، فيذكر أمامه قول الشاعر الماجن:
أَتُركَ لذَّة   الصهباء صرفاً         لما وعدوه من طم و  ضمر
حياةٌ   ثمّ  موتٌ  ثم نشرٌ          حديث  خرافة  يا أمَّ  عمرو
ويشجّعونه على الانغماس في المعاصي واستباحة الحرمات وإنكار البعث والثواب والعقاب وإنكار اللـه والخروج من الإسلام.
ثم تأتي المرحلة الثانية، التأنيس: وهو التفرّس تقريباً، إلاّ أنّه بعد أن يزيّن للصيد مذهبه ويشكّكه فيه لما يسأله عن التأويل.. فإذا سأله المدعو عن علم ذلك أجابه بأنّ علمه عند الإمام.. ويكون قد انتقل إلى مرحلة التشكيك، وهو الوصول بالضحية إلى الاعتقاد بأنّ المراد بالفرائض والظواهر شيئاً آخر غير معناها اللغوي أو الشرعي.. ينهون عليه ترك الفرائض وارتكاب الموبقات، ويكون قد أصبح جاهزاً لمرحلة الربط، والربط عندهم طلب المدعوّ إلى معرفة تأويل أركان الشريعة، فيتأوّلونها به، فإن قبلَها على الوجه الذي دفعوها إليه، وإلا بقي على الشكّ والحيرة فيها.
أمّا التدليس.. فهو قولهم للضحية الجاهل إن الظواهر عذاب وباطنها فيه الرحمة.. ويستدلّون بقوله تعالى {فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب} [الحديد: 13]، وإنّ لكلّ عبادة أو أمر ظاهراً هو كالقشر وباطنه كاللّب، واللبّ خير من القشر، فإذا سألهم عن تأويل باطن الباب.. طلبوا منه وأخذوا منه المواثيق والأيمان المغلّظة كالطلاق والعتاق وتسبيل الأموال والبراءة من اللـه ورسوله.. إلى آخر هذه الأيمان والنذور.. بأن لا يحدّث أحداً بما سيخبرونه إلاّ بإذنٍ من الإمام صاحب الزمان، أو المأذون له في دعوته، وأن يستر أمرهم ويحمي جماعتهم.
فإن فعل المقرّر به ذكروا له حقيقة دينهم واعتقادهم، فإن قبل الجاهل مذهبهم فقد انسلخ من الملّة وخلع الإسلام من عنقه، وإن رفض الدخول في عقيدتهم لعدم تقبّله لها واستهجانه بها لم يستطع أن يذيع سرّهم ويدلّ عليهم، بل إنّه يكتم أمرهم، وقد يساعدهم، وذلك لما أخذوه منه من أيمان ومواثيق ونذر يظنّ لجهله أن لا فكاك منها ولا يمكن حلّها.. وبذلك يضمن القرامطة عدم إفشاء سرّهم حتّى وإن لم يقبل المغرّر به الدخول في مذهبهم ودينهم..


قرامطة البحرين وخروجهم على الخلافة


لقد مكث القرامطة عهداً من الزمن ينشرون دينهم ويبثّون عقيدتهم الباطنيّة بين العوام والجهلة، ومع ازدياد أعدادهم اتّجهوا إلى تنظيم صفوفهم وإعداد خططهم، فلمّا قويت شوكتهم واشتدّ ساعدهم ووجدوا أنّ الفرصة سانحة للخروج على دولة الخلافة أعلنوا تمرّدهم. وكانت بدايتهم من البحرين عام 286 هـ، وكان على رأسهم أبو سعيد الجنابي القرمطي، ويقال أنّه كان يعمل كيّالاً في البصرة، ويعود أصله إلى الأهواز، وفي رواية أخرى من البحرين. وكان جلّ جنده آنذاك من بقايا فلول الزنج والخرميّة وبعض الأعراب. وقد بدأ تمرّده بغزو القرى المجاورة لمكان إقامته في الأحساء يعيث إفساداً فيها مرتكباً الأعمال الوحشيّة من قتل وتذبيح واستباحة أموال وأعراض، وقد كان يتّبع خطّة الإرهاب لغايتين اثنتين، أوّلهما إرضاء أتباعه وشفاء صدورهم وبثّ الأحقاد التي يكنّونها تجاه المسلمين، والثانية لإرهاب أعدائه وجعلهم يتركون له حواضرهم وأموالهم قبل دخوله لبلادهم. ولم يمض عام 286هـ حتّى كوّن لنفسه جيشاً عظيماً واحتلّ أغلب المناطق المحيطة به كالقطيف وغيرها من المدن، وحوّل وجهته للبصرة بقصد أخذها. وقد وجّه لهم الخليفة العبّاسي المعتضد جيشاً قوامه عشرة آلاف بإمرة العبّاس بن عمرو الغنوي، والتقى الجيشان في الطريق إلى البصرة وكانت نتيجة المعركة أن أُسِر الجيش العبّاسي بكامله وأميرهم معهم، وكان جزاؤهم كما يروي ابن خلكان في وفيّات الأعلام [6/431] أنّه أُحضر الأسرى جميعاً فأمر بقتلهم وتحريقهم ولم يبقِ منهم إلاّ أميرهم العبّاس بن عمرو الذي أرسله إلى الخلفية العبّاسي نذيراً وليعلمه بمقدار قوّته.
وقد استمرّ أبو سعد الجنابي في حربه للمسلمين وفتكه بهم، وإن كان النصر في أغلب حروبه معهم بجانبه إلاّ أنّه هُزِم مراراً، وأشهر المعارك التي خسرها كانت معركة عام 288 هـ مع الجيش الإسلامي بقيادة الأمير بدر. وكانت نهايته لعنه اللـه على يد خادم له عام 301هـ حيث قتله وقتل معه عدداً من قادة القرامطة. واختلف المؤرّخون في سبب قتل خادم أبي سعيد له، وإن كانوا قد اتّفقوا على طريقة مقتله. والقول الأرجح أنّه في إحدى غزواته أسر أحد الغلمان واستخلصه لنفسه وجعله على طعامه، وكان هذا الغلام لا يزال على دين الإسلام يكتمه عن أبي سعيد، فلمّا رأى فسق أبي سعيد وفجوره أكمن في نفسه قتله والتخلّص منه، وقد حانت له الفرصة حين دخل والقرمطيّ الحمام وحاول أن يفجر به فقتله الغلام، ثمّ ذهب الغلام وأخبر أحد قوّاد القرمطي بأنّ أبا سعيد يطلبه في الحمّام، فلمّا دخل ذلك القائد الحمّام عمد إلى قتله أيضاً، وفعل ذلك بخمسة منهم أيضاً، ولمّا اكتشف القرامطة أمره قبضوا عليه وقَرّضوا لحمه بالمقاريض فتوفّي رحمه اللـه بعد أن خلّص الأمّة من خمسة من أشدّ أعداء الإسلام ومن قواد جيش الكفر.
واستلم بعده قيادة القرامطة ولده سعيد ثمّ سليمان الذي خرج على أخيه. وقد كان سليمان من أشدّ ما ابتُلي به المسلمون من أعداء في تاريخهم، وقد كان زيادة على كفره وخروجه عن الملّة الإسلامية قد أباح نكاح المحارم وأشاع اللواط ونكاح الغلمان، بل أنّه أوجب قتل الغلام الذي يمتنع على من يريد الفجور به. وكذلك أمر بمعاقبة كلّ من أطفأ ناراً، فإنّ أطفأها بيده قطعت يده، وإن أطفأها بالنفخ قطعوا لسانه، وذلك يظهر تعصّبهم لدين آبائهم من المجوس. ولم يترك -لعنه اللـه- رذيلة إلاّ فعلها. وقد كان يفعل ما يعجز اللسان عن ذكره من أفاعيل إجرامية بكلّ أرض وشعب تصل قبضته إليه، وهو أوّل من سنّ هتك الأعراض الجماعي أمام أعين محارمهم، وقد أدّت أفعاله تلك إلى نشر الرعب في بلاد المسلمين. وقد دخل البصرة عام 311هـ في ربيع الآخر فاستباح الحريم والأموال وذبح الشيوخ والأطفال وأحرق المسجد الجامع ومسجد طلحة، وكذلك قطع الطريق على حجّاج العراق عام 312هـ، فأخذ الأموال والحريم والمتاع وترك الرجال بدون طعام أو ماء أو ركب فمات أغلبهم جوعاً وعطشاً، ثم أرسل يطلب من الخليفة المقتدر أن يتخلّى له عن الأهواز، وحين رفض المقتدر ذلك اتّجه إلى الكوفة فدخلها وقتل أهلها ونهب ما استطاع نهبه وجعلها مباحة لجنده وزبانيته. وقد حاول قطع الطريق على حجّاج العراق مرّة أخرى ولكنّ حماة الركب العراقي اشتبكوا معهم بحرب خاطفة حتّى استطاعوا إعادة الركب إلى العراق ولم يحجّوا عامهم ذلك. وبقي على حاله تلك في قطع طريق الحجّاج أكثر أيّامه، حتّى أنّ حجّاج خراسان والعراق والمشرق توقّفوا عن الذهاب إلى الحج. وفي عام 315هـ قصد بغداد والتقى بجيش المسلمين في الأنبار وكان عدد جيشه ألف فارس وسبعمائة راجِل، وجيش الخليفة أربعين ألف فارس. وعلى الرغم من ذلك فقد فرّ جيش العراق حتّى قبل أن يلتقوا بجنود القرمطيّ، فدخل القرمطي الأنبار وحاول دخول هيت ولكنّ أهلها حصّنوها وأنقذوها من يد القرمطيّ. وفي عام 316هـ دخل القرمطيّ الرحبة وقتل رجالها واستحلّ نساءها وأموالها وحاول دخول الرقة إلاّ أنّه رُدّ عنها. ولم يحجّ أحد في هذه السنة خوفاً من القرامطة. وفي عام 317هـ اتّجه عدوّ اللـه سليمان أبو طاهر القرمطيّ إلى مكّة فدخلها يوم التروية فقتل الحجيج في المسجد الحرام وداخل البيت المعمور ورمى جثثهم في بئر زمزم وقتل أمير مكّة ابن محارب وعرّى البيت وقلع بابه وقلع الحجر الأسود وأخذه معه إلى عاصمته هجر، وأقام بمكّة ستّة أيّام. وقد رُوِيَ أنّه قد قتل ثلاثين ألفاً من الحجّاج ومن سكّان مكّة، وكان ينشد وهو يقتل الحجّاج والأبرياء من سكّان مكّة:
أنـــا باللـه و باللـه أنــــا       يخـــلق الخـــلق وأفنـــيهم أنـــا
و كان من جملة من قُتل ذلك العام التابعيّ الجليل عبدالرحمن بن عبداللـه بن الزبير، وقد سبى ما يقارب الثلاثين ألفاً من النساء والغلمان وبقي في إفساده وقتله للمسلمين وقطع طريق الحجّاج وتقتيلهم حتّى امتنع الناس عن الحجّ كما حصل مع حجّاج بغداد بين عام 319-327هـ، حيث لم يذهبوا لتأدية فريضة الحجّ خوفاً منهم ومن بطشهم. وقد حاول الركب العراقي خلال هذه الفترة أكثر من مرّة الذهاب للحج كما حدث عام 323هـ، إلاّ أن تعرّض القرمطيّ لهم وقتل الحجّاج وسبي الحريم جعلهم يقلعون عن محاولاتهم تلك، حتى أمّنهم القرامطة مقابل دفع ضريبة مقدارها خمسة دنانير على كلّ جمل وذلك عام 327هـ، وكانت أوّل مرة يدفع الحاج ضريبة لقاء توجّهه لأداء فرضٍ شرعه اللـه عليه.
ومع هلاك سليمان القرمطيّ عام 331هـ وانقسام الحكم بين أبنائه، خفّت قوّة القرامطة وتهديدهم لدولة الإسلام، واقتصرت أعمالهم على قطع الطريق وبعض الهجمات الخفيفة لتأمين مصدرٍ لعيشهم. وقد كان الزمن كفيلاً بزيادة ضعفهم وحاجتهم إلى المال، فما أتى عام 339هـ حتّى استبدلوا الحجر الأسود بخمسين ألف دينار أعطاهم إيّاها الخليفة المطيع، وذلك إن دلّنا على شيء فإنّما يدلّنا على مقدار ضعفهم وحاجتهم. وقد تكفل اللـه سبحانه وتعالى أمر تلك الطائفة، وإن كان قد أمهلها بعض الوقت، فقضى عليهم ومحى ذكرهم وجعلهم عبرة لمن يعتبر، ولم يبقَ في أيّامنا هذه إلاّ بقايا لهم في تلك الديار.

قــــــرامطة الشــــــام


يعتبر مؤسّس القرامطة في بلاد الشام زكرويه بن مهرويه، إذ أنّه عندما شقّ حمدان وعبدان عصى الطاعة على مؤسّس مذهبهم الإسماعيلي وأسّس حمدان قرمط مذهبه الخاص، بقي زكرويه على ولائه للقداحيين، وذلك لغاية في نفسه. وقد حاول مراراً التخلّص من مؤسّسي المذهب القرمطي كعبدان وغيره، وقد نجح في قتل عبدان إلاّ أنّ نقمة أتباع عبدان عليه جعلته يختبئ في جنوب العراق وبعث أبناءه إلى بلاد الشام عامّة وإلى السلمية الإسماعيلية بشكل خاص لبثّ دعوته والسيطرة على أتباع أسرة ميمون القداح، وقد نجح في ذلك ممّا دفع أبناء ميمون القداح للهجرة إلى المغرب، فأسّسوا هناك دولة العبيديين (الفاطميين) وإن كان أبناء زكرويه اتّخذوا أسماءً أخرى وانتسبوا إلى إسماعيل بن جعفر الصادق كما فعل يحيى بن زكرويه حين ادّعى أنّه حفيد إسماعيل بن جعفر الصادق إلاّ أنّهم لم يستطيعوا أن يلصقوا أنفسهم بأهل البيت كما نجح العبيديون.

خروجهم عن الخلافة


بعث زكرويه من مخبئه في العراق ابنه يحيى إلى بلاد الشام مع أتباع له من السلمية ومن بادية الشام وذلك عام 289هـ، وهاجموا الرقة وانتصروا على عسكرها وساروا إلى دمشق وحاصروها، إلاّ أن جيوشها والمدافعين عنها رفضوا تسليمها واستطاع المدافعون عنها الصمود بمساعدة من أتاهم من مصر ومن الموصل بعد معارك طاحنة قتل فيها الكثير من الجيش الإسلامي، وما أن آلت إمارة الجيوش إلى بدر الحمامي صاحب ابن طولون حتّى انقلبت موازين المعركة لصالح المسلمين، فهزم عساكر القرامطة وقتل يحيى بن زكرويه القرمطي، وقبل مقتله -لعنه اللـه- أخبر جيشه بأنّه سيتركهم ويطلع إلى السماء، وأنّه سيبقى فيها أربعين يوماً وأنّ أخاه الحسين سيأتي ليحلّ محلّه في قيادة الجيش وأمرهم بالسمع لأخيه والطاعة له، ومع استلام الحسين لإمارة الجيش القرمطي انسحب من دمشق وهاجم حماة والمعرة وبعلبك، وكان يبثّ حقده على كلّ منطقة يصل بطشه إليها فيقتل أهلها ويستحلّ نساءها ويعيث في الأرض الفساد. وقصد حلب في عام 291هـ غير أنّهم هُزموا وعادوا إلى حمص، ولكنّهم فوجئوا بجيش الخليفة هناك وعلى رأسه محمّد بن سليمان الذي ما لبث أن اشتبك معه في معركة كان النصر فيها للمسلمين والخزي والعار للقرامطة، وأُسِر الحسين هذا وأُرسِل إلى الخليفة ببغداد، فعذّبهم وقطّع أيديهم ثمّ أحرقهم. فلمّا رأى زكرويه أنّه قد فقد ولديه رأى أن لا شيء أمامه إلاّ أن يظهر نفسه، فجمع جموعاً واتّجه بهم إلى الكوفة وقاتل أهلها في عام 293هـ يوم النحر وقاتله أهلها قتالاً ثبتوا فيه وردّوا جيوشه إلى القادسيّة، ووجّه الخليفةجيشاً لحربهم إلاّ أنّ جيش الخليفة هُزم شرّ هزيمة، مما أعطى قوّة معنوية لزكرويه القرمطيّ، وبدأ في قطع الطريق على الحجّاج كصاحبه القرمطيّ السابق، وكان إذا اعترض قافلة للحجّاج لا يترك أحداً من رجالها إلاّ وقتله وأخذ أمواله، ولم يترك امرأة في ذلك الركب إلاّ سباها واستحلّ عرضها. وفي عام 294هـ اعترض قافلة فيها نساء وخواصّاً للخليفة وأموالاً وخزائن له، فقتلوا الرجال وسبوا النساء وأخذوا الأموال، فلمّا علم الخليفة المكتفي بذلك أرسل جيشاً على رأسه وصيف بن صوارتكين والتقى جيش الخليفة بجيش القرمطي، وبعد معركة طاحنة استبسل فيها جيش المسلمين انتهى اليوم الأوّل فيها سجالاً، وما إن أصبح الصبح حتّى رجحت كفّة جيش المسلمين وأعملوا بجيش اللعين السيف، ومع حلول الظهيرة جرح زكرويه وقتل أغلب جيشه وفرّ من بقي منهم فماتوا عطشاً في البادية، وحُمِل زكرويه إلى الخليفة إلاّ أنّه هلك في الطريق بعد خمسة أيّام، فشقّوا بطنه وحملوه إلى بغداد ليجعلوه عبرةً لمن يعتبر، ومع مقتله لعنه اللـه انتهت سطوى القرامطة في العراق والشام، وبقيت فلول لهم غير ذات أثر هناك.

القــــرامطة فـــي العصــــر الحديــــــث


بقيت آثار للقرامطة تغيّر جلودها واسمها من آن لآخر حسب الظروف التي تحيط بهم، وكانوا على مرّ العصور يحملون الحقد في صدورهم للأمّة الإسلام، فما إن تأتيهم الفرصة للكيد للمسلمين حتّى تراهم يسرعون في اقتناصها والعمل بها سواء كانت خيانة أو مساعدة لغاز محتل، كما حصل بمساعدتهم للتتار في العراق وبلاد الشام، وكذلك وقوفهم بجانب الصليبيين في حملاتهم المشهورة ضدّ المسلمين في مصر والشام. ومن بقاياهم الآن جزء منهم في عُمان واليمن يلقّبون بالصوالحيين والمكرمية، ولا تزال بقايا للإسماعيليين البهرة في العراق وفارس والهند، وما زالوا يتربّصون الفرصة للفتك بالمسلمين وإعادة دولتهم من الشام إلى الجزيرة العربية، وبفضل اللـه ثمّ وعي بعض المسلمين على مرّ العصور فإنّهم لم ولن يستطيعوا القضاء على بيضة الإسلام، وذلك لوعد اللـه بنصرة دينه واستخلاف عباده في الأرض.


المراجع: الملل والنحل، الشهرستاني، جزء 1. الفرق بين الفرق، صدر الإسلام عبدالقاهر الإسفرائيني. الفصل بين الملل والأهواء والنحل، إبن حزم الظاهري، جزء 2u التاريخ الإسلامي، محمود شاكر، جزء 5 و6. تاريخ الإسلام، الذهبي، حوادث عام 281 حتّى 320.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

القرامطة والباطنية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: القرامطة والباطنية    القرامطة والباطنية  Emptyالسبت 31 ديسمبر 2016, 4:50 pm

القرامطة جماعة سرية سرقة الحجر الأسود ومنعت الحج لسنوات

القرامطة والباطنية  %D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%B7%D8%A9_%D9%83%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D9%83
سعيد الناصر
وهم من الفرق الباطنية في الإسلام، وهم في الحقيقة امتداد للمذهب الشيعي، وينسبون إلى رجل خرج من أهل السواد من الكوفة نهاية القرن الثاني الهجري ويلقب بقرموطية، واسمه حمدان قرمط، وهم يقولون لا يكون بعد محمد صلى الله علـيه وسلم إلا سبعة من الأئمة وهم: على بن أبي طالب رضي الله عنه وهو إمام رسول الله صل الله علـيه وسلم، والحسن بن علي رضي الله عنه، والحسين بن علي رضي الله عنه، وعلي ابن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، ومحمد بن إسماعيل بن جعفر وهو الإمام القائم المهدي وهو رسول، وهؤلاء كلهم رسل أئمة.
وزعموا أن النبي الله صلى الله علـيه وسلم انقطعت عنه الرسالة في حياته في اليوم الذي أمر فيه بنصب علي بن أبي طالب بغدير خُمّ، فصارت الرسالة في ذلك اليوم في يد علي رضي الله عنه، وبعد ذلك صار النبي الله صلى الله علـيه وسلم تابعا لعلي محجوبا به، واعتلّوا في ذلك بخبر تأولوه وهو قول النبي الله صل الله علـيه وسلم :"من كنت مولاه فعلي مولاه".
ثم بعد ما مضى أمير المؤمنين علي صارت الرسالة فيمن بعده حتى وصلت إلى جعفر بن محمد ثم انقطعت عنه في حياته، ثم إن الله عز وجل بدا له في إمامة جعفر وإسماعيل فصيرها الله عز وجل في محمد بن إسماعيل وزعموا أن محمد بن إسماعيل لم يمت وأنه في أرض الروم غائب وأنه القائم المهدي.
ومعنى القائم عندهم: أنه يُبعث برسالة وبشريعة جديدة ينسخ بها شريعة محمد الله صل الله علـيه وسلم، وأن محمداً بن إسماعيل من أولي العزم من الرسل وهم سبعة نوح وموسى وعيسى ومحمد وعلي ومحمد بن إسماعيل، على معنى أن السماوات سبع والأرضين سبع والأئمة سبع وأولي العزم سبع.
وزعموا أن الله تعالى جعل لمحمد بن إسماعيل جنة آدم ومعناها عندهم إباحة المحارم وجميع ما خلق في الدنيا وهو قوله تعالى :"فكلا منها حيث شئتما"، يعني محمد بن إسماعيل وأباه، "ولا تقربا هذه الشجرة"، أي موسى بن جعفر بن محمد وولده من بعده ومن ادعى منهم الإمامة.
وزعموا أن محمد بن إسماعيل هو خاتم الأنبياء والرسل، وزعموا أن جميع الأشياء التي فرضها الله على عباده لها ظاهر وباطن، وأن الباطن هو الذي عليه العمل وأنه فيه النجاة، بل وجعلوا الظاهر هو العذاب الأدنى لمن لم يعرف الحق وهو الباطن.
واستحلوا الدماء وأخذ الأموال وسبي النساء وقتل الأطفال ورموا الناس بالكفر والشرك، وزعموا أنه يجب البدأ بقتل من يقول بإمامة موسى بن جعفر وولده ومن ثم كل من قال بالإمامة وليس على مذهبهم، ثم بسائر الناس الذين نصبوا أئمة من بني هاشم ثم سائر الناس، ثم إنهم كثُر عددهم ولم يكن لهم في البداية شوكة ولا قوة ثم انتشروا بسواد الكوفة وفي اليمن ونواحي البحرين واليمامة ودخل فيهم من العرب كثر فقوّوا مذهبهم.
ومما فعلوه بسبب هذا الاعتقاد أنهم قاتلوا المسلمين واستطار شرهم في البلاد وفي سنة 317هـ بلغت فضائع القرامطة ذروتها بمهاجمتهم لمكة وقتل من في البيت الحرام واقتلاع الحجر الأسود وأخذه، واقتلع باب الكعبة واخذ كسوة البيت وقتل كل من كان يطوف بالبيت ودفنهم في بئر زمزم، وبقي الحجر الأسود في حوزتهم إلى سنة 339هـ أي طوال اثنتين وعشرين سنة، وردوه من غير أن يجيبوا أحدا ممن توسط في اعادته أو دفع المال لذلك، بل قالوا أخذناه بأمر وأعدناه بأمر، وقد منعوا الحج سنين واعترضوا قوافل الحجاج وقتلوهم ونكلوا فيهم.
وكل ذلك حصل والخلافة الإسلامية في ضعف، حيث كان الخليفة هو المقتدر بالله وكان صغير السن فقد ولي الخلافة وهو ابن ثلاث عشرة سنة، فزاد شر القرامطة وخاف الناس منهم فامتنع أهل الشام والعراق من الذهاب للحج من شدة الرعب، ثم إن القرامطة سيطروا على بعض مناطق الجزيرة العربية، وارتكبوا مجازر كبرى خاصة في طريق الحجاج، وقاموا بالهجوم على البصرة وقاموا بمجزرة كبرى استمرت 17 يوما، واستباحوا الأموال واغتصبوا النساء، ثم هاجموا أطراف الشام، وكانوا كلما مروا بقرية سلبوا الأموال وقتلوا الرجال واغتصبوا النساء، ثم يحرقون القرية بما فيها ومن فيها أطفالاً وعجائز.
يقول الفيلسوف الدكتور عبد الرحمن بدوي :"ولما كان ابتداء أمر القرامطة بالبحرين هو سنة 286هـ فيمكن القول إن دولتهم ظلت قوية مهيبة الجانب طوال مائة سنة على الأقل، وإن أوج قوتها كان في عهد أبي طاهر سعيد بن الحسن الجنابي الذي توفي سنة 332هـ".
ويقول بدوي :"اتخذ القرامطة أسلوبا في الدعوة إلى مذهبهم فريدا بارعا، هو من أدق ما عرف تاريخ الحركات السرية في العالم".
فهم يبدؤون من يدعونه إلى دعوتهم بطرح شبه عليه في الدين وذكر أمور عويصة صعبة لا يعرفها إلا العلماء المتبحرين في الدين، فإن صادفوا عالما عظموه وبينوا له أنهم على ظاهر الشرع، وإن صادفوا جاهلا قالوا له إن في الدين أسرارا لا يعلمها إلا القلة من الناس ممن أخذ من الأئمة رضوان الله عليهم، فما معنى "ألم وكهيعص وحم عسق" فقالوا إن لها أسرارا، وهكذا يجذبون إلى دعوتهم أغبياء الناس، ويجذبون إلى دعوتهم كل خبيث لا يأبه بالدين فكثير منهم سكير عربيد لا يعرفة حرمة لله ولا لرسوله ولا للصحابة ولا للأئمة.
وقالوا إن الدين هو سر الله وهو محفوظ مستور عن الدهماء والجهلة ولا يحمله إلا ملك أو نبي أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان باخفاء الأسرار، ولو أظهر هذا السر للعامة لكفّروه لذلك يجب أن يبقى هذا السر محفوظا، وهكذا يخدعون الأغبياء لكي لا ينكروا عليهم ما هم فيه من الشناعات.
ويدخلونه من مرحلة إلى أخرى في الدعوة ومن شك لآخر في الدين وأن الدين سر وطلسمات لا يعرفها إلا الأئمة ومن كتم سرهم، ثم يدخلون في كل رتبة من رتب السالك لديهم أموراً خفية كَسِرِّ الأعداد وأن الأئمة سبعة والسموات كذلك والأرضين كذلك والسبع السيارة في السماء، ثم يتكلمون بالفلسفة وطبائع الأشياء وأصول الجواهر وعلى ترتيب القول في الفلك والنجوم والنفس والعقل ويربطون هذه الأمور ببعض ويجعلون لها أسرارا.
ويجعلون التابع لهم في الترقي في الدعوة ينسلخ من الشرائع شيئا فشيئا، ويؤولون الشرائع ويربطونها بالرموز والخرافات التي يتكلمون فيها، ويأخذون على السالك الأيمان والعهود أن لا يفضح سرهم.
وهم يدعون إلى مذهبهم كل الطوائف والديانات ويتقربون لكلٍّ أصحاب مذهب بما يجذبهم في مذهبهم ويحبونه، ثم يتدرجون معه في الوصول إلى مبتغاهم من الانحلال من كل الأديان، بل في بعض مقالاتهم يقولون بقدم العالم وأنه لا مدبر لهذا العالم، ويدعون إلى مذهبهم الصابئة والمجوس واليهود والنصارى والثنوية، فهم لا يهمهم دين بل الأمر عندهم هو سلطة مبتغاة وجاه ومتعة في الدنيا، وكانوا يتخذون من الشعوبية وسيلة لجذب الأتباع من أي عنصرية كان عربيا كان أو عجميا فارسيا أو غير ذلك.
فهدف القرامطة هو انشاء رابطة واحدة وجماعة سرية لها مراتب عديدة تضم أصحاب أحرار الفكر الذين يرون الدين مجرد جامع للشعوب، ومن ثم إنشاء دولة قوية لهم، لا دين لها يقول الإمام عبد القاهر البغدادي في كتابه الفَرق بين الفِرق :"إن الباطنية لما تأولت أصول الدين على الشرك احتالت أيضا لتأويل أحكام الشريعة على وجوه تؤدي الى رفع الشريعة ... والذي يدل على أن هذا مرادهم بتأويل الشريعة أنهم قد أباحوا لاتباعهم نكاح البنات والاخوات وأباحوا شرب الخمر وجميع اللذات"، حتى ذَكر أنهم أباحوا اللواط بل :"أوجبوا قتل الغلام الذي يمتنع على من يريد الفجور به، وأمر بقطع يد من اطفأ نارا بيده وبقطع لسان من اطفأها بنفخة" فهم لا دين لهم في الحقيقة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

القرامطة والباطنية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: القرامطة والباطنية    القرامطة والباطنية  Emptyالسبت 31 ديسمبر 2016, 4:53 pm

القرامطة وفتنتهم في مكّة
هذا، ولما خرج القرامطة من مكّة حاملين معهم الحجر الأسود والأموال التي غنموها من النّاس متوجّهين إلى هجر، تعقَّب "ابن محلب" أمير مكّة من قبل العبّاسيين القرامطة مع جمع من رجاله وطلب منهم ردّ الحجر الأسود إلى مكانه على أن يملّكهم جميع أموال رجاله. إلاّ أنَّ القرامطة رفضوا طلبه مما اضطرّه إلى محاربتهم حتّى قتل على أيديهم(47).   تُعدُّ فرقة "القرامطة" ـ التي وصفها التأريخ بأنّها فرقة مشاغبة ومُتمرّدة، وكانت عاملا أساسيّاً أدّى إلى مذابح جماعية، وإلى حملات إغارة على أموال المسلمين ـ فرعاً من الفرقة المعروفة بـ "الإسماعيلية" حيث ظهرت في قلب المجتمع الإسلامي، وسبّبت الكثير من المتاعب والمشاكل آنذاك بسبب أفكارها وعقائدها الخاصّة، خصوصاً في العهد العبّاسي، ممّا أدّى إلى وقوع العديد من الضحايا نتيجة انحرافاتهم الايديولوجية والمغالاة في أفكارهم. ويمكننا القول بوجود التشابه الكبير بينها وبين فرقة الخوارج المعروفة التي ظهرت في عهد الخلفاء الأمويين وإن اختلفتا من الناحية العقائدية.   و"الإسماعيلية" هي فرقة من فرق الشيعة كانت تعتقد بإمامة "إسماعيل بن جعفر الصادق (ع)" وذلك بعد وفاة جعفر الصادق (ع)، وأولاد إسماعيل من بعده ثمّ انقسمت على نفسها إلى عدّة فِرَق أُخرى. وقد انبرى من الفرقة ذاتها شخصيّات فسَّر كلٌّ منهم المذهب الإسماعيلي حسب ما يَرتئيه هو ودعا إلى إمامة شخصيّة معيّنة في ذلك الزّمان.   وكان "حمدان قرمط" أحد أبرز أولئك الدعاة من الإسماعيلية، والسّبب المباشر في ظهور العديد من الحوادث في حينها، فأوجد هذا فرقة مُنشعبة عن الإسماعيلية وذلك بعد وفاة أبوالخطّاب الأجدع أحد مؤسّسي فرقة الإسماعيلية، وأدخل "حمدان قرمط" تعديلات وآراء جديدة على المذهب المذكور فسمّي أتباعه بعد ذلك بالقرامطة.   وتذكر المصادر لروايات أهل السنّة ـ وعلى غرارها المصادر الغربية كذلك ـ أنّ حمدان قرمط كان أحد تلاميذ عبدالله بن ميمون القدّاح، الذي له تأثيرٌ واضح على تشكيل آراء ومعتقدات حمدان قرمء وتعتبر المصادر ذاتها أنَّ عبدالله بن ميمون هذا هو أحد موالي الإمام جعفر الصادق (ع) وينسبونه إلى اليهوديّة(1) أحياناً والدّيصانية(2) والمجوسية من أصل إيراني(3) أحياناً أُخرى. كما وينسبون الفاطميين "في مصر" إلى حمدان قرمط هذا(4).   هذا في حين توثّق المصادر الشيعيّة عبدالله بن ميمون، وتُسقط كل الاحتمالات ـ كما سنرى ـ التي تقول بكونه ينتمي إلى القرامطة أو الإسماعيلية. وقبل إيراد أيّ نصوص عن علماء ورجالات الشيعة حول عبدالله بن ميمون، نستدعي انتباه الأخوة القُرّاء إلى آراء بعض من الكتّاب المعروفين حول نفس الموضوع.   ينقل ابن النديم عن شخص يدعى ابوعبدالله بن رزام حيث كان لهذا الأخير كتاب في الردّ على الإسماعيلية ما يلي (دون أن يؤيّد أو يُفنّد ادّعاءات ابن رزّام هذا) في البداية، كان ميمون قدّاح من أتباع أبوالخطّاب، وكان يجهر بالدعوة إلى إلوهية علي بن أبي طالب، وقد كان وأبنه عبدالله، ديصاني المذهب، ومن محلة على أطراف الأهواز، وكان ابنه عبدالله مشعوذاً وساحراً وقد ادّعى النبوّة لفترة طويلة، وفرّ إلى السلميّة بالقرب من حمص وهناك انضمّ إلى دعوته رجل يسمّى حمدان بن الأشعث الملقّب بـ (قرمط)(5).   بعد ذكر قصّة تشتّت أصحاب محمد بن إسماعيل بن جعفر، يتابع الخواجة رشيد الدين القول بأنّ (عبدالله بن ميمون القدّاح كان قد اكتسى حُلّة العابد الزاهد، وقد أقام في منطقة عسكر مكرّم، ومنها رحل إلى كوهستان عجم أهواز حيث قام بدعوة النّاس وإرسال الرسل إلى العراق والري وإصفهان وقم وهمدان)(6).   يقول الفخر الرازي في تعريف فرقة الباطنية مايلي (يروى أنّ رجلا من الأهواز يدعى عبدالله بن ميمون القدّاح وكان من الزنادقة، جاء إلى جعفر الصادق (ع)، وقد قضى أكثر وقته في خدمة ابنه إسماعيل وبعد وفاة إسماعيل أصبح في خدمة ابنه محمّد، ودعا إلى اتّباع هذا الأخير مدعيّاً بتلقّي الزندقة على يده)(7). كما يلاح1 فإنّ عبدالله بن ميمون هذا يعرّف على أنّه مؤسّس فرقة الباطنيّة والقرامطة وعلى أنّه رجل دجّال وكذّاب، في حين هو في المصادر الشيعية أحد أصحاب الإمام الباقر (ع) والإمام الصادق (ع) المخلصين، وبأنّه أحد رواة الأحاديث الثقات.   يقول النجاشي في (الرجال) كان عبدالله بن ميمون الأسود القداح أحد موالي بني مخزوم... وكان يروي عن الإمام الصادق (ع) وهو رجل ثقة، وتنسب إليه كتب مثل (مبعث النبي) و(صفة الجنّة والنّار)(8).   وحسب قول النجاشي وهو أحد علماء الرجال المعروفين، بأنّ عبدالله بن ميمون ثقة، لايبقى مجال للشك في منزلة ابن ميمون الجليلة، خاصّة بعد عِلمنا أنَّ كلّ كتب رجالاتنا لم تورد قدحاً في تعريفها لعبدالله بن ميمون، ولو كان إسماعيلياً كما قيل، لما تردّد علماء الرجال في ذكر ذلك على الإطلاق، ذلك أنّ علماءنا في الرجال يمتلكون حساسية عجيبة تجاه الأشخاص المنتمين إلى مذهب منحرف. ويقول الكشي بعد نقله حديثاً للإمام الباقر (ع) في معرض تأييده لعبدالله بن ميمون كان عبدالله بن ميمون يقول بالتزيّد (كذا)(9).   ولايعرف المقصود بكلمة "تزيّد" بوضوح، فربّما أراد معنى أنّه كان "يحبّ زيداً" في حين ذكر البعض احتمالات وتفسيرات غير منطقية لذلك ولا علاقة لها به(10). أضف إلى ما قيل أنّ كل كتب الشيعة في شرح الملل والنحل أمثال فرق الشيعة للنوبختي والمقالات والفرق للأشعري، وخلال وصفهم للفرق الإسلامية كالإسماعيلية والقرامطة، لم يذكروا شيئاً بصدد ابن ميمون أو حتّى ثابت بن سنان وهو أحد المعاصرين لحمدان قرمء الذي ألّف كتاباًتحت عنوان "تأريخ أخبار القرامطة" فهو لم يذكر اسم عبدالله بن ميمون البتة.   وعلى أي حال وطبقاً للمصادر الشيعية فليست هناك أدنى علاقة بين عبدالله بن ميمون وبين القرامطة. فالشيء المسلَّم به هو أنَّ مؤسّس فرقة القرامطة وهي فرقة متفرعة عن الإسماعيلية، هو رجل يسمّى حمدان بن الأشعث القرمطي الذي اعتزل جماعة محمّد بن إسماعيل بن جعفر بعد وفاة الأخير وأحدث فرقة متشعبة عن الإسماعيلية بعد أن أوجد آراء ومعتقدات خاصّة لهذه الفرقة. وطبقاً لما أورده ابن النديم فإن حمدان قرمط كان مشغولا بالزراعة وتربية الحيوان في قرية تسمى "قس بهرام" وكان رجلا ذكيّاً، ممّا حدا برجل عالم مثل "عبدان"، الذي صنّف كثيراً من الكتب باتّباعه وأرسل رسلا ومبلّغين إلى سواد الكوفة لنشر معتقدهم هذا(11).   كلمة القرامطة علمنا فيما سبق أنّ كلمة القرامطة مأخوذة من لقب مؤسّسها حمدان قرمء ونريد الآن فهم معنى هذه الكلمة أكثر وما تعنيه من مضامين، والسبب الذي من أجله نُسبت هذه الكلمة إلى حمدان. لقد وردت احتمالات كثيرة بهذا الصدد، نذكر أهمّها فيما يلي:   ـ يقول ابن النديم أنّ السبب في إطلاق كلمة "قرمط" على حمدان هو أنّه كان قصير القامة(12). ـ ويقول البغدادي كان يقارب ما بين خطوه في السير أو أنّه كان يضع فواصل قليلة بين السطور في كتاباته(13). ـ ويقول ابن منظور دونما اشارة إلى وجه تسمية القرامطة بهذا الاسم القرمطة هي المقاربة ما بين القدمين وكذلك بين السطور في الكتابة والدقّة في ذلك(14). ـ ويقول الجرجاني قرمط هي إحدى قرى واسط(15)، في حين يُسمّي ابن خلف الأشعري لقب حمدان بـ "قرمطويه"(16).   ـ وينقل الدكتور مشكور عن الطبري وثابت بن سنان قوله أنّ هذه الكلمة أي قرمء بمعنى كرميتي وتعني حُمرة العين، وينقل عن ابن الجوزي قوله أنَّ كرميتي تعني حدة البصر وقوته، ثمَّ يُضيف ويظهر أن هذه الكلمة مأخوذة عن اللهجة الآرامية المحلية لمدينة واسط واستعيرت منها لهذا المعنى والتي لايزال معناها مُدَلِّس (من دالس مدالسة). يقول كارل نولدرس لكلمة "قرمط" علاقة وثيقة بالأصل اليوناني "قرماطا" وتعني الحَرف. وكذا كلمة "قرمط" التي تُطلق على الخط الخاص بالنّسخ، وقد كُتبت بالألفباء السرّية القرمطية متون كثيرة ذكرت في اليمن(17).   ـ وينقل لويس ماسينيون الذي كتب عدّة تحقيقات بخصوص القرامطة، ينقل عن "ولرز" انّه يسوّي بين كلمة القرامطة وكلمة يونانيّة مشابهة لها تماماً، إلاّ أنّه يُحتمل أن تكون هذه الكلمة مشتقة عن اللغة المحليّة الآرامية لمدينة واسء أي بمعنى "مُدَلِّس". ويُطلق المصطلح "قرمط" في علم الخطوط على الخط الكتابي الذي كان يدعى بالنّسخ. وقد عثر گريفين أخيراً على خطوط قرمطية في متون وجدها بالخطّ السرّي في اليمن(18).   ـ ينقل بطروشفسكي بعد إيراده لأقوال ماسينيون، في حاشية لكتابه عن لسان "ايفانوف" قائلا إنَّ كلمة "قرمط" مأخوذة عن كلمة "قرميثة" وتعني الفلاح أو الريفيّ في اللهجة السريانية في المناطق السفلى لما بين النهرين، أي اللغة الآرامية نفسها(19).   فلو تصوّرنا أن لقب "قرمط" قد أطلق على مؤسّس فرقة القرامطة من قبل مخالفيهم ومناوئيهم، فإن أنسب معنى لذلك هو التدليس والمدلِّس بعد عِلمنا بأنّ أولئك المخالفين قد اطلقوا على عبدالله بن ميمون ـ بغضّ النظر عن صدق انتسابه إلى القرامطة ـ لقب المشعبذ والحيّال. وأمّا في حال تصوّرنا أن هذا اللقب إنّما أُطلق على حمدان قرمط من قبل مريديه ومناصريه فالمعنى الأصح لهذه الكلمة هو "الفلاح"، ذلك أن ابن النديم وكما أوضحنا سابقاً قد ذكر أن حمدان كان يشتغل بالزراعة وتربية الحيوان، مع بقاء الاحتمالات الأخرى لمعنى هذه الكلمة من أنّه كان أحمر العينين أو أنّه كان قريب الخطو في مشيه أو أنّه كان يكتب بخطّ ناعم، علماً بأنَّ هذه الأمور ثانوية وليست ذات أهميّة يُعوَّل عليها.   معتقدات القرامطة تُعدُّ الأصول والمعتقدات الأولية للقرامطة نفسها التي تعتقد بها الإسماعيلية، إلاّ أنَّ هذه الفرقة المتشعّبة عن الإسماعيلية تملك بعض العقائد الخاصّة بها، التي تميّزها عن باقي الفرق والجماعات المنتمية بدورها إلى الإسماعيلية; ولأنَّ تلك العقائد هي كلّ ما ذكرته كتب المناوئين لهذه الفرقة فلايمكن إزاء ذلك الاعتماد على صحّتها ودِقّة انتسابها إلى القرامطة. وطبقاً لمؤلّفات النوبختي وأبي خلف الأشعري، فإنّ القرامطة يقولون بإمامة محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق (ع) ويُعرّفونه على أنّه الإمام القائم المهدي المذكور، بل انّهم يقولون بنبوّته ونبوّة سائر الأئمة كذلك، ويقولون إنّ رسالة النبي (صل الله عليه وآله وسلم) قد انقطعت عنه يوم الغدير وانتقلت إلى أميرالمؤمنين (ع)ثمّ انتقلت منه إلى باقي الأئمّة، وإنَّ الأئمة مع كونهم يحتفظون بمقام الإمامة فهم يمتلكون مقام الرسالة كذلك. ويُضيف هؤلاء قائلين إنَّ محمّد بن إسماعيل حيٌّ لم يَمت وهو غائب في بلاد الروم(20).   ويقول أبوالحسن الأشعري يعتقد القرامطة أنَّ "محمّد بن إسماعيل" حيٌّ وهو نفسه المهدي الذي أُخبر عن ظهوره(21). وأمّا الشهرستاني فيقول لقد مزجَ أولئك (الذين يُعرفون في العراق بالباطنية والقرامطة والمزدكية والمعروفون في خراسان بالتعليمية والملحدة) كلامهم بكلام بعض الفلاسفة، ولهم في ذلك المؤلّفات. ويقول هؤلاء إنّ الله تعالى ليس موجوداً وليس غير موجود، وكذا فإنّه ليس عالماً وليس جاهلا وليس قادراً ولا عاجزاً. وقس على ذلك سائر صفاته تعالى! ذلك أنّ الإثبات الحقيقي يقتضي أن يكون من جهة إطلاقنا عليه شريكاً مع سائر الموجودات وهو مايُعرف بالتشبيه(22). ويقولون كذلك وكما أنَّ الأفلاك والطبائع هما في حركة دائمة بواسطة تحريك النّفس والعقل، فإنَّ المجتمع البشري أيضاً في حركة مع الشرائع بتحريك النبيّ والوصيّ وهذا حاصلٌ وواقعٌ في كلّ زمان وعلى شكل سبعة فسبعة حتّى ينتهي ويصل إلى دورته الأخيرة ويحين وقت يوم القيامة وتُرفع التكاليف عن البشر(23).   ويُضيف أبوالحسن الملطي، بعد أن ينسب إليهم عدداً من العقائد العجيبة كقولهم بعدم وجوب الفرائض كالصلاة والصيام والزكاة والحجّ، يُضيف قائلا وهم يُكفّرون من يخالفهم وينسبونه إلى الشرك ويحلّلون ماله ودمه، ويمكنهم أخذه أسيراً لديهم(24).   والحقّ أن ما ينسب إلى القرامطة من العقائد والآراء أكثر ممّا قلناه بكثير، وإنّما أردنا ذكر بعض تلك العقائد حتّى تكون أرضية مناسبة لبحوثنا فيما بعد.   قيام دولة القرامطة في الإحساء والبحرين يذكر المؤرخون أن القرامطة تمكّنوا من تشكيل دولة قويّة نسبياً وذلك سنة (286) في المناطق الجنوبية من الخليج الفارسي في البحرين والقطيف والإحساء، وكان يرأسهم شخص يُدعى "أبوسعيد الجنابي" آنذاك. وقد وردت أخبار مختلفة عن هذه الشخصية وهو ما كتبه المؤرّخون هنا وهناك. وأفضل ما لدينا من الأخبار هو ما رواه ابن حوقل عن سوابق ابو سعيد هذا، وكيفيّة تعرّفه على فرقة القرامطة، وتشكيل حكومة لهم في البحرين وأماكن أخرى، ونورد أدناه نصَّ العبارات التي ذكرها ابن حوقل"كان أبوسعيد بهرام الجنابي من "جنابة" وبائعاً للطحين. اعتنق معتقدات القرامطة وآمن بها وانضمَّ إلى "عبدان كاتب" زوج أُخت حمدان قرمء ثمّ بدأ بنشر هذه الدعوة في نواحي ومناطق مدينة جنابة أو "گنابة" ومناطق أخرى مثل فارس، فاستطاع الحصول على أموال كثيرة من النّاس. فكتب حمدان قرمط إلى أبوسعيد كتاباً من "كلواذا" يدعوه للمجيء والمثول لديه. ثمّ أرسله هو وعبدان كاتب إلى البحرين وأمره بدعوة النّاس هناك إلى مذهبه، مُعزّزاً بعثته بالأموال والرسائل والتوصيات الخاصّة بذلك.   ولما وصل أبوسعيد إلى البحرين تزوّج هناك امرأة من بني سنبر وبدأ بنشر دعوته بين عرب تلك المنطقة فالتفَّ حوله كثيرون، واستطاع بمساعدتهم فتح مدن كثيرة في تلك الأنحاء فانضمَّ إليه عدد كبير من العشائر والقبائل إمّا من خوف ورهبة أو مودّة ورغبة(25).   ويذكر الطبري في تقرير موجز عن ذلك قائلا: في هذه السنة (286) خرج رجلٌ من القرامطة يُدعى أبوسعيد الجنابي في البحرين فاجتمع حوله جماعة من الأعراب والقرامطة... فاشتدت شوكته وقويت دعوته. فقتل كثيراً من الحضر ثمّ رحل إلى موضع يسمّى القطيف، التي تبعد عدّة منازل عن البصرة وقثل جمعاً كثيراً منهم كذلك. وقيل إنّه كان يرغب في فتح البصرة، فلمّا علم والي البصرة بنيّة القرامطة كتب إلى السلطان يخبره بذلك، فأمره السلطان بجمع الخراج والصدقات ويبني بتلك الأموال سوراً حول البصرة. فكانت مخارج هذا العمل قد وصلت إلى أربعة عشر ألف دينار. وبالفعل فقد استطاع البصريون من بناء سور حول المدينة لحمايتهم من أيّ اعتداء(26).   ويورد ابن عماد الحنبلي تفاصيل أكثر حول هذه الحادثة حيث يقول لقد بني السور المحيط بالبصرة بأمر من المعتضد العبّاسي في حين كان ابوسعيد يشتغل بالكيالة، ويقول عن لقبه إنّه كان من "جنابة" وهي إحدى قُرى الأهواز. ثمّ ينقل عن الصولي قوله أنَّ أبوسعيد كان معوزاً فقيراً يبيع الطحين. فجاء إلى البحرين وهناك بدأ ينشر دعوته فانضمَّ إليه جمعٌ ممّن بقي من الزنج واللّصوص، فاشتدت شوكته وتمكّن من دحر جيوش الخليفة مرّات عدّة آنذاك.   وطبقاً لما رواه ثابت بن سنان فإن قرامطة البحرين شنّوا هجوماً على مدينة دمشق سنة (306) فقتلوا الكثير من أهالي دمشق، بل إنّهم زادوا على ذلك بحملتهم على مصر فاصطدموا مع جيش جوهر الصقلي قائد قوات المعزّ لدين الله الفاطمي، في منطقة تدعى بـ "عين الشمس" فهزموا جيش الصقلي، إلاّ أنّ جيوش الفاطميين تمكّنت بعد هذه الحملة من دحر قرامطة البحرين وطردهم من مصر. وفي ذلك ينشد حسين بن بهرام قائلا:   يا مصر إن لم أسق أرضك من دم يروي ثراك فلاسقاني النيل(27)   وقد وردت الكثير من الروايات المشابهة في عدد من كتب التأريخ ولكن لامجال هنا لذكرها جميعاً، ونكتفي بذكر موجز لما أورده ابن الأثير، من أنَّ أبوسعيد الجنابي الذي كان رأس القرامطة في البحرين، لما قُتل كان يحكم الاحساء(28) والقطيف والهجر والطائف وسائر بلاد البحرين، حيث قتله غلام له(29). وبعد مقتل ابوسعيد، تولّى رئاسة القرامطة من بعده ابنه ابوطاهر سليمان الجنابي أحد أكثر الحكام القرامطة شغباً وصخباً، فسار الابن على ما وجد عليه أباه من السلوك والمغالاة. فامتدّت قدرته إلى معظم المناطق، وهو الذي كان يهاجم قوافل الحجّاج مراراً فيقتلهم ويسلب أموالهم، حتّى انتهى به الأمر إلى هجومه على الكعبة المقدسة واحدث فيها مقتلة مريعة، فسرق الحجر الأسود منها كما سنورد ذلك مفصّلا فيما بعد.   كان أبوطاهر هذا قاسي القلب ومتهوراً. شنَّ بعد اكتمال السور حول البصرة حملة عليها فاستطاع الدخول إلى المدينة بمساعدة قواته، والسلالم التي استخدمها للعبور من على السور المحيط بالمدينة.   وطبقاً لما ذكر ابن كثير فقد كان تحت امرته (1700) فارس، ولمّا تسنّى لهم الدخول إلى المدينة قاموا بمجزرة حقيقية حيث اوقعوا السيف في رقاب النّاس مدّة سبعة عشر يوماً(30).   واتّخذ ابوطاهر من "الهجر" مقراً وعاصمة لمُلكه، والتي كانت على مايذكره ياقوت مركز البحرين، وتُطلق هذه التسمية احياناً على مجموع البحرين(31). وكان أبوطاهر يمتلك فدائيين ورجالا انتحاريين كُثراً مما ساعده على إحراز النصر في كلّ غزوة كان يقوم بها. ويُقال إنَّ "ابن أبي الساج" لما أراد المسير بجيشه المؤلّف من ثلاثين ألفاً من الجنود نحو القرامطة لمحاربتهم، وإتماماً للحجّة، أرسل إلى أبوطاهر الجنابي رسولا. فلمّا وصل الرّسول إلى أبوطاهر سأله قائلا كم عدد جنود "ابن أبي الساج"؟ فأجابه الرسول ثلاثون ألف فارس. فسخر منه أبوطاهر قائلا الحقّ أنّه لا يملك حتّى ثلاثة فرسان. ثمّ التفتَ إلى أحد فرسانه وأمره بقتل نفسه، فاستلَّ هذا خنجراً وشقَّ بطنه في الحال. فقال أبوطاهر للرسول ما الذي يستطيع "ابن أبي الساج" عمله مع جنود فدائيين كهؤلاء(32)؟   مهما يكن من أمر فقد كان أبوطاهر مخلوقاً عجيباً، فقد أغار على المدن والمناطق المجاورة وقتل الكثير من سكّانها، ومن هذه المناطق الكوفة والبصرة والرقة والقادسية ورأس العين ونصيبين وكفر توثا والموصل وغيرها من المناطق. بل حتّى وصل به الأمر إلى شنّ حملات ضدّ دمشق وفلسطين إلاّ أنّه لم يوفَّق في ذلك، ووصل إلى حدود بغداد لكنّه طفق راجعاً(33).   وإضافة إلى ما قيل فأبوطاهر كان شاعراً مُجيداً كذلك، ويُلاحظ ممّا نُسِبَ إليه من الشعر كيف يصف طموحاته وأنّه الداعي إلى المهدي بعينه، بكل وضوح. ويقصد بالمهدي هنا بطبيعة الحال، المهدي الفاطمي الذي خرج في أفريقيا. ومن أشعاره مما يلي:   أغرّكم منى رجوعي إلى هجر فعمّا قليل سوف يأتيكم الخبر إذا طلع المرّيخ من أرض بابل وقارنه كيوان فالحذر الحذر فيا ويلهم من وقعة بعد وقعة يساقون سوق الشاة للذبح والبقر سأصرف خيلي نحو مصر وبرقة إلى قيروان الترك والروم والخزر   إلى أن يقول:   أنا الداع للمهدي لا شكّ غيره أنا الصارم الضرغام والفارس الذكر أعمّر حتّى يأتي عيسى بن مريم فيحمد آثاري وأرضى بما أمر(34)   على كلّ فلسنا هنا بصدد ذكر جميع تفاصيل حياة أبوطاهر، ويُعلَم ممّا أوجزناه أنّ أبوطاهر كان قد شكَّل دولة قويّة في البحرين وجنوب خليج فارس وكان من الصعب مواجهته، ممّا يوضّح لنا السبب في عدم توجيه اللّوم إلى المسلمين حتّى بعد سلب وسرقة الحجر الأسود من قبل القرامطة، كما سنذكر ذلك فيما بعد.   هذا وقد تناوب على سدة الحكم في البحرين بعد موت أبو طاهر سنة (332) سلسلة الجنابيين القرامطة، إلاّ أنّهم لم يملكوا نفس القدرة والسلطان السابقين.   هجوم القرامطة على مكّة وقصة الحجر الأسود لقد أدخلت الحملات الوحشية التي كان يقوم بها القرامطة على المدن القريبة والبعيدة الرّعب والهلع في نفوس المسلمين، وخصوصاً عمليات الإبادة والقتل الجماعي التي كان القرامطة يمارسونها، وبالأخصّ على قوافل الحجّ التي كانت تتعرّض دوماً لغارات وحملات من هذا النوع. فقد كان الحجّاج الذين يمرّون بمناطق يُسيطر عليها القرامطة وخصوصاً القادمين من العراق، يتعرّضون لحملاتهم الوحشية، حتّى وصل الأمر إلى أنّه في سنة 263 و316 لم يتمكن أي من الحجّاج القادمين من العراق من أداء مراسم الحجّ في هاتين السنتين(35).   وفي سنة 317 وصل الأمر إلى ذورة الخشونة والوحشية فنتجت عنه فاجعة كبرى، فقد امتنع القرامطة على غير عادتهم من مهاجمة قوافل الحجّاج القادمين من العراق باتّجاه الديار المقدّسة، فوصلت القوافل ومنها قافلة العراق بقيادة منصور الديلمي سالمة إلى مكّة دون مضايقة تذكر(36). إلاّ أنَّ القرامطة بقيادة أبوطاهر الجنابي هاجموا الحجّاج يوم التروية في مكّة على حين غرة فقتلوا منهم جمعاً غفيراً، وليس ذلك وحسب بل هجموا على أهل مكّة وعملوا منهم مذبحة مريعة وانتهكوا حرمة وقدسية المسجد الحرام.   ويذكر أنّ أبوطاهر هاجم الحجّاج وأهل مكّة على رأس (900) فارس بينما كان هو ثملا ممتشقاً حسامه على ظهر حصانه الذي تبوّل قريباً من بيت الله الحرام(37).   وينقل المؤرّخون أنَّ القرامطة قتلوا ما استطاعوا من الحجّاج وأهل مكّة، وهتكوا الحرمات ودنّسوا المقدّسات. فقتلوا ما يقارب (1700) نفس كان معظمهم متمسّكاً بأستار الكعبة(38). وكانت سيوف القرامطة تحصد رؤوس النّاس من الطائفين والمصلّين وحتّى الذين هربوا من بطشهم إلى الوديان والجبال، فكان النّاس يصيحون عليهم أوَ تقتلون ضيوف الله؟ فكان القرامطة يجيبونهم إنَّ من يخالف أوامر الله ليس بضيف له. وقد وصل عدد الذين قُتلوا في هذه الحملة الوحشية قرابة 30 ألف انسان، ورمى القرامطة بجثث أكثر هؤلاء في بطن بئر زمزم ودُفن الكثير كذلك منهم دون أن يُغسلوا أو يكفّنوا(39).   وفي تلك الحالة التي كان القرامطة يُذبّحون فيها المسلمين ويعملون من جثثهم كومات متراكمة بعضها فوق بعض، كان أبوطاهر ينشد البيت التالي وهو يقف بقرب الكعبة:   أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا(40)   هذا وإضافةً إلى المقتلة العظيمة التي أحدثها القرامطة، والوحشية التي اتّبعوها مع الحجّاج، واستيلائهم على أموالهم وأموال أهل مكّة، فقد قاموا بسرقة معظم الحلي والنفائس الموجودة في الكعبة ومن جملة ما سرقوا ستار الكعبة المشرّفة، وقلعوا بابها ثمّ عمدوا إلى ميزابها لقلعه وأرسلوا واحداً منهم إلى سطح الكعبة لأجل ذلك إلاّ أنَّ المرسل لفعل ذلك سقط من على السطح وخرَّ ميّتاً في الحال. وأهم ممّا قيل فقد سرق القرامطة الحجر الأسود بعد أن قلعوه بواسطة مقلاع أو فأس وحملوه معهم إلى البحرين. وقد ورد موضوع سرقة الحجر الأسود من قبل القرامطة في كتب التأريخ جميعاً، وقد اضافت مصادر تأريخية أخرى قائلة إنَّ أبوطاهر ضَرَبَ الحجر الأسود بفأس كانت بيده وذلك في محاولة لقلعه، فانكسر الحجر ثمّ التفت إلى الجموع هناك قائلا لهم أيّها الجهلة! أنتم تقولون إنَّ كلّ من يرد البيت فهو آمن وقد رأيتم ما فعلتُ أنا إلى الآن. فتقدم إليه رجل من الحاضرين ممّن كان قد هيأ نفسه للموت فأمسك بلجام حصان أبوطاهر وأجابه قائلا إنَّ معنى ذلك ليس كما قلت بل انَّ المعنى هو أن من يدخل هذا البيت فعليكم منحه الأمان على نفسه وماله وعرضه حتّى يخرج منه. فامتعظ القرمطي وتحرك بحصانه دون أن ينبسّ ببنت شفة(41).   وذكر ابن كثير أنَّ أبوطاهر هدَّم القبّة التي كانت موضوعة على رأس بئر زمزم، وهو الذي أمر رجاله بقلع باب الكعبة ونزع ستارها الذي قطعه إرباً إرباً ووزّعه على أصحابه، ثمّ أمر أحد رجاله بالصعود إلى سطح الكعبة لقلع ميزابها فلمّا سقط الرجل من أعلى السطح ومات انصرف أبوطاهر عن قلع الميزاب، وتوجّه إلى الحجر الأسود وأصدر أوامره إلى رجاله بإخراج الحجر، فعمد أحدهم إلى فأس وبدأ يضرب الحجر به وهو يقول "أين الطيور الأبابيل، أين الحجارة من سجّيل؟" ولمّا قلعوا الحجر أخذوه ورحلوا إلى بلادهم(42).   وقد جاء في التكملة لتأريخ الطبري أنّ القرامطة سرقوا الحلي التي كان الخلفاء قد زيّنوا بها الكعبة وأخذوها معهم، ومن تلك الحلي "درّة اليتيم" التي كان وزنها أربعة عشر مثقالا من الذهب، وأفراط مارية وقرون كبش إبراهيم (ع) وعصا موسى والموزونة ذهباً، وطبق ووشيعة من الذهب وسبعة عشر قنديلا من الفضّة وثلاثة محاريب فضيّة أقصر من الإنسان بقليل كانت موضوعة في صدر البيت(43).   وقد قيل إن كثيراً من العلماء المحدثين قتلوا أثناء الهجوم الذي قام به القرامطة على الحجّاج أثناء طوافهم، من جملتهم الحافظ أبوالفضل بن حسين الجارودي وشيخ الحنفية في بغداد أبوسعيد أحمد بن حسين البردعي وأبوبكر بن عبدالله الرهاوي وعلي بن بابويه الصوفي وأبوجعفر محمّد بن خالد البردعي (والذي كان يسكن في مكّة)(44).   وذُكرَ أنّ أحد المحدّثين في ذلك الوقت أنشد بيتاً من الشعر بينما أحاطت به سيوف القرامطة:   ترى المحبّين صرعى في ديارهم ** كفتية الكهف لايدرون كم لبثوا(45)   وقد ظلَّ القرامطة يرزحون في مكّة مدّة أحد عشر يوماً وقيل ستّة أيام وبرواية أخرى سبعة أيّام، ورجعوا بعدها إلى هجر مصطحبين معهم الحجر الأسود. ويقال إن أربعين بعيراً هلكوا حينما أرادوا حمل الحجر الأسود، وبقي مكانه في الكعبة خالياً فكان النّاس يمسحون أيديهم بمكانه ويتبركون به(46).   وقد حمل القرامطة الحجر الأسود إلى الإحساء، ويدلّ ذلك على أن ما ذكرته المصادر التأريخيّة من أنَّ القرامطة حملوا الحجر الأسود إلى البحرين أو هجر هو صحيح إذ إنَّ منطقة واسعة من شمال الجزيرة العربية اليوم كانت تدعى بالبحرين أو الهجر حيث تقع الإحساء في داخل هذه المنطقة كذلك.  


يتبع .......
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

القرامطة والباطنية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: القرامطة والباطنية    القرامطة والباطنية  Emptyالسبت 31 ديسمبر 2016, 4:54 pm

....... تابع

القرامطة وفتنتهم في مكّة



وكما قلنا سابقاً فالقرامطة يعتبرون أنفسهم جزءاً من الإسماعيلية، ولذا فقد خطب القرامطة في مكّة باسم عبيد الله المهدي وهو نفسه أبو عبيد الله المهدي الفاطمي العلوي الذي خرج في أفريقيا، ثم كتبوا إليه كلّ ما حدث في مكّة. فكتب عبيد الله المهدي جواباً شديد اللهجة إلى أبوطاهر القرمطي يقول فيه لقد اعترتني الدهشة والعجب من رسالتك التي بعثت بها إليَّ إذ تمنُّ فيها عليَّ بأنّك ارتكبت جرائم وحشية باسمنا في حرم الله وأهله، وفي مكان لم ترق فيه قطرة دم واحدة منذ الجاهلية، ولم يُهن أهله أو تُنتهك حرمهم فيه. بل وتجاوزت حدّك بأخذك الحجر الأسود الذي هو يدالله اليمنى في الأرض فاقتلعته وحملته إلى بلدك. فهل كنت تنتظر منّا الشكر والتقدير على عملك هذا؟ لعنة الله عليك(48).
 
وقد أورد ثابت بن سنان نصّ ومضمون الرسالة بشكل آخر، إذ أرسل عبيدالله المهدي كتاباً إلى أبوطاهر القرمطي بعد أن اطّلع على الأحداث المذكورة يقبّح فيه عمله هذا ويلعنه على فعلته، فمن جملة ما كتب "لقد لطّخت صفحتنا في التأريخ بنقطة سوداء لايمحوها مرور الزمن ولايزيلها غبار المحن... لقد وصمت بعملك هذا دولتنا وشيعتنا والدّعاة لنا بالكفر والزندقة..." واستطرد عبيدالله المهدي في رسالته إلى أبوطاهر القرمطي يحذره من أنّه إن لم يَرُد أموال أهل مكّة التي سرقها وإرجاع الحجر الأسود إلى مكانه ووضع ستار الكعبة عليها مجدّداً فإنّه سيأتيه بجيش لاقِبَلَ له بهم. ثمّ ذكر أخيراً بأنّه بريءٌ منه ومن أعماله كما يبرأ من الشيطان الرجيم(49).
 
هذا وقد ظلّ الحجر الأسود بحوزة القرامطة مدّة 22 سنة في البحرين، ولم تجد كل المحاولات والمساعي التي بذلها قطبا السياسة الإسلامية (أي القطب العبّاسي في بغداد والفاطمي في أفريقيا) من أجل الضغط على القرامطة وإجبارهم على إعادة الحجر الأسود، وقد عرض الخلفاء على القرامطة مبلغاً قدره 50 ألف دينار مقابل إرجاعهم للحجر الأسود، لكنّ القرامطة ظلّوا يخوضون في عنادهم(50). ويقول ابن سنان الذي كان معاصراً لتلك الأحداث لقد عُرِضَت الكثير من الأموال على القرامطة كثمن لردّهم الحجر الأسود لكنّهم رفضوا كلّ تلك العروض، وكان السبب الحقيقي وراء امتثال القرامطة للأمر هو التهديد الذي وجّههُ المهدي العلوي الفاطمي إليهم ممّا أجبرهم على ردّ الحجر الأسود إلى مكّة ثانية(51).
 
وعلى أي حال فقد أرجع الحجر الأسود إلى مكّة سنة (339) وقد حمله رجل من القرامطة يُدعى سنبر (والذي يحتمل أن يكون حمو أبوسعيد القرمطي) ويُقال إن الحجر الأسود حمل قبل إرجاعه إلى مكّة إلى الكوفة ونصب في العمود السابع لمسجد الكوفة حتّى يتسنّى للنّاس رؤيته، وقد كتب شقيق أبوطاهر رسالة جاء فيها(52) أخذناه بقدرة الله ورددناهُ بمشيئة الله(53).
 
ولمّا رُدَّ الحجر الأسود إلى مكّة كان أمير مكّة حاضراً مع حشد من أهلها. وأرجع سنبر الحجر بيديه إلى مكانه، وقيل إن رجلا يُدعى حسن بن مزوّق البناء قام بنصب الحجر عند جدار الكعبة وأحكم مكانه بالجصّ(54)، هذا وقد ورد ذكر أسماء آخرين ممّن ساهموا في ذلك.
 
وفيما يخصّ الشخص الذي قام بوضع الحجر الأسود في مكانه، فقد نُقِلَ عن أحد علمائنا الكبار خبراً يتضمّن حادثة موجزة ننقلها إلى القارئ الكريم باختصار:
 
نُقلَ عن الشيخ الجليل جعفر بن محمّد بن قولويه أحد أبرز العلماء المحدّثين المشهورين لدى الشيعة واستاذ الشيخ المفيد، أنَّ في نفس السنة التي تمَّ إرجاع الحجر الأسود إلى مكّة من قبل القرامطة، قرَّر الشيخ السّفر إلى هذه المدينة المقدّسة.
 
ولما كان عُلماء الشيعة يعتقدون بوجوب حضور المعصوم أو ولي الله; ليقوم بوضع الحجر بنفسه في مكانه، وأنه لايمكن ولايجوز لأي شخص غير المعصوم من وضع الحجر في مكانه، فقد عزم بن قولويه على السفر إلى مكة وأعدّ عدّته ليشهد حضور إمام العصر (ع). لكنّه وللأسف الشديد ساءت حالته الصحيّة أثناء الطريق ممّا اضطرته إلى التخلّي عن السفر والبقاء في بغداد. إلاّ أنّه بعث أحد أصدقائه المعتمدين لديه ويُدعى (ابن هشام) وأرسله نائباً عنه إلى مكّة وسلّمه رسالة وأوصاه بتسليمها إلى الشخص الذي يراه وهو يضع الحجر الأسود وينصبه عند جدار الكعبة. فوصل ابن هشام إلى مكّة ولحسن الحظ كان حاضراً لمراسم وضع الحجر الأسود. يقول ابن هشام لقد رأيت أنَّ كلّ من حاول أن يضع الحجر الأسود في مكانه أن الحجر يسقط من بين يديه، حتّى ظهر شابٌ حسن الصورة آدم الوجه فاستلم الحجر من الواقفين ووضعه في محلّه فاستقرَّ الحجر في مكانه وفرح الحاضرون بذلك. ثمّ خرج ذلك الشاب من المسجد الحرام وذهبت أنا وراءه حتّى تسنّى لي تسليم رسالة ابن قولويه إليه فنظر إليّ دون أن يفتح الكتاب أو يقرأه وقال قل له لابأس عليك فستعمّر ثلاثين سنة أُخرى. ثمّ التفت فلم أجده معي ودهشت من ذلك(55).
 
على أي حال فقد رجع الحجر الأسود إلى مكانه ثانية بعد غياب استغرق 22 سنة وانتهت بذلك محنة المسلمين في الأرجاء كافة، وبقيت وصمة العار هذه مطبوعة على جبين القرامطة إلى انقضاء الدهر.
 
ولا يسعنا إلاّ أن نتصوّر زعماء القرامطة كأفراد وضعوا معتقدات النّاس فيما يخص المهدي وظهوره تحت تصرّفهم وسخّروها لأغراضهم الدنيئة، وكان همهم الوحيد هو الوصول إلى سُدّة الحكم والرئاسة والجاه والمنزلة، وكان السخط الشديد الذي عمّ المسلمين والنّاس عموماً ضد بطش وإرهاب العبّاسيين أرضية مناسبة للقرامطة لتنفيذ أغراضهم، والدعوة الكاذبة في كونهم دعاة المهدي الموعود ممّا حدا بالكثيرين ممَّن عانوا الظلم والقهر إلى الالتفاف حولهم. واجتمع هؤلاء المخدوعون وكان اغلبهم من الفقراء ومتوسطي الحال حول القرامطة الذين ادّعوا زوراً أنّهم رجال المهدي والدعاة إليه، تجرّهم أوهامٌ وأمانيّ في أنَّ القرامطة هم المخلصون لهم من أيدي الظلم العبّاسي، حتّى إذا ما استوى القرامطة على كرسي الزعامة وتسلطوا على رقاب النّاس خيّبوا آمال الكثيرين ممن آمن بهم وصدّق إدّعاءهم، وما كانوا إلاّ شرذمة تركض وراء المال والجاه، واستخدموا أقسى الأساليب وأشدها وحشية في التأريخ.
 
ويلاحظ أن العلّة في ادّعاء القرامطة أنّهم ينتسبون إلى الفاطميين في المغرب، تكمن أولا في أنّ هذه المسألة تتيح لهم سهولة نشر دعوتهم، خصوصاً فيما يتعلّق بكونهم يدعون زوراً إلى الحركة المهدية باسم داعية الفاطميين وهو أبوعبيدالله المهدي العلوي. وثانياً العداوة والخصومة التي كانت بين الفاطميين والعبّاسيين(56) ممّا هيأ لهم جوّاً مناسباً خصوصاً كونهم يعيشون في البلاد التي يسيطر عليها العبّاسيون مستفيدين من سخط النّاس على السلطة العبّاسية، فاستطاعوا تسخير هذا السخط لصالحهم، وقد يكون السبب في فتنة سنة 317 وهجوم القرامطة على مكّة في موسم الحجّ وقتلهم الأبرياء وسلبهم الحجر الأسود، هو تهيئة الأجواء لتسلط الفاطميين على مكّة والسيطرة عليها. نظراً لما كان يُشاع في تلك الفترة من أنّ "أميرالمؤمنين" الحقيقي هو من يستطيع الاستيلاء على الحرمين الشريفين وتعيين أمير الحاج كذلك. لكنّنا لاحظنا كيف أن الخليفة الفاطمي وبّخ القرامطة على تلك الأعمال، وقبّح مسلكهم في الرسالة شديدة اللهجة التي بعثها المهدي العلوي، والتي أوردنا هنا قسماً منها، وكيف أنّه تبرأ منهم ومن أعمالهم واعتبرها وصمة عار لا يمحو آثارها مرُّ السنين.
 
وكما أشرنا آنفاً، كرس القرامطة موضوع المهدية لخدمة أغراضهم الدنيئة. فقد اندحر جيش القرامطة مرّة أمام الجيش العبّاسي سنة 316 وذلك قرب مدينة الكوفة، وسقطت رايات القرامطة من أيديهم وفرّوا هاربين، وقد لوحظ أن الآية الكريمة التالية قد كُتبت على تلك الرايات وهي ﴿ونريد أن نمنّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارثين﴾(57) ونحن نعرف أن هذه الآية لها علاقة بخلاص قوم موسى من أيدي الفراعنة في مصر، ثمّ فُسِّرت أيضاً بعد ذلك بكونها تصف ظهور الإمام المهدي(ع) وتخليص المجتمع البشري من فراعنة الزمان والطغاة. وهكذا فقد استغل زعماء القرامطة هذه النقطة والاعتقاد السائد حول المهدية، وغدت أُلعوبة بأيديهم في تلك الفترة.
 
وبعد أُفول نجم القرامطة قامت الحكومات في ذلك الوقت بملاحقتهم وقتلهم، ونخصّ بالذكر السلطان محمود الغزنوي الذي كان أشدّ المناوئين للقرامطة. ويُنشد شاعر البلاط الغزنوي "فرخي سيستاني" في ذلك فيقول:
 
قد أخذتَ الرَّيَّ فانظر مُلككَ اليومَ منىً وكذا الصفّا
 
ثم أنشد الشاعر نفسه بعد وفاة السلطان محمود الغزنوي يرثيه قائلا:
 
أبكي وقد فرحَ القرامط إثْرَ موتك فلاخافوا شجاعاً ولابطشاً كبطشك(58)





1- الإسماعيليون في التاريخ، تأليف عدد من المستشرقين، ترجمة يعقوب آثرند، مقالة برنارد لويس، ص80.
2- الفهرست لابن النديم، ص278.
3- الاسلام في ايران، پطروشنسكي، ترجمة كريم كشاورز، ص299.
4- روند نهضتهاي ملي واسلامي در ايران، تأليف انصاف پور، ص454.
5- ابن النديم، المصدر نفسه.
6- رشيد الدين، جامع التواريخ، ص10.
7- اعتقادات فرق المسلمين، الفخر الرازي، ص106.
8- رجال النجاشي، ص148.
9- اختيار معرفة الرجال، الكشّي، ج5، ص687.
10- تنقيح المقال للمامقاني، ج2، ص220.
11- الفهرست، ابن النديم، ص279.
12- المصدر السابق.
13- الفَرْق بين الفِرَق، البغدادي، ص282.
14- لسان العرب، ج7، ص377. وانشد الخيام النيشابوري
انا لااعرف أسرار العوالِم وكذا انت إنني أجهل خط القرمطيّ وكذا أنت.
15- شرح المواقف للجرجاني، ج8، ص388.
16- المقالات والفرق، ص83.
17- أدب الفرق الإسلامية، الدكتور محمد جواد مشكور، ص359.
18- الاسماعيليون في التأريخ، ص134.
19- الاسلام في ايران، ص298.
20- المقالات والفرق، ص83، وفرق الشيعة ص104.
21- مقالات الاسلاميين للاشعري، ج1، ص98.
22- المِلَلْ والنِحَل للشهرستاني، ج1، ص194.
23- المصدر اعلاه.
24- التنبيه والرّدّ للملطي، ص20 ـ 21.
25- صورة الارض، ابن حوقل، ص62.
26- تأريخ الطبري، ج5، ص286.
27- شذرات الذهب، ابن عماد الحنبلي، ج2، ص192.
28- تأريخ أخبار القرامطة، ثابت بن سنان، ص58 ـ 59.
29- ورد في بعض كتب المؤرخين الغربيين المترجمة إلى الفارسية اسم هذه المنطقة بـ "لحساء" وهو خطأ والصحيح هو اسمها المعروف بـ "أحساء" وقد وصل هذا الخطأ عبر التراجم المعورفة للمؤرخين الإيرانيين أمثال (السيد انصاف پور في كتاب روند نهضتها).
30- الكامل لابن الأثير 6 187.
31- البداية والنهاية لابن كثير 11 158.
32- معجم البلدان لياقوت الحموي 5 393.
33- روند نهضتها، انصاف پور، ص470، نقلا عن حبيب السّير.
34- الكامل لابن الأثير، ج5، ص187، وراجع كذلك الخطط للمقريزي، ج1، ص250 فما بعد.
35- النجوم الزاهرة، ابن تغري، ج3، ص226.
36- البداية والنهاية، ابن كثير، ج11، ص163 ـ 165.
37- المصدر السابق، ص171، وانظر كذلك تقي الدين الفارسي في شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ج2، ص218.
38- اتحاف الورى بأخبار أمّ القرى، نجم عمر بن فهد، ص374، وقد ذكر في شفاء الغرام أنّ عدد الفرسان القرامطة الذين هاجموا مكّة كان (700) فارس.
39- شفاء الغرام، ج2، ص218.
40- تأريخ مكّة، أحمد السّباعي، ج1، ص171.
41- تاريخ أخبار القرامطة، ص54. وقد نُقل هذا الشعر بصيغ مختلفة وقد ذكر ما أوردناه آنفاً في كتب أخرى بالإضافة إلى ما ضمّته من أخبار القرامطة، مثل النجوم الزاهرة ج3، ص224، شذرات الذهب ج2، ص274. اتحاف الورى ج2، ص375، تاريخ مكّة، ج1، ص171، وكتب أخرى كذلك. في حين ورد نصّ عجز البيت بصورة مختلفة في كتب غير التي ذكرناها
الخلقُ وأُفنيهم أنا. البداية والنهاية ج11، ص171، وهو يشبه إلى حدّ بعيد الادعاء بالأُلوهيّة وهو ما يُستبعَد.
42- المنتظم لابن الجوزي، ج6، ص223.
43- البداية والنهاية، ج11، ص172.
44- صلة تأريخ الطبري، عريب القرطبي، ص134 (ذيل حوادث سنة 1316) وجدير بالذكر أنَّ تأريخ الطبري ينتهي في سنة 302. وممّا تجدر إليه الإشارة كذلك أنّ فتنة القرامطة في مكّة حدثت سنة 317 بينما أوردها القرطبي في ذيل الحوادث 316 وهو اشتباه واضح.
45- اتحاف الورى، ج2، ص376.
46- البداية والنهاية، ج11، ص172.
47- اتحاف الورى، ج2، ص178.
48- الكامل لابن الأثير، ج6، ص204، البداية والنهاية، ج11، ص172. ولم يذكر ابن كثير اسم أمير مكّة، في حين أورده ابن الأثير وقال اسمه "ابن محلب" وذكر بعض من المؤرخين ومنهم الذهبي اسم أمير مكّة بأنّه "ابن محارب". العبر في خبر من غبر، ج2، ص167، وهو كذلك في النجوم الزاهرة، ج2، 324.
49- اتحاف الورى، ج2، ص378.
50- تأريخ أخبار القرامطة، ص54.
51- البداية والنهاية، ج11، ص237.
52- تأريخ أخبار القرامطة، ص57.
53- البداية والنهاية، ج11، ص237، تأريخ أخبار القرامطة ص57، الكامل لابن الأثير، ج6، ص335.
54- النجوم الزاهرة، ج3، ص302.
55- اتحاف الورى، ج2، ص395.
56- القطب الراوندي، الخرائج الجرائح، ج1، ص476، كشف الغمّة ج2، ص502 وبحار الأنوار ج52، ص58.
57- وقد وصل حدّ المنافسة بينهما إلى درجة أن الخليفة العبّاسي طعن في نسب الفاطميين في مصر، الذين كانوا يعتبرون أنفسهم من بني هاشم، وقد أصدر وثيقة سنة 402 موثقة من كبار العلماء والرجال المعروفين من الأسرة العلوية من جملتهم السيد المرتضى والسيد الرضي. في حين كان الرضي قد مدح الفاطميين مراراً في أشعاره. راجع السيوطي. حسن المحاضرة، ج2، ص151، والكامل لابن الأثير، ج7، ص263.
58- الكامل لابن الأثير، ج6، ص194.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

القرامطة والباطنية  Empty
مُساهمةموضوع: رد: القرامطة والباطنية    القرامطة والباطنية  Emptyالسبت 31 ديسمبر 2016, 4:58 pm

قصة سرقة الحجر الأسود ..من سرقة ..؟ ومن أعادة ..؟؟



من الذي سرق الحجر الأسود .؟ ومن أعادة إلى الكعبة ؟؟

مر بنا أثناء سرد عقائد القرامطة أنهم كانوا يجحدون شعائر الإسلام كلها خصوصًا شعائر الحج والتي قالوا عنه أنها شعائر جاهلية وثنية لذلك فلقد عملوا دائمًا على قطع طريق حجاج العراق، وفتكوا عدة مرات بركب الحجيج، وكانوا يخططون لهدف أعلى إلا وهو تحويل الناس من التوجه للكعبة بمكة إلى بيت بمدينة [هجر] بناه أبو سعيد الجنابي، ودعى الناس للحج إلهي بدلاً من الكعبة، ولما رأى أن الناس لا يستجيبون لكفره وضلاله احتار في أمره فجاءه إبليس لعنه الله وتمثل له في صورة ناصح أمين وقال له [إن الناس لن يأتوا إلى بيت هجر إلا إذا كان به [الحجر الأسود] الموجود بالكعبة، ولابد من سرقة هذا الهجر، فشرع أبو عبيد في خطت ولكنه اصطدم بقوة أوضاع الخليفة العباسي وقتها، وظل هكذا حتى مات وجاء من بعده ولده أبو طاهر، وكان صاحب شخصية شريرة حاقدة في قمة الشجاعة والجراءة .
حدث أن وقع انقلاب على الخليفة العباسي المقتدر بالله عن طريق قائد جيشه ووزيره وعزلوه من منصبه وعينوا أخاه القاهر مكانه وحدثت اضطرابات شديدة بالأمصار الإسلامية، واستغل أبو طاهر هذا الفساد الواقع بين المسلمين لتنفيذ خطته الشريرة في سرقة الحجر الأسود .
فخرج ركب الحجاج من كل مكان فوصلوا إلى مكة سالمين واجتمعوا كلهم في يوم التروية وهم لا يدرون بما هو مقدور لهم، حيث كان القرمطي الكافر في انتظارهم فهجم عليهم في يوم 8 ذي الحجة سنة 317 هـ فانتهب أموالهم واستباح دماءهم وقتلوا في رحاب مكة وشعابها وفي المسجد الحرام وفي جوف الحرم والكعبة أكثر من ثلاثين ألفًا من المسلمين والمجرم الكافر أبو طاهر جالس على باب الكعبة والرقاب تتطاير من حوله في المسجد الحرام في الشهر الحرام في يوم من أشرف الأيام يوم التروية .
ولم قضى الكافر المجرم فعلته الشنيعة بالحجاج أمر بأن تدفن القتلى في بئر زمزم ودفن كثيرًا منهم في أماكنهم في المسجد الحرام، ويا حبذا تلك القتلة، وذلك المدفن والقبر، وهدم قبة زمزم، وأمر بقلع باب الكعبة ونزع كسوتها عنها وشققها بين أصحابه، وأمر رجلاً أن يصعد على ميزاب الكعبة يقلعه فسقط على أم رأسه فمات في الحال، ثم أمر بعد ذلك بقلع الحجر الأسود فجاءه رجل فضربه بسلاحه ثم قلع الحجر الأسود، وأخذوه إلى بلادهم وخرجوا وهم يقولون :
فلو كان هذا البيت لله ربنا لصب علينا النار من فوقنا صبًا
لأنا حججنا حجة جاهلية محللة لم تبق شرقًا ولا غربًا
وإنا تركنا بين زمزم والصفا جنائز لا تبغي سوى ربها ربًا
حاول أمير مكة هو وأهل بيته وجنده أن يمنع القرامطة من أخذ الحجر الأسود وعرض عليه جميع ماله ليرد الحجر فأبى القرمطي اللعين فقاتله أمير مكة فقتله القرمطي وقتل أكثر أهل بيته، ولم يستطع أحد أن يمنع تلك المجزرة البشعة ولا السرقة الشنيعة .
بقي موضع الحجر الأسود من الكعبة المعظمة خاليًا، يضع الناس فيه أيديهم للتبرك، إلى حين رد إلى موضعه من الكعبة المشرفة، وذلك يوم الثلاثاء يوم النحر من سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، وذلك بعد أن هلك أبو طاهر القرمطي سنة 332 هـ، فرده سنبر بن الحسن القرمطي، حيث وافى به مكة، فأظهره بفناء الكعبة، ومعه أمير مكة، وكان على الحجر ضبات فضة قد عملت عليه من طوله وعرضه، تضبط شقوقًا حدثت عليه بعد قلعه، وأحضر معه جصًا يشد به، فوضع سنبر القرمطي الحجر بيده، وشده الصانع بالجص، وقال سنبر لما رده: أخذناه بقدرة الله ورددناه بمشيئة الله.
بعد أن ظل الحجر الأسود موجودًا عند القرامطة بمدينة [هجر] طيلة اثني وعشرين سنة إلا أربعة أيام .ونظر الناس إلى الحجر، فتبينوه وقبلوه واستلموه، وحمدوا الله تعالى ..








لقد عاد الحجر الأسود إلى مكّة بعد أن سرقة القرامطة سنة (339) وقد حمله رجل من القرامطة يُدعى سنبر
(والذي يحتمل أن يكون حمو أبوسعيد القرمطي) ويُقال إن الحجر الأسود حمل قبل إرجاعه إلى مكّة إلى الكوفة ونصب في العمود السابع لمسجد الكوفة حتّى يتسنّى للنّاس رؤيته، وقد كتب شقيق أبوطاهر رسالة جاء فيها أخذناه بقدرة الله ورددناهُ بمشيئة الله.

وقد سرقة :
أبو طاهر الحسن بن سعيد بن يهران الجنابي ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
القرامطة والباطنية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: